باب القيام في شهر رمضان في مسند الإمام زيد

السؤال

ما رأي العلماء الأجلاء في هذا الحديث؟؟
مسند الإمام زيد بن علي (ع)
باب القيام في شهر رمضان:
حدثني زيد بن علي عن ابيه عن جده عن علي عليهم السلام أنه أمر الذي يصلي بالناس صلاة القيام في شهر رمضان ان يصلي بهم عشرين ركعة يسلم في كل ركعتين ويراوح ما بين كل أربع ركعات فيرجع ذو الحاجة ويتوضأ الرجل وأن يوتر بهم من آخر الليل حين الانصراف.

الإجابة: 

الحديث الذي ذكره السائل صحيح وهو يدل على عدد صلاة التراويح، فالحديث يشير إلى عددها، والإمام عليّ نَبَّه إلى عددها وكيفتيها ولم يذكر كونها جماعة أو لا، ولم يمنع ما فعله من تقدمه من الأمر بأدائها جماعة وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أن الإمام علي عليه السلام لم يصلها ولم يكن يتعبدها ولا الصالح من أهل بيته، وقوله أنه أمر ...الخ، يدل على أن الإمام علي عليه السلام لم يكن يصلي معهم لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته أفضل، على أنه قد روي أن الإمام علي لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماماً بهم نافلة شهر رمضان زجرهم وعَرَّفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه.. إلى آخر الرواية. 
قال في نهاية المسند: ويدل على ذلك ما في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، وقول رسول الله لما رأى اجتماع الناس في الليلة الرابعة: أنه لم يخف عليّ مكانهم ولكني خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم وإن صلاة المرء في بيته خيرٌ إلا المكتوبة، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس يصلون في بيوتهم، وكذا في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر ثم لما جمعهم عمر إلى إمام واحد ورآهم قال: نعمت البدعة. اهـ. 
وقال في حاشية المسند: وعند العترة أن التجمع بها بدعة. اهـ. 
والمسألة من مسائل الفروع الظنية التي لا يجوز فيها التأثيم والتفسيق، والإنكار على أن بعض أهل البيت كان يقوم ليل رمضان مع زوجته فالأمر فيه متسع ما لم يظن الإنسان كون ذلك سنة فلا يجوز. 
لابدَّ أن تعلم أن استنباط الحكم من السنة لا يكون من خلال وجود حديث واحد صحيح بل لابد من جمع كل الأحاديث الصحيحة وترجيح بعضها على بعض وتقديم الحديث الأشهر والمجمع عليه على غيره وإن كان الكل صحيحاً وتأويل ما خالف الأقوى أو المجمع عليه بحيث يتوافق على المجمع عليه. 
والمعلوم والمتفق عليه أن رسول الله نهى بعض أصحابه لما رآهم مجتمعين في الليلة الرابعة وقال لهم: (قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) فرسول الله فَضَّل الصلاة في البيت تطوعاً على الصلاة في مسجده وعلى الصلاة في المسجد الحرام، فلا فرق بين المساجد الثلاثة ومن غيرها في ترجيح فعل النوافل في البيوت. 
فرسول الله أعلمهم أن صلاتهم في بيوتهم فراداً ووحداناً أفضل من صلاتهم معه وخلفه في مسجده الذي له فضلٌ كبير إذ قول رسول الله (إلا المكتوبة) يدل على أن الصلاة في مسجد رسول الله والتي لها الفضل على الصلاة في البيوت هي صلاة التطوع دون المكتوبة، وفي الحديث (صلاة المرء في بيته أفضل من صلاة في مسجدي هذا إلا المكتوبة) قال الشوكاني: قال المداني: وإسناده صحيح، ويدل على أن الصلاة تطوعاً فرادى في البيوت أفضل من الصلاة جماعة. 
والحديث يشمل جميع النوافل لأن المراد بالمكتوبة المفروضة وما تشرع فيه الجماعة بدليل خاص كصلاة الكسوف والخسوف عند من قال بأنها سنة، فالكسوف والخسوف والاستسقاء لأنها من شعائر الإسلام.

فإن قلت: إن رسول الله ترك ذلك خشية أن تفرض عليهم وهذه العلة بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم غير موجودة.
قلت: ذكر النبي علتين أحدهما خشيت أن تفرض عليكم والثانية قوله (إن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة) وقوله (أفضل) محذوف من المفضل منه، والظاهر كأن ا لمراد به التعميم أي أفضل من جميع النوافل، فهذه العلة وهي أفضلية صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ثابتة بإجماع المسلمين. 
على أن قول عمر (نعم البدعة هذه) وفي رواية (نعمت البدعة) وقول ا لراوي ثم توفي رسول الله والناس يصلون في بيوتهم، وكذا في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر يدلُّ على أن العلة هي أفضلية صلاة التطوع في البيوت. 
وعلى أن رسول الله لم يُصَلِّ بهم صلاة التراويح قط لا مرة ولا غيرها إذ في الحديث (فصلّى بصلاته ناس من أصحابه فلما علم بهم جعل يقول فخرج إليهم... الخ). 
وقوله (فإن أفضل صلاة المرء في بيته ... ) بالفاء متفرع على قوله (فصلوا أيها الناس في بيوتكم) وتعليل له فإن قلت قول رسول الله (صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة) عام وصلاة التراويح مخصصة مخرجة من هذا العموم؟ 
قلت ما أعجب واعجباه كيف تفعل المذاهب والأهواء بأهل العلم إذ كيف يقال أن الحديث مخصص وقول رسول الله (صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة) واردٌ في موضوع التراويح بل هو نص في صلاة الليل في رمضان فالحديث نص، محل النزاع. 
إذ سبب قوله (صلاة المرء في بيته .... الخ ) إرادتهم الصلاة خلف رسول الله جماعة في ليل رمضان.

وأقول: الصلاة تطوعاً في البيت أفضل لأنها أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، والمعلوم أن إسرار الأعمال الصالحة أفضل من الإعلان بها، وعند الشافعية أن الانفراد بصلاة التراويح أفضل لبعده عن الرياء. ولأجل هذه العلة عرف أن ذكر الله وكل الأعمال الصالحات أفضل في البيوت إلا ما خصه الدليل أو كان لأجل الاقتداء وحث الناس على الخير وتعليمهم.
وفي مصنف أبي شيبة: من كان لا يقوم مع الناس في رمضان فذكر ابن عمر وإبراهيم وعلقمة والحسن.
والحاصل أنه إذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد رسول الله والصلاة فيه بألف صلاة فأيُّ فضل أبين من هذا حتى إن البعض يترك الأعمال الخيرية الواجبة بحجة أنه يؤدي التراويح، ويذهب بعضهم يؤدي التراويح –كما قال بعضهم- كل يوم في رمضان ثم يرجع قبل الفجر من المسجد الحرام إلى بيته، وإذا لم يذهب أحد الأيام عَدَّ ذلك نقصاً في دينه وإيمانه.

أجاب عليه العلامة: عبدالله بن حسين الديلمي