في الذكرى الـثالثة لرحيل زين العابدين المولى الحجة حمود بن عباس المؤيد .

نشر بتاريخ: جمعة, 26/02/2021 - 9:41ص

حين تهلُّ نفحات رجب تحلُّ على اليمنيين ذكريات جميلة ورائعة مرتبطة بالأذهان وخصوصاً الإيمانية منها كجمعة رجب .

في العام 1439هـ امتزج في رجب وجمعته الغراء الحزن والغبطة بالألم والفرحة كون البلاد فقدت فيه ركناً قوياً من أركانها !!

صنعاء كانت على موعد ربما لم تحسب حسابه حيث أفاقت على دوي خسارة أليمة فالنبأ المفجع لم يكن عادياً كما اعتادت صنعاء فهذه المرة كانت الفجيعة رحيل رمزها وعلمها وعالمها وفقيهها ومفتيها والحصن والمترس اللذين يتدرع بهما أهلها عند الشدائد والبلايا !!

رحل المولى العلامة الحجة الزاهد العابد الأواه الولي التقي النقي القانت الصادق التالي الذاكر المعلم الواعظ الورع الخطيب المحب المحسن الباذل الحافظ المجاهد حمود بن عباس بن عبدالله المؤيد سلام الله ورضوانه عليه !!

الحدث في مثل هذه الظروف ليس كغيره من الأحداث فصنعاء تعوَّدت على سماع أخبار فقدان وخسارة رموزها وأعلامها لكنه في هذه المرة غير ما قد سبق !!

رجل الإجماع فربما لم يكن الناس بمختلف انتماءاتهم وألوانهم يُجمعون على رجل كما هو !! إنه محل رضا الجميع ونادراً ما يحدث ذلك في التأريخ .

يوم الفاجعة :

ذلك اليوم من التأريخ كان الإثنين الثاني من شهر رجب الحرام 1439هـ الموافق 19 مارس 2018م اليوم الذي تناقلت الأخبار والأنباء فيه رحيل الهامة العلمية الشامخة سيدي المولى حمود بن عباس !!

مكثنا جميعاً في ذهول رغم تسليمنا لقضاء الله ونزولنا عند مقتضى أمره ويقننا بأن الموت حقٌ على كافة الخلائق إلا أنه لم يكن بالأمر السهل والهيِّن على الإطلاق !! وفي هذه المرحلة الحرجة :

البلاد تخسر .

العلم يخسر .

الزهادة تخسر .

التقوى تخسر .

الإحسان يخسر .

كل يمني خسر .

إنه فريد دون غيره !! لم يصل أحد لمستواه !! كنبي الله إبراهيم عليه السلام كان أمة !!

يا إلهي : الكثير يعرفون سيدي حمود !! شهرته كانت تملأ الآفاق !! علمه يصل كل مكان !! إحسانه وصل البطون وحبه علِقَ بشغاف القلوب !!

طيبته وبساطته وتواضعه وأخلاقه وحسن تعامله ورقته ونزوله لمستوى الكبير والصغير والغني والفقير والذكر والأنثى جعله محط إعجاب الجميع وتعلقهم به !!

لم يكن أحد ليخيب عند قصده إياه فآمله يجد الخير وراجي العطاء يجد العطاء وكما كان يردد سلام الله عليه حين يكون ما سيعطيه دون المأمول : فإن لم يصبها وابلٌ فطل !!

 

فصل من الفصول :

يستطيع الجميع لقاءه ومحادثته والإستماع إليه سواء كان في الجامع ( النهرين ومؤخراً عرهب ) أو في الطريق وخلال الدروس وأثناء المذاكرة والتدارس والمناسبات وفي البيت وفي أي مكان يتواجد فيه !!

ليس هناك أسهل من اللقاء به ولن يستمع لسؤالك وفتواك واستشارتك وهمومك وحديثك ونقاشك مثله !!

يجيب الدعوة ويلبيها ويشارك طلاب العلم على وجه الخصوص مناسباتهم ويلتقي بهم ويتكلم معهم ويستمع لحديثهم !! ومعه يشعرون بتواضع العالم الرباني في صورته الحقيقية .

لئن قيل عنه بأنه زين العابدين فلا غرو في إطلاق هذا اللقب عليه وتشبيهه بالإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) لأنه فعلاً كان نسخة مصغرة منه !!

ذرية طيبة :

الأستاذ عبدالخالق .

الدكتور عبدالرحمن .

الدكتور علي .

أولئك هم أنجال سيدي زين العابدين وقد سبقه عبدالرحمن ولحقه عبدالخالق رحمات الله تتغشاهما والبركة في الدكتور علي حفظه الله ورعاه والذرية الطيبة من الشجرة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء .

 

حياة مضيئة :

عاش رحمه الله تعالى حياة طويلة متَّعه الله سبحانه خلالها بالصحة والعقل فلم يعاني ما يعانيه الكثير ممن يصلون العقد الثامن من العمر وأما هو سلام ربي عليه فقد تجاوز القرن بثلاث سنوات !!

103 أعوام قضاها المولى في طاعة الله عز وجل قائماً بأحكامه وفرائضه وخادماً للعلم وناشراً له .

تجلت في شخصيته وحياته صفات المتقين التي ذكرها الإمام علي (ع) لهمام حين سأله أن يصف له المتقين .

عاصر المولى رضوان الله عليه حكم بيت حميد الدين وما تلاه من انقلابات متوالية بدءاً بـ 26 سبتمبر 1962م ثم الإطاحة بالرئيس السلال ثم القاضي عبدالرحمن الإرياني والرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي وشهور الرئيس الغشمي ثم الرئيس علي عبدالله صالح وشهد سلام الله عليه سقوط الظالمين وتهاوي مراكز النفوذ كآية من آيات الله وكانت السنوات الأخيرة من حياته شاهدة على ألعن وأجرم عدوان ظالم مستكبر على اليمن !!

سنوات عمر المولى رضوان الله عليه وهبها لله سبحانه ومضت في رضاه .

السلام عليك زين العابدين

السلام عليك سيد الموحدين

السلام عليك صفوة العابدين

السلام عليك درة الزاهدين

 

السلام عليك سيدي ومولاي العلامة الحجة الولي التقي الأبر حمود بن عباس المؤيد ورضوان الله عليك ما بقيت في هذه الأرض حياة .

بالأمس فُجعت اليمن والأمة برحيل المجاهد الكبير العلاَّمة الغني برفعة شأنه مفتي الديار التعزية وشيخ علمائها الفقيه المحدث المسنِد الداعي إلى الله بلسانه ومقاله وحاله إبراهيم بن عمر بن عقيل سلام الله ورضوانه عليه فخالص العزاء للوطن والأمة والمحبين .