القطاع الصحي والإرث القديم

نشر بتاريخ: اثنين, 16/11/2020 - 9:33ص

يعاني اليمن من وضع صحي كارثي على مر العقود السابقة بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية ولكن هذا الوضع زاد سوءاً بعد العدوان على اليمن من قبل تحالف بما يسمى بعاصفة الحزم  حيث قام التحالف بتدمير منشئات صحية عديدة على مستوى الجمهورية بطريقة ممنهجة ومقصودة . بما يقرب من 23٪ من المرافق الصحية في اليمن لم تعد عاملة إما بسبب تعرضها للضرب ، أو كانت في حالة سيئة بالفعل ، أو تصادف أنها كانت قريبة من أهداف عسكرية» ، كما أن العديد من العاملين الصحيين والمرضى أصبحوا خائفين من  القدوم إلى المرافق الصحية [1]. وهذا أدى إلى أن أصبح تقديم الخدمات يمثل تحديًا متزايدًا مع وجود  أزمة التمويل ، وتدمير المرافق الصحية ، والنقص الواسع الانتشار في الأدوية والمعدات الأساسية في جميع أنحاء البلاد [2].

و بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2005 كان النظام الصحي في اليمن يعاني من تدني شديد في خدماته  ففي عام 2000 ، احتلت اليمن المرتبة 141 من بين 191 دولة حول العالم من حيث المستوى الصحي،  وفي عام 2002 ، كان مؤشر التنمية البشرية في اليمن 0.45 على عكس المتوسط الإقليمي للدول العربية البالغ 0.64 ، وقدر إجمالي الإنفاق الصحي بنسبة 4.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للفرد [3] .  ولقد عانا القطاع الصحي من  نقص شديد في تجهيزاته وفي موارده المالية وكوادره الفنية والطبية ومحدودة انتشار الخدمات الصحية وبالذات في الأرياف.  كما أن جودة الرعاية الصحية في اليمن سيئة للغاية، ومعظم اليمنيين غير راضين عنها في القطاعين العام والخاص ،فعلى سبيل المثال  في القطاع العام، يضطر المرضى أن يدفعوا للحصول على  بعض الخدمات والتي تعتبر متدنية الجودة  والتي من المفترض أن تكون مجانية   [4].

ولقد اضافت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الذي أصدرته عام  2015 بأنه يوجد  توزيع غير عادل للعاملين في مجال الرعاية الصحية خاصة في المناطق الريفية وشح في الكادر الطبي  حيث أن في عام 2007 كان عدد الأطباء في اليمن في عام( 2013)   طبيبين لكل 10000 نسمة و 3 مستشفيات لكل 100.000 نسمة . كما ان الخدمات الصحة النفسية محدودًة أيضًا حيث  كان هناك 0.5 طبيبًا نفسيًا و 0.09 ممرضًا نفسيًا لكل 100.000 شخص في اليمن ، وهما من أدنى النسب في العالم العربي بجانب انخفاض في الاجور  ونزوح الموظفين الصحيين من القطاع الصحي [2] . 

ولكن هذا الجانب ليس الوحيد الذي ضرب القطاع الصحي بل هناك إرث قديم ربما نجني ثماره الضارة الان ، إرث من الفساد توارثه القطاع الصحي من فساد في المنظومة الإدارية والمالية والبشرية  أدت الى تدهور شديد و تدني في جودة خدماته  المقدمة للمرضى والمجتمع وشلل في قطاعاته الصحية الحكومية مع ارتفاع في تكلفة الخدمات المقدمة للمرضى من قبل القطاعات الخاصة .

 

إرث من الفساد المالــــي

إن أكبر جزئية توارثتها المؤسسات الحكومية بشتى تخصصاتها سواء صحية أو تعليمية أو صناعية هي الفساد المالي ونهب المال العام بمسميات بدلات ومكافئات ومعونات وعدم وجود مراقبة على الإيرادات التي تنهب وأين صرفت . بحسب تقرير عمل لمكافحة الفساد (إن الحد من الفساد من شأنه إعادة ضخ الأموال مرة أخرى إلى قطاع الخدمات الصحية ، حيث تشير التقارير والتي تمت منذ عام 1999 والتي قامت بها وحدة مكافحة التزوير في المملكة المتحدة  في الخدمات الصحية أنه وكنتيجة للقضاء على الفساد أمكن من استرداد ما قيمته مائة وسبعون مليون جنية إسترليني (300 مليون دولار امريكي ) وأن حجم المكاسب المالية للخدمات الصحية كانت بما يكفي لبناء عشرة مستشفيات جديدة) [5].

وعلية نذكر أهم الجوانب الخاصة بالفساد المالي:

-  قيام مدراء المؤسسات الصحية الجدد  بصرف مبالغ كبيرة على شراء مكاتب فخمة وأثاث(تحت مسميات مقننة بند كذا وكذا  )  وصرف أجور لمن يريدون وكلها دون أن يتم محاسبتهم عليها مما استنزف الخزينة العامة. .

- تطويل في المعاملات المالية وإضاعة حقوق المتعاملين في نظام روتيني قاتل كان سبب في ضياع المال العام وعدم القدرة على ضبط الإيرادات واستغلال المتعاملين ماليا.

- ضياع المال العام على مسميات لجان لا تقوم بأي دور سوى استلام الأموال ودون نتائج.

- صرف أموال باهضه لأعمال بسيطة بسبب عدم وجود لوائح وقوانين تضبط هذا الامر.

- عند تفعيل اللوائح والقوانين المعنية بالجانب المالي فهي حبر على ورق فقط.

- عدم تفعيل وزارة المالية بدورها بمتابعة إيرادات المؤسسات والمصروفات دوريا .

- ذهاب الموارد المالية إلى 20% من المستفيدين أما 80% من باقي موظفي القطاع الصحي والمواجهين للأمراض والعدوى والمخاطر   فلا يستفيدون منها بشيء.

- إعطاء الصلاحيات المطلقة لمدراء المؤسسات والمالية للتصرف بالمال العام بدون مراجعة دورية من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة .

- دخول منظمات في خط الفساد بضخها مستلزمات ومواد طبية  بدون أن يكون هناك رقابة  أو محاسبة على ما تقدم وتحليل ودارسة أهمية تلك المعونات المقدمة وهل يحتاجها القطاع الصحي  والأكثر سوءاً هو نهب تلك المعونات و بيعها في الأسواق للمواطنين.

-  عدم محاسبة الفاسدين من أين لك هذا بل يتم تغييرة فقط مما استنزف القطاع الصحي الحكومي حتى وصل إلى ما وصل آلية اليوم وجعل الفاسدين يأمنون من غياب العدالة والقانون ناسين أن عدالة الله أعظم وأقوى.

 

إرث من الفســاد الاداري

الجانب الإداري في القطاع الصحي يعاني من تهالك شديد حيث لم يوجد اهتمام به وبتطويره من أعلى الهرم كمنظومة مفروضة على جميع مؤسسات الدولة  ، هياكل تنظيمية  قديمة  وتقليدية لا تلبي التطورات الحادثة في العالم بجانب انعدام  الخطط الاستراتيجية ورؤية ورسالة تمضي المؤسسات لتحقيقها أدى الى وجود صراعات إدارية وخلل تنظيمي انعكس سلبا على جودة الخدمات المقدمة للمرضى والمستفيدين من الخدمات وجعل قيادات المؤسسات يشكلوا الهياكل التنظيمية  للمؤسسات وفق لأهوائهم ورغباتهم دون النظر الى ما يحتاجه المواطن والعامل في تلك المؤسسات وكما  اثبتت دراسات عدة أن نسبة 80% من الاختلالات تكون تنظيمية  ويرجع اللوم فيها الى انعدام التخطيط و التنظيم والرقابة والباقي يعود على العاملين ومن امثلة ذلك:-

- «نظام التوظيف في القطاع الصحي لا يخضع لدراسة الاحتياج الفعلي والميداني والذي من خلالها يتم وضع خطط استراتيجية للتأهيل في التخصصات  التي يحتاجها الميدان والذي أدى الى ما وصلنا آلية الآن من احتياج شديد في بعض التخصصات مثل «جائحة كورونا» والعجز الشديد في التخصصات المتعلقة بهذا الجانب .

- إهمال وزارة الصحة  للجانب الإداري من  توصيف وتصنيف وظيفي والزام جميع المؤسسات الصحية الحكومية  بذلك حيث ان معظم القطاعات الصحية الحكومية تعمل بعشوائية وبدون توضيح  المهام  والواجبات  لكل فرد لكي  يتفادي تداخل الاعمال والصراعات الإدارية والفنية .

- نظام التوظيف والتعيين في القطاعات الحكومية ككل و في الجانب الصحي بشكل خاص تخضع للمحاباة  والمجاملات ولا يخضع لمعايير المفاضلة والكفاءات مما سبب فجوة كبيرة في مدخلات القطاع الصحي من كوادر غير مؤهلة .

- النظام التعليمي في المجال الصحي أيضا كان يخضع للمحاباة وبدون منهجية علمية لمستوى الاحتياج في الميدان ، فالاهتمام بالكم وليس بالكيف أدى إلى عدم تأهيل الكوادر الطبية والصحية بالشكل الصحيح ودفعهم إلى الميدان بدون متابعة أو تدريب كافٍ مما جعل المرضى عرضة لخطر تشخيصات خاطئة و ممارسات عشوائية تصل الى حد الوفاة (أخطاء طبية جسيمة) بجانب توفير تخصصات كبيرة في مجالات لا يحتاجها الواقع الميداني وشح شديد في  تخصصات أخرى مما اضطر الناس للسفر إلى الخارج للبحث عن التخصصات الغير موجودة مع التكلفة الكبيرة التي تحملتها الدولة وتحملها المرضى .

- توظيف عدد كبير من الكادر الصحي كمتطوعين بدون أي  حقوق على أمل أن يتم اعتمادهم في القطاع الصحي الحكومي وإلى الآن وبعد عدة سنوات ما زال وضعهم كمتطوعين كما هو  وهذا سبب حالة من اليأس و إهمال وعدم التزام منهم للعمل  كما أدى إلى ركون كثير من الكادر الأساسي عليهم وتحميلهم عبئ اكبر مع قلة خبراتهم مما أثر على سلامة المرضى و مخرجات الخدمة الصحية وجودتها.

- فساد إداري ونهب لحقوق  الكادر الصحي الأساسي في رفع مرتباتهم وصرف مستحقاتهم بما يناسب ضغط العمل والمخاطر التي يوجهها على مدى العقود السابقة وعدم اعطائهم رواتب كافية ومنصفة تغنيهم عن العمل في عدة أماكن وتجعلهم يهتمون بتطوير انفسهم  بل اصبحوا مشغولين بلقمة العيش وكسب المال بأي طريقة مما جعل البعض يتاجر بمعانات المرضى حتى خسروا ثقة المجتمع في القطاع الصحي والكادر الصحي اليمني كثرة الأخطاء الطبية و ارتفع معدلات الوفيات بشكل كبير  و لجوء الكثير إلى السفر إلى الخارج للبحث عن الخدمة والأمان  المعدومتين في البلد  .

- فساد إداري  من خلال تغطية بعض الإدارات على  أسماء لكوادر قد غادرت البلد وما زالت تستلم مستحقات على مدى العقود السابقة مما استنزف الخزينة العامة وحرم الكثير من حق الوظيفة او التعلم  حيث إن هناك كوادر ممتازة مازالت ملفاتها في الخدمة المدنية تنتظر دورها ولم يتم البت في أمرها إلى الآن .

- عدم وجود تفعيل لدور إدارة الموارد البشرية من حيث عدم وجود عدالة في الأجور والرواتب للقطاع الصحي حيث يوجد استشاريين ومتخصصين  برواتب متدنية ولا تغطي احتياجاتهم الحياتية مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الأعمال الخارجية مما عمل فجوة كبير وغياب مستمر عن المنشئات الصحية فلا يجد المرضى أطباء لتقديم المعونة والاستشارة لهم بجانب استغلال المرضى والمتاجرة بأمراضهم.

- إرث من الفساد الإداري  والتنظيمي والرقابي لوزارة الصحة من حيث:-

- عدم وجود نظام مراقبة جودة الخدمات المقدمة للمرضى  أو لجنة تقصي أسباب الوفيات في أي مرفق صحي أو مستشفى ضمن عمل وزارة  الصحة لمتابعة الأخطاء الطبية ومحاسبة المسئولين حيث يتم حدوث الأخطاء الطبية وأرشفتها في أرشيف المستشفيات دون التحقيق فيها إلا فيما ندر.

- عدم ضبط وزارة الصحة لجانب العمل وقت الدوام الرسمي وترك الباب مفتوح لأهواء البعض جعل معظم الكادر الصحي يتركون القطاعات الصحية الحكومية ويعملون في القطاعات الخاصة دون رقابة و محاسبة أما الآن فهم يعملون لكسب لقمة العيش التي حاول العدوان اللعب بها (الورقة الاقتصادية).

- السماح بفتح مستشفيات خاصة غير مطابقة للمعايير الصحيحة للمستشفيات وهي أقرب إلى الدكاكين منها إلى المستشفيات  جعل المرضى عرضة للحوادث الناتجة عن سوء بنية تلك المنشآت وارتفاع معدلات الوفيات والأخطاء الطبية بجانب إهمال حقوق المرضى وعائلاتهم  في إيجاد خدمة صحية آمنة .

- عدم ضبط تكاليف الخدمات الصحية جعل القطاعات الخاصة تستغل المرضى وستنزفهم ماديا وتتباين الأسعار بشكل كبير وخطير من مستشفى إلى آخر مع سوء الخدمات .

- وجود مستشفيات خاصة ومراكز غير مطابقة للمعايير أدى إلى فقد الثقة في القطاع الصحي و جعل المرضى يفضلون السفر للخارج وتحمل تكاليف الباهظة للعلاج طليبا للحصول على الخدمات الطبية السريعة والآمنة.

- عدم الاهتمام بالجامعات الطبية والصحية بالدراسات العليا من حيث ضبط عدد الدارسين في المجال الطبي والصحي بما يحتاجه الواقع المحلي للقطاع الصحي أوجد تخصصات فائضة عن الحاجة وتخصصات غير متوفرة حيث يعاني الآن القطاع الصحي من شح كبير في التخصصات النادرة مثل جراحة القلب والمخ والاعصاب وإخصائي تخدير أو تنفسية ، بجانب شح في الكادر التمريضي.

- عدم التركيز على القرى والأرياف في توفير كوادر صحية لها من خلال الزام كل من يريد أن يقدم في الدراسات العليا بالعمل في الأرياف على الأقل لمدة عام كخدمة إلزامية يتم من بعدها تسهيل معاملة الدراسة كتشجيع للدارسين ليكونوا مشاركين في حل إشكالية التدفق الكبير لمرضى الأرياف على المستشفيات الحكومية في المدن وحتى لا يتم تحويل الحالات الا الحالات المستعصية فقط و ذلك من خلال  قانون ممكن أن  يسمى بقانون (المتقدمين للدراسات العليا) مثلا  .

- إهمال جانب التعليم و التدريب المستمر للكادر الصحي سواء أطباء او تمريض أو تخدير أو إداريين في المجال الصحي أو الجودة الصحية وغيرها لتحسين الأداء وتجويد الخدمات المقدمة للمرضى حيث كان في السابق يتم تدريب غير المختصين وعمل منح خارجية وداخلية لغير المعنيين وذلك بسبب اهمال وزارة الصحة لجانب التدريب ومتابعة المستحقين للتدريب  .

- إهمال وزارة الصحة من توفير خدمات صحية في المناطق البعيدة والتي يعاني المرضى والمستفيدين من الخدمات الصحية من صعوبة الحصول عليها حيث يعيش أكثر من نصف السكان في المناطق الريفية ويفتقرون إلى الحصول على أبسط الرعاية الصحية وذلك بسبب:-

1. عدم الاهتمام ببناء مستشفيات ومرافق صحية في المناطق الريفية مما أدى إلى  ارتفاع معدلات الوفيات بسبب عدم قدرة المواطنين للحصول على الخدمات الصحية العاجلة والطارئة .

2. التكلفة الباهظة التي يدفعاها المواطنين عند اضطرارهم للانتقال إلى المدن لتلقي الرعاية الصحية زادت من الأمر سوءاً.

3. عدم وجود نظام تامين صحي سبب عبئ على المواطنين والقطاع الصحي حيث يعتبر الجانب المالي سبب في عدم حصول المرضى على الخدمات الصحية .

- عدم اهتمام وزارة الصحة بالموارد البشرية والتي لم يتم الاهتمام بها على مدى العقود السابقة حيث تم اهمالها رغم أهميتها ففي اليابان والتي ضربت أفضل الأمثلة من حيث اهتمامها بهذا الجانب  حيث تعتبر اليابان حالة عملية مفيدة في مجال تنمية الموارد البشرية ليس فقط لنموها الاقتصادي السريع والمثير للإعجاب ولكن أيضا  للطريقة الرائدة التـي أنجـزت مـن خلالها مشروعها التنموي الناجح في إدارة الموارد البشرية خارج الإطار الغربي وفي ظل ظروف صعبة خلال جيل واحـد فقط  حيث  نهضت من هزيمة عسكرية ودمار اقتصادي لتـصبح أحـد أبـرز المنتجـين والمصدرين والممولين العالميين بسبب مواردها البشرية.  فالاهتمام بالموارد البشرية يعني نهضة اقتصادية وعلمية وصحية.

- إرث من فساد إداري كبير لمنظومة دولة جعلت الإنفاق على القطاع الصحي من إجمالي الإنفاق  هو الأدنى مما أدى إلى :-

- شح في الموارد

- خلو المرافق من أبسط المستلزمات التي من خلالها سيتم تقديم الرعاية  للمرضى كأدوية وأجهزة طبية تشخيصية وغيرها.

- تدني في رواتب الكادر الصحي بشكل  كبير وخطير مما سبب هجرة معظم كوادرها إلى خارج اليمن لطلب الرزق وتحسين أوضاعهم

- عدم وجود دعم مالي للجانب الوقائي والاهتمام فقط بالجانب العلاجي مع شح في هذا الجانب أيضا فعلى سبيل المثال .

- الصحة المدرسية والاهتمام بتوعية المدارس عن كيفية تفادي الحمى الروماتيزمية التي قد تؤدي في المستقبل إلى أمراض القلب لدى أبنائنا وتكلفة باهضة يتحملها الأسرة والدولة رغم أن تكلفة التوعية بسيط ولا يكاد يذكر.

- عدم الاهتمام بالجانب البحثي الذي يساعد في الوقاية من الأمراض وتطوير الخدمات المقدمة للمجتمع و ذلك بتوفير مركز كبير متخصص بالبحوث والدراسات يسهل عمل الباحثين ويستثمر نتائج بحوثهم فيما ينفع تحسين القطاع الصحي في الجانب الطبي والفني والإداري ويرتبط بالقيادة العليا ويعمل لها جوائز عن أفضل البحوث لتحفيز الباحثين للخوض في هذا الجانب .

- وجود منشئات صحية غير تابعة لوزارة الصحة سبب عدم القدرة على متابعتها مثل بعض المستشفيات  الخاضعة للقطاع العسكري .

 

المقترحات والتوصيات

 1. تبني القيادة السياسية العليا والتزامها بالجودة الشاملة  في جميع القطاعات العامة او خاصة .

والجودة الشاملة هي فلسفة قابلة للتطبيق في جميع القطاعات لأنها تضمن أعظم كفاءة و  فاعلية  ومردود للعمل وتحقق التميز وتمنع الأخطاء والهدر مع التطوير المستمر لأهداف المؤسسات.فأهمية الجودة تأتي من ارتباطها بصحة وسلامة حياة الإنسان، ومحاربة المرض والسيطرة عليه، و الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، ونظراً إلى النتائج العظيمة التي حققتها أساليب الجودة في القطاع الصناعي، فقد تم تبني هذه الأساليب في قطاع الخدمات، مع تعديلها بما يتمشى مع طبيعة وخصائص الخدمة الصحية. وتظهر نتائج الجودة العالية للخدمات الصحية في رضا المرضى ، والموظفين والموردين والمجتمع بشكل عام مما ويؤدي الى  تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية، وخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية. 

2. إنشاء مؤسسة كبيرة معنية بأعداد معايير وطنية للجودة الشاملة  وتطبيقها في جميع القطاعات العامة والخاصة ويكون ارتباطها المباشر بالقيادة السياسية العليا ، تقوم بالرفع إلى المجلس السياسي الأعلى عن مستوى أداء المؤسسات  ومحاسبة المخالفين ووضع الجميع تحت المجهر والكل دون استثناء يتم محاسبتهم ان اخلو بالضوابط والتوجيهات المطلوبة منهم ،  فالجودة لا يمكن أن تطبق إلى من خلال التزام القيادة من أعلى  الهرم  بمفاهيم ومعايير الجودة  وذلك ينعكس إيجابا على  التزام  جميع وزارات و مؤسسات الدولة صغيرة أم كبيرة صحية ، تعليمية أم صناعية  بتطبيق معايير الجودة التي يتم إعدادها مسبقا لتناسب وضع اليمن  ولا تختلف عن المعايير العالمية.

3. إنشاء إدارات جودة في جميع المنشآت العامة والخاصة ويكون ارتباطها بالمؤسسة الأم و يتم من خلالها رفع مؤشرات الأداء والتحسين ومراقبة مستوى انجاز تلك المنشآت للمطلوب منها لتحسين جودة الخدمات او المنتجات .

4. المتابعة المستمرة والمراقبة المستمرة لأداء قيادات جميع الوزارات و المؤسسات ومحاسبة المقصرين منهم والناهبين للمال العام وفق منهجية منظمة وعادلة في المحاسبة ترفع الى المجلس السياسي الأعلى دوريا  .

5. تطييق الجودة في جميع الإجراءات المالية والإدارية ومنع أي تجاوزات فيها ومحاسبة المقصرين والفاسدين .

6.  التركيز على الموارد البشرية من خلال  وضع أصحاب الكفاءات كلا في مكانة وموقعه يؤدي واجبة وفق منهجية علمية ومعايير جودة وطنية موضوعة مسبقا   لنظام توظيفي عادل يتم من خلاله توظيف الكوادر المؤهلة والكفؤة مما ينعكس إيجابيا على تطور البلد ورفعتها واكتشاف المبدعين فيها بأذن الله

7. تفعيل دور القيادات  واعطائها صلاحيات اكثر للعمل والتطوير والابداع  مع المراقبة المستمرة لهم ومحاسبة الفاسدين أولا بأول بحيث يصبح العمل مؤسسي وليس مركزيا يخضع لأهواء المستبدين والفاشلين( فلا نقل اعطوني دليلا على فساد فلان او فلان ولكن خذوا وقيموا نتائج ومخرجات العمل والواقع الملموس والشكاوي المتكررة  من المجتمع والمتعاملين مع المؤسسات لنعرف أن هناك خللا في أداء تلك القيادات) من خلال مؤشرات رضى المتعاملين مع تلك المؤسسات ومستوى رضاهم عن خدماتها .

8. زيادة التركيز على القطاع الصحي بدعمة ماليا وبحسب المعايير العالمية بزيادة انفاق الدولة عليه وتخصيص ميزانية أكبر له حتى يغطي مساحة أكبر في  الجمهورية اليمنية

9. البدء بنظام التامين الصحي بما يضمن توفير خدمات صحية شاملة ومجانية وذات جودة عالية لجميع أبناء الشعب اليمني .

10. توفير مرافق صحية وكادر صحي في المناطق النائية والارياف لتخفيف الضغط على المدن ولتقليل معدل الوفيات بسبب عدم القدرة على الحصول على الخدمات الصحية في الوقت المناسب.

وفي الأخير فالقرار الحاسم والجاد بإدخال معايير الجودة في جميع القطاعات الصحية من (مستشفيات ومختبرات وصيادلة وتمريض وفنيين) وجميع القطاعات الأخرى تعليمية أم صناعية  يجعل الجميع يتوجه بشكل كامل نحو تحقيق الهدف الكبير الذي يريده الله و تريده القيادة الحكيمة وهي إحسان وإتقان و جودة في حياة الجميع من خلال البدء من حيث انتهى الآخرون (بالأخذ بتجارب الدول الأخرى مثل اليابان وسنغافورة وغيرها من الدول التي نهضت في زمن قصير رغم الظروف الصعبة والتحديات وطورت قطاعاتها الصحية وفي زمن قياسي ) و تحقيق تغطية صحية شاملة للمواطنين والعاملين  وفق منهجية صحيحة خالية من المحاباة والمجاملات . وفي الأخير نؤكد  أن  تضحيات الشهداء والجرحى تحتم علينا ان نخطو الخطوة الأولى نحو تصحيح الوضع والخروج من ذلك الفســــاد (الإرث القديم).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ماجستير إدارة صحية وباحثة في مجال الجودة.

1. MSF, S.F., Health system in Yemen close to collapse. Bull World Health Organ, 2015. 93: p. 670-671.

2. Qirbi, N. and S.A. Ismail, Health system functionality in a low-income country in the midst of conflict: the case of Yemen. Health policy and planning, 2017. 32(6): p. 911-922.

3. WHO, Evaluation of the basic development needs programme in the Republic of Yemen. 2005.

4.Al-Sufyani, B.M., Quality health services in Yemen: the patients' perspective. 2008: Royal tropical institute (KIT).

5.محمد, ا.ح., الوقاية من مخاطر الفساد في قطاع الصحة في الجزائر وتأثيرها على جودة الخدمات الصحية. Dafātir al-Siyāsah wa-al-Qānūn, 2018. 278(5784): p. 1-12.