رابطة علماء تقيم ندوة فكرية بعنوان :- (الهجر والمدارس العلمية مسؤولية الإحياء وتطوير الأداء)

نشر بتاريخ: خميس, 24/06/2021 - 11:31م

أقامت رابطة علماء اليمن صباح اليوم الخميس 14 من ذي القعدة 1442هـ الموافق 24 يونيو 2021م بمركز بدر العلمي ندوة فكرية بعنوان (الهجر والمدارس العلمية مسؤولية الإحياء وتطوير الأداء) والتي حضرها عدد من العلماء والمدرسين في مقدمتهم العلامة عبدالمجيد الحوثي رئيس الهيئة العامة للأوقاف والعلامة محمد أحمد مفتاح والعلامة عبدالله الشاذلي والقاضي محمد الشرعي والعلامة فؤاد ناجي.

 

   

وقد افتتحت الندوة بالقرآن الكريم تلاها الأستاذ عبدالله الدرواني

ثم قدمت أربع أوراق عمل حيث كانت الورقة الأولى بعنوان أهمية الهجر والمدارس العلمية ومعوقاتها والتي قدمها الأستاذ أحمد الكحلاني والذي ذكر فيها أهمية المدارس العلمية كونها النموذج الأمثل والأفضل لتطبيق آيات القرآن وأحاديث الرسول التي تحث الأمة على التفقه في الدين، مشيراً إلى أهميتها أيضاً في ظل الهجمة الفكرية المهولة في هذا الزمن على الإسلام، ومبيناً خطورة خلو الساحة من أصحاب العلوم الشرعية الصحيحة على المجتمع والشباب معتبراً المدارس العلمية هي الشريان الذي يغذي الجانب الديني بكل تفاصيله وله دور كبير في تثبيت الهوية الإسلامية ،
 

ثم أوضح الأستاذ الكحلاني الصعوبات والمعوقات الداخلية والخارجية منوهاً على أهمية التفريق بين المعلومة الدينية وبين أساليب وطرائق تعليم الدين؛ لأن الدين لا يمكن تجديده أو تطويره وهذا ما أوقع الكثير في الخلط بين المسألتين، موضحاً أن هناك معوقات في جانب المنهج القائم من الناحية المنهجية حيث لا يناقش أفكار اليوم ومن ناحية الأساليب التدريسية التي اعتمدت على تلقين الطالب فقط دون إكسابه مهارات وملكة التفكير ، كما تلكم عن نقص الكادر التعليمي والفجوة القائمة بين المدارس العلمية القديمة ومدارس اليوم، ثم تحدث عن المعوقات الخارجية والمتمثلة في القضاء على المدارس العلمية وغياب الحاضنة الشعبية للحركة العلمية، وغياب الإدارة وتشتت الجهود، وانقطاع مصادر التمويل.


بعدها ألقى د.حمود الأهنومي الورقة الثانية بعنوان (المناهج التعليمية الشرعية قراءة نقدية) من وحي ملازم الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي موضحًا أن المناهج التعليمية تعاني النقص الكثير، وكونها لا تلبي الواقع العملي لها مما يجعل المتعلم لها يعيش في ناحية ضيقة ولا يستطيع أن يقدّم في الواقع شيئاً كما أن المناهج لا تقدم الخطر المحدق بالأمة من قبل اليهود والنصارى وكونهم أعداء للأمة منذ القدم، مما جعل اليهود والنصارى هم الذين يتعاملون مع الواقع ويصنعون ويتقدمون ، وبقي المسلمون محصورين في معلومات محصورة مما جعلهم متأخرين ومضطهدين في ظل هذه الأمم، منوهاً أن السيد حسين لم يهاجم التعليم والتعلم ، بل كانت له رؤية في كيفية طرح المناهج والتعامل معها بما يخدم واقع المسلمين ويرقى بهم بين الأمم.


وقدمت بعدها الورقة الثالثة بعنوان (العوامل المستجدة المؤثرة على التعليم الشرعي) والتي قدمها أ.طه الحاضرين والتي تصمنت محورين الأول تحدث عن المستجدات العامة المؤثرة على التعليم الشرعي والمتمثلة في الصراع الشامل والمفتوح والمباشر مع أعداء الإسلام من اليهود والنصارى مبيناً أن الصراع اليوم أكثر تطوراً وخطورة من ذي قبل حيث اتجه الصراع إلى مسخ الهوية واختراق الفكر وإفساد الأخلاق وتدجين الأمة للقبول والرضا به بطيب خاطر حتى وصل بالمسلمين إلى أن يستعمروا برضى الأنظمة الإسلامية بل وتدفع هذه الأنظمة المال مقابل بقاء الاستعمار، وهذا ما أثر على أداء ما متبقى من الهجر والمدارس العلمية التي لم تواكب هذه المستجدات ولم تستشعر الخطر ولم تفهم ما يجري في الساحة الإسلامية، كما أوضح أن من المستجدات العامة التطور التكنولوجي والتقني والتقدم العلمي والنظريات المعاصرة في الفكر والعقيدة والفقه والأخلاق والاقتصاد والتجارة والطب والصناعة والمعاملات المالية وغيرها موضحاً أن هذه المستجدات بحاجة إلى توضيح الرؤية الإسلامية فيها مشيرًا إلى أن هنا موقع الاجتهاد والتجديد،

وذكر الأستاذ طه الحاضري أيضاً أن التطور الهائل اليوم لم تستفد منه المدارس والهجر العلمية بل ماتزال الأساليب عفوية وعشوائية وبطرق قديمة تجاوزها الزمن. وفي المحور الثاني الذي تحدث فيه عن المستجدات الخاصة ذكر رحيل هامات علمية كبيرة دون وجود الخلف مما ترك فجوة كبيرة وأثر سلباً على التعليم الشرعي مختتماً بأهمية استثمار الفرصة التي أتيحت لنا من خلال قيام المسيرة القرآنية.


واختتمت أوراق العمل بورقة أ.خالد موسى والتي كانت بعنوان (متطلبات تطوير الهجر والمدارس العلمية) تحدث فيها عن أهمية قيام المؤسسات المعنية مثل الهيئة العامة للأوقاف ووزارة التربية والتعليم والهيئة العامة للزكاة بواجبها في الاهتمام بإحياء المدارس والهجر العلمية ، وأهمية تظافر الجهود لتوحيد المناهج التعليمية، وضرورة وجود مراكز الدراسات والأبحاث والتي تعنى بتطوير المناهج بما يتطلبه الواقع مواكبة لهذا التطور الحاصل في هذه العصر، مضيفاً إلى أهمية الاستفادة مما طرحه السيد حسين بدر الدين الحوثي حول التعليم الشرعي والاهتمام بالقرآن الكريم ،

كما نوّه الأستاذ خالد إلى عدم إغفال دور العلماء والفقهاء وعدم التقليل من شأنهم حيث إن ما يقومون به يوازي ما يقوم به المجاهدون ومن الضرورة أن يصبح ذلك ثقافة يعيها الجميع.


ثم فتح باب المداخلات للحاضرين وكان ممن تحدث رئيس الهيئة العامة للأوقاف العلامة عبدالمجيد الحوثي والذي طالب بتوحيد الرؤى والمناهج التعليمية عبر لجان تضع الخطط والرؤى الواضح، مبدياً استعداده بالتمويل الكامل لمثل هذا المشروع محملاً المسؤولية والحجة للعلماء للقيام بهذا الدور، كما تحدث أيضاً القاضي محمد الشرعي والذي اقترح بعمل مقدمة لأوراق العمل ومن ثم تقديمها للجهات المعنية وتحويل ما في الأوراق إلى خطة عمل، كما كانت هناك عدة مداخلات من قبل العلماء والمدرسين.


واختتمت الندوة بتوصيات قرأها الأستاذ محمد عيسى 

إليكم نصها: توصيات ندوة : (الهجر والمدارس العلمية: مسؤولية الإحياء وتطوير الأداء) التي أقامتها رابطة علماء اليمن بمركز بدر العلمي يوم الخميس 13/ذي القعدة/1442هــ الموافق 24/6/2021م 

الحمد لله القائل: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * والقائل: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ .والقائل: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾. والصلاة والسلام على رسول الله المأمور من الله بطلب الزيادة من العلم قال تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا. صلوات الله وسلامه عليه قرناء القرآن ،وهداة الأنام الذين - يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ. وبعد فنظرا لما تعرضت له الهجر والمدارس العلمية من استهداف ممنهج، وتآمر خطير من قبل أنظمة الجور التي حكمت اليمن بالحديد والنار ، وأسهمت في تجهيله وتكريس الأمية المعاصرة التي تنكرت للهوية الإيمانية والإرث المعرفي والفكري ،وجعلت التراث اليمني عرضة للسلب والنهب والتهريب والبيع والشراء إلا أن عناية الله وإرادته كانت الغالبة ،ولطفه بأهل اليمن وهويتهم الإيمانية والمعرفية بقيت حية وحاضرة في بعض الهجر والمدارس والأسر العلمية التي وضع الله فيه البركة، وحافظت على ما بقي من علم أصيل ومعرفة عريقة قاومت الدخيل والمستورد من الأفكار والمفاهيم ،وأمام أداء الهجر والمدارس العلمية التقليدي وحاجتها الماسة للتطوير في المناهج والوسائل والأساليب وتقديم المحتوى الفقهي والفكري الذي ينمي الملكة الفقهية والقوة المعرفية التي تتصدى للمستجدات الفقهية وتواجه المخاطر الفكرية في الساحة الإسلامية وحاجة طلاب العلوم الدينية لتطوير الأداء وتقديم الرؤى المنسجمة مع أصالة الماضي وعراقته وحرصا منها على تبيين الموائمة بين أبواب العلم النافع وأبواب الجهاد المقدس أقامت رابطة علماء اليمن هذه الندوة وخرجت بالتوصيات التالية:-

أولاً: ضرورة تظافر الجهود والتعاون بين العلماء و الجهات المعنية واستشعارهم المسئولية أمام الله والسعي لإحياء المدارس العلمية بالشكل المناسب الذي يكفل إخراج علماء ربانيين.

ثانياً: التأكيد على تحمل هيئة الأوقاف المسؤولية الدينية والإيمانية والأخلاقية والوطنية في صرف أوقاف العلماء والمتعلمين في مصرفها الشرعي بما يسهم في إحياء الحركة العلمية من دون تمييز حركي أو فئوي.

ثالثاً: التوجه نحو إيجاد البدائل المناسبة والخطوات العملية الجادة لتطوير المناهج بصورة تجمع بين أصالة وعمق الماضي ومستجدات الحاضر،

رابعاً: إخراج الحركة العلمية من المناكفات السياسية وتقديم الحلول التي تواءم بين العلم والجهاد، وتعالج الإشكاليات التي قد تطرأ بوعي وحكمة ورحمة بعيداً عن إثارة الجماهر وتعميم الأخطاء.

خامساً: إعطاء أولوية للتدريب والتأهيل العلمي بما يسهم في تكوين الملكات الفقهية والفكرية التي تواكب المستجدات وتواجه التحديات والمخاطر الفكرية التي تهدد الأمة وتستهدف هويتها.

سادساً: ضرورة تبني مشروع إعداد مركز دراسات وأبحاث معاصر خاص بإعداد المناهج وتأهيل الكوادر التي تسهم في إحياء الهجر والمدارس العلمية إعادة دورها الأصيل والمواكب لنوازل ومستجدات العصر.

سابعاً: حتمية الموائمة بين مستجدات العلم والجهاد على خطى أئمة أهل البيت وعدم الفصل بينهما ،وتعزيز الوعي بأن أبواب العلم النافع تساوي أبواب الجهاد المقدس في الأثر والفاعلية.

ثامناً : ترشيد الخطاب فيما يتعلق بالمدارس العلمية، والبعد عن التقليل من شأنها أو التنكر لدورها مع التأكيد على المطالبة بإصلاح اختلالاتها وتفعيل دورها، وبدلاً من الحط من منزلة الفقه والفقهاء يكون الحث على تفعيل الفتوى والدراسات بحيث تعالج وتناقش المسائل المستجدة.

تاسعاً : ضرورة تحرك العلماء في التصدي للحرب الناعمة والغزو الفكري ومواجهة المضلين والصدع بكلمة الحق في وجه المستكبرين ،والإسهام في رفع معنويات المجاهدين وتعليمهم وتوعيتهم وتعزيز ثقتهم بالله ، وتوليهم للقيادة الإيمانية.

عاشراً : إعادة اعتماد الشهادات العلمية لمدرسي المدارس الدينية كالجامع الكبير في صنعاء وجامع الإمام الهادي في صعدة وغيرهما وهي الشهادات التي كان قد أمر بها الرئيس ابراهيم الحمدي وظل يعمل بها.

حادي عشر : أهمية دراسة دعوة ورؤية الشهيد القائد حسين بن بدرالدين فيما يتعلق بتنقية مناهجنا الدينية والتعليمية بحيث يكون القرآن الكريم هو المرجع والاهتمام بعلوم أهل البيت القدامى التي سلمت من المناهج الدخيلة.

ثاني عشر: الدعوة لتوحيد مناهج الهجر والمدارس العلمية وتأسيس طلابها التأسيس العلمي والمعرفي والفكري والتربوي الصحيح في كل المراحل والمستويات.

 ثالث عشر : العمل على طباعة ونشر كتب المناهج التعليمية والتربوية التقليدية والمعاصرة وكتب التراث الإسلامي في اليمن بشكل عام تعزيزا للهوية الإيمانية وحفاظا على التراث من الضياع والاندثار.

رابع عشر : ضرورة رعاية وكفاية مدرسي العلوم الشرعية من جهة الدولة والأوقاف والتربية بما يكفل لهم الحياة الكريمة وتفرغهم للنهوض لأداء دورهم العلمي والتعليمي والتربوي والتوعوي والتعبوي. وفي الأخير نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزق الجميع العلم النافع والعمل به وأن يجعلنا من العلماء العاملين الربانيين المجاهدين.