كيان الاحتلال يستمد قوته من أمريكا وأنظمة العمالة مسيرات العودة الكبرى تُظهر هشاشة العدو الصهيوني وضعفه

نشر بتاريخ: اثنين, 25/06/2018 - 8:07م

بعد حلول الذكرى السبعين «للنكبة» وإعلان قيام الكيان الصهيوني كأول دولة في خارطة العالم يتم قيامها بناءً على قرار من الأمم المتحدة تُظهر تطورات الأحداث المتسارعة في المنطقة أن هذا الكيان هو بالفعل كما وصفه سيد المقاومة وقائدها سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني ذات يوم «أوهن من بيت العنكبوت».

ومن بين التطورات التي تُظهر هذا أكثر من أي وقت مضى هزيمة عصابات داعش والقاعدة الإرهابية وأخواتهما في كل من سوريا والعراق حيث وجد الكيان الصهيوني نفسه مكشوفاً بعد هزيمتهما، وتبين بوضوح أن تلك العصابات كانت تقاتل نيابة عنه وتخوض معارك في المنطقة بشكل عام وفي سوريا والعراق بشكل خاص في حين كانت أنظمة العمالة وعلى رأسها أنظمة الحكم في كل من مملكة قرن الشيطان السعودية ودويلة الإمارات ومشيخة قطر تتولى تمويلها وتسليحها بناءً على توجيهات واشنطن التي توظف العصابات الإرهابية بمختلف أسمائها ومسمياتها لتنفيذ مخططاتها ومشاريعها وخدمة مصالحها على حساب مصالح الأمة العربية والإسلامية وشعوبها.

كما تبين بصورة أكثر وضوحاً من ذي قبل أن العدو الصهيوني لا يستمد قوته من ضعف الأمة العربية والإسلامية كما كان يتم الترويج له طوال العقود الماضية وإنما من الدعم السياسي والعسكري والمالي غير المحدود الذي توفره له الولايات المتحدة الأمريكية .. وهو الدعم الذي زاد بشكل كبير وبصورة غير مسبوقة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترامب» الذي وصل دعمه لكيان الاحتلال حد الاعتراف بالقدس كعاصمة لهذا الكيان الغاصب والمحتل وإعلان نقل سفارة بلاده إليها في خطوة لم يقدم عليها أي من الرؤساء الأمريكيين السابقين كونها تتنافى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

كما وصل دعم «ترامب» للكيان الصهيوني حد الإقدام على تصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقته الإستفزازية التي أصبحت تُعرف في التداول الإعلامي بـ«صفقة القرن» وهي خطوة لم يقدم عليها بهذه الصورة من الوضوح أي من الرؤساء الأمريكيين السابقين أيضاً.

وإلى جانب الدعم الأمريكي غير المحدود فقد تبين بصورة أكثر وضوحاً من ذي قبل أن العدو الصهيوني يستمد قوته أو على الأقل جانباً كبيراً من قوته من المؤامرات التي ظلت تحيكها عدد من الأنظمة العربية طوال العقود الماضية ضد القضية الفلسطينية وفي مقدمة هذه الأنظمة وعلى رأسها نظام مملكة قرن الشيطان السعودية الذي بدأت مؤامراته بالوثيقة الشهيرة التي خطها بيده الملك السعودي عبدالعزيز التي أعلن فيها موافقته على إقامة وطن لمن أسماهم «اليهود المساكين» في فلسطين.

وبعد أن كانت تلك المؤامرات تتم بشكل سري ومن خلف ستار أو من تحت الطاولة –كما يقال- فقد أصبحت في الوقت الحالي تتم بشكل واضح وعلني ومن فوق الطاولة وليس من تحتها.

وهذا ما بدا واضحاً من خلال الموقف السعودي المعلن وغير السري من صفقة «ترامب» أو «صفقة القرن» .. وهو الموقف الذي أفصحت عنه تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأحاديثه الصحفية طوال الشهور الماضية، وكشفت النقاب عنه العديد من التقارير التي نشرتها عدد من وسائل الإعلام العالمية ومن بينها بعض كبريات الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والصهيونية.. ومن ذلك على سبيل المثالث:-

