يشكل تاريخ 26 من مارس 2015م علامة فارقة في حياة المرأة اليمنية اختلفت حياتها بعده وتحولت تحولاً جذرياً عما قبله ابتداء من التفاصيل الصغيرة إلى الأمور الكبيرة ووجدت نفسها فجأة في حالة استنفار دائم وانطلقت إلى ميدان العمل. فلم تدع مجالا يتناسب مع إمكانياتها إلا وعملت من خلاله بما يعزز صمود المجاهدين في الجبهات ويقوي عزيمتهم.
ورغم أن العدوان كان بصورة مفاجئة الا أنها تمكنت من امتصاص الصدمة واستيعاب الموقف بشكل بديهي وسريع وخلال عامين من النضال ضربت المرأة اليمنية أروع صور التضحية والصبر والإيثار والوفاء التي تذكرنا بكثير من النساء العربيات المسلمات من أل بيت النبي صلوات الله عليه وعلى أله أو من خارج بيت النبوة واللواتي كنَّ النماذج الرائعة والقدوة المثالية للمرأة اليمنية وهي تواجه هذه «الكربلاء الجديدة» فلم تتردد بالجود بأغلى ما تملكه سواء كان فلذة كبدها أو شقيق ظهرها أو أباً رؤماً رؤفاً بها تودعهم جميعا بالدعاء وتستقبل جثامينهم بالزغاريد وطلقات الرصاص وهي صامدة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي.
لقد أثَّر العدوان السعوصهيوأمريكي بالفعل على حياتها كمرأة فلم تعد تلك الأنثى الرقيقة المهتمة بأنوثتها وجمالها ومتابعة أزياء الموضة وأخر صيحاتها ولم تعد تلك المرأة المحصور اهتمامها في أبنائها وبيتها، والتفكير في حضور المناسبات الاجتماعية والتحضير لها فحسب بل إن العدوان جعلها تشمر عن إرادتها مستفيدة من تجربة المرأة اليمنية الصعدية وخبرتها التي اكتسبتها خلال الحروب الست وطورت منها بما يتناسب مع توسع العدوان وتنوع أدواته.
ولكي نتمكن من الاطلاع على تفاصيل هذا الأدوار الهامة التي اضطلعت بها المرة اليمنية في مواجهة العدوان لا بد لنا من استعراض هذه التجربة الغنية التي مرت بها المرأة اليمنية والتي صقلت شخصيتها وطورت من إمكانياتها ووضعتها على الطريق الصحيح الذي سيهيئها للمشاركة بفاعلية في بناء مستقبل الوطن.
لقد أدركت المرأة اليمنية أن هذا العدوان يختلف في شراسته عن أي عدوان أخر مر به الوطن حيث تعددت صوره ما بين:
وكل عنوان مما سبق أدركت المرأة أنه يشكل جبهة تحتاج منها الى المواجهة ولإعداد والتجهيز من خلال تفعيل العمل التطوعي على النحو التالي:
لقد عُرفت المرأة اليمنية بأنها أكثر نساء العالم عاطفة وأمومة وحناناً لدرجة أنها تظل متمسكة بدور الأمومة حتى بعد أن يكبر صغارها ويصبحون رجالا لكنها حين أدركت الخطر المحدق ببلادها لم تتوانى لحظة واحدة في الاستجابة دون تردد لتوجيهات القائد سلام الله عليه في إعداد وتجهيز قوافل المجاهدين من الأبناء و الاباء والأزواج والأخوة لدعم الجبهات التي تخوض المعارك في مواجهة العدوان سواء في الجبهات الحدودية أو الجبهات الداخلية ونقلت لنا وسائل الإعلام الوطنية صورا مبهرة لكثير من النساء اللواتي لديهن أكثر من ثلاثة أو أربعة من الأبناء أو الأخوة في الجبهات ورأينا عرائس لم يعترضن على ذهاب عرسانهن إلى الجبهات رغم أنه لم يمض على زواج بعضهن أكثر من أسبوع، ورأينا عرائس احتفلن بمراسيم عرسهن في غياب العريس الذي اضطر لترك عروسته تحتفل وحيدة وغادر إلى الجبهة للقيام بواجبه.
وكانت هذه المبادرة هي البداية الأولى للأدوار الهامة التي اضطلعت بها فيما بعد ومنها:
هذا على المستوى العام أما على المستوى الخاص فتمثل في:
ولم تكتف المرأة اليمنية بهذا الدور فهي لم تنسى واجبها الديني والوطني تجاه النازحين الذي شردهم العدوان من بيوتهم واضطرهم لمغادرة مدنهم فخصصت جزءاً من وقتها وجهدها للإهتمام بهم ومتابعة أوضاعهم وحل المشكلات التي تواجههم وتبني تنفيذ مشاريع تعتمد على التكافل الاجتماعي لجمع المساعدات لهم، إضافة إلى تفقد أوضاع الأسر الفقيرة ومساعدتهم على توفير الاحتياجات الضرورية.
وقبل أن أصل إلى نهاية هذا المقال لابد أن أوضح أن انخراط المرأة اليمنية في معركة المواجهة للعدوان لم تكن عشوائية وإنما كانت عملية منظمة تديرها كفاءات نسائية تضع الخطط وترسم الأهداف وترشد الإمكانيات وتضع أليات التنفيذ.