التحديات الاقتصادية في ظل العدوان البدائل والحلول

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 26/02/2019 - 8:36م
الكاتب: 

واجه الاقتصاد اليمني العديد من الاختلالات والتحديات المزمنة والحادة ، وذلك بسبب عدم تحقيق الحد الأدنى من مقومات وشروط التنمية المستدامة الحقيقية والشاملة والعادلة ، هذا ما مثل عاملاً أساسياً في شدة حدة الآثار السلبية الناجمة عن العدوان وتنوعها ، وهذا ما ترتب عليه التحديات وشموليتها لمختلف مجالات الاقتصاد القومي ومناحي الحياة الاجتماعية ، وهذا ما استوجب طرح هذه التحديات للدراسة والتحليل لإثراء الرؤى ومقترحات الحلول لها ما يساعد متخذ القرارات الاقتصادية لاختيار مجموعة السياسات والإجراءات العملية المناسبة للحد من الآثار السلبية لهذه التحديات.

وسوف نحاول مناقشة الموضوع بصورة موجزة على النحو التالي :

أولاً : مفهوم الحرب الاقتصادية :

بصورة موجزة يمكن تعريف الحرب الاقتصادية : هي قيام طرف ما باستخدام العديد من الوسائل والأدوات وبالأخص أدوات السياسة الاقتصادية ضد طرف آخر بهدف إلحاق أضرار أو التأثير سلبياً على مستوى أداء النشاط الاقتصادي لتحقيق أهداف عدائية ترغم الطرف المعتدى عليه التسليم بشروط الطرف المعتدي .

ثانياً : أهداف الحرب الصهيوعربية على اليمن :ـ

من خلال متابعة مجريات الحرب العدوانية على اليمن على مدى أكثر من ثلاث سنوات ونصف وبعد الفشل العسكري والسياسي والإعلامي ..الخ الكبير الذي لحق بدول العدوان بعون وتأييد من الله عز وجل والصمود الأسطوري للشعب بكل فئاته المجتمعية وقواه السياسية الوطنية ، يمكن إيجاز أهم أهداف الحرب الاقتصادية فيما يلي:

  1. تجفيف الدخل ومصادرة الدخل الاقتصادي القومي عامة والبنك المركزي خاصة من النقد الأجنبي بما يؤدي إلى إحداث تدهور كبير في القوة التبادلية للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية بما يؤدي إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في المستوى العام للأسعار وبالأخص السلع الأساسية المستوردة والتي تعتمد عليها طبقة عريضة من المجتمع بدرجة كبيرة كالقمح والأدوية والمشتقات النفطية .. الخ .
  2. السيطرة على الموارد العامة للدولة بهدف شل قدرة الدولة في إدارة شئون البلد عامة وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية للمجتمع خاصة وتمويل متطلبات الصمود في وجه العدوان وتحقيق الأمن على وجه الخصوص .
  3. إلحاق أكبر قدر ممكن من التدمير والضرر بالبنى التحتية للإقتصاد وطاقاته الإنتاجية بهدف إلهاء المجتمع لعدة سنوات في إعادة الإعمار بدلاً من الانطلاق نحو التنمية من ناحية وبقاء اليمن تعتمد على العون الخارجي لتمويل التنمية لأطول فترة ممكنة ما يسهل توفير البيئة المناسبة للتدخل مرة أخرى في شؤونها الداخلية .
  4. إحداث أكبر ضرر ممكن بمستوى معيشة السكان بالتزامن مع حرب إعلامية مركزة ومكثفة لإثارة المجتمع ضد القوى المعارضة لإعادة اليمن إلى تحت الوصاية الصهيوسعودية.
  5. إحداث أكبر ضرر ممكن بالقوى البشرية الشابة والتي تمثل العنصر الإنتاجي الأهم والفاعل في قيادة مستقبل اليمن الواعد بإذن الله تعالى سواء من خلال القتل أو الإفساد أو نشر الأمراض الناتجة عن التجويع أو استخدام أسلحة محرمة دولياً أو تصدير سلع ضارة .. إلخ .
  6.  إيصال الأوضاع الاقتصادية والإنسانية إلى أسوأ مرحلة بما يكفل إيجاد سخط شعبي عام في كافة مناطق الجمهورية بما فيها المحتلة ما يجعل القوى السياسية المتفاوضة لحل القضية اليمنية وتحت ضغط المجتمع قد تقبل بما تطرحه الدول المعتدية من شروط لحل القضية .

ثالثاً : أبرز نتائج العدوان والحصار:

نوجز أهمها فيما يلي :-

  1. الانخفاض الكبير في الطاقات الإنتاجية للاقتصاد ، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي عام 2018 ، عن عام 2014م ، بما نسبته (46%) .
  2. ارتفاع نسبة الاستهلاك النهائي الكلي من (94%) عام 2014م ، إلى نحو (15%) عام 2018م ما يعني انعدام أي مدخرات قومية لتمويل ليس الاستثمار الجديد فحسب بل ولصيانة وتأهيل الأصول القائمة أيضاً.
  3. ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات مرتفعة ما عكس نفسه سلبياً على مختلف مجالات الاقتصاد وبالأخص على مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان تحيث ارتفع المستوى العام للأسعار عام 2018م ، عن عام 2014م ، إلى نحو (92%).
  4. ارتفاع نسبة البطالة الصريحة من (24% - 30%) عام 2014م ، إلى (65%) عام 2018م.
  5. ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر من (49%) عام 2014م ، إلى ما يقارب (90%) عام 2018م.
  6. التدهور الكبير في حجم ومستوى الخدمات الأساسية ، حيث بلغ عدد الطلاب المتسربين في سن التعليم العام نحو (2.5) مليون وتدنى مستوى الخدمات الصحية بما يزيد نسبته عن (60%) عن مستواها قبل العدوان ، وخدمت الكهرباء بما يزيد عن (80%) وخدمات المياه والصرف الصحي (40%) ..إلخ .
  7. انخفاض متحصلات الاقتصاد القومي والنقد الأجنبيى من نحو (18) مليار دولار كمتوسط خلال الفترة 2011-2014 إلى (8) مليار دولار عام 2016 ، أي نسبة (55%) ومتحصلات البنك من (4500) مليون دولار إلى (27) مليون دولار .
  8.  استنفاذ البنك المركزي احتياطاته الخارجية بسبب توقف عائداته من النقد الأجنبي مما اضطر البنك تمويل الواردات من السلع الأساسية من احتياطياته الخارجية خلال عامي (2015م،2016) بما يقارب (3632) مليون دولارواحتياطياته من السيولة المحلية بنحو (560) مليار ريال بسبب تموله للجزء الأكبر من عجز الموازنة العامة ، وهذا ما أدى إلى انخفاض احتياطياته من النقد الأجنبي من (4666) مليون دولار عام 2014م ، إلى (1036) مليون دولار عام 2016م .
  9. اختلال ميزان العرض النقدي حيث ارتفعت نسبة النقود إلى إجمالي العرض النقدي من (36.4%) عام 2014م ، إلى (48.4%) ما ساهم في زيادة السيولة وبالتالي المساهمة في ارتفاع معدلات التضخم ، كما ارتفعت  نسبة الودائع بالنقد الأجنبي لإجمالي الودائع من (43%) عام 2014م ، إلى (48%) عام 2016 م ، وذلك بالتزامن مع الارتفاع الكبير في رصيد مديونية الحكومة للجهاز المصرفي عام 2016م ، عن عام 2014م ، بما نسبته (75%) وذلك على حساب تراجع القروض لصالح القطاع الخاص وبما نسبته (10.5%) .
  10. ارتفاع نسبة عجز ميزان المدفوعات الخارجية خلال عامي (2015،2016) مقارنة بعام 2014م بما نسبته (274%) و (96%) على التوالي .
  11. الانخفاض الكبير في حجم الإيرادات العامة للدولة حيث انخفض بما نسبته (55%) عام 2015م ، ثم بنسبته (14%) عام 2016م، ثم بنسبته (6%) عام 2017م ليصل إجمالي النخافض عام 2018م ، مقارنة لعام 2014م إلى ما يتجاوز (70%) ، هذ في الوقت (50%) رغم توقف معظم النفقات وهذا ما أدى إلى ارتفاع حجم الموازنة العامة للأعوام (2015-2017) مقارنة بعام 2014م ، بما نسبته (144%) عام 2015م و(1200%) عام 2016م ، و (17%) عام 2017م.
  12. ارتفاع رصيد الدين العام المحلي وأعبائه المالية حيث بلغ منتصف عام 2018م ، نحو (5.400) مليار ريال بما نسبته (105%) من الناتج المحلي الإجمالي الأسمي واعبائه المالية (106%) من إجمالي الإيرادات العامة ، وهذه النسب تبين مدى الوضع الخطير جداً على مجمل الأوضاع المالية والاقتصادية .
  13. تهجير أكثر من (3.1) مليون مواطن من مساكنهم .
  14. تدمير جزء كبير من البنى التحتية ومشاريع الخدمات الأساسية والضرورية  والمشاريع الإنتاجية والممتلكات الخاصة بتكاليف مالية تتجاوز (150) مليار دولار .
  15. استشهاد وجرح وفقدان الآلاف من الرجال والأطفال والنساء .

رابعاً : التحديات التي تواجه الاقتصاد الناتجة عن العدوان في ضوء ما سبق يمكن إيجاز أهم التحديات فيما يلي :ـ

نوجز أهمها فيما يلي :-

  1. الانخفاض الكبير في حجم الطاقات الإنتاجية للاقتصاد القومي .
  2. انعدام الحد الأدنى من الموارد المحلية ليس للاستثمار فحسب بل لإعادة الإعمار لما دمرته الحرب وتأهيل الاقتصاد .
  3. الانخفاض الكبير في حجم موارد الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي اللازمة لتمويل استيراد السلع الأساسية والضرورية التي تحتاجها السوق المحلية ( استهلاكية ، وسيطة ، رأسمالية ) .
  4. ارتفاع معدلات البطالة بكل أنواعها الصريحة والموسمية والمقنعة .
  5. ارتفاع حجم السكان تحت خط الفقر .
  6. ارتفاع معدلات التضخم .
  7. محدودية حجم الاوعية الإيرادية بسبب انخفاض حجم الطاقات الإنتاجية ومستويات الدخول في ارتفاع حجم متطلبات النفقات العامة اللازمة لقيام الدولة بكامل مهامها وبالأخص توفير الخدمات العامة وإعادة الإعمار ما يؤدي إلى استمرار تفاقم مشكلة عجز الموازنة العامة وبالتالي استمرار تفاقم مشكلة عجز الموازنة العام وأعبائه المالية .
  8. التدهور الكبير في مستوى مختلف الخدمات العامة الأساسية منها والضريبية وارتفاع تكاليف النهوض بها .
  9. الارتفاع الكبير جداً لتكاليف إعادة الإعمار لما دمرته الحرب في مختلف مرافق الاقتصاد القومي وممتلكات المواطنين .
  10. ارتفاع تكاليف وصعوبة معالجة الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية .. الخ ، المترتبة عن العدوان والحصار وبالأخص ما تعلق منها بالأطفال واسر الشهداء والمفقودين والجرحى والمهجرين ...الخ .
  11. عدم توفر الحد الأدنى من الموارد اللازمة لتغطية نفقات المرتبات والأجور ونفقات التشغيل لأجهزة الدولة وفوائد الدين العام .

المعالجات والمتقرحات :

  1. إيجاد خطة طوارئ لإنعاش الاقتصاد القومي بالاعتماد على الموارد والطاقات الوطنية شاملة ذات أولويات واقعية محددة وواضحة .
  2. تفعيل وتعزيز دورة لجنة المدفوعات بالتنسيق والتعاون الكامل والمستمر والفاعل مع البنك المركزي واتحاد البنوك وجمعية الصرافين واتحاد الغرف الصناعية والتجارية والجهات الأمنية والقضائية في حشد موارد النقد الأجنبي وتحديد أولويات استخدامها وضبط سوق الصرف وتعزيز أدوات السياسة النقدية للحد من عدم الاستقرار المالي والنقدي .
  3. وضع رؤية علمية مدروسة لكسر حالة الحصار الاقتصادي وإيقاف العدوان من قبل الجهات المعنية بما يساعد في حشد العون الخارجي وتهيئة البيئة المناسبة للاستقرار الاقتصادي ومن ثم إنعاش الاقتصاد .
  4. إيجاد رؤية علمية ومدروسة لأولوية الاستيراد من السلع والخدمات وتحديد السياسات المناسبة لإنقاص أو الحد من استيراد السلع غير الضرورية وبالأخص من دول العدوان.
  5. تفعيل تطبيق نظام الريال الألكتروني مع مراعاة الأخذ في الاعتبار النتائج المترتبة عن تطبيقه وبالأخص في زيادة الطلب الكلي وزيادة النفقات العامة .
  6. ضرورة التنسيق بين كافة أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والرقابية في رسم السياسات الاقتصادية وتنفيذها والمتابعة للنتائج المترتبة عن التنفيذ واقتراح الحلول العملية أولاً بأول لمعالجة الاختلالات والصعوبات التي قد تظهر أثناء التنفيذ .
  7. تفعيل وتعزيز السياسات المالية الكفيل برفع كفاءة تحصيل كافة الموارد العامة المستحقة للخزينة العامة للدولة وترشيد النفقات العامة ورفع كفاءة تخصيصها بما يساهم في الحد من مشكلة الدين العام وأعبائه .
  8. تفعيل وتعزيز إدارة التجارة الداخليةبما يكفل منع الاحتكار وإغراق السوق بالسلع الغير ضرورية وضبط الأسعار وتوفير السلع الضرورية.
  9.  إنعاش القطاع الزراعي والسمكي والصناعات الوطنية المتوقفة كمصنع الغزل والنسيج ومصانع الاسمنت والصناعات الحرفية ...الخ.
  10. التوسع في نشر الوعي الإنتاجي والاستهلاك في أوساط المجتمع وبالأخص ما يتعلق بترشيد الاستهلاك من السلع غير الضرورية وبالأخص المستوردة منها وحض الأسر على الدخول في أنشطة إنتاجية وبالأخص في مجال الإنتاج الزراعي والحرف الوطنية والمشاريع الصغيرة .
  11. محاربة كافة مظاهر الفساد على كافة المستويات وفي كل المجالات.