التقرير الذي بثته مساء يوم الأحد الـ 29 من شهر أبريل الماضي القناة العاشرة الصهيونية وكشفت فيه جانباً من تفاصيل اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي برؤساء المنظمات اليهودية في الـ27 من شهر مارس الماضي في نيويورك خلال زيارته للولايات المتحدة .. ومن بين ما كشفه التقرير أن بن سلمان قال لرؤساء المنظمات اليهودية: «على مدى الأربعين عاماً الماضية أضاعت القيادة الفلسطينية بشكل متكرر الفرص ورفضت كل المقترحات التي قدمت لها» على حد قوله .. وهو قول ينطوي على التضليل والخداع وينم عن حالة الجهل التي تسيطر عليه، فالحقيقة التي يعرفها كل متابع لتطورات القضية الفلسطينية هي أن قيادات كيان الاحتلال الصهيوني وحكوماته المتعاقبة هي التي رفضت جميع مبادرات التسوية وأجهضت كل الجهود الرامية لإحلال السلام ومن أبرزها مبادرة السلام العربية التي تم إقرارها في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002م والتي هي في الأساس مبادرة سعودية.. بينما سارت القيادة الفلسطينية في طريق التسوية إلى أبعد الحدود وذهبت إلى التوقيع على «اتفاق أوسلو» رغم اعتراض معظم الفصائل الفلسطينية عليه، وكانت القيادات والحكومات الصهيونية هي التي ماطلت في تنفيذ ذلك الاتفاق واتخذت منه وسيلة لتنفيذ مخططاتها وفي مقدمتها مخطط تهويد القدس والتوسع في إقامة المستوطنات بشكل غير مسبوق .. ومن بين ما كشفه تقرير القناة العاشرة الصهيونية أيضاً أن ولي العهد السعودي قال خلال اللقاء: « لقد حان الوقت لكي يقبل الفلسطينيون المقترحات ويوافقوا على القدوم إلى طاولة المفاوضات وإلا فليصمتوا ويتوقفوا عن الشكوى.

وما تجدر الإشارة إليه هنا أن المقترحات التي قال بن سلمان أن الوقت قد حان لكي يقبلها الفلسطينيون هي «صفقة ترامب».

ووفقاً لما نقلته عدد من وسائل الإعلام عن مصادر فلسطينية وصفتها بالمطلعة فإن السعودية وفي إطار محاولاتها لعب دور محوري في المساعدة في تنظير رؤية الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» الجديدة لما سماه بالشرق الأوسط الجديد وتحديداً تجاه القضية الفلسطينية التي وصفها بـ«صفقة القرن» تحاول السعودية إقناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بقبول الصيغة المعدلة من هذه الصفقة .. وأشارت المصادر إلى أن الصيغة التي تحاول السعودية إقناع عباس بقبولها تنص على تأجيل ملف القدس عن أي عملية سياسية.

ونقلت وسائل الإعلام عن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينيةى صائب عريقات قوله في حديث لإذاعة «صوت فلسطين»:-

«موقف الرئيس محمود عباس واضح ومحدد، فبدون التراجع عن القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل لن تكون أمريكا راعياً أو وسيطاً في عملية السلام مهما كانت الضغوطات والفبركات والتزويرات».. وتساءل عريقات:-

«ما الذي يمكن أن يطرحه «ترامب» دون القدس واللاجئين؟؟».

ومن خلال حديث صائب عريقات يمكن استنتاج أن الصيغة المعدلة التي تستثني القدس واللاجئين هي المقترحات التي قال «بن سلمان» خلال اللقاء الذي جمعه برؤساء المنظمات اليهودية في نيويورك «أنه قد حان الوقت لكي يقبلها الفلسطينيون ويوافقوا على القدوم إلى طاولة المفاوضات وإلا فليصمتوا ويتوقفوا عن الشكوى» على حد تعبيره.

وكانت مصادر دبلوماسية غربية قد كشفت أيضاً وعلى ذات الصعيد أن الإدارة الأمريكية بعثت إلى الرئاسة الفلسطينية بخطة معدلة مكونة من «35 صفحة» تنص على دولة فلسطين بحدود مؤقتة تغطي نصف الضفة الغربية وقطاع غزة فقط من دون القدس، وتشير على الفلسطينيين ببناء قدس جديدة على أراضي القرى والتجمعات السكانية القريبة من المدينة مع بقاء الملف الأمني والحدود بيد «إسرائيل».

هذه باختصار شديد الصيغة المعدلة التي تحاول السعودية إقناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القبول بها وهي صيغة قام بإعدادها كبير مستشاري  «ترامب» وصهره «جاريد كوشز» بالاتفاق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام.

الحديث الذي أجرته مجلة «ذا إتلانتك» الأمريكية مع «بن سلمان» ونشرته يوم الثلاثاء الـ3 من شهر أبريل الماضي الذي أفصح فيه ولأول مرة عن وجود مصالح متعددة بين بلاده وكيان العدو الصهيوني وقال: «إسرائيل اقتصاد كبير بالمقارنة مع حجمها وهو ينمو وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل».

وفي ذات الحديث رد «بن سلمان» على سؤال للمجلة حول ما إذا كان لدى السعودية اعتراض على وجود إسرائيل قائلاً:

«أنا أؤمن بحق الإسرائيليين في الوجود على أرضهم، واعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة .. ».

وحول وضع القدس قال «بن سلمان»:-

«لدينا مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس، وحول حقوق الشعب الفلسطيني، هذا ما لدينا، ليس لدينا أي اعتراض على أي أناس آخرين .. ».

وتعليقاً على ما جاء على لسان ولي العهد السعودي قال: «جيفري غولد بيرغ» رئيس تحرير مجلة «ذا إتلانتك» الذي أجرى معه الحديث:-

«فوجئت بتصريحات الأمير السعودي فقد قال مالم يقله أي زعيم عربي تجاه إسرائيل، لكن الرجل لم يكتف بذلك بل جعل من أعداء إسرائيل أعداء لبلاده، فقال: أن المملكة محاطة بمثلث الشر محدداً أطراف المثلث بإيران وحزب الله وحماس ... » .

هكذا علق رئيس تحرير «ذا إتلانتك» على الحديث الذي أجراه مع «بن سلمان» .. وفي هذا التعليق ما يُغني عن أي تعليق.

وكان الملفت للإنتباه أن المواقف التي أطلقها «بن سلمان» خلال اللقاء الذي جمعه في نيويورك مع رؤساء المنظمات اليهودية وفي حديثه إلى مجلة «ذا إتلانتك» الأمريكية جاءت بالتزامن مع مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في قطاع غزة اعتباراً من يوم الجمعة الـ30 من شهر مارس الماضي وتواصلت بعدها كل يوم جمعة بشكل اسبوعي فكان إنطلاقها في جانب منه بمثابة الرد بطريقة أو بأخرى على تلك المواقف .. كما كان رداً عملياً على عجرفة وصلف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وصفقته المشئومة والمشبوهة وأنظمة الخيانة والعمالة والتبعية التي تتولى مهمة القيام بتسويق الصفقة والترويج لها وإقناع رئيس السلطة الفلسطينية عبر الضغط والإبتزاز بقبولها وعلى رأس هذه الأنظمة نظام مملكة قرن الشيطان السعودي.

وإضافة إلى هذا فقد كشفت المسيرات ضعف وهشاشة كيان الاحتلال الصهيوني أمام إرادة الشعب العربي الفلسطيني، وهو ما بدا واضحاً في حالة التخبط والإرتبا التي يعيشها قادة العدو منذ انطلاق هذه المسيرات المتواصلة والتي يؤكد المنظومة لها أنها لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها.

وقد ظهرت حالة التخبط والارتباك بوضوح في قيام القادة الصهاينة بحشد قواتهم بشكل كبير وغير مسبوق بما في ذلك الدبابات والطائرات لمواجهة المشاركين في المسيرات واستخدام قوات الاحتلال الصهيوني لقنابل الغاز والرصاص الحي والمطاطي بشكل هستيري ضدهم مما اسفر عن استشهاد العشرات وإصابة المئات .. كما ظهرت حالة التخبط والارتباك أيضاً في قيام القادة الصهاينة بالإستغاثة بالولايات المتحدة لكي تتدخل من أجل إيقاف المسيرات..

ووفقاً لما تناقلته عدد من وسائل الإعلام فقد أوعزت واشنطن إلى كل من السعودية والأردن ومصر لبذل أقصى جهد في سبيل إقناع الفلسطيني بالتوقف عن تسيير مسيرات العودة الكبرى .. وفي هذا الصدد كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونية عن دعوة وجهتها كل من مصر والسعودية إلى حركة حماس لوقف مسيرات العودة عند حدود قطاع غزة وذلك مقابل فتح معبر رفح .. ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري «لم تسمه» تأكيده أن الخارجية المصرية اقترحت على حماس مقابل وقف الاحتجاجات «المسيرات» ضمان الفتح المستمر لمعبر رفح الحدودي بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء .. مضيفاً:-

إن المفاوضات بهذا الخصوص تجري برعاية سعودية ..

وتابع المصدر- أن مسئولين مصريين وسعوديين اتصلوا مع قيادة حماس بغية إقناع الحركة بتهدئة الوضع في القطاع .. وذلك وفقاً لما كشفته الصحيفة الصهيونية.

وعلى ذات الصعيد كانت وسائل أعلام صهيونية قد كشفت في وقت سابق أن هناك تواصل قائم بين الكيان الصهيوني وكل من مصر والأردن من أجل ما اسمته «وضع إجراءات لمواجهة مسيرات العودة مشيرة إلى أن مصر والأردن تخوفان من توسع «الاحتجاجات الفلسطينية» حسب وصفها ..

وفي ذات الوقت واصلت سلطات الاحتلال الصهيوني القيام بحملات الاعتقال بصورة يومية في القدس ومختلف مدن الضفة الغربية المحتلة حيث  لا يمر يوم دون أن تقوم باعتقال عدد من الشباب الفلسطينيين في إشارة واضحة إلى حالة الهلع والرعب التي يعيشها قادة الكيان الصهيوني من امتداد المسيرات لتشمل الضفة الغربية ..

وفي كل هذا ما يكفي للدلالة على هشاشة وضعف كيان العدو الصهيوني، وعلى أنه لا يستمد قوته إلا من الدعم اللا محدود الذي توفره له الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الدور الذي تلعبه أنظمة الخيانة والعمالة والتبعية في تقديم الخدمات المجانية للعدو من تحت وفوق الطاولة.

﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ صدق الله العظيم