مــــع المجاهـــدين الجرحــــــى

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 29/03/2016 - 4:31م

أخي الجريح من أنــت؟!

 أنت المجاهد الصادق الذي ثبت  في ساحات الجهاد حتى جرحت وما جراحك إلا دليل ثباتك ولولا الثبات لما جرحت، وأنت لا تزال مجاهداً ، ولكنك في فترة نقاهة «استراحة محارب» تتطبب وتداوي جراحك بفارغ الصبر شوقاً إلى الجبهات التي فيها زكت نفسك وارتقى إيمانك وفيها التقيت وتعرفت بإخوة مجاهدين صادقين مؤمنين باعوا من الله نفوسهم وأرواحهم..

أنت أخي المجاهد الجريح من عقدت البيع مع الله فبذلت روحك ومالك في سبيل الله فإن شاء أخذها دفعة وإن شاء أخذها دفعات، ولايزال عقد البيع قائماً لأنك زميل  الشهداء الذين قال الله فيهم { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ} وأنت والمجاهدون الباقون هم من قال الله فيكم {وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} كما أنكم أيها الجرحى المجاهدون من  ينطبق عليكم أنكم الربانيون الذي نزل فيكم وفي أمثالكم قوله سبحانه { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} لقد نزلت المواساة لكم من الله سبحانه ألا تحزنوا عندما قال سبحانه { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}وأنتم المستجيبون الذين مدحهم الله بقوله { الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}..

ومن نعم الله عليكم أيها الإخوة المجاهدون الجرحى  أن جهادكم لم يتوقف ولا يتوقف بسبب جراحكم بل الجهاد باب واسع وجبهات متعددة فإذا  كنت معذوراً عن حمل السلاح فلست معذوراً عن الجهاد بالكلمة والجهاد بالدعاء والصلاة والتسبيح والنصيحة لله ورسوله فبإمكانك أن تكون ثقافياً من الدرجة الأولى لاسيما وأنت من قد صدقت بدمك وموقفك فكيف سيكون وقع كلامك وأنت من قد جاهدت حتى جرحت، لا شك أن لكلامك تأثيراً كبيراً على كل القلوب والآذان..

 

أجــر الجريح المجاهــد:

يقول سبحانه {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ويقول صلى الله عليه وعلى آله (والذي نفسي بيده لا يُكْلَمُ أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله - إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك) ويقول (ما اغبَّرت قدمان في سبيل الله إلا حرمهما الله على النار).. وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة) ويقول (ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) فإذا كان هذا أجر من يصاب وليس في جهاد في سبيل الله فكيف بمن كانت جراحه وآلامه وهو مقبلٌ غير مدبر يجاهد في سبيل الله سبحانه؟ وإذا كان الحديث الشريف يقول بأن رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، فكيف برائحة الجريح في سبيل الله؟!..

نعم هذا هو أجر الجريح في سبيل الله ، فالجريح هو مرتبة بين الشهيد و المجاهد، فالجريح تعدى الامتحان الأول في الاستجابة لداعي الجهاد فاستجاب، ولا يعني عدم استشهاده في سبيل الله أن الله غير راضٍ عنه أو أنه لا يحبه، كلا وإنما لم يستشهد لأنه لا يزال له دور ومهمة يقوم بها ولنا في جهاد الإمام علي (ع) عظة وعبرة فلقد كان يعود من المعارك والغزوات وهو من هو في إقدامه وشجاعته ، وقد جرح في المعركة فيعود وعينه تذرف دمعاً وبعض قرناءه فرح ضاحك بنصر الله إلا أن الإمام علياً كان يعود باكياً فيقول له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ما يبكيك يا علي؟ فيقول: أبكي على حرماني الشهادة في سبيل الله، فيقول صلى الله عليه وآله : يا علي إنها من ورائك، فعدم استشهاد الإمام علي في بدر وأحد والأحزاب وخيبر ليس لأن الله غير راض عنه وإنما لأن المسيرة طويلة وعليه مهام وأدوار سيقوم بها في مواجهة القاسطين والناكثين والمارقين كما حصل فعلاً، وهكذا كل جريح يفي بعهده مع الله سبحانه.

 

معنويـــات الجرحــــى:

الروح المعنوية هي الإيمان الذي يحمله الإنسان بين ضلوعه وفي قلبه،  وهذه الروح المعنوية هي النفسيات التي تعتبر أهم شيء في المجاهد، فالتغيير دائماً يأتي من الداخل إلى الأحسن أو إلى الأسوأ ، قال الله سبحانه { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فالعدو قد ينال من المجاهد عضواً من أعضاءه يده أو رجله أو أي موضع من مواضيع جسمه الطاهر لكن ذلك لا يؤثر على روحه المعنوية وإيمانه بالله ولا يضر ولايزيد المجاهد ذلك إلا أجراً وثواباً ورفعة عند الله سبحانه ، أما إذا استطاع العدو أن ينال من معنوياتنا ونفسياتنا وإيماننا، فهذه هي المصيبة التي لا أجر فيها ولا ثواب معها والتي تجعل الإنسان إذا لم يتدارك نفسيته فإنها ستنهار روحيته الجهادية والإيمانية وسيتدهور يوماً بعد يوم حتى يجد نفسه خارج دائرة المجاهدين وإذا به بدلاً من أن يعيش روحية التضحية والبذل والعطاء في سبيل الله يصبح يعيش بروحية الانهزام والتشكي والتبرم والضيق والانتقاد غير المنطقي على كل صغيرة وكبيرة،

وهذا ما يجب أن يتنبه له المجاهد الجريح ويتعاهد نفسيته الإيمانية ويحافظ على المدد الروحي الإيماني من خلال المحافظة على قراءة القرآن والبرنامج اليومي لرجال الله والثقافة القرآنية والمعاهدة على الصلاة في أوقاتها والإكثار من التسبيح خصوصاً والمجاهد الجريح يظل لأوقات طويلة لا يدري ما يصنع،

 في هذه الأوقات يستطيع أن يشحنها بالتسبيح والدعاء والابتهال والتضرع والقراءة المفيدة والحفظ للقرآن الكريم والاتقان له تلاوة وتجويداً من خلال الوسائل الحديثة كما يستطيع أن يفعلَ الشيءَ الكثير والكثير إذا ما كانت معنوياته مرتفعة حتى لو كانت جراحه بليغة فالعدو لا يستطيع أن يصل إلى إيماننا وأرواحنا ومعنوياتنا ؛ لأنها بيد الله سبحانه وممتلئة بالإيمان بالله سبحانه وتعالى..

 

مواقف عظيمة:

ما أعظم ذلك المشهد الذي نشاهده في وسائل الإعلام أو من خلال زيارتنا للجرحى عندما نرى مجاهداً طريح الفراش لكن معنوياته عالية ومرتفعة عندما يطلق تلك التصريحات النارية ويتوعد الغزاة بجهادهم حتى آخر قطرة من دمه، وأنه يتحرق شوقاً للعودة إلى الجبهة وينتظر بفارغ الصبر التئام جراحه ليلقى العدو مرة أخرى، وكيف لا يتمنى ذلك وهو من قد عقد الصفقة الرابحة مع الله سبحانه، وإذا كان الشهيد كما ورد في الحديث الشريف يتمنى وهو في نعيم الجنة أن يعود إلى الدنيا ليقاتل ثم يقتل ثم يعود فيقاتل ثم يقتل لما يرى من أجر الشهادة..

فإذا كان الشهيد يريد أن يترك الجنة ليعود إلى الدنيا ليجاهد في سبيل الله فكيف لا يتمنى من لا يزال على ظهر الدنيا أن يعود إلى الجبهة ليقاتل في سبيل الله ولا زال بإمكانه أن يقاتل في سبيل الله سبحانه..

