الجهاد من خلال القرآن الكريم

نشر بتاريخ: اثنين, 04/04/2016 - 3:06ص

 

الجهاد في سبيل الله فريضة ومبدأ وواجب ويكون فرض عين على كل مسلم إلا من عَذَرهم القرآن الكريم في حال جهاد الدفع وصد العدوان وجهاد الغزاة المحتلين – من اليهود والنصارى وكل من كان من غير المسلمين - والبغاة – من المسلمين بمختلف مسمياتهم خونة، عملاء، مرتزقة،تكفيريين.

يقول الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ويقول سبحانه: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ويقول: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) ويقول: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقد جاء الحديث عن الجهاد في سبيل الله في القرآن الكريم في كثير من الآيات، وتكرر في كثير من السور وذلك لأهميته ولتوضيحه ولإقامة الحجة على الناس بأن الجهاد فريضة في الظروف العادية كما في حالة قتال العدو وفي أرضه، أما إذا أتى العدو إلينا وقد احتل أجزاء من بلادنا ويريد احتلال البلاد كلها فهو أوجب، وفي حالٍ كهذا وفي ظل العدوان على الشعب؛ فهو فرض عين على كل مسلم قادر غير معذور - وسنبين من هم المعذورون من خلال القرآن الكريم – كما أن الجهاد لا ينتهي بوقت أو زمن حتى يوم القيامة إلا بنصر بالنسبة للأمة أو بشهادة بالنسبة للمؤمن يقول تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) لأن كلمة جهاد تعني بذل الجهد كل الجهد واستمرار بذله ومن هنا سُمّيَ جهاداً، وما أمر الله به إلا لأنه باستطاعتنا قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) ذلك لأنه سبحانه لم يكلفنا فوق طاقتنا ولم يأمرنا إلا بما فيه وسعنا قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) وما أمر الله تعالى بالجهاد حسب استطاعتنا وفي حدود طاقتنا إلا بعد أن وعد بالنصر والتمكين والاستخلاف في الأرض ووعد بالتأييد والتثبيت للمجاهدين وإنزال السكينة وإفراغ الصبر، وبعد أن كشف لنا واقع العدو وضعفه في الميدان قال تعالى: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) وبعد أن بيّن سبحانه أن القتال والجهاد في سبيل الله لا ينقص من عمر الإنسان يوماً ولا حتى لحظة واحدة  كما لا يزيد في عمر الإنسان القعود عن الجهاد وإيثار السلامة بمعنى أنه ليس كل من يقاتل في سبيل الله يُقتل ويُستشهد وينال كرامة الشهادة التي هي مطلب نبيل ويتمناها المؤمن المجاهد ويأسف إذا لم ينلها، ولا كل من يقعد مخافة القتل أو الموت يسلم منهما رغم كراهيته لهما وهروبه منهما ولا يخلد في الدنيا؛ لأن مخافة القتل والموت (نيل الشهادة)  هو أكثر ما يُقعِدُ الإنسان ضعيف الإيمان عن القيام بواجبه الجهادي قال تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) ويقول سبحانه: (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا) وتتجلى هذه الحقيقة في الواقع حيث نجد ضحايا حوادث المرور بالسيارات أكثر من الشهداء في جبهات القتال وفي كل الأعمال الجهادية الأخرى، ونرى أيضاً الذين يموتون بالأمراض والجلطات أكثر من الشهداء في الجبهات وفي كل الأعمال الجهادية الأخرى، ونرى ضحايا القصف الجوي على البيوت أكثر من الشهداء في الجبهات وفي كل الأعمال الجهادية الأخرى، ونرى أن القتلى من الناس القاعدين في حال تمكّن العدو وانتصاره بسبب قعودهم أكثر بكثير من الشهداء في الجبهات وفي كل الأعمال الجهادية الأخرى، ونرى كذلك المقابر في كل قرية ومدينة ومنطقة مملوءة بالموتى قبل العدوان ونؤمن أننا جميعاً سنغادر الدنيا شئنا أم أبينا وأننا لن نبقى فيها وأنها زائلة وستنتهي الحياة الدنيا بكلها بقيام القيامة.

 

حقيقة الجهاد القرآنية

ينظر الناس للجهاد على اعتبار أنه شيء شاق ومكلف وفيه القتل والجراح والدمار والمآسي وهذا منافٍ كلياً لحقيقته في القرآن التي هي حقيقته في الواقع العملي وكما أثبتته الأحداث عبر التاريخ حتى عصرنا الحاضر.

فالجهاد في حقيقته خير وليس شراً  كما يراه البعض من قاصري الوعي وضعيفي الإيمان، وقد يدخل اعتقاد أنه شر في باب التكذيب بآيات الله في القرآن الكريم فالله تعالى يقول: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقد نفى الله تعالى الشر عن الجهاد بالقتال في سبيل الله وأكّد على أنه خير قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وعَدَّ سبحانه الجهاد تجارة رابحة في الدنيا والآخرة وبيّن مكاسبه العظيمة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فالجهاد خير ونعمة من الله تعالى، وما فَرَضه إلا من منطلق رحمته بعباده المؤمنين، ونفى كلمة موت في قاموس الجهاد على الإطلاق حيث إن الأمة تحيى بالجهاد حياة الحرية والكرامة والقرب من الله تعالى التي جاهدت في سبيله ونيل محبته وتأييده ونصره ومن استُشهد وقُتل في سبيل الله فإنه إنما ينتقل من الحياة الدنيا إلى حياة كريمة عند الله تعالى - على الهواء مباشرة إن صح التعبير -  فلا يجوز أن نقول للشهيد "ميت" لأن هذا منافٍ للحقيقة ولواقع الشهيد الحي قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) بل لا يجوز حتى مجرد الظن أو التصور أنه ميت قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) لأن الشهيد نال إحدى الحسنيين قال تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) ولهذا فالجهاد في سبيل الله لا خسارة فيه بل ربح صافٍ واستثمار مربح للحياة والموت قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهو بيع وشراء ومتاجرة مع الله تعالى بالنفس والمال قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

وكما هو واضح في أحداث التاريخ وفي الأحداث المعاصرة فكلفة وفاتورة وضريبة الجهاد قليلة مقابل كلفة وفاتورة وضريبة الاستسلام والخضوع والهزيمة والخنوع والقعود والتخاذل والتكاسل والتفريط وتمكّن العدو، حيث سيَقتل الناسَ بكل مهانة وذلة وسيذبحهم بكل برودة أعصاب بل وبكل وحشية وانتقام وسينتهك أعراضهم أمام أعينهم وسيغتصب نساءهم ويدوس على كرامتهم ويمتهن إنسانيتهم، وإذا كان في درب الجهاد يستشهد نسبة قليلة من المجاهدين فقد أدركوا رضوان الله ويتركون وراءهم ما تبقى من العزة والكرامة والنصر لمن خلفهم من رفاقهم وشعبهم وأمتهم، وفي حالة القعود والاستسلام فإن الناس سيُقتلون بكثرة وبطرق مهينة ولا يُحسبون شهداء بل يكون قتلهم سخطاً من الله تعالى وما ينتظرهم في الآخرة أشد وأنكى وكل التضحيات التي تُقدّم بالجهاد في سبيل الله رغم عظمتها إلا أنها قليلة مقابل ما سيحصل عليه الناس بالنصر بفضل الله تعالى.

 

مجالات الجهاد:

الجهاد في سبيل الله مجالاته واسعة وعديدة وأشرفه القتال في ظل العدوان، لأن الجهاد شامل ولا يُغفل أيَّ جانب من الجوانب وطالما المؤمن قد باع نفسه وماله من الله تعالى والله اشترى فعليه تسخير هذه النفس فيما يرضي الله دون مقابل وأن يتعبها في سبيل الله في شتى الأعمال الجهادية كالقتال في الجبهات وكالعمل الجهادي الإعلامي أو التمويني أو اللوجستي أو الأمني أو التوعوي والتعبوي والتثقيفي أو الطبي أو السياسي أو الاجتماعي وكل الجوانب شرط أن يكون ذلك حسب توجيهات القيادة؛ لأن الجهاد ليس حسب المزاج ولا إيثاراً للسلامة ولا هروباً من ساحة الحرب وميدان المعركة.

كما أن الجهاد بالمال واسع أيضاً وتربوي حيث إن من يقدّم ماله سيقدّم نفسه إن اقتضى الأمر والحاجة والظرف والمعركة، وفيه وقاية من حب الدنيا والاسترزاق حيث يخرج من ماله في سبيل الله فكيف ينتظر مقابل أو كيف يشتريه الأعداء وهو من يبذل ماله ابتغاء مرضات الله، وقد جاء الحديث عن الجهاد بالمال قبل الجهاد بالنفس في أغلب الآيات التي تحدثت عن الجهاد قال تعالى: (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ويقول سبحانه: (وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ)

وكم أمر الله تعالى بالإنفاق في سبيله كقوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ويقول سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) وعلى العموم فكل عمل في سبيل الله ولصد العدوان هو عمل جهادي حتى الخروج في مظاهرة ضد العدوان وهو أمر متيسر وسهل وبسيط على الإنسان لكنه صعب ومؤثر على نفسيات الأعداء بشكل كبير جداً ويكفي قول الله تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 

 

لا عذر للجميع عن التحرك لمواجهة العدوان

قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) يوضح الله تعالى في هذه الآيات الكريمة  ويحصر المعذورين عن القتال في سبيل الله الذين ليس عليهم قتال وهم:

  1. (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ) سواء من كبر السن أو ضعف شديد في البدن بحيث لا يقوى على القتال، ويدخل في الضعفاء من ذكرهم الله في قوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ).
  2. (وَلَا عَلَى الْمَرْضَى) وهم الذي يمنعهم المرض من القتال وهو عذر إذا ذهب وجب الجهاد.
  3. (وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ) وهم الفقراء الذين لا يستطيعون تجهيز أنفسهم وإذا وُجد من يجهزهم وجب عليهم القتال وسقط عذرهم.

وهذه الأصناف الثلاثة المعذورة عن القتال في سبيل الله يجب عليها النصح والعمل الجهادي - غير القتالي - حسب القدرة والاستطاعة والإمكان فقد شرط الله تعالى عليهم ذلك بقوله: (إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

  1. (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) وهم الذين لا يمتلكون أو لا يجدون الوسيلة للذهاب إلى الجبهة (أرض المعركة) ولم يوفر أحد لهم ذلك، وتتملكهم الرغبة الجامحة والنية الصادقة والجادة والاستعداد الكامل للقتال فيعودون إلى بيوتهم وهم يبكون من الحزن؛ لأنهم لا يجدون ما ينفقون ولا ما يوصلهم إلى ساحة المعركة.

وغير هذه الأصناف الأربعة لا عذر لأحد عن الجهاد في سبيل الله بمفهومه العام ومجالاته الواسعة وعلى وجه الخصوص القتال والمواجهة في الجبهات والثغور؛ لأنه ليس واجباً على النساء التي تتخلف في البيوت وأصحاب العذر الشرعي الذي وضحه القرآن، أما غير ذلك فقد سمّى الله تعالى من يتخلف عن القتال بأنه مع الخوالف قال تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)

وهنا اسأل نفسك هذه الأسئلة:

  1. هل أنت من الضعفاء؟
  2. هل أنت من المرضى الذين أقعدهم المرض عن القتال؟
  3.  هل أنت من الذين لا يجدون ما ينفقون من الفقراء الذين لا يستطيعون تجهيز أنفسهم ولم يُوجد من يجهزهم للقتال؟
  4. هل أنت من الذين لا يمتلكون أو لا يجدون الوسيلة للذهاب إلى الجبهة (أرض المعركة) ولم يوفر أحد لهم ذلك وتتملكك الرغبة الصادقة والنية الجادة والاستعداد الكامل للقتال فعدت إلى بيتك باكياً حزيناً لأنك لم تجد ما تنفق ولا ما يوصلك إلى الجبهة وساحة المعركة؟.

وإذا كنت أحد أولئك هل تجاهد في المجالات الأخرى غير القتالية وتنصح لله ورسوله وللمؤمنين المجاهدين وتقف في وجه المرجفين والمثبطين وتواجه الشائعات؟.

  1. هل أنت مكلف بعمل جهادي من القيادة كالعمل الإعلامي أو التمويني أو اللوجستي أو الأمني أو التوعوي والتعبوي أو الطبي أو السياسي أو الاجتماعي أو التنظيمي أو أيّ عمل كُلفت به في أي جانب جهادي؟

وإذا لم تكن الإجابة عن أي من هذه الأسئلة الخمسة بـ (نعم) فاعلم أنك ممن قال الله فيهم: (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) فرضيت لنفسك أن تكون مع النساء الخوالف فتخلفت مثلهنّ عن القتال على الرغم أن كثيراً من النساء من يجاهدن بأموالهن ويقمن بأعمال جهادية كبيرة ومتعددة.

الدلالات: