الطب الإسلامي .. ما بين الواقع المؤلم والقادم المأمول

نشر بتاريخ: أربعاء, 25/11/2020 - 10:59ص

مقدمـــة

يتزايد إقبال العالم الدولي على الاستثمار في بحوث طب الأعشاب حسب ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية. الدراسات المنشورة في هذا المجال مازالت قليلة لا تفي لعمل شامل خاصة فيما يتعلق بالبحوث السريرية.

 

تقييم طب الأعشاب في اليمن

اليمن في الوقت الراهن يزداد لجوء اليمنيين إلى التداوي بالأعشاب، خاصة في ظل عدم قدرة الناس على دفع نفقات الأطباء والعلاجات، إضافة إلى بث الإذاعات المحلية في وقت سابق برامج دعائية للمراكز التي تستخدم الأعشاب للعلاج مما جعل المرضى عرضة للابتزاز المالي وحدوث عواقب طبية وخيمة قد تؤدي للوفاة في بعض الممارسات الخاطئة.

إن موضوع الخلطات العشبية يدخل فيها الكثير من الدجل والنصب والوهم، مستغلين خمس نقاط يتم تضليل الناس وإيهامهم بها فيما يتعلق بالمستحضرات العشبية، وهي:

- كلمة طبيعي الذي يستخدمها مروجو هذه المستحضرات لا تعني أنها آمنة، فالتبغ والحشيش وغيرها مواد طبيعية ولكنها مضرة وقاتلة.

- منتجو الخلطات العشبية ليسوا ملزمين بتقديم أي دليل علمي على فعاليتها، وقد تسجل كمكملات غذائية، أي كغذاء، وليس كدواء.

-- منتجو هذه المواد غير ملزمين بكتابة مضاعفاتها أو تداخلاتها الدوائية، فمثلا هناك أعشاب عندما تؤخذ مع عقاقير فإنها تؤدي إلى نزيف قد تكون قاتلة، ومن الأمثلة على العقاقير التي تتداخل معها بعض الأعشاب أدوية الضغط والسرطان.

- هناك خلطات عشبية يتم خلط الدواء معها، وعندما يأخذ المريض الخلطة العشبية يتحسن يظن أن العشبة عالجته، ولكن الحقيقة أنه الدواء «الكيميائي». فمثلا قد يكون مخلوطا مع أعشاب السكري دواء الميتفورمين، وأدوية السرطان عقار الكورتيزون، وغيرها.

الفرق بين الدواء والمستحضر العشبي

 إن الدواء له مواصفات وشروط، وهي أن يكون معروف التركيبة الكيميائية، ومعروف الهدف الذي يستهدفه في الجسم، والمضاعفات والآثار الجانبية والجرعات، وأن يخضع لرقابة المؤسسات الصحية الطبية المحلية والعالمية.

بالمقابل فإن المستحضرات العشبية لا تمتلك هذه المواصفات، لذلك فمن الخطأ أن تسمى «أدوية عشبية»، فهي ليست أدوية.

 

ماهي مشكلة الطب البديل بما فيه طب الاعشاب في الوقت الراهن؟

هناك إشكالية تواجه الطب البديل أو التكميلي في اليمن وفي العالم بشكل عام بجانب مشكلة المروجين والمدعين لهذا العلم الكبير ألا وهي عدم تداول وتدريس هذا الكنز المدفون بين أوساط الأطباء والصيادلة والذي أصبح الاعتماد الكلي على الطب الغربي بشكله الجديد دون الأخذ في الاعتبار لما تم توريثه من معارف وعلوم طبية عظمى من أجدادنا العلماء المسلمين أمثال ابن سيناء وابن النفيس والرازي وغيرهم الكثير.

 

 

إجراءات وزارة الصحة في الطب البديل

إن وزارة الصحة العامة والسكان قد أخذت على عاتقها في هذه الفترة ومنذ تولي معالي الأستاذ الدكتور طه المتوكل أن تعمل على حل الاشكاليات الكثيرة وقد كان هناك قرار وزاري وصف بالتاريخي لدى معظم المتابعين للمجال الصحي بإغلاق جميع العيادات الغير مرخصة في مجال المعالجة بالأعشاب، ولم يكتف بذلك بل ويتم الآن العمل على اصدار قانون خاص بالاعشاب وتداولها والمعالجة بها وباقي أقسام الطب البديل والتكميلي وسيرى النور عما قريب بإذن الله.

 

 

الطب الحديث ومساوءه

رغم التطور الكبير في الطب بجميع مجالاته إلا أنه لا يزال هناك جوانب كبيرة وأساسية تم تجهيلها وقد ساعد في ذلك بأن الدواء أصبح سلعة محتكرة على شركات كبرى وصعوبة الحصول عليه من قبل أغلب البشر خاصة في ظل الأسعار اللامعقولة في الأدوية الحديثة خاصة في البلدان النامية والتي تعتبر أكبر سوق للأدوية البديلة والعشبية.

كما حصل تغييب ممنهج لأساسيات هامة في المعالجة كانت متوارثة عبر أجيال كثيرة ومنها الغذاء وكذلك تم إهمال العلم الجم الذي ورثه العلماء المسلمين وغيرهم أمثال ابن سيناء، وأبقراط، وابن النفيس والرازي وغيرهم والذين كانوا أهم ركائز المعالجة من الطبيعة والنباتات بالإضافة الى التغذية وكذا المعالجة النفسية بتقوية الإيمان بالله وهذا ما يعاني منه البشرية اليوم والتي تزداد فيها نسبة الانتحار وكذا عدم قدرة الكثير على الحصول على المعالجة نتيجة الفقر رغم وجود بدائل من الطبيعة وبأسعار زهيدة للغاية .

إن إهمال الطبيعة في الطب الحديث حتى في أساسية المعالجة مثل التغذية الصحيحة أدى إلى أضرار ناجمة من الأدوية بينما قديماً قال ابن النفيس (صحتك فى تنظيم غذائك وعليك بالحذر من تناول الأدوية (المركبة) إلا في الضرورة القصوى) وقد سار على منواله رواد الطب العشبى أمثال ابن سينا (الشيخ الرئيس) والانطاكى  والبيرونى وابن رشد وغيرهم من أطباء العرب القدامى؛ وفى العصر الحديث اكتوى الاطباء والمرضى على حد سواء من الاضرار الناجمة من استعمال الأدوية المصنعة .

ولعل الإسراف في تناول الأدوية المخلقة صناعياً ( وخاصة المضادات الحيوية منها) لم يقتصر ضررها فقط على الآثار الجانبية المدمرة وإنما امتد خطره إلى جوانب أخرى منها مثلا:

1- ظهور سلالات مرضية فتاكة مقارنة لهذه الأدوية مما يدفع الاطباء الى زيادة الجرعة من هذه الأدوية على حساب صحة الإنسان أو إنتاج مضادات حيوية جديدة أشد فتكاً بمسببات الامراض والإنسان على  حد سواء.

2- إضعاف جهاز المناعة الطبيعي في جسم المريض الذى بدأ فى التراخي اعتماداً على تعاطي هذه الأدوية.

3- معظم هذه الأدوية المصنعة تتكون من كيماويات غريبة عن الجسم ولذا فإن الجسم يخزن كثيراً منها فى الكبد فتره قبل أن يجد طريقه كى يتخلص منها مما يسبب وجودها أضرراً جسيمه للكبد.

4- تعمل بعض هذه الأدوية (مثل المسكنات وبعض أدوية الروماتيزم ومرض السكر والأمراض الفيروسية) على اختفاء أعراض المرض فقط دون القضاء المبرم عليه فيتحول المرض من الحالة الحادة إلى حالة الأمراض المزمنة.

 

الفوائد المنتظرة من الطب البديل

مع ظل تطورات التجارة العالمية ووجود اتفاقية الجات واتفاقيات حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراعات وأحد القطاعات المتوقع ارتفاع أسعارها بشدة قطاع الدواء, من هنا بدأت أصوات كثيرة تعلو مطالبة بالبحث عن « علاج بديل»  ينقذ ملايين المرضى محدودي الدخل من «فاتورة» الجات الباهظة .

 

 

دور التكنولوجيا في الطب البديل :

تحتل الأعشاب مركز الصدارة في مجال الطب البديل , وتعتبر الصين دولة «رائدة» في هذا المجال إذ تصدر منتجاتها إلى أنحاء العالم فيما يعرف اليوم باسم «الطب الصيني» الذي يعتمد على أعشاب وعطور معروفة في الصين ويستخدم مصطلحات بعينها للحديث عن «الفائدة العلاجية « مثل التسخين والتبريد والتلطيف والتطهير . والطب الصيني متوارث منذ قرون ويمارسه أطباء « متخصصون « برعوا فيه. ونتمنى أن يكون هذا المجال أن يلقى اهتماما مماثلا في اليمن وأن يكون هناك متخصصون في هذا المجال لا مدعين و مشعوذين . بل ونطمح أن يكون هناك أكاديميات وتخصصات جامعية في هذا المجال وأن يستعيدوا تاريخ الآباء والأجداد في هذا الطب ويستندوا إلى المخطوطات والكتب القديمة ويتم تنقيحها وأخذ الفائدة العلمية وتحسين تقديم هذا المجال مع وجود تكنولوجيا حديثة يمكن دمجها وتعمل على تحسين الطب البديل وإيصال الفائدة المرجوة منه.

ويمكن أن نؤكد أن معظم العقاقير المعروفة والمصنعة كيميائياً , تعتمد على استخراج المادة الفعالة في الأعشاب وتحويلها إلى صورة كبسولات ليسهل ضبط جرعتها وتعاطيها . فعقار مثل «ديجيتاليس» المستخدم في علاج مرض القلب مستخرج من عشب «فوكسجلوف»، والمورفين مستخرج من نبات الأفيون ويستخدم كمسكن للآلام خصوصاً في أعقاب العمليات الكبرى والواقع أن حوالي %25 من العقاقير الموصوفة اليوم في معظم « الوصفات الطبية « التي يكتبها الأطباء لمرضاهم مشتقة ولو جزئياً من النباتات.

 

 

أنواع الطب البديل

1- عيادات الأعشاب :

تنتشر في كل دول العالم سواء العربية أو الأوروبية وفي أمريكيا ودول الشرق الأقصى العيادات المتخصصة في العلاج بالأعشاب والمتاجر التي تقوم بيبع «الوصفات» الخاصة والأعشاب الطبية وبدائل العقاقير المصنعة .

2- العلاج بوخز الإبر :

أما الإبر الصينية فتعتبر تقنية تعود إلى خمسة آلاف سنة مضت , ومن خلالها يقوم المختص في هذا النوع من العلاج بإدخال إبر رفيعة للغاية في نقاط معينة في الجسم من أجل الوقاية من أمراض معينة أو علاجها . وتعتبر الإبر الصينية جزءاً من الطب الصيني التقليدي الذي يرى الصحة كتدفق دائم متغير من الطاقة . وتساعد الإبر على إعادة التوازن إلى هذا التدفق الطبيعي للطاقة الذي اختل بسبب المرض .

ولم يعد العلاج بالإبر الصينية مقصوراً على أخصائيي هذا النوع من العلاج , بل أصبح يمارسه الأطباء العاديون وحتى أطباء العظام، ويمكن مشاهدته في أبسط صورة في الكثير من العيادات المختصة في علاج السمنة , إذ تستخدم الإبر الصينية من أجل خلق مجال مغناطيسي لكي يشعر المريض بالامتلاء بسرعة فيزهد الطعام .

وبشكل عام أثبتت الإبر الصينية فاعلية في علاج العديد من الأمراض في آسيا في حين اقتصر معظم استخدامها في الدول الغربية , حتى الآن , على علاج السمنة وزيادة الوزن وأعراض الألم الشديد مثل آلام الظهر والمساعدة على التخلص من الإدمان.

3- الحجامة

الحجامة عبارة عن علاج بديل، يشمل وضع كؤوس زجاجية على الجلد، وذلك بهدف القيام بعملية الشفط التي تسهل عملية الشفاء من خلال تدفق الدم إلى الأماكن التي تتواجد فيها الكؤوس.

أما بالنسبة للحجامة الحديثة، فقد تطورت ليتم استخدام الكؤوس الزجاجية المكورة المفتوحة من جهة واحدة فقط، وانقسمت إلى فئتين:

- الحجامة الجافة: وهي عبارة عن طريقة للشفط فقط.

- الحجامة الرطبة: والتي تتضمن دمج الشفط مع النزيف الشافي المراقب.

ويتم تحديد الطريقة المستخدمة في العلاج تبعاً لعدة عوامل أهمها الحالة الصحية للشخص وتفضيله لنوع على الآخر.

فوائد الحجامة

لطالما استخدمت الحجامة لعلاج العديد من المشاكل الصحية المتنوعة، إلا أن القليل من الدراسات العلمية تناولت هذا الموضوع، ومن أهمها الدراسة التي نشرت عام 2015 في مجلة الطب التقليدي والبديل وخلصت هذه الدراسات إلى أن استخدام الحجامة قد يكون مفيداً في حالات:

- حب الشباب.

- شلل نصف الوجه.

- داء الفقار الرقبية.

- مشاكل الدم، مثل فقر الدم والناعور.

- التهاب المفاصل والألم في الأنسجة الضامة.

- الخصوبة وبعض الإضطرابات والأمراض النسائية. - ارتفاع ضغط الدم.

- الصداع النصفي.

- الاكتئاب.

- احتقان الشعب الهوائية بسبب الحساسية والربو.

آفاق وتخصصات جديدة في الطب البديل

كما يوجد العديد من أنواع الطب البديل مثل العلاج بالضحك و العلاج بالتدليك وعلم الحركة وغيرها الكثير .