لقد كان الأعداء يتوقعون أن معنويات الجرحى قد ضعفت لكنهم عندما يسمعون هذا المجاهد الجريح وهو بمعنويات مرتفعة لم تؤثر فيها الجراح فإنهم يصابون بالإحباط واليأس لأن مجاهداً بهذه الروحية الجهادية لا يمكن أن يهزم طالما ومعنوياته قوية لم تنهزم.

هذا المشهد عندما يراه المشاهد والزائر يشرأب عنقه ويرتفع رأسه برجال عظماء كهؤلاء؛ لأن موقفاً كهذا لا يصدر إلا عن الرجال الربانيين الذين قال الله عنهم { فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}..

 

برنامـج المجاهديـــن الجرحــى:

يقضي رجال الله المجاهدون من الجرحى أوقات طويلة يملون فيها أنفسهم من كثرة القعود والجلوس والنوم والانتظار، هذه الأوقات الذهبية يستطيع الجرحى أن يحولوها إلى خارطة طريق وبرنامج عمل تتحول معها المستشفيات ومراكز الرعاية إلى مواقع تدريب وتأهيل ومقرات تربية ودورات توعوية وثقافية بل يستطيع المجاهدون الجرحى أن يجعلوا منها مدارس يتخرج منها العظماء في وعيهم كما تخرجوا من جبهات العزة عظماء في تضحياتهم..

يستطيع المجاهد الجريح أن يجعل من سريره محراباً للصلاة والتبتل والذكر والتسبيح والدعاء وقراءة القرآن ويستطيع المجاهد أن يحول من سريره مترساً يرسل منه سلاح الدعاء لزملائه المجاهدين في كل المحاور والجبهات..

ويستطيع المجاهد الجريح أن يجعل من قعوده في المستشفى رباطاً في سبيل الله إذا ما استغل أوقاته في حفظ القرآن وتنمية وعيه وتقوية إيمانه ؛ لأن النفس إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ولأن المؤمن كما قال سبحانه { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وغير المؤمن كما قال سبحانه { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}..

 

أخــلاق المجاهــد الجريــــح:

أخي المجاهد الجريح: لقد صبرت على غارات الطيران ودوي المدافع وأنت  اليوم أكثر صبراً على ألم الجراح وتأخر الخدمات أحياناً لأن الصبر بالنسبة للجريح هو الخلق الرفيع الذي يجعل من الجراح مكاسب للأجور والثواب ويحول دون أن يضيع الأجر بالمنّ والأذى نتيجة عدم الصبر، فالصبر طريق النصر وهو زاد المجاهد وكما أن الصبر في الجهاد مطلوب للمجاهد فإن الجريح لا يزال مجاهداً يحتاج إلى الصبر خصوصاً وأن الملل قد يؤثر عليه، كما أن على الجريح أن يستشعر أن هناك من زملائه من لا تزال جراحهم طرية يحتاجون إلى الإسعافات الأولية لتضميد الجراح وإيقاف النزيف،  فإذا تأخرت عليه خدمة طبية فلربما كان الأطباء مشغولين عند زميل له وصل للتو من الجبهة وهو في حالة الخطر بينما هو لا خطر عليه ربما إن حصل تأخير قليل، ولنتذكر حال الجرحى الأوائل الذين كانوا يطرحون تحت شجرة ويفرش لهم كرتون وتخاط جراحهم ربما بخيط فتلة من فتيل الملابس ، وكم هو الفرق بين رعاية اليوم والرعاية التي كانت تحصل لهم ومع ذلك كانت هممهم وعزائمهم كبيرة جداً ، لا يشتكون ولا يتذمرون ولا يتبرمون وإنما يقابلون هذه الرعاية بصدر منشرح وثغر مبتسم وقلب مطمئن ؛ لأنهم في سبيل الله ومن الله باعوا أنفسهم وأموالهم فكانوا هم السابقين.

كما أن من أهمِّ أخلاقِ المجاهدِ الجريح حسنَ الظن بالناس وخصوصاً القائمين على تقديم الرعاية والخدمات الطبية فمن حسن فعله حسن ظنه، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (خصلتانِ ليس فوقهما شيء من الخير؛ حسن الظن بالله وحسن الظن بالناس، وخصلتان ليس دونهما شيء من الشر، سوء الظن بالله وسوء الظن بالناس).

 

أخطــاء ينبغي التنـبه لهـا:

1- من الأخطاء التي تحدث داخل مراكز الرعاية الطبية والمستشفيات المزاح بين المجاهدين أو المرافقين لهم والتي تبدأ بالضحك والفرح وتنتهي بالضيق والمقاطعة والجراح الأليمة في النفوس التي تعتبر أكثر ألماً من ألم جراح الجسد وهذا خطأ فالمزاح الذي يعتمد على السخرية من البعض مخالف للثقافة القرآنية التي قال الله سبحانه عنها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (المزاح بريد العداوة) فالمؤمن لا يستهزئ بأخيه المجاهد قال صلى الله عليه وآله وسلم (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)..

والمؤمن لا يستهين بالكلام الجارح قال صلى الله عليه وآله وسلم (رب كلمة لا يلقي لها الإنسان بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً) وعندما قال بنو إسرائيل لموسى (ع) عندما أمرهم بذبح بقرة {قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} فإذا كان هناك مزاح بدون تنقيص من أحد كالحكايات القديمة أو التي لاتحدد شخصاً من الحاضرين فلا بأس بها أما إذا كان المزاح قائماً على التنقيص من أحد فهذا لا يجوز ولا ينبغي لمسلم عرف الثقافة القرآنية.

2- من الأخطاء التي تحدث في مراكز رعاية المجاهدين الجرحى؛ كثرة النوم عند البعض وتأخير الصلاة عن أوقاتها وعدم الاهتمام بالنظافة والبرنامج والإكثار من تناول القات لفترات متأخرة من الليل مما يسبب تأخير التعافي من الجراح وتأخير الصلاة عن أوقاتها وربما يؤدي إلى سوء الأخلاق نتيجة اختلال برنامج الليل والنهار وبسبب السهر والأرق وإزعاج من يريد النوم مبكراً وغيرها وهذه الأمور تضرب نفسيات المجاهدين، فالصلاة عمود الدين ولم يعذر الإنسان عن أدائها حتى وهو في جبهات القتال المشتعلة فكيف وهو بدون عمل ولديه الأوقات الطويلة بدون عمل، وقد وصف الله المؤمنين { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}.. فهؤلاء هم المؤمنون أيها المجاهدون المؤمنون..

3- من الأخطاء التي تحدث داخل مراكز إيواء المجاهدين الجرحى: الإدمان على اللعب بالتلفون والفيسبوك والواتس آب والتلجرام والإكثار من استخدامها لفترات طويلة بل إن البعض لو نظر إلى المصحف مقدار ما ينظر إلى التلفون لكان من حفاظ القرآن الكريم ومن كبار الثقافيين..

 

مع أن البعض لا يتابع الشيء المفيد وبشكل محدود وإنما يدخل في سفاسف الأمور وهذا من أكبر الأسباب التي تتدهور بسببها نفسيات المجاهدين حتى إن البعض لا ينتبه إلا وقد تغيرت نفسيته لأن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح بيد شياطين الإنس والجن لضرب النفسيات وتغيير المعنويات فالعدو قد لا يستطيع أن يضربنا في المعركة بالطائرة والصاروخ وغيرها ولكن أمريكا وإسرائيل التي تسخر هذه الوسائل لإفساد المجتمعات قد تستطيع أن تضربنا في مراكز الرعاية الطبية بسهام الغزو الثقافي عبر الفيسبوك والواتس آب والانترنت، وهذا ما يحتاج المجاهد الجريح أن يتسلح بسلاح الوعي أمام الغزو الثقافي الذي يطلق رصاصه وقذائفه في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بكل هدوء وأن يبعث سمومه وأن ينشر ثقافته الإفسادية خصوصاً، في جهاز التلفون الذي يختلي صاحبه به ولا يشاهده إلا هو والله المطلع عليه من ورائه.

 وقد يكون الملل وطول الأمد سبباً ؛ لأن يتوجه المجاهد الجريح لقضاء الوقت في هذه الأعمال التي يعتبرها تسلية ولكنها في حقيقة الأمر معركة مع العدو في جبهة الغزو الثقافي ينبغي أن تحذر منها ؛ لأنها سلاح بيد الأعداء لتدمير الأخلاق وإفراغ القلوب من الإيمان وقد وصف الله سبحانه المؤمنين بقوله { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} ووصف غير المؤمنين بقوله { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ}..

4- من الأخطاء التي تحدث داخل مراكز الرعاية للمجاهدين الجرحى:

بعض التصرفات الخاطئة من قليلي الوعي أو من بعض المرافقين الذين لم يأخذوا دورات أولم يتثقفوا بالثقافة القرآنية فقد يقوم بعض هؤلاء بتصرف معين يغير من الهدوء والسكينة والانسجام بين بقية المجاهدين الجرحى، وهنا لابد من الحفاظ على ملزمة الأسبوع وسماع المحاضرات النافعة حتى يتثقف من لم يتثقف ويتعلم من لم يتعلم ؛ لأن المرافق إما أن يكون جليساً صالحاً يرفع من معنوياتك ويخفف من آلامك ويزيد من صبرك وعزيمتك وإما أن يكون رفيق سوء ويشغلك بالطلبات المالية ويزرع فيك الطمع للمال وأنت المجاهد الذي بعتَ من الله نفسك ومالك فإذا ما حصلوا على جرعة في الوعي فإن هذا سيغير من تصرفاتهم نحو الأحسن ويجعلهم لا يبالون بالتقصير نحوهم من الناس وإنما سيبالون بتقصيرهم أنفسهم مع الله ومع دين الله سبحانه ومع زملائهم من المجاهدين..

فأزمة الوعي أزمة كبيرة تسبب كل أزمات القيم ومصيبة عدم الوعي أكثر من مصيبة جراحنا وآلامنا..

 

المعاقون من المجاهدين الجرحى:

هذه الشريحة العظيمة من الشهداء الأحياء، دورهم كبير ومسؤوليتهم عظيمة في أن يتجهوا إلى جبهات الجهاد الثقافية ليوعوا أنفسهم بشكل كبير ويتسلحوا بالثقافة القرآنية والوعي الكامل ثم يعودوا إلى المجتمع ليغرسوا فيه الثقافة القرآنية والوعي الكامل ..فهم إن حملوها ونقلوها للناس سيكون تأثيرهم كبيراً لأنهم قد ثبت صدقهم وإيمانهم ولا موعظة إلا من متعظ فكيف بالمجاهد الجريح الذي سيلقي محاضرة وقد بذل رجله أو يده أو عينيه ، إنها نور على نور وحجة فوق حجة..

هؤلاء أعظم أثراً من أكثر الخطباء والعلماء الذين لم يجاهدوا ولم يجرحوا، وهذه الجبهة هي أم الجبهات والمجاهد فيها من أعظم المجاهدين، فعلى الجريح المعاق أن ينمي قدراته ويوطن نفسه على أن يستمر في مسيرة الجهاد والعطاء فيما هو ميسر له وقد يسر له الكثير والكثير، بهذا العمل العظيم ، { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}والمجاهد الجريح المعاق ليس معاقاً إلا عن حمل السلاح لكنه متاح له أن يقدم دين الله وأن يبذل من العطاء الكثير والكثير في هذا الجانب، وإنه ليسير على من يسره الله له، وهذا مهم جداً كي يفي الإنسان بعهده مع الله سبحانه ويكمل مسيرته الجهادية في سبيل الله حتى يكون ممن ينتظر وما بدلوا تبديلاً.. والسلام عليكم أيها المجاهدون الجرحى حين تصبرون وحين تسبحون وتستغفرون وحين تستفيدون من  أوقاتكم المباركة وحين ترجعون إلى  جبهات القتال في سبيل الله وفي كل حين.