يستمد القطاع الصحي والطبي أهميته في الحياة كونه يمس حياة الإنسان بصورة مباشرة ومؤثرة، وقد عمل الأعداء طوال العقود الماضية إلى عدم النهوض بهذا المجال بدءاً بحصر بعض مجالات التعليم الطبي على دول معينة، وإغراء الكوادر الطبية بالأموال للعمل خارج البلاد، أو من خلال الفتك بهذا الإنسان من خلال آلاتهم التدميرية القاتلة أو بنشر الأوبئة والفيروسات المهلكة، أو من خلال استغلال البشر بتجارة الدواء واحتكاره، ووضع العراقيل أمام الصناعات الدوائية المحلية، ناهيكم عن دور المنظمات المشبوهة المغلف بالإنسانية ، وتوّج كل ذلك بعدوانه وحصاره على البلاد مما فاقم الوضع الصحي في اليمن حتى أصبحت أكثر من 93% من آلاته الطبية خرجت عن عمرها الافتراضي ، ويستطيع القارئ الكريم أن يطّلع على تفاصيل أكثر في ثنايا حوارنا مع وزير الصحة الدكتور طه أحمد المتوكل.
تجاوز جائحة كورونا
** كيف استطاعت اليمن أن تتجاوز جائحة كورونا بطريقة تميزت بها عن بقية الدول؟
أولاً: أشكر لمجلة الاعتصام ولرابطة علماء اليمن الدور الحاضر والبارز في كل القضايا التي يعيشها شعبنا اليمني العظيم ابتداءً من التعبئة والتحشيد إلى الجبهات، والحضور في كل الميادين والحضور في كل القضايا التي تمس حياة الناس.
بالنسبة لموضوع كورونا: هي قضية عالمية من القضايا التي ربما أنهكت العالم بأكمله كما حصل في نهاية عام 2019م وبداية عام 2020م نحن في اليمن لا يمكن أن ننسب لأنفسنا شيئاً، الله سبحانه وتعالى هو الذي أعان ووفق وألهم وسدد الخطى؛ فبفضله سبحانه وتعالى أولاً استطعنا أن نستقرئ واقعنا خلال الجائحة عندما بدأ الإعلان عنها في شهر يناير عام 2020م إلى شهر مارس ونحن نستقرئ الوضع العالمي، ونقرأ الوضع مع الخبراء المتخصصين في الوبائيات في وزارة الصحة، ووصلنا إلى نقطة كانت مخيفة جداً عرضناها على القيادة، وهي أن هناك توقعات بإصابات أعداد كبيرة جداً من الشعب اليمني.
في منتصف شهر مارس 2020م بدأ الخطر الحقيقي في وصول الحالات لاسيما مع تدفق كثير من الوافدين والعائدين والمغتربين إلى اليمن، ووصل عددهم في المنافذ إلى عشرات الآلاف ورأينا التخاذل من المنظمات، وربما كانوا يتوقعون أنه ستكون كما قالت منظمة الصحة العالمية حالة انفجار في الوضع، كل ذلك وأمام إمكاناتنا، وقدراتنا، وتخلي المنظمات، جعلنا نتخذ طريقة جديدة وأسلوباً جديداً مع وباء كوفيد (COVID-19) وهي:
أولاً: اتجهنا نحو تطمين المجتمع، وهو الذي أدى إلى تخفيف حالة الرعب، وحالة التهويل التي حصلت، رأينا في أول الحالات عندما بدأنا لا نتكلم كثيراً عن المعلومات والإحصائيات، انخفاض عدد الحالات، طبعاً هذه تجربة -بفضل الله سبحانه وتعالى- حدت كثيراً من انتشار فيروس كورونا،
ولو لاحظتم أنه من منتصف شهر يونيو إلى اليوم، المنحنى الوبائي خف تماماً، حتى أن العالم اليوم فعلاً في حالة استغراب من الوضع الوبائي في اليمن، وقد تواصل بي العديد من المسؤولين في بعض الدول الصديقة والشقيقة يبدي تساؤله عن الوضع اليمني، وفعلاً هناك حالة من التعجب! وقد عرضنا على منظمة الصحة العالمية أن يتعاملوا مع كوفيد (COVID-19) مثل ما تعامل اليمن، لأن الفيروس في حالة الرعب ينهك المناعة.
** ما مدى تأثير هذا الفيروس على جسم الإنسان، وهل الخوف يزيد من تأثيره؟
*الحقيقة أن كوفيد (COVID-19) هو عبارة عن فيروس يصيب الجهاز التنفسي ويؤدي إلى شلّ أو عدم قيام الجهاز التنفسي بوظيفته، ويعمل على توقف كثير من الأعضاء الحيوية إذا ما دخل الإنسان في المرحلة الرابعة أو حالة الوفاة كما هو متعارف عليه في العالم، إلا أننا اكتشفنا فعلاً أن حالة الرعب وحالة التخويف وحالة الهلع هي من تزيد من حالة فتك الفيروس بالبشر، ولو لاحظتم أن الضخ الإعلامي الغربي والأمريكي خصوصاً أسهم في رفع مستوى الرعب، وأنها عبارة عن عملية إعلامية ممنهجة، لو لاحظتم أن القضية ليست قضية إعلام عادي، وإنما جانب إعلامي مدروس تماماً، هذه ملاحظة هامة.
بالنسبة للفيروس نستطيع أن نقسم المرض إلى قسمين، أثر الفيروس في حد ذاته، وإلى الرعب، ربما نحن اشتغلنا على الرعب وعلى التخفيف من حالة الرعب والتهويل فأدى إلى التقليل من حدّة تأثير الفيروس، وهذا متعارف عليه.
تصوروا أن السيدة غوبتا (Gupta) هي أستاذة في مايو كلينك (Mayo Clinic) الأمريكية تكلمت بنفس المعنى الذي ننتهجه، تخيلوا أناساً داخل بيوتهم وداخل شققهم معزولين ثلاثة أشهر، في حالة رعب كبيرة جداً، فإذا ما جاء الفيروس هو مثل النار عندما تحرق في الهشيم، ولذلك نصحنا كثيراً من الإخوة في بعض الدول بأن لا يتعاطوا بتخويف، ولا داعي للإحصائيات اليومية التي ترعب المواطن سواء على المستوى العالمي أو المحلي والإقليمي وأنتم تعرفون الآن نحن في شهر 9 يكاد نكون في ذروة الوباء على مستوى العالم، بينما في اليمن لا نكاد نسجل حالة يومية، الحالات قليلة جداً مقارنة بالوضع العالمي.
** أنتم أعلنتم في مؤتمرات صحفية بأن هناك دراسات لإيجاد علاج للفيروس وكذلك لصناعة أجهزة تنفسية إلى أين وصلت هذه الدراسات والأبحاث؟
أولاً: في خلال ذروة الوباء كما حصل في شهر رمضان وبعد رمضان، كنا نطالب المنظمات بأن توصل إلينا أجهزة التنفس الصناعي، هناك نوع من التباطؤ، وربما هناك إمعان في قتل الشعب اليمني، و لما رأينا التخاذل في عدم إعطائنا أو إيصال ما نحتاجه من أدوية الحماية الشخصية - حيث كان العاملون لا يجدون أدوات حماية شخصية كافية - وكذلك إيصال أجهزة التنفس الصناعي، والأدوية، فبدأنا بالعمل الدؤوب، امتثالاً لتوجيه القيادة أن نعمل ونواصل جهودنا في أجهزة التنفس الصناعي، طبعاً تعرفون أن هناك دستور للأجهزة وهو طبعاً من المعلومات التي لا يمكن أن تنقل من شركة إلى أخرى، بفضل الله سبحانه وتعالى استطعنا كسر هذه القاعدة ووصلنا مع هيئة الابتكار، ومع المهندسين في وزارة الصحة العامة والسكان، وصلنا إلى دستور جهاز التنفس الصناعي بنسبة تقريباً 100%، والآن في مراحل التصنيع، مع دائرة التصنيع العسكري التي تقوم معنا يداً بيد، ونحن الآن في مراحل متقدمة جداً إلا أنه ينقصنا في هذه المرحلة فقط بعض القطع بسبب الحصار، وإلا كنا قد أنزلناها السوق، وهذه كانت من الإنجازات الكبيرة.
من جانب آخر كنا قد تعاملنا مع بعض الشركات طلبنا منهم أن يوافونا بدستور أجهزة التنفس الصناعي، طلبوا منا شراء 1000 جهاز حتى يعطونا دستورًا، طبعاً نحن لا نمتلك قيمة عدد من الأجهزة يزيد عددها على أصابع اليد فما بالك بالعدد المطلوب حتى يعطونا الدستور، لكن بفضل الله سبحانه وتعالى وصلنا إلى هذا الدستور بفضل الكوادر اليمنية التي عملت ليل نهار.
** وبالنسبة لعلاج فيروس كرونا؟
*بالنسبة للأدوية نحن أعلنا عن قيام عدد من زملائنا الأطباء والمختبريين والصيادلة والباحثين بالبحث عن أدوية لعلاج كوفيد (COVID-19)، الحقيقة أن هناك أبحاث طويلة جداً وكثيرة جداً من علماء متخصصين، وبفضل الله سبحانه وتعالى وصلنا إلى دوائين سيعلن عنهما إن شاء الله في الأيام القادمة عبر حكومة الإنقاذ الوطني إذا تمت الخطوات والمراحل على ما هي محسوبة عليها ، دواء لعلاج حالات كورونا، ودواء مقوي للمناعة وقاتل للفيروس، ولا تزال البحوث تحتاج إلى وقت طويل جداً، لكن نحن في مرحلة متقدمة، والإعلان عن كشف الأسماء يعتبر في حد ذاته إنجاز علمي كبير بإذن الله سبحانه وتعالى.
العدوان على القطاع الصحي
4- ألفا يوم من العدوان والحصار كان لهما الأثر الكبير في تدمير البنى التحتية ومن أهمها القطاع الصحي، حتى تعرض على ما يزيد 40% من المرافق الصحية للتدمير الكلي والجزئي، في هذه الجبهة العظيمة، فما هي طرق مواجهتكم لهذه المعوقات وما خططكم واستراتيجياتكم لتجاوز التدمير والعدوان والحصار.
خلال ألفي يوم من العدوان دمَّر العدوان مئات من المنشئات الطبية والصحية التي استهدفها بشكل مباشر بالقذائف، والصواريخ، استهدف القطاع الطبي حتى يخرجها عن دائرة الخدمة، ولعلكم تتذكرون ما حصل في مستشفى عبس، الذي تقوم بتقديم الخدمة والمساعدة فيه منظمة (أطباء بلا حدود) الإسبانية، مع أنها منظمة رافعة شعارها ويعتبر مكاناً طبياً، ثانيا تقوم فيه منظمة، ولا يوجد فيه كما يدعون أي أسلحة ومع ذلك استهدف من قبل دول التحالف، وفي حيدان (أطباء بلا حدود) الفرنسية، مستشفى حيدان استهدف وضرب تماماً، ونحن الآن منذ عامين نقوم بإعادة بنائه، هنا في صنعاء على مستوى بنك الدم يستهدف بصاروخ، وكذلك مستشفى الثورة بالحديدة، وغيرها استهدفت عشرات ومئات المرافق، هذا على مستوى الاستهداف المباشر، وعلى مستوى الاستهداف غير المباشر منع العدوان الأدوية، وإدخال المحاليل، والمستلزمات الطبية الأساسية والضرورية للمرضى، لاسيما الأمراض المزمنة، مثل أمراض السرطان، وزراعة الكلى، وأمراض الكلى، والثلاسيميا، وغيرها من الأمراض، وإلى جانب منع دخول الأدوية إلى البلد، أيضاً قام العدوان بعملية استقطاب العقول اليمنية والكادر اليمني والأطباء اليمنيين، استقطبهم بشكل غير طبيعي جداً بإعطائهم مبالغ مهولة وتوظيفهم في دول التحالف، كالسعودية، وقطر، والإمارات، وغيرها، استقطب حملة شهادة الدكتوراه والبورد، من أجل إخلاء الساحة من الأطباء، أصحاب المهنة الذين يحملون شهائد متقدمة، أيضاً العدوان منع حتى خروج المرضى بالجسر الجوي، وأبلغنا حتى اليوم عن توقف الجسر الجوي، ولم يخرجوا إلا 29 مريضاً إلى اليوم.
طبعاً عمل مع منع الإمدادات والأدوية، والتجهيزات، على توقيف صرف حوافز ورواتب الكادر الطبي والصحي، عموماً هذه التحديات بمجملها تقف حائلاً دون تقديم الخدمة للمواطن اليمني،
** وماذا عملتم حيال هذه الصعوبات والتحديات؟
بفضل الله سبحانه وتعالى اتجهنا أولاً بالنسبة للكادر الطبي والصحي إلى بناء قدرات جديدة عبر المجلس اليمني للتخصصات الطبية الذي بدأ عملية تعليمية دؤوبة سواء دورات على مستوى ثلاثة أشهر، أو دبلوم سنة، أو ماجستير سنتين، أو بورد أربع إلى ست سنوات في بعض التخصصات بهدف إيجاد كوادر طبية وازدياد عدد المتقدمين بحيث يمكن أن نتغلب على احتياج البلد للكادر الطبي والصحي، هذا من جانب.
من جانب آخر قمنا بعملية صيانة كبيرة جداً للأجهزة الطبية في المستشفيات، وكما أعلنا في كثير من المؤتمرات أن حوالي 93% من التجهيزات خرجت عن عمرها الافتراضي، ومع ذلك نقوم بالعمل بها إلى هذه اللحظة ونعمل على صيانتها أولاً بأول.
كذلك عملنا على الضغط على المنظمات لتوجه تمويلها على حسب الاحتياجات الأولية؛ لأن المنظمات أصلاً كانت تهدر المال في جوانب غير مفيدة للقطاع الطبي والصحي، وضعنا أمامهم الاحتياج الحقيقي، وبدأت الاستجابة نوعاً ما.
**نلاحظ انتشار للأوبئة والأمراض في اليمن بشكل كبير ما السبب في ذلك، وهل للعدوان يد في ذلك؟
* الأوبئة التي فتكت بالشعب اليمني خلال السنوات الماضية، ونحمل العدوان أيضاً مسؤولية نشر الأوبئة وما يحصل اليوم من أوبئة كبيرة مثل الدفتيريا، أو الملاريا والضنك، في ظل غياب دور المنظمات، طبعاً أكثر من ثلاثين وباء، نحن في حالة مكافحة وتحتاج إلى إسناد مجتمعي وشعبي، وكذلك سوء التغذية الذي يكاد يفتك بالمجتمع الفقير لاسيما في المناطق التهامية والساحلية، والمنظمات التي تسترزق باسم حالة سوء تغذية الأطفال، لا يصل إلى الطفل وإنما يصل إلى الكروش الكبيرة في المنظمات، الدعم العالمي يصل إلى كروش المنظمات.
المنظمات وانسحابها
** سمعنا في الآونة الأخيرة بإعلان المنظمات عن عزمها على بالانسحاب من اليمن ، ماهي الأسباب؟
لأكون هنا مع مجلة الاعتصام أكثر وضوحاً وشفافية، المنظمات تقوم بعمل سياسي قبل أن تقوم بعمل إنساني، معهم أغراض ولهم أهداف وأجندات، وبدلاً من تنفيذها عن طريق سفارات، وجدت هناك منظمات، ونحن كانت لنا رؤيتنا بالتعامل معها أن نستخدم أو توظف أموالها في الطريق الحقيقي والصحيح، طبعاً عملنا سوياً مع المجلس الأعلى لتنسيق الشئون الإنسانية ودخلنا في شراكة قوية جداً لتوجيه المنظمات في عملها الذي يخدم الشعب اليمني، هنا بدأوا كمنظمات يتضايقون من توجيههم في الاحتياجات، أولاً عملنا مسحاً كاملاً للاحتياجات، عملنا احتياجات واضحة، مثلاً في جانبنا الصحي احتياجنا واضح جداً حددناه، وسُلِّم للمنظمات، ولما رأوا أننا نطالب باحتياجات واضحة تعود بالمنفعة على الشعب اليمني وتبنيه بناءً تنموياً، وهم يريدون مجرد هدر، لما رأوا ذلك بدأوا يتضايقون وبدأت المراسلات بيننا وبينهم واللقاءات المستمرة، وأبدوا امتعاضهم؛ لأنهم يريدون أن تهدر المبالغ فقط في تدريب وفي ورش عمل وغيرها من الأنشطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع،
عموماً بدأت المنظمات في الانزعاج مع انتصار الجيش واللجان الشعبية في كثير من الجبهات ولاحظنا أن هناك انزعاج حقيقي واضح ملموس، وقد قال أحد ممثلي المنظمات: أنهم سيوقفون الدعم عن الكادر الطبي والصحي بسبب أنكم تتقدمون في بعض الجبهات وتصرفون على الجانب العسكري ولا تصرفون على الجانب الطبي.
قلنا لهم: الذي يعين الجانب العسكري هو المجتمع، أما الدولة فلا تستطيع أن تتحمل أي أعباء، لأن النفط والموانئ هي بأيدي المرتزقة ولا موارد متوفرة، ومن هنا بدأ الامتعاظ، أيضاً مع قرار ترامب أوقفت أغلبُ المساعدات لاسيما في مجال الطفولة والأمومة والطوارئ الوليدية والتوليدية، وأيضاً على مستوى الحافز، على مستوى إيقاف دعم المستشفيات، وبقي معنا فقط التدريب، قالوا: يريدون أن يدربوا، ونحن الآن عممنا على مكاتب الصحة وعلى الوزارة بوقف التدريب إلا ما كان ضرورياً وأساسياً.
** وهل لديكم رؤية لمعالجات وبدائل حيال هذا القرار؟
عموماً بدأنا نتجه نحو إيجاد البدائل، بفضل الله سبحانه وتعالى القائل: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾ آية واضحة ومعتمدين على الباري سبحانه وتعالى وكانت البدائل أولاً تفعيل مشاركة المجتمع الذي هو أصلاً مشارك معنا منذ بداية العدوان، المجتمع يشاركنا ويشارك القطاع الطبي والصحي ويسهم معنا في تقديم بعض قيمة الخدمات الطبية والصحية،
وثانياً: الآن نتجه إلى بناء شراكة حقيقة مع الهيئة العامة للزكاة، لأن الهيئة هي المؤمل عليها بعد الله سبحانه وتعالى في أن تقوم مقام المنظمات،
وثالثاً: نحن نبحث عن رأس المال والتجار للقيام بدورهم وهم معنا أيضاً من بداية العدوان، لكن الآن نحثهم على القيام بدور أكثر في هذه المرحلة، دور الاستثمار في القطاع الطبي بما يخلق حالة توازن ما بين مقدم الخدمة وبين المستفيد، أن ننشئ نظاماً خاصاً خدمياً يقدم خدمة غير مكلفة وخدمة مناسبة، خدمة جيدة، خدمة مرضية، وفي نفس الوقت يستطيع المواطن أن يدفع فاتورة العلاج،
طبعاً نعرف أنها جزء من معاناة الشعب اليمني وأننا في حالة حصار مهول، ويعزّ علينا هذه المعاناة كثيراً، معاناة الشعب اليمني، ونحاول ليل نهار تخفيف هذه المعاناة، مرة أخرى يعلم الله أنه يعز علينا أنين كل مريض، وعدم استطاعة أي مريض إيجاد الدواء، ونعمل على توفيرها من كل الجهات الممكنة، وبإذن الله سبحانه وتعالى نتجاوز هذه المحنة.
الأدوية وصناعتها
** بالنسبة لجانب الصناعات الدوائية في اليمن ما هي المعوقات التي واجهتكم وتواجهكم في سبيل صناعة الدواء؟
بالنسبة لملف الأدوية هو ملف طويل وشائك.
أولاً: النظام السابق أعاق من خلال تشريعاته، ومن خلال أدواته، ومن خلال لوائحه، أعاق الصناعة الدوائية، بل ووضع أمامها العراقيل الكبيرة جداً، مثلاً إدخال المواد الخام عليها ضرائب وجمارك ربما مضاعف على المستورد، وكان يحصل على المنتجين مضايقات كبيرة جداً، اليوم هناك اتجاه حقيقي لفتح المجال للصناعة الدوائية الواعدة، لكنا إلى اليوم تواجهنا صعوبة أن الموانئ لا تزال بأيدي دول الاحتلال التي تعيق دخول المواد الخام، وتعيق دخول الأجهزة التي نحتاجها في الصناعة الدوائية، وقد أوقفت كثيراً من الشركات في ميناء عدن، وميناء سيئون، وغيرها من الموانئ لأنها لا تريد أن نبني واقعنا،
لكن الحقيقة هناك توجه كبير لإزالة هذه العراقيل من خلال رفع الضرائب عن المواد الخام بحيث يستطيعون أن يبدأوا وينتجوا هذا من جانب، من جانب آخر نحاول أن نساعدهم في إيجاد البدائل من التجهيزات هنا داخل البلد، أن نوجد المواد الخام هنا داخل البلد، أن نسهم معهم كوزارة صحة عامة وسكان في الترويج للصناعة الدوائية، فالمطلوب في هذه المرحلة أن نعيد الثقة؛ لأن النظام السابق ضرب الثقة على مستوى الطبيب اليمني، وعلى مستوى المنتجات الوطنية، مما جعل أي منتج يمني في نظر الناس أنه غير فعال وغير مفيد، بينما التجارب والتحليلات أثبتت أن المنتج اليمني يعتبر أفضل من بعض المنتجات الخارجية، معنا منتجات مثلاً من الهند، من الصين، المنتجات اليمنية أفضل بكثير جداً، ولذلك لابد من إعادة الثقة في المنتج الوطني للشعب اليمني حتى يدعم التجارة هذه، والمصانع من جانب.
ومن جانب آخر تسهيل الإجراءات، وأيضاً بالصناعة الجيدة ما يسمى بالـ (GMP)، طبعاً بإذن الله سبحانه وتعالى نصل إلى خطوات جيدة ومتقدمة.
** هل من الممكن إعلام القارئ الكريم عن نسبة الإنتاج المحلي للدواء إلى الاستيراد؟
ما يستورد إلى حد الآن تقريباً يهدر عشرات الملايين من الدولارات حتى من شركات رديئة جداً، طبعاً تصوروا من شركة واحدة مثل الإمارات المطبعة مع العدو الإسرائيلي، هذه الإمارات مثلاً عشرات الملايين من الدولارات إليها، بينما المنتج اليمني أفضل بكثير، ولذلك نحن الآن منعنا أو في طريق منع بعض الشركات التي لا نحتاجها، التي ليس لها كثير من الأصناف الجيدة.
حيث قمنا بمنع دخول مجموعة من الأصناف مثلاً فلاجيل (flagyl)، اموكسيل (Amoxil)، باراسيتامول (Paracetamol)، هذه الأصناف أبقيناها على المنتج اليمني بحيث لا يمكن أن تستورد من الخارج، ومنعنا الاستيراد لبعض الأصناف الدوائية من الخارج.
كانت نسبة الإنتاج المحلي إلى الاستيراد 10 إلى 90% ، الآن ارتفعت النسبة، أصبح المنتج الداخلي 20 إلى 80% نتطلع إلى أن نصل في خلال العام القادم إلى 50% وأكثر من ذلك إن شاء الله.
وأيضاً نحن نتجه إلى أن نجعل من المستوردين شركاء معنا في التصنيع، وكان معنا آخر لقاء في رئاسة الوزراء قبل ثلاثة أيام وكنا في حث كامل لهم أن ينتقلوا من مربع الاستيراد إلى مربع الإنتاج.
لأن المستورد يفكر في أن يأخذ لقمة سهلة، من خلال أخذه الدواء من الهند أو من الصين ويستوردها إلى اليمن، فلا يكلفه ذلك إلا بعض الالتزامات في الجمارك أو غيرها، فهو لا يريد أن ينشئ مصنعاً، لا يريد أن يكون هناك معايير، لا يريد أن يشغل أيادي عاملة، لا يريد .. لا يريد..
الصيدليات
** بالنسبة للصيدليات فقد أعلنت الوزارة عن إغلاق كثير منها بسبب المخالفات، فما أبرز ما وجدتموه فيها وهل هناك استمرار لمثل هذه الرقابة حماية للمواطن؟
بالنسبة للصيدليات وباب الدواء، بشكل عام، هو باب معقد جداً، هناك كثير من المستغلين قبل هذه الفترة لا وجود لقاعدة بيانات للصيدليات على مستوى المحافظات وعلى مستوى وزارة الصحة، كان أي شخص يريد أن يفتح صيدلية مجرد دكان ويفتح.
عندما نزلنا في أمانة العاصمة وجدنا أكثر من 400 صيدلية غير مرخصة ولا يوجد لها كادر مهني، صيدليات مفتوحة بدون اسم، صيدليات تبيع الأدوية المنتهية، لم تكن هناك أي رقابة على المنتج الدوائي وعلى السوق الدوائية،
طبعاً نزلنا على مستوى الجمهورية وأعلنا عن نتائج تقييم الصيدليات بعضها كان قريب الصفر، بمعنى آخر أنه لا معايير في فتح الصيدلية، ولا معايير في جودة الدواء، نأتي والأدوية مهربة، مغشوشة، مزورة، غير مخزنة تخزيناً صحيحاً، كانت النتائج صادمة، وقفنا على هذه الاختلالات بقوة، أحلنا الكثير منهم إلى النيابة، ونحن في نزول مستمر، هناك نزول على الصيدليات بشكل دوري سواء على المستوى الإشرافي من الوزارة أو مكاتب الصحة، لكن هناك الأهم وهو النزول الدوري المفاجئ على الأدوية،
** كيف يتم إدخال هذه الأدوية المهربة ووصولها إلى المدن اليمنية؟
نحن في اليمن نعاني لاسيما في ظل العدوان والحصار ووجود أيادي العدوان الخفية التي تقوم بإدخال عشرات من الشّحَن من الأدوية المهربة، ، العدوان يضغط علينا بتهريب الكثير من الأدوية، سواءً عديمة الفائدة، أو من مصادر مجهولة، ويدخلها عبر المهربين إلى البلد، نقوم بعمل دؤوب مستمر بمنع دخول هذه الأدوية إلى اليمن وبيعها في الصيدليات، هناك بعض التجار لا ضمير عنده يستغلون ظروف ومعانات الشعب اليمني ويتواطئون مع دول العدوان في إدخال كثير من هذه الأدوية لاسيما و المجال مفتوح من الحدود البرية الكبيرة، حتى أن آخر ما رأيناه أن هناك شحنة قبضت من الأدوية مشحونة تحت (نيسة)، هذه الشحنة عبارة عن محاليل وريدية مهمة ضرورية لإنقاذ الحياة، هؤلاء يجب أن يأخذوا جزاءهم في المحاكمات وفي القضاء، حتى يكون هناك عملية ردع مطلقة لمثل هذه الأعمال.
** وهل هناك تنظيم لحركة الأدوية والتجارة، وهل هناك تحليل للأدوية المستوردة؟
هناك عمل في تنظيم حركة الأدوية والتجارة بحيث تكون فعلاً مرشدة، لا تستغل وضع البلد ووضع المواطن اليمني، طبعاً مع عدم استطاعة الهيئة العليا للأدوية بالتحليل الكامل، إلا أنا الآن نقوم بتوسيع مركز التحليل الدوائي في الهيئة العليا للأدوية بحيث يحلل أكبر قدر ممكن من الأصناف، وعملنا على شراء أجهزة ومعدات في خلال هذه الفترة لتحليل الأدوية. لأن المركز خلال الأعوام الماضية كلها كانت يفحص 400 صنف في العام، بينما هناك مصنع واحد في الهند يقوم بتحليل 1200 صنف في الشهر، ونعمل الآن على توسعة هذا المركز.
الطب البديل
** بالنسبة للطب البديل وطب الأعشاب وإيجاد الأدوية من الطبيعة ، هل هناك توجه لديكم ولدى الحكومة للاهتمام بهذا الجانب، لاسيما وهنا من يستغل المواطن وقد أصدرتم قراراً بإغلاق كثير من عيادات الطب البديل؟.
بالنسبة للطب البديل أو الأعشاب هو طب له جذوره التأريخية، أولاً على مستوى اليمن، وعلى مستوى المنطقة بشكل عام وربما على مستوى العالم.
القضية هي إعادة تنظيمه وترتيبه حتى لا يدخل الدخلاء أو يدخل المدلسون أو غير المهنيين عليه ويحصل خداع للمجتمع اليمني، لاسيما وكانت هناك حالات رأيناها ووقفت عليها، عشرات الحالات التي فيها خداع وتدليس تم إحالتها للجهات المختصة.
عموماً كانت أول خطوة هي إغلاق عيادات الأعشاب كاملة لأنها لا ترتكز على مرتكز علمي، بل العكس، تصوروا أنه مثلاً فلان يعطي إبرة اسمها (الإبرة الذهبية) وهي عبارة عن خلطة من مجموع من الأدوية يزعم أنها ترد الذي هو شايب إلى شباب بمليون وثمانمائة ألف ريال، وهناك عيادات لن أذكر أسماءها لكنها كانت تخلط أدوية عادية كيميائية ببعض الأعشاب لمعالجة أمراض السكري وغيرها، كان هناك ابتزاز للمواطن اليمني، ولذا كان هناك إقفال، ثم فتح، لإعادة تنظيم.
** نسمع عن إصدار قانون يتعلق بهذا المجال فما أبرز ما يحتويه هذا القانون؟
*نحن بصدد إقرار قانون الأعشاب والطب البديل، وهذا قانون سيخرج لتنظيم المهنة، لتنظيم قواعد العمل على الأعشاب الطبية والصحية، وطبعاً سيعمل على توظيفها توظيفاً سليماً بدون مزايدات من دخلاء المهنة.
هناك أدوية كثيرة خلقها الله في الطبيعة لكن لابد أن تخضع لإجراءات علمية مدروسة، وهذا الذي نعمل عليه الآن، وسيخرج عبر مجلس النواب خلال الأشهر القادمة، انتهينا تماماً من إعداد الأدلة واللوائح والقوانين المنظمة لهذه المهنة، وهذه ستكون خطوة إيجابية وكبيرة.
المستشفيات
** بالنسبة إلى المستشفيات الحكومية هناك شكاوى عديدة للمواطنين حيث أصبحت مفتقرة إلى أبسط الأدوات الصحية، أيضاً مع وجود عدم اهتمام لإدارات المستشفيات بالشكل المطلوب، ما هي الأمور والمعالجات التي تعمل الوزارة حيال ذلك؟
* المستشفيات الحكومية خلال الفترات الماضية أيضاً عانت من غياب دور الرقابة المستمرة عليها، وخلال تولينا للوزارة خلال الفترة الماضية عملنا معايير وأدوات تقييم للجانب الإداري والمالي والفني، ووقفنا على الاختلالات الواضحة، وأعلنا هذه النتائج على مرأى ومسمع من البلد وبحضور المحافظين، وأعطيناهم المهل.
حقيقةً المستشفيات تفتقر إلى الأجهزة والتجهيزات لاسيما خلال العدوان وهذا أمر مفروغ منه، يعني لا نستطيع أن نشتري وما تعطيه المنظمات من تجهيزات لا يسد الفجوة لكن هذا لا يعفي المستشفيات أن تقدم خدمة طبية حقيقية، عموماً أعلنا عن جميع المستشفيات العامة في مؤتمرات وتقييم واضح شفاف، مالي إداري، فني،
طبعاً نعاني أيضاً في هذا الجانب من تضخم إداري رهيب جداً في المستشفيات، وربما يستهلك الجانب الإداري أي إيرادات للمستشفيات، ووجدنا في الجانب المالي عدم ضبط الدورة المستندية تماماً، وفي الجانب الفني هناك عجز سواء على مستوى البنية التحتية للمستشفيات، أو على مستوى التجهيزات، أو على مستوى الكادر، أو على مستوى الأدوية وغيرها، طبعاً هي منظومة واحدة، اليوم نقوم بعمل معالجات قائمة منها: عمل نظام «أتمتة» في كل المستشفيات، نظام «الأتمتة» هذا هو الذي سيضبط العملية الإدارية، والمالية، والفنية، لأن هناك تسيّب، وما نحن فيه اليوم لا يمكن أن يستمر ويكون غداً،
وأيضاً يجب ألا نغفل أن هناك كثير من مدراء المستشفيات الذين بدأوا نقلات كبيرة جداً، لا ننظر إلى الجانب القاتم، ننظر إلى الجانب الإيجابي، أنا اطلعت على كثير من المستشفيات التي انتقلت نقلات نوعية في ظل العدوان والحصار وعملت في فتح مستشفيات كانت مغلقة في النظام السابق، هناك أكثر من 60 مستشفى عام فتح وأعيد له الحياة والنشاط، وإزالة الترهلات وهذا لا يعني أنها ستزال في عشية وضحاها لكن تحتاج إلى وقت ولدينا خطط ورؤية واضحة لذلك.
** هناك من يتكلم من المستشفيات ويقول بأن هناك توجه من إدارات المستشفيات لتقليل الطاقات الاستيعابية في الأقسام والعنايات بحجة قلة الكادر التنظيمي وقيامها بفتح أقسام وعنايات خاصة برسوم عالية؟
بالنسبة للمستشفيات العامة، لا يوجد هناك قسم خاص أو قسم غير خاص، هي مستشفيات عامة، كنا في لقاء الأسبوع الماضي مع رؤساء الهيئات ومدراء المستشفيات في تحديد رسوم الخدمة بما يتلاءم مع ظروف الشعب اليمني، بما يتلاءم مع حالة الحصار والعدوان، الذي استغربنا سواء في القطاع العام أو الخاص هناك تفاوت شديد، يعني لم يكن هناك ضوابط محددة على تحصيل مشاركة المجتمع، تم جمع مدراء المستشفيات ورؤساء الهيئات وأطلعناهم على بعض رسوم الخدمة الرمزية، والتفاوت الرهيب جداً والآن وحدّنا رسوم خدمة رمزية فقط بما يعمل على صيانة بعض الأجهزة وبما يوفر نوعاً من الكادر الذي يستمر في تقديم الخدمة حتى لا تنتهي الخدمة، وكان لقاءاً مثمراً وبناءاً وحسمنا هذا الموضوع.
** هناك أيضاً من يقول: أن إدارات المستشفيات تعمل على تطوير ودعم وتأهيل الأقسام الجراحية مثل جراحة عام، عظام، ذات العائد المادي الكبير، وإهمالها للأقسام الأخرى واعتبارها عبئ على المستشفيات مثل قسم الباطنية والأطفال رغم أنها كثيرة الحالات لكنها قليلة العائد المالي.؟
في المستشفيات العامة لا يجب أن يكون هذا بالمطلق لأن هناك حوافز للجميع، حوافز للجراح، وحوافز لأخصائي الباطنية، وحوافز لأخصائي الأطفال، بل على العكس نشجع التخصصات هذه التي هي تخصص الباطنية والأطفال لأن أكثر المرضى إقبالاً عليها، مع اهتمامنا ببقية الأقسام.
بالنسبة للمستشفيات الخاصة عملنا تقييم للمستشفيات الخاصة، حددنا مكامن الخلل، أعطيناهم مهلة للتصحيح، اليوم درسنا وأكملنا التسعيرة، وهذه خطوة كبيرة جداً، ليست تسعيرة المعاينات فقط، تسعيرة كل الخدمات، على مستوى القطاع الطبي، على مستوى القطاع الخاص ككل، وسيعلن عنها إن شاء الله في القريب العاجل، بعد المشاورات مع اتحاد المستشفيات الخاصة، بحيث نؤمل أن القطاع الخاص يقوم بواجبه وفي نفس الوقت يقدم خدمة للمواطن لاسيما في ظرف الحرب والعدوان.
نتطلع إلى زيادة المراكز الطبية الصحية التخصصية لاسيما بعد توحيد التسعيرة وفرض التسعيرة الملائمة لتقديم الخدمة الطبية والصحية.
وفعلاً هناك من الأقسام التي يسمونها إيرادية كأقسام الجراحة وغيرها وأقسام غير إيرادية ، ونحن لا نريد أن يوجد هذا التقسيم بالمطلق، وإنما ننظر إلى المريض كإنسان، وننظر إلى المستشفيات بمنظور إنساني وأخلاقي، بمنظور واجب ديني ووطني وهو أن نقدم الخدمة، الذي ينظر بهذا المنظار إيرادي وغير إيرادي هو لا يحمل أي مسؤولية ؛ لذلك لا نريد أن نقف عند هذه الجزئية بقدر ما نؤسس لأخلاقيات المهنة، وأن يتعامل مع المريض كمريض وليس كسلعة تباع وتشترى.
** هل وزارة الصحة لديها برنامج تثقيفي يؤسس لأخلاقيات المهنة بحيث يستشعر الطبيب أن الطب عمل جهادي وإنساني قبل أن يكون مهنة تدر عليه بالأموال؟
أولاً هذا الجانب من أهم الجوانب السلوكية والأخلاقية، الطب ليس مهنة كما يتصورها البعض، هو رسالة مقدسة نقدم مقابلها خدمة إنسانية للمواطن، لو أحسسنا بشعور الألم، سنشعر عندما نزيل الألم عن مريض أنها خدمة إنسانية جليلة وكبيرة جداً، ولذلك أكدنا على الجامعات، وعلى المستشفيات، وعلى الكادر الطبي والصحي بتكثيف المحاضرات الثقافية، وهذا قائم طبعاً خلال الأعوام الماضية، قمنا بتكثيف المحاضرات الثقافية في كثير من المنشئات الطبية والصحية، والحقيقة أن الكادر الطبي والصحي يقوم بواجبه على أكمل وجه، ورأيتم في جائحة كورونا كيف أن الكل واكب هذا التحدي بإخلاص وتفانٍ بدون أي مقابل.
نؤكد مرة أخرى على ضرورة أن نتحلى بأخلاقيات مهنة الطب، سواءً على مستوى الأطباء، وعلى مستوى التمريض، وعلى مستوى الصيدلي، وعلى مستوى المخبري، وعلى المستوى الإداري والعامل في القطاع الطبي والصحي أخلاقيات المهنة الطبية نؤسس بشكل كبير أن تكون مثمرة في السلوك، أن تقدم مفاهيم الإحسان، أن تقدم مفاهيم الرحمة، أن تقدم مفاهيم الرفق، أن تقدم المفاهيم والمصطلحات والثقافة القرآنية لتغرس في قلب الطبيب ومقدم الخدمة الطبية،
أعتقد أن هذا هو الذي سيعكس ثمرة كبيرة جداً للسلوكيات والأخلاقيات، كما قال الله سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾، ، طبعاً الرحمة هي مطلقة، ولذلك الأطباء يسمون ملائكة الرحمة، أتمنى أن تكون هذه المصطلحات هي سائدة في التوجه، في السلوك، في العمل، ولا أخفيكم أن هناك شعور كبير جداً من كثير من مقدمي الخدمة الذين يعملون ليل نهار بهذه المبادئ الإنسانية، وإذا وجد هناك بعض التصرفات الفردية السلبية هي لا تعكس على الجميع، الآن في ظل الحصار والعدوان وأنا هنا أحيي زملائي الأطباء والإخصائيين المستشاريين الكبار الذين رفضوا الذهاب إلى دول التحالف مع إعطائهم مبالغ كبيرة وخيالية وفضلوا أن يخدموا الشعب اليمني، هذه نتيجة أخلاقهم وسلوكياتهم العالية.
التعليم الطبي
** التعليم الطبي من أهم ركائز النهوض بالجانب الطبي والصحي في اليمن هل لديكم رؤية في هذا الجانب؟
منذ تولينا لوزارة الصحة العامة والسكان كان أهم التحديات الكبرى هي وجود الاختصاصيين في كثير من التخصصات، معنا في وزارة الصحة العامة والسكان المجلس اليمني للتخصصات الطبية، هذا المجلس هو مخول له في القانون أن يفتح مجالات ما يسمى بالزمالة العربية والزمالة اليمنية، أيضاً بمجال الماجستير والدبلومات، فيما عجزت كثير من الجامعات الداخلية اليمنية خصوصاً من أن تخرج لنا مخرجات طبية ذات كفاءة علمية ومهنية، طبعاً أول ما بدأنا في حقيبة الوزارة بدأنا نركز على قضية الكادر، وقضية التعليم الطبي وكان شعارنا التعليم الطبي ثم التعليم الطبي ثم التعليم الطبي، التعليم الطبي هو الأساس، رأينا مثلاً ما نحتاجه اليوم في الجيش واللجان الشعبية أن هناك نقص تخصص الأوعية الدموية، الأوعية الدموية كان أول ما يصل جريح في أوعية دموية يبتر، فبدأنا بدورات دبلوم، ثم ماجستير مهني لجراحة الأوعية الدموية، جراحة الترميم والحروق، جراحة الوجه والفكين، هذه ثلاثة تخصصات أساسية فتحت في أول أشهر من عام 2018م، هذه التخصصات لاتوجد على مستوى المنطقة ، لا في الأردن ولا في السعودية وفي غيرها من دول المنطقة، أكثر الأطباء الذين يحتاجون للدراسة يذهبون إلى روسيا وغيرها، اليوم معانا ماجستير هنا في البلد، ونحن اليوم على مشارف تخريج أول دفعة من الماجستير المهني للثلاثة المجالات، تصوروا أنه لم يكن يوجد عندنا تخصصات جراحات أوعية دموية إلا بأصابع اليد الواحدة، اليوم معنا أكثر من 30 إلى 40 أخصائي منتشرين على طول البلاد وعرضها، ونحتاج طبعاً، وكل عام هناك إقبال.
أيضاً فتحنا بورد قلب، وأعلنا عن تخصص جراحة قلب، وهذا تخصص نادر، وكذلك فتحنا تخصصات في الصيدلة للصناعة الدوائية وهي تخصص فريد على مستوى المنطقة، على مستوى المختبرات - طبعاً هذا لأول مرة يوجد في البلد- ثلاثة تخصصات على مستوى المختبرات مثل علم الكائنات الدقيقة وغيرها، وهي نادرة على مستوى المنطقة، لا أتكلم على مستوى اليمن، وهذه نتيجة احتياج البلد، ووجود المخلصين من الأساتذة من حملة درجة الدكتوراه الذين أفردوا من وقتهم وجهدهم لتدريب الكادر الطبي الناشئ في عمله
وبإذن الله سبحانه وتعالى نفتح مجالات تخصصات جديدة، ونعتبر أن مجال التعليم الطبي هو الركيزة والأساس الحقيقي لبناء مستقبل طبي واعد.
الصحة النفسية
** في مجال الصحة النفسية، تلاحظون أن هناك ازدياد في حالات الأمراض النفسيةفما الذي عملته الوزارة في هذا القطاع لاسيما وهناك عدد ضئيل من المستشفيات في هذا التخصص فما رؤيتكم لهذا القطاع وتطويره؟
* في العالم بشكل عام هناك فقر في كوادر التخصصات النفسية، أما في اليمن فتكاد تكون معدومة، اليوم التخصصات النفسية يكادون يكونون معدودين بأصابع اليد،
بالنسبة للمنشئات الطبية والصحية، دعمنا الكثير من المنشئات في الجانب النفسي سواءً على مستوى الأمانة وعلى مستوى المحافظات ووجهنا المنظمات إلى دعم المصحات النفسية مثل مستشفى الأمل والإرشاد الأسري في أمانة العاصمة، وكثير من المستشفيات في بعض المحافظات، أيضاً أوجدنا الأدوية بفضل الله سبحانه وتعالى التي كانت هي غالية جداً جداً، اليوم يكاد يكون أكثر الأدوية التي اشتريناها واستوردناها في العام الماضي هي أدوية الأمراض النفسية، ومعنا مبلغ في هذا العام عبر منظمة الصحة العالمية بما يقارب من ستمائة ألف دولار لشراء أدوية الأمراض النفسية، وغطينا السنوات الأخيرة كل المراكز النفسية بالأدوية المجانية، ودعمنا الكثير من المراكز الموجودة.
أصحاب الأمراض النفسية هم مسؤوليتنا جميعاً، مسؤولية المجتمع، مسؤولية الشخصيات الاجتماعية، مسؤولية التجار، مسؤولية المسؤولين، مسؤولية الأمة، يحز في أنفسنا أن نرى مريضاً نفسياً في الشارع، وسط البرد، بلا ملابس، بلا ثوب، بلا غذاء سليم ومتوازن، يحتاج إلى جهود الجميع، سواء على مستوى التغذية، وعلى مستوى الكسوة، وعلى مستوى المكان اللائق، وعلى مستوى العلاج اللائق، قد تستطيع وزارة الصحة أن توجد دواء وأن توجد أجهزة لكن المكان والملبس والمأوى يحتاج إلى تظافر الجميع.
** مسألة الإرشاد النفسي هل هناك إدارة في وزارة الصحة لهذا، نلاحظ قصور في الإعلام، المفروض أن يكون هناك إرشاد نفسي لتوعية المجتمع حيال هذه الظاهرة؟.
بالنسبة في وزارة الصحة العامة والسكان يوجد برنامج متكامل اسمه برنامج الصحة النفسية ضمن الرعاية الصحية الأولية، كانت كثير من المنظمات تتدخل بأسلوب ممنهج لأخذ المال، بحجة ما يسمى بالدعم النفسي وغيره الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
أعتقد أنها مسؤولية الجميع في التوعية سواءً توعية الأسر المكلومة بأن يكون أحد أفراد هذه الأسر مريضاً نفسياً، توعيتهم كيف يتم التعامل مع هذه الحالة وغيرها، أيضاً العلماء، الشخصيات الاجتماعية، أيضاً إيجاد الأماكن الملائمة لخروج المريض النفسي من حالته النفسية، لأن وجود القات سبب حقيقي وأساسي ورئيسي، كذلك التدخين و(الشمة) وغيرها، يخرج المريض من المصحة يعود إلى بيئته ويعود إلى هذه العادات، فتنتكس الحالة ويعود من جديد، يعني حلقة مفرغة، يجب أن يكون هناك فعلاً عملية توعوية متكاملة سواءً من الجانب الرسمي، أو الجانب العلمائي، أو الجانب الاجتماعي، أو الجانب الشعبي.
**كلمة أخيرة إلى الكادر الطبي والصحي
*نؤكد على دور الكادر الطبي والصحي في قيامهم بمسؤولياتهم وواجباتهم في هذه المرحلة، وأن المرحلة ليست مرحلة ربح، وليست مرحلة أخذ مبالغ واستثمار على ظهر المواطن اليمني، وإنما يجب أن نقدم في هذه المرحلة الخدمة لهذا المواطن الذي عانى ويلات الحرب والعدوان.
هنا ومن خلالكم أدعو إخواني المرابطين في القطاع الطبي الصحي ومدراء المستشفيات والهيئات إلى مضاعفة الجهود وتقديم الخدمة لهذا الشعب اليمني الذي يستحق منا أن نخدمه ليلاً ونهاراً وأن نبذل كل الجهد، لأنه شعب معاني، شعب بذل وضحى، فأقل شيء أن نقدم له جزءاً من الخدمة، حتى لو كان في الخدمة نوع من المشاركة المجتمعية ونوع من قيمة الفاتورة ولو بشكل رمزي، لكن يجب أن تقدم خدمة داخل المرافق الطبية الصحية، وهذا ما نشد على أيادي الإخوة مدراء المستشفيات والكادر الطبي والصحي.