بيان رابطة علماء اليمن بشأن قرار مجلس الأمن ووضع اليمن تحت الوصاية الدولية

نشر بتاريخ: جمعة, 28/02/2014 - 12:00ص

بسم الله الرحمن الرجيم

قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين، بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) صدق الله العظيم.

تابعنا الأخبار المتداولة بشأن قيام مجلس الأمن الدولي بإصدار القرار رقم 2140 بشأن اليمن، والذي تضمن إنشاء لجنة عقوبات خاصة باليمن مكونة من دول المجلس وفرض تدابير عقابية يمكن إيقاعها على الأفراد أو الهيئات التي تحددها لجنة العقوبات لاحقاً وبمعايير مجملة ومطاطية لا تخدم مصالح اليمن واليمنيين بقدر ما تخدم مصالح دولية.

إننا إذ نستنكر قيام دول مجلس الأمن بتبني مثل هذا القرار "المشبوه"، لنؤكد بأننا نعتبره انتهاكاً صارخاً لسيادة الدولة اليمنية، وتدخلاً سافراً في شؤوننا الداخلية من قبل مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة التي تعتبر اليمن عضوا فيها، وبدلاً من قيام مجلس الأمن بتقليص الدور الإقليمي والخارجي في بلادنا –لما له من تأثيرات سلبية بالغة على اليمن- نراه يتوسع في فتح الآفاق أمام مزيد من التدخلات والانتهاكات السياسية والأمنية والاقتصادية وصولاً حتى للتدخل العسكري بحجة فرض الأمن والاستقرار في اليمن! فرغم العناوين العامة التي تضمنها القرار كقيم الأمن والاستقرار والوحدة والانتقال السلمي والمشاركة الواسعة ..الخ، إلا أن التطبيق الواقعي لمثل هذا القرار لن يحقق أهدافاً محلية تخدم الشعب اليمني، وإنما ستتم الاستفادة من هكذا قرار لتحقيق الأهداف والمصالح الدولية، وذلك بسبب التداخلات والتعقيدات وصراع المصالح التي حكمت اليمن خلال الثلاثين عاماً الماضية.

فمع أن هذا القرار قد صدر تحت ما يسمى "الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة" إلا أن الغموض لايزال يكتنف القرار من حيث عدم ذكره لأية إجراءات متعلقة باستخدام القوة ما يتيح لدول الاستكبار –وفي مقدمتها أمريكا- ابتزاز الأطراف اليمنية لتحقيق مصالح غير مشروعة، وبما يجعل مستقبل اليمن مفتوحاً على جميع الاحتمالات التي يجهلها الشعب اليمني. إننا في رابطة علماء اليمن لا نعتبر حل مشاكلنا الداخلية بطريقة فرض عقوبات دولية على أي طرف يمني بشرى يزفها هذا الطرف أو ذاك على الشعب اليمني، وإنما نعتبرها انتهاكاً للسيادة اليمنية، واعترافاً بعجز القائمين على السلطة في فرض هيبة الدستور والقانون لأسباب خاصة تتعلق بأشخاصهم هم وحلفائهم في الخارج، وليس لأسباب تتعلق باليمن أو الشعب اليمني الذي ثار عام 2011م ضد كل هؤلاء العجزة والفاسدين، وقدم من أجل إسقاطهم ومن أجل بناء دولة مدنية حديثة العديد من الشهداء الشباب، يقول تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) صدق الله العظيم.

إننا في رابطة علماء اليمن ونحن نقف أمام أوضاعنا وشؤوننا الداخلية، لا ننسى ما يعانيه إخواننا في فلسطين المحتلة من انتهاكات الكيان الصهيوني على المقدسات الاسلامية في القدس الشريف، والاقتحامات التي يشنها المستوطنون الصهاينة بحماية من جنود الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك، وكذا الاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين وممتلكاتهم الخاصة.

إننا ندعو الشعب اليمني وأبناء الأمة العربية والإسلامية في كل مكان للخروج من حالة الركود والنسيان التي أقحموا فيها بسبب الأوضاع المتردية والقلاقل الأمنية التي تعيشها المنطقة، والعودة للاهتمام بالقضية المركزية ممثلة بفلسطين، والوقوف بمسؤولية أمام ما يعانيه الشعب الفلسطيني وحركاته المقاومة، وأمام ما تعانيه مدينة القدس الشريف من محاولات متزايدة لتهويدها ومضايقة وتهجير سكانها الفلسطينيين وهدم المسجد الأقصى المبارك.

ونهيب بأبناء الأمة العربية والإسلامية جميعاً لبذل المزيد من الجهود والمبادرات لدعم القضية الفلسطينية والقدس الشريف، ومساندة الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة فيه، وفي هذا الصدد نشيد بالقرار الذي اتخذه مجلس النواب الأردني بالإجماع والمتضمن إلغاء اتفاقية "وادي عربة" مع الكيان الصهيوني وطرد سفيره من العاصمة عمّان واستدعاء سفير الأردن من "تل أبيب".

نسأل الله تعالى أن يوحد شملنا وأن ينصرنا على عدونا، وأن يجعل تدميره في تدبيره، إنه سميع مجيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

صادر عن رابطة علماء اليمن صنعاء 27 ربيع الثاني 1435هـ الموافق 27 فبراير 2014م