تتشرف مجلة الاعتصام في عددها الخامس والعشرين باستضافة الأستاذ العلامة/ عبدالفتاح إسماعيل الكبسي
فأهلًا وسهلًا به في هذا الحوار.
س1-متى بدأ الأستاذ العلامة/ عبدالفتاح إسماعيل الكبسي مشواره في طلب وتلقى العلوم الشرعية ومن هم أبرز العلماء الذين درستم على أيديهم وما أهم الكتب التي درستموها والفنون التي حصلتموها.
ج1- بدأت تعليمي الابتدائي في صنعاء في مدرسة الطبري الصف الأول وبداية الثاني، ثم انتقلت مع أسرتي إلى محل عمل أبي رحمه الله تعالى في هجرة الكبس حيث عين بعد تخرجه من كلية التربية قسم لغة عربية الرتبة الأولى مديرًا لمدرسة السلام الإعدادية والثانوية عام 81/1982م، ومضيت في الدراسة حتى الصف الثالث الإعدادي، ثم انتقلت مع أسرتي إلى محل عمل والدي رحمه الله في عمران حيث عين مديرًا للمركز التعليمي الذي كان يضم عددًا كبيرًا من مديريات محافظة عمران آنذاك؛ فدرست بها الصف الأول والثاني الثانوي، ثم رجعنا إلى هجرة الكبس وأكملت الثانوية- وأظنه في عام 93/1994م -وخلال دراستي في الكبس تلقيت تعليم القرآن الكريم وتجويده وبعض كتب اللغة ومتن الأزهار على يدي شيخي السيد العلامة علي أحمد الكبسي رحمه الله، والسيد العلامة إسماعيل محمد غمضان حفظه الله، وخلال دراستي للصف الثالث الثانوي زارنا إلى بلدنا ومدرستنا السيد العلامة الحجة / حمود بن عباس المؤيد رحمه الله هو ومجموعة من طلاب العلم كان على رأسهم سيدي شمس الدين شرف الدين ومن خلال محاضرته في الجامع والمدرسة دعا الطلاب للالتحاق بالدراسة في الجامع الكبير وحث على طلب العلم وفضله، وبعده زارنا الدكتور الشهيد/ المرتضى بن زيد المحطوري رحمه الله زيارة للمدرسة على خط طريقه الى محل قريب منها فألقى كلمة لطلاب المدرسة وذكر ما ذكره السيد العلامة/ حمود بن عباس المؤيد رحمه الله عن الدراسة في الجامع الكبير، وماهي إلا أيام حتى أكملت امتحانات الثانوية، والتحقت بالفترة الصيفية الرابعة وكان بدايتها غرة محرم الحرام 1415هـ في تلك الفترة الصيفية درست في حلقات العلم عند شيخي الأول/ صبور الشامي حفظه الله درسنا لديه الجزء الأول من متممة الأجرومية وسبيل الرشاد في أصول الدين، والعبادات في شرح نكت العبادات وغيرها من المواد الشرعية وفي خلال هذه الفترة المباركة ختمت المصحف برواتي حفص وقالون عند شيخنا/ حسن لطف باصيد رحمه الله رحمة الأبرار، وكذلك عند شيخنا/ عبدالرحيم الضمدي، وكذلك سيدي العلامة/ أحمد حجررحمه الله، والسيد العلامة /محمد عبدالملك المتوكل كل ذلك في رحاب الجامع الكبير، ثم عند الشيخ الحافظ /يحيى أحمد الحليلي وكلهم أجازني في ما قرأت عليه، ثم درست عند الأستاذ العلامة / عبدالكريم اللاحجي، والأستاذ العلامة/ عبدالله الحاضري، والأستاذ العلامة / محمد قائد الجراش، والسيد العلامة /علي بن أحمد الشامي، والسيد العلامة / محمد بن محمد المنصور، والسيد العلامة /حمود بن عباس المؤيد، والسيد العلامة/ محمد أحمد محمد الكبسي في الجامع الكبير وفي منزله وفي هجرة الكبس، والأستاذ العلامة/ أحمد محمد الوشلي، والأستاذ/ محمد أحمد مفتاح، والسيد العلامة /إسماعيل بن حسين الكبسي، والسيد العلامة/ يحيى بن حسين الديلمي، والسيد العلامة /عبد الله بن حسين الديلمي، والقاضي العلامة /عبدالله بن حسن الراعي، والأستاذ العلامة /محمد محمد العفيف وغيرهم من العلماء الأفاضل، ثم بدأت بممارسة التدريس في الدورات الصيفية منذ الدورة الخامسة مع الاستمرار في الدراسة لدى المشايخ والعلماء حفظهم الله وحتى اليوم ولله الحمد والمنة وقد درس عدد كثير من طلاب العلم عندي، طيلة هذه المدة، وهذه هي بركة وجهود علمائنا ومدرسينا الذين بذلوا جهودهم وأوقاتهم من أجل تعليمنا.
أهم الكتب التي درستها في أصول الدين كتاب سبيل الرشاد، والموعظة الحسنة، والينابيع الصحيحة، وكتاب الأساس.
وفي أصول الفقه متن الكافل إلى شرحه، وبدايات الغاية، والمصفى في أصول الفقه، وفي الفقه شرح نكت العبادات، ومتن الأزهار كاملاً، والتاج المذهب، وشرح الأزهار لابن مفتاح.
وفي الفرائض مفتاح الفائض في علم الفرائض وشرحه جوهرة الفرائض للناظري، والفرائض المصباح تعليق على المفتاح للسيد العلامة محمد الكبسي.
وفي النحو: متممة الآجرومية، وشرح قطر الندى، وشرح ابن عقيل، والمغني لابن هشام، وشذور الذهب.
وفي الصرف: شذا العرف في الصرف، وشرح شافية ابن الحاجب.
وفي البلاغة: البلاغ الواضح لمصطفى أمين وعلي جارم، وعلوم البلاغة للمراغي، وجواهر البلاغة للهاشمي والتلخيص للقزويني الخطيب.
وفي التفسير: الكشاف للزمخشري، وتفسير أهل البيت عليهم السلام المصابيح الساطعة الأنوار.
وفي الحديث: الاعتصام للإمام القاسم بن محمد، وأصول الأحكام للإمام أحمد بن سلميان.
وفي مصطلح الحديث: مقدمة الاعتصام، والفلك الدوار لابن الوزير.
وفي علم الفلك؛ تحفة الثقات في معرفة الأوقات لعبد الوهاب بن علي الوريث.
وفي مجموع الإمام القاسم بن إبراهيم وغيرها من الكتب، وكذلك تمت دراسة ملازم الشهيد القائد أكثر من ثمانين ملزمة على يد الأستاذ/ يحيى قاسم أبو عواضة.
وكتاب حكمة الحجاب، وبرق يمان على يد مؤلفه السيد العلامة محمد محمد المنصور.
وكتاب الفروق الواضحة الجلية بين الفرق الإمامية والفرقة الزيدية ، والمصباح تعليق على المفتاح في الفرائض، والفتاوى الكبسية على يد مؤلفه السيد محمد أحمد محمد الكبسي، وكتاب الحج والعمرة للمولى الحجة مجد الدين المؤيدي رحمه الله على يد السيد العلامة شمس الدين شرف الدين وميزان الذهب في صناعة شعر العرب للهاشمي على يد والدي الأستاذ إسماعيل محمد الكبسي رحمه الله .
المؤلفات:
س2- كيف استطاع الأستاذ العلامة عبدالفتاح الكبسي الانتقال من مرحلة طلب العلم والتحقيق إلى مرحلة التأليف وما هي المؤهلات الروحية والعلمية التي يمكن من خلالها تأهيل طلاب العلم والعلماء للتأليف.
ج2- في الحقيقة هي ليست تنقلًا من مرحلة إلى أخرى وإنما كانت ضرورة ملحة خلال التدريس والتعليم نظرًا لحاجة الحركة العلمية بالجامع الكبير سواء في الفترة الصيفية والتعليم طوال العام لوضع مناهج مناسبة أو ميسرة أو جامعة لبعض العلوم والفنون مصاحبة للمقررات القديمة وكذلك من باب خصوصية الحركة العلمية وتميزها.
أما التأليف فهو عملية ناتجة عن مرحلة علمية عميقة وباحثة في شتى العلوم من خلالها يلوح للعالم أو لطالب العلم أن يكتب في فن من فنون العلم ليجمع ما تفرق أو ليسهل ما تعسر أو يوجز ما كثر أو يشرح ما احتاج إلى شرح من العلوم التي يرى من الناحية العلمية أن الناس بحاجتها سواء على المستوى العام أو على المستوى العلمي الخاص، أو أن يبتكر من العلوم والطرق الجديدة في عرض العلوم وترتيبها أو جمعها على حسب نمط أو طرق حديثة.
والمؤهلات الروحية هي تقوى الله عز وجل وإخلاص العمل له والإتقان والعمل الجاد في العملية التعليمية من عدة جوانب الأصولية واللغوية والموضوعية والبحثية بشكل منظم ومدروس وبقدر كاف من الوقت والزمن؛ وكذلك دراسة ومعرفة طرق التأليف القديمة والحديثة بحيث يتواكب مع متطلبات المرحلة المعاصرة والقادمة.
س3: بصفتكم الأمين العام للجمعية العلمية بالجامع الكبير بصنعاء هلا أطلعتم القارئ الكريم عن تاريخ وحاضر الحركة العلمية بالجامع الكبير بإيجاز؟
وما هي المميزات العلمية والعملية لمخرجات الجامع الكبير أمام مخرجات المدارس والتيارات الوهابية الإخوانية؟
ج3: الجمعية العلمية للجامع الكبير بصنعاء لم تكن وليدة يوم وليلة بل هي امتداد للنشاط العلمي والتوعوي والتربوي وجهود ومساعي كبيرة وكثيرة ونتاج ذلك العمل الصالح السابق منذ بداية انتشار الإسلام وارتباط النشاط العلمي بهذه البقعة المباركة (الجامع الكبير بصنعاء) التي تهوي إليه أفئدة أهل الإيمان والحكمة والفقه من أهل بلد اليمن الميمون
فالجامع الكبير بصنعاء لم يكن مكانًا للعبادة فحسب بل هو مدرسة علمية ومركز إشعاع ومنارة علمية شامخة على مدى التاريخ اليمني فهو جامعة اليمن التاريخية ومركزها الثقافي والحضاري مثله مثل الأزهر في مصر والزيتونة في تونس والقيروان في المغرب على مر العصور منذ أن ارتفعت أسس هذا الجامع بأمر النبي صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ في السنة السادسة للهجرة ومازال الجامع يؤدي دوره الريادي في تخرج العظماء من المجتهدين والعلماء والأدباء ، رغم أنه كان يمر بظروف سياسية تقلص نشاطه وحين تزول يتوسع ويزدهر وتعلو منارته وتكثر ثمرته.
ففي بداية القرن الخامس عشر الهجري كان قد تقلص نشاط الجامع الكبير بصنعاء بسبب الظروف السياسية التي مرت بها اليمن خلال تلك الفترة من تغيير نظام الحكم وعدم الاستقرار الأمني ولكنه منذ أربعين عامًا عاد لأداء دوره الرسالي بعودة العلماء المخلصين الذي كان لهم الدور الكبير والفعال في إعادة الحركة العلمية ببداية التدريس للعلوم الشرعية وعلوم العربية في رحاب الجامع الكبير كالعلامة القاضي عبد الحميد معياد رحمه الله رحمة الأبرار والسيد العلامة أحمد محمد الشامي رحمه الله والسيد العلامة محمد بن محمد المنصور رضوان الله عليه والعلامة السيد أحمد محمد حجر والسيد العلامة حمود بن عباس المؤيد رحمه الله تعالى والسيد العلامة المفتي أحمد زبارة رحمه الله والسيد العلامة الدكتور الشهيد المرتضى بن زيد المحطوري رحمه الله وفي بعض المساجد كمسجد النهرين وكمسجد الفليحي وكذلك مشايخ القرآن الكريم والقراءات السبع كالشيخ الحافظ المرحوم حسن لطف باصيد والشيخ الحافظ محمد حسين عامر رحمهم الله تعالى والشيخ الحافظ يحيى بن أحمد الحليلي والذين دعوا طلاب العلم وكل راغب في الالتحاق بالتعلم في الجامع الكبير سواء طوال العام أو في الفترات الصيفية.
ففي خلال هذه السنوات التي تقارب أربعة عقود من الزمن تمكن الجامع الكبير من تخريج الأساتذة والمدرسين والمرشدين والمفتين والمسلم المثقف الواعي والمتبصر حتى توسع نشاطه بفتح مراكز تعليمية تابعة للإدارة العلمية في الجامع الكبير في بعض مساجد صنعاء وإرسال أعداد كبيرة من المدرسين المتخرجين من الجامع الكبير إلى عدد من القرى والمدن في عدة محافظات لأداء الرسالة التي تحملوها تدريسًا وتعليمًا ووعظًا وإرشادًا وتوعية وإصلاحًا بين الناس سواء طوال العام أو في الفترات الصيفية فكان النشاط العلمي يزدهر ويتوسع على مستوى عال وكبير.
ففي بداية التحرك العلمي عمد العلماء والمدرسون إلى تكوين إدارة عامة تدير وتنظم سير العملية التعليمية والإرشادية فأعدت اللوائح والخطط والتنظيم الهيكلي للإدارة وتحديد الأهداف العامة والتي من أهمها: تخريج جيل من حفظة القرآن الكريم وعلوم الشريعة على النهج السوي وتخريج علماء إفتـاء واجتهاد ودعاة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وكذلك الأهداف التعليمية مثل : تثقيف الطالب ثقافة إسلامية تشكل له حصانة تجاه النظريات والقيم الهدامة
وتعريف الطالب بعظمة الإسلام من خلال أحكامه ورؤاه في كل مجالات ميادين الحياة وذلك من خلال قراءة القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وإعداد وتدريب علماء ودعاة إلى الله تعالى إعدادًا علميًا وأخلاقيًا وخطابيًا ليتمكنوا من حمل رسالة الإسلام السمحاء ونشر الوعي والفضيلة في أوساط المجتمع، ونشر ثقافة ومبادئ الإسلام الأخلاقية والأخوية والإنسانية بين الطلاب وأفراد المجتمع على أسس الإيمان والمحبة في الله تعالى والاعتصام بحبل الله، وتعميق وترسيخ الفكر الإسلامي الصحيح فكر أهل البيت عليهم السلام لما يقود الأمة الإسلامية إلى الوحدة وتجاوز الخلافات المذهبية. وهذه أهم فوائد وثمار إقامة النشاط الصيفي المتمثلة بإقامة الدورات التعليمية خلال فترة الصيف التي كانت تستغرق مدة ما يقارب الثلاثة الأشهر التي يستفيد فيها الطلاب فوائد كبيرة جدا مقارنة بتحصيله العلمي وخصوصا في العلوم الدينية الشرعية وعلوم العربية التي لم تكن بالقدر الكافي للطلاب في المدارس الحكومية العامة فكانت الدورات تسد كثيرا من النقص في التعليم الديني الشرعي واللغوي وتقوم الدورات الصيفية إلى جانب التدريس بالتذكير والوعظ والإرشاد لأهل القرى الذي شغلوا بالتنافس على حطام الدنيا في الوقت الذي تتزايد فيه الفتن والمصائب على المسلمين من كل حدب وصوب حتى وصلت إلى المساجد محل الأمن والإيمان والخشوع والعبادة. وتم إنشاء الصندوق الخيري لدعم طلاب العلم الشريف لجمع التبرعات المالية من أهل الخير ومحبي العلم والعلماء وطلاب العلم لتيسير العملية التعليمية والإرشادية في الجامع الكبير ولم يكن هناك دعم للعلماء المعلمين وطلاب العلم غير ما جمع الصندوق الخيري من أهل الخير فحسب فلم يكن هناك دعم حكومي ولا حتى من الأوقاف التي وقفت للعلماء والمتعلمين والقراء والمقرئين في الجامع الكبير بصنعاء فلم يكن يصل إلى العلماء ولا طلاب العلم شيء فكان دعم الحركة العلمية ماديا من أهل الخير عبر الصندوق الخيري الذي يتولى العملية المالية توريدا وصرفا وإدارة الأمور المالية والحسابية وما يقوم به من مهام كالتغذية لمسكن الطلاب المهاجرين من عدة محافظات وإعانة المدرسين المحتاجين وتوفير مباغ مالية ولو قليلة كمرتبات للعاملين في إدارة الحركة العلمية و كان يقوم بطبع المقررات والمناهج وتوفيرها للطلاب واتسع النشاط العلمي على مدار العام وفي الفترات الصيفية من خلال توفير مأوى ومسكن طلابي المتمثل بداية بالغرف الصغيرة بجوار الجامع الكبير المعروفة بالمنازل والبعض منها بجوار مساجد أخرى حتى بني مسكن الطلاب جوار جامع البليلي الذي كان من محاسن ومساعي السيد العلامة الدكتور الشهيد المرتضى المحطوري رحمه الله وبعدها اتسع النشاط العلمي حتى أن المولى العلامة حمود بن عباس المؤيد رحمه الله اشترى بيتًا في حارة الأبهر بصنعاء القديمة من حر ماله وأوقفه وحبسه لطلاب العلم الشريف بالجامع الكبير كمسكن ومأوى لهم وجعل ولاية الوقف لإدارة الجامع الكبير بصنعاء المتمثلة في السيد العلامة المرحوم علي بن أحمد الشامي رحمه الله والسيد العلامة عبد الكريم بن عبد الله اللاحجي والقاضي العلامة عبد الله بن صالح الحاضري.
لذلك لم تكن مهمة المدرسين تقتصر على التدريس فقط بل كانوا يقومون بجهود كبيرة وفعالة بإدارة المسكن الطلابي والإشراف عليه وجمع التبرعات والمساعدات من أهل الخير التي يوزعونها على احتياجات المسكن الداخلي ومساعدة للأساتذة المحتاجين في الجامع الكبير والمراكز التابعة له.
وأدار الدكتور المرتضى رحمه الله تعالى الدورات الصيفية حتى انتقل إلى مركز بدر العلمي ثم كانت إدارة الجامع الكبير علميًا على يد العلامة الزاهد المجاهد علي بن أحمد بن يحيى الشامي الذي ببركاته وجهوده ازدهرت الحركة العلمية وأثمرت واتسع نطاق عملها إلى مراكز كثيرة في مناطق عديدة والذي كان يحرص رحمه الله تعالى على تأهيل المدرسين التأهيل الكافي من خلال إقامة الدورات التأهيلية للمعلمين قبل الفترات الصيفية يتلقى خلالها المعلمون طرق التدريس والدعوة إلى الله وفن الخطابة والتعامل مع المجتمع وهكذا كانت تقام الدورات التأهيلية قبل الفترات الصيفية بشكل مستمر وتم إعداد المنهج وتوزيعه على ستة مستويات في الدارسة المستمرة طوال العام وكذلك إعداد المنهج الصيفي وسألقي نظرة حول المنهج الصيفي والمقررات الدراسية ومراحل إعدادها ومميزاتها: كانت المقررات الدراسية التي أعدتها إدارة الجامع الكبير بصنعاء لتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية مبنية على أسس وأهداف وغايات لذلك مرت هذا المقررات بمراحل حتى وصلت إلى الحال التي هي عليه اليوم
أهداف عامة للمنهج:
تخريج جيل من العلماء والمتعلمين والدعاة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. والأهداف العلمية كانت كالآتي:
ومن وسائل تحقيق هذه الأهداف إقامة الدورات الصيفية في كل إجازة صيفية ومن خلالها يتحقق الآتي:
فتهيأ العلماء وطلاب العلم المستفيدون لخوض ميدان المعركة الفكرية مع الهجمة الشرسة على مذهب أهل البيت من خلال تدريس الطلاب الوافدين إلى ساحات الجامع الكبير والمساجد التي يقيمها من ينتمون إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام وأحيانا كانوا يخوضون معارك القتال والمكائد الطائفية الدخيلة مع تواطئ المقربين من الحكم العسكري الجبروتي فكانت مراحل الدورات الصيفية كالآتي:
المرحلة الأولى: تغطية المدارس والمساجد التابعة لإدارة الجامع بالمعلمين فحسب والمنهج كان متروكًا لاجتهاد القائمين على التدريس مع التنسيق مع الإدارة فمثلًا في مادة النحو: أحدهم يدرس ملحة الإعراب وآخر متن الآجرومية وآخر المتممة ...الخ وكذلك بقية المواد مثل: الفقه والحديث وأصول الدين .
المرحلة الثانية: مرحلة اتساع العمل وتنظيمه؛ حيث بدأت الإدارة بتحديد بعض المقررات من المناهج المتوفرة في الأسواق القديمة والمطبوعة إلى جانب اختيار بعض المواد التي كانت تعد في وريقات مثل الملزمة كمختارات من الحديث النبوي الشريف.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة إعداد منهج يناسب مستوى الطلاب الوافدين وطباعته وتصويره على شكل كتاب بحيث يكون بمقدور الطلاب توفيره بسعر مناسب.
المرحلة التكليفية: مرحلة تكليف الإدارة نخبة من مدرسي الجامع والطلاب المستفيدين بإعداد منهج مناسب لمستويات الطلاب بطريقة معاصرة مبسطة حيث وفرت الإدارة لهم الموارد المالية والعلمية وكان ذلك بتوجيه من سيخنا الراحل المجاهد الصابر علي بن أحمد الشامي رحمه الله تعالى وكانت تلك الجهود جهود شخصية فردية فكان من تللك المقررات كتاب الطهارة والصلاة للعلامة الوشلي وكتاب الزكاة للوشلي أيضًا وكتاب الصوم للأستاذ حفظ الله زايد وكتاب الحج للعلامة فخر العلوم مفهومها والمنطوق محمد الجراش وكتاب نصيحة لطلاب العلم للعلامة الوشلي وهذه كلها تكفل بطباعتها الصندوق الخيري لدعم طلاب العلم الشريف الذي كان يرأسه فضيلة الأستاذ المرحوم علي بن أحمد الشامي ومن ثم كتاب أقم الصلاة وكتاب الأربعين العلوية وكتاب الأحاديث والمأثورات ومقتطفات من نهج البلاغة أربعة أجزاء والعقيدة الصحيحة ومتن الآجرومية وغيرها.
مرحلة التعاون والتنسيق مع مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية وهذه المرحلة التي تم فيها جمع كل مقررات المواد في كتاب واحد بحيث يضم الكتاب الواحد كل مقررات المستوى الواحد,
ناهيك عما ما كان يتخلل المنهج الصيفي وكذلك منهج المستمرين من هجمات حكومية نتيجة لسياسة التحالف مع أمريكا في محاربة الإرهاب بين قوسين (الإسلام القرآني المحمدي) وكذلك نتيجة حروب الحكومة على أبناء محافظة صعدة حيث كانت الحرب العسكرية في صعدة وفي صنعاء الحرب الفكرية والتعسفية والمعنوية على معلمي ومدرسي الجامع الكبير والتي كان يقودها مثل وزير الأوقاف المعروف بولائه وعبوديته لآل سعود وكذلك وزير التربية والتعليم حيث أرادوا تغيير المناهج وتوزيع المدرسين ونقل عملهم من وزارة لأخرى مستعينين بالإعلام وضعفاء النفوس من المتمكنين في الحكومة.
مميزات المنهج:
منهج منطقي حيث رتبت موضوعاته ترتيبًا منطقيًا تصاعديًا فمثلا في الفقه: تعليم الصلاة للمستوى الأول، و الطهارة والصلاة والجنائز للمستوى الثاني، والصوم والزكاة والحج للمستوى الثالث، والنكاح في المستوى الرابع ...الخ وهكذا في جميع المواد.
منهج يلبي رغبات الطلاب وأولياء الأمور بمعنى أن المقررات الصيفية ترتبط باهتمامات الطلاب وميول أغلبية الطلاب الملتحقين بالدورات الصيفية نتيجة لسياسة تغييب الدين والهوية العربية الإسلامية من خلال حشو الكتب بالكلام الغير المفيد وتحميل الطلاب بمناهج تضيع المعلومات وتبعثر المفهومات جلها في ضع خطًّا أو وَصِّلْ أو لَوِّنْ.
منهج متناسب زمنًا من حيث تزامنه مع فراغ الطلاب في عطلة الصيف ، ومستوًى حيث يخضع الطلاب الملتحقون بالدورة الصيفية لامتحان قبول على أساسه يوضع الطالب في الحلقة المناسبة لمستواه ، وكذلك تجد المقررات الصيفية تتناسب مع المستويات الحكومية من التعليم الأساسي والثانوي.
منهج شرعي ثقافي إسلامي توعوي حيث ضَمَّ المواد التالية: القرآن الكريم والتجويد والتفسير والفقه والحديث النبوي المشتملة في نصوصها على التهذيب والحث على اكتساب المكارم واحترام الإنسان وتعظيم الخالق الديان ومجانبة الظلم والطغيان وغيرها من المواضيع الأخلاقية وأصول الدين والتركيز على العدل والتوحيد ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعريف بأهل البيت الطاهرين وبفضائلهم وواجب الأمة نحوهم لأن المجالات الأخرى يجدها الطالب ويكتسبها من مواردها ومراكزها في القطاع الخاص والحكومي ولا مانع من إعطاء الطلاب بعض هذه المواد إلى جانب المواد الشرعية ولكن حسب الإمكان.
ثم بعد ذلك انتخبت إدارة الحركة العلمية الأستاذ العلامة السيد عبد الكريم عبد الله اللاحجي مديرًا لها.
