كيف نكون من أهل التقوى..؟

نشر بتاريخ: اثنين, 11/04/2022 - 4:17ص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
التقوى كلمة جامعة لكل خير من الأقوال والأفعال والاعتقاد قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾[البقرة:197] وقال سبحانه: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُون﴾[الأعراف:26] فكيف تكون في رمضان المبارك من أهل التقوى ألا وهو المبادرة إلى فعل كل خير قولاً وفعلاً واعتقاداً لأن الإنسان المؤمن في شهر رمضان المبارك يكون مهياً نفسياً وبدنياً لفعل الخير بكل أشكاله الإيمانية العبادية فما عليه إلا المسارعة والمسابقة إلى عبادة الله وطاعته قال الله سبحانه: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين﴾[آل عمران:133] وعلى المؤمن في هذا الشهر الكريم أن يستثمر ويستفيد منه ويحرص على أمور نذكر بعضاً منها لا كلها:
1-      التوبة النصوح وهي العزم على ترك المعاصي عمومًا والندم على ما مضـى  من تقصير وتفريط والتخلص من حقوق المخلوقين وأداء الفرائض الشرعية والانتهاء عن المنهيات فرمضان شهر التوبة والمغفرة والرحمة وما أحوج المرء المسلم إلى ذلك قال الله سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾[التحريم:8].
2-       المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في المسجد في أوقاتها بخشوع أو استحضار وإتمام لأركانها وفروضها.
3-       أن يصلي المرء المسلم ورداً في ليل رمضان المبارك فقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ أنه قال: «من صلى ثماني ركعات في جوف الليل والوتر معاً يداوم عليهن حتى يلقى الله بهن فتح الله له اثني عشر باباً من أبواب الجنة يدخلها أيها شاء».
4-      أن يبكر لصلاة الجمعة امتثالًا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾[الجمعة:9].
5-       المحافظة على التحلي بالأخلاق الكريمة والمحامد الفاضلة من حفظ اللسان وكظم الغيظ والكف عن مساوئ الأخلاق والابتعاد عن المعاصي وهذا برنامج نبوي حث عليه النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ بقوله: «من هجم عليه شهر رمضان صحيحاً سليماً فصام يومه وصلى ورداً من ليله وحفظ فرجه ولسانه وكف يده وغض بصره وحافظ على صلواته مجموعةً وشهد جمعه ثم بكر إلى عيده حتى يشهده فقد استكمل الأجر، وصام الشهر، وأدرك ليلة القدر، وانصـرف بجائزة الرب عز وجل».
6-       المسارعة لإخراج الزكاة واغتنام مضاعفة الأجور والثواب في هذا الشهر الكريم فقد قال صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «أيها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة من ألف شهر وهو شهر رمضان فرض الله عز وجل صيامه وجع لقيامه ليلة منه بتطوع صلاة كمن تطوع سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل قيام تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله عز وجل فيما سواه ومن أدى فريضة من فرائض الله عز وجل فيه كمن أدى سبعين فريضة من فرائض الله عز وجل فيما سواه من الشهور.
وكذلك النفقة في سبيل الله وخصوصاً ونحن في حالة عدوان وحصار فالنفقة في سبيل الله خاصة يضاعفها أكثر من غيرها قال الله سبحانه: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾[البقرة:261]، في رمضان موسم الخير والبر والصدقة.
7-       صلة الأرحام وتفقد أحوالهم وإعانتهم فقد روي عن الإمام علي عليه السلام مرفوعاً لرسول الله صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «من أحب أن يملى له في عمره ويبسط له في رزقه ويستجاب له الدعاء ويدفع عنه ميت السوء فليطع أبويه في طاعة الله عز وجل وليصل رحمه وليعلم أن الرحم معلقة بالعرش تأتي يوم القيامة لها لسان طلق ذلق تقول: اللهم صل من وصلني، اللهم اقطع من قطعني، قال: فيجيبها الله تعالى أني قد استجبت دعوتك فإن العبد قائم يرى أنه لبسبيل خير حتى تأتيه الرحم فتأخذ بهامته فتذهب به إلى أسفل درك من البلاء بقطيعته إياها كان ذلك في دار الدنيا.
8-       الدعاء لله سبحانه والتضرع بين يديه قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين﴾[غافر:60]، وقال سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون﴾[البقرة:186]، وهذه الآية جاءت في ثنايا آيات الصيام مما يدل على أهمية الدعاء في شهر رمضان وقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ أنه لما كانت أول ليلة من شهر رمضان قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس قد كفاكم الله عدوكم من الجن ووعدكم الإجابة وقال ادعوني استجب لكم ألا وقد وكل الله بكل شيطان مريد سبعة من ملائكته فليس بمحلول حتى ينقضي شهر رمضان ألا وإن أبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة ألا والدعاء فيه مقبول» فليدع المرء المسلم بأدعية القرآن  والمأثورة عن النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ وأهل بيته ويتقن كتاب الصحيفة السجادية لزين العبادين علي بن الحسين عليهما السلام ففيها من الدعاء الفضيل والابتهال والتضـرع لله سبحانه فليحرص على أن يكون له ورداً فيها في كل يوم وليلة بل على مدار السنة والعام.
9-       الجهاد في سبيل الله تعالى بالمال والنفس وقتال أعداء الله بكل ما أوتي المسلم من قوة امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون﴾[الأنفال:60]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم* وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين﴾[الصف:10،13] ، وقول النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «أفضل الأعمال بعد الصلاة المفروضة والزكاة الواجبة وحجة الإسلام وصوم شهر رمضان: الجهاد في سبيل الله، والدعاء إلى دين الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عدل الأمر بالمعروف الدعاء إلى الله في سلطان الكفر، وعدل النهي الجهاد في سبيل الله، والله لروحَة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها»، وما رواه مولانا الإمام علي عليه السلام مرفوعاً: «غزوةٌ أفضل من خمسين حجةً، ورباط يومٍ في سبيل الله أفضل من صوم شهرٍ وقيامه، ومن مات مرابطاً جرى له عمله إلى يوم القيامة وأجير من عذاب القبر».
10-                     تلاوة القرآن الكريم تلاوة واعية متدبرة قال الله سبحانه: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾[المزَّمل:4] وقال عز وجل: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا..﴾[المزَّمل:20]، وقال جل جلاله: ﴿الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور﴾[فاطر:29]، وقال صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «إن البيت إذا قرئ فيه القرآن حضرته الملائكة وتنكبته الشياطين واتسع بأهله وكثر خيره وقل شره، وإن البيت إذا لم يقرأ فيه القرآن حضرته الشياطين وتنكبته الملائكة وضاق بأهله وكثر شره وقل خيره» وقال صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «يقال لصاحب القرآن: اقْرَأْ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا وَمَنْزِلُكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».