المدرسة الشمسية ،، منارة العلم والعلماء

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 26/01/2016 - 11:13م

من أبرز المدارس الإسلامية  في ذمار التي تمثل اليوم إحدى المعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها مدينة ذمار التي يطلق عليها مدينة العلم و العلماء وقد شيدت المدرسة الشمسية بأمر من الإمام المتوكل يحيى شرف الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الذي حكم في الفترة (912-965هجرية) (1506-1557ميلادية) وقد بدأت عمارتها في العام 947هـ وتم الانتهاء من عمارتها عام 949هـ ..

تقع المدرسة الشمسية في حي الجراجيش غرب السوق القديم من مدينة ذمار وسميت بالشمسية نسبة إلى أحد أبناء الإمام شرف الدين، وهو الأمير (شمس الدين).

 

بيـت الصــلاة:

تتكون المدرسة الشمسية من بيت الصلاة تحيط به أبنية لسكن الطلاب من الناحية الجنوبية وملحقاتها ويتألف بيت الصلاة  من خمس بلاطات بواسطة أعمدة رشيقة تحمل عقوداً مدببة ، ويزين الجدران الأربعة في بيت الصلاة نصوصاً كتابية بخط النسخ ، تحمل آيات قرآنية واسم المنشئ إضافة إلى الزخارف الجصية في كتابة المحراب وأعلى المدخل ، وفي الناحية الجنوبية لبيت الصلاة فناء مكشوف يتوسطه بركة مياه يقابلها مساكن الطلبة إضافة إلى المئذنة و(المطاهير).

 

المنـــازل:

توجد بيوت الطلبة (المنازل) ملاصقة للسور الخارجي للمنشأة، وذلك من الجهات الشرقية والغربية والجنوبية والجهة الشمالية الشرقيـة والشمالية الغربية ويفصل بينها وبين بيت الصلاة الصحن المكشوف وتتكون كل منـزلة من طابقين، الأول منهما مبني من حجر الحبش، بينما الطابق الأعلى من الآجر واللِبْن، ويتم الصعود إليه عن طريق درج حجري داخلي، بينما يتم الصعود إلى الطابق الأعلى بالمنازل التي بالجهة الشمالية بواسطة درج خارجي في الصحن وتتكون كل منـزلة من حجرة واحدة في كل طابق عبارة عن مساحة مستطيلة تخصص لأكثر من طالب، ويتخلل بعض المنازل فتحات نوافذ للإضاءة والتهوية، بينما يخلو بعضها من النوافذ. ولا يلحق بالمنازل مرافق خاصة بها من حمامات أو مطابخ، حيث إن القائمين بها يستعملون الحمامات الخاصة بالمسجد، وقد هدمت المنازل التي في الناحية الجنوبية الغربية نتيجة الزلزال الذي تعرضت له المدينة سنة 1982م وأقيمت مكانها مطاهير حديثة.

 

المئذنــــة:

شيدت للمدرسة الشمسية  مئذنة عالية وصارت من أهم معالم مدينة ذمار، وتم بناؤها سنة 1155هـ - 1742م في عهد الوالي العثماني محمد علي باشا..

وكان بناء المئذنة تتبع الطراز اليمنى في بناء المآذن، إذ أنها تتكون من قاعدة مربعة مبنية من حجر الحبش ويبلغ طول ضلعها عند القاعدة 4.80م، بينما تنحسر الجدران إلى الداخل قليلاً من أعلى. وتنتهي القاعدة بشرفات مسننة حيث يبلغ ارتفاع القاعدة حتى نهاية هذه الشرفات 11.55م، ويوجد في الجدار الغربي من قاعدة المئذنة فتحة باب معقودة يؤدي إلى داخل المئذنة وقد حليت الأجزاء العليا من جدران القاعدة بزخرفة عبارة عن قطع من الآجر موضوعة بشكل تبادلي تكون أشكال دلايات بسيطة التكوين. يعلو القاعدة دورة متعددة الأضلاع يبلغ ارتفاعها حتى بداية الشرفة 5.80م وتنتهي هذه الدورة بزخرفة عبارة عن قطع بارزة من الآجر تشكل كوابل تستند عليها الشرفة، أما جدار الشرفة فإنه يشتمل على زخارف هندسية بارزة عبارة عن خطوط متقاطعة منفذة بالجص. أما الدورة الثانية للبدن فإنها تتكون من جزأين السفلي منها إسطوانى، يعلوه جزء مثمن يتخلل كل ضلع من أضلاعه فتحة نافذة. وينتهي البدن بزخرفة من قطع الآجر مرتبة رؤوسها بشكل تبادلي. ويبلغ الارتفاع الكلي للمئذنة حتى نهاية البدن 24.45م. وتنتهي المئذنة بقبة نصف كروية وقد أضيفت هذه القبة سنة 1982م بواسطة مكتب أوقاف ذمار بعد أن سقطت القمة الأصلية للمئذنة نتيجة للزلزال ، كما قيل إنه أثناء أعمال الترميم التي حدثت بالمئذنة عثر على لوحة تشتمل على كتابة تسجيلية تشير إلى أن المئذنة بنيت سنة 1155هـ/1742م في عهد الوالي العثماني محمد على بينما يشير رأي آخر إلى أنها بنيت بعد بناء الجامع بفترة قصيرة في عهد السلطان سليمان سليم خان ابن بايزيد.

 

قبلــة العلمــاء:

كان لهذه  المدرسة دور مهم في نشر العلوم الشرعية ودورها يشبه إلى حد كبير الأزهر الشريف في مصر وقد وصفها البردوني بأنها كانت أشبه بجامعة الزيتونة والقيروان والأزهر الشريف إذ كانت تقام فيها الدروس في مختلف العلوم الشرعية واللغوية وكذلك المناظرات العلمية والأدبية..

وقد شكلت المدرسة الشمسية مركز إشعاع علمي ومعرفي للاجيال المتعاقبة وتخرج منها كوكبة من ألمع علماء وقضاة وأدباء اليمن.

إذ كان يفد إليها طلبة العلم للدراسة في كل عام من شتى المناطق اليمنية بالإضافة إلى الطلاب من المدينة نفسها ومن نواحيها، ويعرفون بالمهاجرين يقيمون في منازل ( أي حجرات ) ملحقة بالمدرسة الشمسية ، وكانت بعض هذه المنازل معروفة بأسماء أسر تتوارث الإقامة بها خلفاً عن سلف لطلب العلم.

وتشير كتب التاريخ إلى أن الدراسة بالمدرسة الشمسية تقوم على أساس الطوعية دون نظام معين أو حتى أجر مقرر للمدرس أو الطالب وإنما يتطوع الشيخ للتدريس و طلاب العلم المهاجرين يعيش أغلبهم على ما يقدمه لهم بعض بيوت المدينة من مساعدة ، ومع شظف العيش فقد كان هؤلاء الطلاب يحققون قدراً عظيماً من المعرفة.

وكانت المدرسة الشمسية رابع أربع مدارس موجودة في اليمن بالإضافة إلى مدرسة الجامع الكبير بصنعاء ومدرسة زبيد ومدرسة في مدينة جبلة.. كانت هي المدارس الأساسية في تخريج المجتهدين والعلماء والقضاء..

 

أبرز العلماء في المدرسة العلمية:

لقد توجه العديد من الطلاب إلى كبار العلماء ليتلقوا العلم في المدرسة وكان من أكابر العلماء الذين درسوا فيها

العلامة لطف بن زيد وأخوه عباس بن زيد والعلامة زيدبن علي الديلمي والكثير منهم ..

وقد تخرج على أياديهم جمع غفير من علماء اليمن والقضاة والشعراء منهم :

العلامة إبراهيم بن يوسف و العلامة حسن بن يحيى الديلمي والعلامة علي بن حسين الأكوع

والعلامة يحيى بن محسن العنسي والعلامة عبدالله بن محمد السوسوة والعلامة يحيى بن عبدالله راوية والمقرئ محمد حسين عامر والشاعر عبدالله البردوني و وغيرهم كثير.

 

مكتبة المدرسة:

للمدرسة مكتبة من أهم مكتبات العلم في اليمن أثرت بمخطوطاتها وكتبها المكتبة العربية والإسلامية وقد ذكر المؤرخ إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه « المدارس الإسلامية في اليمن» أنه كان للمدرسة مكتبة نفيسة موقوفة. اه.ـ ومن أشهر المخطوطات الموجودة فيه المكتبة المسائل القاسمية (حول مذهب الإمام القاسم بن إبراهيم) ، الإحياء على شهادة الإجماع، مسائل الهدية في مذهب الزيدية. وغيرها من المخطوطات  التي تبرز دور اليمن في نشر العلوم  والمعارف.

الدلالات: