نصرة المظلومين فريضة لا تقبل الحياد

نشر بتاريخ: أحد, 25/09/2016 - 10:30ص
الكاتب: 

لا بد للامة من رجال صادقين في العهد مبلغين للحق ذابين عن العرض غيورين على الحرم ينتصفون لكل مظلوم ينابذون كل ظالم يكونون ذوي وعي وبصيرة وحكمة في تبليغ رسالات الله أصحاب شجاعة وبسالة وصبر هؤلاء العظماء يألفون ويؤلفون رحماء فيما بينهم أعزة على الكافرين غلاظ على المنافقين يسعون للآخرة حق سعيها

همهم وهدفهم أن يقوم الناس بالقسط وأن تكون كلمة الله هي العليا وراية المستكبرين الظالمين هي السفلى هؤلاء النفر أو البقية هم الناجون غدا قال تعالى { فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ (مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) .وقال سبحانه: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)

هؤلاء العظماء لا يرضون بالذلة والأذية والإساءة فعندما تصدر إساءة من إنسان بحق أخيه الإنسان ويقع عليه ظلم وبغي من قبل أي إنسان أونظام أو قبيلة أو أسرة ضد أناس مسالمين ضد أبرياء {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا} وعندما تتوسع شهية ورغبة المسيء والمعتدي والباغي المتكبر فتتطور من إساءة بالقول إلى أذية باليد أو العصى أو السوط أو الحجر ثم إلى إبادة بحزام ناسف أو سيارة مفخخة أو ذبح بالسكاكين أو إحراق بالنار أو إغراق في الماء أو انتقام بالقنابل والطائرات والصواريخ والقصف كل ذلك يصدر ويقع من قبل الظالمين البغاة بهدوء أعصاب وتلذذ وارتياح وكأن ما يمارسونه من إجرام وعدوان  وظلم وقتل وتدمير وإفساد ممنهج  و متعمد وإهلاك للحرث والنسل كأن لكل ذلك شرعية وشريعة تحله وتحببه وتزينه في قلوب هؤلاء الطواغيت وأعوانهم وما على الناس أمام ما يمارسه هؤلاء المجرمون من عدوان وإجرام إلا أن يسجدوا لله سجدة الشكر لله على ذلك وبعدها يقدموا جزيل الشكر والامتنان لأصحاب هذه الشرعية –هذه السنة الشيطانية والبدعة الفرعونية والشرعة القارونية أحلها وأجازها وشرعن لها في هذا العصر السلفيون والإخوانيون في اليمن وغيرها وعضوا عليها بالنواجذ كسنة حسنة وشرع مقدس-حتى يبرروا ركونهم للذين ظلموا الشعوب ويشرعنوا لتحالفاتهم مع الجبابرة والظلمة من ملوك نجد والخليج البطرين المترفين الذين يمارسون أبشع الجرائم والمنكرات والفواحش ويرضخون لكل الإملاءات والأوامر الأمريكية الصهيونية.

عندما يصل بعض البشر- المحسوبون على الإسلام والقرآن والسنة والصحابة والتابعين والسلف ويسمون أو يلقبون بــــــــــ ولاة الأمر- أهل البيعة وأصحاب الحل والعقد وخدام الحرمين- يصلون إلى هذا الحد من الفتك والوحشية والإساءة والتزوير والتغرير وتكون إساءتهم وظلمهم وبغيهم على مرأى ومسمع من المسلمين ونرى من يسبح بحمدهم ويشكرهم على كل منكراتهم ومخازيهم وعهرهم وخبثهم وحقدهم وكبرهم وظلمهم وبغيهم وجرائهم ويعتبرها حلال وجائزة بل واجبة وجوبا شرعيا لأنها تحقق مصالح ومقاصد الشريعة كما صرح بذلك وأفتى –كمثال- السديس خطيب وإمام الحرم المكي والزنداني رئيس جامعة الإيمان باليمن ورئيس هيئة علماء اليمن والقرضاوي وغيرهم كثير كلهم أحلوا وجوزوا وباركوا العدوان والحرب على اليمن وليبيا وسوريا ودعوا للمجرمين بالتوفيق والسداد والنصر وتحرير الأرض اليمنية من المحتلين حسب زعمهم و فتاواهم وبياناتهم وكأن الصهاينة الغاصبين قد هربوا بعد تحرير فلسطين إلى العاصمة صنعاء أو العاصمة السورية.

وأمام هذا التزوير  الكبير والممنهج والتغرير والتلبيس من قبل من انتسب للإسلام ويتكلم باسمه هل وقف كل مسلم مع نفسه وقفة نقاش ومسائلة واستثارة لفطرته السليمة واستنطاق لمحكم الآيات ليعرف ما هو الواجب الذي عليه اتخاذه ؟ وما هي المسؤولية الملقاة على عاتقه ؟ وما هو الخيار والخطوات التي يجب أن يقوم بها كإنسان مكلف وكفرد مسلم يخاطبه الله تعالى ويناديه في كثير من آياته بأن يكون من المؤمنين ومع المؤمنين موالي لمن يواليهم ومعادي لمن يعاديهم ومعلن للبراءة ممن يظلم الناس ويهلك الحرث والنسل ويعيث فسادا في الأرض ؟؟وماهي العواقب والآثار والتبعات لمن يرى ويشاهد الظلم والبغي والعدوان ثم لا يتخذ موقفا أو يقوم بخطوة لنصرة المظلوم والمعتدى عليه وردع و زجر هذا الظالم ؟؟ وهل خيار الصمت والحياد مقبول عند الله وعند المظلومين ممن يؤيدون ويشكرون المجرمين على إجرامهم والقتلة على مجازرهم؟ وممن يدعون لهم بالتوفيق والسداد فيما يرتكبونه من جرائم ويستحلونه من محرمات ويقعون فيه من محظورات ويمارسونه من عدوان فاضح وبشع بحق المستضعفين من الرجال والنساء والولدان؟ حتى لو كان هؤلاء المؤيدون للظالمين المباركين لعدوانهم الشاكرين لإجرامهم علماء أو دعاة أو عباد مهما بلغوا من العلم او كبرت مكانتهم في أعين الناس فبعد أن يؤيدوا ويحللوا للظلمة ظلمهم وللمعتدين عدوانهم فلا احترام لهم ولا محبة ولا ولاء بل تسقط عدالتهم ويرمى بها في سلة المهملات. وكذلك الصامتين والمحايدين مهما كانت مبرراتهم أو تحفظاتهم أو أعذارهم إن جاز أن نصفها بالأعذار فهذا لا يعفيهم البتة عن نصرة المظلومين من الأبرياء وإعلان موقف واضح إزاء الظلم الواقع بحقهم النازل عليهم.

بل إن من الغريب والمثير  أن نرى فئة أو شريحة من الناس عوضا عن أن تكون من علية الامة كالعلماءيقفون موقف الحياد أو المتفرج من الظالم الباغي الواقع في الإثم والعدوان المهلك للحرث والنسل؟ متجاهلين أو متناسين  العواقب والآثار لحياد المحايدين وصمت الصامتين وانعزال المعتزلين الذين يرون الوحشية والمجازر والسحل والذبح والهدم للبيوت على ساكنيها وهم نائمون آمنون فنراهم يعتزلون ويجلسون على التل بحثا عن السلامة وهروبا من الإثم والفتنة حسب زعمهم وتبريرهم

كل ذلك أسهم بشكل كبير جدا  في تمادي الظالمين وانفتاح شهيتهم وتوسع أطماعهم لارتكاب المزيد والمزيد من المحرمات والمنكرات والمجازر والظلم والطغيان بحق الأمة

فلا بد من الإسهام والسعي في إزالة الغشاوة وبيان الحقيقة وكشف الزيف والزور وقول كلمة الحق  كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان ـ أو أمير ـ جائر ) والمعني بالخطاب النبوي قبل غيرهم العلماء والدعاة والمرشدون والمثقفون والكتاب من الأقربين والأبعدين المحسوبين على الدين والعلم والمعرفة والثقافة والحقوق والحريات.

 لقد سمعت بأذني قائلة تقول- وهذه القائلة على وشك التخرج من معهد محسوب على الدعوة والإرشاد والتوجيه- تقول: الإنسان حر في اختياره فمن حقه أن يكون مع السعودية ومن حق الآخر أن يكون مع اليمن وهكذا تحت شعار الحرية والاجتهاد يظل المظلوم مظلوما والمستضعف مستضعفا والمحروم محروما ويزداد المتكبرون تكبرا والمفسدون فسادا والشواذ شذوذا وإجراما وقتلا بناء على قاعدة وموروث أموي وهابي  يقول:لقد اجتهد الإمام علي في قتاله معاوية فأصاب فله أجران ولقد اجتهد معاوية في قتاله ومخالفته وبغيه وعصيانه للإمام علي فأخطأ فله أجر واحد ثم قيل رضي الله عن معاوية الذي قاتل الإمام عليا ورضي الله عن الإمام علي كذلك

 كذلك قيل هذا قبر عمار بن ياسر و حجر بن عدي رضي الله عنهما المظلومان اللذان قتلا وذبحا برضى و أمر من معاوية -رضي الله عنه- وهكذا دواليك إلى طواغيت وظلمة هذا الزمان ومرتزقتهم فأسسوا من خلال هذه الثقافة بدعة الترضي عن المؤمن والمنافق والمعتدي والمعتدى عليه والقاتل والقاتل فأصيب الإسلام في مقتل وشرعن لكل طاغوت يبيد الشعوب ويتخذ مال الله دولا وعباد الله خولا وصار  البغي والإجرام الأموي والعباسي والعثماني والمصري والسعودي سنة حسنة  وطريقةمتبعة يؤجر عليه كل تافه وسفيه وحقير وصبي ومترف وغلام متلاعب بأرواح الأمة مسترخص لأرواحها مستحل لأعراضها متاجر بثرواتها مبدد لثرواتها ومهين لكرامتها

إن البغي والإفساد والكبر والظلم كله ظلمات ومحظورات ومحاذير يجب أن تتقى ويحذر من الوقوع فيها كل مسلم ومسلمة امتثالا لنهي الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إيَّاكُمْ وَالظُّلْمُ فَإنَّهُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

سواء كان الظلم على المستوى الفردي أو الاسري أو الدولي فهو محرم بالفطرة والعقل والشرع يحرم السكوت عنه أو الصمت على مرتكبه

أما إذا  صدر الظلم من دولة بحق شعب يظلم ويقتل ويحاصر ويباد وتمحى قراه وتدمر مؤسساته وبناه التحتية ومعالمة الأثرية وحضارته وتاريخه وهويته ويمارس عليه ما مارسته قريش و التتار والمغول بحق المسلمين فهذا أشد حرمة وخطرا فتكون المسؤولية والتكليف على كل مسلم أشد وأعظم في التحرك التحرك الجاد والحثيث لتخليص المظلوم  ونصرته وإنقاذه من سطوة الظالم وعندما يخيم الصمت ويسود الخنوع تتعاظم المسؤولية على جميع المسلمين فردا فردا حتى يكون السعي لنصرة المظلوم فرض عين علىى كل مسلم حتى لو لم يتحرك الآخرون ويعتبر الحياد في مثل هذه الحال وهذا الظلم والعدوان كبيرة من الكبائر وجريمة كبرى وعار سيلاحق المحايدين إلى يوم القيامة إلا أن يتوبوا وينضموا إلى صف المظلوم.

إن الواجب على كل مسلم التحلي بالبصيرة والوعي والحذر من الممالئة والمباركة والتأييد و الانضمام جهات أو جبهات القتلة والمجرمين بل الواجب على كل مؤمن صادق الوقوف إلى جانب المستضعفين مهما كانت التهديدات والمبررات والشبه التي لا تنطلي إلا على ضعاف الإيمان أو من في قلبهم مرض أو الجالسين على التل طلبا للسلامة والراحة.

إن الواجب التكليفي والفرض العيني على كل مسلم ومسلمة هو السعي بكل السبل والوسائل الممكنة والمتاحة لنصرة المظلومين والصدح بكلمة الحق أمام الجائرين وإغاثة المكلومين وإنقاذ الضحايا وإدخال السرور والأمل إلى قلوب المضطهدين والوقوف بكل إيمان بالله وثقة به في وجه الظلمة البغاة الذين يريدون استعباد العباد وإذلالهم وقهرهم حتى لا تتعرض الأمة إلى مزيد من تسلط الأشرار والظلمة وحتى تكون بعيدة عن النقص الذي أصاب بني إسرائيل و تستحق عقوبة الله وسخطه ووعيده الشديد الذي أشار الله إلى ذلك بقوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)

 و قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا قدست أمةٌ لا تأمر بمعروفٍ، ولا تنهى عن منكرٍ، ولا تأخذ على يد الظالم، ولا تعين المحسن، ولا ترد المسيء عن إساءته)

وقال أيضا: إن من كان قبلكم كانوا إذا عمل العامل منهم بالخطيئة نهاه الناهي تعذيراً حتى إذا كان الغد جالسه وآكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئته بالأمس، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم.

وقال الحبيب المصطفى في هذا ذات الشأن محذرا لأمته من الصمت والسكوت أمام الخاصة المترفين والشرذمة المجرمين: إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تكون العامة تستطيع أن تغير على الخاصة فإذا لم تغير العامة على الخاصة عذب الله العامة والخاصة. 

الدلالات: