الصمود الاقتصادي بعد مرور خمس سنوات من العدوان والحصار

نشر بتاريخ: سبت, 04/04/2020 - 10:17ص

عليه نتوكل وبه نستعين على أمور الدنيا والدين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آلة الطيبين الطاهرين وأصحابة المنتجبين

 

مقـــــــــــــــــــدمـــــــــــــــــــــــــــــــــة:-

تثبت الوقائع والأدبيات التاريخية أن العدوان الصهيو-سعودي ضد أبناء اليمن الميمون ليس وليد الساعة بل هو نهج أيدولوجي عقائدي نشأ مع نشوء دولة آل سعود برعاية وتخطيط وتوجيه بريطاني بالتزامن مع تبني بريطانيا الاستعمارية إنشاء دولة إسرائيل (الكيان الصهيوني ) ، وبذلك كانت المهام الموكلة لكل من إسرائيل ومملكة آل سعود مشتركة ومتقاطعة بينهما بما يخدم أهداف ومصالح الدول الاستعمارية في المنطقة .

وفي ضوء ما سبق يمكن القول أن المهام التي اُسندت من قيادات الصهيونية العالمية لإسرائيل كانت بسط نفوذها على مناطق الشام والعراق ومحاصرة مصر ، بينما كانت مهمة أسرة آل سعود السيطرة على منطقة شبه الجزيرة العربية .

وكون اليمن كانت عصية على المستعمرين على مر التاريخ وبالأخص  المناطق الشمالية والتي لم تستطع الدولة البريطانية إخضاعها لسيطرتها أو إدخالها ضمن صفقات التقسيم لتركة الرجل المريض (الدولة العثمانية ) بعد الحرب العالمية الثانية وذلك لسببين رئيسيين هما:

سياسة الإمام يحيى محمد حميد الدين وابنه أحمد/رحمهما الله  الحكيمة في انتهاج سياسة عدم الانحياز الحقيقي، وعدم قدرة الإمبراطورية العثمانية السيطرة على اليمن نتيجة مقاومة اليمنيين القوية والطويلة للهيمنة العثمانية ، وهذا ما حفظ لليمن هويتها الإسلامية والعربية الحقيقية هذا إلى جانب ما ميز حكام وعلماء الدول الإسلامية في الاعتدال والتعايش السلمي والقبول بالآخر وهذا ما كان له دور بارز في استقرار وتوحد اليمن بمختلف مذاهبه وطوائفه ومناطقه الجغرافية ، وهذا ما مثل شوكة في عيون دول الاستعمار وكنتيجة حتمية لذلك وضعت دول الاستعمار اليمن نصب عينيها ، حيث عمدت إلى استخدام كافة الوسائل المتاحة لتفكيك وحدة أبناء اليمن مناطقياً ومذهبياً وعرقياً .... إلخ وإفساد أخلاقه وقيمه ، وعدم السماح لليمن بتحقيق أي تنمية حقيقية أو حتى استغلال الحد الأدنى من موارده الاقتصادية المتاحة (مادية ، بشرية ، مالية ) لتحقيق حياة كريمة لأبنائه ، ولإنجاح كل تلك الأهداف اٌسندت الدول الاستعمارية هذه المهمة المعقدة والكبيرة لحليفتها أسرة آل سعود والتي اعتبرت اليمن هبة حصرية لها من قبل الدول الاستعمارية ، وانطلاقاً من ذلك اعتبرت هذه الأسرة النكرة والشاذة خروج أي يمني عن توجهاتها وأهدافها المرسومة لها سلفاً من قبل الدول الاستعمارية يعتبر أمر غير مقبول وغير مسموح به ، وهكذا أصبحت اليمن تحت الوصاية السعودية والتي اعتبرت اليمن وللأسف الشديد العدو التاريخي لها ، وهذا ما ظهر جلياً في وصية جدهم المؤسس في مقولته المشهورة (خيركم من اليمن وشركم من اليمن ).

وفي ضوء ما سبق يمكن الجزم وبما لا يدع مجال للشك أن الحرب الصهيو-سعودية وبالأخص في جانبها الاقتصادي هي قديمة قدم نشوء مملكة آل سعود وستبقى هذه الحرب مستقبلاً سواءً انتهت الحرب أو لم تنتهِ ، ولكنها تجلت في أنصع صورها في الحرب العدوانية خلال الخمس سنوات الماضية (2015م – 2019م) .

وعليـــه فإننا سنحاول إن شاء الله تعالى في هذه المقالة الموجزة استعراض أهم النتائج الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على العدوان والحرب الاقتصادية الشاملة من قبل تحالف دول الصهيو-أعرابية بقيادة السعودية وذلك على النحو التالي :-

أولاً: الوضع الاقتصادي قبل العدوان :-

نوجز ذلك فيما يلي:-

  1. اختلال الهيكل الإنتاجي للاقتصاد القومي

تظهر بيانات الحسابات القومية أن الهيكل الإنتاجي للاقتصاد القومي كان يعاني من اختلالات حادة ومزمنة ، حيث كان يعتمد في توليد الناتج والدخل المحلي على القطاعات التقليدية ذات العائد الاقتصادي المحدود على المجتمع اليمني والتشابكات المحدودة بين الأنشطة الاقتصادية، مثل قطاع إنتاج النفط والغاز والذي يساهم في المتوسط بما نسبته (26.7%) من الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق تستحوذ الشركات الأجنبية على مانسبته (30%) من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع إنتاج النفط والغاز ، هذا إلى جانب محدودية العلاقات التشابكية بين قطاع إنتاج النفط والغاز والقطاعات الإنتاجية الأخرى ، وكذا قطاع الزراعة والصيد وقطاع التجارة والمطاعم والفنادق والصيانة والتي تساهم بنسبة وسطية (16%) و(15%) على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي ، وذلك على حساب تدني مساهمة القطاعات الإنتاجية الحديثة والاستراتيجية كقطاع الصناعة التحويلية وقطاع التعدين وقطاع الكهرباء والمياه وقطاع التمويل والتأمين والتي لا تتجاوز نسبة مساهماتها في توليد الناتج في المتوسط عن (8%) و(8.%) و(2.8%) على التوالي ، وهذا ما ترتب عليه وجود اقتصاد قومي هش لايستطيع الوفاء بالحد الأدنى من احتياجات المجتمع من السلع والخدمات الاساسية (استهلاكية ، وسيطة ، رأسمالية ) ماجعله يعتمد على الخارج بدرجة كبيرة.

  1. اختلال ميزان الاقتصاد الكلي :-

تظهر بيانات الحسابات القومية معاناة الاقتصاد القومي من اختلال ميزان الاقتصاد الكلي ، حيث تبلغ نسبة الاستهلاك النهائي الكلي إلى الناتج المحلي الإجمالي عام 2014م نحو (98%) بينما لاتتجاوز نسبة الاستثمار (21%) وهذا مايعني أن تمويل التنمية يعتمد بدرجة أساسية على العالم الخارجي، كما أن الواردات من السلع والخدمات تمثل مانسبته (47%) من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع نسبة العوامل التي تحكمها عوامل خارجية في توليد الدخل القومي المتاح والتي تبلغ (16%) من الدخل القومي المتاح و(165%) من الادخار القومي .

  1. ارتفاع نسبة الاعتماد على العالم الخارجي :-

تظهر مؤشرات الحسابات القومية مدى ارتفاع نسبة اعتماد الاقتصاد القومي على العالم الخارجي حيث بلغت عام 2014م نسبة الواردات من السلع والخدمات (47%) من الناتج المحلي ونسبة انكشاف الاقتصاد القومي على العالم الخارجي (76%) ونسبة الادخار المحلي في تمويل الاستثمار الإجمالي لا تتجاوز (9.6%) ونسبة المكون الأجنبي للاستثمار تتجاوز (60%) ومدخلات الانتاج للصناعات الوطنية (70%) ، بل تبلغ نسبة الاعتماد على العالم في توفير السلع الاساسية نحو (95%) من القمح وأكثر من (80%) من الأدوية الأساسية والألبان وزيوت الطبخ والمشتقات النفطية والسلع الرأسمالية...الخ .

  1. تراجع مستوى النشاط الاقتصادي :-

تثبت بيانات الحسابات القومية تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة (2011م – 2014م) بمعدل سنوي متوسط (5%) وبمعدل تراكمي للفترة بلغ (19.6%) وهذا ما عكس نفسة سلباً على مختلف محاور الاقتصاد القومي والأوضاع الاجتماعية .

  1. ارتفاع معدلات التضخم .

تثبت بيانات الأرقام القياسية لأسعار التجزئة ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة (2011م – 2014م ) حيث بلغ متوسطها السنوي (12.9%) وبنسبة تراكمية لكامل الفترة (60%) وهذا ما عكس نفسة سلباً على كافة محاور الاقتصاد القومي والأوضاع الاجتماعية وبالأخص الإنسانية وعلى الفئات الفقيرة على وجه الخصوص.

  1. تراجع مستوى المعيشة للسكان .

أدى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وبالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم لأسعار المستهلك إلى حدوث انخفاض كبير في مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان حيث انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي عام 2014م عن عام 2010م بما نسبته (32.3%) بمعدل سنوي متوسط يتجاوز (9%) .

 

  1. ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر .

في ضوء النقطة (6) السابقة ارتفعت نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى من نحو (34%) عام 2010م إلى نحو (49%) عام 2014م .

  1. ارتفاع معدل البطالة الكاملة .

في ضوء النقطة رقم (4) السابقة من المؤكد ارتفاع معدل البطالة الكاملة من مايقارب (24%) عام 2010م إلى نحو (30%) عام 2014م .

  1. اختلال الموازنة العامة .

حيث ارتفع حجم ونسبة العجز الصافي للموازنة العامة لتتراوح نسبته خلال (2011م- 2014م) إلى كل من إجمالي الموارد والناتج المحلي الإجمالي مابين (19.7%) و(4.7%) على التوالي عام 2011م إلى نحو (28%) و(8%) على التوالي عام 2014م ، وهذا ما ترتب عليه ارتفاع الدَّين العام الداخلي من (1547) مليار ريال عام 2010م بما نسبته (84%) من إجمالي الموارد العامة إلى (3180) مليار ريال عام 2014م بما نسبته (136%) من إجمالي الموارد العامة ، وهذا ماترتب عليه ارتفاع أعبائها من (147)مليار ريال وبنسبة (7.1%) من إجمالي النفقات العامة عام 2010م إلى (508)مليار ريال منها وبنسبة (19.8%) عام 2014م ، وبذلك يكون عجز الموازنة ورصيد الدين العام الداخلي وأعبائه قد تجاوز كل حدود الأمان بمختلف المعايير الدولية خلال هذه الفترة .

  1. تظهر البيانات النقدية للفترة (2010م- 2014م) حدوث نمو مرتفع في إجمالي العرض النقدي بلغ في المتوسط نحو (9%) وذلك نتيجة نمو النقد خلال هذه الفترة بنحو (10%) وهذا ماساهم في ارتفاع حجم الطلب الكلي وبالتالي معدل التضخم .
  2. على الرغم من الدعم السخي الذي حصلت عليه حكومة الوفاق من قبل دول العدوان وحلفائها خلال الفترة (2011م – 2014م ) والتي بلغت أكثر من (6323)مليون دولار ، فقد حقق ميزان المدفوعات عجز خلالها (عداء عام 2012م حقق خلالها فائض كبير نتيجة المنحة السعودية العينية والوديعة النقدية السخية لدعم حكومة الوفاق)، وهذا ماترتب عليه تراجع رصيد الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي من (5.94)مليار دولار ما يغطي واردات (7.2) شهر عام 2010م إلى (4.67)مليار دولار مايغطي واردات (4.6)شهر نهاية عام 2014م .

وفي ضوء المؤشرات السابقة نستخلص أن الوضع الاقتصادي قبل العدوان كان في وضع سيئ جداً ، حيث يعاني من اختلالات حادة ومزمنة في مختلف محاوره إلى جانب تفشي الفساد في مختلف الجهات وعلى كل المستويات ، وذلك بالتزامن مع انتشار ظاهرة الفوضى والانفلات الأمني والعمليات الإرهابية وتفكيك الوحدات العسكرية واختراق دول العدوان الكبير لمختلف أجهزة الدولة المدنية منها والعسكرية بل والمؤسسات المدنية القبلية والتنظيمات السياسية ووحدات القطاع الخاص الكبيرة ... الخ ، وهذا ما جعل صناع قرار الحرب على اليمن يعتبرون أن الوضع القائم في اليمن قد أصبح مهيئاً جداً لشن الحرب وتحقيق أهدافها خلال أيام أو أسابيع معدودة .

ثانياً:- أدوات الحرب الاقتصادية :-

أثبتت أحداث الحرب العدوانية خلال الخمس سنوات الماضية أن دول العدوان قد اعتبرت الحرب الاقتصادية أحد المحاور الرئيسية لعدوانها على اليمن نوجز أهم السياسات والإجراءات الاقتصادية التي نفذتها دول العدوان على النحو التالي :-

  1. معارضة إقامة أي مشاريع إنتاجية استراتيجية طول الفترة السابقة وبالأخص في مجال استغلال الثروات الطبيعية والمناطق الاستراتيجية وعلى وجه الخصوص في المناطق الحدودية مع دول العدوان، هذا إلى جانب دعمها لكافة عمليات زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
  2. تشجيع انتشار الفوضى والعمليات الإرهابية خلال السنوات التي سبقت شن العدوان ماتسبب في تدني معدلات النمو الاقتصادي خلال الثلاثة أعوام التي أعقبت أحداث انتفاضة 2011م ، بل وتراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2014م بما نسبته (10.6%) .
  3. التنسيق بين دول العدوان وحكومة الوفاق على تهيئة الظروف لسيطرة القوى القبلية والسياسية الموالية لدول العدوان على مناطق الثروة الطبيعية (مأرب جماعة الإخوان) (حضرموت القاعدة ) (عدن الحراك الجنوبي) ... الخ .
  4. منع الصادرات من النفط والغاز مع أول عملية عسكرية قامت بها دول العدوان ومنع العديد من السلع المستوردة واتخاذ العديد من السياسات المعيقة لوصول الواردات .
  5. توقيف السحب من القروض والمساعدات الخارجية والاستيلاء عليها .
  6. الاستيلاء على الإيرادات من الرسوم والضرائب على الواردات الواصلة إلى الموانئ والمنافذ تحت سيطرة دول العدوان لصالح المناطق خارج سيطرة دول العدوان .
  7. الاستيلاء على الإيرادات من مبيعات النفط والغاز المحلي من مأرب .
  8. الاستيلاء على ما تم طبعة من نقد محلي وبحدود (600)مليار ريال .
  9. السحب المنظم للنقد المحلي من خلال مبيعات النفط والغاز المحلي وتحصيل الرسوم والضرائب على الواردات أو فتح اعتمادات الاستيراد عبر البنك المركزي في عدن ...الخ
  10. تشجيع عمليات المضاربة في النقد الأجنبي بهدف رفع أسعاره في السوق المحلي وذلك من خلال عدد من الصرافين ورجال المال والأعمال وبالأخص محلات الصرافة غير المرخصة، واعتبار ذلك الارتفاع في أسعار الصرف في السوق الموازي كذريعة من قبل حكومة العملاء لرفع السعر الرسمي لها وهكذا يتم إدخال سعر الصرف في حلقة مفرغة متتالية إلى الأعلى ، هذا إلى جانب قيام حكومة العملاء بتهريب العملات الأجنبية المشتراة من السوق المحلي ومن مساعدات أجنبية للخارج لاستثمارها لحسابهم الخاص .
  11. محاصرة عمليات البنوك التجارية والإسلامية مع وكلائهم الماليين في الخارج بهدف تهيئة الظروف لإدارة السياسة النقدية وبالأخص سياسة سعر الصرف من خلال البنوك والصرافين المتعاونين مع دول العدوان وبالأخص الصرافين غير المرخصين وعلى حساب دور البنك المركزي والبنوك التجارية والإسلامية .
  12. نقل مهام واختصاصات البنك المركزي ونظام المعاملات الدولية (السويفت) من مقره الرئيسي في العاصمة صنعاء إلى فرعه في عدن ، وبالتالي الاستيلاء على ما تبقى من احتياطات خارجية للبنك وكذا استخدام كافة أدوات السياسة النقدية في الحرب الاقتصادية .
  13. فرض حصار شامل على الموانئ خارج سيطرة دول العدوان، وإرغام البواخر الواصلة إليها الخضوع للتفتيش في موانئ دول أخرى بهدف تأخير تفريغها لعدة أشهر وهذا ما يؤدي إلى تحمل المستوردين تكاليف تأخير كبيرة أو فساد هذه الواردات وهذا ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بدرجة كبيرة وندرتها ، وهذا ما يجعل المجتمع يتحمل أعباء إضافية كبيرة وخسائر مالية بصورة مستمرة وكبيرة أيضاً .
  14. فرض رسوم إضافية لصالح حكومة العملاء على كل باخرة تسمح لها تفريغ حمولتها في الموانئ خارج سيطرة دول العدوان وهذا ما يزيد من ارتفاع أسعار الواردات من ناحية ويدفع بمستوردي بعض السلع وبالأخص الغذائية التوجه لتفريغ وارداتهم في الموانئ تحت سيطرة دول العدوان وبالتالي السيطرة على مزيدٍ من الإيرادات .
  15. طبع كمية كبيرة من النقد المحلي بصورة غير قانونية بهدف استخدامها في المضاربة في أسعار صرف العملات الأجنبية ومن ثم تهريبها للخارج بما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بصورة مستمرة وبمعدلات مرتفعة جداً .
  16. تدمير أكبر قدر من الوحدات الإنتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية كالكهرباء والمياه والمواصلات ... الخ. ، بهدف انخفاض المعروض منها في السوق وبالتالي ارتفاع أسعارها ، هذا إلى جانب فقد كثيرٍ من السكان لأعمالهم ودخولهم المستدامة مما يدفع بمؤشرات البطالة والفقر نحو الارتفاع .
  17. تدمير البنى التحتية كالطرق والموانئ والجسور والأسواق والمخازن وشبكات المياه والاتصالات ونحوها ، بهدف إحداث صعوبات كبيرة وعديدة لتنقل الأفراد ونقل السلع من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك مما ترتب عليه زيادة نسبة التالف من هذه المنتجات وارتفاع تكاليف النقل وهذا ماساهم في رفع أسعارها مما الحق أضرار بالمنتج والمستهلك .
  18. تدمير المؤسسات الخدمية ، كالمنشئات الصحية والتعليمية والتدريبية ونحوها بهدف تدهور مستوى هذه الخدمات وبالتالي مستوى الوفيات والمعاناة الصحية والأمية ، وهذا مايؤثر على مستوى طاقات المجتمع الإنتاجية المستقبلية ، والثالث رفع درجة السخط ضد القوى المناهضة للعدوان .
  19. تدمير أكبر عدد ممكن من المساكن والمنشئات المدنية والخاصة ، لهدفين الأول نشر الرعب والخوف بين السكان ما يجعل السكان يتركون مناطقهم فيتحولون من منتجين إلى نازحين ومعالين والثاني توجيه اهتمامات الدولة والمجتمع نحو إعادة إعمار ما دمرته الحرب ولسنوات طويلة بدلاً من توجيه اهتماماتهم نحو التنمية .
  20. رفع أسعار الفائدة بهدف رفع أعباء الدين العام الداخلي في ظل استمرار انخفاض حجم الإيرادات العامة من ناحية ، وارتفاع تكاليف الاستثمار من ناحية ثانية ، وإعادة توزيع الدخول والثروة لصالح الدائنين (الأغنياء) وعلى حساب المدينين (الفقراء) من ناحية ثالثة .
  21. الاستمرار في نهب ثروات المجتمع من قبل دول العدوان ومرتزقتهم وتهريبها إلى الخارج بهدف زيادة ندرة الموارد الوطنية المتاحة للتنمية وبالأخص موارد النقد الأجنبي .

ثالثاً: مؤشرات صمود المجتمع في وجه العدوان لخمس سنوات .

  1. أدى التدمير الكبير للمنشئات الاقتصادية الإنتاجية منها والخدمية ، هذا إلى جانب ندرة وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة ، وتدمير جزء هام من البنى التحتية للاقتصاد خلال الخمس سنوات إلى حدوث انخفاض كبير في إجمالي الطاقات الإنتاجية للاقتصاد القومي بلغت حسب مؤشر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2019م مقارنة بعام 2014م ما نسبته (46%) في ظل معدل نمو سكاني (3%) سنوياً .
  2. أظهرت بيانات الأرقام القياسية لأسعار التجزئة ارتفاع المستوى العام للأسعار عام 2019م عن عام 2014م بما نسبته (128%) بمعدل سنوي متوسط (18%) ما يقارب ضعف المعدل المتوقع للتضخم قبل العدوان .

من خلال النقطتين (1 ، 2) نستنتج مايلي:-

  1. انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي عام 2019م عن عام 2014م بمايقارب (67%) .
  2. ارتفاع معدل البطالة الكاملة من (30%) عام 2014م إلى ما يتجاوز (65%) .

ج. ارتفاع نسب السكان تحت خط الفقر لأعلى من (49%) عام 2014م إلى ما يتجاوز نسبته (85%) .

وفي ضوء المؤشرات السابقة تبرز بصورة جلية مدى التحمل والصبر الذي تحمله اليمنيون طوال خمس سنوات من الفاقة وشظف العيش نتيجة التدهور في مستوى معيشتهم بسبب فقدان مصادر دخولهم و ارتفاع أسعار السلع الضرورية وانعدامها .

  1. توقف مرتبات ما يتجاوز مليون موظف ومائتين ألف متقاعد وأكثر من مليون حالة ضمان اجتماعي منذ أكثر من ثلاث سنوات ، ورغم المعانات الشديدة لأسر هؤلاء الموظفين والمتقاعدين نتيجة توقف مصدر دخلهم الوحيد ما اضطر الكثير منهم إلى استنفاذ مدخراتهم وبيع مجوهراتهم وأصول الأسرة ، ورغم ذلك ظل الجميع يمارسون أعمالهم ودعمهم لجبهات القتال بالمال والرجال ، وهذا ما يعكس صورة نادرة جداً للصمود والتصدي للعدوان
  2. أظهرت الإحصاءات الأخيرة لوزارة حقوق الإنسان أن عدد المساكن التي دمرتها العمليات العدائية لدول العدوان جزئياً أو كلياً خلال الخمس سنوات تقارب (430) ألف ما ترتب عليه تهجير ما يتجاوز (3.500) مليون نسمة من قراهم وحرمان مايتجاوز (2.500) مليون طالب من دراستهم ، ورغم المعاناة والمشاق التي يتحملها هؤلاء السكان والنتائج المستقبلية العديدة التي سيواجهونها مستقبلاً ، إلا أن هؤلاء المواطنين ظلوا صامدين يمدون الجبهات بالمال والرجال ويتحملون شظف العيش والغربة ، ولم يطلبوا لجوءاً سياسياً خارج وطنهم أو إقامة مخيمات خارج مناطق الصراع تحت حماية وإدارة منظمات دولية كما هو الحال في مناطق أخرى ، وهنا يظهر بجلاء عظمة يمن الإيمان والحكمة في الصمود في وجه العدوان والتضحية في سبيل الله وحماية الأرض والعرض والكرامة.
  3. أظهرت إحصاءات جرائم العدوان على اليمن الصادرة من وزارة حقوق الإنسان حجم الإضرار التي لحقت بالطرق والجسور ومحطات وشبكات المياه والكهرباء والغاز والاتصالات ... الخ ، وهذا ما عكس نفسة سلباً على كافة مناحي حياة ومعيشة السكان طوال فترة الخمس سنوات ورغم ذلك بقي السكان صامدين في وجه العدوان ويمارسون حياتهم دون كلل أو ملل ويقدمون الدعم لمقارعة العدوان وهذا يعكس صلابة هذا الشعب في مقارعة العدوان والدفاع عن الأرض والعرض مهما بلغت التضحيات .
  4. أظهرت إحصاءات جرائم العدوان الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان حجم الأضرار التي لحقت بالمنشئات الصحية وانعدام الأدوية وارتفاع اسعارها وتفشي الأوبئة والأمراض وما نتج عنها من كوارث صحية رهيبة ، إلا أن مجتمع الإيمان والحكمة ظل صابراً على المعانات الصحية الشديدة وداعماً لكافة عمليات الصمود والتصدي للعدوان .
  5. حسب تصنيف المنظمات الدولية أن التدهور الكبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب العدوان والحصار قد أدى إلى تصنيف الوضع في اليمن بأكبر كارثة إنسانية في العالم ، حيث أظهرت المؤشرات أن أكثر من (60%) من السكان وصل وضعهم مرحلة المجاعة و(24)مليون من السكان يحتاجون مساعدة إنسانية و(19.7)مليون من السكان يحتاجون خدمات صحية و(17.8)مليون من السكان يحتاجون مياه نظيفة و(6.7)مليون من السكان يحتاجون إلى مأوى ... الخ ، ورغم هذه المؤشرات المخيفة حول الوضع الإنساني ، إلا أن المجتمع لم يتخلى عن كرامته والاستسلام لشروط وإملاءات دول العدوان بل ازداد صموداً وصلابة في مواجهة العدوان .
  6. حسب البيانات المالية نجد أن الموارد المالية المخصصة للدفاع والأمن خلال سنوات العدوان لم تتعدى سنوياً في المتوسط (25%) مما كان متاح قبل العدوان وذلك رغم :-
  1. ارتفاع المستوى العام للأسعار عام 2019م عن مستواه عام 2014م بنحو      ( 128%) .
  2. وجود حرب شرسة بأحدث الأسلحة على نحو(56) جبهة عسكرية رئيسية .

ج. وجود قفزة كبيرة في مجال التصنيع العسكري بمختلف مجالاته .

      وهذا يعكس مدى الكفاءة الإدارية والمالية والعسكرية المنبثقة من الإيمان والعزيمة والإرادة الحقيقية لصمود في وجه العدوان مهما كانت الظروف ومهما طال أمد الحرب .

  1. القوافل التي يقدمها أبناء المجتمع لرفد الجبهات بالمال والسلاح والرجال وبالأخص من أسر الشهداء رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن بسبب العدوان يعكس مدى كرم وعزة وتضحية المجتمع وصبره في سبيل الحفاظ على قيم وحرية وكرامة واستقلال وحرية هذا الشعب الأبي المجاهد .
  2. صمود القيادات السياسية والإدارية والفنية والوجاهات الاجتماعية والقبلية في وجه دول العدوان وعدم الالتحاق بصفوف دول العدوان رغم الإغراءات المالية الكبيرة جداً مقارنة بحجم الصعوبات المالية والمعيشة التي يمرون بها ، يعكس مدى وعي وأصالة وعزة وكبرياء وكرامة أبناء المجتمع .
  3. اندفاع الشباب إلى الجبهات دون أي استقطاب سياسي أو مذهبي أو مناطقي أو نحوه يعكس العناية الربانية العظيمة في تأليف القلوب بين اليمنيين الشرفاء من كل التيارات السياسية والمجتمعية وانطوائهم جميعاً تحت قيادة وطنية وهدف واحد وجامع وهو السير وفق المنهج القرآني وما يفرضه من واجبات العبودية لله عز وجل وفي مقدمتها مبدأ التضحية والجهاد في سبيل الله لنيل رضاء الله عز وجل وتحقيق الحرية والكرامة والعزة والاستقلال والتنمية الحقيقية والمستدامة .
  4. التفاعل المجتمعي الكبير والمستمر الواعي مع السياسات والإجراءات التي تمليها متطلبات الصمود ومقارعة دول العدوان رغم تعدد السياسات العدائية التي تنفذها دول العدوان وحملة أبواقها الإعلامية الكبيرة على التحريض لإثارة المجتمع ضد الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة القائمة ، والتشكيك في كافة السياسات والإجراءات التي تتخذها حكومة الصمود في صنعاء وتلميع السياسات التي تتخذها حكومة العملاء ... الخ بل والتهديد باقتحام صنعاء غير أن كل ذلك ما زاد المجتمع إلا توحداُ وصموداً وبذلاُ وعطاءُ وصبراُ وهذا ما تجلى من خلال :-
  1. صمود المجتمع وتحمله الأوضاع المأساوية الناجمة عن العدوان طوال خمس سنوات.
  2. صبر وصمود الموظفين على الأوضاع المأساوية الناجمة عن انقطاع المرتبات .

ج. صمود المقاتلين الأشاوس رغم قلة الإمكانيات وشظف العيش وقوة عدوهم .

د. اندفاع الشباب إلى الجبهات رغم المخاطر التي يتعرضون لها بسبب وحشية وقساوة وحقد وانحطاط قوى العدوان ومرتزقتهم .

13. قيام القيادة السياسية والقوى الفاعلة وبعد مرور خمس سنوات من العدوان والحصار وفي ظل هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة جداً بتبني الرؤية الوطنية للاستقرار والانعاش الاقتصادي، يمثل صورة عملية وواقعية لمدى عزيمة وكبرياء وطموح المجتمع اليمني في بناء مستقبله خارج الوصاية الخارجية ومواصلة التصدي والصمود في وجه العدوان وإسقاط كل خياراته وأدواته التي يأمل من خلالها إعادة اليمن إلى بيت الطاعة الصهيو-سعودي مهما كان الثمن وإصراره على بناء وطن موحد ومستقل ومتطور بإذن الله تعالى .

14. التراحم والتكافل والتعاون والأسرى والمجتمعي من خلال دفع الزكاة وصرفها في مصاريفها الشرعية والصدقات التي يدفعها الميسورون والفقراء للمستحقين لها وتوفير الإيواء والكساء والغذاء للنازحين وأسر الشهداء والمتضررين من العدوان.

 

أخيـــــراً:-

في ضوء ما سبق يمكن الجزم أن الواقع أثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن هناك عناية وتأييد رباني كبير وفي مختلف ميادين الصراع مع العدوان سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً...إلخ طيلة الخمس سنوات الماضية وهذا ما يجعلنا نستبشر ونثق باستمرار العناية والتأييد الإلهي حتى تحقيق النصر النهائي الكبير إن شاء الله تعالى ، وذلك وعد الله الذي لا يخلف الميعاد: قال تعالى: (( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ، وأن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ) ).كما قال تعالى :((إن تنصرو الله ينصركم ويثبت أقدامكم)). كما قال تعالى (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا )).كما قال تعالى (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين )).