المرجفون في المدينة (الطابور الخامس)

نشر بتاريخ: أحد, 04/06/2017 - 10:40م

بسم الله الرحمن الرحيم

مرت الحروب والمعارك في تأريخ البشرية بمراحل مختلفة تطورت فيها أساليبها ومهاراتها وأدواتها ووسائلها (وبما أن الحرب خدعة) فقد استخدمت الجبهات المتصارعة كل الحيل ووسائل الخداع لهزيمة خصومها ولم تألُ جُهْدَاً ولم تدع وسيلة إلا فعلتها مهما كانت قذرة أو غير جائزة، ويوجد في تاريخ الحروب أربعة أجيال من الحروب مرت عبر التأريخ وحتى يومنا الحاضر.

  1. الجيل الأول: الهجوم العسكري؛ وهذا هو الذي كان قائماً في صدر الإسلام وقبله من التقاء الجيوش وتقابل الصفوف ثم الهجوم على بعضهم البعض، وهذا ما يسمى بالحرب التقليدية.
  2. الجيل الثاني: حروب العصابات.
  3. الجيل الثالث: الهجمات الاستباقية؛ وهذا الجيل قامت به بعض الدول الإستكبارية بعد الحرب العالمية الثانية وتأتي في إطار إخماد العدو في المهد ومنعه من الإستقواء.
  4. الجيل الرابع: من الحروب، هو الحروب الناعمة والباردة والتي أشهرها ما اصطلح على تسميته »حرب الطابور الخامس«، وهي حرب يقودها رجال الإعلام والإستخبارات وتعتمد على المشاهير من الإعلاميين والرموز منهم.

· سبب التسمية بـ»الطابور الخامس «

 يحاول »الطابور الخامس« أن يحصن نفسه عبر تمييع مصطلح »حرب الطابور الخامس« والتقليل من شأنها وقد سعى إلى تغيير مفهومها وتعريفها وجعلها كلمة للتنابز بالألقاب والمهاترات.

وفي الحقيقة »الطابور الخامس« كمفهوم عام هو مصطلح متداول في أدبيات العلوم السياسية والإجتماعية نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936م واستمرت ثلاث سنوات وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال »أميليو مولا« أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد، وكانت قواته تتكون من أربعة طوابير من الثوار فقال حينها: »إن هناك طابوراً خامساً يعمل في أوساط المواطنين لجيش الجنرال (فرانكو) ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية، وبعدها ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس والمرجفين ومرددي الشائعات في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.

· الوطنيون والطابور الخامس

الإنسان الوطني المؤمن المنحاز إلى شعبه وبلده ضد المعتدي عليه لا يستاء ولا يتألم ولا يعتبر نفسه المقصود من هكذا عبارات، بل يفرح ويشارك في إطلاقها على العملاء والمرجفين لأنه يعتبر نفسه جندياً في معركة الوعي ضد هؤلاء المرجفين الذين تعتبر المعركة ضدهم معركة وعي وليست معركة مسلحة، وبالتالي فهو يسعى إلى تعميم حالة الوعي وإلى وضع الضوابط لمعرفة الوفي من الخائن والوطني من العميل، ولماذا يتألم وهو لا يؤيد العدوان ولا يرسل الإحداثيات ولا ينشر الأكاذيب والأراجيف في أوساط المجتمع ولا يبدي حالة من التذمر ولا يحمل الطرف غير المتسبب آثار ونتائج غيره، وبالتالي فهو مطمئن لا يعتقد أن الكلام يستهدفه ولا أن قانون الطوارئ يشكل ضرراً عليه.

أما الذي يؤيد العدوان، أو يرسل الإحداثيات، أو ينشر الأكاذيب والأراجيف، أو يُحِّمل المدافعين على البلد آثار ونتائج المعتدين على البلد، ويحمل المواجهين للحصار إثم المحاصرين ويحمل الساعين لصرف المرتبات مسئولية نقل البنك وعدم صرف الرواتب، فهذا »طابور خامس« وبالتالي يشعر أن الكل يستهدفه وأصابع الإتهام موجهة إليه إنه يستحق التعامل معه بقانون الطوارئ.

ومثل هذا ينطبق عليه المثل العربي: »كاد المسيء أن يقول خذوني« وما قاله الله سبحانه حاكياً عن نفسياتهم: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ فهم يعتبرون أنهم هم المستهدفون عند كل تحرك وتوعية؟

أما عن قضية المرتبات فجميعنا يطالب بها لكننا كمجتمع وأفراد واعين نعرف المتسبب الحقيقي الذي استلم 200 مليار ريال وقرر نقل البنك المركزي إلى عدن، نحمله مسئولية تأخير صرف المرتبات ومسئولية المعاناة التي سيعيشها الشعب اليمني جراء هذا الحصار وانقطاع المرتبات ونحمل المجتمع الدولي الذي يعترف به ويمده بالسلاح ولا يمد المواطنين بلقمة عيشهم.

· إمكانيات الطابور الخامس

معركة الطابور الخامس إحدى أهم معارك الحرب الناعمة وجبهة كبرى من جبهات التضليل التي ينبغي أن تقابلها جبهة الوعي وبقدر تضليل أولئك أو وعي هؤلاء تكون الهزيمة ويكون النصر، لأنها معركة وعي بامتياز معركة هدى وضلال، معركة علم وجهل، وبالتالي فالسلاح الفتاك فيها ليس نيراناً ولا صواريخ وإنما يعتمد على نسبة وكمية الوعي من عدمه.

  • »الطابور الخامس« »هم أفراد من الناس مثلنا في الملبس والمأكل والمسكن يعيشون بيننا ولكنهم يعملون لصالح الغزاة والمستعمرين ويمهدون الجو لصالح الأعداء«.
  • عمل »الطابور الخامس« ليس عملاً عفوياً أو عشوائياً أو تلقائياً، لا أبداً أبداً، ومن يتصور ذلك فهو واهم ومخطئٌ خطأً فادحاً، بل وناقص وعي.
  • الطابور الخامس له شبكات ومنظومات ومراكز دراسات وغرف عمليات وإدارات وقيادات وله ميزانيات مرصودة، وله أيضاً منظرون وعلماء نفس ويقوم بعمليات مسح ميداني وعمليات تتبع واستقراء لنقاط الضعف لدى الخصم المطلوب استهدافه.
  • يقول جنرال أمريكي »القوة في الطابور الخامس هي القدرات العقلية والذكائية وليست قوة النيران«.
  • هذا الفريق المكون من الأغنياء والفقراء ومن الرجال والنساء، وقد تكون نسبة النساء أكثر من الرجال فيه، يشتغلون على الإشاعات وعلى الحالة الاقتصادية للناس وعلى نبش المشاكل الإجتماعية والثأرات القديمة وعلى توسيع الفجوة السياسية بين المكونات السياسية من أجل إضعاف الجبهة كما يشتغل على الخلافات المذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية.

· أهداف الطابور الخامس

يهدف عضو الطابور الخامس على مستواه الشخصي إلى حيازة المال والحصول عليه ولو على حساب شعب بأكمله قال صلى الله عليه وآله وسلم: »المال يعسوب المنافقين وعلي يعسوب المؤمنين«.

أما الهدف للعدو من تفعيل الطابور الخامس فيقول البروفسور الأمريكي الهدف من الطابور الخامس هو أن ترغم عدوك على تنفيذ إرادتك وليس بسط النفوذ فقط.

ويقول أيضاً: (إذا فعلت خطة الطابور الخامس جيداً فسيستيقظ عدوك ميتاً).

وهو يهدف أيضاً إلى ضرب الروح المعنوية للأمة والشعب المستهدف.

- كما يهدف الطابور الخامس إلى زعزعة الأمن والاستقرار، قال سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ﴾.

- ويهدف إلى كسر إرادة الشعب وفصل الشعب عن القيادة.

- كما يهدف إلى بث الروح الانهزامية في أوساط المجتمع وإلى نشر اليأس والإحباط والقبول بالخضوع والاستسلام وتفضيله على الصمود والمواجهة.

· علامات ونماذج من أسلحة الطابور الخامس الكلامية التضليلية:-

  • أن يقول: إنه ضد العدوان وضد مليشيات صالح والحوثي.
  • أن يلصق الفساد بمن يواجهون العدوان بدون دليل.
  • أن يمارس المكايدة السياسية وقت الحرب بهدف إرباك الجبهه الداخلية.
  • أن يسيئ للشهداء وينتقص من قدرهم .
  • التحريض على عدم المشاركه في جبهات القتال.
  • التحريض على عدم رفد الجبهات بالمال والسلاح.
  • أن يمتعض إذا سمع عن صاروخ وصل الرياض.
  • أن يحمل مسؤلية عدم صرف المرتبات أنصار الله والقوى الوطنية .
  • أن يقول عدونا السعودية فقط وينسى قيادة تحالف أمريكا وإسرائيل ودول الخليج وإفريقيا.
  • يقول: الله ينصر الحق ويخذل الباطل، وإذا سئل عن التوضيح لم يوضح !!
  • أن يحرض على الإضرابات تحت مبرر قطع المرتبات وبهدف الإثارة وشل حركة الدولة والاقتصاد وتوجيه الناس إلى غير أعدائهم ويختلق قضايا ومشاكل تلهي الناس عن متابعة إنجازات الجيش واللجان.
  • أن يساوي بين جميع الأطراف ويقول كلهم سواء .
  • أن يروج لانتصارات وهمية ليغطي على الانتصارات الحقيقية.
  • أن يسخر من الصناعة الحربية المحلية وكل إنجاز عسكري أو تصنيعي.
  • إذا انطلق صاروخ على السعوديه يستهزئ بنتائج الضربة ويقلل من أهميتها وأثرها على العدو.
  • يفرق بين الجبهات ويشكك في مواجهة الأعداء في الداخل ويدعي أن الجهاد في جبهات الحدود فقط أما في جبهات الداخل فليس جهاداً.
  • يقول إن هذه الحرب فتنة ومسلم يقتل مسلم، وكلهم يمنيون ولا يوضح أن أحدهما معتدي والآخر معتدى عليه وأن أحدهما تدعمه أمريكا والعالم، والآخر تحاربه أمريكا والعالم.
  • يشغل الناس بالقضايا الهامشية والوهمية عن القضايا الكبرى والمصيرية.

· أنواع العاملين مع الطابور الخامس.

  1. نوع منظم ومرتبط بغرفة العمليات ويتلقى تعليماته من غرف عمليات العدو مباشرة وهو عضو في مجموعة أو مجموعات وله مخصصات مالية وله خطط مرتبة يقوم بتنفيذها كما يرفع تقريراً يومياً أو أسبوعياً عن إنجازه.
  2. نوع غير منظم ولا مرتبط بالعدو وقد لا يعرف أنه ينفذ أجندته ولكن العناصر المنظمة تستفيد من ميوله ومواقفه وتوجهاته وبالتالي تقوم بتحريضه وتزويده بالمادة التضليلية وهذا النوع يحركه ويدفعه لمشاركة المرجفين والطابور الخامس إما الحقد والحسد أو الجهل وتصديقه لهؤلاء الخطيرين والغفلة عن قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين﴾[الحُجُرات:6] وقد يحمله على ذلك تضرر مصالحه وأمانيه لنفسه بأن هذا سيعوض مصالحه المفقودة، وقد تجتمع كل هذه الأسباب.

· المرجفون في المدينة (الطابور الخامس) في القرآن والسنة والتاريخ والأدب

  • مصطلح »الطابور الخامس« جديد مثله مثل مصطلح جاسوس أو عميل أو مخبر أو راصد إلى غير ذلك، يجمعها كلها في لغة العرب ولغة القرآن الكريم مصطلح (منافق ومرجف) قال سبحانه: ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً ، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً﴾ وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل﴾. وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾.
  • ومن علامات المنافق كما في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذا خاصم فجر).
  • ومن كلام الإمام علي عليه السلام في وصفهم: (وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً وَيَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً وَيَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ وَيَرْصُدُونَكُمْ بِكُلِّ مِرْصَادٍ قُلُوبُهُمْ دَوِيَّةٌ وَصِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ يَمْشُونَ الْخَفَاءَ وَيَدِبُّونَ الضَّرَاءَ وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ وَقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ وَفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ حَسَدَةُ الرَّخَاءِ وَمُؤَكِّدُو الْبَلَاءِ وَمُقْنِطُو الرَّجَاءِ لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ وَإِلَى كُلِّ قَلْبٍ شَفِيعٌ وَلِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ وَيَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا وَإِنْ عَذَلُوا كَشَفُوا وَ إِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلًا وَلِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلًا وَلِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلًا وَلِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً وَلِكُلِّ لَيْلٍ مِصْبَاحاً يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقِيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ وَيُنْفِقُوا بِهِ أَعْلَاقَهُمْ يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ وَيَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ وَأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ فَهُمْ لُمَةُ الشَّيْطَانِ وَحُمَةُ النِّيرَانِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ).
  • ولكم قرأنا ورأينا وصمعنا عن فعالهم وأوصافهم عبر التاريخ ولكم تجرعنا منهم صنوف الأذى في تاريخنا المعاصر فهم من أوصلوا البلاد والعباد إلى ما نحن فيه عندما اتخذهم الأعداء سلماً للوصل إلى تخريب وتدمير نهب البلاد وتسليم رقاب العباد والهيمنة  والاستبداد فهم من جهدوا للغزو الاستكباري والحرب الاستعمارية من الداخل، ورحم الله شاعر اليمن البردوني الذي وصفهم.

 فظيعٌ جهـلُ مـا يجـري

 

وأفظـعُ منـه أن تـدري

وهل تدريـن يـا صنعـا

 

مـن المستعمـر السـرّي

غــزاة لا أشـاهـدهـم

 

وسيف الغزو في صـدري

فقـد يأتـون تبغـاً فــي

 

سجائـر لونهـا يـغـري

وفـي صدقـات وحـشـي

 

يؤنسن وجهـه الصخـري

وفي أهـداب أنثـى فـي

 

مناديـل الهـوى القهـري

وفـي ســروال أسـتـاذ

 

وتحـت عمامـة المقـري

وفي أقراص منـع الحمـل

 

وفـي أنبـوبـة الحـبـر

وفـي حـريـة الغثـيـان

 

وفـي عبثـيـة العـمـر

وفي عَود احتـلال الأمـس

 

فـي تشكيـلـه العصر

وفـي قنينـة الوسـكـي

 

وفـي قـارورة العـطـر

ويستخفـون فـي جلـدي

 

وينسلـون مـن شعـري

وفـوق وجوههـم وجهـي

 

وتحـت خيولهـم ظهـري

غـزاة اليـوم كالطاعـون

 

يخفـى وهـو يستشـري

يحجـر مـولـد الآتــي

 

يوشي الحاضـر المـزري

فظيع جهـل مـا يجـري

 

وأفظـع منـه أن تـدري

 

إلى أن قال:

أمير النّفط نحن يداك

 

نحن أحدّ أنيابك

ونحن القادة العطشى

 

إلى فضلات أكوابك

ومسئولون في (صنعا)

 

وفرّاشون في بابك

ومن دمنا على دمنا

 

تموقع جيش إرهابك

لقد جئنا نجرّ الشّعب

 

في أعتاب أعتابك

ونأتي كلّما تهوى

 

نمسّح نعل حجابك

ونستجديك ألقاباً

 

نتوجها بألقابك

فمرنا كيفما شاءت

 

نوايا ليل سردابك

نعم يا سيّد الأذناب

 

إنّا خير أذنابك

فظيع جهل ما يجري

 

وأفظع منه أن تدري

 

 وبعد كل هذا هل يمكننا أن ننكر خطورة »الطابور الخامس« وهو موجود قطعاً ومع هذا يأتي البعض ليدافع عن هذه العصابات وكأنه يريد أن يصور لنا الحال وكأننا في كوريا الشمالية التي حشدت عليها الولايات المتحدة وحاصرتها لعشرات السنين وهاهي اليوم وبعد أن أرعدت وأبرقت نراها تتراجع لأنه لا يوجد في كوريا الشمالية »طابور خامس« ولا من يؤيد العدوان على بلدها ولا من »يحدد الإحداثيات« لمكان تخزين السلاح.

  • أما نحن في اليمن وبعد أكثر من عامين وقد شاهدنا آلاف المرتزقة يشاركون مع العدوان بل ونيابة عنه في الحدود الجنوبية للسعودية وغيرها، وهناك بعض قيادات الأحزاب في الرياض وعشرات المشائخ القبليين والدينيين، ثم يأتي أحدهم ليقول لا يوجد عملاء و»طابور خامس«، إننا نقول لو كان لأحد أن يدعي وجود طابور عاشر في اليمن لكان قوله قريباً من الصحة، وإذا كانت مصر قد أعلنت حالة الطوارئ بسبب تفجيرين في كنيسة، وتركيا لا تزال حالة الطوارئ قائمة منذ ما يسمى محاولة الانقلاب فكيف بنا في اليمن وقد شن علينا هذا العدوان الغاشم؟ ألسنا أولى بأن نعلن حالة الطوارئ؟ أما أنظمة الخليج فهي تعيش حالة طوارئ لكن غير علنية فلا أحد يصور القتلى، ولا الجرحى، ولا أماكن وصول الصواريخ، ولا أحد يجرؤ على الاعتراض على شيء ومن اعترض فسيكون مفقوداً لا يدري أحد عن مصيره.

· خطورة المرجفين في المدينة »الطابور الخامس«

إن خطورة هؤلاء أكثر من خطورة المرتزقة الذين في الرياض ولو ذهبوا إلى الرياض لما استطاعو أن يفعلوا ما يفعلونه اليوم وهم بيننا، فالذين في الرياض لا يمكن أن يقتنع بكلامهم أحد لأنهم خونة في نظر الجميع، أمَّا الذين يعيشون بيننا ومعنا ولكن مواقفهم مع المعتدي الخارجي فهذا لا يظهر إلا لمن يمتلك الوعي وقد يتظاهر بأنه ضد العدوان حتى يطمئن السامع إليه ثم ينفث سمومه ويدسها في العسل، وقد يصور نفسه بأنه مع الوطن ويأتي بكلام معسول ثم سرعان ما يهجم على المدافعين بدمائهم وأرواحهم، وصدق الله القائل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُون﴾ وقد يلجأون إلى الحلف بالأيمان الفاجرة لكي يصدقهم الناس كما قال سبحانه ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ .

وخطورة هؤلاء تكمن في أنهم ينخرون البيت اليمني من الداخل وكما يقال في المثل: »ما توقز الحبة إلا من داخل« والكل يعرف لو لم يكن مع الغزاة والمستعمرين عملاء من الداخل لما استطاعوا أن يثبتوا شهراً ولا أن يتقدموا شبراً.

وقد حكم الله عليهم بالأحكام المغلظة وتوعدهم بأن يغري رسوله بطردهم من المدينة وقتلهم وبيّن أن هذا سنة قديمة كما قال سبحانه ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً، سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾.

ومما يزيد خطورتهم هو قلة الوعي لدى المجتمع حتى في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان الصحابة رضي الله عنهم مختلفين بشأن الموقف منهم والحكم عليهم والتعامل معهم فبعضهم كان يحملهم على السلامة، والبعض كان ينخدع بكلامهم ﴿ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾، ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ حتى نزل العتاب والتوبيخ الإلهي مبيناً لهم أنه لا يجوز لهم أن يختلفوا حول هؤلاء المنافقين الضالين وأنه يجب أن يحذروهم ويقاطعوهم قال سبحانه: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلا﴾.