بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبدالله خاتم النبيين وتمام عدة المرسلين وعلى آله الطاهرين أرسله الله إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين ، فجزاه الله عنا وعن أمته خير الجزاء وصلى الله عليه وعلى آله عدد ما صلى على جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين ورضي الله عن صحبه الراشدين الذين ءامنوا به وجاهدوا معه وماتوا على منهاجه وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد:
بمناسبة اقتراب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم تساهم رابطة علماء اليمن في فعاليات المولد النبوي الشريف بهذه الندوة المباركة التي أحسنت اختيار موضوعها عن القضاء وهمومه وما يشكوه المواطن من تطويل عند نظر القضايا وعند التنفيذ حتى أصبحت ظاهرة مضرة بالقضاء وبالمواطن وليس الغرض من هذا الإساءة إلى أحد لا إلى القضاء ولا إلى القائمين عليه، وإنما الغرض من ذلك الإقتداء والإهتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأننا مأمورون بذلك في قوله تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ورسول الله كان قرآناً يتحرك ومما أوصى به أمته والقائمين على أمور الأمة بوجه خاص سواء كانوا قضاة أو قادة أو حكاماً أو غيرهم أوصاهم وأنذرهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته... إلى آخر الحديث) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم الدين النصيحة... إلى آخر الحديث ، ومما أنزل الله عليه في كتابه الكريم قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم رحمة الله المهداة للعالمين نريد في ذكرى مولده أن نتراحم فيما بيننا وأن نعير المواطنين جانباً من رحمة رسول الله ورحمة التشريع الإسلامي الذي شرعه الله بين عباده لنعمل جميعاً على إزالة ماهو ضار بالناس ونضع الأصلح والأنفع بديله وننظر إلى ماهو إيجابي فنؤيده ونتدارس معايير العدل الإلهي هل هي مطبقة وهل تصل إلى المواطن بيسر وسهولة باعتبار أن العدل قرين الغذاء والدواء أم أن هناك بعض الإختلالات فننظر كيف نعالجها قياماً بالأمانة ورحمة بالمواطنين وصوناً للقضاء واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالله سبحانه يقول عنه ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة ، فرسول الله حريص على مصالح أمته ويؤلمه عنتهم وعدم استقرار حياتهم والعلماء هم ورثة الأنبياء والقضاة من ضمن العلماء لأن كل قاضٍ عالم لا العكس.
ونحن أمة القرآن وأمة سيد الخلف وخاتم النبيين جعل الله حق إصلاحنا لنا من داخلنا وليس من خارج الأمة ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) ، هذه المقدمة أردنا بها الإيضاح للدافع من وراء إقامة هذه الندوة عن القضاء وهموم المواطنين بشأنه إضافة إلى ما أورده الأخوة الزملاء المتحدثون في هذه الندوة المباركة لئلا يظن أحد أننا نريد تناول القضاء لا نأتي ذلك ونرفضه فنحن نحترم القضاء والقضاة ونجلهم ومن يعمل داخل السلطة القضائية ولا نسمح لأيٍ كان المساس بالقضاء والقضاة وإننا لندافع عنهم عندما نسمع أي إساءة للقضاة ويسوءنا ذلك كثيراً.
ولن تجدوا في هذه الأوراق ما يسيء إلى القضاء أو استخدام أي كلمة نابئة إنما حرصنا أن تكون من ضمن المعالجات التي تهم الجميع والقضاء والسلطة التنفيذية والمجتمع وغير ذلك ، وبعد هذه الوقفة ندخل إلى الموضوع تحت العنوان الآتي:
هذا العنوان يوحي بوجود أسباب تعيق القضاء عن التقدم والترقي إلى الأفضل وأن هذه الأسباب التي تعيقه عن التغيير إلى الأفضل أو إلى المستوى الراقي الذي يجب أن يكون فيه قد كبلته عن النهوض بكامل مسئولياته وبالتالي أصبح قاصراً عن مواكبة المستجدات والتطور الحاصل في المجتمع والدولة والساحة بشكل عام ، دولية وإقليمية وغيرها بمعنى أن المستجدات قد أضافت إلى السلطة القضائية مسئوليات جديدة إلى مسئولياته السابقة ومواجهتها يحتاج إلى وضع إضافة نصوص جديدة في القوانين وإلى تعديل فيما هو موجود فيها وبعضها تحتاج إلى لوائح إدارية تنظيمية تضبط عملية البناء الإداري لمنع الفوضى والإجتهادات المتعددة وظهرت مستجدات نتج منها ضرورة إعداد القضاة وحُسن اختيارهم وتأهيلهم تأهيلاً علمياً متكاملاً.
كما أظهرت التطبيقات لبعض نصوص القوانين الإجرائية وغيرها على مدى ثلاثة عقود أظهرت وجود فجوات وتنافر بين النص القانوني وتطبيقه وبين الواقع فخلق ذلك جواً من التعقيدات والتطويل في نظر القضايا وتنفيذها وأصبح دخول المحاكم لدى المواطنين من أعظم الرزايا حيث ينفقون سنوات عديدة يزيد بعضها عن 10 سنوات و 15 سنة و 20 عاماً من أعمارهم وهم في صراع التقاضي دون الحصول على حقهم من العدالة في وقتها وأدى ذلك إلى حدوث فتن جديدة وصراع وسفك للدماء بين المواطنين فوق ما قد سبق قبل الفصل في القضية الأساس وتسبب ذلك في تراكم القضايا أمام القضاء وانبثق عن ذلك ركود اقتصادي في البلد بسبب الصراعات المجتمعية وعدم الاستقرار في التعامل والعقود والتبادل التجاري في العقارات وغيرها وتسبب ذلك الواقع أيضاً إلى انتشار الأخطاء المالية والإدارية في أوساط موظفي الجهاز الإداري ، وهناك وقائع أخرى غير محمودة أوجدتها عدة أسباب متظافرة مع بعضها كبلت القضاء عن النهوض بدوره وانحسر عن الإرتقاء إلى وضعه الطبيعي وكأن توزيع العدل بين الأمة أصبح ضرباً من المحال مع أن الحقيقة ليست كذلك([1]).
وبما أن هذه الأسباب وغيرها مما لم نذكره متنوعة وكثيرة فإنا سنذكر بعضها في هذه الدراسة القصيرة ونقسمها إلى أنواع خمسة وهي:
وسنذكر باختصار ما يتعلق بكل نوع من هذه الأنواع في الأقسام الآتية:
باختصار شديد هنا نقول إن الدولة أو أولياء أمور الأمة أو الجهة المنوط بها اختيار الأشخاص الذين يراد بهم تولي المناصب القضائية بعد تأهيلهم بقدر استشعار هذه الجهة لعِظم ولاية القضاء وأنها فريضة مُحكمة وأمانة كبيرة وعبادة جليلة ومنصب خطير يتولى القاضي بواسطته العدل الإلهي بين الناس عن طريق حُكمه الملزم وبالتالي فليست مهنة القضاء كأي وظيفة بل هي في الأساس عبادة مخصوصة لدينا نحن المسلمين يُشترط فيمن يتم اختياره للتأهيل أن يكون مستقيماً وذا خُلق حسن وسريرة نقية وعلى قدر رفيع من تزكية النفس وطهارة لسانه وبطنه ، هذا أولاً وأما ثانياً فيتم اختياره لتأهيله لمنصب القضاء عن طريق الفحص والتدقيق ومعرفة وجود الإستعداد النفسي لديه لتحمل تأهيله لهذا المنصب من عدمه لأن البعض ممن يتقدمون للإلتحاق بالمعهد العالي للقضاء يضيقون من استيعاب مادة الفقه الإسلامي واللغة العربية والقرآن الكريم فكيف يكون مثل هؤلاء أهلاً لتحمل هذا المنصب العظيم وقد اختل فيهم الشرطان الأساسيان الأول والثاني وكيف يكونون وعاءً صالحاً لاستيعاب تفهيم الله لهم كما قال سبحانه ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ وكيف يستطيع هؤلاء التمثل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القضاء حين قال له الله سبحانه ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ﴾ وكيف يستطيع أحدهم أن يستشعر معية الله مع القاضي حين يقضي حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعقل بن يسار حين دعاه ليوليه القضاء فقال له رسول الله «اقض فإن الله مع القاضي مالم يَحِف عمداً» وقد جسد الإمام علي عليه السلام في عهده للأشتر هذا المعنى حين قال (ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك).
أما إذا نجح المتقدم للتأهيل وحاز على الشرطين المذكورين وجب تأهيله نظرياً للقضاء فهل ماهو موجود الآن في المعهد العالي للقضاء هل يعتبر كافياً لتأهيل القضاة ؟؟
والجواب مع احترامنا الشديد لبعض من سبق لهم التخرج من المعهد العالي للقضاء حيث أثبتوا في الواقع العملي جدارتهم في المحاكم واستقامتهم ونجاحهم نظرياً وتطبيقاً وأخلاقاً ، والبعض للأسف أخفق في مسئوليته وسلوكه وذلك أحد قاضيين في النار.
والجواب على ماسبق من التساؤل أن ما هو موجود الآن ليس كافياً لإعداد قاضٍ من جميع النواحي فهناك اختلالات في النصوص القانونية ، فقانون السلطة القضائية أورد شروطاً ضئيلة لمن يراد تعيينه في القضاء كأي شروط لأي وظيفة بإستثناء تخرجه من معهد القضاء.
وقانون المعهد العالي للقضاء اشترط للإلتحاق بالمعهد أن يكون مؤهله جامعياً ، وقصروا مدة التأهيل على ثلاث سنوات تتخللها إجازات لمدة غير قصيرة والمنهج محدود لا يؤهله لأن يكون قاضياً ونمط التأهيل وأسلوبه منقود.
والتدريب العملي أثناء التأهيل النظري ناقص وبعد التخرج يتدرب سنتين في المحاكم أو النيابات دون تقييم ولا إشراف عليه لا من القاضي الذي يعمل لديه ولا من هيئة قضائية متخصصة في هذا الجانب حتى تقرر مدى نجاحه وتفاعله أثناء فترة التدريب من عدمه لأن بعض من تدربوا من الدفع الأخيرة المتخرجة من المعهد أخذوا ملفات القضايا التي سلمت لهم من النيابات وذهبوا بها خارج مقرات أعمالهم ولم يعيدوها بعد انتهاء فترة التدريب إلا بعد متابعة وتحقيق معهم وبعضهم وجهت لهم تنبيهات من رؤسائهم في العمل بسبب ما لوحظ عنهم في جوانب مسلكية وبالتالي فإن هذا القصور السالف ذكره يحتاج إلى معالجة من قبل مجلس القضاء الأعلى.
ونذكر هنا أسباب قضائية تراكمت كالعناوين ويدخل فيها جانب التقاضي ونحوه وتحتاج إلى معالجات ونختصرها في ما يلي:
وحيناً يحصل العكس حيث يتم تعيين قاضٍ كفؤ في محكمة هي أقل حجماً من مستواه القضائي ولو وضع في محكمة أكبر لأفاد وأنجز.
وحيناً يتم تعيين قضاة هم لا يزالون في مرحلة التدريب من حيث الواقع لا من حيث مرور مدة العامين في التدريب فيتناولون نظر القضايا والفصل فيها دون أن يتم مراقبتهم فيها من قضاة هم أرفع منهم درجة أثناء السير فيها لضمان نجاحهم وعدم وقوعهم في الخطأ إجرائياً وموضوعياً.
وتحديد المسئولية هنا على مجلس القضاء الأعلى الموقر وهو يعرف كيفية التغلب على مثل هذه العوائق.
أما وسيلة المعالجة هنا من وجهة نظر صاحب هذه الورقة فهي أن يتم التفتيش الدوري والمفاجئ بناء على كشوفات فعلية للقضايا الواردة في المحاكم الإستئنافية والإبتدائية أيضاً بأسماء أصحاب القضايا ورقم القضية وتاريخ ورودها وتاريخ انتهائها ويبلغ التفتيش القضائي بنسخة من هذه الكشوفات ويتابع التفتيش انجاز القضايا أولاً بأول ويركز المفتش على القضايا التي مرت عليها فترات دون انجاز ، ويسأل لماذا تأخرت أي ماهو سبب تأخيرها ، وأن يتم إدخال ذلك كعنصر من عناصر التفتيش في الإستمارات الخاصة بالتقييم.
في المحكمة العلياء الموقرة كانت الأحكام تتأخر من قبل أما في هذه الفترات فقد أصبح إنجازها سريعاً ماعدا القليل النادر من القضايا تتأخر ولكن ليس لسنوات كالإستئناف وهذه إيجابية تحسب للمحكمة العلياء ولقضاتها الأجلاء.
8- مرحلة تنفيذ الأحكام:
الحديث عن تنفيذ الأحكام بمختلف أنواعها طويل وشاق ومتشعب وذو مآسٍ مريرة وليس ذو شجون، فقط سواء كان ذلك الحديث عن طول الوقت الذي يستغرقه تنفيذ الأحكام من ناحية فعلية أم غيرها من الأسباب بالرغم من مرور عقود من الزمن والمأساة لا زالت هي دون معالجة ولا حلول ولن تُعالج في ندوة ولا ندوتين مع أن الندوات ليست محلاً لمعالجة هذه الأمور.
ونقترح وسيلة ناجعة لمعالجة معضلة التنفيذ للأحكام القضائية القابلة للتنفيذ – لو وجدت الإرادة – للمعالجة ولا نعتقد إلا أنها موجودة لدى المعنيين ، وهذا المقترح يتمثل فيما يلي:
أن يدعوا مجلس القضاء الأعلى الموقر ممثلاً في رئيسه القاضي العلامة أحمد يحيى المتوكل وأعضائه الأكارم ورؤساء الأجهزة القضائية إلى اجتماع فيما بينهم ويدعون إليه من أرادوا من الأخوة القضاة وغيرهم وذلك لطرح معضلة تأخير التنفيذ للأحكام القضائية ويناقشون أسباب ذلك ويقدمون الحلول القانونية الواقعية ويتم إلتزام المعنيين بها من قضاة وغيرهم ويدخلون من يرون إدخاله لمصلحة العدالة ومن حقهم لمصلحة العدالة والقضاء والمواطنين أن يحددوا المدة الزمنية لمرحلة التنفيذ كأقصى حد إذ لا يجوز أن يبقى القضاء مكبلاً لا يستطيع أن يصدر تعميماً أو منشوراً ينظم بعض الإجراءات لمصلحة العدل ولمنع الضرر عن المواطنين على ضوء القواعد العامة الشرعية والقانونية وإذا قال البعض أنه لا يوجد نص في القانون على تحديد مدة التنفيذ وفضّل بقاء الأمور على ما هي عليه من العنت والإهمال والتطويل واستغراق سنين جديدة إضافة إلى سني التقاضي فالجواب على من يرى هذا بسيط وهو أن يقال له مثلك مثل جندي كان في مترسه فهجم العدو على زملائه وهم في ميدان المعركة وهو ينظر إليه فقتلهم العدو وهو يتفرج عليهم في مترسه وفي استطاعته الدفاع عنهم وحينما أقبل قائده وسأله لماذا لم تدافع عن زملائك وأنت محصن في ترسك قال لم يكن عندي أوامر في ذلك.
وحينئذ نسأل أنفسنا لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موجود بيننا مع أنه موجود بيننا بالقرآن وسيرته وأقواله وأفعاله ، لو شاهد هذه المأساة هل سيسعه السكوت عنها ولم يغيرها والله سبحانه يقول لنا عنه ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) والجواب أنه لو شاهدها لغيرها إلى الأفضل وإلى الأيسـر وإلى الأصلح وإلى العدل ، وأكتفي بهذه الدعوة المباركة لمجلس القضاء الأعلى الموقر لقيام الجميع بالواجب إزاء ما ذكر.
ويتمثل ذلك في وجود بعض النصوص القانونية سواءاً كانت متعلقة بالبناء التنظيمي في القضاء أو بالقوانين ذات الصلة بالتقاضي وبالموضوع ونتيجة لما أفرزته الأحداث في الفترات الماضية إلى اليوم أصبحت بعض نصوص في تلك القوانين عائقة أمام التطور إلى الأفضل وبعضها أسهمت في تعقيدات الإجراءات وأصبح من الضروري تعديلها ووضع البديل المناسب والميسر ونحو ذلك ولا يوجد أي مانع للتعديل.
وهناك زملاء قضاة وعلماء قانون يرون هذا الرأي ولو طلب مجلس القضاء الأعلى الموقر من الأخوة القضاة العاملين في الميدان سواءاً في المحاكم الإبتدائية أو الاستئنافية أو العلياء موافاة المجلس بما لديهم من مقترحات حول بعض النصوص القانونية التي اعترضتهم عند التطبيق أو تعارضت مع نصوص أخرى ومالذي يقترحونه من معالجات بشأنها لوافوكم بالشيء الكثير والمقيد ثم يعرض جميعه على هيئة يشكلها المجلس مشكلة من علماء في الفقه الإسلامي وفي القانون وفي القضاء ليقوموا بدراستها وتقديم ما توصلوا إليه إلى المجلس للمناقشة واتخاذ ما يراه ، وأضرب أمثلة لبعض القوانين التي تحتاج بعض نصوصها إلى تعديل بحسب وجهة نظر كاتب هذه الدراسة ومنها في القوانين الإجرائية:
من هذه اللوائح ماهو لوائح تنظيمية ولوائح إدارية ولوائح تنفيذية للقوانين:
وهناك العديد من الأعمال الإدارية والمالية وغيرها في أجهزة السلطة القضائية تفتقر إلى اللوائح التي تنظم أعمالها حتى لا تبقى خاضعة للإجتهاد الفردي للموظفين، وعدم وجودها من ضمن الأسباب التي كبلت السلطة القضائية عن النهوض بمسئولياتها.
يقصد بالإدارة القضائية هي تلك الأعمال الإدارية المتعلقة بأعمال القضاة في المحاكم ويقوم بها الكُتّاب والمساعدون وهي غير الأعمال الإدارية السالف ذكرها في النوع الثالث ، كما يندرج تحت هذا العنوان التوصيف الوظيفي التطبيقي للعاملين الإداريين في المحاكم مثل مسمى (أمين سر) ورئيس قسم ونحو ذلك وتوجد لائحة تسمى لائحة تنظيم الأعمال الإدارية للمحاكم الإبتدائية والإستئنافية أي المتعلقة بأعمال الكُتّاب في المحاكم وهذه اللائحة تحتاج إلى تعديل وإضافة وإعادة صياغة ، لأن الصراع قائم بين المسميات وبين التوصيف وبين الواقع وبين تطبيق قانون الخدمة المدنية فإما أن يطبق عليهم وبالتالي فهو لا يعترف بالتوصيف الوظيفي لموظفي المحاكم والنيابات وإما أن تطبق عليهم المسميات الوظيفية لأعمال المحاكم والنيابات وهي لا توجد لها حتى الآن لائحة مستقلة بشأنهم ، ولأن النصوص الواردة في قانون السلطة القضائية بشأن الإداريين تعتبر ناقصة وغير كافية ولم تنظم منذ صدور القانون في سنة 1990م إلى اليوم ، وقطاع الموظفين الإداريين في السلطة القضائية قطاع واسع ولا يجوز أن يتركوا إهمالاً بل لابد من معالجة ذلك إدارياً في لوائح خاصة بذلك.
الحديث عن هذه الأمور في هذه المرحلة بالذات غير لائق ونحن نواجه العدوان والحصار الظالم من قبل تحالف الشر بقيادة أمريكا وإسرائيل والسعودية والإمارات على مدى خمس سنوات لأن العدوان وتدميره بالطيران بعض المقرات القضائية للمحاكم والنيابات وتدمير محتوياتها قد ضاعف من الأعباء على السلطة القضائية في هذا الجانب ، ونحن نسمع هذه الأيام ما يدور في الشعبين الشقيقين لبنان والعراق حيث قام مجلس الوزراء في لبنان بتخفيض 50% من مستحقات أصحاب الوظائف الأعلى لديهم وفي العراق قبل يومين خفض مجلس النواب مخصصات مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العلياء إلى النصف ، ونحن نطلب من الأخوة في المجلس السياسي الأعلى أن لا يقدموا على مثل هذه الخطوة بالنسبة للسلطة القضائية لدينا لأن متطلباتها كثيرة وهي صامدة في جبهة هامة يدخل من مهامها التصدي للعدوان من خلال محاكمة خلاياه الإجرامية والتحقيق معهم ، ولذلك أفضل تأجيل الحديث عن هذه العوائق لأنتقل إلى توصيات في مواضيع أخرى تساهم في النهوض بالقضاء والتغلب على عوائقه.
ومن هذه التوصيات والمطالب ما يلي:
ونسأل الله التوفيق للجميع والعون ولا ننسى في البدء والختام من رفع تهانينا الحارة للأخ المجاهد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله والجيش واللجان الشعبية على النصر العظيم المبارك لعملية نصر من الله.
وشكر خاص للأخوة القضاة مع طلب خاص من الرابطة للأخوة رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى أن يطلبوا من قضاتنا الأجلاء في المحاكم شحذ هممهم في هذا الشهر المبارك شهر مولد الرسول الأعظم وذلك لإنهاء ما لديهم من قضايا تنفيذ للأحكام القضائية خلال شهر ربيع الأول وأن يجعلوها هدية منهم وصلوات لرسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الرحمة المهداة، والعفو من الإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بتاريخه الخميس 3 ربيع الأول سنة 1441هـ
الموافق 31/10/2019م
([1]) ولا نقول أن العدوان الخارجي على يمننا الحبيب من قبل نحو خمس سنوات قد أوجد تلك الأسباب كلها ، ليس الأمر كذلك وإنما زاد العدوان من استفحالها وانتشارها وحرك ماكان منها كامناً إلى العلن وأتى بأسباب جديدة زادت من تفاقم المعضلة وحُمّلت السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية مسئولية وواجبات جديدة في لزوم التصدي لتلك الإفرازات السيئة من خلال وضع التشريعات والوسائل المناسبة للحد من انتشارها والقضاء عليها.