حوار مع الدكتور العلامة / طه بن أحمد المتوكل

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 18/07/2017 - 11:12م

تتشرف مجلة الاعتصام في عددها الخامس عشر أن تستضيف السيد العلامة الدكتور / طه بن أحمد المتوكل وتجري معه هذا الحوار والشعب اليمني يواجه للعام الثالث العدوان السعودي الأمريكي الذي أهلك الحرث والنسل وأفسد الأرض اليمنية بأسلحته السامة والمحرمة واستهدف كل جميل في اليمن ويمارس القتل اليومي عمدا وعدوانا فأهلا وسهلا بك ضيفا عزيزا لهذا العدد من مجلة الاعتصام.


نبذة من حياته

هو العلامة الدكتور طه بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن عباس المتوكل، ولد في محافظة إب عام 1974م، ثم انتقل مع والده إلى العاصمة صنعاء وسكن معه في الجراف الغربي، تربى على يد والده، والتحق بحلقات المسجد منذ صغره، ولازم السيد العلامة عبدالله بن عباس المؤيد قراءة حتى لحق بربه، كما تتلمذ على يد السيد العلامة حمود بن عباس المؤيد، والعلامة إبراهيم عشيش، والقاضي العلامة أحمد عبدالعزيز، وسيدنا العلامة عبدالحميد معياد، والسيد العلامة الحجة محمد بن محمد المنصور، وأجازه السيدان العالمان المجتهدان مجد الدين المؤيدي، وبدر الدين الحوثي، وغيرهما، ووفق بين الدراسة الشرعية والرسمية، فقد تخرّج من الثانوية عام 1992م، وتخرج من كلية الطب عام 2000م، ونال شهادة البورد بامتياز عام 2011م، وهو يتحدث العربية والإنجليزية بفصاحة.

وتميز منذ صغره بالحنكة والذكاء والفصاحة، وظلت خطبه تشد إليها الرحال، ويأتيه المستمعون من أطراف مدينة صنعاء وضواحيها، لقوة طرحه، وجمال أسولبه، وفصاحة عباراته، ومعالجته للمشكلات بحلول إرشادية توعوية، واتجه إلى العمل المؤسسي، فأسس مؤسسات فكرية وتعليمية واجتماعية، منها مركز عبدالله بن عباس، ومركز خديجة الكبرى للنساء، ومؤسسة إسهام، ومؤسسة صنعاء.

تميز بدماثة الخلق، وقوة التأثير، وجمال الجاذبية، وحركيته المبادرة والمثابرة، دؤوباً في عمله، مبدعاً في فكره، ومتميزاً في طريقته.


س1: من هم العلماء أو المشائخ الذين درست على أيديهم وما هي الدروس التي تلقيتها عندهم؟

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين.

 بدأت دراستي على يد والدي حفظه الله الذي بدأ بتعليمي القرآن الكريم وكان يتابعني في قراءة القرآن إلى أن بلغت عشر سنوات انتقلت بعدها عند السيد العلامة الزاهد الحجة عبدالله بن عباس المؤيد رحمه الله والذي اعتبرني إبناً له، وله الفضل بعد الله في تربيتي وتعليمي فقد كان رحمه الله مهتماً بي وقد بدأت الدروس عنده وعمري عشر سنوات، فقد جعلني أهتم أولاً بالقرآن الكريم حفظاً وتلاوة حتى أجازني في قرآءة حفص ونافع، كما أجازني الشيخ الحافظ محمد حسين عامر بعد متابعة أستاذي ومعلمي العلامة محمد أحمد مفتاح حفظه الله، وخلال تلك الفترة من تعلم القرآن الكريم درست عند سيدي العلامة عبدالله بن عباس الكثير من العلوم خلال فترة تزيد عن ثمانية عشر عاماً متواصلة في فنون العلوم المختلفة.

ففي الفقه قرأت على يديه متن الأزهار إلى آخره مع حفظ فصول متن العبادات، ثم انتقلنا إلى دراسة كتاب (التاج المذهب) مرتين، ثم (شرح الأزهار)؛ حيث استمرينا في قراءته سنوات شاركنا كثير من العلماء في بعض الفصول مثل العلامة محمد أحمد مفتاح، كما درست على يديه كتاب (نكت العبادات)، و(الأحكام)، للإمام الهادي، و(متن التجريد) وغيرها من كتب الفقه، وفي التفسير قرأنا (الكشاف)، وكان سيدي عبدالله بن عباس يحفظ كتاب (الكشاف) ويملي علينا ما يقول صاحب الكشاف قبل أن نقرأ التفسير من الكتاب، وقد سمعت سيدي محمد بن محمد المنصور وسيدي حمود بن عباس المؤيد وهما يشهدان لسيدي عبدالله بن عباس المؤيد أنه لا نظير له في فهم وحفظ (تفسير الكشاف).

كما قرأت على يديه في الأصول (الثلاثون المسألة) و(ينابيع النصيحة) و(خلاصة الفوائد) و(عدة الأكياس في شرح الأساس).

وبالنسبة للفرائض فقد قرأت على يديه (متن الفرائض) مراراً.

وفي النحو قرأت على يديه (متن الآجرومية) وملحقها، و(قطر الندى) وقد لازمت خلال دراسة (قطر الندى) العلامة محمد مفتاح في بعض فصوله لشرح ما صعب علي فهمه.

وقرأت على يد سيدي العلامة عبدالله عباس المؤيد العديد من المؤلفات الفكرية مثل بعض كتب ومؤلفات مفتي عمان الشيخ أحمد الحليلي، وكتب في الأخلاق والسلوك وغيرها.

ورحم الله سيدي عبدالله بن عباس المؤيد الذي أولاني برعايته ولطفه وتأديبه فكان نِعْم الأب ونعم الأستاذ ونعم المربي الزاهد العالم والعامل، وقد أجازني إجازة علمية عامة رحمه الله.

وقد قرأت على يد بعض العلماء كالقاضي أحمد بن عبدالعزيز في جامع البليلي، وكنت ألازم العلامة محمد أحمد مفتاح في بعض دروسه عند سيدي حمود بن عباس المؤيد بعد الفجر في الفقه والتفسير.

وخصص لي العلامة المولى الحجة بدر الدين الحوثي وقتاً بعد العصر لدراسة كتاب (الأساس) وكذا كتاب (تحرير الأفكار) وتفسير بعض من آيات القرآن الكريم في كثير من السور مما ظهر له أن فيها عندي لبس فجزاه الله خير الجزاء، وقد أجازني إجازة علمية عامة.

ودرست على يد سيدي مجد الدين المؤيدي حينما طلع صنعاء كتاب (الينابيع) و(التحف) وبعض الكتب، وقد أجازني إجازة علمية عامة، رحمهم الله رحمة الأبرار.

ولا أنسى فضل شهيد المحراب العلامة الدكتور المرتضى المحطوري، والعلامة محمد أحمد مفتاح الذين كانا يدفعاني دائماً إلى دراسة العلوم والحث عليها والدراسة عندهما لبعض الكتب، كما كانا يدفعان بي للخطابة وإلقاء المحاضرات في هذا الجامع وذاك، فجزاهما الله عني خير الجزاء، ورحم الله شهيد المحراب الدكتور المرتضى المحطوري.


س2: كيف استطعتم الجمع بين دراسة العلوم الشرعية والعلم الرسمي؟

كان ذلك بفضل الله، فقد درست الابتدائية والإعدادية والثانوية وكنت بفضل الله متفوقاً من الأوائل وحصلت على منحة دراسية إلى الخارج البلد بعد الثانوية غير أن سيدي العلامة عبدالله بن عباس منعني من الخروج وحثني على مواصلة الدراسة باليمن والاستمرار بالخطابة بمسجده ومنبره منبر مسجد الحشحوش؛ وفعلاً واصلت دراسة البكالوريوس طب عام وجراحة وتخرجت عام 2001م بعد الامتياز، وحصلت على درجة الدكتوراه (بورد عربي) في تخصص الباطنية والقلب عام 2011م، وأعمل الآن في مساق أمراض القلب، وهذا بفضل الله وكرمه.


س3: ما حقيقة العلم النافع؟ ومن هو العالم الرباني من وجهة نظركم؟

العلم النافع هو العلم الذي يثمر سلوكاً وعملاً عند صاحبه، ففي آيات كثيرة يقول الله ﴿الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ولا يقتصر العالم على نفسه بل ينشر علمه ويبلغه للناس ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ والعالم الرباني هو العالم الذي يشد الناس إلى الله ويربطهم بالله ﴿ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون فالعالم الرباني هو من عرف الله حق معرفته وربط الناس بالله والجهاد في سبيل الله قولاً وعملاً.

وقد رأينا علماءنا الربانيين بعلمهم وورعهم وتقواهم وقولهم كلمة الحق حينما يصمت ويخرس الناس يقولون الحق ولا يخافون لومة لائم، ورأينا ثمرة علمهم وجهادهم على الرغم من كبر سنهم وأعمارهم يجاهدون في سبيل الله الظلمة وأعوان الظلمة.


س4: ما هي مسؤولية العالم والخطيب تجاه الأمة وشؤونها وقضاياها المصيرية؟

العالم والداعية والخطيب هو من يجمع الناس ويوحد صفوفهم ويوجههم نحو الحق ومن يعالج قضايا الأمة برؤية قرآنية.

والعالم يهتم بكل قضايا وتفاصيل حياة الناس يرشدهم ويوعيهم ويبين لهم الحلال والحرام لأنهم ورثة الأنبياء، ويحذرهم من الأخطار والمؤامرات والتحديات التي تحاك على الأمة لاسيما في هذا الزمن، فالعالم هو عبارة عن قارئ كبير للأحداث عبر منظوره للحدث والقرآن معاً.

فمع الهجمة الأمريكية والصهيونية ونشرها للفساد والإفساد في المنطقة العربية والإسلامية والعالم يتوجب أن يرفع العلماء والمصلحون أصواتهم على كل المستويات ولا يسكتوا على باطل أبدأً.

وقد رأينا حينما رفع المصلحون أصواتهم كيف زهق الباطل وتجمع أهل الحق معهم، لأن الله  يقول: ﴿وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.


س5: كيف يمكن استعادة الحضور الفكري للهوية اليمنية الجامعة وإحياء الهجر العلمية من جديد؟

أولاً: يجب أن نعي أن الهوية الإسلامية اليمنية لم تطمس ولم تغب أبداً عن أرض الإيمان والحكمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: »الإيمان يمان والحكمة يمانية« والجملة الإسمية تفيد الدوام والاستمرار، والتعايش المذهبي الإسلامي في اليمن حاضر وفريد من نوعه على مستوى الأمة وشواهده التاريخية كثيرة جداً.

وإن فترة الهيمنة الفكرية والثقافية الوهابية بسبب المال السعودي سرعان ما ستنتهي مع وجود المصلحين الربانيين.

ثانياً: لم يحدث أي شرخ في النسيج الفكري الزيدي والشافعي وإنما وجدت غدة سرطانية وهابية تم استئصالها بعملية جراحية ناجحة.

ولهذا فعلى العلماء والمفكرين والباحثين والمثقفين والمجالس العلمية أن يقوموا اليوم بدورهم في توعية الناس وإرشادهم لاسيما مع وجود وسائل التواصل الحديثة عبر شاشات التلفزة أو مواقع التواصل والاهتمام بالهجر العلمية التي حاول النظام السابق محوها وطمسها عبر الاهتمام بمساجدها وعلمائها وأوقافها وتطوير أسلوب التدريس وإنشاء الجامعات والمدارس بما تمتلك تلك الهجر العلمية من أوقاف كثيرة وكبيرة فيجب استعادتها سواء في صنعاء أو حضرموت أو صعدة أو ذمار أو تعز أو بقية المحافظات.


س6: بحكم أنك طبيب استشاري مختص ما هي وظيفة عالم الطب بناء على خبرتكم وتجربتكم وما هي المسئولية الدينية والأخلاقية الملقاة على عاتق الطبيب؟

الأطباء هم أمناء على أبدان الناس وعلى صحة أجسادهم، والإنسان هو مخلوق كرمه الباري سبحانه وتعالى، فالاهتمام بالإنسان وبالمريض خصوصاً أياً كان المريض وأياً كان المرض هي أرقى درجات الإحسان التي يقول الله فيها: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ويجب الأخذ بعين الاعتبار، مسألة التخصص وعدم المجازفة والحذر من الأخطاء الطبية التي قد تقع كثيراً بسبب عدم استشعار المسئولية عند البعض.

ومهنة الطب يستغلها الكثير من باب الكسب المالي بينما فضيلتها أرقى وأسمى من أي مردود مادي حينما ينهي ألماً لمريض أو يداوي علة لعليل مع جواز أخذ الأجر والمردود المعقول وأعظم مردود هي الدعوة الخالصة لله من مريض، ويكسب الطبيب سعادة الدارين والبركة في الدنيا والآخرة.

وما نشاهده اليوم من استغلال لمعاناة المرضى في بعض المستشفيات والمبالغة اللا معقولة لأسعار المداواة والكشف والعلاج إلا دليل على تخلي البعض عن إنسانيته وانجراره نحو المادة الزائلة.

وهنا أدعو إلى إيجاد ضوابط وتشريعات تحد من المبالغة في أسعار الخدمات الطبية لاسيما في هذه الظروف التي تمر بها بلادنا، لكن للأسف لا توجد أي جهة رقابية تقوم بعملية ضبط ورقابة، فمع حاجة المريض للدواء والعلاج يبيع ما يملك، وقد رأينا من باع أرضه وبيته وما يملك، وفي المقابل لم نجد رأفة ولا رحمة، وأصبحت كثير من المستشفيات الخاصة حينما بدأ شلل المستشفيات العامة بسبب الحصار والعدوان فأصبحت بعض تلك المستشفيات الخاصة عبارة عن مسلخ وعداد للمال بلا شفقة ولا إنسانية.

فأدعو المجلس السياسي ومجلس النواب والوزراء والجهات الرقابية إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة العاجلة حتى تنقذ المرضى من جشع وطمع واستغلال المتجردين عن الإنسانية وأن يتم تحديد سقوف أسعار للكشف والفحص والدواء، والحذر من الأدوية المهربة التي أصبحت سماً زعافاً يشتريه المريض بماله وتدخل البلد كجزء من العدوان على بلدنا.


س7: ماهي الأسباب التي جعلت الطب في اليمن والوطن العربي متأخراً من وجهة نظركم؟

الحقيقة يجب أن تقال، فالعقول هي العقول بل إن العقول اليمنية والعربية تبدع وتخترع إذا خرجت من اليمن خصوصاً ومن الدول العربية عموماً.

والسبب يعود إلى تخلف العرب ليس في مجال الطب فحسب بل في كل المجالات بسبب موافقة الأنظمة الحاكمة على السير على خطى دول الاستكبار العالمي التي سلبت ثروات الأمة وحطمت قدراتها.

وقد رأيتم كيف قتلت أمريكا واغتالت علماء العراق إبان غزوها للعراق وفي المقابل نجد النهضة العلمية والطبية في إيران مثلاً لخروجها من تحت العباءة والهيمنة الأمريكية والصهيونية.

والبلدان العربية تنفق أموالها في التسليح وتشتري بمئات المليارات أسلحة وفي المقابل تهمل جوانب البحوث والدراسات سواء في مجال الطب أو غيره ، فلا مراكز أبحاث ولا تقنيات متطوره وتسعى الدول الاستكبارية لاغتيال العلماء والمبدعين أو استقطابهم إليها.

فالأنظمة الحاكمة في اليمن مثلاً لا تعطي للطبيب أي حافز والمضحك أن راتبه لا يساوي أجرة المواصلات لتنقلاته مثلاً؛ فكيف يستطيع أن يبدع وينجح، وكذلك الحال في العالم العربي بأكمله.

إيران اليوم وصلت مثلاً في جراحة المخ والأعصاب إلى درجات متقدمة حتى على كثير من دول أوروبا وأمريكا والسبب الاهتمام بالعنصر البشري والعقل البشري وتطوير أجهزة ومراكز البحث العلمي.


س8: ماهي الحلول والمعالجات المتاحة التي يمكن من خلالها تصحيح الوعي اليمني من تراكمات الوهابية التي غزت العقل اليمني العربي؟

الوهابية هي الصورة الحقيقة لما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم »من هاهنا يطلع قرن الشيطان«.

فالوهابية الإرهابية التكفيرية التي تحرف الإسلام غزت بلدان الإسلام والعالم لتشويه الإسلام وفتُحت مراكز في أوربا وأمريكا للوهابية وسمحت تلك الدول الأمريكية والأوربية لتلك المراكز الوهابية من أجل تنفير الشعوب الغربية عن الإسلام وخلق وتكوين صورة مشوهة وغير صحيحة عن الإسلام لأنهم رأوا أن سماحة الإسلام وعدالة الإسلام ستدخل الناس إلى دين الله أفواجا وهكذا صنعت تلك الدول إسلاماً بطريقتها لتشويه الإسلام في الغرب ولضرب المسلمين بعضهم ببعض في أوطانهم.

واليمن ما هو إلا جزء من العالم العربي الذي غزته الوهابية وضخت مليارات الريالات السعودية منذ عشرات السنين لتزييف الوعي سواءً عن طريق المساجد أو المناهج أو الجامعات وشراء الذمم وغيرها.

واليوم مع سقوط الأقنعة واتضاح صورة التكفير الوهابي والتفنن في القتل والسحل ومضغ الأكباد والقلوب وبيع النساء وانتهاك الأعراض عرف الناس حقيقة الإسلام الوهابي المزيف، وأصبح لزاماً على العلماء والدعاة والمفكرين والخطباء والإعلام كشف الحقائق أمام الناس وكشف ما تقوم به الدعوة الوهابية ومقارنتها بالإسلام الصافي الذي يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم: »لا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً ولا راهباً في صومعته ولا امرأة ولا تقطعوا شجراً إلا لعذر« .

فكيف ينطبق على أولئك الإسلام وهم أصلاً مدربون في إسرائيل وقد عرف العالم مثلاً أن التكفيرين في سوريا يعالجون في مستشفيات تل ابيب.

ولم يعد خافياً من تصريحات الزعماء الأمريكيين أن داعش مثلاً صنيعة أمريكية من الإدارة الأمريكية، وهذا أصبح أمراً لا جدال فيه.

فالعودة إلى كتاب الله وتنقية كتب الحديث من أحاديثهم المروية عندهم مثل »جئناكم بالذبح« والتي لا تنطبق مع القرآن ولا مع النبوة والله يقول: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين.

اليوم المواطن العربي واليمني أصبحت القضية عنده مكشوفة لكنها بحاجة إلى تعزيز، وهنا يأتي دور العلماء والأعلام والكتاب والمفكرين واستخدام وسائل التواصل الحديثة عبر القنوات الفضائية الحرة والثقافية والسياسية والفكرية ووسائل التواصل الاجتماعية والندوات الحرة، وما علينا إلا مواصلة معركة الوعي.


س9: برأيكم ما هي الخطوات التي يجب على المسئولين في الأوقاف والتربية القيام بها للنهوض بالأوقاف والتربية من جديد؟

لاشك أن الوهابية والنظام السابق قد ركزا كثيراً على بالأوقاف والتربية والتعليم العالي بالدرجة الأولى من أجل تزييف العقول والكل يعرف كيف أنشئت المعاهد العلمية الوهابية وكيف كانت تمول بمليارات الريالات السعودية وكيف غرست تلك المعاهد في البيئة الزيدية والشافعية وكيف بنوا المساجد والمعاهد والجامعات وصمموا المناهج على الطريقة الوهابية على قاعدة يشب عليها الصغير ويهرم عليها الكبير فأصبحت ثقافة تتداولها الأجيال مع قمع النظام للعلماء في اليمن ومحاربتهم وقتلهم واغتيالهم وتهديدهم ومنع أي تحرك لهم بقوة الأمن والسلطة.

كذلك في مجال الأوقاف سلبت أوقاف المساجد الكبيرة مثل أوقاف الجامع الكبير بصنعاء، أو جامع الجند، أو جامع الإمام الهادي، أو غيرها من المساجد، ونهب الوصايا والترب ومنعت من أن تصل إلى العلماء وطلبة العلم ومستحقيها وهناك مثال واضح للنظام السابق.

إن جامعة العلوم والتنكنلوجيا استأجرت 1529 لبنة لمدة 99 عاماً بإيجار سنوي مليون وثمانمائة ألف ريال في السنة أي أن اللبنة الواحدة إيجارها في العام قرابة ألف ريال أو يزيد قليلاً، واليوم الجامعة تدر ملايين الريالات ولا يصل إلى الجامع الكبير شيئاً، بل وهناك أراضي في شارع الزبيري والتحرير وغيرها بني عليها استثمارات لا يصل إيجارها في العام إلى 25 ريالاً فقط، والنهوض بالتربية والأوقاف يحتاج إلى بحث كامل ومجلدات لكن نختصره في الآتي:

  1. إعادة صياغة المناهج العلمية الدراسية للمراحل الدراسية سواء في المدارس أو في الجامعات بما يتطابق مع كتاب الله والسنة النبوية التي تتطابق مع القرآن.
  2. عمل ورشات عمل للمدرسين والعاملين في المجال التعليمي لتصحيح الأفكار وفقاً للقرآن الكريم.
  3. نشر الكتب الفكرية وتشجيع الكتاب لتصحيح الثقافة بالحجة والدليل.
  4. استعادة الأوقاف الخاصة بالعلماء والمتعلمين.
  5. إنشاء جامعات من الأوقاف التي خصصت لها، مع تصحيح وضع الجامعات والمدارس.
  6. تطوير السياسة التعليمية بما يتوافق مع العصر.
  7. الاهتمام بالعقول وأصحاب الكفاءة والأكاديميين لبناء منظومة علمية صحيحة تقوم على أسس علمية صحيحة.
  8. فحص شهادات دكاترة الجامعات العامة والخاصة لأن كثيراً منها مزورة أو من جامعات غير معترف بها، وفضحهم أمام الرأي العام؛ لأن هؤلاء مدعي علم.
  9. استعادة دور المسجد والمنبر عبر علماء وخطباء على درجة عالية من الكفاءة مع إقامة ورش عمل مستمرة للخطباء لتطوير مهاراتهم.
  10. الأخذ بأسباب الحكمة في الطرح بسبب تراكم ثقافة مغلوطة لأكثر من خمسين عاماً.

والعديد من الخطوات التي لا يتسع لها المقال الآن.


س10: ماهو التشخيص الصحيح للواقع اليمني من حيث الأسباب التي أودت باليمن إلى أن يكون متأثراً وتابعاً رغم وجود المؤهلات التي يمكن أن تجعله مؤثراً ومتبوعاً ؟

لا يمكن فصل السياسة عن الواقع، فسياسة النظام السابق جعلت من اليمن حديقة خلفية للسعودية واشترت الولاءات وكما قال البردوني:

ومسؤولون في صنعاء وفراشون في بابك

لقد جئنا نجر الشعب في أعتاب أعتابك

ولا يمكن الفصل بين سياسة آل سعود والنظام الصهيوني والأمريكي تجاه اليمن فوصاية السعودية على اليمن هي نتيجة ما يريده النظام الصهيوني والأمريكي حتى لا ينهض المارد اليمني ابن تبع وصاحب أرض سبأ والبلد السعيد.

فاليمن مشقتة من اليمن والبركة.

وهي أرض الحضارات.

في السماء نجم اسمه سهيل اليماني

وفي البيت ركن اسمه الركن اليماني.

ومن السيوف أمضى سيف هو الصمصامة اليماني.

لكن الأنظمة التابعة للهيمنة الصهيونية والأمريكية منعت أي تطور صناعي أو حضاري أو ثقافي أو تجاري في البلد وكان ذلك مدفوع الثمن للحكام المرتهنين للسياسة الصهيونية والأمريكية، فعلى سبيل المثال التقارير العالمية تقول أن اليمن يمتلك مخزوناً نفطياً عالمياً يقدر بـ34% من احتياط العالم وأن أعلى منسوب غاز عالمي توجد في اليمن ولذلك منعت السعودية أي نظام من استكشاف النفط والغاز في الجوف ومنبه والسواحل الغربية وغيرها من المناطق.

تماهى النظام السابق مدفوع الثمن منع من استغلال أكبر ساحل بحري لما يقارب 2000كم فمنعوا الثروة السمكية من أن نستغلها بينما تأتي سفن مصرية أو هندية إلى مياهنا وتأخذ من الأسماك ما تريد وترمى الأسماك الأخرى ميتة، حرمونا من السياحة التي لا يوجد لها نظير في العالم من المعالم الحضارية في كل من صنعاء والحديدة وعدن والمكلاء وإب والمحويت وصعدة وغيرها من المحافظات.

لا مجال للمقارنة بين رمال نجد وبلاد الحضارة في اليمن، ولا مجال للمقارنة بين من كان أجداده ينصبون الخيام من القش والقصب ومن يبنون الحضارات وقصر غمدان وسد مأرب وشتان بين من كان أجداده يجوبون البلاد طولاً وعرضاً يبحثون عن من يكتب لهم وصية لميت وبين من كان قد وصل إلى أندونسيا وماليزيا شرقاً وكينيا وأفريقيا غرباً يعلم الناس دين الله، وشتان بين من كانوا يغوصون في البحر يبحثون عن لؤلؤة واحدة وبين اليمانيين الذين عبروا الفرات ونزعوا اللآلئ والجواهر من على تيجان كسرى وقيصر.

اليمن بلد الحضارات وصنعاء بلد الثقافة وأما نجد فلا يعرفون إلا ثقافة الهجن والجمال، ولذلك لا يعرفون إلى اليوم إلا رقصة الهجن وبول البعير واحتفال الجنادرية.

لكن لأن النظام السابق كان تابعاً لآل سعود فلا يمكن أن يتم إصدار قرار لوزير ولا لمدير عام إلا عبر اللجنة الخاصة التي تصرف المرتبات من الأموال لبعض المرتزقة.

صعد رؤساء  في تاريخ اليمن المعاصر عبر آل سعود ومن صعد رئيساً وتوجه بخلاف ما تريد السعودية قتلوه مثل الشهيد إبراهيم الحمدي.

لكن ثورة 21 سبتمبر أعادت لليمنيين موقعهم وأصبح الداخل والخارج يحسب لهم ألف حساب لأنهم استعادوا هيبتهم ودولتهم وأصالتهم، وذلك لتوفر ثلاثة أسباب من شأنها النصر على العدوان وبناء اليمن:

  1. وجود قيادة حكيمة تقرأ الواقع بعمق وتتخذ التدابير المناسبة، وهذه القيادة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه.
  2. وجود مشروع حمله اليمنيون وهو المشروع القرآني الذي ينطلق بالأمة للخروج من الهيمنة والوصاية والتبعية.
  3. وجود أمة واعية تحمل وعياً ناضجاً وتبذل خيرة شبابها ورجالها لأجل إقامة مشروعها، (القيادة – المشروع – الأمة) أمام ذلك لن تنكسر أمة أبدا.

س11: ماهي المعالجات للنهوض بمستقبل اليمن الاقتصادي؟

نحتاج في ظل هذا التحدي الاقتصادي إلى بناء الاقتصاد المقاوم والتعريف به وبناء الاكتفاء الذاتي حتى نقاوم سلاح الحصار والعدوان والاستعانة بأصحاب الخبرات الاقتصادية لاسيما في هذه المرحلة، فببناء الأمن الغذائي مثلاً بسياسة اقتصادية فعالة وإدارة الأزمة نستطيع التحرر ومقاومة العدوان والاستقلال.

وما دمنا نحتاج إلى كيس البر المستورد فلن نستطيع التحرر إلا إذا أكلنا مما نزرع ولبسنا مما ننسج وإلا فنحن تحت العبودية المبطنة.

فالاستقلال الكامل ينبني على سلاح الاقتصاد المقاوم والاكتفاء الذاتي وبناء الأمن الغذائي واستنفار المجتمع بأكمله للعمل في كل المجالات.


س12: أحد الحروب التي شنها ويشنها العدوان علينا هي الحرب الأخلاقية والفساد الأخلاقي كيف نستطيع مواجهته؟

الكل يعرف أن هناك حرباً عسكرية وحرباً اقتصادية ولكن هناك الحرب الخطيرة وهي الحرب الناعمة وهي حرب على هذا الجيل وهي الحرب الأخلاقية والتي هي أشد فتكاً على الشباب من القنابل والصواريخ بل إن حريقها يصل إلى داخل كل بيت.

وذلك لمعرفتهم بأن الشباب هم الأسرع ارتباطاً بالحق ومواجهة الباطل وهم الذين يشكلون روح أي مشروع نهضوي أو تنموي ولذلك عملوا ويعملون على شل فعالية الشباب ببث السموم لاسيما في هذا العصر الذي أصبح كالقرية الواحدة وتطور فيه العلم تطوراً سريعاً، فمن وسائل التواصل الاجتماعي وأشكالها وأنواعها والقنوات الفضائية بالآلاف التي تلعب على إثارة وتحريض الغرائز والشهوات في نفوس الشباب وغير ذلك مما يسعى العدوان إلى نشره من مخدرات وحشيش واختلاط داخل بعض الجامعات والمعاهد وغيرها.

لكن الشاب اليمني كسر حربهم بتوجهه للجبهات واتجاهه نحو الجهاد وكانت الدروس التوعوية للشباب حاضرة محذرة بمخاطر هذه الحرب، كما أن خلق حالة رقابة داخلية كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا، مثّل حاجزاً كبيراً أمام أي استهداف لهم.

فالحرب هي حرب على هذا الجيل فإما أن ننتزعه منهم أو ينتزعوه منا، لكن جيل الشباب اليمني أثبت وعيه الكامل بقضيته وارتباطه وتركه ملذات وشهوات الدنيا وانطلق للشهادة في سبيل الله.

فالشباب هم المدافعون على امتداد أكثر من 20 جبهة تصد العدوان، وقد ازدادوا ارتباطاً بالله وكسروا الحرب  الأخلاقية اليهودية لأنهم كما ذكرهم الباري ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾.


س13: في رأيكم متى بدأ العدوان السعودي الصيهوأمريكي على اليمن؟

لا يمكن الحديث عن العدوان على اليمن بدون الحديث عن المشروع الأمريكي الصهيوني في كل المنطقة بأكملها.

الحرب على اليمن هي جزء من الحرب على الأمة العربية والإسلامية بأكملها، المشروع الأمريكي يريد تقسيم وتجزيء هذه الأمة وإدخالها في فوضى وقتل ونشر التكفيريين فيها.

المشروع الأمريكي لا يريد بقاء دول ولا جيوش ويريد الإطاحة بالجيوش والدول.

فتقسيم كل البلدان العربية ونشر الفوضى والاقتتال وتجريدها من سلاح المقاومة.

المشروع الأمريكي يريد توسيع دولة إسرائيل بدون أي مقاومة من الشعوب حيث ستكون الشعوب تحت وطأة مشاكلها الداخلية، وبذلك يريد إضاعة القضية الفلسطينية، فالنكبة الأولى أضاعت فلسطين كأرض وهو يريد اليوم أن تضيع القضية الفلسطينية وتبقى الأمة مفككة مقسمة.

ولذلك لا يمكن فصل العدوان على اليمن عن احتلال العراق ومحاولتهم تمزيق لبنان وما صنعوه في سوريا والعمليات العسكرية التي دمرت ليبيا ومكنت داعش والقاعدة من ليبيا.

هم يريدون استهداف المنطقة بأكملها وإبقاء المنطقة في صراعات داخلية وإنهاكها عسكرياً واقتصادياً وابتزاز الدول الغنية منها.


س14: كنتم أحد المستهدفين في تفجير مسجدي الحشحوش وبدر فمن يقف وراءها؟ وكيف تقرأون علاقة التفجيرين بالعدوان ؟

أولاً: أسأل الله الرحمة للشهداء في هذه المجزرة البشعة وكل الشهداء الذين تبعوهم وأسأل الله الشفاء لكل الجرحى.

هذه المجزرة الرهيبة ليست من صنع الأدوات الصغيرة التي نفذت وأعدت وجهزت الانتحاريين الذين ألبسوهم الجبس لتنفيذ الجريمة.

بل يجب أن يعي شعبنا أن هذه الجريمة مثلت مشهداً من مشاهد الإرهاب الأمريكي.

فالجريمة هي حرب أمريكية إسرائيلية يهودية ضد الأمة بأكملها الذي أشرف وتابع وخطط هي الاستخبارات الأمريكية الإسرائيلية، أما الذي مول فهي الاستخبارات السعودية والنظام السعودي، وأما الأدوات القذرة والصغيرة فهي أدواتهم في الداخل من حزب الإصلاح والإخوان والدواعش وقد اعترفوا بأنفسهم في ذلك.

وأما علاقة التفجير بالعدوان الشامل على اليمن فكانت هذه الجريمة مقدمة وإرهاصاً سبقت التدخل العسكري المباشر على اليمن.

والعدوان العسكري لم يكن إلا نتيجة لما سبقه من تفجير لمسجدي الحشحوش وبدر، وكانت هذه الجريمة عنواناً لمرحلة قادمة للأمة الإسلامية مفادها الذبح والإبادة.

كانت هذه الجريمة تستهدف الرموز والمفكرين والفكر وتستهدف اليمن واليمنين بأكملهم.

وكانت هذه الجريمة رسالة من الاستخبارات الأمريكية والصهيونية والسعودية وحزب الإخوان أنهم مستعدون لانتهاك كل المقدسات وتجاوز كل الخطوط الحمراء.

ورأينا فعلاً حينما بدأت طائراتهم بالعدوان على اليمن في 26 مارس 2015م كيف استهدفوا كل المحرمات من المساجد والبيوت الآمنة وقتلوا الأطفال والنساء والآمنين.


س15: لماذا قوبل طلب المملكة بعلاج جرحى مسجدي بدر والحشحوش بالرفض من قبل أنصار الله؟

أكيد لابد أن يقابل طلبهم بالرفض لمعرفتنا أنهم من قاموا بالتخطيط والتنفيذ للجريمة وما طلبهم ذاك إلا للتغطية على جريمتهم أمام العالم وتبرئة ساحتهم لكننا برفضنا نقل جرحانا كشفنا النقاب عن عدونا المنفذ لتلك الجريمة.

فكيف يصبح المجرم مداوياً ومعالجاً

فكانت صفعة الرفض الشعبي الكامل وليس من قبل أنصار الله بل كان رفضاً شعبياً كاملاً لمعرفة الشعب اليمني بأن القاتل هو الاستخبارات السعودية والنظام السعودي.


س16: ماهي الخيارات الرادعة التي يمكن أن توقف العدوان وتجعل النظام السعودي والأمريكي يعيد حساباته تجاه اليمن ؟

العالم لا يعرف إلا منطق القوة ومنطق الردع، وقد عرف العدوان أن اليمن هي الرقم الأصعب في المنطقة، فالله تعالى يقول: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ.

وصمود الشعب اليمني للعام الثالث مثل أكبر عملية ردع جعلت العدوان يعيد حساباته ويبحث عن أي مخرج للخروج من المأزق بعد أن استنزف مقدراته المالية والمعنوية.

فأعظم أدوات الردع التي استمد منها الشعب اليمني القوة هو إيمانه بالله وثقته به أمام الإعلام الهائل الذي أراد أن يزرع ثقافة اليأس والإحباط أمام القوة والغطرسة بالأسلحة الفتاكة لكن سلاح الإيمان والتوكل على الله أبطل مفعول أسلحتهم، كما أن التفاف الشعب اليمني حول القيادة وتسليمه للقيادة وثقافة القوة الاجتماعية ومظاهر وحدة الصف الداخلي من خلال رفد الجبهات بالرجال والسلاح والعتاد وتلك الوقفات القبلية بالسلاح أرعبت العدد وجعلته أيضاً يعيد حساباته، ولعل أكبر عملية ردع للعدوان هو عملية توازن الرعب؛ فبعد أن دخل العدوان عامه الثالث انطلقت الصواريخ اليمنية إلى وسط الرياض فهم لم يحققوا أي أهداف عسكرية أعلنوها في أول العدوان، بل بدت واهية جيوشهم لدى شعوبهم.

وخسرت أمريكا وفرنسا وبريطانيا هيبة وسمعة مكانة أسلحتهم في العالم وهذه نقطة انتصار كبيرة.

فطائرة تساوي 200 دولار فقط من صنع الجيش اليمني يتم ضربها بصاروخ قيمته 2 مليون دولار كما تحدث بذلك وزير الدفاع الأمريكي.

فتوازن الرعب قد تحقق، وبعد أن كانوا يضربوننا بطائراتهم وصلت صواريخنا إلى عمق الأراضي السعودية وأصبح هاجس الهزيمة مخيماً في عقولهم.

مع معرفتهم أنه لا يزال في جعبة القيادة الكثير من المفاجآت إذا استمروا في بغيهم أو عدوانهم فإنهم سيعرفون بأننا نمتلك كثير من خيارات الردع سنجعلهم يعيدون ترتيب أوراقهم؛ لأن السلاح في بعض الأحيان لا يستخدم بقدر ما يكون ردعاً، فمثلاً كثير من الدول معها سلاح نووي هي لا تستخدمه لكنها تصبح دولة نووية يحسب لها ألف حساب وتردع أعدائها، وصدق الله حين قال: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾.


س17: يستنفر العدو إلى حرب الساحل الغربي كيف تقرأون ذلك ؟

إذا حاول العدوان احتلال الساحل الغربي فإنه بذلك سيحرق نفسه بنفسه، وسيشعل المنطقة بأكملها ولن نقف مكتوفي الآيادي وهم يعرفون أهمية باب المندب الخط الملاحي الهام في العالم وهو خطوة استراتيجية يمكن أن يتم استخدامها في حال حاولوا أي اختراق للحديدة وغيرها.

فباب المندب وحده وكل عواصم الخليج بما فيها الرياض ودبي لن تكون في مأمن أبداً من ضربات رجال الله، ويجب أن نذكر العالم أن معركة الساحل الغربي يستعد الشعب اليمني لها استعداداً لا يخطر على بالهم لأننا نعرف أن معركة الساحل معركة مصير ووجود وعليهم قراءة ذلك.


س18: ما دور قيادات حزب الإصلاح في العدوان على اليمن ؟

كشف العدوان والتحالف السعودي الصهيوأمريكي عن الوجه القبيح لتجمع الإصلاح والإخوان في اليمن وكيف أنهم آيادي قذرة ومنفذة للمشروع الصهيوني السعودي في اليمن.

وكشف حقيقة وشعارات قياداتهم وولائهم لأمريكا وإسرائيل وأنهم من كان يقف وراء الاغتيالات والتفجيرات والقتل للشعب اليمني وأنهم استهدفوا المفكرين والرموز اليمنية وما جريمة العرضي وكلية الشرطة والسبعين ورداع وغيرها إلا فضيحة مدوية لمن تستروا بالدين.

وما ظهور تصريحات لقيادتهم المتحالفة مع العدوان على قتل اليمنين إلا مظهر من مظاهر دناءة نفوسهم وأنهم مجرد أذيال للمشروع الصهيوني الأمريكي على اليمن والمنطقة بأكملها.

وشاهد الجميع اعترافات عناصرهم بأنهم من أرسل الإحداثيات للعدوان لصالات العزاء بأرحب والصالة الكبرى وكثير من جرائم العدوان وما هذا إلا دليل على حقدهم على هذا الشعب الذي عرفهم وعرف حقيقة وجوههم القبيحة ومشروعهم الخطير.


س19: هل سيأتي اليوم الذي نجد فيه العرب والمسلمين على قلب رجل واحد أمام المشاريع الصهيونية والمؤامرات الاستعمارية وما هو دوركم كعلماء وخطباء في إحياء الوحدة الإسلامية ؟

لابد أن تعرف أن المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة قد سقط، سقط في العراق وسقط في سوريا، وسقط في اليمن، وسقط في لبنان، وانكشف أمام الخاصة والعامة، ولا يمكن أن ننسى دور الأصوات العلمائية والمفكرين والكتاب والسياسيين والأحرار من مختلف الشعوب العربية والإسلامية مثل تونس، والجزائر، ومصر، وباكستان، وحتى داخل أراضي نجد والحجاز، وكذلك الأصوات الحرة في إيران، وتركيا، ودول المغرب العربي، وكل ذلك عبارة عن مخاض لمواجهة المشروع الأمريكي وولادة وإظهار المشروع القرآني الرحماني في مواجهة المشروع الشيطاني، لأن الحق لابد أن يظهر ولأن الباطل زهوق ﴿وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾.

ولاشك أنه لن تتوحد كل الطوائف والفرق الإسلامية إلا بالعودة الكاملة إلى القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فمشروع الثقافة القرآنية هي الطريق الوحيد في طريق الوحدة الإسلامية القادمة بالنصر للأمة بإذن الله.


س20: لماذا أراد المشروع الأمريكي فصل القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى عن قضايا الأمة وجعلها قضية تخص الفلسطينيين وحدهم ؟

كما تعرفون أن كل هدف المشروع الأمريكي والصهيوني منذ نشأة النظام الصهيوني هو إلهاء الأمة الإسلامية وحرف بوصلتها عن قضيتها المركزية قضية القدس وقضية فلسطين وقد حاولوا أن يوجدوا الأزمات داخل البلدان حتى يصبح كل بلد وكل أمة مشغولة بقضاياها الخاصة وتوجد أرضية لتوسع الكيان الإسرائيلي.

لكن صحوة الأمة أوقفت هذا المشروع ورأينا كيف أن اليمنيين على الرغم من القتل والحصار والعدوان يعتبرون أن قضيتهم الأصيلة والحقيقية هي قضية المسجد الأقصى.

وما العدوان على اليمن إلا ضريبة لتحرر اليمنيين ورفع صوتهم عالياً رغم ظروفهم إلا أن قضيتهم الأساسية هي قضية الأراضي الفلسطينية وأن تحرر الأقصى هو واجب ديني كمثل تحرر كل شبر من اليمن.

شعر اليهود بالوعي عند اليمنيين وعرفوا أن الصرخة شكلت وعياً كبيراً لدى الشعب اليمني فقاموا بالعدوان عليه وهم لا يعرفون أن ذلك لن يزيد اليمنيين إلا قوة ومنعة، حتى تحرير كل شبر من أراضيهم والوصول إلى القدس الشريف ونحن على ثقة بأن معركة التحرير للقدس قد بدأت على يد رجال الله الذين قال الله فيهم: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرً.


س21: كيف تقرأون الهرولة العربية للأنظمة وبعض الحركات الإسلامية نحو التطبيع مع اليهود؟ وما حكم من يقبل بالصلح مع اليهود والنصارى المحاربين والمحتلين ؟

هذه الهرولة العربية كما نراه من النظام السعودي ودول الخليج وبعض الأنظمة في مصر والأردن وغيرها ومن بعض الحركات التي حاولت في الماضي امتصاص الغضب ضد إسرائيل إلا انكشاف للأقنعة حتى يتميز الخبيث من الطيب، فيصبح هناك فريقين لا ثالث لهما.

فريق هو مع الله ومع المقاومة صريح.

وفريق يوالي اليهود والنصارى صريح.

حتى لا يبقى فريق في المنطقة الضبابية وهذه الخطوة هي خطوة إلهية في طريق النصر القادم؛ لأن الفريق الذي يتولى اليهود والنصارى سيهزم ويكتب تاريخ نهايته كما حكى القرآن الكريم في طريق انتصار قوة المقاومة الحقة من الشعوب الحرة والأبية.

وما القمة التي يعقدها رئيس أمريكا »ترامب« مع زعماء المنطقة وقادتها إلا لتشكيل حلف واضح مع الشيطان وسينتصر فريق المقاومة في نهاية المطاف.

فلا خيار إلا مقاومة الكيان الصهيوني والخروج من كل شبر من أراضي فلسطين.


س22: ماهي رسالتكم للشعب اليمني في هذه الظروف؟

ثلاثة أعوام من الحقد والقتل والتدمير والحصار والقصف والزحف ومئات الآلاف من الغارات بالطائرات ومئات الآلاف من الصواريخ والقنابل، ظهر فيها ثلاثة أعوام من الصمود والثبات والتوكل على الله، ولهذا أدعو شعبنا اليمني في هذه الظروف إلى التمسك بهذه التاءات:

  1. تعبئة: رفد الجبهات بالرجال والمال والسلاح.
  2. توعية: داخلية ومخاطبة العالم الخارجي بمؤامرات العدوان وخطورته والاهتمام خصوصاً بالإعلام.
  3. تسليح: وإعداد القوة أمام العدو من قوة الإيمان وقوة السلاح وتطوير القدرات والاهتمام بالعقول.
  4. توحد: رص الصفوف وتوحيد الجبهات الداخلية وترك المهاترات الجانبية بحيث لا يصبح شعاراً ومعزوفة وإنما حقيقة كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوص.
  5. تكافل: لاسيما الظرف الاقتصادي ونشر ثقافة التكافل الاجتماعي والاهتمام بالفقراء وصرف الزكاة عبر مؤسسات زكوية واضحة تتجه نحو الفقراء والاهتمام بالجرحى ورعاية أسر الشهداء.
  6. تنمية: تنمية القدرات الفردية والجماعية وتنمية الموارد المالية والبشرية والاهتمام بالأولويات مثل الرواتب والجبهات وترشيد الاستهلاك والنفقات.
  7. تسليم وتولي: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُون.