في رحاب حسبنا الله ونعم الوكيل

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 07/07/2015 - 4:56م

كلمة قدسية ربانية مباركة يقولها الإنسان الذي تكالبت عليه الأعداء وعدت له العدة وظهرت عليه بقوتها (حسبنا الله ونعم الوكيل) هذه الكلمة حصن حصين ودرع لا يخترق وسيف لا ينكسر وسهم إذا صوب لا يخطئ هدفه، هو سلاح لا يهزم صاحبه مهما كانت قوة خصمه وجبروته، بإذن الله. إذا قالها صاحبها بقلب صادق منقطع إلى مولاه مؤمن بتأييد الله ونصره يرى بحول الله وقدرته من رحمات ولطائف ربه ومولاه ما يذهل العقول ويحير الألباب،

كلمة قالها إبراهيم عليه السلام عندما جمع له الحطب وأشعلت النيران وأوثق بالحبال وقرّب المنجنيق ووضع فيه ورمي في النار والناس كلهم يشاهدون، قالها فأصدر الحي القيوم أمره (قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم * فأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين).

وقالها المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قالوا له (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) ، قال ابن عباس: كانت آخر كلمة قالها إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار، حسبنا الله ونعم الوكيل).

إنها كلمة تهدئ النفوس المضطربة، وتطمئن القلوب الوجلة، إنها بمثابة البلسم على الجرح وبصورة الخنجر الموجه إلى صدور الأعداء، أو بمثابة الصاعق الذي ترتعد منه نفوسهم وأجسادهم ، كلمة جمعت بين التوكل على الله وحسن الظن بالله، ودلت عليهما بأوجز عبارة وأبلغ تعبير، التوكل في قولنا حسبنا الله ، وحسن الظن بالله في قولنا (ونعم الوكيل).

والتوكل وحسن الظن بالله من أعظم الأمور التي يفرّج بها الله الكروب ويكشف بها الغموم وينزل بها الرحمات ، فما أحوجنا اليوم لهذه الكلمة المباركة في ظل تكالب الأعداء وكثرة عددهم وحجم عدتهم وفتك أسلحتهم وتكبرهم وجبروتهم وغطرستهم جمعوا حلفاءهم من العرب وأولياءهم من اليهود والنصارى وغيرهم من أجل إذلالنا وإعداتنا تحت هيمنتهم ، فما أحوجنا اليوم أن نعيش (حسبنا الله ونعم الوكيل).

هذه العبارة جاءت في القرآن الكريم في سياق مدح المؤمنين المجاهدين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجرعظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).

وكأن هذه الآيات يصدق عليها أن تنطبق على واقعنا اليوم ، واقع شعبنا المؤمن الصابر المظلوم المعتدى عليه المجاهد في سبيل الله وفي سبيل دينه وعقيدته ومبادئه وقيمه وكرامته المجاهد من أجل التحرر من هيمنة اليهود والنصارى وأوليائهم ، وتولي الله ورسوله والذين آمنوا.

(الذين قال لهم الناس) عبر وسائل الإعلام وعبر وكالات الأنباء وعبر الفضائيات وعبر الحوارات وعبر المقالات وعبر المقابلات.
(إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) إن تحالف عاصفة الحزم قد جمعوا لكم مئات الأسراب من الطائرات ، ومئات البوارج البحرية ، وقاذفات الصواريخ من البحر والبر والجو لديهم أفتك الأسلحة ، ومع ما لديهم من الأسلحة والقوة حشدوا بجوارهم العشر الدول ولم يكتفوا بل زادوا جامعة الدول أو الحكومات العبرية ، وزادوا على ذلك مجلس الأمن ، حشدوا العالم كله.

(فاخشوهم فزادهم) هذا القول (إيماناً) بأن الأمر بيد الله وأن الله سبحانه وتعالى لا يسلم عباده المؤمنين لقوة عاتية ، فالأمر كله بيده وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه.

وما يحصل منهم لن يضروكم إلا أذى.

(إن الناس قد جمعوا لكم) كثير من ضعاف الإيمان عندما يقال لهم هذا القول أو يسمعون وسائل الإعلام ويشاهدون أو يسمعون ما أعده حلف آل سعود وأمريكا ترتعد فرائصهم ، عندهم مال ، عندهم قوة ، عندهم تأييد دولي وغيرها.

ولكن المؤمنين يزيدهم هذا القول إيماناً أن الأمر بيد الله العزيز الذي لا يذل أولياءه المؤمنين، وأن ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن ، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، وفي الحديث (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك).

(وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) ونحن نقول (حسبنا الله) يكفينا أن معنا الله، قدرته ، عظمته، جبروته، كبرياؤه، بطشه ، تأييده، عزته، معنا لأننا مظلومون ، معتدى علينا ، معنا لأنّا توليناه ورفضنا ولاية أذناب أذناب اليهود والنصارى.

ويكفينا معية الله والاحتماء به والاحتشاد حوله، والتحالف معه، والتأييد منه، لأنه صاحب القوة والقدرة.

لدينا أمام عاصفة حزمهم عواصف الله شديدة الهبوب والتدمير وإذا كان لديهم طائرات فإنّ لدى مولانا طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل ، وإذا كان لديهم بارجات وسفن في البحر فإن ربنا سيهلكم بريح عاصف وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.

مقابل هذه الثقة والإيمان والتوكل والارتباط بالله كان هنالك استجابة من هؤلاء المؤمنين لله ولرسوله عندما دعاهم للجهاد والمنازلة وهم في تلك الحالة من الوهن والضعف الجسدي بعدما أصابهم القرح ولكن لم يتواكلوا ولم يركنوا على قدرة العزيز الجبار فقط لأنه (نعم الوكيل) نعم هو (نعم الوكيل) ولكنه أراد أن يعتزوا به وأن يعملوا بأوامره وأن يعدوا العُدة لمواجهة عدوهم فأعدوا ، استجابة لقوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) واستجابوا لداعي الله عندما قال لهم (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم) وقوله (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله) وقوله (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم).

فكان جزاء وعاقبة هذه الاستجابة وهذا التحرك وهذا العمل وهذا الارتباط بالله والثقة المطلقة به سبحانه وتعالى هو (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله...إلخ)

بعد المرض أبدلهم الله عافية وصحة ، وبعد الفقر غنى ، وبعد العسر يسرى ، وبعد الحصار فتحت لهم الدنيا، وبعد التحالف عليهم والتكالب ضدهم أصبحت بقية الأمم تمد أعناقها لبناء العلاقات وكسب الود والرضا من هؤلاء المؤمنين ، هذا كله جزاء ونتاج (حسبنا الله ونعم الوكيل) والعمل بمقتضاها والاستعداد لها والاستجابة لله ورسوله ، نستعين بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.