رسالة شكوى إلى الملك المقتدر

نشر بتاريخ: جمعة, 17/06/2016 - 4:16م

شكوى إلى الملك المقتدر

رسالة الى الملك المليك المقتدر ، إلى العزيز الجبار المتكبر ،إلى الغني الحميد،إلى المعز المجيد إلى المبدى المعيد، إلى الفعال لمايريد،إلى من قال: فإني قريب أجيب دعوة الداع ؛ وقال ربكم ادعونى أستجب لكم؛ ويستجيب الذين آمنوا ؛ إن الله يدافع عن الذين آمنوا ؛ وكان حقا علينا نصر المؤمنين ؛ إلى من قال: أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؛ ولايردبأسه عن القوم المجرمين .

رسالة شاكية باكية ، من شعب طريح جريح ،يستغيث بربه ويصيح ، من شعب أهانه ولاته، وخدعه دعاته ،وخانته رعاته، ومزقته مذاهبه وأحزابه،وعضته كلابه ،ونهشته طواهشه وذئابه، وتآمرعليه المندسون ،الذين يدََّعون الانتماء إليه وهم كاذبون .

أكثر من ثلاثين عاما وهو يكافح ويكابد ،ويباطش أسباب الحياة ،فى صادر ووارد، فى جميع النواحى والجهات، وعلى جميع المستويات.

فى كل عشرة منه فقيرومريض، وفي كل عشرين مغترب، وفي كل ثلاثين مصاب بحالة نفسية،وفى كل أربعين معدم لايجد رسوم المدرسة، وفى كل خمسين معوق ،وفى كل ستين محبط، وفى كل سبعين مديون،وفى كل ثمانين مجنون، وفى كل تسعين يائس،وفي كل مائة مفقود.

شعب كل يوم يسحب ويضرب، ويقتل ويسجن، من أجل لقمة العيش،شعب أذله أمراؤه، وأضله علماؤه،حتى إذا بلغ من المصائب أثقلها، ومن المتاعب أجهدها، ومن المعائش أنكدها، ومن الوسائل أركدها، إفتقر إلى ماتعافه الكلاب الأفرنجية، وتأباه الحيوانات الخليجية، فى هذه اللحظات العصيبه والمحن المذيبة، أقبل العدوُ اللدود، ومعه آلهته من النصارى واليهود، ليجهز عليه، ويدمر مابقى لديه.

أقبل وهو يحمل من الحقد والحنق مالا تسعه القفار،ومن النذالة والحقارة مالاتغسله البحار، يحمل من الخبث ماترجمته الطائرات ، وخطته الصواريخ والقاذفات، فباغت صنعاء الوادعة الهاجعة ، ليلا حين نزل ربه من السماء ، ليلهو بالأشلاء والدماء .

فقامت صنعاء من منام أحزانها، ومكان أشجانها ، وقد فقدت وعيها وصوابها، وجهلت نوافذها وأبوابها قامت وقد ابيضت ذوائبها، وانفضت عصائبها ، ووضعت كل ذات حمل ما حملت، وذهلت المراضع عما أرضعت وصعق الأحياء في مضاجعهم،وخرج الموتى من مهاجعهم، وظنوا أن الساعة قد قامت،والقارعة قد وقعت ، قامت صنعاء المعزولة مرعوبة مذهولة، قد سقط لثامها وطارقرطها وزمامها، تتحسس أطفالها، وتلملم أوصالها،وقد تمزق وشاحها،وتدفقت جراحها، وهى تصرخ مَن هذا الخسيس الذي نجس سماءها،ولوث هواءها ودنس ترابها وماءها؟ إنه عدو جاوز الأعراف والأصول، وتعدا حد كل معقول، فمنع الضياء والهواء والماء والغذاء، وعلاج المرضى وإسعاف الجرحى ،ودفن الموتى وإنقاذ الصارخ من الأطفال والنساء ،فدمرخطوط المواصلات،وقصف دور المستشفيات (وما نقموامنهم الا أن يومنوا باالله العزيز الحميد ) أو لكلمة مشهورة في الزمن الغابر البعيد ؛ ( نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد ) فبقيت شجا فى حلوقهم وحقدا دفينا فى قلوبهم،يرثونه ويورثونه.

وهذا الهجوم المشؤوم ليس وليد دقائق ولحظات، بل جُزِمَ به في بداية السبعينيات، ووضعت أسسه في منتصف العشرينيات ،وفي بداية الثمانينيات نظمت عناصره المهمات تحت عدة مسميات، وهابيات، سلفيات، إخوانجيات، سنيات الى اخر المسميات .

لكن هذا الشعب فيه من العزة والكرامه والنخوه والشهامة ماحبب إليه الصمود وكتب له الخلود، كأنما خلق لمقارعة الفتن والنوائب، ومنازلة المحن والمصائب.

اللهم إن عدونا يدعو آلهته فتجيبه، وتلبي طلبه، وتهبه ما يريد.وأنت ربنا ومولانا ليس لنا رب سواك، ولانعبد إلا إياك،نحن مواليك وأبناء مواليك، وأنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير. وهانحن ندعوك، ونرجوك،فأجب دعانا وحقق رجانا ؛ اللهم إنا ندعوك بأياد مبتورة،ونفوس مقهورة، بأجسام مفحمة،ووجوه مهشمه، وبيوت مهدمة، بأشلاء مبعثره، ومرافق مدمره، ومساجد مفجرة، ومدارس مهدره،بالثكالى الفاقده، بالجباه الساجده،بالافئدة الفارغه،بالابصار الزائغة، بالاطفال الخائفه، بالضلوع الراجفه، بالدموع الذارفة، لايخفى عليك شئ، ولا يعجزك شئ، فهل لنانصيب من رحمتك،وجزء من رأفتك، وقدر من قدرتك، وحظ من غيرتك، ياغوثاه ياغوثاه، دركاه دركاه.

اللهم لاتخذلنا وقد إلتجأنا إليك، و اعتمدنا عليك،إستجرنا بك ووقفنا في بابك،يامن جاره لايضام،وركنه لايرام،وجوده لا يحد،وبأسه لايرد. اللهم إن الظالم قد طغى وفسق، والعالم قدأجمع واتفق،والخناق قد اشتد والبلاء قد امتد، وظهر أهل النفاق، وخرجوا من كل دهليز وزقاق، وبابك أوسع من الفضاء، وأمرك أسرع من القضاء والجار تحميه الكرام وإن أساء وظلم صابرون محتسبون ولغارتك منتظرون .