حوار مع السيد العلامة / محمد بن علي المنصور

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 10/01/2017 - 9:29ص

السيد العلامة / محمد بن علي المنصور أحد علماء اليمن الميمون ومراجعه العلمية المرموقة والمشهورة على مستوى اليمن والخليج الذي كان وما زال يقصده كثير من العلماء وطلاب العلم من جميع المذاهب وشتى التيارات الإسلامية طلبا للإجازة والحصول على السند العلمي منه فيما درسه من العلوم الشرعية في يمن الفقه والحكمة.

 تلتقي به مجلة الاعتصام لعددها الثالث عشر والحرب الظالمة المفروضة على اليمن والحصار الخانق يدخل شهره العشرين مستهدفاً اليمن أرضا وإنسانا، لا يرحم صغاراً أو كباراً، ولا يميز بين صالة عزاء أو قاعة عرس أو مدرسة أو سوق أو مصنع، فإلى هذا الحوار الذي أُجري معه وهو يعاني آلام  وأوجاع المرض لكنه في ظل هذه المرحلة الدقيقة أبى إلا البيان براءة للذمة.

فنرحب بفضيلته ونشكره على تلبية طلبنا لإجراء هذا الحوار سائلين الله تعالى أنْ يكتبه في صحائف حسناته وأن ينفع بعلمه يمننا وأمتنا.


بداية : لو عرضتم للقارئ الكريم خلاصة عن حاتكم العلمية المباركة؟

السيرة الذاتية بتصرف واختصار من مقدمة كتابه توصية الولاة وتذكرة القضاة

نسبه:

هو العلامة المحقق المجتهد/ محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبدالله بن أحمد بن علي بن أحمد بن المنصور بالله الحسين بن القاسم بن المؤيد بالله محمد بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وينتهي نسبه إلى الحسن السبط ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، من بيت شُيّد على أسس الزهد والتقوى ومن شجرة قد ضربت بجذورها في العلم والكمال.

مولده ونشأته وقراءته:

ولد حفظه الله، في قرية البكرين من قرى الأهنوم غربي المدان في 12 شهر رمضان سنة 1351هـ ، ونشأ في حجر والده العلامة علي بن محمد المنصور –رحمه الله تعالى- ، وقرأ عليه القرآن والمتون العلمية الأزهار والمواريث والأساس في أصول الدين، وكافية ابن الحاجب، وملحة الإعراب، ومقدمة الجزري، وغاية السؤل في علم الأصول، وفي الرابعة عشرة سنة من عمره انتقل إلى هجرة معمرة، فقرأ على عدد من الشيوخ فيها، وقرأ على شيخ الشيوخ العلامة أحمد بن قاسم الشمط –رحمه الله تعالى- في شرح الأزهار والأساس والمواريث، ومؤلفاته، وقرأ على العلامة مطهر بن يحىى الكحلاني –رحمه الله- في علم البلاغة والنحو والفقه والحديث، وقرأ في جامع المدان على شيخ الإسلام عباس بن أحمد بن إبراهيم –رحمه الله- في الحديث ومصطلح الحديث، وبعد وفاة المشائخ الأعلام في معمرة والمدان انتقل إلى هجرة علمان في الأهنوم، فقرأ على الشيخ العلامة محمد يحيى قطران –رحمه الله- الحديث والتفسير، والمنطق والفقه، وقرأ على العلامة الرباني يحيى بن يحيى الأشول –رحمه الله- في الحديث والتفسير وإيثار الحق على الخلق، وله سماعات وإجازات من عدة شيوخ جمعهم بتراجمهم في منظومته اللآلئ لسند العلوم بالطريق العالي وشرحها، ونسخ بخطه الجميل عدداً من الكتب ومن مؤلفات بعض مشائخه.

مؤلفاته:

له –حفظه الله- مؤلفات ورسائل وبحوث منها:

  1. تحفة الإخوان بقواعد النحو والتصريف والمعاني والبيان.
  2. منظومة اللآلئ في إسناد العلوم بالطريق العالي وشرحها.
  3. النفحات المسكية في براءة الزيدية من بدع الروافض والخوارج.
  4. توصية القضاة وتذكرة الولاة.

أعماله:

عُيِّن في سنة 1378 هـ مديراً للمدرسة العلمية بهجرة علمان الأهنوم إلى جانب قيامه بالتدريس فيها، واستمر حتى قيام الثورة 26 سبتمبر سنة 1962م، وفي سنة 1972م عُيِّن مديراً لمعاهد قضاء شهارة الأهنوم وحبور ظليمة، واستمر مديراً للمعاهد التعليمية في الأهنوم حتى عام 1990م.

وهو إلى جانب عمله يقوم بالتدريس في البيت والمسجد، وفي عام 1992م دُعي للتدريس في قسم الدراسات العليا بالمعهد العالي للقضاء إلى سنة 1431هـ ، جمع بين العلم والعمل، والفضل والورع، والزهد والتقوى، والتحقيق والتدقيق، في جميع العلوم العربية والإسلامية، خصوصاً في الأصول والفقه والمواريث، والتفسير والحديث، والنحو والصرف، وعلوم البلاغة، وهو من العلماء الثابتين الذين لا تزلزلهم الحوادث، ولا يتغيرون بتقلباتها.

ولم يزل عاكفاً على التدريس والإفتاء والإفادة ليلاً ونهاراً بهمة ونشاط، وتواضع جم، وكرم أخلاق، وخشية لله تعالى.

بارك الله في أيامه، وأعوامه، وزاده فيما أولاه من إفضاله، ونفع بعلمه.

بقلم/ شرف محمد علي المنصور 


س: فضيلة العلامة : أنتم في نظر  الحبيب المصطفى والشعوب ورثة الأنبياء وأمناء الرسالة  المبلغون لها بلا خشية من أحد إلا الله كما قال الله تعالى في كتابه والأنبياء – عليهم السلام- أرسلوا رحمة للعالمين : فأين العلماء الرحماء بالأمة الحريصون على حفظ الدماء والأموال والأعراض والضروريات الخمس؟ أين صوتهم وفتاواهم وتبيينهم -أمام دعاة الفتنة والاقتتال ومشعلي الحروب ومؤيدي العدوان ؟

ج: الواجب على العلماء أن يكونوا كما وصفهم الله تعالى في قوله: ا(لَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا) .

وكما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «العلماء ورثة الأنبياء» وكما كان الأنبياء رحمة للأمة وفرجاً لها من كل كربة ومنقذين لها من كل مهلكة، قال تعالى في حق نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين﴾ وقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾ .

فالواجب على كل عالم مقتدٍ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومتبعٍ لشرعه أنْ يكون حريصاً على حقن دماء الناس وحفظ أموالهم وأعراضهم والمحافظة على الضروريات الخمس في الأمة، وأنْ يبين للناس الحق من الباطل عند الفتن والحروب لاسيما إذا كانت بين المسلمين عملاً بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾ وقوله عزوجل ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾.

فالواجب على العلماء أن يكونوا في مقدمة من يعمل بهذه الآيات القرآنية الصريحة المحكمة والداعين إليها لما أوجب الله عليهم في قوله عزوجل ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾.


س: كيف يستطيع المسلم التمييز بين علماء الحق الرحماء بالأمة وعلماء الباطل القساة الجفاة؟

ج: يستطيع المسلم التمييز بين علماء الحق الرحماء بالأمة من علماء الباطل.

بأن علماء الحق هم من اتصف بالصفات المذكورة آنفاً في جواب السؤال الأول من الرحمة والحرص على حقن الدماء وإصلاح أحوال الناس وبيان الحق لهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إضافة إلى تقوى الله عزوجل والخوف منه والخشية له، فمن خالف تلك الصفات أو تخلى عنها فهو من علماء السوء.

وأن من أشد المنكرات وأعظمها القتل والاستهانة بدماء المسلمين، فاستباحة شعب وقتل أبنائه رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً وسفك دمائهم وهدم بيوتهم ومساجدهم  ومدارسهم وتخريب طرقهم ومزارعهم ومصانعهم ومحاصرتهم براً وبحراً وجواً منكر منكر، فمن لم يرى ذلك منكراً فليتهم نفسه وليراجع دينه.

فإن معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد فمن لم يعرفه هلك.


س: ما هي المحاذير التي يجب على المفتي والداعية أو الخطيب أن يراعيها ويوليها اهتماما قبل إصداره للفتوى والبيان أو الحكم؟

ج: الواجب على المفتي والداعية والخطيب التبين والتأني والتثبت والسماع من كل طرف حتى تبين له الحق فينصره والباطل فيخذله لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين) فمن تسرع من هؤلاء الثلاثة بفتواه أو دعوته وخطبته من غير تبين وتحقق كان عمله فتنة وكارثة يتحمل وزرها وأوزار ما ترتب عليها إلى يوم القيامة.

ونعوذ بالله إذا ترتب على الفتوى سفك دماء وفتن شعواء قال صلى الله عليه وآله وسلم «من سَنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».


س: هـل كل العلماء لحومهم مسمومة وهل يمكن أو يعقل أن يصير بعضا منهم سما وكيف؟

ج: العلماء العاملون بعلمهم الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر المقتدون برسول الله الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم لا شك أن لحومهم مسمومة كما ورد في الحديث «لحوم العلماء مسمومة» ومن كان عمله بخلاف ذلك فلا شك أنه هو وعمله شرٌ كبير على الأمة، وقد ضرب الله أمثلة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين﴾ إلى قوله تعالى:(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث).

فنسأل الله السلامة من الانخراط في هذا الصنف.


س: ما جوابكم على من يزعم أن في اليمن مجوسا ورافضة ومبتدعة ضلالا وقبوريين مرتدين يجب استتابتهم وعودتهم إلى التوحيد و منهج السلف الصالح كما يتقولون ويسمع عنهم؟

ج: من زعم أن في اليمن مجوساً ورافضة ومبتدعة فهذا من البَهْتِ الذي هو أشد الافتراء والبهتان الذي لا يمكن أن يصدر من مؤمن يخاف الله عزوجل فما بالك من عالم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُون﴾ وإنما  في اليمن رجال الإيمان والحكمة كما شهد لهم من لا ينطق عن الهوى في الحديث الصحيح، وكم وردت في اليمنيين واليمن من أحاديث صحيحة وغيرها تبلغ مبلغ التواتر لا يتسع المقام لسردها، وقد جمعها علماء في مؤلفات مستقلة.

وإذا وجد شذوذ مجانب للحق فليس بحجة على غيره فقد كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنافقون والقرآن ينزل فيهم وكانوا من أضر شيء على المسلمين ولما أشاروا عليه صلى الله عليه وآله وسلم بقتل رئيسهم عبدالله بن أُبي قال كيف يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فأطلق عليهم اسم أصحابه صلوات الله وسلامه عليه، فاليمن بحمد الله يمن الإيمان والفقه والحكمة على رغم أنف كل حاسد وحاقد ومعاند، فيه المذهب الزيدي والمذهب الشافعي، بينهم التآخي والتواد والمحبة والوئام، كلٌ يحترم الآخر ويصلون خلف بعضهم بعضاً، ويسمعون العلم ويستجيزون من بعضهم البعض منذ أكثر من ألف سنة.

ومن نصوص المذهب الزيدي الدالة على سماحته وبراءته مما يرميه به معادوه، الإمام في جماعة الصلاة حاكم أي أنه يقطع الخلاف، ومن نصوصه، لا إنكار في مختلف فيه، ولا تكفير ولا تفسيق إلا بدليل قطعي، وهذه كتبهم تدل على التسامح والتحري للحق، ولهم في تحصيل العلوم طريقان: طريق عن أهل البيت كالإمام زيد بن علي والهادي إلى الحق يحيى بن الحسين وجده القاسم الرسي والمؤيد بالله وأبي طالب عليهم السلام، والطريق الثانية: طريق المحدثين يقرؤون الأمهات الست والمسانيد كمسند الإمام أحمد وغيره، والمعاجم للطبراني، والشاهد على ذلك مؤلفاتهم.

هذا البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في القرن الثامن الهجري أتى بقول كل عالم ودليله من عصر الصحابة إلى زمنه، وهو مختصر من الانتصار للإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة في القرن السابع الهجري.

ولا يخفى ما في رمي المسلم بهذه الألفاظ الشنيعة كونهم مجوساً ومرتدين وقبوريين يجب استتابتهم أن ذلك رمي بالكفر، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» رواه مالك والبخاري ومسلم، وفي لفظ «من رمى مسلماً بالكفر فإن كان كما قال  وإلا حار عليه» البخاري ومسلم، ورمي المسلمين أيضاً بتلك الألفاظ سباب، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، والفاسق ظالم كما في الآية، وقد لعن الله في كتابه العزيز الظالمين والكاذبين فقال تعالى: (أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِين) وقال تعالى: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِين) فإذا كان الذي يسب المسلمين ويرميهم بتلك الألفاظ أو يكفرهم ممن يحفظ القرآن فقد جاء في الخبر (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ ).


س: يعتبر البعض أن العدوان على اليمن والتحالف - الموصوف بالعربي الإسلامي -هو تحالف بأمر الله وهو تحالف إسلامي مائة بالمئة وليس عدوانا كما يدعي البعض –هكذا يقول القائل- وأمنيته أن يستمر هذا التحالف حتى يحقق مقاصده الشرعية التي منها نصرة المظلوم ورد الباغي الصائل كما يقولون أو يتقولون ؟

فما جوابكم على هكذا كلام؟

ج: القول بأنه تحالف إسلامي وأنه رحمة من الله ونعمة ورحمة.

أقول: لو كان ذلك التحالف ضد أعداء الإسلام والمسلمين الذين يحاربون المسلمين ويقتلونهم ويحتلون أرضهم وينهبون خيراتهم.

أما تحالف يجمع فيه اليهود وهم أشد الناس عداوة للمؤمنين كما أخبر الله عزوجل بذلك ويجمع فيه النصارى المحاربين على قتال المسلمين في بلدهم وفي بيوتهم ومساجدهم وأسواقهم وطرقاتهم ومحاصرتهم في أرضهم فمعاذ الله أن يكون ذلك من الإسلام في شيء بل هو تحالف آثم من أيده أو رضي به أو سكت راضياً به فهو شريك له في إثمه وجرائمه، لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ وقوله عزوجل (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم «لو أن أهل السماوات وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» رواه الترمذي وابن ماجة.

وفي رواية للطبراني في الصغير «لو أن أهل السماوات وأهل الأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعاً على وجوههم في النار».

ثم إن ذلك التحالف لا يجوز للمسلم أن يكون فيه ولا يرضى به لأنه تولٍ وموالاة لليهود والنصارى من دون المؤمنين، والله عزوجل يقول في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾.

وهو موالاة لليهود والنصارى في قتل المسلمين أطفالاً ونساءاً ومجتمعات، وصالات أفراح وأحزان، وهدم مساجدَ وبيوتٍ عامرةٍ، وقتلٍ لمجموعات صيادي الأسماك، وبغي وعدوان لم يعرف له مثيل في جاهلية ولا إسلام.

فأين الغيرة الإسلامية عند المؤيدين للعدوان والمتحالفين معه نعوذ بالله من ذلك ونبرأ إلى الله منه وحسبنا الله ونعم الوكيل.


س:  أصدرت ما يسمى بـــ هيئة علماء اليمن التابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح بيانا صارما حازما -عندما شعرت بالنوايا الغربية لاحتلال اليمن -  ناشدت فيه منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي واتحاد علماء المسلمين ودعتهم لتأييد الشعب اليمني والوقوف معه صفا واحدا ضد المؤامرات والتدخلات الخارجية.

فأين ذهب هذا البيان بعد أن وصل المحتلون إلى اليمن ؟ ولماذا غاب الصوت واختفى الغضب حول التدخل والاحتلال الأجنبي في اليمن ؟ وكيف تورطت كل هذه المسميات العلمائية كلها في إصدار بيانات مؤيدة تأييدا صريحا للحرب والعدوان على اليمن ؟ولم لم نر أو نسمع بيانات بهذه اللهجة والقوة والجرأة لإنقاذ الشعب الفلسطيني وتحرير الأقصى من ظلم و دنس الصهاينة؟

ج: نعم ذلك المحرر لا يزال في الأذهان والآن في حال تدخل أمريكا بالحرب والقتل والتدمير وأكثر القتلى أطفالاً ونساءً بالآلاف تغيرت أنظارهم وأيدوا هذا التحالف الظالم الآثم المشؤوم اتباعاً للهوى وإيثاراً للعاجلة على الآخرة، نسأل الله التوفيق وحسن الختام.


س: ما نصيحتكم أورسالتكم للعلماء والدعاة والخطباء والشخصيات والهيئات العلمائية والأفراد الذين تورطوا في هذا العدوان وركنوا إلى النظام السعودي وانخدعوا به؟

ج: نصيحتي للأخوة العلماء ولكل مؤمن ومؤمنة أن يتقوا الله تقوى تنجيهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة وأن يتذكر الجميع وقوفهم بين يدي الله ويعلموا أنه سائلهم عما كانوا يعملون وعن هذه الدماء التي تسفك ظلماً وعدواناً.

والواجب الأخص على العلماء في اليمن وغيره أن يجمعوا بين المتنازعين ويصلحوهم بما يطفئ نار الفتنة في اليمن وأن لا يتركوا المجال لليهود والنصارى ومن تعامل معهم من التحالف المشؤوم، فهذه فرصة أعداء الله أن يقتل -المسلمُ المسلمَ-  بمساعدة من يدعي الإسلام بماله وجنده، وقد قال الله تعالى في الكفار ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُون﴾  أي عهداً ولا حرمة، ولو أن الحرب بين الكفار وحدهم ما مكثت أسبوعاً إلا وقد أطفأوها وقضوا عليها كما شاهدنا ذلك.

فعلى العلماء السعي في إصلاح ذات البين فإن نجحوا فذلك المراد، وإن تمادى الباغون في بغيهم وعدوانهم، استعانوا بالله تعالى ودافعوا عن أرضهم وأعراضهم ودينهم والله معهم وناصرهم ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون﴾ .

ولا ينجو العلماء من المسؤولية إلا بعد المحاولة للإصلاح بجد وإخلاص سواء في اليمن أو السعودية ومصر والشام والعراق والخليج وليتميز المؤيد الحق من المعارض له، والله المستعان.


س:كيف يمكن أن يسهم العلماء في إيقاف هذه الحرب ونصرة الشعب اليمني ؟

ج: يكون إسهام العلماء أكثر من غيرهم بالتواصل فيما بينهم حتى يأثروا على دعاة الفتنة ويسعى الجميع في إصلاح ذات البين، فإذا أصلحوا صلح بهم المجتمع.


س: رسالتكم للمجاهدين المدافعين عن اليمن من أبناء الجيش واللجان الشعبية؟

ج: نصيحتي للجيش واللجان الشعبية المجاهدين المرابطين في الجبهات أن يستعينوا بالله في المدافعة عن أرضهم وأعراضهم ودينهم، بما آتاهم الله من قوة والله سبحانه وتعالى معهم، ومن كان الله معه فلن يغلب ولا يقهر وأن النصر آتٍ لابد منه، ومن قُتل فهو شهيد في أعلا الدرجات، ومن عاش سَعُدَ بالنصر إن شاء الله قريباً، وليكثروا ذكر الله والدعاء والله معهم، وعلى المسلمين الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله أن يعجل النصر المبين والله سميع قريب مجيب لمن دعاه، ناصر المظلومين والمستضعفين وهو لا يخلف الميعاد، فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب ومع العسر يسرا.