السيد العلامة أحمد بن درهم بن عبد الله حورية المؤيدي

نشر بتاريخ: سبت, 02/04/2016 - 7:53م

ترجمة السيد العلامة أحمد بن درهم بن عبد الله حورية المؤيدي

نبذة إجمالية:

هو السيد العلامة العابد, الولي التقي, حليف العبادة, ورفيق الزهد والورع, قرين الأخلاق الحسنة, والخصال الكريمة, حامل لواء العلم دراية ورواية أحمد بن درهم بن عبد الله حورية المؤيدي .

 فهو من جمع الأوصاف المذكورة بحق, نظرا وتطبيقا , من عرفه عرف العالم الباحث المدقق, ما جالسه أحد إلا شده إليه بحسن كلامه وجودة رأيه, وطيبة قلبه ومحبته الخير لكل الناس, جاهدا مجتهدا في النصيحة الخالصة لكل من طلبها غير مفرق بين صديق أو عدو .

 بلغ الغاية من الإنصاف من نفسه حتى يشعر متابعه والمتأمل في حاله أنه قد اجتهد في هضم نفسه حتى يقول قد ظلمها وحط من قدرها, ولا يزال السامع يسمعه يكرر قائلا : كن مظلوما مبغيا عليك ولا تكن ظالما باغيا.

 والمعروف من شمائله أنه يسامح من تطاول في عرضه يطلب من ذلك الأجر, فيقول : الأجر والثواب في الجنة على المسامحة خير من العوض, ويزيد قائلا : لا أحب أن يدخل أحد بسببي النار إذا علم الله أن بقية أعماله مقبولة.

 حين تسمعه يشرح مسألة علمية يأسر سمعك بحسن الشرح ومتانة التعبير وسهولة الكلمات.

 منصف في النقاش والحوار يترك لمحاوره فرصة كافية حتى تتضح فكرته ويبلغ الغاية من مراده, ثم يفيض بعد ذلك من غرر بيناته وأنوار حججه فترى محاوره يذعن ويقتنع بلا ترهيب ولا فضاضة ولا غلظة؛ بل لما يراه من الإنصاف وقوة الحجة.

 حين تسمعه يعرض دليل المسألة ويركِّبه في إبداع وتفنن تدرك أن الله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا, وتعلم أن الله قد استجاب لرسوله حين قال صلى الله عليه وآله: (اللهم اجعل العلم في عقبي وعقب عقبي, وزرعي وزرع زرعي ) .

ولهم فضائل لست أحصي عدها  * من رام عد الشهب لم تتعدد

 

مولده حفظه الله ونبذة عن أسرته :

ولد حفظه الله تعالى في شهر رمضان من شهور سنة 1380هـ بهجرة فلله من أسرة علمية كريمة لها الرئاسة في تلك المنطقة, من أبوين صالحين.

 فوالده هو السيد درهم بن عبد الله بن يحي حورية المعروف بشدة الورع وملازمة العلم, وجودة الفهم وغزارة العلم .

 وأمه من ذوات التقى والصلاح.

 تربى على يدي والده رحمة الله عليه, وهاجر معه إلى قرية مداك من بلاد جماعة, ولما بلغ السابعة من العمر بدأ قراءته على والده في القرآن, ثم في الفقه والأصولين والحديث والنحو.
 ثم انتقل والده قبيل وفاته إلى مسقط رأسه هجرة فلله, والتحق السيد أحمد درهم  بالمعهد العلمي العالي بصعدة عند ابتداء تأسيسه, وذلك عام
1398هـ التحق فيه بالصف الأول الثانوي, واستمر في الدراسة فيه إلى أن تخرج من الثانوية.

 

لمحة عن دراسته ومشائخه:

 وقد تتلمذ في المعهد العلمي العالي بصعدة على مشائخ العلم, ففي التوحيد على يد العلامة السيد حسين بن الحسن الحوثي, وفي الفقه على يد القاضي العلامة علي بن يحي قامس, وفي التفسير على يد السيد العلامة أحسن بن علي عباس المصطكى رحمه الله, وفي الفرائض على يد السيد العلامة الحسين بن الحسن الحوثي رحمه الله, وفي الحديث على السيد العلامة محمد بن الحسن العجري رحمه الله, وفي النحو على عدة مشائخ, منهم القاضي العلامة يحي بن الحسين الحشحوش, وفي أصول الفقه على عدة مشائخ, وفي الصرف على عدة مشائخ كذلك, وفي المعاني والبيان على عدة مشائخ, منهم السيد العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن حسين شايم رحمه الله حيث لازمه سنوات عديدة, والقاضي العلامة صلاح بن أحمد فليته رحمه الله ,وفي الرياضيات والجغرافيا والدراسات الإسلامية والإنجليزي على عدة أساتذة سودانيين وغيرهم, كما قرأ خلال هذه المدة خارج فصول المعهد على السيد العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن حسين شايم رحمه الله في النحو والصرف والمعاني والبيان وأصول الفقه, كما تتلمذ خلالها على كل من سيدي العلامة الزاهد شرف الإسلام الحسين بن محمد حورية, والسيد العلامة سراج الدين بن عز الدين عدلان في النحو وأصول الفقه والفقه والفرائض .

كما تتلمذ على كل من سيدي العلامة عز الإسلام محمد بن عز الدين عدلان, وسيدي العلامة المقرئ عز الإسلام محمد بن قاسم الطالبي في القرآن على قراءة قالون عن نافع .

ومن عام 1402هـ تتلمذ على سيدي العلامة الزاهد العابد المبتلى الصابر المتفاني في حب أهل البيت عليهم السلام وجيه الدين عبد الرحمن يعقوب في الأصولين والفرائض, واللغة العربية نحوا وصرفا ومعاني وبيان عدة سنوات, ثم توقف بعدها برهة من الزمن لظروف اضطرته إلى ذلك, ثم عاود الدراسة على يدي سيدي العلامة وجيه الإسلام عبد الرحمن بن حسين شايم المؤيدي, قرأ عليه في الأصولين واللغة العربية نحوا وصرفا ومعاني وبيان والفقه والفرائض كما قرأ خلالها على سيدي العلامة عز الإسلام محمد بن عبد العظيم الهادي في الفرائض, وقد استفاد من الجميع فجزاهم الله عنه خير الجزاء, إلا أن أكثر استفادته من والده لكونه المؤسس لملكاته ومن سيدي وجيه الدين العلامة عبد الرحمن بن حسين شايم وسيدنا القاضي عبد الرحمن يعقوب لطول مدة دراسته لديهما وملازمته لهما حيث لا زم السيد العلامة عبد الرحمن شايم أكثر من عشر سنوات كما حكى هو حفظه الله في مقابلة مع صحيفة طلائع المجد .

 

أبرز تلاميذه :

أخذ عنه العلم حفظه الله كثير من طلاب العلم في مختلف المناطق التي أرشد ودرس فيها, إلا أن له طلابا أخذوا عنه أخذا وافروا حتى صاروا علماء ومن أبرزهم السيد العلامة قاسم صلاح نور الدين, وسيدنا العلامة علي مسعود وزملائه في مدرسة آل العامري, حيث درَّس في المدرسة المذكورة فترة .
وكذلك أخذ عنه مجموعة من العلماء وطلاب العلم في مدرسة وجامعة الإمام مجد الدين (ع) في ضحيان .

 

نبذة عن دوره في إرشاد الأمة وتعليمها والنصح لها :

منذ أكثر من خمس وعشرين سنة تقريبا استشعر العلماء حاجة الناس في مختلف مناطق اليمن إلى إرشادهم وتعليمهم معالم دينهم, فقام العلماء بقيادة السيد العلامة المولى مجد الدين بن محمد المؤيدي رحمة الله تغشاه بحركة إرشادية توعوية تعليمية في مختلف المناطق في اليمن وكان للسيد العلامة أحمد درهم  دور فاعل فقد توجه منذ عام 1407هـ تقريبا في هذا العمل, في رحالات ميدانية إرشادية بدأت مراحلها الأولى أيام العطل الصيفية, فسافر حفظه الله للإرشاد والتدريس وتنقل في عدة مناطق منها خولان بن عامر ومناطق مختلفة في جماعة ومنبه من بلاد صعدة, وفي محافظة حجة في مديرية المفتاح ومديرية مبين, وفي محافظة عمران في المأخذ وغيل مغدف وسفيان, وفي الجوف في برط المراشي, وفي الحيمة وآنس من محافظتي صنعاء وذمار, وفي مناطق في مأرب والبيضاء, ومناطق أخرى متفرقة,

فقام بدور مبارك في تلك المناطق في الإرشاد والتدريس حتى أفاد أهل تلك البلاد وتخرج عليه يديه من طلاب العلم الكثير من تلك المناطق .

بل وأصبح الكثير منهم مرشدين وعلماء يشار إليهم .

واستقر رضوان الله عليه في موطنه الأخير قرية القابل في بلاد المهاذر محافظة صعدة, يقصده طلاب العلم والمستفتون فيفيد كل من قصده من معين علمه ودرر نصائحه فلا يعود من لديه إلا بفائدة في دينه .

وقد أسس في تلك المنطقة هجرية علمية, ومدرسة خاصة بالنساء لتدريس القرآن والعلوم الشرعية, وله حفظه الله محاضرات كثيرة مسجلة وعظية وإرشادية مفيدة, نُشر بعضها في موقع الملتقى الإسلامي, نتمنى أن تخرج كلها إن شاء الله وتُنشر صوتا وكتابة لتعم فائدتها لطالبيها.

وله حفظه الله مجموعة من الأجوبة والفتاوى الهامة على أسئلة في مختلف المجالات نسأل الله أن ييسر طباعتها قريبا بحوله وقوته.  

وله رضوان الله عليه باع طويل في القضاء وفصل الخصومات؛ فيقصده الكثير من أهل الخصومات للفصل بحكم الله وشرعه فيما شجر بينهم, فيعتني حفظه الله في حل الخلاف وفصل الخصام, دون تطويل ولا إهمال؛ فلا يخرج المتخاصمون لديه إلا بحل وفصل؛ إما صلحا مرضيا, أو حكما شرعيا ينهي الخصومة والشجار.

ولا يأخذ شيئا من الأجرة في مقابل ذلك, إلا من عند واهب الأجور والثواب .

وابتلي حفظه الله بمرض في العمود الفقري عانا منه فترة, وأجرى عدة عمليات جراحية حتى من الله عليه بالشفاء . 

 

شعره حفظه الله : 

له حفظه الله معرفة بالشعر وذوق رائق فيه, وله ديوان شعر لا زال مخطوطا بخط اليد كما ذكر لي ولده السيد يحيي بن أحمد, وكثير من شعره في شعر الحكمة والوعظيات, اخترنا منه هاتين المقطوعتين أخذناها من صفحته الشخصية على الفيس بوك .

المقطوعة الأولى :            

نجوب المسافات الطوال كأننا          *      خلقنا لقطع الموحشات من القفر

ونفني سني العمر في غير طائل      *       ونلهو عن الزاد الممهد للقبر

وعن ما ينجي في المعاد ويرتقي     *       بنا درجات يوم نبعث للحشر

فيا مالك اﻷملاك كن لي مسددا         *       وخذ بيدي حتى أوسد في قبري

وصل على المختار من آل هاشم      *       وعترته أهل العبادة والصبر

والمقطوعة الثانية:

كتبت بماء عيني حروفا                 على رق من العمر الثمين

تؤرخ ما أﻻقي من صديق               ومن خصم يلائمه أنيني

وترسم خطة ﻻبد منهـــــا                لجيل صاعد فهم رصين

ليعلم أن دار الخلد ليسـت                لمتكل على خب ظنين

يرى حب الأل وجبت علينا             محبتهم من اﻹثم المبين

وﻻ من حاربوا المختار طه             وعترته على مر السنين

أفيقوا يا بني الزهرا افيقوا            وكونوا كاﻷصابع لليدين

وﻻ ترضوا لمن يبدي لديكم            ملاطفة ليعبث بالعرين

يفرق جمعكم ويبث فيكم                سموم عداوة بكلام شين

فديتكم وشيعتكم جميعا                  فلا تصغوا ﻷفاك خؤون

يلفق تارة حلما وطورا                 حكايات كراوية أمين

ويقسم تارة ما قال زورا              وزور ما يقول بكل حين

وختم مقالتي وتمام شعري          صلاة باﻷلوف على اﻷمين

وعترته الذين لهم علينا            حقوق ليس تحسب بالمئين

 

نبذه عن اجتهاده في صلاح الأمة وإنكار المنكرات ومناهضة الظالمين :

منذ بزوغ نجمه بين العلماء؛ بل ومنذ أن كان طالبا وهو مهتم بما فيه صلاح  الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وما كان يمنعه عن اتخاذ الوسائل الرادعة لأهل المنكرات إلا إجلاله لبعض كبار العلماء الذين كانوا يرون الاقتصار على إنكار المنكرات بالقول فقط في أدنى مراتبه.

وقد اشتهرت قضية له حفظه الله في إنكاره المنكر بحزم دون خوف من سلطة الظالمين ولا هلع أهل الخوف والضعف, وهذه القصة حصلت حين كان العمري محافظا لصعدة, وهي أن مدير أوقاف صعدة  باع أرضية وقف عند باب مسجد الامام الهادي عليه السلام تابعة للمسجد,  باعها من احد العبديين وقام المشتري ببناء دكاكين في الأرضية المذكورة وبسرعة فائقة, ليفرض واقعا وبحماية سلطة الدولة, فقام  السيد أحمد درهم حفظه الله بدعوة طلاب العلم وعامة الناس إلى تغيير المنكر بحزم وعزيمة, فجمع حوله جماعة من الناس وقاموا بمظاهرة عارمة ضد مدير الأوقاف وقاموا بهدم تلك الدكاكين, وأزالوا ذلك المنكر, رغم محاولة قوات الامن ارهابهم ومنعهم من ذلك, ورجعت تلك الأرضية الوقف إلى حالتها, ولم يتجرأ بعهدها مدير الأوقاف على الإقدام مرة أخرى على بيعها, وحصلت تلك الواقعة في حال حياة المولى مجد الدين عليه السلام .

وفي عام 2011م حين ثار الشعب اليمني كان له حفظه الله مساهمة فاعلة للدعوة للمشاركة في الثورة فأصدر هو ومجموعة من العلماء فتوى شهيرة في حينه دعوا فيها الشعب إلى الثورة ومواصلة النضال ضد النظام الظالم والفاسد حتى إسقاطه, وحدثت بعد ذلك التاريخ تحولات أدت إلى قيام كوكبة من العلماء وهو حفظه الله على رأسهم بتأسيس مشروع مؤسسي سُمي بالملتقى الإسلامي للتوعية والتأهيل, وهو حفظه الله يمثل رأس قيادته, ومثَّل هذا المشروع انطلاقة مدروسة نحو العلم المنظم والعمل الناجح, والجهاد في سبيل الله المثمر في مواجهة الظالمين والفاسدين, وفي عام 2014م ثار الشعب ضد الحكومة الفاسدة فكان الملتقى الإسلامي بقيادته حفظه الله ضمن أهم المكونات الثورية المشاركة في هذه الثورة التي تكللت بالنجاح في 21سبتمبر 2014م , فأسقطت الحكومة الفاسدة, وهدَّت رؤوس الإجرام والظلم.

وله حفظه الله مقابلتان صحفيتان مهمتان مع صحيفة طلائع المجد, المقابلة الأولى بعد ثورة 2011م , والثانية بعد ثورة 21 سبتمبر, من خلالهما يعرف المطلع غزارة علمه حفظه الله وجوده معرفته بالشئون السياسية, ويعرف ثوريته وإباءه للضيم والفساد.

  وعند وقوع العدوان السعودي الأمريكي على اليمن بتاريخ 26/3/2015م دعا حفظه الله تعالى  هو والعلماء في قيادة الملتقى الإسلامي ووجهوا كوادر الملتقى ومنتسبيه بالتوجه إلى شتى جبهات القتال ضد العدوان والمشاركة في كافة الجبهات الداخلية والخارجية, ومنذ بداية العدوان سقط العشرات من كوادر الملتقى ومجاهديه شهداء وجرحى في مختلف جبهات الجهاد في سبيل الله .

وهو حفظه الله في غاية الإهتمام بمواجهة العدوان وردع المستكبرين, حتى يأذن الله بالنصر المؤزر, وله أوراد يومية وأدعية خاصة للمجاهدين وضد المعتدين .

أما شأنه واجتهاده في الزهد والعبادة والأوراد والأدعية والإبتهالات التي لها أوقات عنده مخصوصة من يومه وليله لا يفرط فيها مهما كانت الأعذار فموضوع طويل لا نحب أن نستفيض فيه؛ لأن ذلك ربما لا يوافق حفظه الله على نشره في حياته؛ لأنه لا يطلع على ذلك منه إلا الخواص ومن له معرفة قريبة به .

نسأل الله أن يمتعنا بحياته, وأن يفيدنا من علمه بحق محمد وآله وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.

الدلالات: