حوار مع فضيلة العلامة / الحسين محمد الهدار

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 01/03/2022 - 8:24م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه .. وبعد

أتشرف بالإجابة على مجلة الاعتصام ورجالها الكرام آملا من الله التوفيق للإجابة على الأسئلة الموجهة إلي وأن يهدينا لما يحبه ويرضاه وأن يرزقنا الإخلاص في كل عمل برٍ وخير وصلاح.

س1/ كيف كانت النشأة العلمية للحبيب حسين الهدار؟ ومن هم العلماء الذين تتلمذ على أيديهم وأخذ العلم عنهم ؟وما هي أبرز الكتب المنهجية التي درسها وأهلته ليكون عالما؟

ج1/ أنا راجي رحمة ربه الغفار الحسين بن محمد الهدار خادم طلاب العلم برباط الهدار للعلوم الشرعية بالبيضاء وفروعه، نشأت في بيئة علمية في محافظة البيضاء وقد عرفت والدي رحمه الله حين بدأت أميز وهو مفتي محافظة البيضاء السلف، ومؤسس رباط الهدار للعلوم الشرعية، وكرعت من معينه العذب الرقراق وتزودت منه بكثير من المعارف والعلوم حتى أني حينما أقرأ عليه درسي في القرآن الكريم كان يأمرني أن أكرره غيباً واحداً وأربعين مرة لكي لا أنساه، كما قرأت عليه كثيراً من المتون كـ"الزبد" و"الرحبية" و"السفينة" و"الآجرومية" و"الملحة" و"ألفية ابن مالك" وغيرها، وكان كثير المراجعة لكتاب "المنهاج" للإمام النووي وشروحه في الفقه و"حاشية الخضري" و"مغني اللبيب" في النحو والصرف، وطالما واصل الدروس في الأمهات الست وفي "المستدرك على الصحيحين" للإمام الحاكم، كما تتلمذت على يد السيد العلامة زين بن إبراهيم بن سميط، والسيد العلامة محمد بن علي الفران، والسيد العلامة أحمد بن علي الكبسي، والشيخ العلامة أحمد بن علي عرمان إمام جامع الحسين بالبيضاء.

ثم سافرت بصحبة والدي إلى شبوة وتتلمذت على يد الإمام الشهيد أحمد بن صالح الحداد وذهبت بعدها إلى عدن وتتلمذت على يد المشائخ الكرام العلماء الأعلام السيد مطهر الغرباني إمام وخطيب جامع أبان وسلطان العلماء سالم بن عبدالله الشاطري والشيخ العلامة محمد بن سالم البيحاني والشيخ علي بن محمد باحميش وغيرهم.

ثم سافرت بصحبة والدي رحمه الله إلى تريم حضرموت مدينة العلم والعلماء وألقيت عصى الترحال في رباط الشاطر لمدة أربع سنوات تقريباً.

وتتلمذت على شيخ الرباط الحبيب الحسن بن عبدالله الشاطري وعلى مفتي حضرموت حينها الشيخ سالم سعيد بكير والشيخ فضل بن عبدالرحمن بافضل والحبيب محمد بن سالم بن حفيظ والشيخ عمر بن عوض حداد والشيخ محفوظ الزبيدي والشيخ فضل بن محمد بافضل وغيرهم كما ترددت على صنعاء وتتلمذت على يد العلامة حمود عباس المؤيد والقاضي العلامة محمد بن إسماعيل الحجي وعلى مفتي تعز الحبيب إبراهيم بن عمر بن عقيل وغيرهم.


س2/ عرفت المدرسة الشافعية بحبها لأهل البيت والذكر العاطر لهم عبر مراحل التاريخ: فكيف يمكن المحافظة على هذه المحبة وتجسيد مبدأ المودة العملية لأهل البيت ومواجهة تهمة الرفض التي يرمى بها كل من يعلن محبته لهم كما رمي الإمام الشافعي؟

ج2/ نعم عُرفت المذاهب الإسلامية أجمع بحبها لآل البيت منذ فجر الإسلام فحب آل البيت من صلب العقيدة كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث التي لا يسعنا في هذه العجالة سردها ويكفي أن المسلم يكرر الصلاة عليهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل صلاه كما ذكُر في الصلاة الإبراهيمية وان الله سبحانه قال فيهم ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[الأحزاب:33].

وقول الرسول الكريم صلوات الله عليه واله وصحبه وسلم «إني تار ك فيكم ما إن تمسكتُم به لن تضلُّوا :كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ» أي العترة والقرآن كما أخرجه مسلم والترمذي وغيرهم.


س3/ ما هو التصوف ،وما هي أشهر طرقه في اليمن وما الفرق بين المذهب الفقهي والطريق الصوفية؟

ج3/ التصوف لغة: مشتق من فعل "تَصَّوفَ"  أي لبس الصوف، ونسبة الصوفية إلى الصوف أقرب على القاعدة العربية واللغوية في صيغة النِّسَب، ووجه النسبة أن الفقراء المؤمنين الزاهدين منذ بداية الإسلام كانوا يلبسون الصوف، وكان لبس الصوف علامة للفقراء ورمزا للتواضع والابتعاد عن الاستكبار، ولم تكن هذه العادة سيرة الزاهدين والفقراء الصابرين في الإسلام فحسب بل كان الأنبياء السابقون أيضا كثيرا ما يشتملون شملة الصوف، فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف وسراويل صوف» أخرجه الترمذي.

والتصوف في الاصطلاح: هو منزع علمي وعملي نزعت إليه الحياة الروحية والإسلامية منذ أوائل نشأتها في صدر الإسلام أو أنه منسوب إلى أهل الصفة ممن كان ملازماً للمسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل في تعريفه: إنه علم يعلم به كيف تصفية الباطن من عيوب النفس وصفاتها المذمومة كالحقد والحسد والغش والغل وطلب الجاه والعلو، وقيل في تعريفه: هو تحقيق مقام الإحسان ومعرفة آفات النفس ودقائق الرياء، ويقال: هو حفظ الحواس ومراعات الأنفاس مبناه على التمسك بآداب الشريعة والتباعد عن الشبهات.

وموضوعه: أفعال القلب والحواس من التزكية والتصفية.

وأصله: العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخارف الدنيا

وزينتها.


س4/ كونكم عرفتم الزيدية عن قرب وتعايشتم مع كثير من علماءها فكيف يمكن تعزيز وتوسيع التلاقي والتآلف بين أبناء المدرستين الزيدية والشافعية ومحاصرة ما هو دخيل؟ ومن هم أبرز علماء الزيدية الذين عرفتموهم؟

ج4/ نعم في فروع المذاهب الإسلامية كثير من المرونة والتي لا توجب التنافر والتباغض بين المسلمين فالمسلمون متفقون على القواعد الأساسية في الدين كالصلاة والصيام واستقبال القبلة وغيرها من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة وأصدق دليلٍ على ذلك تعايش الزيدية والشافعية في اليمن على مر التاريخ.

ويأتي الخلاف في المسائل الفرعية فقد أُشعلت نار حامية لا هوادة فيها بين المسلمين من أجل خلاف على المسائل الفرعية وقد تكون من نافلة القول كأين يوضع السواك؟ وهل يسبح المصلي بيديه أم باليمنى فقط؟ وهل يجهر بالذكر عقب الصلوات؟ وهل من حضر المولد النبوي مشركاً؟ والواقع أن اليهود وأعداء الإسلام يخربون البلاد الإسلامية بشتى الأساليب الماكرة التي تحار لها العقول، ونحن نتصارع مع أنفسنا ومع من يقول معنا (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) نختلف كما اختلف المسلمون في سابق عهدهم في الأندلس حينما أضاعوه بعد حياة علمية وتنموية أبهرت العالم أجمع على كل المستويات، نعم لقد اختلفوا على اسم كلب

أصحاب الكهف وهل نملة سليمان ذكر أم أنثى؟ ولقد تجاهلوا وتجاهلنا معهم اليوم

ما يُحاك ضد الإسلام وأهله من الأخطار والفواجع المجمع على هولها بما يكفي لاستغراق كل ما في الأمة من جهد ووقت في سبيل مواجهتها ومكافحتها والاستماتة أمامها للحفاظ على بقية الكيان الإسلامي المهدد.

إذا تأملنا قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم﴾[آل عمران:105].

وجدنا أن الوحدة الإسلامية بين أفراد مجتمعها أمر دعا إليه الدين وشدد عليه سيد

المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الشافعي رحمه الله في معرض ذلك في كتابه الأم: وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا أو رجالا فيه  الصلاة صلوا فرادى، ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة، فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه. وإنما كرهتُ ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا، بل قد عابه بعضهم.

وقال أيضاً: وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة، وأن يرغب

الرجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت

الصلاة، فإذا قُضيت دخلوا فصلوا ، فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة.


س5/ عانيتم وعانى والدكم كثيرا من المد الشيوعي والتحرك الاشتراكي عندما اجتاح اليمن فما هي الأسباب – من وجهة نظركم – التي تجعل الناس يتقبلون ويقبلون بالتماهي والذوبان مع الغزو الفكري سواء كان باسم الشيوعية أو العلمانية أو الليبرالية أو الحداثة أو غيرها من المدارس الدخيلة على يمننا وأمتنا؟

ج5/ سبق وأن قام الحزب الاشتراكي في اليمن بالقتل والتنكيل لمن كان من العلماء تحت وطأة حكمه وهم كثير ممن منحهم الله الشهادة أو الإعاقة والذين ساروا على منوال أصحاب الأخدود الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز بقوله ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُود * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُود * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد﴾[البروج: 4- 8].

ولهم كثير من المذكرات التي تنبئ عن المقاساة الشديدة التي ابتلوا بها وكان سيدي الوالد رحمه الله والإمام الشهيد أحمد بن صالح الحداد والإمام الشهيد محمد بن سالم بن حفيظ والشيخ علي محمد باحميش وسلطان العلماء الحبيب سالم بن عبدالله الشاطري وغيرهم ممن ابتلوا بتلك المقاساة التي تلين لها جلاميد الصخور منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وكثير من الطرفين قد رحلوا إلى جوار الله وعند الله تجتمع الخصوم في موقف قال عنه سبحانه ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين﴾[الأنبياء:47].


س6/ كيف يمكن أن يسهم العلماء والدعاة في تحصين الأمة من سموم  أفكار ومدارس الغرب والتغريب ؟

ج6/ العلماء هم ورثة الأنبياء وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾[فاطر:32]، قال الزمخشري في الكشاف:

«ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنَّم القوام بما بعثوا من أجله، ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات ، ولا شرف أعظم من هذا الشرف، ولم يقل عنهم أ نَّهم ورثة الرسل، وإنما ورثة الأنبياء لتكون أعم وأشمل، وإ ن الأنبياء لم يُورِثوا شيئاً من الدنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ حيث قال: «إن الأنبياء لم يورِثوا دينارًا ولا درْهمًا إنما ورثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظ وافر» والعلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية الناس، لهم الفضل بين الناس فهم أهل الخشية ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾[فاطر:28].

وهم صمام أمان الأمة، فإن غابوا ضل الناس وتاهوا، لإنَّهم الذين يدلونهم على ما يُصلح معيشتهم في الدنيا والآخرة.

إذا علمنا ذلك وعلمنا أنهم الحافظون لشرع الله وجب علينا جميعاً امتثال ما أفتوا به وتنفيذ ما حكموا به في شؤون الحياة كلها والرجوع إليهم عن التخاصم والنزاع مصداقاً لقول الله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾[النساء:65].


س7/ دور الهجر والأربطة العلمية بارز وماثل للعيان عبر التاريخ ولها إسهامات في بناء وتأهيل مخرجات علمية فاعلة : فما السبيل إلى إعادة دورها العلمي وعلى من تقع مسؤولية إحياء دورها الريادي؟

ج7/ دور الهِجَر العلمية والأربطة الإسلامية في الدعوة إلى الله بارز بروز الشمس في رابعة النهار وقد نفع الله بها ولذلك نرى أن شيخ الإسلام الإمام عبدالله بن عمر الشاطري شيخ رباط تريم وعين علمائها بجهده الكبير وعمله الدؤوب الصادق وهو الذي لا يجد وطلابه القوت الضروري لكنها الحرقة على الدين وابتغاء مرضاة الله أعلى وأغلى وأجل ما يطلبه المسلم في هذه الحياة.

أقول لقد أوقف هذا العملاق التنصير لبريطانيا إبان احتلال جنوب اليمن والذي

رمت بريطانيا وهي الدولة المسيحية بكل ثقلها علها أن تنصر المسلمين لكنه وقف هو وطلابه الأفذاذ وكانوا سداً منيعاً في وجهها حسبما تحكي ذلك الوقائع والأحداث.

وإذا تكلمنا على الدعوة إلى الله فهي: دعوة الناس إلى الإسلام وإلى أحكامه وتعاليمه بالقول والعمل، قال الله سبحانه: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين﴾[النحل:125]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾[الأحزاب: 45، 46]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾[فُصِّلَت:33].

ولما عرف الصالحون شرف هذه المهمة حرصوا عليها، فلم يسيروا إليها مشياً بل

سعوا لها سعياً، قال تعالى: ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِين﴾[يس:20].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً» رواه مسلم.


س8/ مبدأ الولاء والبراء ثابت من ثوابت الإسلام :فكيف يمكن ترجمته الترجمة العملية الصحيحة في واقعنا اليوم في ظل المسارعة في تولي اليهود الغاصبين والصهاينة المحتلين؟

ج8/ الولاء والبراء لله ومن أجل الله من أهم ش رائع الدين قال الله تعالى: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾[المجادلة:22].

وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون* وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُون﴾[المائدة:55، 56].

وقال صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ : «مَثَلُ المؤمِنينَ في تَوا دهِمْ وتَراحمِهِمْ وتَعاطُفِهِمْ مَثَلِ الجَسَدِ الواحِدِ إذا اشتَكَى مِنْهُ عُضْو تَداعَى لَهُ سائِرُ الجَسَدِ بالسهَرِ والحُمى» رواه

مسلم.

وقال صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ : « لا يؤُمِنُ أَحَدُكُمْ حَتى يُحِب لأَخِيهِ ما يُحِبُّ

لِنَفْسِهِ» متفق عليه.

وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: مَن أَحَب في الله وأَبْغَضَ في الله ووالى في الله وعادى في الله فإِنما تُنالُ وَلايَةُ الله بذلك، وقد صارتْ عامةُ مُؤاخاةِ الناسِ على أمرِ الدنيا، وذلك لا يُجدي على أهله شيئاً. رواه ابنُ جَرِير.

وأخرج الطبراني في الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عزوجل».

يَظْهَرُ لنا جلياً بما لا يَدَعُ مجالاً  للشك أنه لا يَجُوزُ مُوالاةُ أعداءِ الله والخارجين عن

الشريعة الإسلامية الغَراء، وأن الحب في الله والبغضَ في الله مِن أَوْثَقِ عُرَى الإيمان، وأن المرءَ مع مَن أَحَب يوم القيامة كما في الحديث.


س9/ ما مميزات السياسة في الإسلام ومؤهلات السياسي المسلم؟

ج9/ السياسة خاضعة للدين وتابعة له هذه هي السياسة الشرعية التي يجب على الحكام الأخذ والعمل بها ويجب أن تتبع النصوص الشرعية فيما وجد فيه نص شرعي والاجتهاد من قبل علماء الأمة فيما ليس فيه نص أو دليل، وهي تعني القيام على الشيء بما يصلحه، من ساس أي قام بالأمر ودبره، وهي في الاصطلاح تدبير شؤون الدولة الإسلامية بما فيه نص شرعي، أو في ما يتغير أو يتبدل في سبيل مصلحة الأمة، وبما يكون متفقا مع أصول الشريعة الإسلامية العامة وأحكامها، أو أنَّها ما يصدره الحاكم من القرارات زجرا لواقع فاسد، أو علاجا لوضع خاص، أو وقاية من فساد متوقع، وقيل في تعريفها أنَّها تحقيق الحاكم لمصالح الأمة الإسلامية أفراداً وجماعات، وذلك بتطبيق أحكام، ثم استنباطها بأسس سليمة فيما لم يرد به نص، وفيما أقرته الشريعة، ومن هذه الأسس السليمة المصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، و السياسة الشرعية هي التي تقوم وتستند على قواعد الشريعة وأصولها وأحكامها وتوجيهاتها، فلا تنطبق على السياسات التي ينطلق أصحابها من تصوراتهم الخاصة وأهواءهم التي لا تستند إلى دليل شرعي قال الله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّـهِ﴾ وقال تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾[النساء:65].

ذلك لأن الله سبحانه خالق النفس البشرية هو أعلم وأدرى بما يصلحها وأصحاب

النظريات المخالفة مخطئون فيما ذهبوا إليه من أهواء لأنهم دخلوا في أمر ليس لهم به دراية أو علم وتساقط النظريات المخالفة للدين أكبر دليل على ذلك بينما أن الإسلام هو الثابت الراسخ منذ أن برز إلى مسرح الحياة ببعثة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


س10/ كيف يمكن أن يسهم علماء الأمة في نصرة القضية الفلسطينية كقضية دينية وإعادتها إلى موقعها الإسلامي ؟

ج10/ القضية الفلسطينية قضية دينية بحته يجب مناصرتها والوقوف معها بالنفس والأهل والمال والولد ضد أعداء الله اليهود الذين نهبوا الأرض وهتكوا العرض وقتلوا النساء والأطفال من إخواننا المسلمين في فلسطين، إنه من الجهاد المقدس الذي جعله الله ذروة سنام الإسلام وإذا تكلمنا عن اليهود نرى أن من قرأ كتاب ربه، وتأمل في آياته، يرى آيات كثيرة حذرت المسلمين من أعداء الله اليهود فقد ورد الحديث عنهم في أكثر من خمسين سورة من سور القرآن الكريم، وما ذاك إلا  لتحذر أمة الإسلام أشد التحذير منهم، ولكي تتنبه لألاعيبهم وحيلهم التي تخصصوا فيها على مر التاريخ قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ﴾[المائدة:82].

وهم القوم المغضوب عليهم، على لسان الرسل والأنبياء، الذين تفنن آباؤهم وأجدادهم في قتل الأنبياء والمصلحين، وعرفوا على مر التاريخ بالإفساد والتخريب ونقض العهود، وقد وصفهم الله تعالى وذكر بعض افتراءاتهم قائلا في محكم كتابه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين﴾[المائدة:64].

وهم أحفاد اليهود الذين نقضوا عهد الله من بعد ميثاقه قال تعالى: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون﴾[آل عمران:187].

وهم قتلة الأنبياء ومكذبوهم، وهذا من تخصصهم القبيح، ألم يقل ربنا سبحانه ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُون﴾[البقرة:87]، أولئك اليهود الذين غدروا بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ونقضوا عهده في أكثر من موقف ومكان.

وفقنا الله ومن نحب لما يحبه ويرضاه ونفعنا بما علمنا ونفع بنا وأصلحنا وأصلح بنا وجعلنا من عباده الصالحين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه سُبْحَانَ رَبكَ رَب الْعِزة عَما يَصِفُونَ وَسَلَام عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالحْمْدُ لله رَب الْعَالَمِينَ.

حسين بن محمد الهدار

خادم طلبة العلم في رباط الهدار للعلوم الشرعية

اليمن- البيضاء