وبعد قيام ثورة 21 من سبتمبر المباركة قامت إدارة الحركة العلمية بالبحث عن معادلات لخريجي الجامع الكبير من الطلاب المتأهلين علميا والحاصلين على إجازات علمية من مشايخ العلم المعتبرين وكذلك الإجازات القرآنية من مشايخ القرآن المجيدين والمتخصصين في علم القراءات ليحصلوا على شهايد أكاديمية تمكنهم من المشاركة في العمل الحكومي الرسمي كمواصلة الدراسة الأكاديمية أو الالتحاق بسلك القضاء عبر المعهد العالي للقضاء أو العمل كمدرسين تابعين لوزارة التربية والتعليم وكذلك حرصت على المعاملة لدى الخدمة المدنية للحصول على درجات وظيفية لأولئك الخريجين ولكن المساعي كانت تصل إلى طريق مسدود بسبب عدم اعتماد تلك الإجازات العلمية وبسب إهمال الحكومات السابقة لدور الجامع الكبير التنويري الرائد وإغفالها لمخرجات الجامع الكبير حيث كانت تستطيع أن تعتمد مخرجات الجامع الكبير بمعاير علمية أكاديمية أو ما يعادلها كبقية الدول العربية والإسلامية في اعتمادها للمدارس العلمية العريقة فعمدت الإدارة إلى البحث عن كيان رسمي تستطيع من خلاله تطوير الحركة العلمية والخوض في المجال الحكومي الرسمي بموجب ما يكفله القانون والدستور فبدأت بتشكيل لجنة تحضيرية لإنشاء الجمعية العلمية للجامع الكبير واعتمادها لدى وزارة الشؤون الاجتماعية للعمل وقامت اللجنة التحضيرية بإعداد اللوائح والنظم وتحديد الأهداف والرؤى من خلال اللوائح السابقة للحركة العلمية مع ما يتطلب ويلزم من تطوير ونجاح الحركة العلمية وما يحقق طموحاتها وآمالها العلمية الدعوية وبحمد الله تعالى تم التأسيس والاعتماد من قبل الوزارة بعد إقرار اللوائح والنظم من جميع أعضاء الجمعية العلمية في اجتماعها الموسع لمناقشة تلك اللوائح والنظم وانتخاب الهيئة الإدارية وبحمد الله تم إقرار اللوائح والنظم وانتخاب الهيئة الإدارية برئاسة السيد العلامة عبد الكريم اللاحجي وذلك بتاريخ 30-3-2017م وعدد من الأعضاء في عامها الأول من التأسيس ثم تم انتخاب هيئة إدارية جديدة في 12-5-2018م برئاسة السيد العلامة شمس الدين محمد شرف الدين المفتي العام للديار اليمنية وعدد من الأعضاء وبدأت الهيئة الإدارية للجمعية العلمية مباشرة عملها حسب اللوائح والنظم وكل بحسب اختصاصه وبتعاون جميع أعضاء الجمعية وبقيام كل عضو بعمله وعلى ضوء الأهداف العامة المرقومة في مشروع النظام الأساسي للجمعية العلمية للجامع الكبير وهي كالتالي:-
1. الإشراف المباشر على الجامع الكبير بصنعاء من حيث تدريس القرآن الكريم وعلومه والسنة النبوية المطهرة وتخريج جيل من العلماء وحفظة القرآن الكريم والخطباء والمفتين.
2. إعداد وتدريب العلماء والخطباء والدعاة إلى الله إعدادا علميًّا وأخلاقيًّا ليتمكنوا من حمل رسالة الإسلام ونشر الوعي والفضيلة في أوساط المجتمع .
3. تقويم أخلاق النشء ومعالجة السلوك المنحرف والمحافظة على القيم الإسلامية الصحيحة عند الشباب والإشراف والمراقبة على كل المناهج المدرسية في المدارس العامة ومدارس تحفيظ القرآن في المساجد ومعالجة أي خلل قد يؤدي إلى فكر منحرف في المجتمع .
4. تعميق وترسيخ الفكر الإسلامي الصحيح فكر (أهل البيت عليهم السلام) بما يعود على الأمة الإسلامية بالتوحد وتجاوز الخلافات المذهبية .
5. العمل على رفع مكانة الجامع الكبير وتوعية الناس بدوره التاريخي وحمايته باعتباره من الآثار الإسلامية العظيمة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
6. متابعة توريد عوائد وغلول أوقاف الجامع الكبير وعلى الأخص العوائد الموقوفة على العلماء والمتعلمين وصرفها في مصارفها الصحيحة مع مراعاة شروط الواقفين وبالتنسيق مع مكتب الأوقاف بأمانة العاصمة .
ومما ميز الحركة العلمية في الجامع الكبير بصنعاء التي كانت متمثلة بالعلماء الأجلاء وعلى رأسهم مدير الإدارة العامة لتدريس القرآن الكر يم والعلوم الشرعية السيد العلامة علي بن أحمد الشامي رحمه الله أنها كانت مستقلة استقالا تاما وليس لها أي ارتباط داخلي أو خارجي بحزب ولا جماعة وكان دعمها ماليا من أهل البر والخير والإحسان عبر الصندوق الخيري وكان الصندوق يقبل التبرعات لدعم الطلاب بدون قيد ولا شرط ولا نسى الفضل الكبير الذي كان يقدم السيد العلامة المولى حمود بن عباس المؤيد الذي كان الداعم الأول للصندوق الخيري والذي كان يتكفل بمعظم حاجيات الطلاب لسنوات عديدة.
فالحركة العلمية ولله الحمد والمنة تم ربط الدراسة الشرعية بالدراسة الحكومية حيث يلتحق الطالب بالدراسة بالجامع الكبير لدراسة العلوم الشرعية إلى جانب التعليم الأساسي والثانوي حيث يتم الدراسة الشرعية صباحا وفي الفترة المسائية يدرس في التعليم الرسمي ثم تم دمجت الدراسة الصباحية بالمسائية حيث يبدأ اليوم الدراسي من بعد صلاة الفجر إلى قبيل صلاة الظهر ثم بقية الحصص بعد العصر فالطالب يدرس ثماني حصص يوميا على مدار الأسبوع ويبدأ قبول الطالب الحاصل على شهادة الصف السادس الأساسي ويتابع دراسته الحكومية وأما العلوم الشرعية فيتم الدراسة من المستوى التحضيري فالتمهيدي ثم الأول فالثاني إلى المستوى السادس الذي يتزامن مع التعليم الأساسي والثانوي (القسم الأدبي) فالطالب يدرس ما يدرسه كل طلاب الجمهورية اليمنية إضافة للعلوم الشرعية الأصيلة فيكون الطالب قد درس ستة مستويات وستة صفوف خلال ست سنوات وبما أن الحركة التعليمية على هذا المنوال داخلة في السنة الرابعة فهي بحاجة لاستمرار التعليم بمستوى أعلى وأرقى ومواكبة للتعليم الأكاديمي والرسمي حيث ستحل مشكلة اعتماد مخرجات الجامع الكبير بصنعاء فعمدت الجمعية العلمية إلى السعي الحثيث في إنشاء جامعة للجامع الكبير للعلوم الشرعية والإسلامية فقد تقدمت بطلب ترخيص أولي من وزارة التعليم العالي وهي في صدد إنشاء الجامعة ومما تجدر الإشارة إليه أن الجمعية العلمية عانت في البحث عن مبنى للجامعة وهو حجر الزاوية في بداية الدراسة في الجامعة وتريد أن يكون مبنى الجامعة قريبا جدا من الجامع الكبير لما له من قدسية في نفوس طلاب العلوم ورمزية الجامع الكبير التاريخية والإسلامية والحمد لله رب العالمين تم استئجار مبنى من وزارة الأوقاف والإرشاد وهو في المرحلة الأولى من الإعداد وإعادة التأهيل.
ما المميزات العلمية والعملية لمخرجات الجامع الكبير أمام مخرجات المدارس والتيارات الوهابية والإخوانية
أولاً: أصالة لمكان الجامع الكبير وأصالة العلوم التي تناقلها العلماء كابراً عن كابر لعلوم أهل البيت (ع) الذي يحمل روح الإسلام الحنيف بكل مميزاته الفكرية والروحية والعملية حيث لم يرو التاريخ ولم يرَ عبر الزمن من خريجي الجامع الكبير التكفيريين أو الانتحاريين أو الإقصائيين بل كان جامعة تحوي وتدرس جميع الآراء الأصولية الفقهية دراسة رزينة واعية، دراسة نقدية علمية لا انتقامية أو إقصائية.
ثانياً: مخرجات الجامعة يكون العالم قد جمع بعض العلوم المتعددة الموزعة اليوم في التعليم العام على عدة كليات فالعلوم الشرعية مثلاً التي تفرقت في عدد من الكليات اجتمعت في مدرسة الجامع الكبير حيث يجمع المنهج عدداً من الكتب في الأصولين وعلوم القرآن والتفسير ومصطلح الحديث والحديث واللغة العربية وكتب السيرة والتاريخ والأدب وغيرها.
ثالثاً: الخريج يجمع جمًّا غفيرًا من العلوم بحيث يستطيع بمؤهلاته أن يلتحق بالدراسات العليا في أي فرع من فروع اللغة العربية وعلوم القرآن والدراسات الإسلامية والالتحاق بمعهد القضاء وغيره من الدراسات العليا، وهذا ما يميز مخرجات الجامع الكبير حيث تكون جامعة.
س4: هل ترون المنهج العلمي الذي يدرسه طلاب العلم حالياً مواكبًا للواقع ومتطلبات العصر وقضاياه، وكيف يمكن أن يجمع العالم وطلاب العلم بين الأصالة والمعاصرة والنظر في المستجدات النظرة الشرعية الثاقبة المنسجمة مع روح الشريعة؟
ج4- المنهج المدرّس اليوم في الجامع الكبير بصنعاء مر بعدة مراحل منذ أن بدأت الحركة العلمية تنشط ويكثر عدد الطلاب حيث تم إدخال بعض الفنون بعد أن كان التدريس مقصوراً على بعض المواد الشرعية مبتدئاً من تدريس القرآن الكريم تلاوة وتجويدًا وتفسيرًا، وتدريس الحديث الشريف، وأصول الدين، وأصول الفقه، والفقه الخاص، والفقه المقارن، وعلم المواريث، والسيرة والتاريخ، وعلوم الآلة من بلاغة ونحو وصرف، إضافة للدورات والمحاضرات في الخطابة وأساليب الدعوة وطرق التدريس، أضف إلى ذلك حيث جمع بين الدراسة العامة والدراسة الشرعية حيث قسم المنهج إلى ستة مستويات موازية ومصاحبة للصفوف الحلقة الثانية من التعليم الأساسي (7-9) والتعليم الثانوي العام القسم الأدبي، ونحن بهذا نحاول أن نجمع بين الأصالة والمعاصرة بحيث لا يغيب عن طالب العلوم الشرعية العلوم العصرية بعد تخرج الطالب ودراسته لهذه الستة الصفوف والمستويات يستقبل الدراسة الجامعية في جامعة الجامع الكبير التي ما زالت تحت الإنشاء والتي تعني بمواكبة بقية المدارس الإسلامية في مختلف البلدان العربية والإسلامية، وبهذا نحاول أن يجمع طلاب العلم بين الأصالة والمعاصرة وأن يكون لهم نظرة منسجمة مع روح الإسلام الأصيل أمام القضايا المعاصرة والجديدة.
س5- هل يعطي العلماء والمتعلمون حقوقهم الوقفية الخاصة بهم من ريع أوقاف العلماء والمتعلمين بالجامع الكبير؟
ج5- بالنسبة لأوقاف العلماء والمتعلمين بالجامع الكبير خاصة بغض النظر عن أوقاف العلماء والمتعلمين عامة هي كثيرة جدًا على سبيل المثال: وقفية الأمير عبدالله بن يحيى بن الحسن الحسني في القرن الثامن الهجري حددت غربي صنعاء خصوصًا قرية عصر بجميع حدودها الممتدة شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا ثلث هذه الوقفية كما نصت الوثيقة القضائية للعلماء والمتعلمين والمفيدين والمستفيدين بالإقراء والقراءة ولم يكن يصل إلى العلماء والمتعلمين شيء منها حتى قيام ثورة 21 سبتمبر المباركة وبدأت مطالبة وزارة الأوقاف برعاية الحركة العلمية بالجامع الكبير وتم التعاون بشكل بسيط ثم تم المتابعة والمطالبة بمزيدة من رعاية الحركة العلمية ومن بداية هذا العام تم صرف ما يغطي احتياج الحركة العلمية بنسبة 60% وإن شاء الله نأمل تعاون وزارة الأوقاف والإرشاد مع الحركة العلمية بالجامع الكبير المتمثلة بالجمعية العلمية للجامع الكبير التي يرأسها مفتي الديار اليمنية السيد العلامة/ شمس الدين محمد شرف الدين في دعم الحركة العلمية كمدرسة علمية ودعم الجامعة جامعة الجامع الكبير التي هي قيد الإنشاء.
س6- بناءً على معاناتكم ومقارعتكم للثقافة الوهابية النجدية:
ج6/أ- الجنايات التاريخية للوهابية ورموزها بحق هُوية الشعب اليمني طبعًا دخلت الوهابية باسم الدين وبزي الدين وباسم التوحيد، وأهل اليمن بطبعهم الإيماني لا يعارضون الدين والإيمان؛ لكن الوهابية حاولت أن تنسف تاريخ الهُوية الإيمانية لليمانيين الذين أسلموا برسالة من رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ حيث عزلتهم عن تاريخهم الإسلامي العريق وجاءتهم بالفكر الوهابي كبديل عن هُويتهم الإيمانية شوهت الهُوية الإيمانية الأصيلة بادعاءاتها الكاذبة مثل محاربة الشرك والمشركين والقبوريين وأهل البدع، ونالت من رموز أهل اليمن الدينية كالنيل من الأئمة من أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا يمثلون الخلافة الإسلامية الصحيحة، ورمزوا رموزًا وهمية أو مصطنعة لمعوها كبديل عن رموز الدين الحقيقيين بحيث يسلخون أهل اليمن عن هُويتهم الإيمانية والإسلامية العريقة، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره.
ج 6/ ب- ومن الإجراءات العملية التي يمكن تعزيز الهُوية الإيمانية تصحيح المفاهيم والعقائد المغلوطة والفاسدة التي بثوها سواءً في المعاهد العلمية أو أدخلوها في مناهج التربية الإسلامية أو التي نشروها عبر وسائل متعددة كالبرامج الإذاعية والتلفزيونية والمدارس والمراكز التي أقاموها أو تبنوا إدارتها.
وكذلك تعزيز المفاهيم الصحيحة والعقائد الحقة بشتى الوسائل والطرق، وفتح المجال أمام الباحثين والدارسين نحو إخراج تراث أهل اليمن الثقافي الإسلامي من ظلمات الخزائن والمكتبات المغلقة والمحبوسة والممنوعة سواءً على المستوى الدراسي أو البحثي والتحقيقي وتعاون جميع الجهات على ذلك على المستوى الشعبي والحكومي.
س7/أ- هل هناك حاجة لإنشاء مراكز دراسات وأبحاث للمدارس العلمية؟
ب- ولماذا تغيب مراكز الدراسات والأبحاث في اليمن والعالم العربي وتحضر لدى الغرب.
ج- وما خطورة غيابها من وجهة نظركم؟
ج7/أ- الحاجة ماسة لإنشاء مراكز دراسات وأبحاث بشكل عام في الدول أو بشكل خاص للمدارس العلمية لما لها من دور في معالجة مشاكل كثيرة كالفقر والجهل ومكافحة الأمراض والأوبئة وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك ما يخص المدارس العلمية لتعزيز ورفع مستوى المعرفة المدروسة المحققة ومعالجة المشاكل التوعوية والإرشادية وأساليب الدعوة ورفد الناس فكرياً وثقافياً ورفد بعض وزارات الدولة التعليم والأوقاف التي من خلالها تستفيد من هذه الدراسات والأبحاث الدقيقة وكذلك كل ما استجد من قضايا تهم الناس وتصب في تحقيق العدل والسلام والعزة والكرامة.
وغيبت مراكز الدراسات والأبحاث لأنها ستخدم الشعوب وتسعى لرفع مستواها العلمي والثقافي والاقتصادي وكثير من حكام العرب لا يرغبون في ذلك، إضافة إلى العامل الخارجي الذي يحارب كل تطور وتقدم للبلدان العربية لتظل دول الاستكبار مهيمنة عليها وتظل الدول العربية سوقًا استهلاكية لمنتجات وصناعات الخارج وغير قادرة على النهوض والاستقلال.
وخطورة تغييب مثل هذه المراكز كما قلت سابقًا إن إنشاء هذه المراكز والدراسات والأبحاث مهم للغاية لما لها من دور فعال في نهضة الدول وتقدمها في جميع المجالات وغيابها سينعكس سلباً على نهضة الدول وتقدمها واستقلالها.
س8- من جهة نظركم ما الحلول والخطوات التي يمكن من خلالها مواجهة التغريب التي تستهدف اليمن والأمة الإسلامية على حد سواء؟
ج8- التغريب معناه طمس الهوية الإسلامية واستبدالها بالهوية الغربية في مجالات عدة في مجال الدين والقيم والمبادئ والعادات والتقاليد حتى في مجال نظام الحكم ونظام الدولة.
فالحلول والخطوات في مواجهة التغريب هو في تعزيز الهوية الإيمانية التي تعني إيماننا بالله وانقيادنا لحكم الله وتسليمنا لأوامر الله واتباع منهج الله في جميع مجالات الحياة ابتداءً من تلقينا عن الله منهجه وأوامره وتوجيهاته والسير عليها وذلك من خلال جوانب عدة منها الجانب الإعلامي بشتى طرقه، والجانب التربوي والإرشادي والثقافي، ومنها العودة للتعليم الشرعي الأصيل والاعتماد على العقل السليم والتفكير المستنير والتمسك بعاداتنا ومبادئنا وقيمنا المستمدة من ديننا الحنيف وفطرتنا السليمة وكذلك الاهتمام بتزكية النفوس والاهتمام بتربية الأولاد تربية إيمانية إسلامية أصيلة.
وعدم الغفلة عن أعداء الله وما يحيكون من مؤامرات ضد المسلمين ومواجهتها بكل قوة وبشتى الوسائل.
س9- بناءً على الوعي السياسي والإداري من خلال نهج البلاغة وما تضمنه عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر:
أ- ما المفهوم الإسلامي للسياسة وأسس إدارة الدولة.
ب- وما علاقة العلم والعلماء بالسياسة؟
ج- وما قولكم فيمن يقول إنه لا دخل للعلم والعلماء في السياسة؟
ج9/أ- المفهوم الإسلامي للسياسة هو القيام بأمور الرعية بمنهج الله سبحانه الذي جاء لإصلاح شؤونهم، لذلك يقول الإمام علي عليه السلام: (إنما الأئمة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده) وأسس السياسة الحكم بكتاب الله سبحانه وسنة رسول الله والقيام بأمور الرعية على أساس إصلاح شؤونهم لذلك كان من مهام الدولة جباية خراج البلاد وجهاد عدوها واستصلاح أهلها من خلال التعليم وتقديم الخدمات المختلفة وعمارة البلاد بتوجيه البلاد نحو التنمية واستغلال ثروات البلاد الطبيعية والبشرية والحضارة المعمارية وغيرها.
ج/ب- حسب مفهوم السياسة الشرعية فإن العلم يرتبط بالناس والقيام بما يصلحهم بمعنى العلاقة بين العلم والسياسة علاقة ضرورية وملازمة وكذلك علاقة العلماء بالسياسة لأن رأس الهرم في الدولة الذي يجب أن يكون مؤهلاً ومن المؤهلات أن يكون على الأقل من كبار العلماء حتى يتسنى له القيام بأمر الأمة، وعلاقة العلماء بالسياسة من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإعانة الإمام العادل والنصح له والإنكار على الإمام الجائر، قال رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله».
ج/ج- ونقول لمن يقول إنه لا دخل للعلم والعلماء في السياسة، إن فكرة فصل الدين عن الدولة جاءت من سلاطين الجور وإن هذه الفكرة لها تأصيلها الشرعي والديني وهي ظاهرة لمن له أدنى مسكة بالعلوم الشرعية وأيضاً هو هروب من تحمل المسؤولية وإلا فما عمل أهل الحل والعقد في الإسلام وما معنى الخروج على أئمة الجور.
س10- كيف تقيمون الأداء الحكومي لحكومة الإنقاذ، وما هو الدور الذي يمكن أن يقدمه العلماء لبناء دولة عادلة مستقلة؟
ج10- التقييم للدولة من حيث هو على أجهزة معينة في الدولة مثل الرقابة والتفتيش ولكن ما نلمسه أن الحكومة لا زالت ناشئة وفي ظروف العدوان والحصر ورغم ذلك تظهر مقومات الحكومة الجادة في بعض مهامها كبناء الجيش والدفاع وتطوير السلاح وكذلك الصحة وهيئة الزكاة فالأمور مبشرة، وبعضها الأداء فيها ضعيف كالقضاء والتربية وغيرها.
س11- لا يخفاكم تلك العناوين والمبررات التي أعلنها ورفعها العدوان على اليمن منذ بدايته وتبنتها قوى التكفير والارتهان واليوم وبعد مرور خمس سنوات من العدوان وتكشف الكثير من الحقائق؛ ما هي الأسباب الحقيقة للعدوان على الشعب اليمني من وجهة نظركم؟
ج11- الأسباب للعدوان على الشعب اليمني كثيرة منها والأهم فيها كما قال الله سبحانه: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد﴾[البروج:8]، وخصوصاً بعد عودة الناس إلى ربهم ودينهم الرجوع الحقيقي والنهوض الحقيقي في مناهضة الاستكبار العالمي ووجود القيادة الثورية الحكيمة واهتمام الشعب اليمني بقضاياه الكبرى على المستوى المحلي والدولي.
س12- ما المسؤولية الملقاة على العلماء والدعاة والمرشدين تجاه العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي اليهودي ولاسيما وهو يدخل عامه السادس؟
ج12- مسؤولية العلماء والدعاة والمرشدين مسؤولية عظيمة وكبيرة ومهمة فالله سبحانه يقول: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ﴾[الأحزاب:39]، فهم في مقدمة المسؤولية عن مواجهة العدوان حيث وهم قدوة الناس عامة فلا يعفى العلماء والدعاة والمرشدون من مواجهة العدوان بالنفس والمال والكلمة والتبيين والإرشاد والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
س13- هل هناك مبرر لمن يختار مسار الحياد وموقف الصمت من العلماء تجاه هذا العدوان؟
ج13- لا مبرر لهم طبعًا إلا الهروب من تحمل المسؤولية فليس للعلماء أن يختاروا مسار الحياد والصمت في أي قضية من قضايا البلاد والعباد بل هم كلمة الفصل في كل قضية من قضايا الناس والحياة فما بالنا أمام هذا العدوان الوحشي الذي لم يسبق له مثيل.
س14- تعرفون أن الحرب الناعمة صناعة أمريكية وأنها تستهدف منظومة القيم الأخلاقية والإيمانية والروح المعنوية الجهادية للأحرار في العالم الإسلامي وغيره فما مسؤولية العلماء تجاه الحرب الناعمة؟
ج14- كما قلت سابقًا يجب على العلماء تبليغ رسالة الله وتبيين ما أنزل الله من البينات والهدى.
ويجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الناس وتعليمهم أمور الدين كلها وتحذيرهم من خطر طمس هُوية المؤمن وتعزيز المبادئ والقيم والمحامد والأخلاق في الناس بكل الطرق والوسائل المتاحة وأن يكون العلماء حاضرين في أوساط الناس تعليمًا وإرشادًا ووعظًا ونصحًا.
س15- (القضية الفلسطينية) يُراد للقضية الفلسطينية التصفية والمحو من الذاكرة الإسلامية كقضية عادلة ومظلومية وأن تخضع للمبادرات والمساومات في سوق النخاسة الأمريكية فما رسالتكم للعلماء والشعوب الإسلامية تجاه هذه القضية والمظلومية؟
ج15- القضية الفلسطينية مظلومية امتدت لعشرات السنين حي صودرت الحياة والحرية والبلاد فهي مظلومية كبرى وهي قضية العرب والمسلمين المركزية التي يجب أن تكون سببًا في توحيد الأمة العربية والإسلامية وأن تكون قضية رئيسية داخل اهتمامات هذه الأمة وأن نتعاطى معها بجد وقوة فالرسالة الموجهة للعلماء بخصوص القضية الفلسطينية هو نصرة إخواننا المستضعفين في فلسطين، نصرة المسجد الأقصى بكل ما أوتوا من قوة بالمدد والعدد بالكلمة بالتبيين والتوضيح، مواجهة المؤامرات التي يمكن من خلالها مواجهتها بالتحرك الجاد والمسؤول والضغط على حكوماتهم الخانعة والخاضعة في قطع علاقتهم بالصهاينة وكذلك استنهاض الشعوب ودعوتهم إلى عدم القبول بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي ورفض كل المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد فلسطين وأبناء فلسطين والدعوة إلى عدم الاعتراف كدولة ومقاطعة الصهاينة سياسيًا واقتصاديًا والتحرك الجاد من خلال المظاهرات ووسائل الإعلام وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تدعم القضية الفلسطينية وتناهض الاحتلال الصهيوني.
س16- ما طبيعة العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى؟ ولماذا غيب دور مكة والمدينة تجاه قضايا الأمة وجراحها النازفة؟ وفي مقدمتها جرح فلسطين؟
ج16- العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى علاقة ترابط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم وتربط بين الأماكن المقدسة لرسالات الله دين التوحيد دين الإسلام جميعا. فالله في كتابه حين قال :﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾: كأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة التي كان مبتدأها من المسجد الحرام ومنتهاها إلى المسجد الأقصى إعلان وراثة الرسول الخاتم لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعا. فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان وتشمل آمادا وآفاقا أوسع من الزمان والمكان وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى.
كذلك البركة التي اختص الله تعالى بها هذين المسجدين العظيمين حيث قال الله تعالى في وصف المسجد الحرام ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾ وقال في وصف المسجد الأقصى ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾.
وغيب دور مكة المكرمة والمدينة المنورة لأنهما مأوى أفئدة المسلمين ومركز إشعاع وتنوير وهذا لا يخدم أعداء الأمة والحكام المرتزقة فأردوا أن يدجنوا المسلمين من خلال هذين المكانين المقدسين خدمة للأمريكان والصهاينة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم