سيرة ذاتية للمرأة اليمنية في مواجهة عامين من العدوان

نشر بتاريخ: خميس, 18/05/2017 - 6:15م

يشكل تاريخ 26 من مارس 2015م علامة فارقة في حياة المرأة اليمنية اختلفت حياتها بعده وتحولت تحولاً جذرياً عما قبله ابتداء من التفاصيل الصغيرة إلى الأمور الكبيرة ووجدت نفسها فجأة في حالة استنفار دائم وانطلقت إلى ميدان العمل. فلم تدع مجالا يتناسب مع إمكانياتها إلا وعملت من خلاله بما يعزز صمود المجاهدين في الجبهات ويقوي عزيمتهم.

ورغم أن العدوان كان بصورة مفاجئة الا أنها تمكنت من امتصاص الصدمة واستيعاب الموقف بشكل بديهي وسريع  وخلال عامين من النضال ضربت المرأة اليمنية أروع صور التضحية والصبر والإيثار والوفاء التي تذكرنا بكثير من النساء العربيات المسلمات من أل بيت النبي صلوات الله عليه وعلى أله أو من خارج بيت النبوة واللواتي كنَّ النماذج الرائعة والقدوة المثالية للمرأة اليمنية وهي تواجه هذه «الكربلاء الجديدة» فلم تتردد بالجود بأغلى ما تملكه سواء كان فلذة كبدها أو شقيق ظهرها أو أباً رؤماً رؤفاً بها تودعهم جميعا بالدعاء وتستقبل جثامينهم بالزغاريد وطلقات الرصاص وهي صامدة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي.

لقد أثَّر العدوان السعوصهيوأمريكي بالفعل على حياتها كمرأة فلم تعد تلك الأنثى الرقيقة المهتمة بأنوثتها وجمالها ومتابعة أزياء الموضة وأخر صيحاتها ولم تعد تلك المرأة المحصور اهتمامها في أبنائها وبيتها، والتفكير في حضور المناسبات الاجتماعية والتحضير لها فحسب بل إن العدوان جعلها تشمر عن إرادتها مستفيدة من تجربة المرأة اليمنية الصعدية وخبرتها التي اكتسبتها خلال الحروب الست وطورت منها بما يتناسب مع توسع العدوان وتنوع أدواته.

ولكي نتمكن من الاطلاع على تفاصيل هذا الأدوار الهامة التي اضطلعت بها المرة اليمنية في مواجهة العدوان لا بد لنا من استعراض هذه التجربة الغنية التي مرت بها المرأة اليمنية والتي صقلت شخصيتها وطورت من إمكانياتها ووضعتها على الطريق الصحيح الذي سيهيئها للمشاركة بفاعلية في بناء مستقبل الوطن.

لقد أدركت المرأة اليمنية أن هذا العدوان يختلف في شراسته عن أي عدوان أخر مر به الوطن حيث تعددت صوره ما بين:

  • عدوان مباشر تمثل في:
  • القصف الوحشي لطيران العدوان بالصواريخ والقنابل العنقودية والأسلحة الفاتكة المحرمة دوليا لقتل كل ما ينبض بالحياة في الوطن ابتداء من البشر والحيوانات وانتهاء بقتل التربة الصالحة للزراعة.
  •  تدمير كل مقدرات الوطن وإمكانياته وبيئته الطبيعية والإنتاجية.
  • إثارة النزعات الطائفية والمذهبية التي نتج عنها فتح جبهات داخلية وتغذيتها بالمال والسلاح لتسهيل مهمة دول العدوان في تفتيت كيان الدولة اليمنية تنفيذا لمشروع تقسيم الوطن إلى أقاليم يسهل استعمارها والسيطرة عليها ونهب ثرواتها.
  •  استقدام دول العدوان لمقاتلين مرتزقة من خارج اليمن كالجنجويد وغيرهم.
  •  توظيف وجود العناصر التابعة للقاعدة وداعش لتكون داعمة للمقاتلين من المليشيات المرتزقة.
  • وعدوان غير مباشر تمثل في:
  • حصار خانق أغلق كل المنافذ البريه والبحرية والجوية والشريانات الاقتصادية التي تربط اليمن بالعالم.
  • تمكين المرتزقة من الاستحواذ على كل إيرادات الدولة لتحقيق انهيار الوضع الاقتصادي الداخلي.
  • وأخيرا نقل البنك وتوقيف المرتبات والتي تعتبر المرأة أكثر فئة متضررة اقتصاديا من هذا القرار كونها المسؤول الرئيسي عن تدبير أمور معيشة البيت.
  • التضليل الاعلامي وقلب الحقائق من خلال استنساخ القنوات التلفزيونية الوطنية وشراء أقلام كثير من الأسماء الثقافية البارزة وتوظيف ثلاث من القنوات الإعلامية الشهيرة لقلب الحقائق وتزييفها.

وكل عنوان مما سبق أدركت المرأة أنه يشكل جبهة تحتاج منها الى المواجهة ولإعداد والتجهيز من خلال تفعيل العمل التطوعي على النحو التالي:

  • رفد الجبهات بالمقاتلين

لقد عُرفت المرأة اليمنية بأنها أكثر نساء العالم عاطفة وأمومة وحناناً لدرجة أنها تظل متمسكة بدور الأمومة حتى بعد أن يكبر صغارها ويصبحون رجالا لكنها حين أدركت الخطر المحدق ببلادها لم تتوانى لحظة واحدة في الاستجابة دون تردد لتوجيهات القائد سلام الله عليه في إعداد وتجهيز قوافل المجاهدين من الأبناء و الاباء  والأزواج والأخوة لدعم الجبهات التي تخوض المعارك في مواجهة العدوان سواء في الجبهات الحدودية أو الجبهات الداخلية  ونقلت لنا وسائل الإعلام الوطنية صورا مبهرة لكثير من النساء اللواتي لديهن أكثر من ثلاثة أو أربعة من الأبناء أو الأخوة في الجبهات ورأينا عرائس لم يعترضن على ذهاب عرسانهن إلى الجبهات رغم أنه لم يمض على زواج بعضهن أكثر من أسبوع، ورأينا عرائس احتفلن بمراسيم عرسهن في غياب العريس الذي اضطر لترك عروسته تحتفل وحيدة وغادر إلى الجبهة للقيام بواجبه.

وكانت هذه المبادرة هي البداية الأولى للأدوار الهامة التي اضطلعت بها فيما بعد ومنها:

  • تخفيف عبئ الدولة في الإنفاق الاقتصادي على المجهود الحربي من خلال :
  •  جمع التبرعات سواء بالمساهمة المباشرة بتقديم المال والحلي والمدخرات أو من خلال إقامة الفعاليات التسويقية والتبرع بعائداتها للجبهات.
  • تجهيز القوافل الغذائية للمساهمة في توفير ما تحتاجه الجبهات من إمداد وتموين غذائي
  • تحولت (التفرطة) النسائية - التي كانت المرأة تلتقي فيها بصديقاتها بهدف إضاعة  الوقت والتسلية - إلى ورش جماعية ومعامل لتجهيز الكعك والذمول للمجاهدين وتحمل أعباء وتكاليف إعدادها وتجهيزها
  • الاهتمام بتوفير جعالة وحلويات الأعياد في المناسبات الدينية للمجاهدين في الجبهات من أجل تعزيز التماسك النفسي لديهم.
  • التبرع بتوفير الملابس والأحذية للمجاهدين وتجهيز احتياجات المتارس من اللحافات والأغطية والخيام.
  • المشاركة في المسيرات الشعبية والوقفات الاحتجاجية للتنديد بالعدوان وتقديم مظلوميتها  وصوتها للعالم.
  • فضح المؤامرة على اليمن وكسر التعتيم الإعلامي لدول العدوان وما تقوم به في اليمن من جرائم وانتهاكات للقوانيين الدولية من خلال المشاركة في الجبهة الإعلامية والجبهة الثقافية ووسائل التواصل الاجتماعي وحملات التغريد التي يعدها ناشطون سياسيون واعلاميون وقانونيون وثقافيون.

هذا على المستوى العام أما على المستوى الخاص فتمثل في:

  • بذل كل الجهد في رفع مستواها الثقافي والسياسي ومتابعة المحاضرات والندوات الثقافية مما جعلها قادرة على استيعاب قضية العدوان بأبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية الخطيرة.
  • الالتحاق بدورات الإسعافات الأولية والتطوع للعمل في المستشفيات التي تستقبل الجرحى.
  • التزامها سياسة التقشف المنزلي والتدبير الاقتصادي لشؤون البيت والاستغناء عن الكماليات.
  • تبني شعار المقاطعة الاقتصادية والبحث عن بدائل.
  • التوجه إلى مراكز التدريب والتأهيل واكتساب مهارات حرفية لإيجاد مصادر دخل تساعد في تحسين المستوى المعيشي.

ولم تكتف المرأة اليمنية بهذا الدور فهي لم تنسى واجبها الديني والوطني تجاه النازحين الذي شردهم العدوان من بيوتهم واضطرهم لمغادرة مدنهم فخصصت جزءاً من وقتها وجهدها للإهتمام بهم ومتابعة أوضاعهم وحل المشكلات التي تواجههم وتبني تنفيذ مشاريع تعتمد على التكافل الاجتماعي لجمع المساعدات لهم، إضافة إلى تفقد أوضاع الأسر الفقيرة ومساعدتهم على توفير الاحتياجات الضرورية.

وقبل أن أصل إلى نهاية هذا المقال لابد أن أوضح أن انخراط المرأة اليمنية في معركة المواجهة للعدوان لم تكن عشوائية وإنما كانت عملية منظمة تديرها كفاءات نسائية تضع الخطط وترسم الأهداف وترشد الإمكانيات وتضع أليات التنفيذ.