الوهابية وخطرها على المقدسات الإسلامية

نشر بتاريخ: سبت, 25/08/2018 - 1:46ص

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين:

وبعد:

فإن المتأمل في التاريخ يجد أن الإسلام الأصيل الذي أتى به الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رب العزة والجلال جل جلاله تم استهدافه بشكل مخيف وخطير من قبل أعداء الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وأعداء الأمم والشعوب .

والأشد والأعظم جرماً هو استهدافه من قبل الوهابية (الدِّين المزيف) وقبل الحديث عن هذا الاستهداف خاصة استهداف المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة المنورة، لنقف وقفة قصيرة من خلالها نعرف بعض الحقائق عن الحركة الوهابية .

فما هي الوهابية ؟ وكيف وُجدت ؟ وما هي الخلفية الفكرية والثقافية لها ؟

فحينما نعود إلى التاريخ نجد أنه في بداية القرن التاسع عشر تقريبا ظهرت هذه الفرقة علي يد مؤسسها محمد بن عبد الوهاب النجدي بعد التحالف مع آل سعود برعاية بريطانية، وكانت النتيجة لهذا التحالف هي تكفير المسلمين وتفسيقهم وتبديعهم وتضليلهم، وإباحة دمائهم وهتك أعراضهم، وشن الحروب الظالمة عليهم، مما أدى ذلك إلى قتل الآلاف من المسلمين الأبرياء .

وبهذا التحالف قامت المملكة السعودية التي تعهد ملوكها بتبني الفكر الوهابي كمذهب رسمي لها، وهذه العلاقة نجدها جلية وواضحة حتى في العلم الوطني للمملكة، والذي جمع بين عقيدة المصلح محمد بن عبد الوهاب، وبين سيادة الأمير محمد بن سعود، والمكون من كلمة التوحيد وصورة السيف .

أما الخلفية الفكرية والثقافية للوهابية ، فنجد أنها تحمل نفس الفكر الذي أوجده الخوارج، والذين كفروا المسلمين المخالفين لهم، وكان على رأس من كفروهم وحكموا عليهم بالقتل هو إمام الأئمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وارتكبوا أبشع الجرائم والمجازر في حق المسلمين .

ليأتيَ بعدَه أحمدُ بنُ تيمية، بالغلوِّ والتشددِ والتطرف، والتكفيرِ

والتفسيق والتضليل لكل من خالفه، ولهذا نجد أنه من المراجع لتنظيم القاعدة وداعش، في تبريرِ تكفيرِهم وقتلِهم للمسلمين،

وقد شاهدنا وسمعنا في بعض بياناتهم كيف أنهم يستندون على جواز قتل وإحراق المسلمين إلى فتاوى ابن تيمية .

وبعدَ ستةِ قرونٍ مِن ابنِ تيمية، يأتي من محمدُ بنُ عبدِ الوهاب، ليعيد الفكر التكفيري إلى الوجود من جديد.

فمرة باسم الجهاد، ومرة بسم دولة الخلافة، ومرة باسم محاربة البدع والشركيات، ومرة باسم إحياء السنة، ومرة باسم نشر التوحيد، وهكذا اغتر بهذه الشعارات البراقة كثير من المسلمين، منهم العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني الذي وجه قصيدة إلى محمد بن عبد الوهاب، قال في أولها :

سلامٌ على نجدٍ ومن حل في نجد *** وإن كان تسليمي على البعد لا يُجْدِي

لقد صدرتُ من سفح صنعا سقى الحيا *** رُباها وحياها بقهقهة الرعد

سرت من أسير ينشد الريح إن سـرت *** ألا يا صـبا نجد متى هجت من نجد

... ألخ

ولكن بعد أن اتضحت له حقيقةَ محمد بن عبد الوهاب، وحقيقة الفكر الوهابي، وأنه يكفر المسلمين ويسفكُ دمائهم ويستبيح أعراضهم ونسائهم وأموالهم رجع عن موقفه ذلك بقصيدة أخرى قال فيها .

رجعتُ عن القول الذي قلت في النجدي *** فقد صح لي عنه خلافَ الذي عندي

ظننتُ به خيراً فقلتُ عسى عسى *** نجدْ ناصحًا يهدي العبادَ ويستهدي

لقد خابَ فيه الظن لا خابَ نصحنا *** وما كل ظن للحقائقِ لي يهدي

وقد جاءنا من أرضه الشيخ مِرثَدُ *** فحقّق من أحواله كل ما يبدي

وقد جـاءَ من تأليفه برسائل *** يكفرُ أهلَ الأرضِ فيها على عمد

ولفَّقَ في تكفيرهم كلَّ حجة تراها *** كبيتِ العنكبوتِ لدى النقد

... إلخ

فهذه هي الخلفية الفكرية والدينية للوهابية، وهنا ومن خلال هذا المقال وهذه المجلة المميزة أدعوا العلماء والمثقفين والمهتمين والوعاظ والخطباء أن يبينوا للناس حقيقة الوهابية، وحقيقة ما يحملون من أفكار بعيدة عن فكر الإسلام الحنيف، وحقيقة خطورتها على الإسلام والمسلمين والمقدسات الإسلامية .

فهذا الفكر بشقيه الديني والسياسي (آل الشيخ وآل سعود) استهدفوا الإسلام الحنيف بصورة لا مثيل لها، فقد استهدفوه في مبادئه وأحكامه .

فقد حرفوا وغيروا وبدلوا كثيرا من المفاهيم الإسلامية، وصورا أن الإسلام تشبيه وتجسيم وجبر وخضوع وخنوع للحاكم مهما كان فاسقا وفاجرا وظالما ومجرما، وأن المسألة قضاء وقدر، وما على الإنسان إلا الصبر والتسليم والرضا، وقد سمعنا أحد المرتزقة البارزين والمحسوبين على الدِّين والفتوى وهو يقول بأن هذا التحالف علينا هو بأمر الله، ورحمة من الله .

فهذا هو الفكر الوهابي الدخيل، الذي تتبناه المملكة السعودية وتعمل جاهدة على نشره في العالم بكل الوسائل .

ولكن العقلاء والأحرار والمفكرين يعلمون يقينا أن هذا العدوان الغاشم الظالم علينا ليس بأمر الله كما يزعمون، وإنما هو بأمر الأمريكي والصهيوني، وتم إعلانه من واشنطن، أما مولانا سبحانه فهو بريء منه ومنهم، ومن أعمالهم وإجرامهم وعدوانهم، فهو القائل:{وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف:28].

كما استهدفوا الإسلام الحنيف في رموزه، فقد قتلوا الإمام عليا والحسنين وزيدا وغيرهم من الأئمة الكرام، وقتلوا كل من خالفهم، واليوم يقتلونا في اليمن وسوريا وغيرهما، بنفس الفكر، ونفس العقلية، ونفس الحجج التي قتلوا بها المسلين في السابق .

كما استهدفوا الإسلام الحنيف في القرآن الكريم، ففسروا وأولوا كثيرا من أياته الكريمة حسب رغبتهم وشهواتهم، وحسب ما يريد الحاكم الظالم، والأمير الفاجر، وجردوا هذا الكتاب العظيم عن معانيه الأصيلة.

أما المقدسات الإسلامية في الحرمين الشرفين فقد استهدفوا الفريضة نفسها (الحج والعمرة) من خلال الآتي:

1 – المنع والصد عنها بما قاموا به من فروض وقيود من خلال المبالغ الباهضة التي يفرضونها على الحجاج، والتأشيرات التي يعطونها لمن أرادوا ويمنعونها عمن أرادوا، كما صنعوا معنا في هذا العام والأعوام السابقة .

2- فرض الفكر الوهابي على حجاج بيت الله الحرام من خلال المعاملة السيئة، وتوزيع الكتيبات، والمضايقات عند المزارات، والاعتقالات وغيرها .

3- التخلص من المناهضين لهم باختلاق مبررات وأكاذيب وحوادث كالازدحام والتدافع والاختناق والحرائق وغيرها، كما حدث ويحدث كل عام .

4- استغلال الحرمين الشريفين سياسيا لكسب الولائات واستعطاف الناس، كما صنعوا في الضجة الإعلامية حول الصاروخ البالستي الذي استهدف القاعدة العسكرية في مطار جدة، والغرض من تلك الضجة هو التبرير لجرائمهم واعتدائهم علينا، والتمهيد لارتكاب جرائم أكثر دموية ووحشية، ولفت الأنظار عما يحدث في اليمن من جرائم .

5- استغلال الحرمين ماديا واقتصاديا من خلال الأموال الطائلة التي ينفقها الحجاج والمعتمرون، فإلى أين تذهب تلك الأموال الطائلة ؟ لا شك إلى جيوب الأمراء والنافذين من أعوانهم، ولنشر الفكر الوهابي .

كما استهدفو الحرمين والآثار الإسلامية بحجج كثيرة، كالتوسعة والترميم والشرك والابتداع وغيرها، وأذكر أنه مرة قرأت خبرا نقلا عن مجلة أمريكية أن السلطة السعودية قامت بتدمير 98% من الأثار الإسلامية تدميرا كاملا من عام: 1985م .

ففي مكة المكرمة استهدفوا الكعبة والحرم نفسهما بذلك التمثال المطل على الحرم المتمثل في الساعة وبرجها، يريدون بذلك إفراغ الكعبة والحرم من المعاني الروحية في قلوب المسلمين، ليبقى شعور الحجاج والمعتمرين وانتباههم إلى تلك الساعة وبرجها .

كما نجد أنه تم إزالة الآثار الإسلامية خاصة أثار أهل البيت عليهم السلام، كبيت الحبيب المصطفى صلى الله علي وعلى أله وسلم الذي جعلوه مكتبة، وقبر أم المؤمنين خديجة عليها السلام فقد أخفوه .

بالإضافة أنك إذا ذهبت لزيارة بعض الأثار كالمساجد أو غار حراء ونحوهما يواجهونك بأنها بدعة ويشككون في تلك المعالم .

كما تم استهداف قبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أفتوا وحاولوا إزالة قبته .

وكذا أثار الصحابة والتابعين في البقيع، خاصة قبة أهل البيت عليهم السلام التي دفن تحتها فاطمة الزهراء والحسن وإبراهيم بن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وزين العابدين وغيرهم، فقد تم إزالة تلك القبة ومحوا تلك القبور .

والغرض من ذلك هو الآتي:

تنفيذ لسياسة الاستكبار العالمي، والهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين والمقدسات .
 إبعاد المسلمين عن روح الإسلام التي يجدها المسلمون حينما يتذكرون الأيام والأشخاص من خلال زيارة تلك الأماكن المقدسة .
ليسهل عليهم تحريف المفاهيم الإسلامية خاصة تلك المرتبطة بالأماكن المقدسة .

والحمد لله رب العالمين .

الدلالات: