حوار مع رئيس شبكة المسيرة الإعلامية محمد عبدالسلام فليته لمجلة الاعتصام

نشر بتاريخ: سبت, 24/04/2021 - 10:03م

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وعلى آله الطاهرين.

من وجهة نظركم وبناء على تجربتكم الإعلامية والسياسية المباركة

س1/ ما هي المسؤولية الإعلامية الملقاة على عاتق رواد الإعلام في هذه المرحلة وفي ظل هكذا تحديات ومخاطر؟

ج1/ الإعلامي هو جندي في معركة شاملة يواجه فيها التحديات التي يتحرك الجميع في مواجهتها، و لا يبرز أهمية ذلك إلا عندما تكون المعركة التي يواجهها الجميع هي معركة مصيرية، معركة يواجه فيها الشعب اليمني تحديات كبيرة على مستوى حضارته وثقافته وعلى مستوى أخلاقه ووطنيته ومستقبله الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومسئوليته أمام الله سبحانه وتعالى.

ولذلك الإعلامي: هو جندي، كالجندي الذي يواجه العدوان في معركة السلاح بالحديد والنار، ويجب أن يكون الإعلامي يستحضـر هذه المسئولية بأنها مسئولية كبيرة جداً، وعندما يبرز التحدي تتنوع الجهود لمواجهته، يكون الإعلام أحد الأدوار الهامة خاصة في هذا العصر الذي أصبح الإعلام قاعدة أساسية وركناً أساسياً من أركان التحدي ومن أركان المواجهة وأساليب الحرب سواءً في مواجهة الإعلام المضاد أو في مواجهة الحملات الإعلامية ، أو أي قضية يتطلب نشرها للرأي العام خاصة الأوضاع الإنسانية وما يرتكب بحق شعبنا من مجازر وحشية.

المرحلة القائمة هي المرحلة الأخطر والتقاعس أمامها كارثي، لأن التحدي الذي نواجهه هو تحدي شامل يبرز فيه تغيير كلي، ليس فقط لقواعد لعبة تكتيكية ولكن لتغيير هوية هذا الشعب اليمني الذي يواجه هذا العدوان ويواجه بحملات كاذبة ومغرضة ويحاول أن يفت من عزيمته ويحاول أن يشوه صورته ويحاول أن يستهدف ثقافته أيضاً، ويحاول أن يحوّل اهتماماته إلى أن تخدم الطرف الآخر وتصبح اهتمامات هامشية ، وقد لاحظنا ذلك من خلال ما تقوم به السعودية مثلاً عندما حاولت في الداخل لديها أن تنشر بعض التعليمات وبعض العبارات مكتوبة في الشوارع؛ نصائح للمواطنين (انتبه لا تصور ما حولك قد يستفيد أعداء الوطن من تصويرك داخل بلدك .. الخ) لكنه في المقابل نشر تطبيقاً لنا كيمنيين، عنوانه صوِّر ما حولك وانشر ما حولك وأرسل إلينا إلى قنواتنا حتى نحن نقوم بهذا العمل، وهذا دور مفضوح يؤكد على أهمية أن نواجه مثل هذا التحدي ويثبت أهمية الإعلام الواعي والمسئول.

إضافة إلى ذلك فإن المسئولية كبيرة والتقصير أمامها خطأ لا تتوقف أضراره في أشياء بسيطة أو مؤقتة، بل التقصير سيؤدي إلى انحراف يتباعد طرفي هذا الانحراف إلى مستوى كارثي جداً قد يلحق بالأجيال، ولهذا نحن نقول أن حجم التحديات كبير، وعلى الإعلامي أن يستحضر أنه جندي من جنود العمل المشرِّف في الدفاع عن دينه وكرامته ووطنه في معركته  في مواجهة الظلم والطغيان الذي يمارس بحقنا.

س2/ صدق الكلمة هو عنوان وشعار قناة المسيرة فكيف يمكن أن تتوسع دائرة المصداقية الإعلامية أمام دائرة الكذب والتضليل الإعلامي للإعلام المرتبط بالصهيونية؟

ج2/ "صدق الكلمة" الشعار الذي تبنته شبكة المسيرة الإعلامية هو على أساس أنه وإن كان الإعلام ذا أهمية لكن يجب أن نراعي فيه الصدق، وأن نراعي فيه المهنية، وأن نحافظ على المصداقية، فلا يمكن أن ننتصر بالباطل، ولا يمكن أن ننتصر بالكذب والادعاء والزيف، وكما نجد أن أحد أسباب فشل الإعلام المضاد هو اعتماده على سيل كبير من الأكاذيب، واعتماده على كثير من الترويج الخاطئ والغير صحيح، ولا أستطيع أن أسرد لك نماذج من الإعلام الكاذب والفاشل الذي وجّه إلى اليمن وإلى الشعب اليمني التي لا حصر لها، بل أصبحت هي أسلوب يعتمد عليه الطرف الآخر في تحركه في هذه المعركة، ولهذا نحن نقول: عندما نجد مستوى السخرية الكبير لدى الشعب اليمني وهو يرى هذا الإعلام الذي هو في مستوى ساقط وسخيف بأنه لا يعتمد على المصداقية فنحن يجب أن نكون بعكس ذلك، وأن نعلم أننا لا يمكن أن ننتصر إلا بالحق وأن ننتصر إلا بالصدق، و(تجنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة، وعليكم بالصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة) في آخر المطاف الشعب اليمني مع تنوع وسائل الإعلام في دقائق ربما لم نعد ننتظر أيام حتى تنكشف له الحقيقة ويأتي الرد وتنكشف الحقيقة، حتى نحن عندما نتعامل مع الطرف الآخر نتعامل بمستوى عالي من المهنية والمصداقية، لأن الكذب والتضليل الإعلامي إذا لم يستطع أن ينقذ دول العدوان وهي تمتلك المال والسلاح والعلاقات الدولية والقنوات الفضائية الكبيرة والأموال الباهظة ولم تستطع أن تنجح لأنها لا تمتلك القضية، لا تمتلك الحق، لا تمتلك المصداقية، فلهذا يعمدون إلى الكذب والتضليل، ولهذا يجب أن يحافظ الإعلامي على المهنية والمصداقية والاحترافية في التعامل مع الأحداث باتخاذ الكثير من الأسباب العلمية والعملية التي تطور من الأداء، والتي تجعل من الأداء نوعاً ما يكون مقبول، سواءً كانت كلمة، كان مقطعاً مسرحياً، كان مسلسلاً، كان خبراً، كان رسالةً، كان تغريدةً، كانت مقالاً، أياً تكن؛ فليجعل نصب عينيه المصداقية والابتعاد عن الكذب مهما كنا في معركة في مواجهة الباطل.

إضافة إلى جانب المصداقية يجب أيضاً تطوير الأداء وأن يكون أيضاً ملتزماً لأسلوب التطوير للذات من خلال الاطلاع والقراءة والكتابة، الاستفادة من أوقات الفراغ، لا يظل يردد تلك العبارات وذلك الأسلوب أينما كان، فالمجتمع قد يمل مهما كانت العبارات جيده طالما هي تتكرر لأنها لا يمكن أن تكون إلا ذات مدلول متغير.

كذلك من التطوير؛ الابتعاد عن السخافات، الابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى سخافات أو سقوط في رذائل الكلام، عدم الدخول في مهاترات ساذجة لا تؤدي إلى فائدة.

س3/ ما هي الأخلاقيات والقيم التي يجب أن يتحلى بها الإعلاميون في القنوات والفضائيات؟

ج3/ الإخلاص؛ لابد أن يكون هناك إخلاص لله سبحانه وتعالى وللقضية التي تتحرك فيها، وأن يكون هناك همة؛ لأن الهمة هي التي ستجعلك تتجاوز الصعاب وأن لا تقف أمام العثرات والمطبات وتسقط.

كذلك عدم التأثر بالدعاية، البعض من الإعلاميين؛ فيما مفترض منه أن يكون هو من يقود حملات الدعاية ضد الآخر يتأثر بالدعاية، وهذه أحد أخطاء الإعلاميين لأنه إذا تأثر الإعلامي بالدعاية وهو في موقع يفترض أن يكون هو الحاجز الأساسي للصد، تجعل أداؤه ضعيفاً غير مقنعاً، فيجب أن يكون غير متأثراً بالدعاية وأن تكون لديه صلابة وقوة في القضية التي يتحرك فيها.

تطوير الأداء أيضاً وتحسين القراءة، البعض من الإعلاميين قد لا يجيد مثلاً القراءة، أو قد يكون فيه نقص في تحسين ذلك ، وقد يختلف أداء الإعلامي من جانب إلى جانب، من مراسل إلى كاتب، إلى متكلم، أن يكون لديه اطلاع دائم في تطوير الأداء والتحسين لمفرداته بحسب موقعه، فإن كان كاتباً فيجب أن تكون مفرداته كثيرة ومتنوعة وجزلة، وأن لا يعتمد على أسلوب محدد، إن كان مراسل فيجب أن يحسن أيضاً قراءة الكلمات ويبتعد عن بعض الأخطاء الكبيرة في جانب اللغة مثلاً، أو الابتعاد أن يكون التقرير مفتوحاً لا رأس له ولا ذيل، ويجب أن تكون له مقدمة وتكون له خاتمة، أن يكون له هدف يريد أن يوصله، وهكذا في كل مجال من مجالات الإعلام، كاتب السيناريو أيضاً، المؤلف إلى آخر ذلك.

تنويع الفكرة وتحسين الأسلوب: يجب أيضاً أن يكون من أداء الإعلامي الذي يحافظ عليه، كذلك مواكبة وسائل الإعلام كماً وكيفاً؛ الإعلامي لا يجب أن يظل على أسلوبه القديم، الإعلام هو أحياناً كمٌ وهو كيفٌ، والإعلامُ يحتاج أن يكون هناك أكثر من وسائل للتواصل، أن تكتب، أن ترد، أن تهاجم، أن تشارك في ندوة، في خطبة، في قناة فضائية، في برنامج تلفزيوني، في كلمة مجتمعية، في كتابة مقال، في أي وسيلة أنت تستطيع أن تعمل، لأنه عادةً الإعلامي المتمرس هو قادر على أن يمارس هذه الأشياء كاملة، خاصة إذا كان يحافظ على تطوير أدائه وذاته بالاطلاع الدائم والمستمر؛ لأنه لابد أن يكون الإعلامي فاهماً أن الحياة تدور وهو بحاجة أن يدور معها بالتعلم والاستفادة والقراءة خاصة القرآن الكريم بكل خطاب بما يناسبه، في الخطاب الديني،  المناسبات الدينية،  المناسبات السياسية، معرفة المجتمع الذي يتخاطب معه، يجب أن يعرف هذا، لا يتكلم مع المجتمع الداخلي كالمجتمع الخارجي والعكس، أو المجتمع الغربي كالمجتمع المحلي، هذا هو من أحد أساليب القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}.

كذلك الابتعاد عن التقليد والشخصنة، التقليد يضعف الشخص مهما كان، حاول أن تستفيد من الآخرين لكن ليس تقمص ذلك الدور، مثلاً أن تأتي ببرنامج بذات البرنامج الموجود في مكان آخر، وإنما أن تأتي بتطوير، بقالب جديد، بأسلوب جديد، من الطبيعي أن يتشابه الناس في الأداء، هذا شيء محمود، لكن التقليد خاصةً في جانب الشخصنة في الرد على الإساءة بالإساءة، محاولة نقل كلام بحذافيره، وتبنيه بحذافيره، هذا أيضاً من الأخطاء الذي قد يقع فيها بعض الإعلاميين، لأن الناس تَطَّلِعُ على كثير من الأشياء.

عدم الاعتماد على لغة طائفية أو مذهبية، مهما كان العدو يحاول أن يستغل نبتعد عن هذا الجانب والحفاظ على ثوابت الهوية الإيمانية والإسلامية والوطنية التي نتحرك من أجلها.

س4/ كيف يمكن أن يكون الإعلام وسيلة لتعزيز القواسم المشتركة بين الأمة الإسلامية وتوحيد كلمتها ومواجهة دعوات التفرقة ومشاريع التمزيق؟

ج4/ الإعلام في الواقع هو أحد الوسائل لتعزيز القواسم المشتركة بين الأمة الإسلامية، لأننا بحاجة أن نتخاطب مع شعوب الأمة من خلال الإعلام.

والإعلام هو وسيلة من وسائل التبيين، وهو وسيلة من وسائل تبادل الأفكار والمقترحات، وهو من أحد الوسائل لتوصيل الرسائل أيضاً، فالمظاهرات التي يخرج بها الشعب اليمني بحاجة إلى من يقوم بنقلها وتغطيتها خاصة عندما تكون متضامنة مع شعب فلسطين، شعب فلسطين يريد أن يشاهد هذه الجماهير حتى يتلقى منها نوعاً ما من الدعم النفسي والمعنوي ليثبت على القضية التي هو فيها حتى لا يظهر وكأنه منفرد في مواجهة الكيان الصهيوني.  

عندما يخرج الشعب اليمني بمسيرات استثنائية وكبيرة ومليونية في مناسبة المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام فهي رسالة للعالم الإسلامي أن هذه الأمة وهذا الشعب هو جزء من هذه الأمة المحمدية، رسالة لكل من يسيء إلى النبي صلوات الله عليه وعلى آله، هي رسالة توحد الأمة الإسلامية فوق الطائفية والمذهبية.

فالإعلام ليس وسيلة فقط، وإنما هو أحد أهم الوسائل لتعزيز القواسم المشتركة بين الأمة الإسلامية، وكذلك نحن عندما نشاهد الآخرين في تلك البلدان أو في تلك المناطق وهم يهتمون؛ في قواسم مشتركة، في خطاب إسلامي، في تضامن معنا، في تضامن مع محور المقاومة، في تضامن مع قضية فلسطين، نحن نلمس الارتياح الكبير الذي يكون لدينا من أن يكون خطاب الأمة خطاباً واحداً موحداً كما أراد الله سبحانه وتعالى لأن تكون أمة واحدة {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}.

الوحدة مطلوبة ومهمة في مواجهة هذا التحدي، والإعلام وسيلة مهمة في تعزيز العلاقات الإسلامية بين أبناء الشعب والأمة الواحدة.

س5/ ما هي رسالتكم للإعلام الحر والمقاوم أمام مظلومية الشعب اليمني وأمام قضايا الأمة الإسلامية؟

ج5/ رسالتنا للإعلام الحر والمقاومة وكل من ساند أو وقف إلى جانب الشعب اليمني المظلوم أولاً الشكر لكل من ساندنا في هذه القضية العادلة، والشكر لكل من وقف إلى جانب الشعب اليمني وإلى جانب قضايا الأمة في أي موقع كان، هذا يثبت أن الأمة جسد واحد (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) هذا المصداق الحقيقي لقول الله تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ومصداق حقيقي لقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وهذا التضامن الذي يجري الآن في معركة الإعلام في محور المقاومة ومحور الأحرار في هذا العالم في مواجهة الطغيان والاستكبار كان له أثر كبير جداً في هزيمة هذا العدو الذي أيضاً يتحرك مجتمعاً، ويتحرك في خندق واحد حتى مع أعداء الأمة كالصهاينة الذين أصبحوا يبعثون رسائل إعلامية ومساندة إعلامية واضحة إلى هذا المعتد الذي يعتدي على اليمن ويعتدي على لبنان وعلى فلسطين وعلى قضايا الأمة في كل مكان.

الدلالات: