بيان مواجهة الغزو والاحتلال الأمريكي للأراضي اليمنية واجب ديني

نشر بتاريخ: أربعاء, 18/05/2016 - 4:44م

 

البيان الختامي للقاء علماء اليمن الموسع

(مواجهة الغزو والاحتلال الأمريكي للأراضي اليمنية واجب ديني)

الحمد لله القائل: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون﴾ ، والقائل سبحانه: ﴿انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾، والقائل سبحانه: ﴿وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُون، أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِين﴾[التوبة: 12، 13].

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله القائل: (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى).

وبعد..

فإنه لا يخفى على الجميع ما تمر به الأمة الإسلامية  على جهة العموم من محن وفتن لا تكاد تتوقف، وما يمر به الشعب اليمني على جهة الخصوص من عدوان ظالم وحصار آثمٍ  وجائر استمر أكثر من عام تُوج باستجلاب قوات أجنبية أمريكية غازية معتدية.

ومما لا شك فيه أن وراء كل أزمات المسلمين المفتعلة والكوارث المتلاحقة أعداؤها من اليهود والنصارى وأتباعهم وقد أكد ذلك الحق سبحانه وتعالى في قوله ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾ وأكد سبحانه وهو العليم بكل شيء عدم رضاهم عن الإسلام والمسلمين فقال: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وقال: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾ ولا يخفى على الجميع أيضاً أن وراء بقاء إسرائيل غدةً سرطانيةً في الأراضي العربية المحتلة وأن وراء تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتدنيس الأماكن المقدسة هي أمريكا وأن من قتل المسلمين في أرض العراق وتسبب بخرابها هي أمريكا، وأن من قتل المسلمين في أفغانستان وسعى في إضعافها وتمزيقها هي أمريكا، ومن ضرب المسلمين في السودان والصومال هي أيضاً أمريكا، وأن وراء تدمير سوريا وليبيا ووراء كل نظام عميل وضعيف هي أمريكا،  وهاهي أمريكا قد جاءت إلى أرض اليمن بقواتها المدعومة بحاملات الطائرات والسفن الحربية والمدرعات والدبابات واحتلت أرض جنوب الوطن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الذي أنشأته وصنعته حتى توجد لنفسها المبررات والأعذار.

لقد أنفقت أمريكا أموالاً ضخمة لتلميع صورتها وتحسين وجهها القبيح لدى الشعوب العربية والإسلامية وللتغطية على جرائمها البشعة والمروعة ليس بحق المسلمين فقط بل بحق الإنسانية، وحتى توجد في قلوب الناس والشعوب حالة من الرضاء بتواجدها في أي مكان غير أن الشعب اليمني قد أدرك كل مؤامراتها وسوء نواياها وأدرك وعرف عدوه من صديقه، وأن أمريكا وإسرائيل وراء كل ما يحدث من عدوان همجي سافر، وما كان لمؤمن أن يعيش حالة انسجام ووئام مع من قتل النبيين وسفك دماء المؤمنين، وحارب الإسلام والمسلمين على امتداد رسالة السماء، وإذا لم يتحرك الناس لاسيما العلماء منهم الذين أخذ الله عليهم الميثاق بتبليغ رسالته في قوله تعالى: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون﴾   وفي قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا﴾،  فإن الأمر خطير والعواقب وخيمة.

ونظراً لكل ما يشكله التواجد والاحتلال الأمريكي للأراضي اليمنية من خطر استراتيجي  وتهديد وجودي ونظراً لما تحتله اليمن من موقع استراتيجي عالمي ولما تمتلكه من خيرات واعدة يسعى الامريكيون بكل قواهم الى استلابها والاستئثار بها ليعيش الشعب اليمني حالة البؤس والحرمان والذل والهوان، ونظراً لما تحتمه المسئولية الدينية والواجب الوطني والإنساني فإن علماء اليمن اجتمعوا قياماً بالمسئولية في هذا اللقاء الموسع تحت شعار (مواجهة الغزو والاحتلال الأمريكي للأراضي اليمنية واجب ديني) وتشاوروا فيما بينهم وخرجوا بالمقررات التالية:

1- يعلن علماء اليمن رفضهم الصريح والقاطع لأي تواجد للقوات الأجنبية في الأراضي اليمنية تحت أي مسمى أو ذريعة، ويعتبرون الغزو الأمريكي وأدواته الإقليمية والمحلية المتعاونة معه على الإثم والعدوان احتلالاً للأرض في بلدنا المسلم وعدواناً غاشماً يتوجب شرعاً التصدي له وطرده ومواجهته بكل السبل والوسائل المشروعة، ويؤكدون على وجوب الجهاد لمواجهة العدوان والغزو والاحتلال ووجوب التحرك الفاعل والجاد لأبناء الأمة على كل المستويات والأصعدة كلٌ من موقعه ومسئوليته العسكرية والعلمائية والإرشادية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

2- يحمل علماء اليمن الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة المسئولية الكاملة عن كل نتائج ومآسي العدوان على اليمن وتدمير بنيته التحتية وقصفه بالأسلحة المحرمة وقتل أبنائه والحصار الاقتصادي وكل الأضرار الناجمة عن العدوان الهمجي الغاشم، ويؤكدون على احتفاظ اليمن بحقها في المطالبة بذلك دولياً ومحلياً باعتبارها جرائم حرب ضد الإنسانية، كما يحملون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسئولية السكوت والتواطؤ مع دول العدوان.

3- يدين علماء اليمن كل الجرائم والمذابح وعمليات التهجير التي تجري في جنوب البلاد ويعتبرون ذلك جرائم ضد الإنسانية وانتهاكاً صارخاً للمواطنة وخدمة صريحة لأعداء الله المجرمين من الغزاة المعتدين، كما يؤكدون على وحدة الأراضي اليمنية وحريتها واستقلالها وعدم التفريط بأي شبرٍ فيها ووجوب الوقوف ضد مؤامرات التقسيم وضد الأطماع الإقليمية والدولية.

4- يدعو علماء اليمن كافة المؤسسات والهيئات والشخصيات العلمائية العربية والإسلامية إلى القيام بمسئوليتهم الدينية أمام الله سبحانه وتعالى في القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي إلى إيقاف العدوان الظالم على الشعب اليمني بحسب الإمكانيات والقدرات المتاحة لهم ولو بالكلمة والموقف الصريح لرفض العدوان، كما يحمل الداعمين والمؤيدين للعدوان مسئولية استمرار ما يحدث في اليمن من مآسٍ وجرائم بشعة جراء دعم وتبرير بعض المؤسسات العلمائية لهذا العدوان الذي لا مبرر له على الإطلاق، كما يحيي علماء اليمن كل الشخصيات والمؤسسات العلمائية  والحركات الإسلامية التي وقفت إلى جانب الشعب اليمني وقضيته العادلة وأدانت العدوان الظالم عليه.

5-يؤكد علماء اليمن على تحريم التعاون مع دول العدوان الأجنبي أمريكا وأتباعها في المنطقة ومساندتهم  والقتال معهم أو تأييدهم أو مشاركتهم بأي صورة من الصور ويعتبرون التعاون مع العدوان من أي جهة عسكرية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها خيانة لله ورسوله وللمؤمنين  وللشعب اليمني وموالاة  لأعداء الله التي حذر منها القرآن الكريم بقوله: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾  وبقوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ ويدعون إلى اتخاذ أقصى العقوبات التي تنص عليها الأحكام الشرعية ضدهم.

6-يحيي ويثمن علماء اليمن صمود الشعب اليمني وتضحياته وثباته في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي ويحذرون من عواقب السكوت أو التنصل عن القيام بما يمليه الواجب الديني والوطني والإنساني تجاه الأخطار المحدقة بالشعب اليمني ويدعون أبناء الشعب إلى رفد جبهات القتال بالمقاتلين والمال والسلاح وكل ما يلزم لمقارعة القوات الغازية الأمريكية وحلفاءها.

7-يدعو علماء اليمن رجال المال والأعمال لتوجيه نشاطهم فيما يساعد الشعب على مواجهة محنة الحصار الظالم وتوفير احتياجاته الملحة بعيداً عن الاستغلال والاحتكار، والتلاعب بالأسعار ويحذرون الجهات المعنية من التساهل في اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق كل المفسدين الذين أنهكوا اقتصاد البلد وتحكموا بأسعار العملات واحتكروا ورفعوا بأطماعهم وجشعهم أسعار السلع الأساسية والمشتقات النفطية.

8- يرحب علماء اليمن بأي حوارٍ جادٍ وهادف استجابة لقوله تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾ [الأنفال:61] كما يؤيدون التوصل إلى أي حلول سلمية تحفظ لليمن حريته واستقلاله وسيادته وكرامته وأمنه واستقراره ووحدته بعيداً عن الوصاية الدولية والإقليمية و يدعون كل أبناء الشعب إلى الوحدة والاعتصام بحبل الله المتين ونبذ كل دعوات التفرقة والانقسام ورفض أي نعرات عنصرية أو طائفية أو مناطقية أو مذهبية مفرقة امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون﴾ [الأنبياء:92].

9- يدعو علماء اليمن كافة القوى الوطنية والسياسية إلى سد الفراغ السياسي بشكل سريع وعاجل ويقررون تشكيل لجنة من العلماء لمتابعة ذلك.

10-يدعو علماء اليمن اللجنة الثورية العليا وكافة أجهزة ومؤسسات الدولة إلى تحمل مسئوليتهم الدينية والوطنية في إدارة شئون البلد بإخلاص وجدارة والعمل بصدق وأمانة على مكافحة الفساد ورفع المظالم مراعين في ذلك التضحيات الجسام التي قدمها ويقدمها ابناء اليمن في سبيل سيادة العدل والنظام والقانون وصلاح الأمة وسعادتها وكرامتها.

11-يشيد علماء اليمن بالدور العظيم الذي يقوم به أبناء الجيش واللجان الشعبية والتضحيات الجسيمة التي يقدمونها في التصدي للعدوان، كما يدعون الجهات المعنية وكل شرائح الشعب إلى الاهتمام بالجرحى ورعاية أسر الشهداء والسعي في فك الأسرى والكشف عن مصير المفقودين.

12-يؤكد علماء اليمن أن قضية العرب والمسلمين المركزية والأولى هي تحرير المسجد الأقصى وفلسطين من الاحتلال الصهيوني وأن ما يحدث في العالم العربي والإسلامي من فتن ومؤامرات وحروب ما هو إلا لصرف العرب والمسلمين عن هذه القضية.

13-يحيي علماء اليمن كل الحركات الإسلامية المقاومة لمشروع الاستكبار العالمي المتمثل في أمريكا وإسرائيل والفكر الإجرامي المتطرف المستبيح للدماء والأعراض المستخدم من قبلهما لتشويه الإسلام ولتمرير مشاريع تفتيت وتمزيق العالم العربي والإسلامي.

14-يدعو علماء اليمن الشعب اليمني إلى العودة الصادقة إلى الله والالتجاء إليه والثقة به والتوكل عليه والتصديق بوعده بالنصر فهو القائل: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِين﴾ والقائل: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَاد﴾ والقائل: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم﴾ ويدعون من يقف في صف العدوان إلى الرجوع إلى جادة الصواب ومنطق العقل والحكمة.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن يرحم شهداءنا ويشفي جرحانا ويفك أسرانا ويعيد مفقودينا ويحفظ بلادنا وشعبنا وأمتنا من شر الأشرار وكيد الفجار الذين أكثروا في الأرض الفساد، وأن يطهر بلادنا وبلاد المسلمين من رجسهم وأن يجعل تدميرهم في تدبيرهم وأن يشفي صدور قوم مؤمنين بإسقاط عروش الجبت والطاغوت، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته المنتجبين.

صادر عن اللقاء الموسع لعلماء اليمن 

بتاريخ  11 / شهر شعبان سنة 1437هـ -

الموافق  18/5/2016م

الدلالات: