آخر مسمار في نعش النظام السعودي المتآكل .....!!!!

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 07/07/2015 - 4:36م

كان اليمن أرضاً وإنساناً منذُ عقودٍ من الزمن رهن القوى المتسمة بسمة العبودية، والارتهان عقلياً وفكرياً وسياسياً واقتصادياً وكانت تلك القوى تتزعم مثلث متساوي الأضلاع أضلاعه كالآتي:

 الجناح الديني: والكل يعرف الدور السلبي الذي كان ومازال يلعبه هذا الجناح من تهجين وتجهيل وخنوع وأسكان للعقل وإطفاء للتفكير وتعطيل كل مدارك العقل الإدراكي التفكيري لدى الشباب داخل أوساط المجتمعات العربية والإسلامية ومنها اليمن ؛مدعّماً بوسائل التضليل والكذب والتحريض الطائفي والمذهبي والطبقي والمناطقي؛ كل تلك المفاهيم والمصطلحات دُست في العقل اليمني من خلال الماكنة الإعلامية  للجناح الديني الممول من قبل مرجعيتين أساسيتين لنظام الأسرة في الرياض وهما : الرجعية الفكرية والأصولية الدينية، النتيجة محتومة وهي تمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمعات وخاصة المجتمعات المحافظة، وبدأ يفرز المجتمعات على أُسس مذهبية وطبقية ومناطقية وحتى عرقية ؛ فأصبحت القرية الواحدة تحمل في طياتها كل الصراعات سواءً صراعات سياسية أو فكرية أو طبقية أو عرقية أو دينية؛ واصبح المجتمع هو الوقود لتلك الصراعات المبنية على المفاهيم المغلوطة التي تُمارس بالشكل المغلوط والخاطئ أو الغير صحيح وهي بالدرجة الأولى لا تخدم سوى تلك الأنظمة القائمة على هذه المرجعيتين السابقتين، وعلى رأس تلك الأنظمة النظام الملكي المترهل في الرياض.

 

الجناح القبلي: وهو جناح ولد من رحم العرف السائد كنظام قائم بدون دوائر رسمية أو قوانين أو قوة مسيّرة أو رادعة؛ بل على العكس كان نظام متجذر في القبيلة والأنسان العربي على قاعدة الكل يخضع للقوانين الفطرية البشرية كأسرة واحدة وجسم واحد بدون تمييز أو أفضلية لكنه حُرّف عن مساره الطبيعي ودخلت أيادي الجور والطبقية تدق في الجسم القبلي بدعم ثلة أو أسرة على حساب آلاف الأسر المسحوقة بصفقات البترُ دولار التي حولت المجتمع اليمني إلى طبقتين طبقة الجياع وهم الشعب المسحوق ، وطبقة الأسياد وهم المتخمين البرجوازيين مما ولد انفجار مجتمعي بشري قد يسمى بثورة الجياع إن صح التعبير أو ثورة المحرومين المسحوقين تحت مسميات ومفاهيم وهمية أتت من خلف الحدود لتزييف الحقائق وطمس الهوية الوطنية والفكرية ، مما ولّد في النفوس شرارة الحقد والكراهية في الجسد الواحد وتحول إلى أشلاء متناثرة ،فكان هذا الجناح هو اليد اليمنى للجناح الديني فهو الذي يعطيه الشرعية ويوفر لعناصره الغطاء والحماية المجتمعية .

 

الجناح العسكري: المتمثل في قوى الجيش المبنية على عقائد طائفية حزبية بولاءات شخصية مجردة من الوطنية والتربية الوطنية؛ فكانت النتيجة أن تتحول تلك القوى البشرية والأليات العسكرية إلى آلة للموت والتنكيل بغالبية الشعب اليمني.

وعندما انحرفت تلك القوى عن وظيفتها الأساسية وأدرجت في قائمة القوى المتآمرة على شعوبها؛ اجتمعت مكونةً مثلث (برمودا) الذي يدار عن بعد وأصبح المواطن اليمني يدور كالمسبحة في يد الكاهن الديني ثم الشيخ القبلي ثم الحاكم العسكري حتي يصل إلى دوامة الموت بعناوين متباينة مرةً بعباءة الدين وأُخرى باسم الوحدة وتارةً أُخرى باسم الدفاع الوطني المقدس، وهذه كلها عناوين مُضللة؛ بل متاهة تدار لتدمير الأرض والأنسان.

 

كل تلك القوى والأجنحة كانت هي اليد التي تبطش بالإنسان اليمني طيلة العقود الماضية وهذه هي النتيجة الحتمية للارتهان في أحضان النظام السعودي المتآكل، فعندما خرجت الشعوب على تلك القوى وخسرت السعودية كدولة كل أوراقها في اليمن حتى القاعدة التي كاد الشعب اليمني أن يُضيّق الخناق عليها ويحاصرها في معاقلها وفي معسكرات تفريخها خلف الحدود، لذلك بات على النظام المتآكل أن يخوض الحرب والعدوان اللاأخلاقي واللاإنساني على الشعب اليمني؛ بغرور وعنجهية قُرشية لإنقاذ الورقة الأخيرة وهي القاعدة والإرهاب .. !!!!

إن هذا العدوان السافر والبربري الذي لا يستند لأي مبرر في كل الدساتير والقوانين الوضعية والشرائع السماوية والأعراف الدولية؛ هو آخر مسمار في نعش النظام السعودي الذي شاخ وبدأ يؤول إلى الإنهيار كسنة كونية لا تستطيع القدرة البشرية التحكم في مسارها؛ بل عليها أن تساير التغيرات والتكوينات الجديدة واليمن على رأس هذا التكّون الجديد للعالم والذي نواته القوى الجديدة الناشئة على حساب القوى الراديكالية والرجعية؛

أجل إن هذا العدوان ثمنه الحرية والاستقلال، والخروج من تحت عباءة الوصاية والارتهان (فكرياً وسياسياً وعسكرياً واقتصاديا).

لا ضير أننا نخوض حرباً قاسية وغير متكافئة بالحسابات العسكرية وباللغة المادية؛ لكن هناك حسابات أُخرى ليست بالمعايير المادية، بل هناك قوة خفية  منطقها الحق وقضيتها العدالة ورايتها المساواة والندية،  وهذه القوة هي  من حسمت المعركة على مر التاريخ، وهي صانعة  الإرادة  والثبات ؛  "فإذا عزمت فتوكل على الله" ألم  يقل تعالى لموسى عندما جمع فرعون الملاء وحشدا القوات والجيوش براً وجواً وبحرا "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَي  "

 

حتماً نهاية العدوان الخسارة ونهاية علوكم في الأرض الأُفول ،والذي تبقى في أيديكم هو الاعتراف بالتراجع والخسران ولن تفعلوا  ، بل ستصبوا جُل غضبكم على الشعب اليمني ؛ونحن لن  نزداد إلا  تشبتاً بأرضنا وثمن أرواحنا قضيتنا ومنها حفنة التراب التي هي منا ونحن منها .

          فعلينا نحن أن نحرس وردَ الشهداء

وعلينا نحنُ أن نحيا كما نحنُ نشاء

فاخرجوا من أرضنا من برنا من بحرنا

من قمحنا من ملحنا من جرحنا

من كل شيءٍ

 واخرجوا من مفردات الذاكرة."*

 

كفى تجاهلاً؛ كفى تعنتاً ؛كفى جوراً وإسرافاً ؛كفى سفكاً لدماء الأبرياء الذين أدمت ضهورهم سياط جلاديكم ؛ آن أن ترفعُوا عنا العذاب رغم أُفولكم؛ آن أن تلتفتوا إلى شعوبكم المحطمة المبعثرة الممزقة ؛آن أن تنفقوا الأموال على أبنائكم ومواطنيكم بدلاً من أن تنفق على الشعوب الغربية وشعوبكم  في أمس الحاجة إلى مسكن ومشرب وملبس كريم.

أتركونا وشأننا فنحن

"واقفون هنا. قاعدون هنا . دائمون هنا. خالدون هنا. ولنا هدفٌ واحدٌ واحدٌ

أن نكون "*

 

* الشعر للمقاوم العربي:  محمود درويش