رابطة علماء اليمن تنظم ندوة بعنوان ( الأوقاف الواقع المختل والحلول العاجلة)

نشر بتاريخ: اثنين, 04/02/2019 - 6:59م

نظمت رابطة علماء اليمن في بيت الثقافة صباح اليوم الاثنين 28 جمادى الأولى 1440هـ الموافق 4 / 2 / 2019م ندوة بعنوان: (الأوقاف بين الواقع المختل والحلول العاجلة).
حضرها عدد من العلماء والمسئولين المهتمين في مقدمتهم السيد العلامة شمس الدين شرف الدين رئيس الرابطة مفتي الديار اليمنية والأستاذ فؤاد ناجي نائب وزير الأوقاف والإرشاد، والأستاذ حميد المطري وكيل وزارة الأوقاف لشئون الوصايا، والأستاذ علي العماد رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وغيرهم.
وقد افتتحت الندوة بقراءة القرآن الكريم تلاه الشيخ الحافظ / هلال الكليبي..
وقدمت خلال الندوة ثلاث أوراق عمل ،

الورقة الأولى

قدمها الأستاذ عبدالملك الشرقي ورقة بعنوان: (أوقاف الوصايا والترب ودورها في النهضة العلمية) تكلم في مستهلها عن المخاطر الفكرية والسلوكية التي تحيط بالمجتمع مبيناً أن أهم الحلول الجذرية لتجفيف منابعها هو وجود الحركة العلمية التي تعتبر حاجزاً منيعاً أمام المعتدين الذين يسعون إلى اختراق المناطق التي لا يحتضنها العلم ، معللاً ركود الحركة العلمية بسبب ضياع أوقافها التي تكفل نهضتها ..
وعن مفهوم النهضة العلمية نوّه الأستاذ الشرقي إلى أنه من اللازم عدم تجاهل المفهوم الحيوي للنهضة العلمية التي تؤتي ثمارها بتغيير في الأفكار والرؤى وبناء أمة متكاملة في كل المسارات مستدركاً ما يتبادر إلى الأذهان من أن الحركة العلمية تقف عد حد التدريس في حلقة أو فصل.

وأكد الأستاذ الشرقي على ضرورة وجود مراكز الدراسات والأبحاث متعجباً من البعض الذي ما يزال ينفر عن الدراسات والأبحاث ولم يستوعبوا أهميتها بعد، في حين أن دول العالَم اليوم ترصد كل المعلومات وتدرس الواقع وتغربل الأفكار وتحلل الشخصيات فاستطاعت غزو العالم العربي والإسلامي ، مهيباً أيضاً بأهمية إحياء التراث وتحقيق المخطوطات وتجديد المناهج والأسلوب دون إلغاء للتراث..
و عن دور الوصايا والترب في تحقيق النهضة العلمية قال الأستاذ الشرقي: لا يخفى أن بعض الدول الإسلامية نهضت بشكل ملموس حينما فعلت دور الوقف كما حدث في تركيا من قبل وأوضحه ابن خلدون في حديثه عن تلك النهضة ، مستعرضاً بعض المراحل التاريخية التي ازدهرت فيها اليمن علمياً وكذلك المراحل التي مرت بحالات فتور وركود علمي بسبب تسلط البعض على مال الوقف.
مختتماً ورقته بذكر الخطوات العملية لتفعيل دور الوقف وتحقيق النهضة العلمية مقسماً تلك الخطوات إلى اتجاهين؛ أولاهما تصحيح الدور الإداري للأوقاف ، وثانيهما تنمية أمواله..

 

الورقة الثانية

بعدها قدّم الأستاذ علي محمد الفران ورقته والتي كانت بعنوان : (الوقف والتنمية في اليمن) أوضح فيها أن الوقف أساس الحضارة الإسلامية ونهضتها مستشهداً بما حواه تقرير بريطاني يقول: إذا أرادت الدولة البريطانية أن تسيطر على الدول الإسلامية فعليها بتدمير الأوقاف،

مبيناً مفهوم التنمية وأبعادها وأن حد الكفاية هو أهم معيار للتنمية الاقتصادية في الإسلام مستعرضاً دور الأوقاف في التنمية مبتدئاً بالمساجد التي أولاها اليمنيون اهتماماً كبيراً منذ فجر الإسلام باعتبارها من أفضل القربات إلى الله ، ذاكراً وظائف المسجد في تعليم المواطنين مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم ودوره في بناء الإنسان وتهذيب أخلاقه وكونه ملجأ للضعفاء والمحتاجين وابن السبيل،
ثم ذكر الأستاذ الفران دور الوقف في الجانب الاقتصادي والاجتماعي ضارباً بعض نماذج الوقف التي يجهلها الكثير كوقف الأراضي التجارية من بغداد إلى صنعاء والتي تهدف إلى وصول السلعة بثمن زهيد للمواطن ، ووقف خداع المريض ، ووقف تسلية المرضى فيأتي أصحاب الأصوات الجميلة ليسبحوا ليلاً للمرضى الذي لا يستطيعون المنام فيخففوا من آلامهم ، وغيرها من الأوقاف والتي تصل مصارفها ومبراتها إلى ما يقارب المائة والثلاثين مصرفاً.. منوهاً في آخر ورقته على أهمية التوعية والتثقيف الوقفي والذي أصبح غائباً عن ثقافة الناس.
* * *
الورقة الثالثة

ثم قدم الأستاذ صالح الزبيري ورقة عمل مقدمة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والتي حملت عنوان : (دور الرقابة في تحقيق مقاصد الواقفين) موضحاً في بدايتها مفهوم الرقابة وكونه ركيزة أساسية وضرورية محورية في الحياة وصمام أمان للحفاظ على أموال الوقف مقسماً أنواع الرقابة إلى ذاتية ومؤسسية إجرائية ورقابة داخلية وخارجية ومجتمعية، ملاحظاً على وزارة الأوقاف عدم تفعيلها لدور الرقابة المؤسسية من خلال قيادة الوزارة وكذلك الرقابة الداخلية والرقابة المجتمعية داعياً إلى تفعيل الدور الرقابي بكل أنواعه كونه ينعكس على دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. 

وفي إطار الجهود الرقابية للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على العمل الوقفي قال: لقد أولى الجهاز أهمية كبيرة ورئيسية في تحقيق رقابة فاعلة على العمل الوقفي لا سيما خلال العام الماضي 2018م والتي خرج فيها الجهاز من الآليات الرقابية الروتينية والعقيمة التي لم تحقق رقابة فعالة، وانطلق لتنفيذ أعمال رقابية نوعية وشجاعة وقوية تلامس جوهر الاختلالات القائمة مستعرضاً بعض الأعمال التي قام بها الجهاز.
ووقف الأستاذ الزبيري على أهم الاختلالات الموجودة في وزارة الأوقاف والتي تضمنها تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة داعياً الوزارة إلى أن تكون عوناً لدور الجهاز الرقابي وليس عائقاً له في الرقابة الفاعلة على الأوقاف وتحقيق مقاصد الواقفين موصياً بسرعة معالجتها ..
واختتم الأستاذ الزبيري ورقته بتوصيات ومعالجات مقترحة كان من أهمها استكمال مشروع حصر وتوثيق أراضي وممتلكات الأوقاف بشكل كامل ومجدي بحيث يخدم الحصر والتوثيق بيان المقاصد الوقفية وضرورة قيام وزارة الأوقاف بدراسة كافة تقارير الجهاز المركزي ووضع توصياته موضع التنفيذ بصورة عاجلة بما يكفل تلافي الاختلالات الواردة فيها.
* * *
كلمة مفتي الديار رئيس الرابطة

ومن ثم ألقى مفتي الديار اليمنية رئيس رابطة علماء اليمن كلمة أكد فيها على أن هذه الندوة لم تأت اعتباطاً بل لها أهميتها حيث إن أموال الوقف لاسيما في الوقت الراهن يمكن أن تكون كافية لحاجة المجتمع بدلاً من الاستجداء للمنظمات العالمية والإغاثية موضحاً بأن الواقفين أوقفوا نفائس أموالهم من أجل مصالح الناس وعدم الذل ومد اليد للآخرين..
مشدداً على أهمية دور الرقابة الذاتية واستشعار الخوف من الله لأنها الرادع الأول والأساس ، فبدونه لن تنفع الهيئات والأجهزة الرقابية حتى لو تعددت وكثرت ، داعياً إلى تجنيب مال الوقف المحاصصة الحزبية والمحسوبية فقد أضرت بالصالح العام وعطلت الشريعة ...

وعقّب هذا الكلام بنماذج للتلاعب بأموال الوقف من تأجير من الباطن وبيع الأرض بحق اليد والمأذونيات التي تصدر من الأوقاف لمن لهم حق اليد ، مطالباً بصدور تعميم يمنع الأمناء الشرعيين بتحرير أي أوراق خاصة بأموال الوقف دون الرجوع إلى الجهة المختصة.
* * *
مداخلات

بعدها فتح باب المداخلات للحاضرين فتحدث عدد من القضاة والباحثين بملاحظات قيمة دعوا فيها إلى إنشاء هيئة مستقلة وشرطة وقفية وكذلك إلى أهمية وجود الإرادة السياسية للتغيير في النظام الوقفي وركزوا على أهمية الاعتناء بجانب التوعية والتثقيف الوقفي..
كما طلب المداخلة نائب وزير الأوقاف العلامة فؤاد ناجي الذي أكد في مداخلته على أن الوزارة قد أخذت بالاعتبار في خطتها للعام 2019م تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة واستطلاع مجلة الاعتصام الصادرة عن الرابطة ، وقال: نوعدكم بأنا سنعمل ما بوسعنا على تحسين العمل الإداري والحفاظ على أموال الأوقاف واسترداد الأموال المنهوبة واستكمال حصر أموال الوقف وإعادة بناء الثقة بين المجتمع ووزارة الأوقاف، محمّلاً الجهاز القضائي والأجهزة الأمنية جزءا من المسؤولية كونها ضعفهما يضعف عمل الأوقاف، 

وتحدث أيضاً الدكتور حميد المطري وكيل قطاع الأوقاف الذي فنّد بعض الأطروحات وأوضح بأن المديونيات للأوقاف التي لدى الجهات الحكومية أكثر منها عند المواطنين ، مقترحاً إنشاء شرطة وقفية ومحكمة خاصة بالقضايا الوقفية ، مضيفاً بأن الأوقاف قامت برفع قضايا الاعتداء على أموال الوقف إلى القضاء والتي عددها أكثر من 7000 قضية ، ولكن لم تتعامل الأجهزة القضائية بمسؤولية حيث والقانون يجعل مال الوقف من القضايا المستعجلة التي يلزم البت فيها.

توصيات الندوة

واختتمت الندوة بتوصيات عاجلة نصت على الآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أصحابه الأخيار الراشدين .. وبعد
يعتبر الوقف تشريعا إلهيا حكيما شرع لمصالح العباد ونهضة البلاد وتعامل المسلمون معه عبر القرون بتقديس وأخرجوا نفائس أموالهم وممتلكاتهم كقربة يتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى لتكون صدقة جارية لهم وجعلوا لها مصارف ومبرات تساهم في نهضة المجتمعات في المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية وشتى مجالات الحياة ومن منطلق الشعور بالمسؤولية وإداء الأمانة وتقديم المشورة والنصيحة وما أوجبه الله على العلماء من البيان فقد خرجت ندوة :الأوقاف بين الواقع المختل والحلول العاجلة بالتوصيات التالية:-
- التأكيد على وجوب صرف كل وقف لما وضع له وعدم المخالفة امتثالاً لأمر الله القائل جل من قائل {فَمَن بَدّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الذِّينَ يُبَدِّلُونَهُ} وتحقيقاً لمقاصد الواقفين.
- دراسة تشكيل هيئة مستقلة للوصايا والأوقاف أو إعادة النظر في قانون الوقف ولوائحه و في الهيكل التنظيمي لوزارة الأوقاف والإرشاد وقطاعاتها وتقسيماتها الإدارية وفروعها في الأمانة والمحافظات.
- من الأهمية بمكان النأي بالأوقاف عن المحاصصات والمصالح الحزبية والسياسية الضيقة والحرص على تولية ذوي الكفاءة والنزاهة.
- استكمال عملية الحصر والتوثيق لأراضي وممتلكات الأوقاف وتفريغ بيانتها وتبويبها وتحديد قدرها ومواقعها وأنواعها وحالتها القائمة ووضع الخرائط والعلامات المميزة لها بالتنسيق مع مصلحة المساحة والسجل العقاري لتوثيقها وإسقاطها على الخرائط والصور الجوية وإدخالها في الحاسوب الآلي.
- ضرورة إصلاح وضع الاستثمارات الوقفية بما يسهم في الدفع بعملية التنمية و النهضة الاقتصادية والاجتماعية ولا سيما وبلدنا يعاني من العدوان والحصار.
- عدم جواز استثمار أموال الأوقاف بأي صور من صور الربا ومنها أذون الخزانة وغيرها.
- تأجير الأوقاف بسعر الزمان والمكان مثله كمثل الأموال والأراضي الحرة دون أن يكون للأجير حق اليد أو التملك أو التصرف في الوقف بغير الغرض الذي أجر من أجله وضرورة إيقاف إصدار المأذونيات.
- معالجة المأذونيات السابقة والبحث عن حلول ولو مزمنة لاستعادة الأوقاف التي صدر بشأنها أذونات واستثمارها بشكل صحيح يحقق غرض الواقفين منها.
- التعميم لكل أمناء المناطق الشرعيين ووكلاء الوقف بمنع البيع والشراء في الأوقاف ولا بيع ما يسمى بحق اليد دون الرجوع إلى الجهات المعنية بوزارة الأوقاف.
- الاستعانة في عملية معالجة وتصحيح الاختلالات بالتقارير الصادرة من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأخذ ملاحظاته وتوصياته بعين الاعتبار.
- ضرورة عقد ورش عمل لدراسة التجارب المعاصرة ومناقشة الرؤى المقدمة من ذوي الاختصاص والخبرة والاستعانة بهم بما يساعد في معالجة اختلالات نظام الوقف الحالي والنهوض بدوره في كل مجالات الحياة. 
وفي الختام ؛ ترفع رابطة علماء اليمن هذه التوصيات للمجلس السياسي الأعلى والجهات ذات العلاقة، آملين منهم تحمل مسؤولياتهم وإصلاح ومعالجة الاختلالات والقيام بخطوات عملية وملموسة على أرض الواقع استجابة لأمر الله وتحقيقاً لمقاصد الواقفين. وبالله التوفيق


صور الندوة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدلالات: