بيان رابطة علماء اليمن بشأن احداث عمران والجراف وغيرها

نشر بتاريخ: أحد, 22/06/2014 - 12:00ص

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وسبباً للألفة والمحبة والتآخي بين العباد أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وبعد:

فقد تابعت رابطة علماء اليمن التطورات والمستجدات التي تمر بها البلاد من حروب وأزمات ومن منطلق مسؤولية العلماء في قوله تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) تدعو الرابطة كل الأطراف في محافظة عمران والمناطق التي امتدت إليها الاشتباكات إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتستنكر وبشدة محاولة نقل المعركة إلى العاصمة والهجوم على مقر المجلس السياسي لأنصار الله من قبل المتحزبين من قادة الأمن والجيش وتعتبر هذا التصرف الطائش استهدافا وقتلا للعملية السياسية برمتها مما يعني إدخال البلاد والعباد في آتون المزيد من الحروب والفتن التي لا تبقي ولا تذر وتقضي على ما تبقى من آمال في إخراج البلاد من المصائب والمحن ومن دوامة الصراعات والانقسامات التي أنهكت جسد الأمة وجعلتها فريسة سهلة لإعدائها وادخلتهم إلى عقر دارها ليتحكموا في مصيرها وسياستها وقرارها وينهبوا ثرواتها وخيراتها.

إن رابطة علماء اليمن وهي تتابع ما جرى ويجري تدعو القوى والفاعليات وكل أبناء اليمن إلى التوحد والإخاء والاحتكام إلى العقل ولغة الحوار وتذكر الجميع بالأحاديث الشريفة التي تنص على أن: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، وأن هدم الكعبة حجراً حجراً ،وزوال الدنيا بكلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم بغير حق والواجب على العقلاء والشرفاء من أبناء اليمن السعي للصلح (والصلح خير) وحقن الدماء استجابة للأمر الإلهي في قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

كما ندعو الشعب اليمني-بكل فئاته وأطيافه الدينية والسياسية- للتسلح بأعلى درجات الوعي واليقظة تجاه مشاريع الفتنة المشبوهة، التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار والأمن وتفكيك الوحدة الوطنية وضرب قيم التعايش السلمي المشترك بين اليمنيين بمختلف انتماءاتهم، ونؤكد على ضرورة اصطفافهم جميعاً في مواجهة قوى الشر التي ترغب في تمزيق وتقسيم اليمن أكثر من أي شيء آخر.

وعلى الدولة والحكومة أن تنظر إلى جميع مواطنيها بعين واحدة بدون تمييز حزبي أو مذهبي أو طائفي أو مناطقي وأن تكون دولة للجميع وحكومة تخدم كل الشعب لا حكومة أحزاب وأن تستجيب لمطالب المواطنين في تغيير الفاسدين في محافظة عمران وكل محافظات الجمهورية فالشعب قد سئم التغييرات الشكلية ويطالب بتغيير الحكومة وتحريرها من سطوة الأحزاب والتقاسم والمحاصصة وتكوين حكومة كفاءات ونزاهة وطنية ومستقلة لا تتعصب لطرف ضد آخر بل تقوم بواجبها في توطيد السلم الاجتماعي بين المواطنين.

وفي هذا السياق ترفض الرابطة بشدة وتدين استخدام الجيش والأمن في حروب عبثية داخلية وإقحامه في صراعات حزبية وفئوية تزيد من الاحتقان وتنبئ بنتائج كارثية وتدعو الدولة إلى تحييد المؤسسة العسكرية والأمنية لأن مهمتها حسب الدستور والقانون ومخرجات الحوار الوطني حماية الوطن والمواطنين.
كما وتؤكد الرابطة على مساندة الجيش في حربه ضد الإرهاب في أبين وشبوه وأينما حل كون هذه القضية قضية إجماع وطني وشعبي وترفض وتحذر من جعل هذه الحرب وهذا الملف ذريعة للتدخل الخارجي بكافة أشكاله وتدعو إلى محاسبة كل المتورطين وخصوصاً في الحكومة والأحزاب الذين أدخلوا العناصر الإرهابية الأجنبية إلى البلاد عبر المطارات والمنافذ والتهريب وسهلوا لهم تنقلهم بين المناطق وآووهم وسلحوهم ووفروا لهم الغطاء السياسي.

وتحمل الرابطة الحكومة بالدرجة الأولى سبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وبالخصوص أزمة المشتقات النفطية وتتساءل لماذا حصص الشركات الأجنبية من النفط وافية وكاملة وبأرخص الأثمان؟ وحصة الشعب المالك الحقيقي لهذه الثروة شبه معدومة وبأغلى الأثمان؟ وفي هذا الشأن ترفض الرابطة رفضاً قاطعاً أي جرعة اقتصادية وأي رفع لأسعار المشتقات النفطية وغيرها من السلع الأساسية تحت مبررات الإصلاحات الاقتصادية ولا يجوز أبدأ أن يتحمل المواطن البسيط والشعب الذي يعيش أكثر من نصفه تحت خط الفقر فساد الحكومة ومسؤوليها والواجب يقتضي محاسبتهم على فسادهم واسترداد أموال الشعب منهم والقضاء على الفساد بشكل عام، كما لا يجوز شرعاً الاقتراض الربوي والمشروط من البنك الدولي وغيره والدخول بذلك تحت قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).

كما أنه يحرم على أصحاب المحطات والمواطن الاحتكار والمتاجرة في السوق السوداء وعلى الجميع التعاون للخروج من هذه الأزمة والحد من آثارها.

وفي الشأن العربي والإسلامي ندين ونستنكر كل ما تقوم به الجماعات المسلحة من جرائم بشعة ولا إنسانية بحق الشعب العراقي الشقيق، وبحق الشعب السوري وبعض الشعوب الإسلامية تحقيقا لأجندات ومؤامرات بعض الأطراف الإقليمية والدولية التي تقدم الدعم والتسليح لتلك الجماعات وتعمل على إشعال الحروب والفتن الطائفية والمذهبية خدمة للعدو الصهيوني الذي يعربد ويصول ويجول ويحتل الأرض ويهتك العرض ويدنس المقدسات في أرض فلسطين المغتصبة منذ زمن بعيد.

وفي هذا الصدد تبارك الرابطة المصالحة الفلسطينية وحكومة التوافق المنبثقة منها وتؤكد على خط المقاومة والجهاد لتحرير كل شبر من الأرض المحتلة وتبارك أيضاً الانتخابات الرئاسية السورية كمخرج من الأزمة التي أكلت الأخضر واليابس في هذا البلد العزيز وتعتبرها فرصة للشعب السوري لتحديد مصيره واختيار رئيسه. وتدعو أبناء اليمن وابناء الأمة العربية والإسلامية إلى الاعتصام بحبل الله والتوحد وتوجيه البوصلة تجاه أعداء الأمة الحقيقيين من الصهاينة والأمريكيين ومن يدور في فلكهم من الدول الاستعمارية.

حفظ الله اليمن وأهله وسائر بلاد المسلمين.

صادر عن رابطة علماء اليمن
بتاريخ 23شهر شعبان 1435هـ الموافق 21 يونيو 2014م