الولاء والبراء الأهمية والأثر. المنطلقات والضوابط

نشر بتاريخ: سبت, 24/02/2018 - 9:55ص

الأهمية

    قال الله تعالى: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ .

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾.

وروى الإمام الناصر (عليه السلام) في كتابه (البساط) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن علياً عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: »لو أن عبداً قام ليله وصام نهاره، وأنفق ماله في سبيل الله عِلْقاً عِلْقاً([1]), وعَبَدَالله بين الركن والمقام، ثم يكون آخر ذلك أن يُذْبَحَ بين الركن والمقام مظلوماً لما صعد إلى الله من عمله وزنُ ذرةٍ، حتى يظهر المحبة لأولياء الله والعداوة لأعدائه«.

 الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعدائه أساس من أسس الدين القويم, وقاعدة عريضة ارتكزت عليها دولة الإسلام يوماً ما.

وعندما فقد المسلمون التزامهم بهذه القاعدة الإلهية وركنوا إلى أعداء الله الظالمين والمستكبرين انهارت دولة الإسلام وتهاوى ذلك البناء الشامخ وتخطفهم المستعمرون واحتلوا بلدانهم وسيطروا على ثرواتهم. يقول الله تعالى ـ محذراً من ذلك ـ: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُون ﴾ .

 وفي تعليق للسيد حسين بن بدر الدين(رضوان الله عليه) على الحديث المذكور يقول: (هذا الحديث يَذكُر أنه شخص يصوم النهار، ويقوم الليل يتعبد، وينفق أمواله في سبيل الله، ويتعبد في أفضل مكان وأقدس مكان عند الله: ما بين الركن والمقام، ثم يقتل مظلوماً .. عمله كله ما يُرْفَعُ إلى الله منه مثقال ذرة حتى يظهر المحبة لأولياء الله والعداوة لأعداء الله.

هذا حديث خطير, القرآن يشهد له فيما يتعلق بخطورة الموالاة والمعاداة؛ ولهذا قال الله في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ أليس الله هنا يخاطب مؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ؟ قال: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ﴾ منكم أيها المؤمنون ﴿ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾  يصبح حكمه حكمهم، فيكون هو يصلي وهو يهودي, يسبح وهو يهودي, يصوم وهو يهودي, يزكي وهو يهودي .. وهكذا .. إلى آخر العبارات).

ويضيف: (فقضية الموالاة والمعاداة مهمة جداً جداً تعطل أعمال الإنسان كلها الصالحة, هذه الآية خطيرة  ﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ وتكررت في أكثر من موقع, مع اليهود والنصارى, ومع الكافرين, ومع المنافقين, يحذر المؤمنين من تولي هذه الخطوط الثلاثة: الكافرين, المنافقين, اليهود والنصارى, كلها جاءت الآيات فيها تحذر من التولي وتذكر بأن التولي لهم يجعل الإنسان منهم ﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون ﴾ .

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: »الشـرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه: أن تحب على شـيء من الجور أو تبغض على شـيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله! قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ﴾   .

ولما خالط الزهري السلاطين الظالمين, وكان من قواد الجيش في دولة الأمويين كتب إليه أحد المؤمنين- ويروى أنه علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام-: »عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً وقد أثقلتك نعم الله بما فهَّمك الله من كتابه وعلمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء، قال الله سبحانه: ﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾ واعلم أن أيسـر ما ارتكبت, وأخف ما احتملت: أنك آنست وحشة الظالم, وسهلت سبيل الغي, بدنوك ممن لم يؤد حقاً، ولم يترك باطلا, حين أدناك اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم، وجسـراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسُلَّماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، يُدخِلون الشك بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسـر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾[مريم:59]  فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فداو دينك فقد دخله سقمٌ، وهيء زادك فقد حضـر السفر البعيد وما يخفى على الله من شـيء في الأرض ولا في السماء« [الكشاف للزمخشري: 2/433 ] .

معنى الموالاة والمعاداة

إن الموالاة تعني الركون, والركون – كما جاء في الأثر- هو الميل اليسير, نعم .. إنه الشعور الذي يجعلك تعيش وحدة الموقف مع هذا الطرف أو ذاك , يقول السيد حسين في محاضـرته عن الموالاة والمعاداة: (أثر الموالاة والمعاداة, الموالاة والمعاداة ليست فقط أن الإنسان يحب لأخيه كما يحب لنفسه [حالة نفسية فقط ]  من داخل, ويكره له مثلما يكره لنفسه. الموالاة معناها: المعية, تشعر بأنك في هذا الجانب تؤيد هذا الجانب متجه إلى هذا الجانب, هذه هي الموالاة سواء كانت موالاة لأولياء الله أو موالاة لأعداء الله, الموالاة معناها: المعية, المعية في الموقف, المعية في الرأي, المعية في التوجه, المعية في النظرة, هذه هي الموالاة).

ويضيف (رضوان الله عليه):

(الموالاة هي حالة نفسية والمعاداة هي حالة نفسية، لكنها تتحول إلى مواقف وتنعكس بشكل مواقف، وتعتبر في حد ذاتها مهيئة لهذا الشخص ولهذا الشخص ولهذا الشخص ولمجاميع من الناس, من هم على وتيرة واحدة في الموالاة تُهيئ هذه الأرضية, أرضية صالحة لانتشار تَوَجُّه، وأعمال الجهة التي هم يوالونها سواء كانت جهة محقة أو مبطلة).

وفي قوله تعالى: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ .. إلخ حسم للموضوع؛ بأنه لا يمكن ولا يصح أن يجتمع الإيمان بالله تعالى مع الموالاة لأعداء الله حتى ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم... الخ. لأنه لا محاباة ولا مجاملة في دين الله فإن العقيدة أغلى من الآباء والإخوة, وحتى النفس حينما يتطلب المبدأ بذلها لا يسع الإنسان غير ذلك, فلا عاطفة ولا محبة ولا مودة إلا لأولياء الله، أما أعداء الله فإننا ببغضهم نتقرب إلى الله وننال حبه ورضاه.

 فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: »قال عيسـى بن مريم للحواريين: تحببوا إلى الله عز وجل وتقربوا إليه. قالوا: يا روح الله بما نتحبب إلى الله ونتقرب إليه؟ قال: ببغض أهل المعاصي، والتمسوا رضاء الله بسخطهم« [أمالي أبي طالب:331 ] .

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: »أي العمل أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: الموالاة في الله والمعاداة في الله عز وجل, والحب في الله عز وجل« [الأمالي الخميسية  : 2 - 264 ] .

أثر الولاء والبراء:

ولنستعرض النتائج العظيمة المترتبة على محبة أولياء الله والوقوف معهم, ومعاداة أعداء الله والوقوف ضدهم، وذلك من خلال الآية الكريمة ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ.. إلخ﴾  فقد استطاعوا بهذا الموقف العظيم أن يحوزوا الإيمان حيث كتبه الله في قلوبهم, وأيدهم بروح منه, أي بلطف من عنده حييت به قلوبهم، وفوق هذا كله: يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ينعمون برضاء الله .

وبموقفهم الشجاع حازوا كل هذا النعيم العظيم، وهؤلاء هم حزب الله، وكل من أراد أن ينتمي إلى حزب الله فإن عليه أن يقف هذا الموقف مهما كلف الثمن، ومهما أوذي وحورب حتى يتأتى له إحدى الحسنيين: النصـر أو الشهادة.

وفي المقابل هناك حزب الشيطان وليس في الدنيا كلها إلا هذان الحزبان لا ثالث لهما أبداً.

وكل من يتولى الظالمين ويميل إليهم ويرفع من شأنهم فإنه من حزب الشيطان مهما صلى وصام وحج وتصدق وعبدالله سبحانه وتمظهر بالتقوى فإنه غير مقبول منه ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين ﴾ ويقول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُون ﴾  ـ إلى قوله ـ ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُون ﴾ [المجادلة: 14 ـ 19 ] .

هؤلاء هم المرتزقة وعُبَّاد المادة الذين يبيعون دينهم بثمن بخس من الطغاة والمستكبرين، ويحاولون تأمين مستقبلهم بلجوئهم إليهم ليحموهم عندما يفيق المستضعفون من نومهم، ويهبون لأنزال الطغاة من صياصيهم، ويزلزلون الأرض تحت أقدامهم. يقول الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء العملاء والمصلحيين: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين﴾ [المائدة: 52 ] .

 يقول السيد حسين بدر الدين عن خطورة الولاء لليهود والنصارى: (أحياناً عندما يكون هناك من هذه الأحداث ومن هذه القضايا في حياة الناس: التولي لليهود والنصارى؛ في الأخير تصبح الأشياء هذه: الصلاة والزكاة والصوم والحج والدعاء.. أحياناً لا يَعُدْ لها قيمة عند الله سبحانه وتعالى, نصلي, ندَّعى, نصوم, نزكي, نحج, [يا الله تكون بالشكل الذي تغطي الإثم فقط، لا يجي على واحد آثام أنه قد تركها] أما أن تعطي ثوابها, تكون مقبولة عند الله؛ فتكون مربوطة بأشياء أخرى).

ويضيف: الإمام علي له كلمة في الموضوع: »إنما يجمع الناس الرضا والسخط, وإنما عقر ناقة ثمود واحد فعمهم الله بالعقوبة جميعاً« بسبب أن واحدًا عقر الناقة يمثلهم وهم راضين بعمله ومصوبين لعمله فأصبحوا جميعاً مستحقين للعقوبة, أيضاً يقول عليه السلام: »الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم, وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به«.

وحول الموقف المطلوب من الموالين لليهود والنصارى من الطغاة والعملاء؛ يقول السيد حسين أيضاً: (فنحن نحرص على أن نحافظ على وعينا, نحافظ على سلامة نفوسنا أمام الله, مسائل خطيرة جداً, مسائل خطيرة جداً, من تلمس منه رائحة الولاء لليهود والنصارى يجب أن تحمل له روح العداء, يجب أن تحمل له روح العداء, في كل مشاعرك, وداخل أعماق نفسك, العداء الإيجابي, العداء الساخن, كل من تلمس أنه يوالي اليهود والنصارى, كل من تلمس بأن منطقه وإن كان منطقاً تحت عناوين أخرى: مصلحة كذا وكذا, يجب أن تحمل له روح العداء, وأن ترد عليه أن هذا غير صحيح, فليضربونا أشرف لنا، أن يضربونا ولا أن نأتي نحن نُضرَبُ من داخلنا).

ولأننا نواجه اليوم أشد عدوان ظالم غاشم على بلادنا منذ ما يقارب الثلاثة أعوام, فإن من الواجب المحتم الذي يفرضه ديننا الحنيف أن نفعّل مبدأ الولاء والبراء, وأن نهتم به حتى يترسخ كثقافة دينية لدى المجتمع, خصوصا والعدو يبذل قصارى جهده وينفق ملايين الدولارات لشراء الولاءات, ويمني بالمناصب والرتب ويستخدم كل وسائل التضليل لاستقطاب الكثير من أبناء البلد وحشدهم لتأييده والوقوف ضد إخوانهم وأهليهم, وبالفعل استطاع أن يحشد آلافا مؤلفة من الناس للقتال في صفه, أو على الأقل اتخاذ موقف محايد- كما يسمونه-, وما ذلك إلا لضعفنا في التوعية والتذكير بهذا المبدأ المهم والخطير, وتساهلنا في نشر الوعي والثقافة القرآنية الصحيحة. 

 

الضوابط والمنطلقات

وبما أن مسألة الولاء والبراء بهذا المستوى من الأهمية, وأثرها كذلك؛ فإنه لا بد من التزام الضوابط الشرعية, فلا يجوز أن يكون الإنسان عشوائيا في مسألة الولاء والبراء مع أبناء مجتمعه, فالخطأ لا شك يكون فادحا سواء في الموالاة أو في المعاداة, فلا بد من التبيُّن أولاً ﴿ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين ﴾ ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا ﴾  يقول السيد حسين بدر الدين في هذا الشأن: (الشيء الذي لا بد منه أن الإنسان إذا ما تبينت له الأحداث يكون له موقف بأنه لا يتخذ من داخل نفسه تأييداً أو معارضة إلا بعد أن يتبين له وجه الحق في المسألة, أو أن يرى ممن يثق بهم في فهمهم في تدينهم من قدواته لهم موقف من هذه المسألة فيقف موقفهم).

أحيانا تكون المنطلقات غير سليمة سواء في مسألة الولاء أو مسألة البراء, حيث تتدخل القضايا الشخصية وتتحكم في الموقف, وتصبح المسألة مجرد تصفية حسابات, والأخطر من ذلك حينما تطبع بطابع ديني, وقد يصل الإنسان إلى حالة من التيه حيث تختلط عليه الأوراق فلا يدري هل منطلقاته في ذلك مبدئية أم شخصية؟!

إننا في هذه الحالة مدعوون إلى أن نكون صادقين في تشخيص منطلقاتنا تشخيصا دقيقا يتلاءم مع التعليمات الإلهية بعيدا عن نزعات الهوى التي كثيرا ما تسيطر على مشاعر الإنسان فتنحرف به عن المسار الصحيح, فلقد حذر الله تعالى حتى نبيه داوود (عليه السلام) ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ ﴾[ص:26].

﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾. والحمد لله رب العالمين.

 

( [1] ) العِلْق: النفيس من كل شـيء. ومن معانيه: الجراب.

الدلالات: