مودة آل سعود لآل يهود

نشر بتاريخ: سبت, 09/01/2016 - 11:07ص

مـــودة آل سعود لآل يهـود

عندما وقع الصحابي حاطب بن أبي بلتعة في خطأ كبير ومعصية محظورة تمثلت بكشفه سرا ًاً من أسرار الإسلام الحربية وتقديمه تنازلاً تمثل برسالة كتبها لقريش يخبرهم فيها بأن الجيش الإسلامي قادم من المدينة إلى مكة بقيادة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنزل الوحي ليكشف ما أقدم عليه حاطب من فعلٍ محرم ونزلت آيات القرآن الكريم  مبينة عظيم الجرم الذي أقدم عليه حاطب وإن حاول تبرير خطأه وتقديم المسوغات التي جعلته يقدم على مثل هذا التصرف المحرم فكان للقرآن الرأي والقرار الفصل في هذا الشأن وتمثل هكذا مسألة فصلاً قاطعاًحتى أن الحمية  أخذت بعض الصحابة مأخذا قاسيا وجعلته يقول في حضرة الرسول: يا رسولَ اللهِ إنه قد خان الله ورسولَه والمؤمنين دَعْني أضربْ عُنقَه فكان الخطاب القرآني فاصلا وصارما وحازما وقطعي الدلالة وكان التحريم للفعل الذي قام به وأقدم عليه تحريما قاطعا يغلق الباب في المستقبل لأي تسهيلات أو تنازلات لأعداء الله وأعداء المؤمنين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة:1[.

إن النداء أو الخطاب في هذه الآية هو للمؤمنين الذين آمنوا بالله تعالى وهو خطاب حي يجب أن تعيه أذن كل مسلم ومسلمة في العالم وتفقهه عقولهم وتكون عليه حياتهم وتبنى عليه ثقافتهم العملية فالله تعالى ينهى المؤمنين نهيا قاطعا أن يتولوا أعداءه وأعداء المؤمنين ويحرم عليهم أن ينقلوا لهم أسرار الإسلام أو تحركات الدولة الإسلامية -ولا نعني بالدولة الإسلامية دولة داعش والقاعدة والوهابية بل دولة العدل والحق والرحمة والأخوة والتعايش والتعاون على البر والتقوى -الدولة التي من أهدافها وغاياتها أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر والشرك والوثنية هي السفلى..

 وبالتأمل والتدبر في هذه الآية نجد السر الذي لأجله حرم الله التساهل والتعاون مع الكافرين من يهود ونصارى ووثنيين وغيرهم فالكفر ملة واحدة حيث بين أنهم يحاربون الحق ويجحدونه والحق كلمة عامة وواسعة ومن أعظمه وأجله القرآن الذي أوحاه الله إلى نبيه محمد وكذلك إنكارهم للنبوة أو الرسالة التي بعث الله بها خاتم رسله واصطفاه لتبليغها فإذا كان هؤلاء يسيئون ويجحدون أعظم مقدس في الحياة والكون فما دونه بالأولى وهذا ما أشارت إليه الآية حيث بين الله تعالى أن بين الكفر وبين الإيمان الذي يحمله المؤمنون عداوة وكراهية متأصلة قال تعالى(يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم)أي :كراهة أن تؤمنوا بالله ربكم بسبب إيمانكم بالله ربكم حين وحدتموه وعبدتموه وحده يخرجوهم لهذا السبب فهم يعادون المؤمنين والمؤمنات في العالم لأنهم يحملون صفة الإيمان أو لقب الإسلام فهم يحملون عقدة ضد الإسلام والمسلمين .وفي نهاية الآية الكريمة يذكر الله تعالى النتيجة الخطيرة والعاقبة السيئة التي ستترتب على من يسعون ويسارعون إلى مد يد الصداقة ويلقون بالمودة لأعداء الله وأعداء المؤمنين حيث يقول تعالى:(ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل).و(قد) هنا واقعة في جواب الشرط وهي تفيد التحقيق والتأكيد بمعنى أن من تكون سياسته وتحركاته فيها إسرار بالمودة أو تقديم تسهيلات للأعداء فهم ممن تأكد انحرافه وضلاله عن الصراط المستقيم

وبناءً على النتيجة والجزاء في الآية وبنظرة دقيقة وهادئة وعادلة إلى الواقع العربي والإسلامي القريب والبعيد نجد أن أنظمةً عربية تدعي الإسلام وتزعم أن القرآن دستورها ومرجعيتها في التعامل وعند الاختلاف ونجد ملوكا وأمراء وولاة أمر ورؤساء يعتبرون أنفسهم ممثلين للأمة الإسلامية والعربية لكن علاقتهم وتواصلهم بأعداء الله وأعداء المؤمنين أكثر بكثير من علاقتهم وتواصلهم بشعوبهم ورعيتهم وطلبهم لود اليهود والنصارى ومسارعتهم فيهم له الأولوية بل إن شرعية حكمهم وسياستهم مستمدة من توليهم لهم واتباعهم لأهوائهم لا من الشعوب الإسلامية والعربية التي تعاني منهم الويلات ليل نهار

نجد أن العلاقة بين ملوك وأمراء الخليج -كمثال- صارت علاقة وثيقة وقوية وتزداد كما نرى ونسمع متانة وتطويرا ولها أبعاد استراتيجية ولو دققنا النظرة إلى النظام السعودي مثلا سنجده منذ أن أنشأ إلى اليوم يقوم على علاقة متجذرة ببريطاني وأمريكا علاقة كان وما زال لها آثارها السيئة ونتائجها الكارثية على واقع الأمة بل تطورت العلاقة والمودة حتى وصلت آثارها وامتدت جذورها الخبيثة إلى بني صهيون المحتلين لأولى القبلتين وثالث الحرمين ولا يخفى على الشعوب العربية ولا سيما العلماء والخطباء والمثقفين والكتاب ودكاترة الجامعات ما تقدمه مملكة الشر والكراهية والإرهاب لإسرائيل من مبادرات مذلة ومهينة وخدمات لم تكن تحلم بها إسرائيل نفسها

إن ما تقدمه المملكة هذه الأيام من تنازلات كبيرة واستراتيجية تخدم الكيان الإسرائيلي وتقويه وتجعل إرضاءه أولوية قصوى على حساب المستقبل العربي والإسلامي الذي يتعرض لأكبر مؤامرة وأخطر مكيدة في تاريخه القديم والمعاصر

و ما تشاهده العيون وتبثه القنوات الفضائية -من حقائق دامغة ووثائق مؤكدة تبرهن وتدلل على مدى المودة العملية من آل سعود لليهود في هذه الأيام لا سيما من بداية العدوان الغاشم والتحالف الآثم على اليمن  -كل ذلك كاف  لاتخاذ الموقف الإسلامي القرآني الذي يجب أن يكون عليه كل مسلم ومسلمة يؤمن بالله واليوم الآخر هذا الموقف يعتبر من صميم الدين وجوهر الشريعة وهو في نفسه موقف تعبدي نتقرب به إلى الله تعالى وهو الموقف الذي اتخذه الخليل إبراهيم مع أبيه بعد أن تبين له أنه عدو لله تعالى قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} ويعتبر موقف إبراهيم مع أبيه موقفا يجب أن يتأسى به كل مسلم  ويكون عليه امتثالا لقول الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحده}

وبما أن آل سعود قد أظهروا النفاق البواح والصريح والجلي والموثق بالصوت والصورة والكتابة فيجب أن يكون موقف كل مسلم إزاء هذا النفاق منهم مستمدا من القرآن وعلى ضوءه يكون التحرك العملي ويتمثل هذا التحرك في خطوات منها :-

- معاداتهم والتعامل معهم كأعداء حتى تكون منهم التوبة النصوح (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) وكذلك بغضهم وكشف حقائقهم وما هم عليه من وزر وإثم ومخالفة ليتحصن المجتمع الإسلامي من شرهم ومكرهم وفجورهم وفسادهم ومؤامراتهم.

- الحذر منهم أشد الحذر واليقظة الكاملة من كل أساليبهم الماكرة والحذر كذلك من أبواقهم وعلماء السوء المعاونين لهم والمحللين لهم كل محرم والمبيحين لهم كل منكر

- جهادهم ومواجهتهم بغلظة لا سيما عندما يقترن نفاقهم بالعدوان والبغي والإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل واستضعاف الناس والهيمنة عليهم وحكمهم بالحديد والنار.

- السعي والتحرك للتحرر من وصايتهم وإسقاط عروشهم وفضح تآمرهم على العالم العربي والإسلامي

- الدعم والمساندة لكل المؤمنين والمستضعفين والأحرار الذي يواجهون صلف رأس النفاق أسرة آل سعود المعتدية والمجرمة والتي أعلنت حربا وتحالفا ظالما ضد الشعب اليمني المظلوم والمحاصر مما يستوجب من كل مسلم ومسلمة نصرته وإعانته والوقوف معه بشتى الوسائل والأساليب.

 

الدلالات: