الحبيب محمد بن عبداللّه الملقب الهَدار

نشر بتاريخ: سبت, 16/11/2013 - 12:00ص

الحبيب محمد بن عبداللّه الملقب الهَدار ابن شيخ بن أحمد بن محسن (هو أول من هاجر من حضرموت إلى البيضاء) بن علي بن صالح بن محمد بن صالح بن أحمد بن الحسين ابن الشيخ أبي بكر بن سالـم مَولى عِينات ابن عبداللّه بن عبد الرحمن بن عبداللّه بن عبد الرحمن السقاف ابن محمد مولى الدويلة ابن علي بن علوي بن (الشيخ الفقيه المقدم) محمد بن علي بن محمد (صاحب مرباط) بن علي (خالع قسم) بن علوي بن محمد بن علوي (صاحب سمل) بن عبيدالله (صاحب العرض) بن أحمد (المهاجر إلى الله) بن عيسى (الرومي) بن محمد (النقيب) بن علي (العريضي) بن جعفر(الصادق) بن محمد(الباقر) بن علي(زين العابدين) بن الحسين(السبط) بن علي بن أبي طالب وابن (السيدة)فاطمة(الزهراء) بنت (الرسول) محمد(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم). والدته المرأة الصالحة نور بنت عبد الله بن عوض باصهي ومن أسرة عريقة في العلم (المتوفاة سنة 1402 هـ).

مولده ونشأتة: ولد،، في قرية عزة من ضواحي مدينة البيضاء باليمن سنة 1340 هـ، من بيت اشتهر بالعلم والتعليم والدعوة والإصلاح بين الناس، رحلت من عينات بحضرموت إلى مدينة البيضاء، التي نشأ بها صاحب الترجمة على أكرم الخلال وأفضلها، وتردد على القاضي حمود الكستبان، ومفتي البيضاء العلامة محمد بن حسين الهيثمي (المتوفى سنة 1380 هـ) آخذا منهما مبادئ علومه الأولية.

طلبه للعلم وذكر بعض مشايخه: ما إن بلغ السابعة عشرة من عمره حتى استعد للرحيل لطلب العلم مع رفيقه الأستاذ العلامة محسن بن محمد بن عبد الرحمن الهدار (المتوفى سنة 1391 هـ) واتجها إلى عدن مشيا على الأقدام ليواصلا سفرهما إلى تريم مدينة العلم والعلماء. ولصاحب الترجمة الكثير من العلماء الذين أخذ عنهم ونقتصر على ذكر أشهرهم، ومنهم:

(1) الداعي إلى الله الإمام عبد الله بن عمر الشاطري (1290 هـ - 1361 هـ) وهو غني عن التعريف ومؤسس رباط تريم بحضرموت، وهو أكبر مشايخه وعليه تخرج في العلم.

(2) شيخ علماء حضرموت الإمام علوي بن عبد الله بن شهاب (1303 هـ-1386 هـ): وهو العلامة الشهير الداعية الكبير أجمع على تقدمه علماء عصره، وصار المشار إليه بالبنان في قطره، أخذ عنه أعداد كبيرة جدا من طلاب العلم ومنهم المترجم له، ويعد من أبرز من أخذ عنهم من أهل العلم. جمع بعض تلاميذه سيرة أخباره ومواعظه.

(3) العلامة الشهير السيد جعفر بن أحمد العيدروس (1308 هـ- 1396 هـ): الإمام الداعية الجليل أخذ عنه المترجم له حتى عد من خواص تلاميذه، وهو ممن جمع الله له بين العلم والجاه والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لازمه كثير من طلاب العلم، وتربوا على يديه، وبالجملة فمناقبه أشهر من أن تذكر،، رحمة الأبرار.

(4) والده الهدار بن شيخ (1318 هـ-1365 هـ): وهو السيد الفاضل الهدار بن شيخ - اسمه عبد الله، إلا أن اللقب طغى على الاسم- المولود بالبيضاء أخذ العلم على يد العلامة الفقيه الفلكي سالم بن حسين الكدادي (1280-1359 هـ) والد الشيخ محمد بن سالم البيحاني، ومكث يطلب العلم في بيحان فترة من الزمن. كان،، عالما محبا للعلم والعبادة، فصيحاً كريما ذا كلمة مسموعة، وله مواقف محمودة في الإصلاح وخدمة البلاد، استخدم شعره لتقديم النفع للناس وإرشادهم للخير، واستمر على ذلك حتى توفي بعزة،.

(5) علامة الحرمين السيد علوي بن عباس المالكي الحسني (1327-1391 هـ): علامة الديار المقدسة وشيخ علمائها، أخذ عنه المترجم له واستفاد من علومه ومعارفه، كان آية في سعة العلم وقوة العارضة ودماثة الأخلاق وهو بالإجماع صدر (علماء مكة والمدينة)، تخرج على يديه خلائق لا يحصون من طلاب العلم والدعاة إلى الله انتشروا في أنحاء المعمورة. له الكثير من المؤلفات النافعة.

بعض أعماله ورحلاته لنشر تعاليم الإسلام: لما رجع من تريم افتتح في عزة مدرسة العلم الشريف، التي تأسست سنة 1362 هـ، وتخرج منها وانتفع بها الكثير من الطلاب وعرفتهم طرفا من أمر دينهم ودنياهم، ثم رحل إلى بلاد الصومال واشتغل إماما بمسجد مرواس بالعاصمة مقديشو، وبقي هناك متنقلا حينا إلى البيضاء وحينا آخر إلى الصومال حتى سنة 1380 هجرية، حيث وفقه الله إلى أن ينشأ المعهد العلمي بمدينة البيضاء تحت إشرافه ومساهمة عدد من المدرسين أولي العلم والهمة في الدين كالعلامة زين بن إبراهيم بن سميط والسيد أحمد بن عمر بن شيخان الحبشي، وعدد من أنجاله المباركين، وللمترجم له نشاط كبير نافع في طريق الدعوة إلى الله بين المدن والقرى، فقد عرفته اليمن بشطريها، وأرض الحجاز، وكل مواطن يفد إليه أنه إمام سلفي مبذول للدعوة إلى الله، مع غاية الأدب والتواضع والإحسان في القول والعمل، وله رحلات إلى بلدان شرق أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا وبلاد العراق والشام وغيرها من بلاد المسلمين.

وقد قضى كل حياته في العمل والعلم والدعوة إلى الله حتى أخرىات عمره، وقد اختار في أخرىات حياته المجاورة بالحرمين الشريفين، ولم يخرج إلى اليمن سوى مرتين كانت إحداهما سنة 1414 هـ إلى عدن عبر تعز، وصلى الجمعة بجامع العيدروس وصادف في ذلك اليوم حضور فخامة رئيس الجمهورية وألقى المفكر والداعية الإسلامي أبوبكر العدني بن علي المشهور خطبة الجمعة فأشار فيها إلى ما وقع لمقام الإمام العيدروس من الأذى والانتهاك، فقام فخامة الرئيس بعد صلاة الجمعة وشنع ذلك الفعل الذي قام به الغوغائيون وأعلن عن إعادة الاعتبار الرسمي للمسجد والمقام، وكان لهذا التأييد أثر كبير في إعادة ترتيب أوضاع المسجد والمقام ونجاح سير حلقات العلم والتعليم في المسجد المبارك.

مؤلفاته وآثاره وتلاميذه وذريته المباركة: لقد ترك،، تراثا عظيما من العلوم والمعارف، ومؤلفاته القيمة بعض من ذلك التراث، ومنها: 1- شفاء السقيم في أحاديث المنقذ العظيم، 2- عجلة السباق إلى مكارم الأخلاق، 3- صاروخ القرآن والسنة على رؤوس الفتنة، وغيرها من الرسائل، وقد ذكر ولده العلامة الحسين ثبت مؤلفات صاحب الترجمة وأوصلها إلى 24 من آثاره النافعة، منها ما تم طبعه ومنها ما لا يزال مخطوطا كالفتاوى وديوان أشعاره، أما كلامه،، أثناء المواعظ والمحاضرات، فقد قام بجمع بعضه نجله العلامة طاهر بن محمد الهدار، وتلميذاه السيدان محمد بن أبي بكر الحامد وعلوي بن حسن الحداد، وسوف يتم جمع كل ذلك وترتيبه ويقدم للطبع، إن شاء الله، قريبا.

ومن آثاره الباقية رباط العلم الذي أنشئ سنة 1380 هـ، وما زال يؤدي دوراً فريداً من نوعه في رقعة الجزيرة العربية بأسرها، تخرج منه الكثير الطيب من طلاب العلم الشريف الذين رجعوا إلى مدنهم وقراهم يواصلون العلم والتعليم وينشرون محاسن الإسلام وخصاله الحميدة، وقد أعقب المترجم له أولاداًِ مباركين قال فيهم، : «لقد نذرتهم لله وهم في بطون أمهاتهم آملا من الله سبحانه وتعالى أن يجعلهم من خدمة الشريعة، ومن مبلغيها إلى مشارق الأرض ومغاربها»، ويضيف إلى ذلك قوله: «مع كمال النفع والانتفاع والإخلاص والزهد والعافية واليقين» وعددهم أحد عشر من الذكور وهم: الحسن والحسين وأحمد وطاهر وعبدالله وزين وإبراهيم وهاشم وطه وعبدالرحمن وحمزة، وكلهم من طلبة العلم، نسأل الله أن يحقق فيهم ما أمله ويوفقهم لما يحب ويرضى، كما ترك أربع عشرة بنتا وأربع زوجات، جعلهم الله ذرية مباركة طيبة لجدهم سيد المرسلين صل الله عليه واله وسلم.

وفاته: كان،، يحرص كل الحرص على الجلوس في مكة لكون الأعمال تتضاعف فيها، وقد كان كثير التردد على مجالس العلم التي تعقد في مكة والمدينة عند كثير من العلماء الأعلام، كما كان مقصداً لطلاب العلم ومرجعاً لكثيرمن المسائل العلمية، وقد انتقلت روحه الطاهرة إلى جوار ربها في تمام الساعة العاشرة مساء الإثنين الموافق الثامن من شهر ربيع الثاني سنة 1418 هـ، فطويت صحيفة هذا الإمام، ودفن في مقبرة المعلاه بمكة بجوار جمع من أقرانه الذين نزحوا إلى مكة بعد تولي الحزب الاشتراكي الحكم بالشطر الجنوبي من اليمن، إذ هربوا حينذاك من طغيانه وبغيه ومضايقته للعلماء، رحمهم الله، جميعاً، وجمعنا وإياهم بعد طول العمر في طاعته ورضاه في مستقر رحمته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً... آمين.

وقد صنف نجله االمبارك الحسين (مفتي البيضاء) والقائم الآن مقام والده في إدارة الرباط (حفظه الله) ترجمة حافلة لحياة والده تقع في مجلد ضخم سماها (هداية الأخيار في سيرة الداعي إلى الله محمد الهدار).. كما ترجم له العديد من المؤلفين في كتبهم ومنهم المفكر والداعية الإسلامي أبوبكر العدني في كتاب (قبسات النور) وغيرهم، وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله.