الصوم السياسي

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 07/07/2015 - 5:07م

يقول أحد المفكرين: إن هناك صوما صغيرا نمارسه وهناك صوما كبيرا لا نمارسه بدقة الصوم الصغير هو صوم شهر رمضان والصوم الكبير هو صوم الدهر كله عن المحرمات كلها. اهـ

إن شهر رمضان شهر التحرر والتخلص من العادات السلبية المألوفة والتخلي عن بعض المشتهيات بل عن كلها ابتداءً من الفجر إلى الغروب فكل المأكولات والمشروبات والملذات والمشتهيات التي كانت حلالاً قبل يوم واحد و ساعة بل دقائق محدودة من دخول شهر الصيام صارت محظورة وممنوعة وخطرا أو محرما يحرم استحلاله وتجاوز حدوده وكل خاطر أو ميل أو نزعة ونزوة نحو أمر ما أو رغبة أو محبوب أو مشتهى يجب أن يرفض ويقمع ويقاوم تعظيما وتقديسا لله ولشهره المبارك الذي يعتبر مدرسة تربوية ومنحة رحمة ورأفة من الله بعباده.

إن العادات الاجتماعية والسياسية التي تعود عليها الناس تحتاج إلى مراجعة جادة وتصحيح وتغيير وتطوير وقد بلينا بعادات وتقاليد أو روتين تطبع عليه السياسيون أفرز كوارث ومصائب للأمة الإسلامية والعربية وهذا الروتين والتطبع السياسي قد يصبغ بالدين وببعض فتاوى علماء السوء فيتحول من سياسي إلى ديني خدمة لمآراب السياسيين وأطماعهم وطموحاتهم ونزولا تحت رغباتهم وأهواءهم .

لذا فإن شهراً كاملاً من الصيام لله والمراقبة له والحذر منه كفيل بتغيير الطباع وتحسين الأخلاق والعودة الجادة إلى الحق والعدل والكلمة السواء ومراجعة الذات وترويض النفس وتنقية الضمير وتنوير العقل  وتحريره من كل هوى وباطل وشر وغرور.

إن كل إنسان باعتبار مسؤوليته ووظيفته ودوره يجب عليه أن يجعل من شهر رمضان فرصة ذهبية ومنحة ربانية لجلد الذات وتأنيب الضمير ومراجعة المواقف والمشروعات والطموحات وتعبيدها لله وإخضاعها لله تعالى .

إن شهر رمضان هو شهر ازدياد الرقابة الذاتية على النفس وترويضها بالتقوى والإخلاص لله والانتصار عليها من خلال تعبيدها لله وإخضاعها لصوت الحق ونداء العدل وإعادتها إلى فطرتها التي فطر الله الخلائق عليها.

إن السياسيين في هذا العصر  يسيرون وفق رؤى وفلسفة ومصطلحات السياسة وينظرون إلى بعض رموز السياسة بقداسة وغلو مفرط ويعتبرون بعض قواعد اللعبة السياسية قواعد ثابتة وذات بال وهذا من كوارث السياسة وأخطاء بل خطيئات السياسيين التي أورث الأمة خبالاً ووعياً مزيفاً وواقعاً هزيلاً ومهترئاً وتابعاً لكل ناعق ومتسلط.

إن شهر الصيام هو شهر الحق والإخلاص لله تعالى هو شهر العبودية الكاملة لله تعالى وشهر الفرقان بين الحق والباطل وشهر نزول الدستور الإلهي الخالد المهيمن على كل القوانين والدساتير والفلسفات الوضعية والجدليات والرؤى البشرية التي ليس لها ضابط ومن طبيعة تركيبها النقص والعيب .

إن على رواد السياسة والمهتمين بها والمقتنعين بقوانينها أن يراجعوا أنفسهم وقناعاتهم وبعض مسلماتهم ويعرضوها على القرآن الكريم ويخضعوا كل خلاف وشجار لدستور الله الخالد {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:65].

إن الطغيان سلوك محرم والركون إلى الظالم عمل محظور لكن ما أكثر الطغاة وما أكثر من يركنون إليهم ويصفقون لهم ويتوددون إليهم طلبا للزلفى وطمعا في القربى وحبا في الدنيا {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود : 112 - 113] لقد تركت الاستقامة السياسية وصار الناس تبعا لمنهج السياسة المنحرفة وصار التأييد والإشادة برموز الظلم والجور والفسق والقتل عادة متبعة في علمنا العربي والإسلامي وصار قرار حرب الأمة وسلمها بيد حثالة مجرمة تستمد بقاءها وقوتها من الولاء والتبعية لقوى الشر والكفر من أهل الكتاب .

إن من نكبات الأمة ونكساتها أنها صارت تحكمها جهات بعيدة عن الله مخالفة لنوره وهداه وصار بعض المسلمين لا سيما النخب السياسية تولي بعض المحاكم الدولية والمجالس العالمية عناية واهتماما وتصغي لقراراتها ومرافعاتها وتعتبر ما قد يصدر عنها ملزما له اعتباره وهيبته وكل هذا على حساب منهج الله تعالى الذي أنزله رحمة وهدى ونورا {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } [الإسراء:9].{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..}.

 

شهر الفرقان بين الحق والباطل والعدل والجور

إن السياسة المستعينة بتقوى الله والملتزمة بخطاها هي السياسة التي ترعاها عناية الله ويكون لها الأثر المحبوب في قلوب الرعية والبصمة الجميلة في حياة الناس وهي السياسة التي تتلاقى فيه الأيدي وتنمو فيها العقول وتتلاقح فيها الأفكار ويكون فيها كل سياسي مرآة لأخيه ويداً له لأن التقوى تذيب الأنا وتقاوم الغرور وتقضي على آقة العجب التي أصاب العقول السياسية.

إن الصيام بالنسبة لكل مسلم مدرسة التقوى وميدان التحرر والالتزام بقيم الأخلاق ومعالي الآداب، والسياسيون في هذا العصر أحوج الناس للالتزام بالقيم وتتبع خطى أعلام الحكم من الأئمة العدول الذي أسسوا للأمة منهج حياة ودستور أمة ومن هؤلاء النماذج الإمام علي بن أبي طالب الذي وجه بغي وفجور معاوية ومكر وخداع عمر بن العاص مواجهة شريفة وعادلة فلم يقابل الغدر بالغدر والمكر بالمكر  قال عليه السلام: «وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَلَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ وَلَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ وَلَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَكُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ وَلَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ».

إن الغدر والمكر والخداع والتحايل صار من الأمور المباحة بل المحببة في قاموس السياسة وحياة السياسيين وأصبح النفاق أمراً مستساغاً بل صار عادة وتقليداً متبعاً في حياة الناس وللتخلص من هذا الداء الدوي فإن شهر الصيام يعتبر مدخلاً ومفتاحاً لكل سياسي للعودة إلى الله تعالى وتغيير العادات والتقاليد السيئة التي من أخطرها تلبيس الحق وتضييع الحقائق وتزوير الواقع وقلب الحقائق إن من أسمى و أعظم مقاصد الصيام ألا يكون الإنسان شاهد زور . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»

إن قول الزور والعمل به صار مشاهدا وأسست له مراكز أبحاث وقنوات إعلامية وسخرت لأجله المليارات و استأجر له مئات إن يكن آلاف المتأسلمين متجاهلين عقوبة ذلك و خطورته متناسين أن قول الزور قرن بالشرك بالله تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [ الحج:30].

لقد تحول العالم العربي والإسلامي والغربي إلى شاهد زور إزاء ما يحصل في فلسطين  اليمن الميمون وسوريا وليبيا وبورما والصومال وما يقع فيها  من عدوان وبغي وحرب إبادة تمارسها أنظمة الكفر وقوى العمالة والنفاق.

ويعتبركل من شارك وأيد ودعم وبارك وشرعن لهذا العدوان يعتبر مشاركا فيه وشاهد زور سيلقى الله تعالى يوم القيامة ليحاسبه حسابا عسيرا على كل تلك الدماء والأشلاء والأرواح والنفوس التي أزهقت وقتلت بغيا وعمدا وعدوانا {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:93]. لقد وقع بعض المسلمين في أكبر الكبائر وأخطر الجرائم قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: « أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاَثًا - أَوْ: قَوْلُ الزُّورِ « فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.

إن شهر رمضان هو شهر الله الذي تسكب فيه العبرات ويتاب إلى الله فيه من الأخطاء والخطيئات والزلات وما أحوج الواقعين في التزوير والعاملين له وفيه طلبا لدراهم معدودة إلى الإنابة الصادقة إلى الله وترك العادات السياسية السيئة والتقاليد القبيحة التي ألفوها والتراجع عما كانوا عليه من جرم وإجرام والتغلب على لغة العار بتذكر عار النار كما فعل الزبير بن العوام عندما تاب وتراجع عن قتاله وخصامه مع الإمام علي عليه السلام.

عن أبي الأسود الدؤلي قال: لما دنا علي وأصحابه من طلحة والزبير، ودنت الصفوف بعضها من بعض، خرج علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعو الزبير فأقبل حتى اختلفت أعناق دوابهما، فقال علي: يا زبير نشدتك بالله أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مكان كذا وكذا وقال: «يا زبير أتحب عليا؟»  قلت: ألا أحب ابن خالي وعلى ديني؛ فقال: يا علي، أتحبه؟ قلت يا رسول الله ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني؟ فقال: «يا زبير لتقاتلنه وإنك له ظالم» : قال: بلى، والله لقد أنسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرته الآن، والله لا أقاتلك، فرجع الزبير على دابته يشق الصفوف، فعرض له ابنه عبد الله وقال: ما لك؟ قال: قد ذكرني علي حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لتقاتلنه وأنت له ظالم» . ولا أقاتله، ثم رجع منصرفا إلى المدينة.

لقد كان الخلاف بين الزبير والإمام عليا خلافا سياسيا لكن الإمام عليا عليه السلام كان الميزان وما زال الفيصل والحل لقضايا الأمة السياسية حيث كان يعتبر السلطة السياسية وسيلة لا غاية وأداة لتعبيد الناس لله لا للبشر يقول عليه السلام: في شأن بيعته من كلام له ( عليه السلام ) في أمر البيعة :

«لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ وَاحِداً إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَايْمُ اللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ وَلَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ كَارِهاً».

وكان ينظر إلى الإمارة نظرة احتقار واستصغار ويعتبر أن قيمتها في إحقاق الحق وإزهاق الباطل وهذا هو المنظار والمنطلق الذي يجب أن تخضع له السياسة وروادها (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِي مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَقَالَ ( عليه السلام ) وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا) .

إن الحاكم أو الراعي وكل مسؤول عن رعيته يجب أن يعيش مع رعيته وأن يكون قريباً منها متفقداً لأحوالها مؤدياً لواجبه قائماً بمسؤولياته خادماً لمجتمعه مهتماً بمطالبه وحاجياته حتى يكون مقامه السياسي مقاماً محترماً لا مبتذلاً وهذا ما طبقه رسول الله وباب مدينته علي بن أبي طالب القائل:

«أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا أَوْ أُتْرَكَ سُدًى أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ»

إن الهوى صار هو المتبع، والأئمة المضلون صارت لهم الكلمة المسموعة، ودعاة الفتنة والحرب أصبحوا يعربدون ويفسدون فلا ناهٍ ينهاهم عما هم عليه من المنكر الذي وقعوا فيه بسبب اتباع الهوى ، ولخطورة اتباع الهوى نهى الله نبيه داوود عنه -وهو نبي-  وجعل ثواب الناهي لنفسه عن هواها الجنة {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}  [ص : 26]. ، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات : 40 ، 41]

وهل أسباب وقوع الفتن واشتعال الحروب إلا الأهواء المتبعة؟!! يقول الإمام علي عليه السلام:

«إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّهِ فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنى».

ومن سبقت لهم الله الحسنى سيكونون بعيدين عن عقوبة الله وناره {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 102 - 108] .

الدلالات: