أهمية الوعي الإيماني للنساء المجاهدات

نشر بتاريخ: أحد, 23/10/2016 - 10:31ص
الكاتب: 

للمرأة إسهاماتها وبصماتها الحاضرة بقوية في معترك وصلب الحياة الدينية و الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية والجهادية بل قد تكون المرأة هي المرجحة للكفة والمغيرة للمعادلات سلبا أو إيجابا إصلاحا أو إفسادا، إستقامة أو انحرافا، إنتصارا أو هزيمة عزا أو ذلا على كل المستويات المذكورة لذا كان من الوفاء للنساء الصالحات والكوادر الفاعلات والمؤمنات الساعيات لتحقيق خيرية الأمة أن نشير إلى بعض من أدوارهن الجهادية ومهماتهن الرسالية التي سطرت ووثقت في التاريخ التليد والمعاصر ومن الأهمية بمكان تذكير المرأة بدورها ومهمتها في القرآن كونه الملهم الأول لتحرك المرأة والمحفز لها على نشر الفضيلة وتجسيد الخيرية لآخر الأمم يقول الله سبحانه وتعالى{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) ولتكن منكم: أمر وخطاب إلهي واضح الدلالة والعبارة يبين ثلاث وظائف ومهام لهذه الأمة ثلاث مهام جوهرية ورئيسية لا يمكن ان تكون الأمة في خير وإلى خير إلا بها

 أولا: الدعوة إلى الخير

ثانيا: الامر بالمعروف

ثالثا: النهي عن المنكر

هذه التكاليف والمهام معني ومكلف بها الرجال والنساء على حد سواء، ولا يسقط هذا التكليف بحال، مع مراعاة الخصوصية التي يجب أن تكون عليها النساء والضوابط الشرعية لتحركهن الجهادي الذي له مجالاته الخاصة وقيوده المعتبرة والأكثر  دقة وحساسية، لكن من حيث الجملة فإن دور النساء في إقامة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمكن تجاهله وتغييبه وإهماله قال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} وبعد أداء هذه المهمة والدور يأتي الجزاء العظيم والمكافئة الكبرى التي يسعى لها كل المؤمنين والمؤمنات ويتعبون من أجلها ويتحملون المصاعب للوصول إليها ويستعذبون كل الآلام والمعاناة ويصبرون الصبر الجميل بغية الفوز بها وهي الجنة قال تعالى بعد ذكر الآمرين بالمعروف والآمرات {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة.

سيُسئل الرجال والنساء عن الدور الحركي والرسالي والجهادي الذي من خلاله تتحق خيرية الامة كل في حدود مجاله وطاقته ووسعه فالجميع مكلف ومأمور بالسعي الجاد في كل المجالات التي تسهم في تقوية الامة وتحصينها وتزكيتها ونشر الصلاح والخير فيها قال تعالى { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فالحياة الطيبة مفتاحها الإيمان بالله والإيمان الحقيقي والمثمر ينتج عملا صالحا لا فساد فيه ولا رياء ولا مطامع دنيوية وأهداف يبتغي بها العاجلة قال تعالى{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)

إن الدور الأساس والأهم للنساء هو الالتزام بالإيمان الواعي الإيمان الذي ينعكس على شخصية النساء وحياتهن ونفسياتهن وأخلاقهن وحركتهن وسعيهن في الأرض لإقامة العدل والحق والدين وإعلاء كلمة الله

إن الإيمان الواعي للمرأة هو المدماك والأساس لأي تحرك أو ارتباط او مسؤوليات اجتماعية و تربوية و جهادية

الإيمان الواعي هو السياج القوي والمناعة الفاعلة والسلاح الأمضى والقاهر لكل تلك العناوين والشعارات المغرية والجذابة التي يسعى الغربيون دوما من خلالها لاختراق النساء ومسخهن وإيقاعهن في حبائل الشيطان وتحويل دورهن إلى دور مدمر ومفسد ومغري وماجن ومطمع لمن في قلبه مرض ممن انحطت همته فصار بهيميا لا هم له ولا تفكير إلا المرأة كشهوة ومتعة وهذا ما تريد الصهيونية غزو النساء والشباب والفتيات به  بحيث تصبح الغرائز  البهيمية هي المحركة للجميع والهدف الذي يسعى لإشباعه المسلمون والمسلمات ليسهل بعد ذلك استهداف المسلمين واختراقهم بكل سهولة

إن الدور الإيماني هو الأساس والمنطلق للدور الجهادي وهذا ما يجب أن يفطن له ويتنبه له قادة الفكر والتغيير والجهاد والتربية في الأمة. ويكفي الأمة عبرة ودرسا ما وصلت إليه بعض التيارات والحركات المحسوبة على الإسلام التي رفعت راية الجهاد وتحرير المقدسات وشحنت الرجال والنساء والشباب والفتيات بشعارات التغيير والثورة والعدالة وتحرير المقدسات لكنها فشلت فشلا ذريعا أورث المسلمين والمسلمات يأسا وإحباطا وتشاؤما ونفورا عن الدين وسوء ظن بقيمه وتعاليمه وأسسه حتى تحول الكثير من أبناء تلك البيئات إلى قنابل موقوتة تتصف بالغلو وتحمل نفسية الانتقام والحقد على المسلمين وغير المسلمين

لقد جنت بعض الحركات والتيارات الإسلامية جناية كبيرة على المرأة المسلمة لا تقل جناية عن تلك الجنايات التي ترتكب بحقها باسم العلمانية والليبرالية والتحرر

وهنا لا بد من التأمل والمسائلة والمراجعة والتقييم لتلك الحركات والأحزاب والتيارات الإسلامية على مستوى اليمن ومصر وتونس وأفغانستان والسعودية وغيرها

 لماذا فشلوا وأحرقوا وسقطوا بسرعة خيالية؟ كيف أصبحوا بين عشية وضحاها في سجون وزنازين الجلادين والطواغيت؟ وما الذي أوصلهم إلى أحضان الغرب والدول المعادية للإسلام والإسلاميين؟

تلك الحركات والأحزاب امتلكت قاعدة كبيرة جدا من النساء كانت تلك القاعدة مغيرة للمعادلات في التنافس السياسي والاستقطاب المجتمعي وكان للنساء دور بارز ومؤثر لمدة نصف قرن من الزمان بمعنى أن عشرات آلاف النساء كن منتميات لتلك الأحزاب الإسلامية وحملن همومها وآمالها وتحملن أعباءها وآلامها وانخرطن في العمل السياسي والتربوي والاجتماعي والسياسي والتعبوي لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح وذاب كما يذوب الملح في الماء مع بالغ الأسى والأسف والحزن أمام ذلك الدور والجهد الكبير الذي شاركن فيه وتحركن فيه وسعين بحسن نية بكل تفان وإخلاص لتحقيق الأهداف النبيلة بناء على ذلك التنظير والطرح والأهداف المعلنة.

فلا بد من معرفة أهمية التحرك الإيماني المنطلق من روحية الإيمان الذي منبعه القرآن والعترة النبوية فتلك الحركات والتيارات كانت ومازالت في عقدها وسلبياتها وتنظيراتها وثقافتها الخاطئة كانت تحرص كل الحرص على تخرج حفاظ للقرآن وقوالب وارتبطت برموز وشخصيات ليست أهلاً ولا قدوة للإيمان الواعي الذي يثمر وعيا جهاديا راقيا وملتزما كانت وما زالت رموز تلك الحركات والتيارات هم معاوية الباغي ويزيد الفاسق وهشام الجبار وأبو جعفر الظالم والحجاج السفاح وبن تيمية وبن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وبن باز وبن عثيمين المحللين لولاة الامر  الظلمة كل محرم والمبررين لهم كل فساد وإفساد كل هذه السلسة والأسماء السلبية والفاشلة صنعت كوارث وفرخت مصائب للأمة ولنتأمل بإنصاف وعقل وفطرة إلى الفارق الكبير بين نتائج وآثار الانتماء لمن ذكروا وبين نتائج الانتماء للإمام علي وحمزة وعمار والحسن بن علي والحسين وزيد بن علي والنفس الزكية إلى علماء وأعلام أهل البيت في هذا العصر لتتأمل وتقيم كل مسلمة حرة راشدة إلى الآثار والسلوكيات والقيم والأخلاق التي تجسدت في أتباع أولئك وأتباع العترة الطاهرة

إن الدور الإيماني أساسه الانتماء القرآني والتمسك الصادق بالقرآن والعترة النبوية وما صمود وصبر وثبات الشعب اليمني واللبناني والإيراني إلا خير شاهد ودليل على ذلك الانتماء والولاء لله تعالى في المقام الأول ثم للرسول وعترته المباركة.

فالنساء شقائق الرجال والمرأة نصف المجتمع إن لم تكن هي نواته ومدماكه وسر سعادته وطهارته واستقامته وهن مصنع الرجال والرجال العظماء وراءهم نساء مؤمنات مباركات صابرات محتسبات أسهمن في وصول الرجال إلى مراتب الكمال ولو تتبعنا سير الأنبياء وقصصهم لوجدنا نماذج مشرقة وقدوات مشرفة للرجال والنساء على حد سواء فها هو نبيي الله عيسى يذكر مقرونا باسم أمه حوالي عشر مرات يذكره الله في كتابه بعيسى بن مريم.وها هو ربها وخالقها يناديها قائلا: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) وها هي الملائكة تخاطب وتناديها مشرة لها ببشرى ربها ربها قائلة لها:  إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46).

وها هو القرآن الكريم يخلد الذكر العظيم والثناء الجميل لأسرة كريمة هي أسرة زكريا ويذكر ما كانت عليه هذه الأسرة من العبودية لله من مسارعة إليه ورغبة فيما عنده ورهبة منه وخشوع له وهذا ما يجب أن تكون عليه كل أسرة مؤمنة وما يجب أن تبنى عليه ثقافتنا التربوية وأسسنا الفكرية قال تعالى {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)

إن ارتباط وعلاقة المؤمنات بربهن يبرز في واقع الحياة من خلال القيم والاخلاقيات التي يتصفن بهاوالسلوكيات والآداب التي يحرصن على الرقي فيها ومن الأخلاقيات القرآنية والالتزامات الدينية ذات الأهمية الكبيرة والأثر البالغ في تكون شخصية المرأة وتحصينها من مغريات الحياة ومصائد الشيطان نلك الأوصاف العظيمة الواردة في سورة الأحزاب قال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} هذه المواصفات والاخلاقيات العشر  ما ينبغي أن يكون عليه الرجال وكذلك النساء ومن ارتقى فيها وكان التزامه أكثر كان حب الله له وتكريمه وقربه منه أعظم ذكراً كان أو أنثى كما قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} فالحياة الطيبة والسعيدة والمباركة والهادئة تلتمس من القرآن وتستقى منه.

إن العودة الواعية إلى القرآن الكريم ستثمر الوعي الإيماني والهوية الإيمانية والقيم والمثل التي يجب أن تتحلى بها النساء في جهادهن وتربيتهن وعلى النساء عند تلاوة القرآن أن يركزن على دور النساء اللاتي ذكرن في القرآن كمريم وغيرها وكذلك الدور التربوي والعلاقة الأبوية القائمة على المنهج القرآني وتعاليمه المباركة كما هو الحال مع إبراهيم وولده إسماعيل ومع لقمان الحكيم وولده والتربية الرسالية والروحية التي تربى عليه يحي بن زكريا كل ذلك التامل ثمرته المباركة إيمان ووعي وجهاد وتحمل مسؤوليات وقيام يالتكاليف والفرائض الواجبة بكل حب وشوق وانشراح.

الدلالات: