الجواب وبالله التوفيق: يجوز ذلك للمرأة الحامل إذا خافت على ما في بطنها تلفاً أو ضرراً إن هي صامت .. كذلك للمرضع التي تخاف أن ينقطع لبنها إن صامت فيهلك ولدها ، أو يتضرر، والحائض والنفساء والمسافرة والمريضة بأي أنواع المرض كان ، وللمستعطشة التي لا تصبر عن الماء ، وللكبيرة التي لا تطيق الصوم فلها أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً ، ويجوز الإفطار من الرجال لأربعة: المستعطش الذي لا يصبر عن الماء ، والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم فله أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، والمريض، والمسافر.
والأحاديث النبوية الدالة على جواز الإفطار لمن سبق ذكرهم .. ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «أنه لما نزل عليه فرض صيام شهر رمضان ، أتته امرأة حامل فقالت : يا رسول الله إني امرأة حامل ، وهذا شهر رمضان مفروض ، وأنا أخاف على ما في بطني إن صمت ، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : انطلقي فافطري فإذا أطقت فصومي»، وأتته امرأة مرضع فقالت : يا رسول الله هذا شهر رمضان مفروض ، وأنا أخاف إن صمت أن ينقطع لبني فيهلك ولدي ، فقال لها : انطلقي فافطري فإذا أطقت فصومي»، وأما صاحب العطش فأتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : يا رسول الله هذا شهر رمضان مفروض ولا أصبر عن الماء ساعة واحدة وأخاف على نفسي إن صمت ، فقال:«انطلق فأفطر فإذا أطقت فصم» ، وأتاه شيخ كبير يتوكأ بين رجُلِين فقال : يا رسول الله هذا شهر رمضان مفروض، ولا أطيق الصيام فقال: «فاذهب فأطعم عن كل يوم نصف صاع مسكيناً »، ويقال: إنه أمرهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك أن يصوموا اليوم واليومين وأن يفطروا اليوم واليومين.
قال يحيى بن الحسين عليه السلام: ينبغي أن يكون أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصيام اليوم واليومين من يطيق صومهما فأما من لم يطق فلا شيء عليه ، ولو وجب على من لا يطيق الصوم أصلاً صيام يوم أو يومين لوجب عليه صيام الشهر كله ، لأن المعنى في تكليف القليل مما لا يطاق ، كالمعنى في تكليف كثيره، وقد قال الله عز وجل :﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾، وقال : ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا﴾.
كتاب الأحكام للإمام الهادي عليه السلام