زيارة بن سلمان للكيان الصهيوني .. خطوة أخرى على طريق تعزيز العلاقات بين الكيانين السعودي والصهيوني

نشر بتاريخ: أحد, 10/12/2017 - 5:52م

في الوقت الذي تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني بناء المزيد من المستوطنات وشن حملات الاعتقال اليومية بحق شباب الضفة الغربية المحتلة والزج بهم في السجون والمعتقلات، ويواصل المستوطنون الصهاينة تدنيس المسجد الأقصى المبارك واقتحام باحاته بصورة يومية .. في هذا الوقت تواصل أنظمة الخيانة والعمالة والإرتهان لواشنطن وتل أبيب وعلى رأسها نظام مملكة قرن الشيطان السعودي السير في طريق تعزيز علاقاتها مع كيان الاحتلال الصهيوني بطرق مختلفة بعد أن أصبحت هذه العلاقات ظاهرة للعيان وانتقلت من الإطار السري إلى العلن .. وبعد أن أصبح واضحاً أمام جميع المراقبين أن تعزيز العلاقات بين الكيانين السعودي والصهيوني مثَّل الخطوة التالية لكشف النقاب وإزاحة الستار عنها في أعقاب تسلم »دونالد ترامب« لمهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية عندما أعلن بوضوح: أنه لم يعد مسموحاً في عهده أن تظل هذه العلاقات طي الكتمان، وهذا هو التفسير البارز للزيارة التي قام بها مؤخراً ولي عهد مملكة قرن الشيطان »محمد بن سلمان« للكيان الصهيوني التي أعلنت عنها وسائل أعلام العدو الصهيوني ولم يعلق النظام السعودي عليها أو ينفيها مما يعني بوضوح أن الزيارة قد تمت بالفعل.. وبعبارة أخرى فإن السؤال لم يعد: هل تمت الزيارة أم لا ؟؟ وإنما أصبح السؤال المطروح هو: ما هي النتائج التي ستترتب عليها ؟؟ وهو ما ظل يترقبه المراقبون السياسيون المتابعون باهتمام للتطورات التي تشهدها العلاقات بين الكيانين السعودي والصهيوني..

وفي إطار رصد المستجدات في أعقاب الزيارة من جانب المراقبين السياسيين التي يمكن اعتبارها جزءاً من الإجابة عن السؤال المطروح حول النتائج التي ستترتب عليها كان من أبرز ما تم رصده التصريحات التي أدلى بها »محمد بن سلمان« لوكالة »رويترز« ونشرتها يوم الخميس الـ25 من شهر أكتوبر الماضي والتي صرح فيها: إن الحرب العدوانية الظالمة التي تُشن على بلادنا ستستمر ولن تتوقف لمنع من أسماهم بالحوثيين من التحول إلى حزب الله آخر على حدود مملكته على حد تعبيره.. وكشف »بن سلمان« في تصريحاته من حيث يدري أو لا يدري أحد الأهداف الحقيقية والرئيسية لهذه الحرب وهو الهدف المتمثل في احتلال باب المندب، وذلك عندما تحدث عن أن سيطرة من أسماهم بالحوثيين عليه يهدد الملاحة الدولية.. وجاء حديثه متطابقاً مع ما كان قد تحدث عنه رئيس وزراء الكيان الصهيوني »بنيامين نتنياهو« قبل عدة أشهر من بدء هذه الحرب العدوانية الظالمة في الـ26 من مارس 2015م .. كما أن حديث »بن سلمان« عن حزب الله بالطريقة التي تحدث عنها في تصريحاته لوكالة »رويترز« قد عكس بوضوح موقفه من الحزب وهو ذات الموقف الصهيوني الأمر الذي يعني أن تصريحاته تمثل أحد نتائج زيارته للكيان الصهيوني خاصة إذا ما ربطنا التصريحات بالتصعيد غير المسبوق الذي أعقبها المتمثل في ازدياد أعداد الجرائم بحق المدنيين وإغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية بدءاً من يوم الأحد الـ5 من شهر نوفمبر الجاري .. وهو التصعيد الذي رافقته موجة من التصريحات والحملات الإعلامية المكثفة والمنظمة التي تمحورت حول قيام إيران بتزويد من يسمونهم بـ»الحوثيين« بالصواريخ وغيرها من المزاعم التي دأب إعلام الكيان السعودي وأبواقه الدعائية على ترديدها منذ بدء حربه العدوانية والتي ارتفعت وتيرتها عبر الموجة الجديدة التي رافقت تصعيد العدوان العسكري وتشديد الحصار البري والبحري والجوي من خلال إعلان الناطق باسم تحالف الشر الأمريكي - البريطاني - الصهيوني - السعودي الإماراتي إغلاق كافة المنافذ اليمنية.. وهو ما يجعل أي مراقب أو محلل سياسي يستنتج بسهولة أن حشر حزب الله وإيران بهذه الطريقة المكشوفة والمفضوحة يتم بشكل ممنهج ومدروس خدمة لأهداف الكيان الصهيوني الذي يعتبرهما عدوه اللدود، والأمر الذي يؤكد في جانب كبير منه أن هذه واحدة من نتائج زيارة »بن سلمان« للكيان الصهيوني، وأن حشر حزب الله وإيران بهذه الطريقة يندرج في إطار التنسيق بين الكيانين السعودي والصهيوني الذي تم خلال الزيارة.. وهذا ما يمكن إستنتاجه أيضاً من خلال قراءة سريعة لتطور آخر من التطورات التي تم رصدها عقب الزيارة، وهو التطور المتمثل في إستقالة رئيس الوزراء اللبناني »سعد الحريري« التي أعلنها من الرياض بشكل مفاجئ وغير متوقع.

ووفقاً لما تناقلته العديد من وسائل الإعلام حول الإستقالة يمكن استخلاص أن وصول »الحريري« إلى الرياض تم بناءً على استدعاء من »محمد بن سلمان«، وبعد وصوله تم تسليمه كلمة مكتوبة تتضمن إعلامه إستقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية وطُلب منه إلقائها عبر قناة »العربية« السعودية، كما تتضمن الكلمة إتهام إيران بالتدخل في الشئون الداخلية اللبنانية، وإتهام حزب الله بتهديد أمن لبنان والمنطقة، وهو ما يعني بوضوح أن حشر إيران وحزب الله في استقالة الحريري بهذه الطريقة المفضوحة والمكشوفة لا يختلف عن حشرهما في تبرير استمرار الحرب العدوانية الظالمة على اليمن وإغلاق كافة منافذها البرية والبحرية والجوية .. وبعبارة أخرى يمكن القول أن التطوير الأول والثاني يسيران في إتجاه واحد ويرتبطان ببعضهما، وبالتالي يمكن بسهولة استنتاج أنهما يندرجان في إطار النتائج التي ترتبت على زيارة »بن سلمان« لكيان الاحتلال، وفي إطار التنسيق بين الكيانين السعودي والصهيوني الذي تم خلالها.

وهنا يبرز السؤال:-

ماهي الفائدة التي ستعود على »محمد بن سلمان« من وراء التنسيق المدمر الذي يستهدف ليس اليمن ولبنان وحدهما وإنما يستهدف الأمة العربية والإسلامية وشعوبها لمصلحة الكيان الصهيوني ويخدم المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة الذي يهدف كما بات معروفاً إلى تجزئتها وتمزيقها وتحويلها إلى كيانات هشة وكانتونات صغيرة وضعيفة تتقاتل شعوبها في ما بينها على أسس عرقية ومذهبية وطائفية ؟؟

والإجابة عن هذا السؤال يمكن استخلاصها من التطور الثالث الذي تم رصده عقب زيارة بن سلمان للكيان الصهيوني .. وهو التطور المتمثل في حملة التصفيات السياسية وموجة الاعتقالات ومصادرة الأرصدة والأموال التي طالت العديد من الأمراء والوزراء والمسئولين الحاليين والسابقين ورجال المال والأعمال من قبل ولي العهد »محمد بن سلمان« والتي يُجمع المراقبون والمحللون السياسيون على أنها جاءت بهدف تعبيد الطريق له وإفساحها أمامه للوصول إلى العرش.. كما يجمع المراقبون والمحللون أيضاً على أن ما قام به »بن سلمان« على هذا الصعيد ما كان له أن يقوم به أو يُقدم عليه إلا بضوء أخضر وموافقة مسبقة بل ودعم وتأييد أمريكي .. كما أن الضوء الأخضر والموافقة والدعم والتأييد الأمريكي ما كان له أن يتم إلا بطلب صهيوني الأمر الذي يعني بوضوح أن الوصول إلى العرش هو الثمن أو الفائدة التي ستعود على محمد بن سلمان من وراء هذا التنسيق المدمر بينه وبين الكيان الصهيوني، وكذا من وراء إرتمائه بهذا الشكل غير المسبوق في الحضن الأمريكي وقيامه بتسخير نفسه وتسخير المليارات من أموال الأمة وثرواتها لخدمة واشنطن وتل أبيب وتنفيذ مخططاتهما ومشاريعهما التدميرية التي تستهدف الأمة وشعوبها وبلدانها.

ويرى العديد من المراقبين والمحللين السياسيين المتابعين للمشهد عن قرب أن ما دفع الكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة إلى هذا المستوى من التنسيق مع »محمد بن سلمان« وإغرائه بمساعدته وتعبيد الطريق أمامه للوصول إلى العرش خلفاً لوالده الذي يعاني من مرض الزهايمر ولم يعد قادراً على إدراك ما يجري حوله مقابل قيامه بتنفيذ ما تطلب منه واشنطن وتل أبيب هو الإنتصارات المهمة والإستراتيجية التي تحققت في سوريا والعراق على العصابات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة التي لم يعد خافياً على أحد أنها تمثل الذراع الأمريكية – الصهيونية في المنطقة بل والعالم.

ويضاف إلى تلك الإنتصارات المهمة والاستراتيجية فشل الحرب العدوانية على اليمن التي لم يعد سراً أنها حرب أمريكية – صهيونية بامتياز بكل تفاصيلها يلعب فيها حكام مملكة قرن الشيطان السعودية وعلى رأسهم »محمد بن سلمان« ودويلة الإمارات وعلى رأسهم محمد بن زايد دور حصان طراودة الذي يركبه الأمريكي والصهيوني في شن الحرب وتمويلها والإنفاق عليها.

ومما يعزز هذه الرؤية ويؤكدها بصورة أو بأخرى ما يصدر بين الحين والآخر من داخل الكيان الصهيوني نفسه سواء على لسان المسئولين الصهاينة أو في الأخبار والمقالات التي تنشرها وتبثها وسائل الإعلام الصهيونية ومن ذلك على سبيل المثال ما نشرته صحيفة »إسرائيل اليوم« الصهيونية يوم الخميس الـ9 من شهر نوفمبر الجاري تحت عنوان: »نتائج المعركة في اليمن تحدد مصير المنطقة« للكاتب الصهيوني »شاؤول شاي« الذي اعترف من حيث يدري أو لا يدري بأن أحد الأهداف الحقيقية للحرب العدوانية على بلادنا هي السيطرة على مضيق باب المندب .. وذلك من خلال قوله:

»إن أهم أهداف الحرب على اليمن هو السيطرة على مضيق باب المندب .. وسيكون لنتائج المعركة في اليمن آثار بعيدة المدى على مستقبل المنطقة كلها، والمطلوب المزيد من التدخل الأمريكي لإيقاف الهيمنة الإيرانية« على حد قول الكاتب الصهيوني.

ومن ذلك على سبيل المثال أيضاً ترحيب وزير البناء والإسكان في حكومة العدو الصهيوني وقائد المنطقة الجنوبية الأسبق الجنرال »غرينت« بما أسماه الموقف السعودي ضد إيران وحزب الله وقال في صفحته على شبكة الإنتنرت:

»إن إيران هي مصدر الشر في الشرق الأوسط وأن السعوديين أدركوا ذلك فالتوتر الحالي حقيقي، ونأمل بأن تكون هذه الخطوات بداية للتحول الذي نترقبه في العالم العربي« .. وتابع الوزير الصهيوني يقول:

»أُهنئ السعودية على موقفها الحازم ضد مُثيري الإرهاب« حسب تعبيره.

ومن ذلك أيضاً على سبيل المثال كشف القناة التلفزيونية العاشرة الصهيونية عن وثيقة سرية وصفتها بغير المسبوقة صادرة عن وزارة الخارجية الصهيونية »في نوفمبر الجاري 2017م« تحث سفراء الكيان الصهيوني على دعم موقف السعودية في حربها العدوانية على اليمن .. وتحدثت الوثيقة عن شن حملة دبلوماسية على ما أسمته »التمدد الشيعي« في المنطقة وإقناع قادة العالم بمنع دمج حزب الله في أي حكومة لبنانية مستقبلية .. وتحمل الوثيقة الصادرة عن المدير العام لوزارة خارجية العدو الصهيوني تحذيراً للسعودية مما أسمته »مغبة التهاون في مواجهة إيران«، كما تشدد على أن »استقالة سعد الحريري والأسباب التي أدت إليها تبرز الطبيعة التدميرية لإيران وحزب الله وخطرهما المدمر على لبنان والمنطقة« بحسب ما جاء في الوثيقة.

من كل ما سبق حتى من خلال المفردات يتضح مستوى التنسيق بين الكيانين السعودي والصهيوني، كما يتضح الدور المرسوم لولي عهد مملكة قرن الشيطان السعودية محمد بن سلمان من قبل واشنطن وتل أبيب .. وهو الدور الذي أصبح واضحاً أنه يقوم به وهو معصوب العينين دون أي إدراك لعواقب الدور الذي يلعبه وتداعياته في الحاضر والمستقبل عليه شخصياً وعلى المملكة التي يسعى بقوة وبأي ثمن إلى أن يعتلي عرشها وعلى المنطقة برمتها .. وهذا ما تشير إليه الكثير من المعطيات والشواهد الحية على الأرض وفي مقدمتها الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد السعودي جراء إنفاق مئات المليارات على الحرب العدوانية الظالمة على اليمن حيث تؤكد التقارير الصادرة عن عدد من المؤسسات الاقتصادية أنه أصبح على حافة الإنهيار، إضافة إلى حالة الاضطراب وعدم الاستقرار التي تعيشها مملكة قرن الشيطان بشكل لم تشهد مثيلاً لها من قبل.. وهي الحالة التي تبدو بوضوح في التطورات التي شهدتها وتشهدها المنطقة الشرقية وفي الهزة العنيفة التي أحدثتها حملة التصفيات السياسية والاعتقالات ومصادرة الأموال التي قام بها »محمد بن سلمان« مؤخراً التي طالت من يوصفون بالرؤوس الكبيرة داخل أسرة بني سعود نفسها مثل »محمد بن نايف« و»متعب بن عبدالله« و»عبدالعزيز بن فهد« و»الوليد بن طلال« وغيرهم.

ومن المعطيات والشواهد الحية الأخرى لعدم إدراك »بن سلمان« لعواقب وتداعيات الدور الذي يلعبه إستمراره في انتهاج سياسة المكابرة والصلف والغرور في تصدره لواجهة الحرب العدوانية الظالمة على اليمن وتمويلها والإنفاق عليها، رغم الهزائم التي مُني بها جيشه والخسائر الفادحة التي تكبدها على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية طوال الأشهر الماضية حتى وصل وفقاً للعديد من الخبراء والمحللين العسكريين المحايدين إلى حافة الإنهيار الكامل، وهو ما بدا واضحاً من خلال جلب المرتزقة من كل مكان للقتال نيابة عنه في جبهات نجران وعسير وجيزان، وأيضاً رغم وصول الصواريخ الباليستية إلى قلب عاصمته الرياض والتي كان آخرها صاروخ »بركان إتش2« الذي  دك مطار الملك خالد مساء يوم السبت الـ4من شهر نوفمبر الجاري وجعل النظام السعودي وعلى رأسه »بن سلمان« يعيش حالة غير مسبوقة من التخبط والارتباك .. وبدلاً من مراجعة حساباته والبحث عن مخرج من المأزق الذي أوقع نفسه فيه بفعل تبعيته العمياء لواشنطن وتل أبيب هاهو يستمر في انتهاج هذه السياسة بكثير من الغباء ويسير معصوب العينين نحو الهاوية.. وهذا ما يبدو واضحاً من خلال الاندفاع الجنوني في معاداة إيران والسعي المتهور نحو الاصطدام معها ليس لشيء سوى الإنسياق وراء الموقف الصهيو – أمريكي من إيران والذي ينطلق كما هو معروف من الرفض الإيراني المعلن والمبديئ الاعتراف بالكيان الصهيوني واعتباره غدة سرطانية يجب استئصالها من جسد الأمة، واعتبار الولايات المتحدة الشيطان الأكبر الذي يدعم الكيان الصهيوني ويغذي الصراعات في العالم ويسعى للسيطرة عليه ونهب ثرواته بالقوة .. وهي سياسة مبدئية وثابتة منذ انتصار الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الراحل آية الله الخميني عام 1979م .. إضافة إلى قيام إيران بدعم فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني بشكل معلن وبكل وضوح ودون مواربة.. وبعبارة أخرى فإن هناك أسباب معروفة للموقف الصهيو – أمريكي المعادي لإيران في حين أنه لا يوجد سبب واحد معروف ومنطقي وراء الإندفاع السعودي الجنوني في معاداة إيران والسعي المتهور نحو الاصطدام معها رغم إجماع المراقبين السياسيين على أن هذا الاصطدام لو حدث بالفعل فإن المسئولين السعوديين لن يجدوا الوقت الكافي لرفع سماعة الهاتف للاتصال بالبيت الأبيض لطلب النجدة وفقاً لما صرح به ذات يوم وزير الدفاع والخارجية الأمريكي الأسبق »كولن باول« وهذا هو أحد المعطيات والشواهد الحية التي تشير بوضوح إلى أن »محمد بن سلمان« يسير معصوب العينيين نحو الهاوية وأنه لن يجني من وراء التنسيق مع الكيان الصهيوني سوى المزيد من الهزائم والخسائر على مختلف الأصعدة.