الأوقاف .. بنك المشاريع الخيرية بين الاعتداء والإهمال

نشر بتاريخ: سبت, 09/07/2016 - 8:15م

أوقف آباؤنا وأجدادنا الكرام على مختلف مراحلهم ومناطقهم أعز وأغلى أموالهم وعقاراتهم في وجوه البر والإحسان المختلفة تقرباً إلى الله سبحانه، وقد كانت العناية والحفاظ على أموال الوقف سمة من سمات مجتمعنا اليمني الكريم إلى مستوى الخوف من التولي على أموال الوقف وإلى مستوى تناقل الحكايات عن الأوقاف وعاقبة من يفرط أو يتهاون أو يعتدي على مال الوقف كمثل تلك العبارات (انفض ثيابك من غبار الوقف) أو عبارة (الوقف يهلك الذري والذرية) وما شابه ذلك وكان يتناقلون الحكايات والقصص المحذرة من المساس بمال الوقف كحكاية من جُنَّ عندما اعتدى على مال الوقف، أو رزق بولد مختل عقلياً، أو أصيب بالنكبات، وليست هذه الحكايات من عالم الخيال بل هي الواقع بعينه، ولعلّ في مجتمعنا الكثير من أمثال هؤلاء.

ومن الجدير ذكره أن أنواع وأصناف وأبواب البر الموقوف عليها كثيرةٌ جداً يصل إجمالها إلى ما يزيد على أربعين نوعاً  من الأنواع حيث كان الآباء والأجداد لا يرون نقصاً أو حاجة في جانب من الجوانب إلا وأوقفوا عليها من خالص أموالهم ليس على بني الإنسان فحسب وإنما حتى على الحيوان فأوقفوا المسقفات للأغنام إذا هطل المطر لكي تكتن من المطر، وأوقفوا لسقاية الكلاب والدمم ((القطط)) وأوقفوا لما كبر سنه أو اكتسر عظمه من الحمير والحيوان.

وأوقفوا لحمام مكة، وأوقفوا للجذمان من الناس، وأوقفوا للمساجد والسماسر، وللعلماء والمتعلمين، وللطعمة على الفقراء والمساكين.

كل ذلك يمثل ثروة كبيرة للجوانب الإنسانية والخدمية والحقوقية التي فعلت وحوفظ عليها لما احتجنا لمنظمة الصحة العالمية ولا لليونسف ولا لمنظمة الإغاثة الدولية ولكان عندنا ما يغطي كثيراً من الجوانب التي فيها نقص.

ومن الحق والإنصاف نقول لقد كان الحفاظ على أموال الوقف في العهود السالفة من خلال الإشراف والمتابعة والتوثيق في المسودات بشكل منقطع النظير، ولكن الأوقاف وللأسف الشديد في العهد الجديد تعرضت لأبشع هجمة شرسة في تاريخ اليمن من قبل عصابات الأراضي وأحياناً كثيرة من قبل المتولي من الأجراء وغيرهم على الأوقاف، إما بالإهمال أو بالتصرف مستغلين بذلك تقلبات الوضع السياسي في البلد أحياناً، وضعف النظام القائم أحياناً، ووجود مافيا أجهزة الدولة أحياناً أخرى، وللأسف الشديد.

وبعد هذا كله وبعد مرور عقود على الإهمال والتقصير والضياع لأموال الوقف لا يمكن لأحد أن يحافظ على أموال الوقف أو أن يمنع الفساد في هذه المؤسسة الخيرية ما لم تتوفر هناك إرادة سياسية لذلك وتوجه سياسي بذلك يدعم ويشجع لكي تقوم المؤسسة الوقفية ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد وبدورها وإلا فأن  الحال كما قال الشاعر:

كنا نرقعها إذا مزقت         فاتسع الخرق على الراقع

والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ..

الدلالات: