من مفاهيم الوعي المقاوم في محاضرة يوم القدس العالمي

نشر بتاريخ: أربعاء, 06/06/2018 - 11:49م

ألقى السيد حسين بن بدر الحوثي بتاريخ 28-9-1422هــ محاضرة هامة جدا ومفيدة بعنوان : (يوم القدس العالمي) ضمن سلسلة من دروسه المسماة بــ(دروس من هدي القرآن الكريم) وتتضمن هذه المحاضرة الكثير من مفاهيم الوعي المقاوم التي تحتاجها الأمة بل هي في أمس الحاجة إليه من أي وقت مضى كون المؤامرات والمخاطر المحدقة بالأمة التي ذكر السيد خيوطها واستشرف ملامحها وتكلم عن أبعادها وأشار إلى مخاطرها على حاضر ومستقبل ومصير أمة الإسلام هذه المخاطر التي لا زالت تتضاعف و والأضرار التي لا زالت تتوسع بسبب غياب الوعي وفقدان البصيرة وفقدان المشروع المقاوم المرتكز على بصائر الكتاب العزيز والمعتمد على آياته كبينات وحقائق له علاقة قوية وارتباط وثيق بواقع الأمة ماضيا وحاضرا ومستقبلا فلم ينزلها الله لمجرد البركة والتلاوة بل لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة ومن الهزيمة إلى النصر ومن الاستعباد إلى الحرية ومن الظلم إلى العدل هذه هي الوظيفة الحقيقية للقرآن وهكذ يجب أن تكون علاقة المسلمين وارتباطهم بالقرآن وقرناءه الأطهار  حتى يوم الورود على الحوض المورود. فالقرآن الكريم مشروع حياة وإحياء للأمة وهذا يستدعي وجود أمة تعي وتتعلم القيم وتستوعب منطلقات التنوير والتغيير والجهاد الذي لن يتحقق ويصدق إيمان المسلمين إلا بحمل رايته والقرب من قرناءه الذين يدورون معه حيث دار التي تعتبر أحد مرتكزات البناء للبشرية قديما وحديثا ومستقبلا
ومن خلال التأمل الهادئ والقراءة المتأنية لمحاضرة يوم القدس العالمي يمكن الخروج بعد استنتاجات ومعارف فيما يعزز الوعي ويعرف القارئ بمنطلقات الجهاد الواعي الذي يقاوم الأعداء لا سيما الأشد عداوة للمؤمنين من اليهود والنصارى وبقراءة متأنية للأسطر والعبارات وتدقيق في الكلمات والتراكيب اللفظية المنطوقة بلغة العرب يمكن الخروج بحصيلة لبعض المفاهيم والمنطلقات الجهادية التي لا بد أن تعيها العقول وتستقر في القلوب وتتهيأ لاستيعابها النفوس الزاكية لتسهم في النهوض بالأمة وتغيير واقعها السيء وتتخلص من التبعية والذلة والهوان ومن أهم المفاهيم التي تعزز حالة الوعي وتشعل ثقافة المقاومة لدى الشعوب ما يلي :-
المفهوم الأول: أشار السيد القائد رحمة الله تغشاه إلى أهمية الرجوع إلى الله وإلى القرآن الكريم لما يمثله هذا الرجوع من أهمية في الحصول على الهداية من الله ونيل التوفيق منه فلا توفيق إلا به ولا هداية إلا من عنده ولا يمكن أن تنال وتستحق هذه الهداية وهذا التوفيق في واقع الحياة وفي كل مجالات الحياة إلا بالرجوع إلى الله تعالى ويعبر السيد القائد عن أهمية هذا المفهوم قائلا (ليعرفوا كيف يهتدون بهدي الله في كل ما يواجهونه في حياتهم) هذا المفهوم يفهمه الكثير من الناس فهما سطحيا ويتعاملون معه تعاملا بادرا رغم حاجتهم الماسة إليه ورغم ما هم عليه من حالة ذلة وضياع وشتات وتسلط من قبل قوى الظلم والطاغوت ولو رجعوا إلى الله الرجوع الصادق وارتبطوا به الارتباط الواعي واعتصموا بحبله لغير حالهم وأصلح بالهم ووفقهم وسددهم وهداهم لما فيه خلاصهم وعزتهم وكرامتهم في الدنيا ونجاتهم في الأخرة لمن المصير الأخروي مرتبط بالسعي الدنيوي وهذا المفهوم هو من المفاهيم الروحية التي يجب أن تكون حية في قلوب المسلمين ومن الأهمية بمكان تعزيزها في وجدان الأمة لتكون خير أمة أخرجت للناس وتعود لها الصدارة والريادة بين الأمم لأن الله لا يغير ما بقوم من ضعف وذل وضياع حتى يغيروا ما بأنفسهم ويرجعوا إلى الله إلى دستوره الأول ومشروعه العظيم المتمثل بالقرآن الكريم الذي يحتوي على كل قيم الكرامة والحرية والعدل والخير ولن تحرر المقدسات الإسلامية إلا بالرجوع إلى رجوعا كاملا.

