زيارة عشقي لفلسطين المحتلة والتآمر السعودي على القضية الفلسطينية

نشر بتاريخ: أربعاء, 05/10/2016 - 6:00م

أعادت الزيارة التي قام بها مؤخراً مستشار العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز اللواء أنور عشقي لفلسطين المحتلة على رأس وفد ضم عدداً من الأكاديميين ورجال المال والأعمال السعوديين، أعادت هذه الزيارة إلى الأذهان تصريحاته الشهيرة التي تحدث فيها عن الحقل النفطي الواعد في الربع الخالي والحقل الآخر في أثيوبيا وعن الجسر الذي أسماه جسر النور الذي سيربط بين جيبوتي واليمن ... وهي التصريحات التي أدلى بها عشقي في ندوة عقدت في الولايات المتحدة وجمعته بعدد من المسئولين الصهاينة وأشار فيها إلى أن هذا المشروع يتطلب عدة أمور إحلال سلام بين العرب وإسرائيل (هكذا قال عشقي) .. فتلك التصريحات لم يكن الهدف منها سوى إخراج العلاقات بين الكيانين السعودي والصهيوني من مرحلة السر إلى مرحلة العلن بشكل تدريجي تحت ستار عقد ندوات ولقاءات يشارك فيها السعوديون والصهاينة جنباً إلى جنب وهو مالم يكن يحدث من قبل حيث كانت جميع اللقاءات والاجتماعات التي تجمع بين الجانبين تحاط بالسرية والتكتم ... فبعد ذلك الظهور المعلن للواء أنور عشقي  ظهر تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابقة في لقاء علني آخر مع الجانب الصهيوني ثم جاءت زيارة الوفد السعودي الذي ترأسه عشقي لفلسطين المحتلة.

ولم يكن الحديث المكرر والمتكرر عن إحلال السلام من جانب المسئولين السعوديين سوى ذراً للرماد على العيون للتغطية على حقيقة العلاقات السعودية – الصهيونية المتجذرة وعلى الدور الذي لعبته وتلعبه مملكة قرن الشيطانية على صعيد التآمر على الأمة العربية والإسلامية وعلى قضاياها المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية منذ الملك عبدالعزيز وحتى الملك سلمان..

ويكفي للدلالة على هذه الحقيقة الإشارة إلى أن ما سمي بمبادرات السلام بدءاً من مبادرة الأمير فهد قبل أن يصبح ملكاً وانتهاءً بمبادرة الملك عبدالله الذي تحولت إلى مبادرة عربية عُرفت بمبادرة السلام العربية لم يكن الهدف منها إحلال السلام في المنطقة وإنما حمل الدول العربية مجتمعة على الاعتراف بكيان الاحتلال الصهيوني وإقامة العلاقات الطبيعية معه (التطبيع) ومنحه الشرعية عبر الاعتراف الرسمي بحدود ما قبل عدوان يونيو (تموز 1967م) وهذا ما ظهر بوضوح عندما رفضت سلطات الاحتلال الصهيوني مبادرة السلام بعد إقرارها من قبل قمة بيروت .. وبعبارة أخرى فإن الكيان الصهيوني قد حصل على الاعتراف العربي وعلى شرعية احتلاله لفلسطين من خلال المبادرات السعودية التي كان ظاهرها إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وباطنها انتزاع الاعتراف العربي بما يسمى بـ(إسرائيل) وإضافة إلى هذا فإن من يُمعن النظر في تاريخ الصراع العربي –الصهيوني منذ عام 1948م حتى وقتنا الحاضر سيجد أن النظام السعودي يقف على الدوام ضد من يُعادي الكيان الصهيوني حيث وقف ضد كل الأنظمة العربية التي كانت تعلن العداء لهذا الكيان الغاصب وترفع شعار تحرير القدس والأقصى الشريف ورفض الاعتراف باحتلال فلسطين وبكيان الاحتلال.

فقد وقف نظام مملكة قرية الشيطان ضد عبدالناصر بمنتهى الوضوح وحاربه بكل الطرق والوسائل وتحت ذرائع ومبررات زائفة وكاذبة..

كما وقف ضد نظام الرؤساء الجزائري  هواري بومدين والعراقي صدام حسين والليبي معمر القذافي.. الخ. بنفس الطريقة التي وقف ضد عبدالناصر وتحت ذرائع ومبررات مختلفة.. وفي وقتنا الحاضر وقف النظام السعودي ضد إيران منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979م بسبب الموقف الإيراني المعادي لكيان الاحتلال الصهيوني واعتبار هذا الكيان غدة سرطانية يجب استئصالها.

ووصل العداء السعودي لإيران حد شيطنة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحرف بوصلة العداء للكيان الصيهوني باتجاهها عبر حملات الكذب والخداع والتضليل الإعلامي الذي سخرت لها مملكة قرن الشيطان عشرات القنوات الفضائية وتنفق عليها مليارات الدولارات.. كما يقف النظام السعودي ضد حزب الله اللبناني حيث وصل عدائه للحزب حد اعتباره منظمة إرهابية ليس لشيءٍ إنما لأنه الحزب الذي ألحق الهزيمة بالكيان الصهيوني مرتين، الأولى عام 2000م والثانية عا م2006م..

ويقف نظام مملكة قرن الشيطان أيضاً ضد سوريا ليس لشيءٍ إنما لأن نظامها رفض ولا يزال يرفض التطبيع مع كيان الاحتلال رغم كل الضغوط التي مورست عليه من جانب الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى أن سوريا تحتضن مختلف منظمات وتنظيمات وفصائل المقاومة الفلسطينية وتقدم لها كل أشكال الدعم السياسي والعسكري، كما تقدم الدعم أيضاً لحزب الله والمقاومة الإسلامية اللبنانية..

وفي مقابل هذا العداء السعودي لكل من يعادي الكيان الصهيوني فإن تأريخ الصراع العربي الصهيوني لم يسجل في يوم من الأيام أي نوع من العداء السعودي لكيان الاحتلال بل أن العديد من المراجع والمصادر التي تناولت الصراع العربي  الصهيوني أشارت بوضوح إلى أن النظام السعودي كان يقف إلى جانب الكيان الصهيوني وفي صفه خلال كل الحروب والمواجهات التي خاضها ضد الدول العربية منذ عام 1948م حتى الآن .. كما كان يقف إلى جانبه وفي صفة خلال كل الانتفاضات الشعبية الفلسطينية التي كانت تندلع ضد الاحتلال طوال السنوات الماضية حيث كان نظام مملكة قرن الشيطان يمارس مختلف أنواع الضغوط على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لحملها على وقف الانتفاضات كما كان يقوم بتقديم المبادرات السسياسية الهادفة إلى إنقاذ سلطات الاحتلال من مأزقها .. كما كان يستخدم جامعة الدول العربية في الكثير من الحالات في تهدئة الغضب الشعبي الفلسطيني من خلال إصدار القرارات التي تتضمن تقديم الدعم المالي للشعب الفلسطيني وقيادته السياسية، كما تتضمن تلك القرارات العبارات الإنشائية التي تتحدث عن إدانة الاحتلال وتأييد نضال الشعب الفلسطيني ومطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتحمل مسئولياته في تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وغيهرا من العبارات الإنشائية التي لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به والتي سرعان ما تتبخر في الهواء بعد أن تكون قد لعبت دور الإسفنجة التي تمتص غضب الشارعين العربي والفلسطيني وحققت هدف إخراج سلطات الاحتلال الصهيوني من مأزق حقيقي..

وهنا نجد من المهم الإشارة إلى ما نشرته وتناولته العديد من وسائل الإعلام خلال الأشهر القليلة الماضية حول الجهود والمساعي السعودية الهادفة إلى إيقاف انتفاضة القدس ومن ذلك ما نشرته صحيفة المنار الفلسطينية في ديسمبر الماضي 2015م حول قيام النظام السعودي بالضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أجل وقف إنتفاضة القدس وإبلاغه بصلف وصفاقة بأن قضايا المنطقة وما يجري في الساحة العربية أهم بكثير من القضية الفلسطينية واتهامه بأنه لم يقم ببذل محاولات جادة لاحتواء الانتفاضة ووقفها..

وأشارت الصحيفة إلى أن التخوف الأمريكي الصهيوني من تصاعد انتفاضة القدس هو الذي دفع النظام السعودي إلى التحرك السريع نحو عقد لقاءات مع مسئولين صهاينة من المستويين السياسي والعسكري ..

ونقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن هذه اللقاءات تهدف إلى صياغة (حل انتقالي) للقضية الفلسطينية وفرضه على الشعب الفلسطيني بوسائل مختلفة.. وذكرت هذه المصادر للصحيفة أن النظام السعودي أبلغ قيادة السلطة الفلسطينية بلهجة تهديد بضرورة العمل سريعاً من أجل وقف الانتفاضة تمهيداً لحل قادم تشارك (السعودية) في صياغته مع (إسرائيل) وأن النظام السعودي سيضمن إسناداً ودعماً عربياً له..

وهكذا يمكن من خلال هذه وغيرها من المعطيات استنتاج معاني ودلالات وأبعاد التصريحات الشهيرة التي أدلى بها رجل المخابرات السعودي ومستشار سلمان اللواء أنور عشقي والزيارة التي قام بها مؤخراً لفلسطين المحتلة.. كما يمكن بسهولة معرفة الدور التآمري المتواصل لنظام مملكة قرن الشيطان على الأمة العربية والإسلامية وقضاياها المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .

وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون