ثلاث سنوات من الصمود في وجه العدوان تجلت فيها آيات الله

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 27/03/2018 - 11:00ص
الكاتب: 

خلال ثلاث سنوات من الصمود الأسطوري لشعبنا اليمني في وجه تحالف العدوان السعودي الأمريكي رأينا بعين الحقيقة والبصيرة من آيات الله تعالى على أرض الواقع وتجلت مصاديق آيات القرآن الكريم في مجريات الأحداث والمتغيرات والمستجدات وكأن هذه الآيات القرآنية نزلت في هذا العصر وفي هذا الأحداث وفي هذا الصمود وفي هذا العدوان.

ما أكثر الآيات الواضحة الجلية التي رأيناها بأم أعيننا تتجلى أمامنا والتي لا نستطيع إحصاءها ولا تحتاج إلى إثبات وتوضيح لأن نصوص القرآن الكريم واضحة والأحداث الجارية متطابقة معها وسنستعرض بعض الآيات القرآنية وشواهدها من الأحداث فالقرآن الكريم يسّره الله تعالى للذكر والفهم كما قال سبحانه: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)

وهذه الآيات هي مما تزيد المؤمنين إيماناً وتثبيتاً في المنعطفات الخطيرة والظروف الحرجة وفي الشدائد والمحن والمعاناة والتضحيات والمواجهات والمعارك والمؤامرات والتحالفات يقول الله تعالى عن ازدياد إيمان المؤمنين المجاهدين عند رؤية الأهوال ومعايشة الأحداث الشديدة والحالات الاستثنائية الخطيرة: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) ونحن بحمد الله تعالى كشعب يمني رأينا ونعايش مؤامرات العدوان مستبشرين بوعد الله بالنصر وواثقين بصدق هذا الوعد فنزداد إيمانا ويقيناً وثباتاً وجهاداً.

سنت الأولين

سنة الله تعالى التي خلت في عباده الأولين على مر العصور والأجيال المتعاقبة والأمم الماضية والقرون السالفة ما زالت جارية علينا في هذا العصر وفي هذا العالم، فسنة الله تعالى قانون إلهي لا يتبدل ولا يتغير بمرور الزمن أو اختلاف المكان أو تعاقب الأجيال يقول تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) ويقول سبحانه: (وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا)

المكر السيء لا يحق إلا بأهله

يقول تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)

تجلت هذه الآية الكريمة ورأينا سنة الله تعالى جلية في عدة أمور منها:

أولاً: بدأت دول العدوان المحسوبة عربياً وإسلامياً مؤامراتها على شعبنا اليمني بالحصار الاقتصادي والتجويع وفرض الجرع المتتالية ثم محاولة تقسيم البلاد إلى أقاليم وها هي اليوم تعاني الجرع وتتجرع من نفس الكأس بعد أن رد الله تعالى كيدهم في نحورهم وتدبيرهم في تدميرهم فرأينا مئات المليارات من الدولارات تذهب إلى جيب ترامب مما اضطر النظام السعودي وغيره على شعوبهم وزيادة الأسعار في كل شيء وغرهاق مواطنيهم بالأعباء المالية كما راينا كيف بدأت دول مجلس التعاون الخليجي تتشظى بعد فرض الحصار على قطر وتبعات ذلك على كل الدول الخليجية.

ثانياً: رغم تخطيط وتآمر وتحالف أهل الكتاب الذين يمثلهم اليوم أمريكا وإسرائيل ومن في حلفهم ومعهم من بقية الدول الغربية، ورغم أنهم كانوا متأكدين من انتصارهم في العدوان على اليمن الذي كانوا يرونه ضعيفاً فقيراً وبعد أن جرعوّه الجرع واخترقوه وهيكلوا جيشه الذي أفقدوه معنوياته وغيروا عقيدته القتالية إلا أن الله تعالى أتاهم من حيث لم يحتسبوا فلم يكونوا يتوقعون ويحسبون أن قبائل اليمن وكل الشرفاء من أبناء الشعب سيشكلون جيشاً ليس له نظير في صموده وثباته وبطولته.

يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)

ثالثاً: كان العدوان الذي أُعلن من واشنطن وباللغة الإنجليزية في صبيحة 26 مارس 2015م قد حسب حساباته بدقة وأعلنوا أن العدوان سيستغرق أسبوعاً وعلى الأكثر شهراً ودشنوا عدوانهم بالتفجيرات في مسجدي بدر والحشوش ثم بدأوا بالقصف الجوي بعد أن جندوا العملاء والمرجفين ولكن العدوان ارتد عليهم رغم ما ارتكبوا من مجازر وجرائم إلا أنهم أصبحوا في ورطة كبيرة ودخل المجاهدون إلى نجران وجيزان وعسير وهم من كانوا يقولون أنهم على وشك دخول صنعاء.

رابعاً: يقول تعالى: (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فكم أنفق الخليجيون من أموال بمليارات الدولارات وكم اشتروا من أسلحة وكم استأجروا من جيوش ومرتزقة وكم عقدوا من صفقات الأسلحة واشتروا من العملاء والذمم والإعلام واشتروا تأييد وسكوت كثير من الحكومات والأنظمة والمؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية والدولية، ومع كل ذلك يتحسرون عليها لأنهم لم يحققوا شيئاً ويُغلبون في مختلف الجبهات مع مرتزقتهم ويحلبهم الشيطان الأكبر (أمريكا) بقيادة ترامب وأصبحت المعدات العسكرية الأمريكية المتطورة والتي اشتروها بمليارات الدولارات مسخرة العالم كدبابات الإبرمز التي يحرقها المجاهدون بالولاعات ومنظومة الاعتراض الجوي للصواريخ الباتريوت التي فقدت فاعليتها في الميدان وأصبحت هدفاً وتم تدمير البعض منها ولم تستطع حتى حماية نفسها.

خامساً: كان العدوان قد خطط وتآمر بتأنٍ ودقة في فتنة ديسمبر الماضي وكانت من أكثر الأوراق خطورة بيد العدو وكان قد رتب كل شيء على مستوى كل منطقة وقرية وحارة ومديرية ومحافظة ولا نبالغ إن قلنا أنهم قد حسبوا حتى الشوارع بالمسطرة ومكروا وغدروا ولكن هي سنة الله ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) وقد قال الله تعالى أيضاً : (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وتحقق قول الله تعالى أيضاً: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)

سادساً: كم سمعنا من الإعلام المعادي كلمة أن المجاهدين اليمنيين وفي مقدمتهم أنصار الله شرذمة قليلون ويُشكّلون أقل من خمسة بالمئة من الشعب اليمني وأنهم يشكلون خطراً وأنهم يغيظون أمريكا والسعودية وأمريكا والإمارات بتصرفاتهم وهذا منطق فرعون والطغاة على مر التاريخ كما حكى الله تعالى عنهم: (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) وحَذَرُهم هذا هو ما رأوه ويرونه وسيرون منه أكثر في المستقبل فقد رأوا هذا الصمود وهذه التضحيات ورأوا الصواريخ البالستية وسيرون يمناً حُراً مستقلاً بل وسيرون في قادم الأيام - بإذن الله تعالى – انهيار عروشهم أمام أعينهم كما انهارت عروش عملائهم من اليمنيين الذي حكموا ردحاً من الزمن يقول تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)

كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله

لا يخفى على كل متابع للشأن اليمني تلك الانتصارات العظيمة التي تتحقق بإذن الله تعالى على أيدي ثلة من المؤمنين المجاهدين فنجد مجموعة صغيرة من المجاهدين اليمنيين يكسرون زحفاً عرمرماً من مئات وفي بعض الأحيان آلاف المرتزقة المحليين والأجانب مع الجيش السعودي والإماراتي والسوداني ويقتحمون مواقع العدو المحصنة والمرتفعة وكل ذلك تحت أمطار غزيرة من غارات الطيران الذي يستهدف كل شيء يتحرك على الأرض ومع ذلك يثبتون ويتقدمون ويقتحمون، وكم رأينا وسمعنا البعض يقول في بداية العدوان أن لا طاقة لنا بالعدوان وسمعنا أيضاً من القيادة والمجاهدين أن النصر محتوم بإذن الله وقد ضرب لنا الله سبحانه وتعالى أمثلة كثيرة عن تجارب تاريخية كان النصر فيها للقلة المؤمنة على الكثرة الباغية والمعتدية منها قول الله تعالى في قصة طالوت عليه السلام: (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ)

وتجلى قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) فرأينا نماذج جهادية عظيمة باعت أنفسها من الله تعالى رصدت كاميرا الإعلام الحربي بعضها فقط كذلك المجاهد الذي أذهل العالم عندما أسعف زميله الجريح تحت وابل من الرصاص، وكثبات عبد القوي الجبري، والمجاهد صاحب اليد المقطوعة، وصاحب الرجل المقطوعة، وقصص للجرحى ولآباء وأمهات وأولاد الشهداء، وقصص إيمانية كثيرة ومواقف جعلت أصحابها بحق ربيين كما قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

ومن عظمة إيمان المجاهدين أن اتهمهم العدو بأنهم يستعملون السحر والشعوذة لأن العدو لا يتمكن أن يفهم سنة الله ولم يستوعب آيات الله تعالى التي تتحدث عن إنزال السكينة على قلوب المجاهدين والربط على قلوبهم حتى رأينا مجموعة صغيرة من المجاهدين يتسلقون عبر السلالم إلى مواقع العدو بكل طمأنينة وكأنهم يتسلقون إلى عمود كهرباء ليصلحوه أو إلى جدار ليطلوه بالطلاء يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) ويقول سبحانه: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)

وقد رأينا أنه كلما أرعد وأبرق العدو وهوّل وهدد وأرجف كلما زاد الإيمان في قلوب المجاهدين يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

وكم رأينا الكثير من بسطاء الناس الذين لم يكن يُلتفت إليهم ولم يكن لهم ذكر يتحوّلون حين ينطلقون إلى الجهاد أسوداً وأبطالاً فيميادين المعارك وساحات الجهاد لترتفع قيمتهم عند الله وعند خلقه حتى يصبحون أغلى الناس وليس لنفوسهم ثمن إلا الجنة وكان قيامهم بمسؤوليتهم الجهادية وواجبهم المقدس وانطلاقتهم الصادقة هي سبب الربط على قلوبهم وشجاعتهم يقول تعالى: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)

واقع ونفسية العدو

يقول تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وهذه الآية تفسر تفسيراً ميدانياً وتقدم تحليلاً عملياً لمشاهد هروب المرتزقة وقوى العدوان في جبهات القتال وعند الالتحام مع المجاهدين، كما تعطي صورة واضحة لكيفية مسارعة المرتزقة من كثير من المناطق إلى العدو والقتال تحت رايته رغم هزائمهم المتكررة وقتلاهم بالآلاف كما توضح الآية الكريمة سبب التحاق البعض بصف العدوان أنه تزيين الشيطان وتصويره لهم أن الأمور ستجري لصالحهم كما نشاهد ونسمع أعلام العدوان ووعوده وخصوصاً الوعود الأمريكية بالوقوف إلى جانبهم وعدم تركهم في الميدان لوحدهم ليتضح فيما بعد جلياً أنها وعود كاذبه وأن الأمريكيين غروهم وخدعوهم ويصدق على هؤلاء المرتزقة وعلى النظامين السعودي والإماراتي وغيرهم قول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) فنرى كيف يتركونهم ولا يُنجدونهم بل في بعض الأحيان يقوم العدوان بقصفهم لأنهم مرتزقه اشتراهم بماله واشترى دنياهم وآخرتهم بثمن بخس بل إن أمريكا وإسرائيل نفسها هي التي زينت لآل سعود وآل نهيان وغيرهم العدوان على اليمن وتساهم في العدوان بشكل أساسي ورئيسي ومحوري ومع ذلك تتنصل من الجرائم وتحمّل آل سعود التبعات وستكون ورقة ضغط على آل سعود لابتزازهم أكثر في المستقبل هذا إن لم يسقط آل سعود وهو متوقع حسب سنن الله تعالى.

كما رأينا مصداق قول الله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) فكم سمعنا في المشاهد التي يبثها الإعلام الحربي عبارة (شردوا شردوا .. هربوا هربوا)

كما رأينا تحقق قول الله تعالى: (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) رأيناه يتحقق في الميدان حيث نرى أعداءنا يرهبوننا بشكل كبير جداً ويقاتلوننا في قرى محصنة ومنها المواقع السعودية المحصنة في الحدود ومن داخل المدرعات ومن خلف الجدر وعبر الطائرات لأنهم أضعف أن يواجهوه وجهاً لوجه في الميدان ونرى اختلاف المرتزقة فيما بينهم واقتتالهم فيما بينهم ونرى الأزمة بين قطر والسعودية والإمارات (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ)

كما رأينا تألم العدو وكثرة قتلاه وأننا مهما قدمنا من تضحيات وشهداء فهو يقدم قتلى أكثر ويعاني أضعافاً مضاعفة وخصوصاً المرتزقة اليمنيين يقول تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ويقول سبحانه: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)

فئات سلبية في المجتمع

كشف القرآن أيضاً عن نفسيات وتفكير فئات سلبية في المجتمع وهي فئة المنافقين والتي جعل القرآن من أهم علاماتهم اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين يقول تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) كما هو ملموس على أرض الواقع فنحن نرى مسارعة النظام السعودي والإماراتي ومن في فلكهم وكل من يساهم بشكل أو بآخر في العدوان علينا نراهم يسارعون إلى التطبيع المباشر وغير المباشر مع "إسرائيل" وكل من له علاقة طبيعية مع أمريكا هي في حد ذاتها علاقة مع إسرائيل.

وهناك منافقون محليون في الداخل يتربصون بالمجاهدين متى يضعفون لينقضوا عليهم مع العدو وإذا رأوا تقدم وصمود المجاهدين تكيفّوا وتأقلموا وتعاملوا في الظاهر وكأنهم من المجاهدين يقول تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)

كما يوضح القرآن واقع فئة من المجتمع تُسمي نفسها حيناً محايدة وتارة تعتقد أنها حكيمة وحاذقة وذكية فيثبطون عن الجهاد ويثبطون المجاهدين والمجتمع وإذا ارتقى شهداء أو وقع جرحى أو أي تضحية يقدمها المجاهدون يعتبرون ذلك نعمة عليهم وفضل لهم بل ويتجرؤون ويحمدون الله على ذلك وهم في واقعهم في معصية ويرتكبون ذنباً كبيراً وإذا حصلت انتصارات يتمنى أن يكون محسوباً على المجاهدين وأن يحصل على امتيازات يقول تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا)

ويتحدث القرآن الكريم أيضاً عن واقع كثير من الناس ومواقفهم من العدوان واستعدادهم للتضحية من أجل مصلحتهم وأنهم غير مستعدين لبذل شيء في سبيل الله تعالى ولو شيئاً بسيطاً ولذلك رأينا من ينطلق ليجاهد من أجل الحصول على بندق أو قطعة سلاح ثم يعود من الجبهة ويعتبر نفسه ذكياً ورابحاً (ورجّال مفحوس واحمر عين) يقول تعالى بعد أن أمر بالنفير والجهاد في سبيله عن مثل هذه النماذج السيئة: (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)

وكم هناك من الآيات التي نراها على أرض الواقع خلال السنوات الثلاث من الصمود في وجه العدوان والتي هي مصاديق للآيات القرآنية وصدق الله تعالى القائل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) وإذا لم يستوعب العدوان ومرتزقه هذه الآيات أو غيرهم من الناس فما يمنعهم من ذلك إلا التكبر والتكبر يجعل الإنسان مصروفاً عن آيات الله وتنعكس لديه المعايير وتنقلب المعادلات وتتغير النظرة في الاتجاه الخطأ يقول تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ)