حرية الاجتهاد وتعدد الآراء والاجتهادات

نشر بتاريخ: سبت, 14/03/2015 - 12:04م

البعض من الإخوة المفكرين طرح رأياً خلاصة معناه؛

إن من سلبيات الاختلاف وأعظمها على الإطلاق أن إعمال الفكر والاجتهاد لكل من له قدرة على الاستنباط والإعمال يؤدي إلى تعدد الاجتهادات، وأن هذا التعدد يجعل الأمة مختلفة الأقوال والاتجاهات والحلول والتنظيرات، و أن هذا ينتج عنه تعدد القيادات والزعامات فينتج عن ذلك عدم اجتماعها على موقف ورأي واحدٍ فتضيع الأمة والدين والمصالح و تتعادى الأمة فيما بينها!

فلا يستطيع الإمام والعَلَم والرئيسُ أن يقيم دولةً ونظاماً في ظل وجود المجتهدين الذين قد يتوصل أحدهم إلى رأي مخالف للإمام يؤثر على سياسته وجهوده تأثيراً سلبياً، مما ينتج عنه إضعاف أركان الدولة.

وأنه لأجل التوحد -وهو مقصد رباني- رفض أصحاب هذا القول كل العلوم التي تؤدي إلى تعدد الاجتهادات حتى أنهم لم يفرقوا بين تعدد الآراء والمدارس الفقهية في الأمور العبادية وبين تعددها في الأمور الأخرى كالقضايا المرتبطة بالحكم وحقوق الدولة..

نتيجة غير صحيحة

وهو كلام جيد ومهم للغاية لكن النتيجة - أي : رفض إعمال الفكر و التعدد الفقهي وتعدد الآراء في الأمور العبادية والمعاملاتية أو السياسية و غير ذلك مما ليس من الأصول القطعية ولا مما أُجمع عليه - غير صحيحة؛ لأن كل إنسان عاقل على أي فكر أو ديانة أو مذهب أوجدوا حلاً لهذا الاشكال، كلٌ حسب فكرته من دون نظر إلى صحة الحل، فهو موجود عند كل الناس بمختلف دياناتهم ومذاهبهم واتجاهاتهم الفكرية ولم يرفضوا أن يعمل الإنسان القادر على الاستدلال في قضية ما، ولم يرفضوا تعدد الرؤى، لكنهم جعلوا رأي الشيخ والرئيس والزعيم والقائد والمدير - مدير شركة أو جمعية أو مدرسة أو مستشفى وعميد الأسرة أو العائلة وقائداً أو أميراً للجيش أو للسرية ومحافظاً للمحافظات ومدراء ووزراء وأميراً ينصبه جماعة محدودة معدودة لوقت معين محدود كتنصيب أمير وقائد أثناء السفر - من يجب تنفيذ قوله والعمل به مع إيجاب استشارة كل من له خبرة وقدرة على ترجيح الآراء و الأحكام أياً كانت والاستعانة بترجيحاتهم للخروج برأي يراه من اختاروه قائداً لهم ويعمل على مقتضاه والحاصل (كل من له ولاية لجماعة قليلة كانت أو كثيرة أوجبوا طاعته( فاختار بعضٌ الديمقراطية والعمل بمقتضى رأي الأكثرية -مع أنها متعددة المفاهيم من حيث التضييق والإطلاق- فالحل أن يعمل الكل -الأقلية والأكثرية- ببرنامج الأكثرية ممن اختارتهم الصناديق رئيساً كان أم زعيماً أم برلماناً ،واختار بعضٌ طاعة الفرد أياً كانت ثقافته وتقواه تحت منهج (أطع الإمام وإن كان متسلطاً فاسقاً ليس له من الشروط إلا الرجولية) واختار البعض منهج (أطع ولي الفقيه) واختار آخرون منهج (أطع ولاية مجلس شورى الفقهاء) واختار بعض منهج ( أطع الإمام العادل )

رأي أئمة ومجتهدي الزيدية

وأئمة ومجتهدو الزيدية أوجدوا ضوابط لهذه القضية فأوجبوا امتثال أوامر الإمام فيما يقوى به أمر الدولة؛ كالحقوق أو فيما حكم به من المعاملات مما يعود نَفعُهُ على الأمة كلها من خدمة وقضاء وولاية واقتصاد وسياسة وأن هذا الوجوب يعم الناسَ جميعاً حتى المجتهدين وأن هذا مُسلَّمٌ لدى المجتهدين، وأوجبوا العمل بما حكم به الحاكم وأن قوله فاصل وأنه يرفع الخلاف وأن لمن له الولاية في الحقوق العامة وفي القضايا التي هي محل نزاع كأحكام الزواج وأحكام البيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات أن يُلزم الجميع باختياراته في هذه القضايا التي تؤدي إلى المصالح العامة والاستقرار الذي يبغيه المجتمع فلا يكون لكل حاكم اجتهاد خاص مخالف لحاكم آخر.

الإمام واجب الطاعة باعتبار إمامته لا عصمته

فإذا ترافع رجلان أحدهما مجتهد عند قاض متول من قبل زعيم محق وحكم بحكم على خلاف اجتهاد المجتهد فيجب على المجتهد إجماعاً اتّباعه والعمل بما حَكَمَ به الحاكم، وإذا حكم بوجوب الزكاة في مال مخصوص أو حكم بوجوب نفقةٍ ما فيجب على جميع الأمة الامتثال حتى المجتهدين ولا يجوز للمجتهد أن يعمل بخلاف ما حكم به القاضي أو الإمام، ووجوب طاعة الإمام ليس من حيث كونه معصوماً بل من حيث كونه إماماً.

الاجتهادات العبادية والمعاملاتية

أما تعدد الاجتهادات في القضايا العبادية كأحكام الصلاة والوضوء والاعتكاف مثلاً فإنها لن تؤدي إلى سلب حقوق الأفراد ولا إلى سلب حقوق الدولة؛ فأن تصلي على كيفية لا يقول بها آخر لعدم توفر شرط واجب عنده لا يؤثر على الآخرين ولا ينزع حقاً من حقوهم، وأن ترى أن الوضوء بكيفية ما، لا تصح....إلخ ، وكذا العكس لا يسلب أحداً حقوقه الفردية والمشتركة العامة.

بخلاف أحكام المعاملات فإن الاختلاف فيها يؤثر على حقوق الآخرين المتنازعين وكذا الاختلاف في القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية...إلخ،

فإن العمل بمقتضى كل اجتهاد يؤدى إلى عدم صيانة الحقوق وعدم الاستقرار العام للمواطنين، ولهذا نصَّوا على أن حكم الحاكم لا ينقض بظن اجتهاد مجتهد آخر يخالف مذهبه وأنه لا يصح للحاكم أن ينقض حكم حاكم آخر يخالفه في الرأي صيانة للأحكام لأنه لو نقض حكم المخطئ في نظرهم لنقض مجتهد آخر حكمهم لأنه يدعى أن الحق معه فلا يستقر حكم حاكم أصلاً.

وكما يجب على الأب أن يتحرى الصواب والأصلح وأن يسعى في سعادة أولاده وتربيتهم تربية حسنة فتجب طاعته فيما يخص أولاده وأنَّ ظنه أولى مِن ظن غيره فيما يخص أسرته وكما يجب على الطبيب والقاضي والمدرس أن يتحروا الصواب والأصلح وأن يسعوا في معرفة ذلك فيجب عليهم أن يعملوا بما توصلوا إليه من رأي فيما يخص أعمالهم ومعارفهم فكذلك الإمام والعَلَم والرئيس والحاكم، فلا بدَّ لكل جماعة تحت إطار واحدٍ كمدرسة وشركة ومستشفى ونحو ذلك أن يكون لهم رئيس فيعملوا جميعاً برأيه مع وجوب الاستشارة لهم واستشارة أصحاب الشأن وتحري الصواب والأصلح.

وجوب الطاعة لاينافي تفكير الآخرين

ووجوب طاعة مَن ذُكِر لا يمنع أن يفكر الآخرون الذين هم في نفس الإطار بل الواجب عليهم هو التفكُّر وتحري الأصوب والأصلح وأن يكونوا ضمن ورشة واحدة فيأخذ زعيمهم بما هو الأصلح فكذلك المجتهدون مع الإمام وكذلك الإمام مع المجتهدين.

وليس هذا القول خاصاً بالزيدية ولا بالإسلام - عند تعدد الآراء - ألا ترى أن البعض يختار عملية التصويت عند تعدد الأفكار السياسية والاقتصادية وغيرها في الحكم وفي الشركات والمنظمات والعمل بما اختارته الأكثرية من قبل الجميع؛ الأكثرية والأقلية معاً، مع عدم سلب حرية التفكير ومن دون مصادرة الأفكار، 

قال الإمام المهدي في البحر الزخار:

(مسألةٌ، ويجب امتثال أوامر الإمام فيما يَقْوَى به أمرُهُ كالحقوق والشعار إجماعاً لا فيما يَخُصُّ نفسه ولا في العبادات مطلقاً والعادات كالطلاق والنكاح ويجوز امتثالُ الحاكم فيما حَكَمَ به من حَدِّ ويجب بأمر الإمام لوجوب طاعته قلتُ: إلا في قطعي يُخالف مذهبَ المُمْتَثِل أو الباطن)ا.هـ

وقال عليه السلام:

(قلنا: لا يلزم "أي طاعة الإمام" إلا فيما يَقوَى به أَمرُهُ كالحقوق والشعار أو يحكمَ به من المعاملات فأما مُجرَّدُ الفتوى من غير إلزام بمقتضاها فلا دليل على وجوب قبوله) ا.هـ "البحر الزخار".
فعلى هذا القول فتجب طاعته ولو بالفتوى إذا ألزم بالعمل بمقتضاها والشعارُ كالقضاء والولاية فللإمام الإلزام في ذلك ويجب الامتثال.

وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة:

( ويجب امتثال إلزام الإمام وإن خالف المستفتي والفتوى المطلقة لا تكون إلا لمذهب إمام الوقت إن علم) ا.هـ "المُهَذَّب"

وقال (ع): فإن حكم الإمام بحكم في مسألة فقهية وَجَبَ على جميع الأمة الانقياد فيه لأن الحكم بخلاف الفتوى فالتزامه يجب عليهم حتماً لا رخصة فيه) ا.هـ -المجموع المنصوري- تحت عنوان "مسائل القرطاسين"

وقال الإمام المنصور "ع":

( أن فتوى الإمام إن كانت في حكم معين قطعت الاجتهاد لأنها أقوى حالاً من حكم الحاكم وإن كانت فتوى مطلقة لم تقطع الاجتهاد إلا أن يلزم الإمام الأمة حكم تلك الفتوى فإن الاجتهاد ينقطع عند ذلك) ا.هـ المجموع المنصوري ج2 ق2.

وفي مجموع الإمام زيد بن علي "ع" بسنده عن علي عليه السلام قال:

(حقٌّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يعدل في الرعية فإذا فعل ذلك فحقٌّ عليهم أن يسمعوا وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا، وأيما إمام لم يحكم بما أنزل الله فلا طاعة له) "ا.هـ

"مسند الإمام زيد"-باب طاعة الإمام.

قال السيد بدرالدين:

(والزيدية منهم الأئمة المجتهدون والعلماء المجتهدون فيهم كثير جداً) ا.هـ "كشف التغرير".
وقال أيضاً:

(فأما قوله (أي مقبل) إنهم تارة على مذهب الشافعي...إلخ فهو شأن الاجتهاد واتباع الدليل أن يوافق المجتهد من وافق ولا يتقيد بقول مجتهد آخر في كل مسألة لأن مهمته إتباع الدليل ومن شك في هذا فليطالع شرح التجريد للإمام المؤيد بالله والاعتصام والصحيح المختار) "ا.هـ من المصدر السابق".

وقال أيضاً:

(ويتخيروا الصالحين لذلك بالعلم والعمل والعقل والزهد في الدنيا والورع الذين يحاولون جمع المسلمين باستعمال الرفق والتيسير وحسن الظن وفتح باب التأويل والحمل على السلامة دون من يشدد ويسعى في تفريق المسلمين وإلقاء العداوة والبغضاء عملاً بسوء الظن و بناء على المخالفات في المسائل الفرعية التي للناظر فيها نظره والمخالفات بطريق الخطأ والنسيان والاضطرار) ا.هـ "التيسير في التفسير" في تفسير قوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير).

وقال:
(فلا يحكم بهلاك كل فرقة مع كون خلافها في مسائل غامضة الدلائل بعض الغموض) ا.هـ المصدر السابق.

وقال: وانظر وجوب العمل بالخبر الأحادي في العمليات الفرعية متى تكاملت شروطه ووجوب العمل بظاهر الكتاب العزيز والسنة المعلوم متنها وأن ما ثبت شرعاً وجوب العمل به مع أنه لا يفيد إلا الظن فيعمل به لدليل العمل به لا لأن الظن دليل؛ من تفسير السيد بدرالدين على قوله تعالى: (ولَا تَقْفُ مِاْ لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم)

فما الضيرُ في أن المجتهد يتعبد الله في المسائل التعبدية المحضة كأحكام الوضوء والغسل وغير ذلك مما لا تعلق لها بنظام الدولة مطلقاً وهو مخالف لاجتهاد الإمام، العَلَم، الشيخ...؟

بل ما الدليل على حرمة ووجوب أن يعمل المجتهد بقول الإمام في تلك المسائل المذكورة؟
وهل الخطأ فيما لا يتعلق بنظام الدولة وإقامتها كالاختلاف في أحكام الوضوء والصلاة وغير ذلك؟
الحل السلبي لمنع الاختلاف

وما هي الطرق لمنع الاختلاف رأسا ؟ مع انه قد وقع وحصل!! ألم تروا شرح التجريد ومسند الإمام زيد وكتب الإمام أبوطالب وأخيه الإمام المؤيد بالله وكتب الإمام الناصر والجامع الكافي في الفقه الزيدي للأئمة في العصور الأربعة وكتب الإمام الهادي وجده القاسم والإمام المهدي والإمام القاسم بن محمد وغيرهم ثم هل لديكم أدلة يقينية على كل مسائل الفروع مسألة مسألة؟!.

يا اخواني مَن مِن العقلاء الصلحاء يرفض أن تكون أحكامهم في كل مسائل الأمور التربوية والحياتية و العبادية والمعاملاتية والسياسية وغيرها مجمعا عليها لا اختلاف فيها..؟ أم أن الحل هو أن نرفض تلك العلوم ؟! فإذا كان هذا هو الحل وما أعجَبه من حل زاد الطين بلة فماذا نفعل بالخلاف الحاصل بين أهل البيت في بعض المسائل الخلافية ؟؟ هل ننكر وجودها؟ هل ننسف كتب الإمام المؤيد بالله ونحرقها؟ وأي قول نختاره وننسف البقية هل قول الهادي أم الإمام زيد أم المؤيد بالله ؟

تساؤل

إن قلتم بطاعة العَلَم وحده دون غيره من المجتهدين المعاصرين؟

قلت: هذا ليس مانعاً من الاختلاف وتعدد الآراء، لأن الاختلاف في الأحكام الشرعية أمر واقع لكن ما ذكر مانعٌ من (العمل) بمقتضى ما أداه نظر المجتهدين فيما يتعلق بتسيير الدولة، 
وهو غير مانع من النظر والاجتهاد وإعمال الفكر، بل من العمل به وهذا غير محل النزاع،
وأين الشورى وما محلها عندكم من الشريعة؟!. فكيف يستشير - العَلَم الحاكم الإمام الرئيس الشيخ الأب المدير - غيره من أهل المعرفة والخبرة من كل فن وصناعة المجتهدين منهم سواء في الاقتصاد أو السياسة أو غيرهما وهؤلاء لا يسمح لهم بالتأمل وإعمال الفكر والترجيح لرأي وقول دون آخر فهم لا يرجحون رأياً ولا قولا؟!.

أليس استشارة هؤلاء تقتضي أن لهم أقوالاً علموا ترجيحها وإصابتها من اعمال عقولهم وأن لهم قدرة على الاستدلال والاستنباط كل واحد منهم في فنه وصناعته؟!؟

والله قد أوجب النظر وإعمال الفكر، وأوجب علينا أن نحاور و نتحاور وعلمنا أسلوب وكيفية التحاور والإقناع وأعطانا العقل لنعمل به فيما للعقل فيه طريق، وما لا طريق له أن نسأل أهل العلم، 
وقولكم - بوجوب طاعة العَلَم وإن كان لا يرفع الاختلاف ولا يزيله لأنه أمر واقع - نقض وإبطال و رد على من زعم أن تعدد المجتهدين وتعدد اجتهاداتهم لها آثار سلبية - لأنها على حد زعمه تؤدي إلى أن يعمل كل واحد برأيه فيكون المجتهد متفرقاً مشتتاً وليسوا أمة واحدة معتصمة بحبل واحد- لأنه يمكن أن نعمل بعمل واحد مع عدم احتكار التفكير والاجتهاد والعمل تحت من له ولاية العَلَم، الإمام، الرئيس،...الخ

 

و ما حكم العَلَم أو الإمام أو الشيخ أو الزعيم أو القائد المخالف لمن سبقه في مسألة فرعية عملية لم تُجمِع عليها الأمة أو أهل البيت؟!

وهل تجب طاعة أولئك فيما خالف فيه مَن سبقه في مسألة فرعية لم تجمع الأمة أو الآل على حكمها؟
إن قلتم: تجب طاعته.

قلنا: فلماذا قلتم بوجوب منع المخالف من الاجتهاد ؟ وهل طاعته ترفع الاختلاف القائم ؟

وإن قلتم: لا تجب طاعته لأنه خالف الإمام السابق .

قلنا: فهل نترك إقامة الدين والنظام الإسلامي لأجل مسألة فرعية فنعطل الحدود والجهاد وكل الأحكام الشرعية ونتفرق ونتحزب لأجل تلك المسألة المعفو عن الأمة الاختلاف فيها ونترك المقصود والغرض الأصلي الكلي من استخلاف الله للإنسان في الأرض وهو إقامة العدل بإحياء الكتاب والسنة..

ثم كيف سيكون إيقاف هؤلاء المخالفين لكم في تلك المسائل الفرعية الظنية ؟ هل بالسجن وتكميم الأفواه والرعب أم بالقتل أم...؟

التفهيم الإلهي لا يغني عن الاجتهاد

أيها الأعزاء رسول الله تعايش مع أهل دين غير دينه تعايش مع اليهود والنصارى وأوجد قوانين مشتركة في المدينة المنورة وعمل دستورا للتعايش مع الاخر فكيف نجعل نحن الاختلاف الفقهي في بعض الأمور الفرعية الظنية مدعاة للمصادرة والإنكار وجعلناها مانعا من اقامة الدين في كل جوانبه وتركنا المقصد والغرض الاصلي من الاسلام وهو اقامة العدل ولنعلم إن التفهيم الإلهي لا يغني عن الاجتهاد لأن التفهيم لا يكون إلا بالإعمال والإعمال لا يكون بآلات وأدوات والأدوات هي العلوم والقواعد ومع التقوى الواجبة يفتح الله للإنسان أبواباً ويُقَوِّي ويُنَمِّي مداركه إذ ليس المراد بالتفهيم الوحي إلا للأنبياء عليهم السلام.