رابطة علماء اليمن تقيم ندوة بعنوان (الإمام الشافعي بين الحضور الفقهي والتغييب السياسي)

نشر بتاريخ: اثنين, 16/01/2017 - 10:16م

أقامت الرابطة ندوة فكرية صباح الإثنين بتاريخ 18- ربيع الآخر -1438هــــــ الموافق 16-يناير- 2017م بمحافظة الحديدة بعنوان ( الإمام الشافعي  -رضي الله عنه – بين الحضور الفقهي والتغييب السياسي) حضرها كوكبة من علماء ومفتي اليمن من الشافعية والزيدية و كثير من  الدعاة والخطباء من مختلف المديريات كما حضرها محافظ المحافظة حسن أحمد الهيج

وافتتحت الندوة بآيات من القرآن الكريم تلاها الشيخ المقرئ / عصام مهدي الدعبوش ثم ألقى محافظ المحافظة "حسن الهيج" كلمة رحب فيها بفضيلة العلماء الأجلاء الحاضرين من الخطباء والدعاة قائلا: «إن هذه الندوة تعقد في ظرف استثنائي وعدوان عالمي ظالم وحصار بري وبحري وجوي للشعب اليمني» مشيراً في كلمته إلى شخصية الإمام الشافعي وما له من مكانة علمية وإسهام في مجال الفقه والتفسير واللغة والأدب.

كما دعى المحافظ في كلمته الترحيبية فضيلة العلماء والخطباء والدعاة إلى بيان حقيقة العدوان على الشعب اليمني وكشف خلفياته وأسبابه الحقيقية وأشار إلى ما قدمته قيادة الثورة من تنازلات ومبادرات من أجل الصلح وحقن الدماء وإيقاف الحرب وأن الطرف الأخر رفض كل ذلك وقابل كل المبادرات والتنازلات بكل غطرسة وكبر وعنجهية.

واختتم المحافظ كلمته الترحيبية بدعوة العلماء إلى تعزيز الوحدة الداخلية والمحافظة على النسيج الاجتماعي من خلال جمع الكلمة وتوحيد الصفوف ورأب الصدع لما لهذا من أهمية كبيرة في مواجهة العدوان الخارجي الذي يسعى لتحقيق أهدافه الظالمة والعدوانية بأي ثمن كان كما دعى إلى توحيد الخطاب الديني من أجل ربط الأمة اليمانية بتاريخها  وتعريف العالم بمخلفات العدوان على اليمن.

متمنيا في ختام كلمته للندوة النجاح والخروج بالأهداف المرجوة وبالقرارات والتوصيات التي تنسجم مع عنوان الندوة.

وبعد كلمة الترحيب استمع الحاضرون إلى كلمة مفتي محافظة الحديدة فضيلة الشيخ العلامة/ محمد يحي مرعي والتي ألقاها بالنيابة عنه فضيلة "الشيخ علي عضابي كبير"

قال فيها: إننا اليوم نقف أمام شخصية عظيمة, وعلم من أعلام الأمة الإسلامية، والواجب على الأمة الإسلامية الارتباط بأعلامها والارتباط بالأعلام علامة الاستقامة على منهج السلف الصالح لولا ارتباط الصحابة الكرام بنبيها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لذهبت أو لتشتت الأمة الإسلامية وانتهت .

مشيرا إلى أهمية ارتباط الخلف بالسلف وارتباط الأمة بأعلامها من العلماء المشهود لهم بالعلم والورع والزهد و المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن البديل عن الارتباط بالأعلام هو الارتباط يالشيطان والوقوع في الأهواء وأن قضية الارتباط منصوص عليها في القرآن القائل: واعتصموا بحبل الله.

كما نوه بالمكانة الرفيعة التي تحظى به شخصية الإمام الشافعي والذي كان من أسباب شهرته واحترامه في العالم العربي والإسلامي ما تميز به من الوسطية والاعتدال والقبول بالآخر كما تؤكد مؤلفاته والتي منها كتاب "الرسالة" الذي نص على القبول بالآخر المخالف وذكر أن الإمام الشافعي والإمام زيد والإمام أبو حنيفة والإمام جعفر كل هؤلاء تخرجوا من مدرسة واحدة هي مدرسة الإسلام

متمنيا في ختام كلمته للجميع التوفيق والخروج من هذه الندوة بما فيه المنفعة والمصلحة للإسلام والمسلمين سائلا الله تعالى أن يجمع شمل المسلمين.

وبعد الكلمتين عرضت أوراق الندوة الثلاث حيث قام فضيلة الشيخ العلامة / منصور علي واصل بعرض الورقة الأولى بعنوان : «لمحة عن حياة الإمام» استعرض فيها بعض الملامح الهامة عن حياة الإمام الشافعي قائلاً:  الحمد لله القائل: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم} وصلى الله على سيدنا محمد وآله المنزل فيهم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}وصحبه الذين قال الله فيهم: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ  وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ  وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} فهم الهادون لطرق الحق واختلافهم في الفهم والفرعيات اجتهاد منهم لا تفاقهم على الأصول فهم مقتدون بالأنبياء والمرسلين واتباع المرسلين {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ} وقد صبروا حتى جعلهم الله أئمة هدى و{جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}.

نماذج قدوة في الزهد والعلم والحكمة عكس الذين كانوا دعاة للشر والفتنة {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُون}.

 أما الأئمة الأعلام فهم نجوم يهتدى بهم في الليالي الخوالي ولفقهههم وإرشادهم يأتي النصر قال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَاد} وأئمة الفقه المعتبرون لمدة أربعة عشر قرناً لم يصطدموا بآراء بعضهم البعض ولم يؤدبهم الخلاف الفقهي إلى خصام أو قتال وقد ذكرهم الإمام المهدي العلامة الفذ في كتابه البحر الزخار  الجامع لمذاهب علماء الأمصار إلى ما يزيد على مائة وعشرين مذهباً.

وذكر في ورقته أشهر الأئمة الأعلام وهم :

  1. الأئمة الإمام زيد بن علي رضي الله عنه.
  2. الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه.
  3. الإمام مالك بن أنس رضي عنه عنه بن أبي عامر الأصبحي اليعربي القحطاني الحميري اليمني.
  4. الإمام الشافعي رضي الله عنه يلتقي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جده مناف.

مشيرا إلى الدور الرسالي الذي اضطلع به هؤلاء الأئمة في نشر العلم ومواجهة الظلمة قائلاً: «فكلهم أدوا رسالة العلم بأحسن وجه وأفضل طريقة وماتوا على الفراش إلا الإمام زيد فقد مات شهيداً وعمره في الثانية والأربعين في2صفر عام 122هـ ».

منوها في ورقته القيمة إلى العلاقة القوية للإمام بأهل البيت وإعلانه المودة لهم مستشهدا بالأبيات المشهورة للإمام الشافعي التي يقول فيها :

يا راكباً قف بالمحصب من منى  منى
 

 

واهتف بقاعد خيفها والناهضِ
 

سحراً إذا فاض الجميع إلى منى
 

 

فيضا كملتطم الفراتِ الفائض
 

إن كان رفضاً حبُّ آل محمد
 

 

فليشهد الثقلان أني رافضي
 

 

واختتمت الورقة بخلاصة للشيخ منصور واصل  قال فيها :

فقد عاش علماء الإسلام قروناً متتالية وهم أمة واحدة، والشعوب أمة واحدة لأنهم تربوا على الألفة والمحبة والوسطية بأيدلوجية تجمع ولا تفرق، وتغرس المحبة والشعور بالمسئولية أمام الله.

وذكر مواقف لكل من الأئمة (زيد – ومالك- وأبو حنيفة- وأحمد – والشافعي) تدل على سعة أفقهم وحرصهم وكل أتباعهم المحقون المهتدون على الوحدة والألفة والمحبة والسلام.

ثم ألقى الشيخ العلامة / عبد حشيبري الورقة الثانية بعنوان (التعايش المذهبي في اليمن بين الزيدية والشافعية)  والتي عبر فيها عن نعمة التعايش بين أبناء اليمن من الزيدية والشافعية قائلا: نحن في اليمن كتب الله لنا أن نكون بين مذهبين المذهب الزيدي هذا المذهب العظيم الذي يريد البعض أن يجعل منه مذهبا شيعيا متطرفا حاشاه من ذلك .

فتقديم الزيدية للإمام علي ليس بالجديد ولا يصح أن تتهم الزيدية بسبب ذلك بالغلو أو التطرف فقد كان بعض الصحابة يقدمون الإمام عليا على الصحابة

وذكر أن بعض علماء السنة من الشافعية يقول بأفضلية الإمام علي على باقي الصحابة فليس في هذا القول أو المسألة ما يدعوا لاتهام الزيدية بالتطرف او الغلو والرفض فهذا القول قد جاء في كتب السنة.

إلى أن قال : كان من حظ اليمن أيضا أن أعطاهم الله ورزقهم مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وهو أوسط المذاهب السنية وأعدلها وأقربها إلى آل البيت وتعرض إلى المحنة التي لاقها الإمام من ملوك بني العباس وأذيتهم له بسبب حبه وولاءه لأهل البيت حيث كان بعتبر تهمة تحاكم عليها السلطات الجائرة بالحبس والاعتقال والاستجواب من مصر إلى مصر كما حصل للإمام رحمه الله.

حشيبري: ورقته بالقول بأن التقارب بين الزيدية والشافعية كبير ... ومصادرهم مصادرنا المصادر الإجمالية والتفصيلية الكتاب والسنة والإجماع والقياس والسنن فيمن يقرأ كتب الزيدية سيجد أن مراجعهم – يقصد الزيدية – نفس مراجعنا.

وأشار إلى أن من حظ أهل اليمن وجود المذهبين الزيدي والشافعي اللذان يعتبران أنموذج في التعايش والتقارب والانسجام قائلا: كان من حظ أهل اليمن أن اعتنقوا مذهبين رئيسين هما المذهب الزيدي والشافعي ومازال أهل اليمن يستظلون تحتهما

وقال : لم يؤثر  في تاريخ اليمن أبدا أن قامت حرب بين الشافعية والزيدية أبدا وإنما وجدت حروب على مستوى النفوذ السياسي ...... لكن لم يرفع أحدهم في حربه على الآخر  شعارا دينيا لم يحارب الزيدية باسم زيد وتحارب الشافعية باسم الشافعي

وتطرق العلامة حشيبري إلى نماذج من التعايش الزيدي الشافعي والتي تتلخص بعض منها في تبادل الإجازات وفي تتلمذ بعضهم على بعض وثناء بعضهم على بعض وترجمة بعضهم لبعض فما من شافعي أو زيدي يؤلف في الطبقات والتأريخ إلا ويذكر ذلك بثناء عاطر

واستشهد العلامة حشيبري على مدى التآلف والتقارب التاريخي بين الزيدية والشافعية بكلام السيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان الأهدل رحمه الله تعالى الذي قال في تراجمه : علماء صنعاء ملائكة في صورة أناس ولا يعرف الحقيقة إلا من عرفهم الله يكثر من أمثالهم وينفع بهم الإسلام والمسلمين

وذكر أسماء كثيرة من عمالقة العلم من الزيدية والشافعية الذين تتلمذ بعضهم على بعض في تهامة وزبيد والحديدة وحضرموت وأكد أن أوضح شاهد ودليل على التعايش الزيدي الشافعي في العصر الحاضر المتمثل في الحضور في هذه الندوة التي يوجد فيها علماء الزيدية ومشائخ الشافعية وهذا مظهر من مظاهر التعايش.

وخاطب الحاضرين قائلاً: فأنتم تنقلون صورة قديمة وصورة جديدة ما زلنا عليها وينبغي أن نحافظ عليها و ينبغي  أن نعتز بها ولا نترك أبدا للمغرضين أبواق الإعلام المأجور الذين يريدون أن يصوروا للعالم هذه الحرب وهذا العدوان القائم الآن على اليمن بأنه حرب بين الشافعية والزيدية بين السنة والشيعة لا .... فالحرب لها أهدافها المعروفة والخفية ينبغي لنا نحن كطلاب علم شافعية وانتم كعلماء شافعية أن نحافظ على منهج الآباء وعلى منهج الاسلاف وعلى منهج المشائخ في أن نحافظ على هذا التراث العظيم وعلى التعايش الذي كان عليه آباؤنا وأن نقف سدًّا منيعاً أمام الخطر والمد السلفي الوهابي الذي يريد أن يفرق بين اليمنيين الذين وصفهم النبي بالعلم والفقه والحكمة.

واختتم ورقته ببعض التوصيات والتي أجملها بالدعوة إلى المحافظة على المدارس الفقهية حيث يعتبر الفقه الجانب العملي للإسلام داعيا المشائخ والعلماء إلى فتح بيوتهم لطلاب العلم

كما كان مشائخ الزيدية والشافعية الذين كانوا يدرسون في البيوت.

محذراً من الإنزلاق وراء الدعوات الكاذبة المأجورة التي تريد أن تسوق هذه الحرب على أنها طائفية.

وقام الدكتور علي محمد عضابي بإلقاء الورقة الثالثة بعنوان : نظرة الوهابية إلى الإمام الشافعي.

حيث استهل ورقته بالإشارة إلى مدى الاحترام والتفاهم بين الأئمة على مدى إحدى عشر قرناً إلى أن ولد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر  الهجري تحديداً في سنة 1115هــ .

وشذ عن طريقة آبائه وأجداده وشذ عن طريقة علماء الأمة جميعا ونشر آراءا ودعوة مخالفة لمنهج المسلمين بدعم من أعداء الأمة الإسلامية الذين تبنوا الدعوة الوهابية وحموها ونشروها

وسمحوا لها أن تنكل بالمسلمين وبأن تتطاول على الأئمة المجتهدين

مشيراً في ورقته على أن كتب الوهابية طافحة بالاعتقاد بأن المذاهب الإسلامية كلها بدعة ضلالة ما أنزل الله بها من سلطان

قائلا: كتبهم - يقصد الوهابية- مليئة بهذا كما يوجد في نقولاتهم  التي وصلت إلى حد تكفير من يقلد الأئمة المجتهدين ومنهم الإمام الشافعي رحمه الله معتبرا أن هذه النظرة والبدعة التي تصدى لها كثيراً من العلماء هي التي شقت عصى الإسلام والمسلمين وطعنت الإسلام في خاصرته وأرادت أن تبعد المسلمين عن منهج العلماء المتقين إلى مناهج العملاء المندسين.

منبها على أن الوهابية لم تستطع التضليل على الأمة  إلا بإبعادها عن الأئمة المجتهدين كالإمام زيد والشافعي قائلا: ولا يستطيعون أن يضللوا على الناس بفتاواهم الباطلة ومناهجهم المنحرفة إلا إذا أبعدوهم عن الإمام زيد وعن الإمام الشافعي وعن الإمام مالك وعن أبي حنيفة وعن الأئمة السائرين على منهجهم وقواعدهم.

فالوهابية طعنت في الأئمة ووصفتهم بأنهم صدوا الناس وصرفوهم عن الكتاب والسنة ووصفت الوهابية الأئمة بأوصاف لا يليق أن يوصف بها عالم ما بالك بالأئمة المجتهدين 

مستشهدا في كلامه بتطاول أحد المحدثين الوهابين المعاصرين وهو الألباني الذي تطاول على أبي حنيفة بما ينبئ عن الحقد والعداوة للأئمة.

وبعد الورقة الأخيرة ألقيت قصيدة للشاعر الأديب علي عبد الرحمن جحاف بعنوان في رحاب الإمام الشافعي ألقاها فضيلة الأمين العام لرابطة علماء اليمن السيد العلامة عبد السلام الوجيه.

واختتمت الندوة بكلمة رئيس رابطة علماء اليمن السيد العلامة المجتهد شمس الدين بن محمد شرف الدين.

الذي عبر في مستهلها عن شكره للحضور من أبناء الشافعية الذين حضروا الندوة التي تناولت شخصية الإمام الشافعي التي اعتبرها شخصية فذة وجامعة وموحدة وعالمة مقتدية بنبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وخاطب الإخوة الشافعية بالقول:  وليس غريبا عنكم ولا سيما وأنتم أتباع الإمام الشافعي الوسطية والاعتدال الذي عرفتم بهما وتميزتم بهما طيلة قرون من الزمن وهذا محسوب لكم والفضل كل الفضل للمتقدم الإمام الشافعي رحمة الله تعالى عليه.

وأكد رئيس الرابطة في ثنايا كلمته الدعوة إلى الارتباط بأعلام الامة والاقتداء بهم

وقال: ونحن في أمس الحاجة إلى أن نقتدي بأعلام هذه الأمة لأن أعلام هذه الأمة هم الذين مثلوا حقيقة الحق وحقيقة الاتباع للعلم الأول الأوحد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكلهم كان حريصاً كل الحرص على الاقتداء والاهتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ونبه إلى أنه مع مرور الزمن ظهرت أفكار جديدة لكنها بعيدة كل البعد عن منهج النبي وعن منهج من ينتسبون إليه من الأئمة الأربعة رضوان الله تعالى عليهم.

وأشار في كلمته إلى أن الإمام الشافعي كان رجلا وحدويا مستشهدا بما قام به الإمام الشافعي من جمع بين مدرسة الأثر الحجازية ومدرسة الرأي العراقية وتوحيد بينهما ومزج بين آراءهما.

وذكر أن الحظ قد حالف الإمام الشافعي عندما تتلمذ على يد الإمام مالك الملقب بإمام دار الهجرة الذي كان يمثل مدرسة الأثر وتتلمذ كذلك على يد العلامة: محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة الذي يمثل مدرسة الرأي  فقام الإمام الشافعي بالمزج بين القولين وكان حريصا كل الحرص على ان يوفق بينهما .

ولفت إلى أن كثرة العلم والمحفوظات ليست ميزاناً للإيمان في ذاتها حيث قال: الكثير من الناس برزوا في العلم وبلغوا مبلغا عظيما فيه، حفظوا المتون والقصائدـ حفظوا القرآن، حفظوا السنة، لكن مسألة الحفظ ليست هي الميزان في تعديل الشخص وتعظيمه ورفع شأن الشخص أبدا فالذي رفع من قدر أبي حنيفة ومن قدر مالك بن أنس ومن قدر الإمام الشافعي ومن قدر أحمد بن حنبل أنهم أعملوا حقيقة الإعمال لنصوص القرآن وسنة سيد ولد عدنان محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ونبه الحاضرين إلى أن عجلة الابتلاء الإلهي تدور وأن النص القرآني واضح في هذا المجال قال عز من قائل: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.

أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }.

والابتلاء هو سنة الله في إيجاد هذا الوجود الذي نحن فيه لا شك في ذلك وهذا ما فقهه أئمة المذاهب الأربعة كما فقهه تماما أئمة أهل البيت الأطهار رضوان الله عليهم .

مبينا في كلمته أن لب الدين وأصله هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  ولا مناص من التهرب عن القيام بهذه المسؤولية قال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ، تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}.

ومما قاله العلامة شمس الدين: عندما تجد العالم وهو يداهن الوالي الظالم والفاجر والفاسق الذي يشرب الخمر ويأكل حقوق الناس بالباطل ويفرق بين جماعة المسلمين ويبث الشحناء والبغضاء والاحقاد والسموم ينفثها في صدورهم يوما بعد يوم عن طريق آلته الإعلامية سواء كانوا خطباء أو شعراء أو أدباء عندما يبقى العالم ساكتا بعيدا كل البعد عن قضايا الأمة هذا ليس بعالم وإن كان يحفظ الأحاديث وإن كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب لأن ما حفظه مجرد حجة عليه لا له.

وتساءل في كلمته قائلا: ماذا عمل أبو حنيفة عندما حدثت تلك المحنة التي نحن الآن نمر بمثلها تماما في عهد هشام بن عبد الملك وطغيانه وظلمه.

ما الذي عمله إمامنا الأعظم أبو حنيفة رضوان الله تعالى عليه هل سكت ؟ هل قال كسرت سيفي ؟ هل قال هذا الأمر لا يعنيني  لا بل شبه خروج الإمام زيد بن على على هشام بن عبد الملك كخروج الرسول يوم بدر تشبيه ما بعده تشبيه يعني حق مطلق في مواجهة الشر المطلق.

ويكفي الإمام زيد دليلا على مشروعية خروجه مثل هذه الفتوى. هذا إذا افترضنا أن الأمر محتاج إلى فتوى وإلا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجود في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا يعني أن ما قام به أبو حنيفة هو مشروع كل الأئمة وهذا هو جوهر الإسلام.

فالأئمة لم يكونوا بمنأى عن واقع الأمة وقضاياها ولم يرتفعوا إلى المكان العظيم ويحوزوا الشرف في حياتهم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتضحية كما  كان حال وديدين شيخ الشافعي الإمام مالك الذي أبطل بيعة أبي جعفر المنصور وأسقط شرعية حكمه وأفتى ألا بيعة على مكره مؤيدا شرعية الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية .

وأكد السيد العلامة شمس الدين على أهمية أن يتحلى العلماء بالشجاعة لأنهم أقرب الناس فهما لمراد الله ومعرفة مراد الله وأخشى الناس لله سبحانه وتعالى قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فجوهر وأصل كل مذهب من مذاهب المسلمين يدعوهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديم خشية الله تعالى على كل خشية ومهما كانت الألقاب والمسميات من سلفية وصوفية وزيدية وكلها لا تقر الظلمة على ظلمهم.