المفهوم الثاني: الدافع لإحياء يوم القدس العالمي يؤكد السيد القائد أن الإحياء لهذا اليوم ليس من باب العادة أو التقليد الأعمى والتبعية لأحد أو من باب المزايدة السياسية والتنافس المذهبي لا هذا ولا ذلك بل من باب التعبد لله تعالى والتقرب إليه كموقف ديني وتكليف شرعي يبتغى من وراءه الأجر والثواب من الله تعالى بل ويرتقي هذا الإحياء لهذا اليوم إلى مرتبة الجهاد في سبيل الله كما يقول السيد حسين: (إن إحياء هذا اليوم يعتبر فعلا عبادة .. عبادة ,وأن إحياءه يعتبر أيضا ممارسة جهادية في سبيل الله إن شاء الله تعالى)
المفهوم الثالث: معاداة اليهود هذا المفهوم المنسي والمغيب من واقع الأمة الإسلامية والذي يراد له اليوم أن يمحى من الذاكرة المجتمعية والواقع الإسلامي تحت عناوين براقة وشعارات خداعة ومبادرات تآمرية من حكام العرب وأنظمة الجور والعمالة ومن دار معهم من حملة المباخر من علماء السوء ودراويش القصور,  فأمام هذا المفهوم مفهوم العداء لليهود يقف السيد حسين في هذه المحاضرة عدة وقفات هامة جدا جدا ويفصل تفصيلا لا يستهان به فيقول:عندما نعود – أيها الاخوة –إلى القرآن الكريم ,إلى كتاب الله الذي نزله من يعلم السر في السموات والأرض نرى فيه أنه عرض كثيرا من أخبار اليهود , عرض كثيرا مما يكشف واقعهم ..(سورة البقرة)(سورة آل عمران)(سورة المائدة)(سورة الإسراء)و(الحشر)وغيرها من السور, وخاصة (سورة البقرة)و(ال عمران)و(المائدة)مليئة بالحديث عن اليهود –مكررا للتأكيد القول- مليئة بالحديث عن اليهود ,واليهود لا , بنو إسرائيل في تاريخهم عبر ودروس كثيرة جدا فيما ذكره القرآن عنهم ,دروس وعبر مهمة جدا جدا. ونستطيع الإشارة إلى أهم العبر والدروس التي تكلم عنها السيد في نقاط متنوعة ومن عدة جوانب لأن السيد القائد انتقد النظرة القاصرة والتناول لموضوع اليهود من جانب واحد أو زاوية واحدة ومن أهم هذا النقاط ما يلي:-
-  أن التفضيل والرعاية الإلهية لليهود والنعم الجليلة التي أسداها الله إليهم في أيام فرعون ومن بعده كانت مرتبطة بمدى الاستجابة والاستقامة والالتزام بمضامين وتعاليم الكتب السماوية التي بشرت بالنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويشير السيد إلى أنه  (يجب أن يكونوا هم أول من يؤمن بمحمد(صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وأن يكونوا هم أول من يؤمن بالقرآن الذي هو مصدق لما معهم من الكتب السماوية) وكان الموقف الطبيعي من اليهود هو أن يكونوا هم أو المبادرين للإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يليق بمثلهم أن يكونوا أول كافر به.
-  ينبه السيد القائد كذلك إلى سلبية أن يتناول المسلمون الجانب السيئ في اليهود فقط لأن هذه النظرة ستبني فهما خاطئا للقضية وستفقد الناس الكثير المهمة والمليئة بالعبر فيما يتعلق ببني إسرائيل.
-  يذكر السيد القائد نقطة هامة تناولها القرآن وهي النفسية المدمرة التي تحمل عقدة الحسد هذه العقد الشيطانية التي تحول الإنسان إلى نارا مشتعلة وتوجد فيه كتلة من الحقد والكراهية وحب الانتقام وهذا ما كان عليه بنو إسرائيل حيث تنكروا لنبوة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدافع من حسد كما أخبر الله عن نفسيتهم وهذا الخلق الذميم هو ما يجعل الكثير من الناس مسلوب التوفيق فاقد البصير أقرب إلى الخذلان والشيطان يتعالى ويستنكف عن قبل الحق وهذا الداء المدمر صار مستشريا حتى الكثير من المسلمين بل وفي نخبهم الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حولها الحسد إلى نخب تدور حول نفسها ومصالحها الذاتية على حساب مصالح وقضايا الأمة الكبرى والمصيرية يقول السيد حسين:(الشيء الآخر فيما يتعلق بعد استجابتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان من منطلق الحسد) وأشار إلى استحقاقهم للعنة والخذلان والطرد من رحمة الله بسبب إنكارهم للنبي والقرآن الكريم الموحى إليه.

-  أشار السيد القائد إلى الخطر الذي مثله بنو إسرائيل ولا زالوا وما هم عليه من ذكاء ودهاء منوها إلى مسألة صلاحهم لو أنهم صلحوا لقدموا للبشرية الكثير من الخير وخففوا عنها الكثير من الآلام والمكائد والشرور يقول السيد القائد(ثم فيا عرضه القرآن الكريم عن بني إسرائيل ما يدل فعلا على عظمهم إذا صلحوا ,وعلى خطورتهم البالغة إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر ,خطورتهم في ذكائهم ,في تصميمهم ,في دهائهم ,أنهم بالغوا الخطورة... اليهود خطيرون جدا إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر ,وهذا هو الصفة الغالبة عليهم ..أخيرا وخاصة بعد الإسلام أصبح هو الصفة الغالبة عليهم الآن في كل بقاع ,الاتجاه إلى الشر إلى المكر ,إلى الخداع ,إلى التضليل ,إلى لبس الحق بالباطل ,قدرة رهيبة جدا جدا في هذا الموضوع) وفعلا أثبت التاريخ القديم والمعاصر لهؤلاء البشر أنهم بالِغوا الخطورةِ وأنهم صاروا مصدر المؤامرات وذرائع المكائد الاستعمارية وأمام تعاظم مخاطرهم لا نجد الحذر واليقظة المطلوبة والتعامل الواعي للحد من توسع مفاسدهم وانتشار أخلاقهم الخبيثة.ونكتفي بهذا القدر من المفاهيم في هذه المحاضرة مراعاة للقدر المطلوب لإدارة المجلة وننتقل إلى ذكر أهم المنطلقات الجهادية في هذه المحاضرة والتي سيكون لمعرفتها واستيعابها الدور البالغ في إحياء الروح الجهادية التي لن تتطهر وتتحرر المقدسات وتسترد الكرامة والدور الريادي للأمة إلا بها ومن خلالها
إن التحرك المقاوم الرافض للمشاريع الإمبريالية ومواجهة إرادة الهيمنة على الشعوب الإسلامية من قبل أمريكا وحلفاءها وأدواتها من حكام العرب الجائرين يتطلب من الجميع إحياء روح المقاومة ونشر مفاهيمها وأبياتها بين الشعوب بل لا بد أن تكون الثقافة الجهادية والوعي المقاوم حضور في المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات وتعزز في وجدان وعقول الأبناء والأجيال حتى تسهم هذه الثقافة في بناء الرجال الأحرار الرافضين للذل والهوان والمحصنين من ثقافة الخنوع والتدجين والتبعية العمياء لأنظمة الجور