الجهاد سبيل الجميع لمواجهة العدوان

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 07/07/2015 - 4:42م

يمر بلد الإيمان والحكمة اليمن الميمون في هذه الفترة العصيبة بعدوان ظالم لم يشهد له التاريخ مثيلا ,حيث تحالف عليه في هذا العدوان أمم الكفر وعلى رأسها أمريكا وأمم النفاق من الأعراب وعلى رأسهم أعراب مملكة آل سعود .

وفي المقابل فإن الشعب اليمني الشجاع الصابر يواجه هذا العدوان مواجهة لا مثيل لها في التاريخ , فالشعب اليمني المؤمن الصابر في مواجهة هذا العدوان الفاجر يطبق منهج الجهاد الإسلامي المحمدي الصادق بمختلف معانيه وأنواعه ممتثلا قول الله سبحانه وتعالى : ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [التوبة : 41] .
فقد نفر الجميع لمواجهة العدوان , فالجيش والأمن واللجان الشعبية  يقفون صفا واحدا في مواجهة العدوان في مختلف جبهات الجهاد المسلح .
وجيش آخر من المجاهدين يتحرك أيضا لإمداد جبهات المجاهدين , ومن خلف أولئك جيوش أخرى تتحرك من المجاهدين من الرجال والنساء ,من مختلف فئات وشرائح الشعب اليمني .
وهنا نحب أن نركز بشكل أكبر على جوانب مهمة من جوانب الجهاد وأنواعه لا تقل أهمية عن المواجهة المسلحة ضد المعتدين .

هذه الجوانب فيما يتعلق بالجوانب المالية والوضع المعيشي لكل فئات الشعب اليمني المجاهد .

فهذه الايام هي أيام المنفقين في سبيل الله و في سبيل إعلاء كلمة الله يقول سبحانه وتعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة : 261] وقال تعالى { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]

هذا العرض الإلهي العظيم والمضاعف لو عرض أحد من أغنياء الدنيا شيئا يسيرا من هذا العرض في هذه الدنيا الفاني أجرها لو عرض مكافئة على عمل معين يعجله لمن عمله ,لتسابق الناس إلى فعل هذا العمل وتزاحموا على تنفيذه , هذا لأن مقاييس البشر قاصر على الأمور العاجلة والسريعة ؛ لكن أهل الإيمان واليقين بما وعد الرحمن هم أشد مسارعة إلى ما وعد الله والمتاجرة مع الله تعالى بالإنفاق في سبيل الله ليفوزوا بهذا العرض الرباني الذي لم يعرض الله مثله في شيء من أعمال الخير والصدقات.
فهذه الأيام هي أيام تطبيق هذه الآية الشريفة على أرض الواقع ؛ لأن أوباش الكفر والنفاق من المعتدين رهانهم بعد رهان القوة الغاشمة التي يستخدمونها ,رهانهم على نفاد النفقات , رهانهم على جانب المؤنة من طعام وشراب وسائر الحاجات الضرورية التي يحتاجها جيوش المجاهدين في جبهات الجهاد ,وكذلك سائر فئات الشعب , ولذلك عملوا على محاصرة الشعب من خلال منع دخول الأغذية من المطارات والموانئ والمنافذ البرية ,وقاموا بضرب الكهرباء وتوقيف إنتاج النفط من داخل البلاد وكذلك منع إستيراده ليصعبوا على الشعب اليمني وسيلة عيشه وقوت يومه .
فالشعب اليمني المؤمن معني في هذه الأيام أكثر من أي وقت بتطبيق أعلى معاني الإنفاق في سبيل الله ,والتكافل والتراحم, وهو جدير بأن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن يلتزم تعاليمه في هذا الجانب يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلما أمته في مثل هذه الظروف القاسية :(من كان معه فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له ,ومن كان له فضل زادٍ فليعد به على من لا زاد له ,قال الراوي , فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحدٍ منا في فضل ).  

فيستطيع الجميع أن يتعاونوا ويتعاضدوا على كسر هذا العدوان وهزيمته في هذه الجوانب ,فمن كان له فضل من النفقة فاليمنح أخاه من ذلك ولو بالثمن بدون مغالاة .
فالتاجر الذي لديه مخزون من المواد الغذائية الضرورية يجب عليه عرضها للبيع وعدم احتكارها ,أو المبالغة في ثمنها حتى لا يقع في إثم التاجر المحتكر خصوصا في هذه الظروف القاسية على الشعب اليمني المسلم ,يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»

وعنه صلى الله عليه وآله و سلم أنه قال : ( بئس العبد المحتكر إن أرخص الله الاسعار حزن وان أغلاها الله فرح ).
وكل إنسان من اليمنيين المعتدى عليهم أيضا مكلف في هذا الجانب فينبغي على كل صاحب أسرة عدم الإندفاع لشراء أكثر مما يحتاجه من الطعام ؛ لأنه في الواقع يسحب ما يحتاجه غيره من أخوته المسلمين , كيف يفعل ذلك وهو يعرف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .
أيجوز له أن يأخذ من الطعام من السوق فوق حاجته وهو يعلم أن غيره أحوج منه إلى أقل القليل ؛ لأن كثيرا من الأسر ربما لا يستطيعون أن يشتروا الدقيق إلا بالكيلو كل يوم بيومه ,فلماذا يدخر الكميات الكبيرة ,ربما يعتذر بأنه يخاف على نفسه وأسرته الجوع ,فإذا كان مؤمنا حقا يحب لأخوته المسلمين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ألا يخاف كذلك على إخوته المسلمين من الجوع الذي يخافه على أسرته ,فاليترك الزائد على حاجته من الطعام في السوق لأنه إن لم يقنع نفسه بذلك ,فلا يمكن أن تجود نفسه بالإنفاق مما اشتراه حينما يرى المحتاجين للطعام من إخوانه المسلمين ,هل يصح أن يدعي الإسلام والإيمان فيبيت شبعان وجاره جائع يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :(ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره جائع إلى جنبه ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أفضل من إشباع كبد جائع )

 فليتق الله من يدخر الكميات الكبيرة من الطعام لأنه يضر بإخوانه في الإسلام ,فأين روح التكافل والتراحم من هؤلاء , فما نظنهم في شعبنا إلا قليل .

والتاجر الذي له معرفة بطرق التجارة وأساليبها يستطيع أن يكون مجاهدا بالمثابرة في توريد المواد الضرورية بأساليب كثيرة يعرفها التجار ,ثم يعمل علي بيع ما يجلبه من سلع ضرورية وبالأخص الطعام بالسعر المقبول والربح اللائق ليكون من المجاهدين بإذن الله ,لينتصر الشعب كل الشعب على حضر الأعداء وحصارهم الذي فرضوه ؛ وهؤلاء التجار وبالأخص في هذه الظروف مدعوون للدخول في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة ) .
والحمد لله اليمن بلد مترامي الأطراف والحدود والشواطئ ,ففي شعب غزة في فلسطين خير مثل في هذا الجانب ,فغزة رغم صغر مساحتها وشدة الحصار عليها من الصهاينة وأحلافهم من الأعراب لم يستطيعوا أن يميتوهم جوعا لأن الحصار الظالم علّمهم أساليب العيش الكريم وفتح لهم طرقا كثيرة مبتكرة لكسر حصار الأعداء والطغاة من الأعاجم والأعراب .  
والمرأة تسطيع أن تكون في هذا الجانب من المجاهدات ببذل ما تستطيع من فائض حليها في سبيل الله لتموين جبهات الجهاد المسلح , ومن لم تجد فائضا من حليها تستطيع أن تكون من المجاهدات من خلال تشجيع زوجها وأولادها بالإنخراط في جبهات المواجهة الأمامية أو الخلفية التموين والإمداد وغير ذلك من مجالات الجهاد وتستطيع أن تخلفهم في بقية الأسرة من الأطفال وكبار السن بتدبير أمور المعيشة بأبسط وأخف ما تستطيع لتدخل في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله فقد غزا )).

وتستطيع أن تكون من المجاهدات المنفقات في سبيل الله بصناعة أنواع الأكل الذي يبقى فترات طويلة ينتفع به المجاهدون في الجبهات عند الضرورات .
والموظف وخصوصا في الأماكن المهمة التي لها علاقة بحياة الناس المباشرة جهاده وكفاحه هو في المداومة والمواظبة على عمله وأداء واجبه ؛لأن في غيابه وعدم مبالاته بعمله ضرر كبير على منافع الناس خصوصا في هذه الظروف العصيبة .

وللشعب اليمني المؤمن في أسلافه من أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدوة وأسوة , حيث مدحهم الله في كتابه بقوله تعالى : {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الحشر: 9] .

فقد قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهاجرا إلى يثرب ( المدينة ) مع من هاجر معه من مسلمي مكة ولم يستطيعوا أن يحملوا معهم شيئا من المال حتى من كان له مال في مكة لم يستطيعوا الخروج إلا بأنفسهم , فكان الأنصار من الأوس والخزرج خير مستضيف كانوا يقدمون المهاجرين على أنفسهم عند الأكل فما بقي أكلوه وإذا لم يبق شيء باتوا على الطوى برضا واطمئنان محتسبين الأجر عند الله تعالى .
بل وصل بهم الإيثار إلى مقاسمة المهاجرين في أموالهم مناصفة حبا لله ولرسوله ولأخوتهم المسلمين من المهاجرين .
فهكذا يجب أن يكون أهل اليمن مثل أسلافهم في الإنفاق في سبيل الله والإيثار لا سيما في هذه الظروف الشديدة والعدوان الغاشم والحصار الظالم .
والنصر قريب والفرج أقرب بإذنه تعالى يقول الله تعالى ({فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6]
فثقة الشعب اليمني بالله وبفرجه وبنصره ثقة لا يتخيلها الأعداء المعتدون.