ملف عن حياة الفقيد السيد العلامة محمد بن محمد المنصور

نشر بتاريخ: أربعاء, 07/12/2016 - 10:17م

في وداع السيد العلامة المجتهد
محمد بن محمد المنصور

 بقلم : رئيس التحرير

يقف الإنسان حائرا مترددا وتأخذه هيبة المقال والمقام عندما يريد أن يكتب عن رجل عرف الله وأحبه وذاب فيه وصدق معه وأخلص له وسخر كل حياته ووظف كل طاقاته لله وللأمة فماذا عساه أن يكتب؟ وكيف يعبر عن مكنون صدره ومشاعره وهو يريد أن يعطي صاحب المشاعر الإنسانية والمدارك المعرفية والحكم الفلسفية والمناهج الأصولية حقه من التعريف والتوصيف لعالم وفيلسوف وسياسي وإداري من الطراز الأول عاش طيلة قرن من الزمان فكان له حضوره المعرفي وبيانه الفكري والفلسفي وردوده العميقة واللطيفة على ذوي البدع وحملة راية النصب ورادي المعاصي والذنوب إلى القضا والقدر من المجبرة والمرجئة .

تقف الكلمات وتحتبس العبارات خجلا ومهابة لمقام هذا الولي التقي والورع الزاهد و يعجز التعبير و يصعب الإفصاح عن هول الصدمة ومشاعر الأسى والغربة والحزن لفراق السيد العلامة شيخ الشيوخ وأستاذ أهل الرسوخ، وشاهد قرنٍ من الزمان كان نجمه اللامع، وبدره الساطع، والكهف والملجأ لطلاب العلوم.

 اعذرونا فنحن نقف أمام هامةٍ شامخة، وشخصية فذة كشخصية السيد العلامة المجتهد محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور، ، العابد، الذاكر، العالم الرباني، والمفكر الإسلامي، المرجع في مسائل العلم والمعرفة والشريعة، والفيصل في دقائق علوم العترة، وخلاصة قرنٍ من التجربة، والحنكة، والخبرة.

مثيله قلّ أن يجود به الزمان، وأن يسعفنا العصر والأوان، علماً، وأدباً، وورعاً، وعبادةً، وتواضعاً وبشاشةً، ورحمةً وشفقةً، وإحساناً ولطفاً، وصدقاً وإخلاصاً، وحركةً وعملاً، وجهاداً، وصبراً واحتمالاً.

لا نبالغ إن قلنا زين العابدين في عصره، وزينة العلماء في دهره، وسيد المتقين في سره وجهره.

السيد محمد بن محمد المنصور الذي فجعنا رحيله، وأوحشنا فراقه، عاش قرناً من الزمان (1333هـ - 7 ذي الحجة  1437هـــ) حافلاً بالأحداث والتقلبات العظام، فاعلاً ومؤثراً في الأنام.

ماذا عسى الإنسان أن يكتب عن سيرةٍ حافلةٍ بالعلم والعمل، والحركة والجهاد، والبذل والعطاء، لعل من أجمل ما قِيل عنه تلك الكلمات التي قالها المفكر العلامة الشيخ / حسن المالكي حيث يقول: (معظم سيرة العلامة محمد المنصور موجودة على الأرض في وثائق الإصلاح – بين الناس-، في بيوت الفقراء، في نصرة المظلومين، في ذاكرة بناة الأوطان، سيرته هناك، لا تحزنوا لضياع بعض سيرة العلامة المنصور العملية، فأفضل السيرة ما جهلها الناس وليس ما عرفوها، من دمعة سجودٍ، وإكرام يتيمٍ، وصبرٍ على مرض).

مائة وثلاث سنوات عاشها طفولةً وشباباً وكهولةً وقضى معظمها في كربة وغربة وأسىً ولوعة بعد أن فارقه الأتراب والأحباب والأهل والأصحاب ورحلوا عن الدنيا.

قرنٌ من الزمان عاش فيه طفولةً في الخمس الأولى من عمره بعد مولده بمدينة شهارة وفي بيت الدُور حيث كانت شهارة هجرة العلم الحافلة بالعلماء ومنهم والده وعمه وخاله.

خمس سنوات من طفولته كانت مطبوعة في ذاكرته ووجدانه طوال غربةٍ عاشها في النصف الأخير من عمره، كل ما هاج به الأسى يستعر الشوق والحنين إلى بيت الدُور أو دار الدُور، التي ولد فيها، وإلى من عاش في ظلهم ومعهم في تلك السنوات يحنُّ ويتغزل في الدُور بعد فراق الأحباب ورحيل الأتراب والأصحاب.

لَيْلَايَ أَنْتِ وَنُعْمَـانٌ وَذُو سَلَـمٍ

 

فَلْيَغْفِرِ الشِّعْرُ لِي تَكْرَارَ (يَا دُورُ)

كَمْ ذُقْتُ بَعْدَكِ مِنْ كَرْبٍ وَمِنْ تَعَبٍ

 

وَذَا عَلَى الظَّنِّ فِي مَغْنَاكِ مَحْظُورُ

 

من قصيدة (هذا وليدك يا دور) التي خاطب بها الدار بعد غياب عنها دام خمسة وستين عاماً، انظر (لوامع من خواطر شواسع) ص113.

غادر بعد الخمس مع أسرته مرغماً وخرج من شهارة مشدوداً إليها

لقد كان مكوث الأسرة في شهارة طارئاً وهروباً من بطش الأتراك حيث كانت أسرته من المجاهدين مع الإمام المنصور ثم مع الإمام يحيى، وآن وقت العودة إلى صنعاء بعد (صلح دعّان).

ومن شهارة إلى صنعاء، فذمار، فصنعاء، إلى يريم، إلى هجرة الذاري لطلب العلم، متنقلاً بحكم عمل والده محمد بن إسماعيل المنصور مع الإمام يحيى

سنوات من التنقل وطلب العلم في البلدان المذكورة آنفاً على يد أشهر وأكبر علماء عصره، استمرت حتى بعد زواجه وبلوغه الثلاثين من العمر، وقد ذكر في إجازته من شيوخه العشرات منهم: الإمام يحيى حميد الدين، والإمام أحمد يحيى حميد الدين، وارتبط بعلاقة وثيقة وكبيرة بأهم قادة عصره وبأسرة الإمام يحيى حميد الدين.

عمل مع الإمام يحيى كاتباً ، وعيّنه مساعداً للقاضي راغب وزير الخارجية آنذاك، يقوم بالرد على ما يرد من علماء ومراسلات الخارج، وكانت له علاقته المميزة مع الإمام يحيى وأبنائه ودوره المهم في أهم الأحداث في عهد الإمام يحيى، وكذلك في جمع كلمة أبنائه وسعيه الدائم في حل مشاكلهم العامة والخاصة، فقد أجمعوا على محبته والثقة به، كما كان له موقفه المتميز في أحداث عام 48م ووفائه المنقطع النضير للإمام يحيى بعد استشهاده عندما تخلى عنه الجميع، وهرب من تشييعه الكثير فحرص على المشاركة في جنازة الإمام يحيى والوقوف مع أولاده وأسرته حتى لو كلفه حياته،.

أما في عهد الإمام أحمد فقد كان له الدور المتميز حيث عين ناظراً للوصايا، كما عُين أحد حكام مقام الإمام وأحد كُتّابه، ثم وزيراً من وزراء الاتحاد بين اليمن ومصر، ثم رئيساً لهذا الاتحاد حتى أُلغي، وبعد قيام الثورة كانت تلك المناصب التي تقلدها كعضو في مجلس السيادة ووزير للعدل، ووزير للأوقاف، وعضو في مجلس الشعب التأسيسي، وفي لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وناظر للوصايا، ونائب لمفتي الجمهورية.

المقام يطول لو أردنا استعراض سيرته وأعماله العلمية والسياسية والاجتماعية والخيرية، فحياته عامرةٌ بالعمل، والعلم، والتواضع، وسماحة النفس، والسخاء، وبالجملة فهو كما وصفه مقدم كتابه (القضا والقدر) شخصيةٌ لا تستخفها الأحداث، بل يظل شامخاً كالجبل لا ينجر إلى الصراع ليؤيد فريقاً على فريق، بل يرى فيه المتصارعون متنفساً ومرجعاً للجميع، معترفين بأن ساحته نظيفة، ونفسه نقية، وهو مع ذلك شديد الذكاء، ومن غريب أمره أن الله نجاه طوال حياته من مزالق الاحتواءات مُنذ عمل مع الدولة في العهدين الإمامي والجمهوري.

حياة الفقيد لا تستوعبها صدورٌ أو عُجالات، فكم له من مواقف قبل الثورة وبعدها، ولكم سعى للحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي والوحدة والإخاء بين أبناء الأمة ، وعايش أهم الأحداث والتطورات إلى قيام الوحدة، ثم حرب الإنفصال، فالحروب الست الظالمة التي كان له موقف رافض لها ، كابد وعانى وجهر بكلمة الحق وبالمواقف الشجاعة وتعرض لصنوف الأذى وكان خير ناصح وموجه لحكام عصره حتى أقعده المرض ووافته المنية

المجال لا يتسع لاستعراض سيرته وحياته فهي خُلاصة تأريخ قرنٍ من الزمان بكل ما فيه من أحداث ومآسٍ وأفراحٍ وأتراح.

وفي ديوانه المطبوع (لوامع من خواطر شواسع) يمكن للقارئ أن يستخلص سيرةً حافلةً ناصعةً بكل جوانب العظمة في شخصيته، والأمل معقودٌ أن تُولي اللجنة الـمُشَكلة لإحياء سيرته وذكراه وإبراز مآثره ومناقبه وملامح شخصيته عنايتها في إصدار كتابٍ يليق ويستوعب امة في رجل ورجلا في أمة راجين أن تخرج سيرته إلى النور في أقرب وقت ممكن، وليعذرنا القارئ الكريم إن قصرنا في هذه العجالات التي استطعنا في غمرة المشاكل والأحداث والأحزان إعدادها في هذا العدد من المجلة.


♦ تشييع جثمان فقيد اليمن العلامة محمد بن محمد المنصور بصنعاء

في يوم الجمعة السابع من ذي الحجة للعام 1437هـ الموافق 9/سبتمبر/2016 شيع الوطن في موكب جنائزي مهيب بصنعاء جثمان فقيد اليمن فضيلة العلامة محمد بن محمد المنصور الذي وافاه الأجل فجر اليوم الجمعة عن عمر ناهز الـ 104 أعوام قضاها في خدمة الوطن.

وفي مراسم التشييع التي تقدمها عدد من أعضاء مجالس النواب والقائمين بأعمال الوزراء والشورى وعدد من العلماء والمشائخ والمسؤولين والقيادات العسكرية والأمنية وجمع غفير من المواطنين .. نوه المشيعون بإسهامات الفقيد العلامة المنصور في خدمة تعاليم الإسلام وتوضيح مقاصد الشريعة السامية وتعاليمها السمحاء .

وأشادوا بمناقب الفقيد العلامة المجتهد محمد بن محمد المنصور وتاريخه الحافل بالعمل والبذل وخدمة العلم والمليء بالمآثر والعطاء العلمي والسياسي والفكري ومكارم الأخلاق، حيث كان الفقيد رحمه الله واحدا من جهابذة العلماء الأجلاء المجتهدين الذي عرف بقول كلمة الحق وسعة علمه وإطلاعه وتدريس العلم والفقه وأصول الحديث للطلاب الذين توافدوا من كل أنحاء اليمن ليستفيدوا من علمه في العلوم الشرعية والفقه.

وأكد المشيعون أن الوطن برحيل الفقيد خسر واحدا من العلماء الذين أفنوا حياتهم في خدمة الإسلام، ودراسة علومه وفهم أحكامه وأصوله وفروعه واستنباطها من مصدرها الصحيح ، ومنبعها الصافي كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم .

والعلامة محمد بن محمد المنصور ولد في مديرية شهارة بمحافظة عمران في 8 جمادى الآخر سنة 1333هجرية الموافق 23 أبريل 1915م، ونشأ فيها ودرس العلم في مسجد التوفيق بالعاصمة صنعاء، على كثير من علماء صنعاء وذمار وتعلم في المدرسة العلمية.

تولى العلامة المنصور بعد قيام الثورة عضواً في مجلس السيادة ووزيراً للعدل, ثم وزيراً للأوقاف, وعضواً في المجلس التأسيسي (مجلس الشعب) وفي لجنة تقنين الشريعة الإسلامية , وبعد قيام الوحدة أسهم في تأسيس حزب الحق.

واصل فضيلة العلامة محمد بن محمد المنصور مشواره في الدرس والتدريس والإفتاء والتأليف حيث درًس كثير من الطلاب في الجامع الكبير ومسجد الفليحي ومسجد النهرين وفي مركز بدر العلمي والثقافي والذي يرأس المجلس الأعلى به, كما أقام دروساً في منزله.

وجمع فضيلة العلامة المنصور العديد من الكتب المخطوطة والمطبوعة فكوّن مكتبة تحتوي على الكثير من الكتب, وتعد من أكبر المكتبات الخاصة في اليمن, وقد سخرها في خدمة العلم وأهله، وله إسهامات شعرية تدل على أدبه وعلو مكانه ويغلب على شعره الزهديات, شأنه شأن العالم المجاهد التقي الورع .

وكان رئيس الهيئة الاستشارية العليا لرابطة علماء اليمن الراحل العلامة محمد بن محمد المنصور  ونعته العديد من الشخصيات الدينية والعلمائية والروابط الاسلامية والفكرية داخل اليمن وخارجه معتبرين وفاته فقدانا لقامة علمية أثرت المكتبة الإسلامية بمؤلفاته القيمة ومفنيا عمره في خدمة العلم والتعليم وخدمة الدين والأمة.

تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

" إنا لله وإنآ إليه راجعون " .


بيان نعي رابطة علماء اليمن بفاجعة وفاة السيد العلامة المجتهد محمد بن محمد المنصور

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله القائل {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) والقائل : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30( }

والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وآله الطاهرين وصحابته المنتجبين القائل (الأجر على قدر المصيبة، فمن أصيب بمصيبةٍ فليذكر مصيبته بي؛ فإنكم لن تصابوا بمثلي) والقائل صلى الله عليه وعلى آله وسلم (موت العالم مصيبة لا تجبر ، وثلمة لا تسد، وهو نجم طمس....).

وبعد بقلوب يعتصرها الألم وجو مشبع بالأحزان والأسى تنعي رابطة علماء اليمن للأمة العربية والإسلامية السيد العلامة المجتهد الرباني / محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور –رئيس الهيئة الاستشارية العليا لرابطة علماء اليمن رحمه الله تعالى والذي وافته المنية قبيل فجر يومنا هذا الجمعة الموافق 7/ ذو الحجة/ 1437هـــ الموافق 9/9/ 2016م عن عمر ناهز الرابعة بعد المائة قضى معظمه في خدمة الدين والوطن والأمة العربية والإسلامية .

إن وفاة مثل هذه القامة العلمية لهي بحق مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقد كان هذا العالم العابد الورع نجما من أنجم الاقتداء والاهتداء ومرجعية من مراجع الإفتاء للأمة الإسلامية كلها وليس لأهل اليمن فحسب فقد أثرى المكتبة الإسلامية بمؤلفاته القيمة وأفنى عمره في خدمة العلم والتعليم وخدمة الدين والأمة الإسلامية كما أسهم الفقيد الإسهام الكبير في نهضة اليمن الفكرية والتعليمية والمحافظة على أصالته وهويته من خلال مؤلفاته المشهورة و تدريسه للطلاب الذين بلغ بعضهم مرتبة الاجتهاد ومن خلال اهتمامه البالغ ورعايته المباشرة لطلاب العلم . وكان للفقيد الأثر العظيم في مجال تقنين الشريعة الإسلامية عندما كان عضوا في مجلس الشعب التأسيسي لقد أجمع على فضله الخاص والعام والقريب والبعيد والعدو قبل الصديق وكان محل تقدير الجميع بلغ مرتبة كبرى أهلته لأن يكون وزيرا للعدل والأوقاف وناظرا للوصايا فكان ذلك العالم الورع التقي والشخصية النزيهة التي حافظت على مقدرات الأوقاف وهيبة العدل وكانت له رسائله وبياناته المزلزلة لعروش الظالمين أبان حروب صعدة الست الظالمة التي دلت على أنه لم يكن يخش إلا الله في الوقت الذي كان الكثير يعيش حالة الخوف والرعب والمداهنة ورابطة علماء اليمن إذ تنعي الفقيد تتقدم إلى أسرة الفقيد و الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية بأحر التعازي والمواساة بفاجعة وفاة هذا العالم الرباني العابد الزاهد أحد علماء الأمة وعظماءها ونجوم الآل الكرام بعد تاريخ مشرق حافل بالعطاء والبذل في تبليغ رسالات الله وتعليم عباده وخدمة الأمة ومواساة المستضعفين ومقارعة المستكبرين ونفي تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وكشف حقيقة الحاقدين و تدعو الجهات المعنية إلى إحياء سيرة ومناقب هذا العالم وتبني طباعة مؤلفاته كونها تمثل حصانة لليمن والأمة من الغزو لها من الأفكار الدخيلة المدمرة كما تدعو إلى تشجيع طلاب العلم ودعمهم كما كان الفقيد حتى يتخرج العلماء والدعاة والخطباء الحاملون للفكر الأصيل الذي لا يُقَارُّ عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وان يخلفه على الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية باحسن خلافة وإنا لله وإنا إليه راجعون

صادر عن رابطة علماء اليمن

بتاريخ 7/ذي الحجة /1437هـــ

الموافق 9/9/2016م


لمحات من سيرة الفقيد العلامة محمد بن محمد المنصور بقلم العلامة/ محمد بن قائد الجراش

(من مقدمة ديوان الفقيد لوامع من خواطر شواسع بتصرف واختصار)

العلامة الأديب، والفهامة اللبيب، سيدي وشيخي من له في قلبي أعظم النصيب، وهو إلى قلبي وقلب كل المؤمنين حبيب، العالم الجسور، مولده بشهارة في البيت السعيد المسمى بـ ( الدور)، السيد محمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن مطهر بن إسماعيل بن يحيى بن الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد - ظللتهم سحائب الرحمة والسرور، من حاز المكارم، وسطّر بأخلاقه الكريمة أعظم الملاحم، تزول الرواسي ولا يزول، ولا يتزحزح عن عقيدته مع كثرة الإغراءات ولا يحول، عاش حياته متقلداً سلاح الكفاح، فاتخذ لنفسه مكاناً في أعلى ذرى النجاح، تقلبت به العصور، ولكنه عاش في ظلها كالأسد الهصور، عرفته تلك الأرض التي وضع عليها قدمه، فما أنكرت عليه يوماً شيمه ولا كرمه، عرفته الأرض بدمعه الغزير، وحبه لله العلي الكبير، عرفته تلك الأرض بخلق رقيق كالعبير، وروح شفّافةٍ كنور البدر المنير، قلب ينبض بالحب، ونفس سخية تجود بما لديها يوم الشدة والكرب، يأسرك بتواضعه، وتقف شاخصاً أمامه بجميل كلمه ومواعظه، يعامل طلابه كالأب الشفيق، بذلك الخلق الرفيع الرقيق، يزرع في قلوبهم كل جميل، ونفوس المحبين لروائع بيانه تميل.

وما أجدره بقول الشاعر الهبل -رحمه الله-

والله ما أخَّره ربُّنا

 

وهو لأرباب المعالي إمامْ

إلا لأن كان ختاما ً لهم

 

لله ما أحسن هذا الختامْ

 

المولد والنشأة :

ولِد - رحمه الله - بشهارة يوم الثامن من شهر جمادى الآخرة عام 1333ه‍، في منزل أسرته المسمى بـ (الدور)، ومنه رأى الطهارة والنور، فتعلق قلبه بشهارة، ولم ينس أيامها المليئة بالبراءة، وأرضها وسماءها فتغنى بجمالها وسحرها، وترنم بأهلها وجسرها، وعلمائها وفضلائها، وعُبَّادها وعظمائها، وظلها وأفيائها، وجوها وهوائها، وتأثر بشخصية الإمام القاسم -المدفون هناك- وجهاده، فمدحه بأعذب ما انطلق من إحساسه ووجدانه، حتى إذا بلغ - رحمه الله - الخامسة من عمره، هاجر من شهارة مع والده وأسرته، إلى مدينة صنعاء، تحوطهم رعاية رب الأرض والسماء، فتلقى فيها دروسه الأولية، من القرآن والأحاديث النبوية.

وكانت تظهر على ملامحه صفات الذكاء، وما انطوت عليه نفسه من نجابة وصفاء، يرتشف من والده -رحمه الله- الحنان، ويتعلم منه كل ما يتعلق بالإيمان، من حب للعبادة والمساجد، والمحافظة على الصلوات ولزوم طريق المحامد، لأن قلب الطفل كالأرض الخالية ما ألقي فيها قبلته، كما قال الإمام علي (ع)، فإذا رأى الطفل حياة الصالحين، وعيشة المخلصين، فهو بلا شك سوف يتأثر بأخلاقهم، ويقتدي بفعالهم، ويعيش حياتهم، ويكون عاشقاً لخِلالهم وصفاتهم، فبهذه الوسيلة تُزرع التقوى في قلوب الأطفال، وبهذه الطريقة تُبنى الأجيال، التي تصنع الحضارة، وتخرج الناس من حياة الذلة والمهانة، لا تطمع في الكثير، وترضى بالقليل اليسير، لا ترضى بغير النجاح، وتبتغي من ربها الفوز والفلاح.

فكانت حلقات العلم بالجد شاهدة له، مادحة ذكاءه وفضله، عرفته بأدبه، وعظيم تعلقه بالعلم وحُبِّه.

كان - رحمه الله - كثير الانتقال، بسبب أعمال والده والأشغال، وكان مع كثرة هذا التجوال، لا ينفك أبداً عن مواصلة دروسه في جميع الأحوال، وكانت أجمل أيام عمره، وأحفل أوقات دهره، هي هجرته إلى قرية الذاري عام 1348ه‍، وكان قد بلغ الثالثة عشرة من عمره الشريف، ولم يصل - رحمه الله - إلى هذا العمر إلا وقد حفظ القرآن وأجاد الرماية، وأتقن ركوب الخيل والسباحة، وكانت تلك الفترة أعظم ما في ذكرياته، وكان لها أكبر الأثر في حياته، فتعلق بالعلم أشد التعلق، وكانت الانطلاقة إلى طريق المجد والتألق، فلم ينس تلك الأيام، ولا دروسه عند مشائخه الأعلام، قد ألفوه و أَلِفَهُم، وأحبوه وأحبهم، فتخلق بأخلاقهم، واتصف بنبلهم ووفائهم، قد ذكر تلك الفترة في غُرر قصائده، بأعذب كلماته وفرائده، من صديق قريب، وشيخ جليل حبيب، وكان من أعز شيوخه على قلبه العلامة إسماعيل بن محمد العنسي -رحمه الله- فكان المعلم الرحيم، والشيخ الكريم، احتفى به المؤلف - رحمه الله - أشد الاحتفاء، وكان بالنسبة له نور الأرض والسماء، بالعلم صقل شخصيته، وبنى خُلُقه وسجيته، يكتب كتبه الدراسية بيديه، وينفق كل جهده وقوته ونور عينيه، لا يتعب ولا يسأم، ولا يضجر أو يتألم، بالعلم لذَّته، وبالمسائل العقلية الفكرية تسليته وتحفته، يتنافس مع زملائه، ويحظى بالفضل على أخلائه، زينته التقوى، وحليته حب الله عالم السر والنجوى، عاش السعادة، بظل الإيمان والزهادة، لم يكن له في الدنيا مطمع، بل طمعه في آيات الله تحل في قلبه والمسمع، تعددت هجراته، وتنوعت تنقلاته، وكثرت أماكن دراسته، وازدادت في حمى العلم أيام سعادته، كان له من المشائخ الكثير، فأخذ من العلم بالنصيب الوفير، فمن صنعاء إلى ذمار، وإلى الذاري ويريم وخمر، فكل هذه الأماكن عرفته، وبنقاء السريرة والروح خبرته، لا يتوانى ولا يتكاسل، ولا يترك دروسه ولا يتثاقل، وهو في كل حالاته مستعيناًَ بالله الكبير، متوكلاً على السميع البصير، في حل أو ترحال، واستقرار أو انتقال، عرف الطهر منذ الصغر، فلم يفارقه في شبابه أو الكبر، صابراً على البلايا، جَلداً أمام الرزايا، قد أعد العدة، فهو على كامل الأهبة، لا تخيفه الأحداث، وإنما خوفه من هول السؤال يوم يبعث الناس من الأجداث، توشح بمجدٍ فاق، وأقبلت إليه الفضائل عن ساق، سَخَّر حياته للعلم، فعاش بالرغم من مشاكل العصر في أمن وسلم، عزف أجمل المعزوفات بكلماته، لذلك العصر الجميل بصفاته، ظل وفياً لماضيه، ولم يتنازل عن روائع ما فيه، فمن أبياته الجميلة، ذاكراً نشأته في ظل الفضيلة، قوله – رحمه الله -:-

فِيْ حِمَى الذَّارِيْ دُرُوْسِيْ

 

وَهْيَ دُنْيَايَ وَدِيْنِيْ

فِيْ حِمَاهَا أَدْرُسُ الْعِلْـ

 

ـمَ وَيَزْدَادُ يَقِيْنِيْ

بِيَرِيْمٍ وَذَوِيْهَا

 

سَابِقًا جُنَّ جُنُوْنِيْ

الْأُلَى أَعْرِفُهُمْ فِيْـ

 

ـهَا وَهُمْ قَدْ عَرَفُوْنِيْ

يَوْمَ كَانَتْ جَنَّةَ الْأَرْ

 

ضِ بِهَا حُوْرِيْ وَعِيْنِيْ

 

وبلمحة قصيرة عن تلك الفترة يقول المؤلف - رحمه الله -:

(بشهارة خلقت، وبذمار بلغت، وبيريم تزوجت، وبصنعاء أخيراً أقمت) ويقول شعراً:

شَهَارَةُ وَالذَّارِيْ أَزَالُ ذَمَارُ يَا

 

يَرِيْمُ دِيَارِيْ فِيْ صِبَايَ وَفِيْ شَيْبِيْ

مَنَازِلُ أَيَّامِيْ وَصَحْبِيْ وَعِتْرَتِيْ

 

مَطَالِعُ أَشْيَاخِي الْمُضِيْئِيْنَ كَالشُّهْبِ

سَقَتْكِ الغَوَادِيْ دَائِمَ الدَّهْرِ وَاسْلَمِيْ

 

صُرُوْفَ اللَّيَالِيْ وَالعَوَادِي الَّتِيْ تُخْبِيْ

سَقَى اللهُ أيَّامَ الدِّرَاسَةِ إِنَّهَا

 

لَأَقْرَبُ أَيَّامِ الْحَيَاةِ مِنَ الرَّبِّ

وَرَفْعَ أَبِيْ كَفَّيْهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ

 

دَوَامًا لَنَا يَدْعُوْ بَخٍ لَكَ مِنْ أَبِّ

وَمَا أَنْسَ لَا أَنْسَى الأَحِبَّةَ وَالصَّفَا

 

وَطُهْرَ الوَفَا وَالقَصْدِ فِي الْجِدِّ واللَّعْبِ

 

فبهذه الكلمات العذبة، يتجلى للقارئ الكريم صدق الوفاء لتلك الأيام والمحبة، وتكتمل الصورة، لزمن كان فيه العلم هو الأساس لكل فضيلة منشورة، فمن جعل حياته مع الله، لابُدَّ وأن يوفقه لسلوك طريق النجاة، فهذا الطفل الصغير، أصبح بفضل الله الرحيم الخبير، علماً من الأعلام، وطوداً شامخاً منافحاً مدافعاً عن الإسلام، تتواضع أمامه العظماء، وتنهار أمام همته كل همة قعساء، لذلك لم يبخل عليه مشائخه بمدح أو ثناء، بما أراهم من همة تطاول نجوم السماء، بل أجمعوا جميعاً على علمه وجدِّه، وأنه الذي سيمثل المستقبل في غده، فحاز الإجازات العلمية، في العلوم الشرعية الدينية، ولعمري هذا شرف لا يصل إليه، إلا من شمَّر عن يديه، فاستغل الأوقات، واشتغل بجمع الثمرة والثمرات، وكيف لا يحوز هذا الشرف، من بحلقات العلم في المساجد قد اعتكف، فمن معلامة مسجد توفيق بير العزب إلى مسجد هجرة الذاري، ومسجد الجيلاني وجامع المدرسة الشمسية ومسجد الإمام المطهر في ذمار، ومسجد الفليحي والعلمي وقبة طلحة وجامع صنعاء الكبير والمدرسة العلمية وجامع الوشلي في صنعاء، فهو - رحمه الله - ابن المساجد، وخريج مدرسة العلماء الأماجد، ففي حياته العلمية درس، يجب على الشباب أن يتخذوه البذرة والغرس، وفي عمره الشريف عبرة، يجب أن يكون منهاجاً لذوي الخبرة، فهو مفخرة الزمان، لجميع الأجيال في كل أوان، فليس كل من قرأ كتاباً علاَّمة، ولا كل من حفظ متناً من العلوم فهَّامة، ولكن العالم من عمل بعلمه، وجعل مرضاة الله تعالى أعظم شغله وهمه، وتذكر المصير، فتأهب ليوم المسير، عرف الله في الرخاء، كما عرفه في الضراء، بحبه لله حياته تطيب، وعظمة الله وفضله وكرمه عن ذهنه لا تغيب، يحب الناس ويحبونه، ويمد يد العون إليهم فيوقرونه، تلك الصورة هي التي يمثلها العالم بأخلاقه وسماحته، ويزرعها في أبناء جيله وأمته، وهي ما لمسناه من سجايا شيخنا وسيدنا محمد بن محمد المنصور، ورفع درجته في الجنة مع حبيبنا محمد ونبينا، وأسأله تعالى أن يرزقنا الصلاح، وأن يجعلنا ممن فاز بدار الفلاح، إنه سميع مجيب الدعاء.

معالم الشخصية :

صبور وقور، يحبه الصغير، ويجله الكبير، مرجع للجميع، ولكلامه جُلُّ الناس مطيع، تخبرك قسمات وجهه عما في قلبه، ويدخلك السرور والاطمئنان حينما تنظر إلى جمال وجهه، يذكرك بالله، مصداق ذلك حديث ابن عباس قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: أي جلسائنا خير؟ قال: (من ذكركم اللهَ رؤيتُهُ، وزاد في عملكم منطقه، وذكركم بالآخرة عمله).

يبادلك الاحترام، ويكون مصغياً لك عند الكلام، لا يستهزئ بسؤال مهما بدا غريباً، ويرد بكل أدب على كل سائل بعيداً كان أو قريباً، لا ينزعج ممن يقاطع كلامه، ولا يظهر عتاباً له أو ملامه، يحب طلاب العلم، ويجل أصحاب الفهم. لأنه من بيئتهم، وتربى بتربيتهم، يشجع الجميع، ولآرائهم سميع، لا يفرض رأيه، ولا يقمع من عارضه، ذو حجة ومنطق، ولسانه بكل خير ينطق، يصفح عمن أساء إليه، ويسامح من تطاول عليه، صمته يُعَلِّمك، وكلماته تؤدبُك، لا يحب الأذية، ولا يرضى أن تقع على أحد مصيبة مضمرةً كانت أو جلية، لا يغتاب الناس. لأنه يراقب الله الذي يحصي الخواطر والأنفاس، إن ذكر شخصاً أظهر فضله ومحاسنه، وستر عليه أخطاءه ومساوئه، لا يذكر عيوب أحد، ولا يُخلف إن وعَدَ، لا يرفع من شأن نفسه، مع أنه حاز أطراف المجد من أخمص قدمه إلى قمة رأسه، لا يُعِدِّد إنجازاته، ولا يفخر بشي من قدراته، كثير الهضم لنفسه، غير مُظهِرٍ بما أنجزه في يومه أو أمسه، لا يتحدث عن أعماله، ولا يكثر من أقواله، بل أفعاله على تقواه وورعه شاهدة، وجوارحه على نعم الله وآلائه حامدة.

لا يبحث عن صيت، وإنما يبتغي وجه الذي يحي ويميت، يمد يد العون، ولا يريد جزاء ولا شكوراً إلا من خالق الكون، رحيم على أسرته، محبوب لدى جميع قرابته، يشملك بحنانه، ويغدق عليك بعطفه الذي يفيض من قلبه و جَنانه، وفيٌّ لأصدقائه، ولا ينسى مهما تكاثرت المشاغل والهموم أحداً من أعزائه، إذا رآه شخص لا يعرفه أحبه، وأََسَرَ هذا الحب قلبه، له ابتسامة ساحرة إذا صافحتَه، وبيان آسر باللب إذا حادثته، سيماه التواضع، وحليته تقوى الله في جميع المواضع، بحر من العلوم زاخر، وسيف بالحجج والبراهين للجهل والبدعة قاهر، وهو بحق مفخرة آل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ في هذا الزمن الآخِر، هو قبلة المتعلمين، ومقصد الرواد والمثقفين، نفسه سخية، وروحه بالقناعة غنية، حاز المكارم، واستحق أن يكون لهذا الدين من أعظم المعالم.

إن عُدَّ أهل التقى كانوا أئمتهم

 

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هُمُ

 

عبادته:

قلبه ينبض بحب الله، ولسانه مشغول بذكر الله، إذا قعد في مجلس قعد على ذكرٍ، وإن انصرف فهو على ذكر، كثير العبادة، أمضى حياته في العلم والزهادة، قليل أمله، عظيم عمله، ترك الدنيا، واشتغل من أجل الأخرى، ينفق الأموال، ويتقى ربه في جميع الأحوال، خفيُ الدمعة، غزير التأمل والنظرة، إن نزلت به نازلة استعان بالصبر، وأيقن أن الله يضاعف له الأجر، يفعل الخيرات، ويواسي أصحاب الحاجات، كلامه خير وحكمة، وصمته نظر وفكرة، يرجو رأفة الله ورحمته، ويخشى عذابه وسطوته، استعد لآخرته، بجليل الإعمال في أيام حياته، يخشى الله، ولا يغره الجاه، لذته في الحياة الذكر، وهمه أمام نعم الله الشكر، حبه لله كل يوم يتجدد، وصدقه مع الله في أعماله يتجسد، يتقرب إلى الله بقضاء حوائج الناس، ويجعل التقوى في عمره هو الأساس، إن أمر بالمعروف التزمه، وإن أنكر المنكر أبغضه وتركه، ما جعل حياته تشع بالنور، وقلبه ما ذكر الله تعالى في سرور، فإيمانه سلاحه، وعبادته أمانه، وذكر الله تبارك وتعالى حياته.

▬مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون♂ [النحل:97]

مؤلفاته:

تتميز مؤلفاته - رحمه الله - بميزة أساسية، وهي: تناولها لقضايا حساسة سواء كانت عقائدية أو تاريخية أو معاصرة، وطرحها بكل جرأة، وإثباتها بالدليل القاطع لكل شبهة، وكان المبدأ المتبع في مؤلفاته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإليك مؤلفاته –رحمه الله-:

1- ديوان شعر بعنوان ( لوامع من خواطر شواسع ) طبع عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية.

2- قدسية الإيمان: وهي قصيدة أصولية بحث فيها مسائل أصول الدين، وتطرق فيها إلى مسائل غاية في الدقة والتأمل، وهذه القصيدة ضمن قصائد الديوان.

3-برق يمان على قدسية الإيمان: وهو شرح موسع لقصيدة قدسية الإيمان.

4- كتاب القضاء والقدر: تناول فيه مسألة القضاء والقدر واختيار الإنسان وتنزيه الملك العلّام من أن ينسب إليه شيء من الظلم أو قبيح الأفعال.

5- حكمة الحجاب: طرح فيه أهمية الحجاب وحكمته، وناقش أدلته من الكتاب والسنة، وهو كتاب هام خصوصاً لكل امرأة مسلمة.

6- الكلمة الشافية في حكم ما كان بين الإمام علي ومعاوية: وهو عبارة عن قصيدة شعرية مع شرحها، ذكر في أثنائها قضية تاريخية غيّرت مجرى الأحداث في تاريخ أمة الإسلام. وهي ما جرى بين الإمام علي (ع) وبين معاوية بن أبي سفيان وفئته الباغية.

7- منظومة في السيرة النبوية: تحتوي على (720) بيتاً شعرياً، ولكنها وللأسف الشديد مفقودة. نسأل الله تبارك وتعالى أن توجد هذه المنظومة الرائعة وترى النور ليستفيد منها جميع المسلمين.

8- تعليقات على أمالي أبي طالب، مخطوط.

وله - رحمه الله - مكتبه نفيسة عامرة بالكتب وخصوصاً المخطوطة منها، جعلها في خدمة العلماء والمتعلمين والمثقفين والباحثين.

 

شعره :

يتجلى في شعره الرقيق، حرصه على ما ترسمه الكلمات من معنىً دقيق، فهو يتجول بفكر القارئ في بساتين المعاني، بأسلوب شيق حاني، لا تكلف فيه ولا إلغاز، ولا إسهاب أو إيجاز، في صورة شيقة، عذبة ليِّنة، يصل إلى هدفه في قصائده بأسهل طريق، ويتجنب في شعره وعورة المضيق، كلماته تعكس ما في قلبه من نور، وألفاظه تدل على شدة المحبة لله والجنة والحور، لا يهتم للصور التعبيرية كما يهتم الشعراء، بل شعره يرتقي إلى تعابير الحكماء ومنطق العلماء، الذين لا يغرهم مظهر، ولا يعنيهم في هذه الدنيا شهرة أو مستقر، فهو يعيش لا كما يعيش الآخرون، ويتنسم عبير الإيمان كما يتنسمه المخلصون، فنحس في شعره روح الإخلاص والصدق، والحض على سلوك طريق الهداية والحق، تعيش مع كلماته في ظل الإيمان، وترتوي رحيق حب الواحد المنان، ترنيماته تخرج روحك الصافية من ضيق الدنيا وصعوباتها وشهواتها، إلى سعة الآخرة وجمالها وثوابها، ينظر إلى الآخرة، ويخشى النار والهاوية، ويرجو أن يكون وجهه من الوجوه الناعمة، المؤمنة الراضية، يعلمك – أيها القارئ النجيب – أن تستغل مواهبك في حب الله، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة للفوز يوم القيامة والنجاة، يبعدك بقصائده عن الدنيا، ويقربك إلى الأخرى، يعلمك كيف تعترف بالذنوب، وتقر بالعيوب، لتتقرب بالتوبة إلى علام الغيوب.

في شعره البر والصلة، والحب والدعة، والصبر على المكاره، والزهد في الدنيا وعيشها الفاره، ونصر المظلوم، والعطف على المحروم، وتذكر الأصحاب، والترحم على الأخيار والأحباب، حينما تتنقل بين تعبيراته، ودرره وكلماته، تدرك معنى الصدق والوفاء، والعزة والإخاء، وفعل الخيرات، وتجنب المنكرات، وحب الفضائل، وتنكب درب الرذائل، وموالاة الأبرار، ومعاداة الأشرار، والرقي بالعقل والنفس، ودحر الغل والرجس، واستقلال الخير من الأعمال، واستكثار الشر في الأفعال، وإخلاص النوايا، والتوب من الذنوب والخطايا، والذلة بين يدي الرحمن، والعزة على أهل الظلم والطغيان، والشوق إلى مجاورة الرحيم، ومغالبة الشيطان الرجيم، وخفض الجناح، والتمتع بالطيب المباح، واستغلال الأوقات، ونبذ الملهيات، والخوف من الله يوم إحصاء العثرات، بإجراء الدموع والعبرات،  والمداومة  على الصالحات، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب والخطيئات، وذكر الوهاب الجليل، والتزود ليوم الرحيل، وتهذيب النفس والروح، قبل أن تذهب الدنيا وتروح، والدعوة إلى الله بأطيب الكلام، ومعايشة الآخرين بكل ود واحترام، والتمسك بمنهج القرآن، لأن فيه الفوز والأمان، والاعتزاز بتعاليم الإسلام، وغرس معاني الحب والسلام في قلوب الأنام.

بهذه المعاني الفريدة، والألفاظ النورانية الرشيقة، تفرد العالم والأديب –رحمه الله- والمؤلف،  بما نظم من درر وأشعار وألَّف، من حيث إن المواضيع التي طرقها لا يتطرق إليها في الشعر الكثير، مع أن هذه المعاني أرق من الشذا والعبير، هي أنصع من بياض السحاب، وأنقى من ماء البحر العباب. لأن المؤلف –رحمه الله- ينظر بحكم حكمته ومنطقه ودينه أنه في هذه الدنيا سجين، وكل ما فاته منها فليس عليه بحزين، فهو يكثر في نظمه من هذه الدرر، ومن ثم فهو يلقي في نفس القارئ عظيم الأثر، ويذكره بأن ما يرتكبه الإنسان من الذنوب لهو إحدى الكُبَر، فهو يكثر - رحمه الله - من التذكير، ويزيد في التحذير، مخاطباً لنفسه، ناظراً بعين البصيرة إلى رحيله ورمسه، هذه بالفعل هي روح المؤمنين ونفسيتهم، وحكمة الموقنين ونظرتهم، إلى دنيا فانية، ولذة غير باقية، فهم راجون للثواب، خائفون من العقاب، سواء نظموا هذه المعاني شعراً، أو كتبوها في أوراقهم نثراً، لا تهمهم مسابقة غيرهم من الشعراء، أو مناطحة البلغاء، بقدر ما تهمهم الكلمة الصادقة، والمعاني الجليلة الصادعة، إن تسابقوا فهم يتسابقون إلى الآخرة، وإن تنافسوا فهم يتنافسون لأجل درجات الجنة العالية، فهذا ما يتجلى في شعره - رحمه الله - وكلمه، وما تدفق به قلمه من جميل إحساسه ورقته.

أعماله :

تولى –رحمه الله- عدة مناصب، وترقى إلى أعلى المراتب، فكانت سيماه في أعماله كلها الإخلاص والنزاهة، والصدق والقناعة، فلم يستغل مناصبه لمآربه الشخصية، أو لمصالحه الدنيوية، فكانت نزاهته –رحمه الله- درساً حياً لكل من تولى المسؤولية، ومصداقيته عبرة لمن أراد الحياة السعيدة الأبدية.

ومن أعماله –رحمه الله-:

1- إعانة والده السيد العلامة: محمد بن إسماعيل المنصور -رحمه الله- على أعمال قضاء بيت الفقيه.

2- كان ضمن طاقم كتاب وحكام الإمام أحمد بتعز عام 1364ه‍.

3- مساعداً لوزير الخارجية القاضي محمد راغب.

4- وزيراً من وزراء الاتحاد بين اليمن ومصر.

5- رئيساً لهذا الاتحاد حتى ألغي هذا الاتحاد.

6- عضواً في مجلس السيادة بعد قيام الثورة.

7- وزيراً للعدل من سنة 1384ه‍ إلى عام 1387ه‍ في عهد القاضي عبد الرحمن الإرياني.

8- وزيراً للأوقاف.

9- عضواً في مجلس الشعب التأسيسي.

10- عضواً في لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية.

11- ناظرا للوصايا.

11- نائب مفتي الجمهورية- إلى مرضه.


♦جانب من الحياة العلمية لشيخنا السيد العلامة المولى الحجة محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور رحمه الله♦ بقلم/ أحمد بن محمد بن أحمد الآنسي

 

 

شيخنا السيد العلامة المولى الحجة محمد بن محمد بن إسماعيل بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن مطهر بن إسماعيل بن يحيى بن الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليهم السلام.

مولده بشهارة في ثامن من جمادى الأولى سنة 1333هـ ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف هجرية قمرية.

ونشأ في حجر والديه وعمه مطهر وخاله السيد العلامة محمد بن محمد بن علي المنصور رحمهم الله، فنشأ نشأة صالحة قوامها التقوى والطهر والصلاح.

وقد اهتم به والده وعمه وخاله اهتمامًا عظيمًا وغرسوا في نفسه حب العلم وتعظيمه.

ثم انتقل مع أسرته إلى صنعاء وعمره حوالي خمسة أعوام وخمسة أشهر، فدرس بها في مدرسة الأستاذ محمد بن علي عمر من أهالي الحيمة وكان يُعرف بالخوجة (أي الـمُعلم) عُمر.

فتعلم على يديه الهجاء (تَهَجِّي الحروف بالطريقة المعروفة في الكُتيِّب المسمى القاعدة البغدادية) وطبَّقه على الخمسة الأجزاء الأخيرة من القرآن الكريم، إلى جانب تعليمه الطهارة والصلاة، فما ناهز شيخنا السادسة من عُمره إلا وهو يحفظ كيفية الوضوء والصلاة بكمالها.

ولما انتقل والده وأسرته إلى ذمار سنة 1339هـ طلب والد شيخنا من ولد الخوجة عمر أنْ يأذن لولده الذي كان يساعده في التدريس أن يسافر معهم إلى ذمار ليكمل لشيخنا تعليم القرآن الكريم فأكمل عليه القرآن بذمار .

ثم التحق بإحدى مدارس ذمار الابتدائية فدرس بها مبادئ فن التجويد وأصول الدين والأخلاق والخط والحساب.

ثم عاد مع بعض أسرته إلى صنعاء سنة 1345هـ فدرس بالمدرسة العلمية ما يقارب عاماً هجرياً، ومِنْ مشائخه فيها السيد العلامة عبدالعزيز إبراهيم حيث درس عليه في متن الأزهار وشرح القطر لابن هشام، وشرح ملحة الإعراب المعروف بـ(شرح بحرق).

وفي أوائل عام 1346هـ عاد إلى ذمار، ولعلّ في هذا العام كانت قراءته على شيخ القراء الشهير العلامة الضرير صالح بن محمد الحودي رحمه الله حيث قرأ عليه القرآن الكريم برواية قالون عن نافع وعلم التجويد وشرح الثلاثين مسألة للسحولي في أصول الدين قراءة تحقيقٍ وتدقيق، وذلك بالمدرسة الشمسية إلى جانب الدراسة على والده وعمه وخاله في متن الأزهار، وفي شمس الأخبار ، وفي إرشاد العنسي، وفي النحو، وغير ذلك من كتب الآل وغيرهم، وعلى السيد العلامة عبدالله بن محمد السوسوة رحمه الله وذلك بالمدرسة الشمسية حيث أخذ عنه شرح الكافل لابن لقمان وشرح الفاكهي على الملحة وغيرهما، وعلى القاضي العلامة علي بن مُـحُمد الأكوع رحمه الله وذلك بمسجد الجيلاني  بذمار فقد قرأ عليه شرح الملحة لبحرق وشطراً من متن الأزهار وشطراً منه أيضاً حفظاً عن ظهر قلب.

وعلى السيد العلامة إسماعيل بن علي السوسوة رحمه الله وذلك بمسجد الإمام المطهر بذمار أيضاً، حيث درس عليه شرح الفرائض للناظري وشرح القطر، وشطراً من شرح الأزهار.

وفي عام 1348هـ درس على القاضي العلامة إسماعيل بن محمد بن يحيى العنسي رحمه الله وذلك بهجرة الذاري وقد انتفع به انتفاعاً عظيماً حيث درس عليه القرآن الكريم تجويداً وشطراً من شرح الأزهار، وحفظ عليه شطراً من متن الأزهار، وشرح الفاكهي على الملحة وشرح قواعد الإعراب للأزهري كاملين دراسة تحقيقٍ وحفظ للفظ والمعنى، وشطراً من شرح إيساغوجي في المنطق، ومن تاريخ ابن الأثير القسم الخاص بالسيرة النبوية وكثيراً من علوم السنة وغيرها.

ومن عام 1351هـ إلى عام 1360هـ عكف بصنعاء وأخذ عن مشائخها بالجامع الكبير ومسجدي الفليحي والوشلي وغيرها.

وفيما يلي تَعَداد أكثر المشائخ ومقروءاته عليهم بصنعاء خلال هذه الأعوام وما بعدها:

1- القاضي العلامة يحيى بن محمد الإرياني رحمه الله.

أخذ عنه  كشاف الزمخشري كاملاً، وجميع ما عليه من حواشٍ للشريف والسعد والسراج، وشطراً من شرح الغاية في أصول الفقه، ومن سُبل السلام، ومن نيل الأوطار، ومن الروض النضير وغالب الجزء الأول من شرح الأزهار، وغالب الجزء الأول أيضاً من البحر الزخار.

2- القاضي العلامة عبدالله بن عبدالكريم الجرافي رحمه الله.

أخذ عنه أمالي المؤيد بالله، ودرر الأحاديث النبوية، وشطراً من أمالي الإمام أبي طالب، وشطراً صالحاً من أمالي الإمام أحمد بن عيسى، وكتاب الذكر للعلامة محمد بن منصور، والأمهات الست كاملة، وبهجة المحافل للعامري، والكثير من الكتب المطولة والمختصرة لأهل البيت وغيرهم، ولشيخنا رحمه الله منه إجازة عامة بخطه.

3- القاضي العلامة محمد بن صالح البهلولي رحمه الله.

أخذ عنه شروح متن التلخيص الأربعة للسعد، والدسوقي، واليعقوبي، والسبكي، وشرحي الكافل لابن لقمان، وللطبري، وغير ذلك.

4- السيد العلامة أحمد بن محمد بن محمد زبارة –مفتي الديار اليمنية الأسبق- رحمه الله.

أخذ عنه تيسير الوصول لابن الديبع بحضور والده السيد العلامة المؤرخ محمد بن محمد زبارة رحمه الله، ولشيخنا رحمه الله منهما إجازتان عامتان، كما درس على السيد أحمد زبارة أيضاً بتعز وبصنعاء كثيراً من الكتب في السنّة والتفسير وغيرهما، ومن ذلك الشطر من شرح الخبيصي على كافية ابن الحاجب، وكثيراً من كتاب الأحكام للإمام الهادي عليه السلام.

5- القاضي العلامة حسن بن علي المغربي رحمه الله.

أخذ عنه مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام، وأصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان عليه السلام، وصحيحي البخاري ومسلم كاملين، وصحيح البخاري مرة ثانية إلا قليلاً من آخره، وسنن الترمذي، وابن ماجة كاملتين، وغير ذلك من عدة فنون، وله منه إجازة عامة بخطه بالطرق المذكورة فيها.

6- القاضي العلامة عبدالله بن علي بن علي اليماني رحمه الله.

أخذ عنه كثيراً من كتب الآل وغيرهم، وله منه إجازة عامة بخطه بالطرق التي فيها.

7- السيد العلامة علي بن محمد إبراهيم رحمه الله.

أخذ عنه كثيراً من كتب الآل وغيرهم وله منه إجازة عامة بخطه.

8- القاضي العلامة أحمد بن أحمد الجرافي رحمه الله.

أخذ عنه بإملاء ولده العلامة محمد بن أحمد الجرافي رحمه الله في الروض النضير وغيره؛ ولشيخنا رحمه الله منهما إجازتان عامتان.

9- السيد العلامة رئيس العلماء أحمد بن علي الكحلاني رحمه الله.

أخذ عنه الجزء الأول من شرح التجريد للمؤيد بالله، والشفاء للأمير الحسين، وشرح الغاية، وكثيراً من البحر الزخار وغير ذلك.

10- القاضي العلامة عبدالله بن محمد السرحي رحمه الله.

أخذ عنه في شرح الغاية والكشاف وشرح العلامة لطف الله الغياث على شافية ابن الحاجب.

11- السيد العلامة أحمد بن عبدالله الكبسي رحمه الله.

أخذ عنه في الروض النضير وكثيراً في كتب السنة.

12-  القاضي العلامة علي بن محمد فضة رحمه الله.

أخذ عنه في الكشاف وغيره.

13- القاضي العلامة محمد بن عبدالله الجنداري رحمه الله.

أخذ عنه كثيراً في أصول الدين.

14- السيد العلامة أحمد بن يحيى المسوري رحمه الله.

أخذ عنه شرح العقد الثمين، وفي شرح الأساس والمصابيح وشرحي الأزهار والفرائض.

فهؤلاء جُلة مشائخه الذين أخذ عنهم بصنعاء، وله مشائخ آخرون أخذ عنهم في فترات متقطعة وأماكن مُختلفة، ومن ذلك حضوره تدريس السيد العلامة الحافظ علي بن أحمد السدمي رحمه الله لصحيح مسلم بمجلس الأمير علي بن عبدالله الوزير بتعز.

كما أخذ بمدينة خمر على القاضي العلامة حسين بن محمد بن محسن حنش رحمه الله في الكشاف، وعلى القاضي العلامة شرف حنش رحمه الله في شرحي الأزهار والفرائض.

كما حضر مجالس تدريس الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين رحمهما الله، وأمر بتحرير إجازة له.

كما حصل على إجازات علمية غير المذكورات سابقاً فقد أجازه كلٌ من:

  • منصب مدينة المراوعة وحاكمها السيد العلامة عبدالرحمن بن محمد الأهدل رحمه الله.
  • السيد العلامة المولى علي بن محمد العجري رحمه الله.
  • الشيخ العلامة الخطيب محمد بن سالم البيحاني رحمه الله.
  • منصب البيضاء السيد العلامة محمد الهدار رحمه الله فقد أجازه تدبيجاً.

وقد حقق شيخنا رحمه الله العلوم التي درسها على مشائخه لاسيما علم أصول الدين؛ فإليه انتهت رئاسته وقد أفاد به وبغيره طلبة العلم، وله تسجيلات صوتية شرح فيها الثلاثين مسألة في أصول الدين للرصّاص، والأساس في أصول الدين أيضاً لجده الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليه السلام، وغيره ذلك.

مؤلفاته:

  • كتاب القضاء والقدر.
  • حكمة الحجاب.
  • تعليقات على أمالي أبي طالب «مخطوط».
  • ديوان شعر بعنوان (لوامع من خواطر شواسع).
  • برق يمان على قدسية الإيمان. شرح فيه قصيدة له في أصول الدين عنوانها قدسية الإيمان.

وله غير ذلك من المقالات والأبحاث:

وخلاصة القول فحياته العلمية زاخرة بالبذل والعطاء والإفادة، وقد استفاد من مجالسه العلمية بالجامع الكبير بصنعاء، وبمنزله، وبمنزل السيد العلامة أحمد زبار ة في ليالي رمضان من كل عام، وبغيرها الكثير من طلبة العلم وآخرها المجالس العلمية التي كان يرأسها بمنزله كل يوم جمعة من كل أسبوع.

وما ذكرته في هذه السطور فهو نزرٌ يسيرٌ من حياته العلمية أداءً لبعض ما يجب عليّ نحوه، وقد لخّصته من كتيب جمعته قبل سنوات ضمّنته ترجمته ومشائخه وأسانيده وإجازاته وغير ذلك، ومن إجازته لي وتسجيلاتٍ بصوته.


♦إطلالة على الجانب الأصولي في حياة السيد العلامة محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور بقلم الأستاذ/ محمد مهدي الغيل♦

 

لم يكن سيدي العلامة الحجة محمد بن محمد بن إسماعيل المطهر المنصور شخصية علمائية اعتيادية مثله مثل بقية علماء اليمن الإجلاء الفضلاء الأتقياء، بل كان عالماً متميزاً عن بقية أقرانه هذا إن عثرنا له على قرين فهو إمام من أئمة اليمن المجتهدين وحجة من حجج الله على خلقه.

يعرف هذا من عرف الفقيد أو اقترب منه أو اطلع على مؤلفاته العلمية أو تتلمذ على يديه، وأنا شخصياً ولله الحمد من ضمن تلامذته ولسنوات قضيتها إلى جواره، ومن ضمن فريق علمائي عمل على تحقيق ديوانه الشعري (لوامع من خواطر شواسع) ومن خلال سنوات الدراسة لديه في علم الأصولين والتفسير واللغة والعمل على تحقيق الديوان أدركت عظمة هذا الإمام وموسوعية علمه ومعرفته وتاريخه النضالي والجهادي، كما تجلى لي طيب منبته، وجمال روحه، ونقاء سريرته، واتقاد ذهنه، وكمال عقله، وعظيم خلقه، ورحابة صدره، وصفاء قلبه، واتساع أفقه، ومدى قربه من الله ومعرفته له حق معرفته، ومولاته لمن أمره الله بموالاته.

من فنون العلم التي تخصص فيها سيدي محمد بشكل ملحوظ علم الكلام والفلسفة اللاهوتية، وتأثيره التربوي على من عاش معه أو جالسه أو استمد منه العلم والمعرفة، وقبل الإطلالة على المنهج الفلسفي لا بد من الإشارة إلى بعض النقاط الكاشفة عن بعض صفات هذه الشخصية المتميزة:-

  1. الأولى: أن سيدي محمد كان يتمتع بقدرات عقلية متعددة وذهنية متجددة منفتحة وراسخة وذكاء فطري يستمده على الدوام من النصوص القطعية الثابتة خصوصاً القرآن الكريم أو من المنهج التجريبي المستفاد من الممارسة والاحتكاك بأرض الواقع، أو ما يعرف بحوادث وفواجع الدهر، أو من خلال المنهج المنطقي العقلي والبحثي والتأملي والذي استمد معالمه من المدرسة الزيدية العريقة التي ينتمي إليها، والتي  تحث على تفعيل العقل لفهم النص، وتحريم التقليد عند القدرة على الاجتهاد.

   

  1. الثانية: البيئة الاستثنائية التي ترعرع ونشأ فيها، فقد كان سيدي محمد محظوظا للغاية من ناحية الاحتضان الأسري الذي حضي به، أو الظرف الزماني والمكاني الذي عاش فيه، فوالده -رحمه الله-  أحد علماء اليمن، وكذلك عمه مطهر، وخاله محمد بن محمد بن علي المؤيد المنصور، وللثلاثة تأثيرات خاصة عليه خصوصاً في فترة الطفولة والشباب، أيضاً تزامنت فترة طفولته واشتداد عوده مع قيام دولة الإمام يحيى حميد الدين -رحمه الله- والذي حاول جاهداً إحياء المدارس والهجر العلمية التي كادت أن تندرس أثناء الصراع الوجودي مع الغزو التركي العثماني لليمن، كما أن الأماكن التي أقام فيها السيد محمد مثل مدينة شهارة والعاصمة "صنعاء ومدينة ذمار ومدينة يريم وهجرة الذاري وعزلة بيت الفقيه، وغيرها من المناطق اليمنية كان لها تأثيرات عليه.
  2. الثالثة: إقامة السيد محمد في العديد من الدول العربية والأجنبية، فقد أقام في مصر وسوريا وأمريكا والأردن والسعودية لفترات متفاوتة؛ وبسبب كثرة سفره وإقامته خارج اليمن؛ بسبب طبيعة عمله الموكل إليه، فقد مثل دولة اليمن في العديد من المحافل والدول العربية والاجنبية، وأثناء ذلك استطاع أن يتعرف على المناهج المعرفية الأخرى ليتكون لديه تصور معرفي شمولي للعديد من المدارس الفكرية والإنسانية، ولعل هذا شكل رافداً من روافد المعرفة لديه.

 

وبالرجوع إلى مؤلف ورسائل سيدي محمد الخاصة في علم الكلام يمكن الإطلالة على بعض الأساليب العلمية والقضايا المنهجية التي اعتمد عليها في مؤلفاته من ذلك :-

  1. أسلوب الاستفهام وطرح الأسئلة وإظهار الاندهاش والحيرة، أي طرح السؤال والبحث عن جواب له بواسطة التفكير الشخصي أو الجمعي .
  2. قضية إثبات وجود الصانع الفاعل المختار، وأيسر الطرق الموصلة إلى معرفة الله حق معرفته، ويترتب عليها الرد على بعض أفكار الملحدين، أو من قال بقدم العالم، أو قدم المادة التي هي صورة من صور الطاقة.
  3. قضية تنزيه الله حق تنزيه عن المماثل والشبيه، عملاً بقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير) فقد جعل هذا النص محورياً وأساسياً ونصاً محكماً يقوم عليه عمود التنزيه لله تعالى عن المماثل والشبيه، ويترتب عليها الرد على من قال بالتشبيه واثبات الصورة الجسمية أو الهيولا العرضية، أو من قال بالحلول في الذوات الجميلة.
  4. قضية عدل الله وصدق وعده ووعيده، ويترتب عليها الرد على القسرية والمجبرة وغيرهما من الفرق المندرجة تحت راية القدرية مثل فرقة الأشعرية القائلين بالكسب أو القائلين بفكرة الأمر (أمر بين الأمرين).
  5. قضية الموالاة والمعاداة، والحب في الله والبغض فيه، ويترتب عليها المجاهرة بموالاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مطلقاً، واعتقاد إمامته، واعتقاد وجوب تقديمه على غيره من إخوانه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويترتب عليها الرد على الفرقة الباغية والناكثة لبيعته، والقاصدين لحربه، والباغين على مقامه.

 

أسلوب طرح السؤال والبحث  عن جواب له بواسطة التفكير الشخصي أو الجمعي

التفكير بالأسلوب الشخصي :-

بالرجوع إلى ديوانه الشعري "لوامع من خواطر شواسع" وبعض مؤلفاته والتي تحوي الكثير استشهد بهذا البيت كنموذج يقول -رحمه الله-:-

مَـا هُوَ الـسِّرُّ رَبِّ فِي إِيجَادِي

 

يَا غَنِيًّا عَنْ مَبْدَئِي وَمَعَادِي؟

 

ويأتي الجواب في نفس القصيدة بقوله :-

عَلَّ ذَا الـسِّرُّ فِي وُجُودِي فَفَضْلُ اللَّـ

 

ـهِ أَوْلَى بِالْفَيْضِ فِي إِمْدَادِي

يَفْعَلُ الْأَحْكَمَ الَّذِي يَقْتَـضِي الْأَوْ

 

لَى مِنَ التَّرْكِ أَوْ مِنَ الْإِيجَادِ

ثُمَّ إِنْ شِئْتَ فَالنَّجَاةُ قَرِيبٌ

 

مِنْكَ أَوْ لَـمْ تَشَأْ فَأَنْتَ الْعَادِي

أَنْتَ أَوْجَدتَّنِي لِتُولِيَنِي حِلْـ

 

ـمًـا وَغُفْرًا وَمِنَّةً بِاطِّرَادِي

وَشِفَاءً مِنْ عِلَّةٍ وَامْتِحَانًا

 

وَثَوَابًا عُقْبَاهُ أَفْضَلُ زَادِي

وَبِهِ تَبْرُزُ الصِّفَاتُ وَإِلَّا

 

بَقِيَتْ فِي كُمُونِهَا كَالزِّنَادِ

هُوَ سُبْحَانَهُ الْـمُكَوِّنُ لِلْأَوْ

 

لَى بِلَا مِرْيَةٍ وَذَا الْـحَقُّ شَادِي

زِدْ عَلَى ذَا أَنِّي ابْتِلَاءٌ لِغَيْرِي

 

وَهْوَ بَلْوَى نَقْـصِي وَبَلْوَى ازْدِيَادِي

مِنْ ذُنُوبِي أَخَافُ لَا مِنْكَ يَا رَحْـ

 

ـمَـانُ مِنْ غَفْلَتِي وَقِلَّةِ زَادِي

 

أما عن الأسلوب الثاني: أعني التفكير بالأسلوب الجمعي والذي حاول به سيدي محمد  إثارة دفائن العقول لتأمل وطرح الاستفسارات ولو بصوت مرتفع  يقول :-

إِذَا قِيلَ لِي مَـا الدَّلِيلُ عَلَى

 

وُجُودِ إِلَـهِي؟ أَقُولُ وُجُودِي

وَفِي وُسْعِ كُلِّ امْرِئٍ فَهْمُهُ

 

وَإِنْ كَانَ دُونَ الْغَبِيِّ الْبَلِيدِ

فَلَوْ قَالَ: هَلْ مِنْ دَلِيلٍ سِوَاه؟

 

أَقُولُ انْتِظَامِي وَإِتْقَانُ عُودِي

فَإِنْ قَالَ ذَا صُدْفَةٌ قُلْ كَذَبْـ

 

ـتَ عَمْدًا وَبُؤْتَ بِوَصْفِ الْعَنِيدِ

وَخَبَّثْتَ نَفْسَكَ أَشْقَيْتَهَا

 

بِدَارِ الْفَنَاءِ وَدَارِ الْـخُلُودِ

أَتُتْقِنُ ذَا كُلَّهُ صُدْفَةٌ

 

بِلَا خَطَأٍ لَا تَكُنْ بِاللَّدُودِ

فَبِئْسَ الْـحَيَاةُ حَيَاةُ الْكَفُورِ

 

وَبِئْسَ الْـمَمَـاتُ مَمَـاتُ الْـجَحُودِ

فَخُذْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى جَنَّةٍ

 

وَحِدْ عَنْ سَبِيلٍ لِذَاتِ الْوَقُودِ

وَكُنْ مُخْلِصًا تُهْدَ لَا تَتَّبِعْ

 

هَوًى إِنَّهَا النَّارُ يَوْمَ الْوَعِيدِ

 

 

وعن النقطة التي تليها أعني  تنزيه الله وتقديسه يقول يرحمه الله :-

لا يَعْرِفُ اللهَ إِلَّا مَنْ يُقَدِّسُهُ

 

عَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَنْ لَـهْوٍ وَعَنْ لَعِبِ

وَأَنْ يُقَدِّسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ

 

مِثْلٌ وَعَنْ شِبْهِ مَخْلُوقٍ وَعَيْثِ غَبِي

كَأَنْ يُعَذِّبَ عَبْدًا لَا اخْتِيَارَ لَهُ

 

فِيمَـا جَنَى بِعَذَابِ النَّارِ وَاللَّهَبِ

وَأَنَّهُ قَدْ بَرَاهُ لَا لِرَحْمَتِهِ

 

لَكِنْ وَقُودًا لِنَارِ الْـخُلْدِ وَالْغَضَبِ

وَهْوَ الْغَنِيُّ عَلِيمٌ بِالْغِنَى وَحَكِيـ

 

ـمٌ وَهْوَ أَرْحَمُ مِنْ أُمٍّ بِهِ وَأَبِ

أَيَجْعَلُ الْـمُدْرِكَ الْـحَسَّاسَ رَاحِمُهُ

 

مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ بَدِيلَ الزَّيْتِ وَالْـحَطَبِ؟!

هَذَا افْتِرَاءٌ تَعَالَى اللهُ عَنْهُ وَجَهْـ

 

ـلٌ حَالِكُ الْقُبْحِ وَالتَّزْوِيرِ وَالْكَذِبِ

فِعْلُ الْقَبَائِحِ مَقْدُورٌ لِبَارِئِنَا

 

لَكِنَّ حِكْمَتَهُ تَأْبَى فِعَالَ قَبِيـ

فَقُلْ: نَعَمْ لَوْ يَشَاءُ الـشَّرَّ كَانَ وَلَـ

 

ـكِنْ لَنْ يَشَاءَ وَلَـمْ فِي سَالِفِ الْـحُقُبِ

 

وبالرجوع إلى كتاب (برق يمان) وكتاب (القضاء والقدر) سيجد الباحث العديد من الأبحاث والنصوص المبينة لما حاولت الإطلالة عليه مثل قضية عدل الله وصدق وعده ووعيده وما يترتب عليهما وإنما تركت النقل منهما طلباً للاختصار.

وبالانتقال إلى قضية الموالاة والمعاداة والحب في الله والبغض فيه والتي يترتب عليها المجاهرة بموالاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مطلقاً، واعتقاد إمامته، واعتقاد وجوب تقديمه على غيره من إخوانه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام سيدي محمد بتأليف رسالة خاصة أسماها (الكلمة الشافية) في حكم ما كان بين الإمام علي ومعاوية وتعديل فئة الحق وجرح الفئة الباغية قدم لها بقوله :-

فإني كنت في سحر ليلة الاثنين ثامن شعبان الوسيم سنة 1394هـ أربع وتسعين وثلاثمائة وألف هجرية قمرية قبل الفجر بساعتين قد استيقظت ثم عدت للنوم حتى يقرب وقت الخروج إلى المسجد فإذا بي أقول البيت الأول من المنظومة الآتية ونحو أربعة أبيات هي الآن مفرقة طيها قلتها بديهة بدون تردد أو تكلف كأنني أحفظها من قبل قلتها وذلك إثر ما خطر على البال قول فريق من العلماء بتعديل الصحابة مطلقاً وتوليهم مطلقاً وهو خلاف ما اعتقده في القاسطين والمارقين، هجم عليّ الخوف من أن أكون على خطأ في المعتقد لا يغفره الله لي، وتصورت حياة البرزخ التي أصبحت منها على قاب قوسين أو أدنى وماذا سيكون الحال إذاً والعياذ بالله وأنىَّ لي بتدارك الخطأ وتلافي الهفوة وقد ذهبت الدنيا عني فوجدتني أقول ما ذكرته وفي الصباح نقلتها من الذاكرة وأكملتها يوم عاشر شعبان وركنتها في مسودتها ويوم السابع عشر منه وجدت فرصة فبيضتها وبدا لي أن أضع عليها تعليقاً يزيد من فائدتها فكتبته وأكملته يوم تسعة عشر منه وهذا النقل هو التبييض لمسودة التعليق الأول والثاني للمنظومة مع شيء من التعديل، يقول في مطلعها :

عَلِيٌّ أَمِيرُ الْـمُؤْمِنِينَ فَمَنْ بَدَا

 

لَهُ فِيهِ شَكٌّ فَهْوَ مَشْلُولُ إِيمَـانِ

أَخُو الْـمُصْطَفَى فِي مَكَّةٍ وَبِطَيْبَةٍ

 

وَدَارِ الْـجَزَا وَالْـحَـشْرِ لَيْسَ لَهُ ثَانِي

عَلَى فِطْرَةِ الرَّحْمَنِ ظَلَّ كَمَـا نَشَا

 

بِأَكْنَافِ طَهَ لَـمْ يُدَنَّسْ بِكُفْرَانِ

وَأَسْرَعُ مَنْ لَبَّى نِدَاءَ مُحَمَّدٍ

 

مُرَبِّيهِ هَادِيهِ مُعَلِّمِهِ الْـحَانِي

عَلِيٌّ مَعَ الْـحَقِّ الْـمُبِينِ كَأَنَّهُ

 

رَدِيفٌ لَهُ أَوْ مِثْلُ نُورٍ لِكِيوَانِ

رَوَاهُ الْبُخَارِي بِالدُّعَاءِ وَغَيْرُهُ

 

رَوَوْهُ بِأَنَّ الْـمُرْتَـضَى مَعَ قُرْآنِ

وَقَتْلُ عَلِيٍّ طَلْـحَةً دَلَّ أنَّهُ

 

كَطَهَ كَمَـا فِي الذِّكْرِ عَنْ وَفْدِ نَجْرَانِ

 

إلى آخرها انظر ديوانه.


♦المالكي يكتب عن وفاة فقيه اليمن العلامة المنصور♦

كتب الشيخ حسن بن فرحان المالكي المفكر والكاتب الإسلامي

وصلنا قبل العيد خبر وفاة فقيه اليمن؛ العلامة المجتهد السيد محمد بن محمد المنصور؛ وقبل أن نكتب عنه ؛ ننقل عزاءنا ومواساتنا لأهله وذويه؛ وكل تلامذته ومحبيه؛ ولأهل اليمن جميعاً؛ فقد كان العلامة المنصور محل تقديرهم جميعاً.

العلامة المنصور كان مثالاً للعلم والثقة والتواضع؛ وافر العقل؛ محنك التجارب؛ ونال ثقة المختلفين - الملكيين والجمهوريين - أطراف ثورة ١٩٦٢ م.

عمل للإمام أحمد في تعز؛ وكان نائبه بمصر أيام مشروع الاتحاد الثلاثي (بين مصر وسوريا واليمن)؛ وتولى وزارة العدل والاوقاف بعد نجاح ثورة ١٩٦٢؛ فكان العلامة المنصور محل ثقل وتوازن بين الأطراف المتحاربة، واسهم في حماية الهاشميين داخل صنعاء من بعض السياسات الرعناء من بعض الناصريين. فقد كان؛ هو وأمثاله من العلماء؛ مصدر اطمئنان وتوازن بين كافة اليمنيين، وإبقاء الثورة في مسارها السياسي؛ وإبعادها عن المنحى العرقي والعصبي.

هنا تتجلى الحكمة اليمانية.

فالصراع - إن حصل - يجب أن يبقى في عناوينه السياسية بعيداً عن المذهبية والعرقية؛ وهذا ما لا يفهمه الإسلاميون اليوم؛ وجد العلامة المنصور ما وجده في سبيل إصلاح ذات البين؛ بين اليمنيين أيام الثورة وبعدها، وتعرض لكثير من المضايقات والتهديدات؛ لكنه أرسى السفينة؛ وساعده على ذلك تلك المكانة الكبيرة للعلماء بين مشايخ القبائل والمجتمع اليمني، فلم تكن يومئذ دواعش ولا دواهش، كانت الدنيا ما تزال بخير.

كانت ثورة 1962م وقبلها ثورة الدستور 1948م؛ تشمل الزيدي والشافعي، الهاشمي والحميري، نعم؛ كانت هناك أحداث شاذة؛ لكن لم تصمد أمام العقل اليمني.

الخلاصة؛ أن وجود العلامة محمد المنصور وأمثاله من علماء النقل والعقل والرؤية، شكل مصدر توازن واطمئنان والتفاف المجتمع اليمني على المشتركات. وعندما بدأ الضغط السلفي في عهد الرئيس علي عبد الله صالح - إذ دعم السلفية والإخوان بقوة - خفت اسم العلامة إلا عند العقلاء والمخلصين. وبعد اختلاف أصحاب الأمس - صالح والإخوان والسلفية - عاد الجميع للالتفاف حول العلامة محمد المنصور وحمود المؤيد وغيرهم من أصحاب العقل والدين. ورأينا الرئيس السابق صالح يعتذر - عن أخطاء وقع فيها - ولاريب أن منها دعمه للإخوان ونسيانه مثل هذا العلامة المتواضع المتزن بعقله وحرصه.

كان العلامة المنصور للجميع؛ يفتح بيته للجميع؛ يحب الخير للجميع؛ وعندما يتحارب الأطراف كان يقل الكلام ويكثر النصيحة بالسر ويرسل الرسائل.

كان من أطباء الفتن، يبصر ببعد نظره مواضع القدر ومخاطف الفتن، وكلما تعب الناس من الخصومات تذكروا حكمته ونصحه واتزانه وبعد نظره..

كان لي شرف لقاء العلامة المنصور مرة واحدة عام 2000 م ، في زيارتي الوحيدة لصنعاء، زرته في بيته مع السيد المرتضى بن زيد رحمه الله. ورغم أنه كان لقاءاً واحداً؛ ولم يتجاوز النصف ساعة، إلا أنه كان كافياً  أن أسأل رفيقي السعودي  عندما خرجنا، لماذا لا نرى مثل هذا عندنا؟

كان العلامة المنصور يأسرك بتواضعه وأنوار وجهه وكلماته البليغة النابعة من قلب حشوه إيمان وحب وتسامح وفرح وترحيب بالضيف من أي مذهب كان.. كان العلامة المنصور إنساناً بمعنى الكلمة، وتحدث ببعض كلمات في التسامح؛ وأن الكتاب والسنة جامعة للجميع، وسمعنا منه الترضي على أحمد بن حنبل!

كان صديقي السعودي مثلي مندهشاً، ويردد: ما هذا النور؟ ما هذه الأخلاق؟ ما هذه السعة في الأفق؟ لماذا ليس مشهوراً؟ لماذا لا يعرفه الناس؟ الخ

كان حزب الإصلاح يومئذ في كامل قوته وجبروته، لم نكن نسمع في السعودية إلا الزنداني والديلمي وصعتر، لم يكن للعقلاء صوت ولا لقاء ولا شيء. والعلامة المنصور رحمه الله، أعطاه الله طول العمر؛ فقد ولد عام 1333 هـ ومات عن أكثر من 100 سنة؛ مات ومازال الناس يشعرون بالحاجة الماسة إليه.

إلى أن يقول: العلامة المنصور مقل في تأليف الكتب؛ لأنه عاش طوال حياته في العمل الرسمي وغير الرسمي - وزارات وأوقاف وإصلاح ذات البين واستشارات ولقاءات الخ .

السيد العلامة محمد بن محمد المنصور ليس كتاباً؛ ليس وظيفة رسمية؛ إنه سيرة هدى وأثر على الأرض؛ وأوصي محبيه بجمع هذه السيرة وتدوينها من الناس.

معظم سيرة العلامة محمد المنصور موجودة على الأرض

في وثائق الإصلاح؛ في بيوت الفقراء؛ في نصرة المظلومين؛ في ذاكرة بناة الأوطان.. سيرته هناك.

لا تحزنوا لضياع بعض سيرة العلامة المنصور العملية؛ فأفضل السيرة ما جهلها الناس؛ وليس ما عرفوها؛ من دمعة سجود؛ واكرام يتيم؛ وصبر على مرض الخ

رحم الله العلامة السيد محمد بن محمد المنصور؛ ملتقى الفضائل وقلب العترة؛ ورحم الله من سبقه من رفقاء الدرب؛ كالسيدين المؤيدي وبدر الدين وغيرهم.


♦مــراثـــي♦

•دمعة وفاء قانية

شعر الأسيف/ يحيى شرف الدين

الى سادتي االعلماء الأجلاء أنجال فقيد العلم والفضيله المولى الحجه الحافظ محمد بن محمد المنصور  رحمه الله والى اﻻمه اﻻسلاميه كافه اقدم هذه المرثاه الشعريه المتواضعه القاصره عن الوفاء بما يستحقه مقام الفقيد من التنويه بعبقريته الفذه وشمائله الفريده الى جانب ماكان يحمله فكره الكبير من شتى فنون العلوم واﻻداب التي صار بها محل اجماع اﻻمه تحت عنوان (دمعة وفاء قانيه).

طودٌ أشم على الأعناق يرتحل

                             أم بحر علم على الأكتاف قد حملوا

أم أمة حملت جثمانها أُمم

                        في ماتم ودموع الحزن تنهمل

ياللمنيه ما أبقت لنا علماً

                          نسير في ظله الحاني وننتهل

ولا بريق هدى يجلي غياهبنا

                         فالصبح ليل وإشراق الضحى طفَلُ

أو سلسبيلاً من العرفان في زمن

                         جفت منابعه والجهل منسدل

كمثل من قد فقدناه وحل بنا

                         لما توارى الأسى واستفحل الوجل

محمد وهو من بالحمد متصف

                            وبالفضائل والإيمان مشتمل

محمد وهو المنصور منذ نمى

                           بربه وبخير الرسل متصل

العالم العابد الأواه والمثل الأ       على ومن كان للخضراء به أمل

غوث اللهيف وكهف للضعيف ومن

                           قد عضه الدهر أو ضاقت به السبل

وذائد عن حياض الشرع مدرع

                            لحكمة ما اعتراها الجبن والخطل

مضى تشيعه الآلاف في كرب

                            تضيق منها سهول الأرض والقلل

ماشيعوا غير عرفان ومرحمة

                            ونجدة هن فيه الثوب والحلل

طرق المحيا بشوش الوجه منبلج

                            ما الفجر في نوره الوضا له مثل

وان يك الخطب قد أعمى نواظرنا

                              وفت أكبادنا والناس قد ذهلوا

فإنه الأجل المحتوم ليس لنا

                           منه المناص ولا أغنت به الحيل

وكلنا سائر حيث الفقيد سرى

                        حتما وإن أبطأ الميعاد والأجل

والصبر معتصم في كل نازلة

                           ودرع من قد دهته في الدنا الغيل

وفي بنيه أولي الأحلام سلوتنا

                           فكلهم للمعالي بعده شعل

أبقاهم الله أقمارا مشعشعة

                         تنير بالعلم مايفنى به الجدل

وعظم الله أجرا للجميع ولا

                        زالت سحائب رب العرش تنهمل

برحمة لفقيد العلم تنزله

                        دار الخلود ونعم الدار والنزل

جوار أحمد واﻵل الكرام ومن

                         بحبهم تغفر الأوزار والزلل

----------------------------------------------------

•سلام الله عليك

عبدالوهاب المحبشي

 

سلام ٌ عليكم سيدي يوم مولدِك

ويوم قضيت َالعمر مغرى ًبمسجدِك

 

ويوم قطعت َالشاسعات بهمة ٍ

وكنت َوفيا ًللوصايا بموعدِك

 

ويوم َشهدت َالحادثات ِجميعِها

فما أوهنت يوما ًعظيم تجلدِك

 

سلاما ًعلى العمر المديد بطاعة ٍ

وأنت ترى شأن َالورى من تعبدِك

 

سلاما ًعلى هذا الوفاء لقائدٍ

تجاوره رغم السنين َبمرقدِك

 

سلاما ًعلى قلب ٍإلى الله قد هوى

غداة َتعزى في علي محمدِك

 

أطاب الرحيل اليوم يا سيدي وقد

رأيت َشهيدا ًمنك فاز بمشهدِك؟

 

سلام ٌعليك اليوم يا بن محمد ٍ

ويوم َغد ٍإذ أنت َما زلت َفي غدِك

 

ففضلكُ باق ٍ في المآثر ِكلها

وفي نسلك الأطهار ٍ في طيب ِمحتدِك

 

سلام ٌإذا نوديت َيوم ًكرامة ً

لترضى بإحسان ٍتقدم َمن يدِك

 

فتلقى رسول َالله والوجه ُأبيض ٌ

وتسعد َفي يوم اللقاء ِ بموردِك

----------------------------------------------------

ما زال صوتك في صدري..

راجي الشفاعة،  المحزون/ علي بن محمد أحمد الشرعي

25 ذي الحجة الحرام

27/9/ 2016م

 

ترثية متواضعة ومناجاة لفقيد الأمة الإسلامية والعترة النبوية سيدي المولى المقدس العلامة السيد محمد بن محمد المنصور رضوان الله عليه..

 فقد الأحبة أدمى قلبي العاني

 

 ولم يعد في ضلوعي غير أحزاني

وكيف لا وخليلي غاب يا وجعي

 

 فقدت إنسان عيني خير إنسانِ

روحي وقلبي غدت تحت الثرى،  وضعت

 

 يا ويحها وضعت في طي أكفانِ

وسار بالقلب من قد كان يملكه

 

 لم يُبقِ لي فيه من حقٍّ ولا شانِ

وا رحمتاه لقلبي لست تعلم قد

 

 أوجعت قلبي إذ قررت هجراني

ولو درى الخلق من فارقتُهُ علموا

 

 لم البكاء ُ ولاموا العاذل الشاني

عز الهدى ركن دين الله سيدُنا

 

 ما إن له في جميع الناس من ثاني

يا سبط أحمد يا شبل الوصي ويا

 

 وريث سبطيه في فضل وعرفانِ

يا باقر العصر يا سجاد أمتنا

 

 ومرشد الناس في سهلٍ ووديانِ

قد كنت رحمة ربي بالعباد وقد

 

 علمتنا كيف نتلو آي قرآنِ

وكنت ألين قلباً يا ابن فاطمةٍ

 

 من كل أمٍّ ومن أهلٍ وخلانِ

وكنت أكرم أخلاقاً ومنزلةً

 

 بين البرية من قاصٍ ومن داني

ما زال صوتك في صدري سأحبسه

 

 لعله إذ أعاني الوجدَ واساني

فخذ فؤادي وروحي -منك مكرمةً-

 

 واشفع لعبدٍ فقيرٍ مذنبٍ جاني

وقل لربك هذا قلبه بيدي

 

 ذابت بكفي بقاياه ووجداني

اذكر فؤادي الذي لولاك ما عرَفَت

 

 أجزاؤهُ نورَ (حمٍ) و(فرقانِ)

لعل ربك يوم الحشر يرحمني

 

 بحبكم سيدي حاشاك تنساني

عسى إلهك يا مولاي يجمعنا

 

 برحمةٍ منه في جنات رضوانِ

ووالدينا وأهلينا وإخوتنا

 

 مع البنين تعالى خير منّانِ

جوار أحمد هادينا وعترتِهِ

 

 خير الخليقة من إنسَ ومن جانِ

 

♦حياتــه من شعــره♦

اخترنا هذه القصيدة من ديوان الفقيد (لوامع من خواطر شواسع) لما تضمنته من ملامح عن شخصيته وحياته وخلاصة تجربته.

هذا وليدُكِ يا دُورُ

 

قدم لها بقوله:

خاطبتُ الدارَ التي ولدت بها في شهارة بعد غياب عنها دام خمسة وستين عامًـا، وفيها ذكرت بعض ما حضرني من أحوالي فيها، وبعد مغادرتها واستمرار الشوق إليها وإلى من عشت في ظلهم ومعهم فيها، واسم الدار (الدُّور):

  1.  

هَذَا وَلِيدُكِ بَعْدَ الشَّيْبِ يَا دُورُ

 

أَتَى عَلَى عَجَلٍ يَزْدَارُ يَا دُورُ

 

  1.  

فِيكِ تَنَفَّسَ وَاسْتَجْلَى الضِّيَا وَحَبَا

 

وَفِيكِ بِكْرُ الْـخُطَا وَالنُّطْقِ يَا دُورُ

 

  1.  

أَمْـضَى بِغَيْرِكِ مَحْيَاهُ وَأَنَفَدَهُ

 

وَالرُّوحُ عِنْدَكِ لَا وَهْمٌ وَلَا زُورُ

 

  1.  

لَا صُورَتِي لَا وَلَا كَمِّي وَكَيْفِيَ مَـا

 

عَهِدتِّ لَكِنْ أَنَا ذَيَّاكَ يَا دُورُ

 

  1.  

فِيكِ بَرَى اللهُ خَلْقِي فِيكِ صَوَّرَنِي

 

يَا دَارُ فِيكِ رَأَيْتُ النُّورَ يَا نُورُ

 

  1.  

لَيْلَايَ أَنْتِ وَنُعْمَـانٌ وَذُو سَلَـمٍ

 

فَلْيَغْفِرِ الشِّعْرُ لِي تَكْرَارَ (يَا دُورُ)

 

  1.  

كَمْ ذُقْتُ بَعْدَكِ مِنْ كَرْبٍ وَمِنْ تَعَبٍ

 

وَذَا عَلَى الظَّنِّ فِي مَغْنَاكِ مَحْظُورُ

 

  1.  

كَمَـا تَقَلَّبْتُ فِي نَعْمَـاءَ سَابِغَةٍ

 

أَبَعْدَكِ الشُّكْرُ لَا وَالشُّكْرُ مَشْكُورُ

 

  1.  

تَلُفُّنِي فِي كِلَا الْـحَالَيْنِ رَحْمَتُهُ

 

وَمِنْ دُعَا الْأَصْلِ تَبْصِيرٌ وَتَصْبِيرُ

([1])

  1.  

تَذَكَّرِينِي فَإِنِّي مَـا نَسِيتُ وَهَلْ

 

أَنْسَى وَحُبُّكِ فِي الْأَحْشَاءِ مَحْفُورُ

 

  1.  

قَدْ غَيَّرَ الدَّهْرُ مِنِّي كُلَّ مُسْتَنَدٍ

 

أُدْلِي بِهِ وَعَرَا التَّعْرِيفَ تَنْكِيرُ

 

  1.  

هُنَا لَعِبْتُ وَأُخْتِي بِنْتَ خَالِيَ لَا

 

أَنْسَى سُرُورَ التَّلَاقِي الْغِبَّ يَا دُورُ

([2])

  1.  

وَلَسْتُ أَنْسَى الَّتِي كَانَتْ تُؤَانِسُنِي

 

مِنْ عَالَـمِ الرُّوحِ إِنْ أُفْرِدتُّ يَا دُورُ

([3])

  1.  

وَذِكْرَيَاتٍ عَزِيزَاتٍ وَإِنْ صَغُرَتْ

 

شَأْنًا وَلَكِنَّهَا فِي الْعُمْرِ إِكْسِيرُ

 

  1.  

وَمَـا نَسِيتُ حُسَينَ التِّرْبَ فِي لَعِبٍ

 

بِالتَّافِهَاتِ وَكُلٌّ فِيهِ مَـسْرُورُ

 

  1.  

وَإِذْ أَقُولُ بِجِدٍّ قُمْ لِنَبْنِيَ مَسْـ

 

ـجِدًا وَأَحْوَاضَهُ فَالْأَمْرُ مَيْسُورُ

 

  1.  

لَنَا مِنَ اللهِ وَالْأَهْلِينَ مَحْضُ رِضًى

 

مَهْمَـا أَسَأْنَا فَمَعْفُوٌّ وَمَغْفُورُ

 

  1.  

يُثِيرُ سَخْطَتَنَا اللَّاشَيْءَ يُفْرِحُنَا

 

مُحَقَّرٌ وَزْنُ أَلْفٍ مِنْهُ قِطْمِيرُ

 

  1.  

أَيَّامَ لَـمْ أَدْرِ خِطْأً وَالصَّوَابَ وَمَـا

 

حُسْنٌ وَقُبْحٌ وَمَـا صِدْقٌ وَمَـا الزُّورُ

 

  1.  

وَلَسْتُ أَفْهَمُ مَـا مَوْتٌ وَمَـا مَرَضٌ

 

مَـا النَّفْعُ مَـا الـضُّرُّ مَـا شَرٌّ وَمَـا خَيْرُ

 

  1.  

وَلَا بِأَنَّ سِنِيَّ الْعُمْرِ تُضْمِرُ لِي

 

شَرًّا إِذَا مَـا انْقَـضَى مِنْهَا الدَّهَارِيرُ

 

  1.  

وَلَوْ فَهِمْتُ سَأَلْتُ اللهَ يُعْجِلُنِي

 

إِلَيْهِ قَبْلَ حِسَابِي وَهْوَ مَنْشُورُ

 

  1.  

فَمُذْ تَكَشَّفَتِ الدُّنْيَا إِذَا هِيَ آ

 

فَاتٌ وَذَنْبٌ وَأَهْوَالٌ وَزُنْبُورُ

([4])

  1.  

تَاللهِ يَا دُورُ إِنَّ الشَّوْقَ مُتَّقِدٌ

 

إِلَيْكِ مُنْذُ ارْتَحَلْنَا عَنْكِ يَا دُورُ

 

  1.  

مِنْ بَعْدِ شَهْرٍ تَقَـضَّى فِي تَرَحُّلِنَا

 

وَفِي أَزَالٍ دَهَى الْأَشْوَاقَ تَسْعِيرُ

([5])

  1.  

حُبِّي لِسَوْحِكِ مِنْ حُبِّي لِـمُجْتَمَعٍ

 

أَقَامَ فِيكِ يَسُودُ الْـجَمْعَ تَنْوِيرُ

 

  1.  

سَقْيًا وَرَعْيًا لَهُ أَهْلًا وَمَرْبَعَهُمْ

 

وَالدَّهْرَ فَالْكُلُّ مَحْمُودٌ وَمَشْكُورُ

 

  1.  

رَبْعٌ أَقَامَ بِهِ الْأَهْلُونَ مُذْ زَمَنٍ

 

كَأَنَّهُمْ، أَوْ هُمُ الْأَمْلَاكُ وَالْـحُورُ

 

  1.  

مُخَلَّقُونَ بِأَخْلَاقِ الْكِتَابِ لَـهُمْ

 

مُحَمَّدٌ وَكِتَابُ اللهِ دُسْتُورُ

 

  1.  

سِيمَـاهُمُ الصِّدْقُ وَالتَّقْوَى التَّرَاحُمُ وَالْـ

 

ـوَفَاءُ وَالصَّفْحُ سِيمَـاهُمْ وَتَوْقِيرُ

 

  1.  

فِي رَحْمَةِ اللهِ قَدْ صَارُوا فَرَحْمَتُهُ

 

أَضْوَى مِنَ الشَّمْسِ لَوْ يَهْدِيكَ تَفْكِيرُ

 

  1.  

يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ بِالنَّعْمَـا أُحَدِّثُكُمْ

 

بِلَا مُبَالَغَةٍ يَا أَيُّهَا الْعِيرُ

 

  1.  

وَكَيْ يَرَى الْـخَلَفُ الْأَسْلَافَ عَنْ كَثَبٍ

 

فَيَقْتَدُوا نِعْمَ إِعْلَامٌ وَتَبْشِيرُ

 

  1.  

حَيَّاكَ يَا عَيْشُ لَا يَرْنُو لَهُ تَرَفٌ

 

حَيَّاكَ يَا زُهْدُ فِي الدُّنْيَا وَتَطْهِيرُ

 

  1.  

هَذِي شَهَارِةُ كَمْ أَضْنَى الْـحَنِينُ لَـهَا

 

قَلْبِي وَضَرَّمَهُ شَوْقٌ وَتَفْكِيرُ

 

  1.  

أَرْضٌ بِهَا سَكَنَ الْأَخْيَارُ مِنْ سَلَفِي

 

أَئِمَّةٌ هَدْيُهُمْ فِي النَّاسِ مَنْشُورُ

 

  1.  

وَالْعَيْشُ فِيهَا عَلَى مَـا سَدَّ مِنْ عَوَزٍ

 

أَحَبُّ مِمَّا حَوَى دَارَا وَسَابُورُ

([6])

  1.  

فَارَقْتُهَا مُنْذُ خَمْسٍ مِنْ سِنِيَّ وَقَدْ

 

بَلَغْتُ سَبْعِينَ وَالسَّبْعُونَ تَدْمِيرُ

 

  1.  

لَا أَعْرِفُ الْـمَـاءَ فِيهَا غَيْرَ فِي بِرَكٍ

 

أَوْ إِذْ يَسِيلُ مِنَ الْأَمْطَارِ يَهْمُورُ

([7])

  1.  

فَكَانَ أَعْظَمَ شَيْءٍ بَعْدُ فَاجَأَنِي

 

صَوْتُ النَّوَاعِيرِ وَالْأَدْلَاءُ وَالْبِيرُ

([8])

  1.  

وَغَيْلُ صَنْعَاءَ يَجْرِي فِي تِلَأْلُئِهِ

 

لَا يَرْتَدِي قِلْسِنًا أَوْ شَابَ تَعْكِيرُ

([9])

  1.  

وَهَيْبَةُ الْبِيرِ أَنَّى كَانَ كَائِنُهَا

 

لَكِنَّ أَلْـحَانَ مَسْنَاهُنَّ تَزْمِيرُ

 

  1.  

وَشَامِخَاتُ الْـمَبَانِي وَالصَّوَامِعُ فِي

 

جَمَـالِ زُخْرُفِهَا وَالْبَابُ وَالسُّورُ

([10])

  1.  

وَالْـجُودُ صَاهِلَةً زِينَتْ وَسَاحِبَةً

 

مَدَافِعَ الْـجَيْشِ وَالْقَارِي وَحُنْطُورُ

([11])

  1.  

وَمَنْتَلٌ أُوبِزٌ سَارِي وَهَاوَنُهَا

 

بِسْبَاسُ عَادِي جَبَلْ هَوْلٌ وَتَدْمِيرُ

([12])

  1.  

وَقَـصْرُ صَنْعَا وَطَاحُونٌ بِهَا عَجَبٌ

 

فِي الْكَمِّ وَالْكَيْفِ وَالضَّوْضَاءِ مَـا الصُّورُ!!

 

  1.  

وَالسُّوقُ يَزْخَرُ بِالْأَشْيَا وَقَاصِدُهَا

 

كَالْبَحْرِ إِنْ قِيسَ مَأْلُوفٌ وَمَحْصُورُ

 

  1.  

وَإِذْ أَتَيْتُ حَجَالًا خِلْتُهُ طَرَفًا

 

مِنْ جَنَّةِ الْـخُلْدِ لَا يَحْكِيهِ مَنْظُورُ

([13])

  1.  

وَنَالَ كُلُّ جَدِيدٍ مُنْتَهَى عَجَبِي

 

وَجَامِعُ الرَّوْضَةِ الْغَنَّا وَعُصْفُورُ

([14])

  1.  

إَذْ أَمْسَكُوهُ بِهِ لِي ثُمَّ رَغَّبَنِي

 

عَمِّي لِأُطْلِقَهُ فَالْأَجْرُ مَوْفُورُ

([15])

  1.  

وَكُلُّ ذَلِكَ لَـمْ يُطْفِ الْـحَنِينَ إِلَى

 

ذُرًى تَحَامَى أَعَالِيهَا الْأَعَاصِيرُ

 

  1.  

فَفِيكِ أَوَّلُ عَهْدٍ بِالْـحَيَاةِ بَدَا

 

مُعَطَّرًا ضَحِكَتْ مِنْهُ الْأَسَارِيرُ

 

  1.  

فَلَا شَبَابِيَ أَنْسَانِي وَلَا كِبَرِي

 

وَالرَّافِدَيْنِ وَلَا الْفَيْحَا وَخَابُورُ

([16])

  1.  

وَلَا رِيَاضٌ أَرِيضَاتٌ سَبَى بَـصَرِي

 

فِيهَا وَسَمْعِي زُهُورٌ وَالشَّحَارِيرُ

 

  1.  

وَكَمْ تَجَهَّمَ مِنْ بَعْدِ الْبَشَاشَةِ لِي

 

وَقْتٌ وَكَمْ نَابَ تَيْسِيرٌ وَتَعْسِيرُ

 

  1.  

وَكَمْ تَبَسَّمَتِ الدُّنْيَا وَكَمْ عَبَسَتْ

 

وَكَمْ عَرَانِيَ تَبْدِيلٌ وَتَغْيِيرُ

 

  1.  

طَوْرًا بِمَـا كَسَبَتْ كَفِّي وَآوِنَةً

 

بَلْوَى فَذَانِ لَنَا لُطْفٌ وَتَكْفِيرُ

 

  1.  

أُخْرِجْتُ مِنْكِ وَحُسْنُ الظَّنِّ يَغْمُرُنيْ

 

لَكِنَّهُ مُنْذُ فَارَقْنَاكِ مَقْبُورُ

 

  1.  

هَذَا فِرَاقٌ وَذَا مَوْتٌ وَذَا حَزَنٌ

 

وَتِي كُرُوبٌ وَذَا هَمٌّ وَتَكْدِيرُ

([17])

  1.  

أَيٌّ كَذَا خُلِقَتْ أَيٌّ بِذَا عُرِفَتْ

 

فِي الْكَدْحِ فِي كَبَدٍ تَجْرِي الْـمَقَادِيرُ

 

  1.  

أَتَتْ فَوَاجِعُهَا تَتَرَى تَخَلَّلَهَا

 

مَـا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصِيهِ تَعْبِيرُ

 

  1.  

لَكِنَّنِي بِالرِّضَا وَالْـحَمْدِ أَثْبَتُ مِنْ

 

طَوْدٍ يُقِلُّكِ مَـا رَضْوَى وَمَـا الطُّورُ!!

([18])

  1.  

الْـحَمْدُ لله حَمْدًا لَا يُعَادِلُهُ

 

حَمْدٌ وَشُكْرٌ وَتَسْبِيحٌ وَتَكْبِيرُ

 

  1.  

مَـا قُلْتُ هَذَا جِزَافًا بَلْ بِنِعْمَتِهِ

 

حَدَّثْتُ سُبْحَانَهُ يَا أَيُّهَا الْعِيرُ

 

  1.  

بِنِعْمَةِ اللهِ أُنْبِي لَسْتُ أُكْذِبُكُمْ

 

وَاللهُ يَعْلَـمُ أَيْنَ الصِّدْقُ وَالزُّورُ

 

  1.  

نَيْفًَا وَسِتِّينَ عَامًـا غَابَ طِفْلُكِ حَتْـ

 

ـتَى عَادَ وَالْعُمْرُ بَعْدَ النَّظْمِ مَنْثُورُ

 

  1.  

يَا لَيْتَ شِعْرِي مَتَى أَرْسُو وَأَيْنَ أَفِي

 

مَبْدَايَ مُخْتَتَمِي أَمْ أَيْنَ يَا دُورُ؟

 

  1.  

قَدْ عُدتُّ أَنْعِي إِلَيْكِ الْأَهْلَ قَاطِبَةً

 

الطِّفْلُ وَالشَّابُّ وَالْيَعْسُوبُ وَالْـحُورُ

 

  1.  

أَبِي وَعَمِّي وَخَالِي إِخْوَتِي وَخَوَا

 

تِي أُمَّهَاتِي فَلَا دَيَّارَ يَا دُورُ

 

  1.  

وَكُلُّهُمْ شَارَكُونِي فِي الْـحَنِينِ إِلَى

 

رُبَاكِ مَـا ذَا عَلَى الْـمُشْتَاقِ مَقْصُورُ

 

  1.  

الْيُـسْرُ بَعْدَكِ مَـا أَبْلَى حَنِينَهُمُ

 

فَالْقَلْبُ وَالدَّمْعُ مُشْتَاقٌ وَمَهْمُورُ

 

  1.  

وَمَـا حَدَا زَوْرَتِي إِلَّا مَحَبَّتُهُمْ

 

فَفِي الزِّيَارَةِ إِيقَاظٌ وَتَذْكِيرُ

 

  1.  

وَحَافِزٌ لِـمَزِيدٍ مِنْ دُعَايَ لَـهُمْ

 

لِذَاكَ قَالَ لَنَا الْقُرْآنُ (قُلْ سِيرُوا)

 

  1.  

لَـمْ أَنْسَهُمْ لَا وَلَنْ أَنْسَاكِ يَا صَدَفِي

 

يَا أُمُّ يَا ثَدْيُ يَا أَحْضَانُ يَا نُورُ

 

  1.  

وَالـسَّرْوُ لَـمْ   يَنْسَ عَمِّي يَا مُحَطِّمَةً

 

لِلتُّرْكِ فِي الـسَّرْوِ وَالْآفَاقِ دَيْجُورُ

([19])

  1.  

لَوْ لَـمْ نَزَلْ فِيكِ هَلْ حَادَتْ نَوَائِبُنَا

 

عَنَّا أَلَا لَا فَجُلُّ الْأَمْرِ مَقْدُورُ

 

  1.  

وَفِي الْـمَقَادِيرِ مَحْتُومٌ وَمُشْتَرَطٌ

 

وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي الْـمَحْتُومِ تَخْيِيرُ

 

  1.  

يَا عَابِدَ النَّفْسِ أَوْ يَا سَالِكًا رَشَدًا

 

مَهْمَـا تَطَاوَلَ عُمْرٌ فَهْوَ مَبْتُورُ

 

  1.  

كُلٌّ لَهُ أَجَلٌ لَا بُدَّ يَفْجَؤُهُ

 

مَوْتٌ وَقَبْرٌ وَعَنْهُ يَنْطَفِي النُّورُ

 

  1.  

وَكُلُّ نَفْسٍ لَـهَا نَعْشٌ سَتَرْكَبُهُ

 

سِيَّانِ مُشْتَهِرٌ فِينَا وَمَغْمُورُ

 

  1.  

مَـاتَ الْـمُلُوكُ وَبَخْتِيشُوعُ مَوْتَتَنَا

 

وَالْعَادِلْوْنَ وَقَهَّارٌ وَمَقْهُورُ

([20])

  1.  

رَاجِعْ حِسَابَكَ قَبْلَ الْفَوْتِ إِنَّكَ لَا

 

تَدْرِي أَتَحْيَى غَدًا أَمْ أَنْتَ مَقْبُورُ

 

  1.  

وَمَـا يَـسُرُّ غَدًا عَجِّلْهُ مُجْتَنِبًا

 

لِـمَـا تَخَافُ غَدًا إِذْ ذَاكَ مَقْدُورُ

([21])

  1.  

وَخُذْ مِنَ الزَّادِ مَـا تَرْضَى غَدًا وَدَعِ الْـ

 

ـمَكْرُوهَ حِينَئِذٍ فَالْأَمْرُ مَيْسُورُ

 

  1.  

سَنَرْكَبُ النَّعْشَ لَا مَنْجَى وَلَا غَوَثٌ

 

مِنْهُ وَيُدْفَنُ مَكْرُوبٌ وَمَـسْرُورُ

 

  1.  

وَكُلُّ مُفْتَقِرٍ فِيهَا وَكُلُّ ثَرٍ

 

وَكُلُّ ذِي غَلَبٍ فِيهَا وَمَنْصُورُ

 

  1.  

وَيَسْكُنُ اللَّحْدَ مَقْرُونًا بِطَائِرِهِ

 

بَشٌّ وَذُو صَعَرٍ فِي النَّاسِ مَغْرُورُ

([22])

  1.  

وَكُلُّ حَالٍ سَيَفْنَى مَـا يَـسُرُّ وَمَـا

 

يَسُوؤُنَا مِنْهُ مَرْغُوبٌ وَمَحْذُورُ

 

  1.  

لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ لَا غَيٌّ وَلَا رَشَدٌ

 

لَا يَزْدَجَرْدُ وَأَزْدِيشِيرُ شَابُورُ

([23])

  1.  

وَلَا شَهَارَةَ أَوْ صَنْعَاءَ وَاقِيَةٌ

 

أَوْ بَلْسَمٌ أَوْ شَبَابٌ بَلْ وَلَا الدُّورُ

 

  1.  

إِنَّ الْأُلَى كُنْتُ مِنْهُمْ فِيكِ قَدْ سَبَقُوا

 

إِلَى الرَّحِيمِ وَلَـمَّا يَبْقَ مَذْكُورُ

 

  1.  

فِي رَحْمَةِ اللهِ أَهْلِي فَيْضُ رَحْمَتِهِ

 

لِلشَّمْسِ مِنْ ضَوْئِهِ خَسْفٌ وَتَكْوِيرُ

 

  1.  

فَاسْتَغْفِرِي لَـهُمُ يَا دُورُ إِنَّ بِقَا

 

عَ الْأَرْضِ تَسْبِيحُهَا فِي الذِّكْرِ مَسْطُورُ

 

  1.  

اسْتَغْفِرِي لِلْأَحِبَّا يَا مُسَبِّحَةً

 

بِحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ يَدْعُوهُ مَأْجُورُ

 

  1.  

اسْتَغْفِرِي نِعْمَ الْاسْتِغْفَارُ مِنْ جُدُرٍ

 

مَـا أَذْنَبَتْ فَيُقَالَ الدَّاعِ مَأْزُورُ

 

  1.  

اسْتَغْفِرِي فَجَمِيعُ الْكَائِنَاتِ غَدَتْ

 

لَـهُنَّ حَمْدٌ وَتَسْبِيحٌ وَتَكْبِيرُ

 

  1.  

إِنَّ الْـمَلَائِكَ عِنْدَ اللهِ تَسْأَلُهُ

 

غُفْرًا لَنَا فَاقْتَدِهْ يَا رَبْعُ يَا دُورُ

 

  1.  

لِرَحْمَةِ اللهِ آلُوا إِنَّ رَحْمَتَهُ

 

أَضْوَى مِنَ الشَّمْسِ إِذْ يَهْدِيكَ تَفْكِيرُ

 

  1.  

هَذِي شَهَارَةُ بِالتَّارِيخِ شَامِخَةٌ

 

شُمُوخَ مَنْصُورِهَا يَا نِعْمَ مَنْصُورُ

([24])

  1.  

فِيهَا الْـمُؤَيَّدُ وَالْـمَنْصُورُ قَاسِمُهَا

 

فِي غُرَّةِ الدَّهْرِ وَالْإِسْلَامُ مَزْبُورُ

([25])

  1.  

تِلْكَ الشَّمَـارِيخُ لِلْأَدْهَارِ نَاشِرَةٌ

 

وَذَا لِرُشْدٍ وَلِلْغَيِّ الْـمَنَاشِيرُ

 

  1.  

فَزُرْهُمَـا وَسَلِ الرَّحْمَنَ رَحْمَتَهُ

 

وَقُلْ عَلَيْكِ سَلَامُ اللهِ يَا دُورُ

 

 

--------------------------------------------

 

([1]) المراد بقوله الأصل: والِدَي المؤلف -رحمهما الله-.

([2]) الغبّ: الكثير.

([3]) كانت تؤانسني امرأة من عالم الروح في صورة أمي تماما، إلا أنها أطول قليلا، وذلك حين تخرج أمي إلى بيت الجيران، وتدعني نائما، فإذا سَمِعَتْ حركة المغلقة غابت. المؤلف رحمه الله.

([4]) الزنبور: حشرة لسعتها مؤلمة.

([5]) أزال: من أسماء مدينة صنعاء.

([6]) دارا: ملك من ملوك المغول. وسابور: من ملوك الفرس.

([7]) يهمور: ينهمر.

([8]) النواعير: مفرده ناعورة، وهي: دولاب ذو دلاءٍ يدور بدفع الماء أو جرِّ الماشية فيخرج الماء من النهر أو البئر.

([9]) المراد بغيل صنعاء: الغيل الأسود الذي كان معروفًا لدى أهل صنعاء قبل أن يجف. القِلسِنُ: نوع من الطحالب في البرك تجعل الماء صافيًا.

([10]) الصوامع: المآذن.

([11]) القاري: عربة تجرها الحمير أو الخيول. وكذلك الحنطور.

([12]) (المنتل) و(الأوبز) و(ساري عطش) و(هاون طب) و(البسباس) و(عادي جبل): أسماء مدافع حربية كانت تعرض أمام الْإمام يحيى –رحمه الله-. المؤلف. وقوله (هول وتدمير): أي أن هذه الآلات الحربية آلات هول وتدمير.

([13]) حَجَال: قرية شرق وادي ظهر متصلة بقرية القابل التابعة لمحافظة صنعاء.

([14]) الروضة: منطقة واقعة في الجهة الشمالية الشرقية من صنعاء والروضة مشهورة بمزارع العنب، وبها مسجد مشهور هو الجامع الكبير بالروضة.

([15]) الضمير في كلمة (به) راجع إلى قوله (جامع الروضة).

([16]) الرافدان: نهري دجلة والفرات، والمقصود: أرض العراق، والفيحاء: لقب لمدن البصرة ودمشق وطرابلس الشام، الخابور: نهر يجري في مدينة الحسكة بسوريا يغذيه نهر الفرات.

([17]) تي: من أسماء الْإشارة بمنزلة (هذه).

([18]) الطور: جبل في صحراء سيناء، رضوى: جبل في الحجاز بالسعودية قرب مدينة ينبع.

([19]) السرو: باب من أبواب مدينة شهارة، وفي البيت إشارة إلى معركة حدثت عند هذا الباب بين الأتراك ونفر من سكان شهارة منهم عم المؤلف، واستطاع بفضل الله هؤلاء النفر ردع الأتراك وهزيمتهم، وقد كان عدد الترك يقارب ثمانمائة جندي.

([20]) أي: إن الملوك والرعاع هم في مسألة الموت على سواء، وبَخْتِشُوع: أسرة أطباء من السريان خدمت الخلفاء العباسيين، مثل الرشيد والمأمون والأمين والمتوكل العباسي وغيرهم.

([21]) أي: ممكن. المؤلف.

([22]) إشارة إلى قوله عز وجل: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا) [الْإسراء:13]. والصَّعر: أمالة الخد عُجبًا وكبرًا.

([23]) يزدجرد: الأثيم، وأزدشير: العادل. المؤلف. وهي كلماتٌ باللغة الفارسية، وشابور: اسم لملك الفرس.

([24]) المنصور بالله: الْإمام القاسم بن محمد من عظماء التاريخ الْإسلامي في اليمن، وأحد أئمة الزيدية وكبرائها، وقائد الثورة ضد الحكم العثماني في اليمن، ومؤسس الدولة القاسمية، اشتهر بالعلم والفضل والزهد والورع، وكان من أعظم مجتهدي عصره.

([25]) المؤيد: هو الْإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم، مجاهد، مجتهد، فقيه، ولد عام 990ه‍‍‍، وبويع له بالْإمامة بعد وفاة والده الْإمام القاسم عام 1029ه‍‍‍، وفي عهده كان جلاء الأتراك من اليمن، توفي سنة 1054ه‍‍‍. انظر أعلام المؤلفين الزيدية ص981.


♦السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يعزي الأمة الإسلامة والعربية في وفاة السيد العلامة محمد بن محمد المنصور♦

قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يبعث برقية عزاء ومواساة إلى أسرة الفقيد العلامة الكبير محمد بن محمد المنصور أعرب فيها عن الحزن و الأسى لرحيل العلامة المنصور بعد عمر مديد أمضاه في طاعة الله علماً وعملاً ودعوةً ، سائلاً الله أن يتغمد الفقيد في واسع رحمته وأن يجزيه خير الجزاء …. جاء فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية} صدق الله العظيم

بالحزن والأسى تلقّينا نبأ رحيل عالم اليمن الكبير السيد/ محمد بن محمد المنصور إلى جوار الله والتحاقه بالرفيق الأعلى بعد عمر مديد أمضاه في طاعة الله تعالى علماً وعملاً ودعوةً إلى الله وتعليماً لمعارف الإسلام.

حيث كان نموذجاً للعالم العارف التقي والرباني المُصلح والواسع الأفق والمعلّم القدوة، وكان بين العلماء نجماً ساطعاً نوره، وترك أثره الطيب في الساحة اليمنية والإسلامية عموماً.. وبوفاته رحل عن الأمة الإسلامية نجماً من نجوم العلم والمعرفة، وخسر اليمن الميمون عظيماً من عظمائه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله نحتسبه.

كما نتقدم إلى أسرته العزيزة وإلى شعبنا والأمة الإسلامية بالعزاء والمواساة سائلين الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يجزيه خير الجزاء ويلحقه بالأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. وسبحان الله ربّ الأرض وربّ السماوات و ربّ العرش العظيم.

عبد الملك بدر الدين الحوثي

7/ذوالحجة/1437هجرية


♦وداعــاً♦

بقلم العلامة محمد قائد الجراش 

وداعاً لقلبك الحنون.

وداعاً لابتسامتك الآسرة للقلوب.

وداعاً لأخلاق هي أرق من النسيم.

وداعا لروحك التي لم تعرف الأضغان والأحقاد.

وداعاً لقلمك الذي لم يعرف الا الدفاع عن الحق.

وداعا لكلماتك التي صدعت بها في وجوه المنحرفين.

وداعاً لمواقفك التي هزت عروش المبتدعين.

وداعاً لقيمك التي جعلتك شامخا امام عواصف الانحراف.

وداعاً لدموع كنت تذرفها من خشية الهل.

وداعاً لأيام عرفتك واثقا بالله.

وداعاً لتواضع يهز قلوب العظماء.

وداعاً لأوقات كُنتُ فيها بين يديكم أتعلم معاني الحب و الجمال والطهر والنقاء.

وداعاً لأوقات كنت أسمع فيها صوتكم الدافئ الحنون فتنغرس في نفسي كل معاني الطمأنينة.

وداعاً لوجهك المشرق الذي كلما رأيته ذكرت الله الرحيم.

وداعاً لنصائحك التي ما يزال صداها يحرك شعوري وأشجاني.

وداعاً لعلمك الذي كنت ناشراً له أينما حططت برحالك.

وداعاً لطيبة قلبك وصفاء طباعك.

وداعاً لسريرتك التي لم تعرف الغش والخداع في حياتك.

وداعاً لمواطن عرفتك لا تخاف في الله لومة لائم.

وداعاً لفكرك الذي واجهت به طوفان الباطل.

وداعاً لوفائك الذي طالما حفظته لأقرانك.

وداعاً لهامة لم تنحن أمام عواصف المغريات.

وداعاً لشخصية لم تغيرها تقلبات الزمان، ولا مطامع الحياة.

وداعاً لقامة عرفت كيف تعيش ثابتة بكل قيمها وإيمانها في أزمنة الانحراف.

وداعاً لرجولة لم تعد موجودة في رجال هذه الأيام.

وداعاً لصمودك الذي كان رمزاً لكل سالك في سبيل الصدق والإيقان.

وداعاً لحكمتك التي افتقدناها في زمن الفتن والصراعات.

وداعاً ليد رحيمة كانت تساندكل محتاج.

وداعاً لكريم طباعك الذي به رفعك الله في دنياك.

وداعاً لصدقك الذي كان مثالاً لعليائك.

وداعاً لمجلسك الذي كنت لي فيه الناصح الشفيق.

وداعاً لأزمنة كنت نبراساً لكل قاصد لسبيل المؤمنين.

وداعاً لنفس لم تعرف إلا قيم الحب و الجمال.

وداعاً لبهجة كنت تزرعها في المشاعر والنفوس بكل اقتدار.

وداعاً لدرر شعرك الذي اختصرت به حقيقة هذه الحياة وجعلت آمالنا معلقة بالله.

وداعاً لغرر حكمك الذي كان نوراً في زمن الانحطاط.

وداعاً ليراع ما خط إلا كلمات الحب لله الجليل.

وداعاً لإبائك الذي كان مدرسة يتعلم منه جميع الأباة.

وداعاً لسحر أدبك الذي لا تفي حقه الكلمات.

وداعاً لفرائد نظراتك التي سلبت بها الألباب.

وداعاً لأفكارك الثاقبة التي زينت بها جيد هذا الزمان ..ما أصعب فراق الأحباب وما أشد وطأة المصاب..عجزت كلماتي عن إيفائك حقك ولم يستطع قلمي البوح بما في قلبي من مكنونات حبك ..بضاعتي مزجاة أمام قامتك وهامتك.

وداعاً يا سيدي وأبي ونور عيني..إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ...إنا لله وإنا إليه راجعون. .رفعكم الله إلى أعلى درجاته ..وأسكنكم برحمته فسيح جناته..آمين.


 

المرفقات: 
المرفقالحجم
PDF icon swr_bkml_lsfh1.pdf2.54 ميغابايت