حوار مع السيد العلامة عبدالمجيد عبدالرحمن الحوثي نائب رئيس رابطة علماء اليمن - أمين عام الملتقى الإسلامي

نشر بتاريخ: أربعاء, 25/12/2019 - 11:02م

تتشرف مجلة الاعتصام في عددها الجديد باستضافة السيد العلامة المجاهد عبد المجيد بن عبدالرحمن الحوثي في ظرف لا زال تحالف العدوان الصهيو سعودي مصراً على عدوانه وبغيه وحصاره لشعب بأكلمه وفي مرحلة  تاريخية فارقة يواجه فيها أبناء اليمن التآمر والتكالب والخذلان من قبل أنظمة سياسية طوعت الجيوش لحماية المصالح الصهيو أمريكية ومن قبل علماء سوء دجنوا الشعوب لهذه الأنظمة وجعلتها كالقطيع تساق سوقا في خدمة حكام الجور والنفاق والخيانة.

وأمام هذا الانحراف السياسي والديني والتدجين الشعبي يأتي دور العلماء الربانيين الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله لتكون لهم كلمتهم المجلجلة وموقفهم التصحيحي وتحركهم التنويري والجهادي ليكون التكامل الحقيقي بين العلم والجهاد وبين النظرية والتطبيق.

يعقد هذا الحوار واليمن والأمة العربية والإسلامية يواجهون تحديات كبرى وتوجه إمبريالي أمريكي وتحرك توسعي غربي بغية الهيمنة على الشعوب ونهب ثرواتها وسلب سيادتها واستقلالها بشتى الوسائل والسبل الناعمة والصلبة كل هذا سنناقشه مع ضيف لهذا العدد السيد العلامة/ عبدالمجيد عبدالرحمن الحوثي.

س1:  هلا أعطيتم القارئ الكريم نبذة عن نشأتكم وحياتكم العلمية على مستوى العلماء الذين طلبتم العلم عندهم؟ وعلى مستوى المنهج الذي درستموه ؟ وعلى مستوى آلية تحصيل العلوم الشرعية؟

ج1: السيد العلامة عبد المجيد بن عبد الرحمن بن الحسن بن الحسين الحوثي

مولده ٢١جماد الاخرى ١٣٩٣هجريه في هجرة ضحيان ونشاء فيها وبدأ دراسته على والده العلامة عبدالرحمن حسن الحوثي درس عليه النحووأصول الفقه وأصول الدين والمعاني والبيان وغيرها.

ومن مشائخه: المولى مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي قرأ عليه معظم كتبه، وأجازه إجازة عامة في جميع كتبه وغيرها من مروياته عليه السلام.

وقرأ على العلامة عبدالعظيم بن حسن الحوثي، وعلى ولده العلامة محمد بن عبد العظيم الحوثي، وعلى العلامة حسين مجدالدين المؤيدي، والقاضي العلامة علي بن يحيى قامس ، واجتهد في سن مبكرة والذي ساعده على الاجتهاد مبكراً الفطنة التي منحها الله له وكان يفوق أقرانه من طلبة العلم، وتفرغ للتدريس في ضحيان ليلاً ونهاراً.

وتخرج على يديه الكثير من الطلبة الذين نفع الله بهم العلم وخاصة في الإرشاد في معظم اليمن، وانتقل إلى المحابشة للإرشاد بتوجيه من المولى العلامة الحسين بن يحيى الحوثي رحمه الله سنة ١٩٩٦م  ونفع الله بعلمه الكثير من أهل بلاد الشرفين وعاد إلى ضحيان قبل العدوان الغاشم على محافظة صعدة من قبل السلطة العميلة للغرب وعلى رأسها علي صالح وعلي محسن، واستقر في ضحيان وعاو د التدريس للعلم وأنشأ مع مجموعة من العلماء مدرسة وجامعة الإمام مجد الدين المؤيدي.

وأنشأ المتلتقى الإسلامي للدعوة والإرشاد.

وله من المؤلفات:

كتاب: نظرة وبيان في متشابه القرآن.

وله محاظرات في أصول الدين وغيرها من المحاظرات.

وكان له دور كبير في إصلاح الاو ضاع وفي توحيد الصف وجمع كلمة المؤمنين وإصلاح ذات البين أثناء الحروب التي قامت بها السلطة الظالمة، وشارك في إنشاء رابطة علماء اليمن واختير نائباً لرئيس الرابطة وكان له دور كبير في الثورة الشعبية التي قامت لإسقاط النظام الفاسد وهو مؤسس طلائع المجد الثورية ومؤسس جامعة المعرفة، وله إسهامات كثيرة في الدفع بحركة التعليم ولازال حفظه الله مدرساً ومعلماً وناشراً للعلم والإرشاد في كثير من المناطق وفي مختلف المحافظات

بقلم علي عبد العظيم الحوثي


س2: ما هي الأسباب والعوامل التي تسببت في إضعاف البناء والتأهيل العلمي وأدت إلى عزوف طلاب العلم عن الوصول إلى درجة العالم أو المجتهد والمفتي من وجهة نظركم؟

ج2: هنالك عدة أسباب أدت إلى عزوف طلاب العلم عن الوصول إلى درجة التحصيل العلمي العالية والحصول على مرتبة الاجتهاد.

أولها: المشاكل والحروب الظالمة التي شنت على هذا الشعب  منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً بدءاً بحروب صعدة وانتهاءً بالعدوان الغاشم الذي تقوده «السعودية» و«الإمارات» و«أمريكا» و«إسرائيل» من ورائهم فهذا شغل الناس وأقلقهم في حياتهم وشتت أذهانهم ومنعهم الاستقرار النفسي والاستقرار المعيشي مما جعل من الصعب مواصلة الدراسة العلمية بشكل مكثف ومتواصل لبناء العلماء الربانيين المجتهدين في مختلف الفنون.

السبب الثاني: التطور التكنولوجي الذي شغل الشباب في هذه الفترة من الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام وغيرها من الأشياء التي حرفت أنظار الشباب وشتت انتباههم عن التركيز على طلب العلوم الشرعية والاهتمام بها وعن التحصيل العلمي الكبير.

السبب الثالث:  غياب المدارس الشرعية المنتظمة التي تقوم بالعملية التعليمية وفق منهجية تعليمية صحيحة ومنهج مبني على أسس علمية بحيث يندفع الشباب إلى رحاب العلم والمعرفة بنشاط ورغبة وتنتظم لهم أو قاتهم ودروسهم ويهيأ لهم المناخ المناسب لطلب العلم والاستمرار فيه.

 السبب الرابع: موت العلماء الاعلام الذين كان لهم الدور الأكبر في الحركة العلمية في اليمن وعدم وجود من يسدد مسدهم ويقوم بدورهم بالشكل الذي كانوا يقومون به.


س3: ما هي الوسائل والآليات التي يمكن من خلالها البناء العلمي والمعرفي لطلاب العلوم الدينية وتأهليهم ليكونوا خير خلف للعلماء الربانيين الذين حافظوا على أصالة العلم والفكر وحمو الهو ية اليمنية من الذوبان المطلق أمام هجمة الوهبنة النجدية والعلمنة الغربية؟

 ج3: لا شك أننا إذا أردنا بناء حركة علمية مثمرة تقوم على بناء العلماء الربانيين فإن أو ل ما يجب علينا القيام به هو أن نغرس في نفوس المجتمع وبالأخص النشء ذكوراً وإناثاً المكانة العظيمة التي يحتلها العلم في الإسلام والدور الكبير الذي أناطه الله بالعلماء باعتبارهم ورثة الأنبياء ومرجعية الأمة حتى تترسخ في نفسياتهم  قيمة العلم وعظمته وأنه سبب رفعة الإنسان في الدنيا والآخرة وأن حامله يكون مشعل هداية وتنوير للمجتمع يدعو إلى الله على بصيرة لأن من لا يعرف قيمة العلم ومكانة العلماء لا يستطيع أن يصبر ويتحمل المشاق الكبيرة التي تواجه طالب العلم خصوصاً في بداية مسيرته العلمية حتى يتذوق حلاو ة العلم ويستشعر ثمرته وفائدته، ولكنه وللأسف فقد أصبحت في هذه المرحلة نظرة الكثير من الشباب إلى العلم والعلماء نظرة غير إيجابية ولم يعد للعلم قيمته ومكانته الرفيعة في نفوسهم، مما أدى إلى تكاسل الشباب وضعف هممهم عن السير في منهج العلم والمعرفة والتحصيل العلمي وتحمل مشاقه خصوصاً في مثل هذه الظروف الصعبة، كما إنه لابد من بناء حركة علمية منظمة ومنهجية ذات مناهج علمية معدة وفق الأسس العلمية والمنهجية التعليمية الحديثة ترتقي بالطالب في سلم العلم والمعرفه في مختلف فنون العلم حتى ينشأ متوازناً يمتلك المعارف الضرورية في كل الفنون المحتاج إليها كما يجب أن تكون هذه الحركة العلمية ذات رؤية ومفهو م شامل تنمي في الطالب الجانب العلمي والمعرفي وترسخ فيه القيم الإنسانية والمبادئ الخيرة والسلوك السليم وتمنح الطالب المهارات الأساسية التي يحتاجها سواء في مسيرته العلمية والدعوية أو في سائر نواحي الحياة حتى تجعل منه عالما فاعلا في مجتمعه فاهما لواقعه ولدينه قادراً على إيصال رسالة الإسلام ومنهجه بالشكل الصحيح.


س4:هل هناك علاقة بين العلم والجهاد وعلاقة بين العلم والسياسة أم أن لمصطلح العلم استقلالية خاصة بعيدة عن الجهاد والسياسة ومتى سنرى العلم والعلماء هما المرجعية عند انحراف الساسة والسياسة؟

ج4: يجب أن نعرف أن مصطلح العلم يطلق ويراد به معرفة دين الله ومعرفة مشروع الإسلام ومنهجية الله سبحانه وتعالى وهداه وهذه المنهجيه الإلهية والهدى الرباني هي مشروع حياة متكامل يتضمن العلم والمعرفة والعمل والتطبيق لما تعلمه الإنسان يتضمن بناء الدولة العادلة التي تحقق الغاية من هذا المشروع كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد:25] فأخبر سبحانه وتعالى أن الغاية الأساسية من إرسال الرسل ومن إنزال الكتب ومن مشروع الإسلام وسائر الرسالات السماو ية  هو  إصلاح حياة بني الإنسان حتى تكون حياتهم قائمة على أساس العدل والقسط والنظام والقانون الذي يضمن أن  يعيش المجتمع الإنساني في حالة الأمن والاستقرار والسعادة في الدنيا والآخرة، فلابد أن يفهم طالب العلم ويستوعب هذا المشروع الرباني بواسطة التعلم كما يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم: «إن هذا العلم دين فانظروا من تأخذون دينكم عنه»([1]) ولأن العلم ليس هو الغاية في حد ذاته وإنما هو  وسيلة إلى فهم هذا المشروع، ثم بعد العلم بهذا المشروع وهذا الهدي السعى إلى تطبيقه في الواقع وهذا التطبيق قد يواجه من الكثير من الظالمين والفاسدين والمستكبرين فكان لا بد من الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإقامة دولة الحق والعدل التي أمر الله بتكوينها حين يقول: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهو نَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاو لَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾[آل عمران:104] وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بعد أن أخبر بأن الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب هو  إقامة القسط بقوله: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾[الحديد:25] فكان الجهاد في سبيل الله هو  الوسيلة الحتمية والضرورية لإقامة هذا المشروع العظيم ولتحقيق الغايات الأساسية لهذا الدين وهي إقامة الحق والعدل وتثبيت الأمن والإستقرار وأخذ الحقوق من أهلها وإيصالها لمستحقيها والأخذ على أيدي الظالمين والإنصاف للمظلومين وتعليم معالم الدين حتى ينعم المجتمع بالسعادة في الدنيا وفي الآخرة فلا فصل في مشروع الإسلام بين العلم والعمل والجهاد في سبيل الله ولا بين العبادة والسياسة التي تعني إدارة شؤون المجتمع حسب النظام والقانون الذي يرسمه شرع الله ومشروع الإسلام الذي من أهم أهدافه وغاياته بناء الدولة للوصول إلى الحكم بما أنزل الله وإقامة الحدود ومعاقبة المجرمين، وهذه هي  لب السياسة وأساس بناء الدولة، فلا ينبغي أن يفهم مشروع الإسلام على أنه مجرد طقوس أو  عبادة وتنسك يؤديها الإنسان في بيته أو في مدرسته أو مسجده أو في ما بينه وبين الله فقط بل هو هذه العبادات وهو أيضاً السعي إلى إقامة دين الله وتطبيق شرع الله وتثبيت الأمن والاستقرار حتى يصل المجتمع الى الغاية التي أخبر الله عنها بأنها هي الأساس من إنزال هذا الهدى كما قال سبحانه وتعالى: ﴿اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون﴾[البقرة:38]  وفي آية أخرى ﴿ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾[طه: 123، 124]  فالسياسة بهذا المعنى هي تكوين الأمة التي قال الله سبحانه وتعالى فيها: ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾[آل عمران:104]  بل هي لب مشروع الإسلام وجوهره ولا يمكن أن تفصل بحال من الأحوال عن الدين أو عن الإسلام إلا  لدى ضعاف الأفهام ومن لا يعرفون ولا يستوعبون هذا المشروع العظيم، ولا شك أن دور العلماء الربانيين هو الدفع بالأمة إلى منهج الله سبحانه وتعالى ومنع الانحراف من السياسيين أو غيرهم عن هذا المنهج وتصويب المسار لهذه الأمة فهم ورثة الأنبياء والذين يجب أن يقوموا بدور الأنبياء في الدعوة إلى الله وإصلاح المجتمع وتطبيق مشروع الله مشروع الإسلام بكل جوانبه التي تضمن للبشرية الأمن والاستقرار والسلامة والسعادة والتقدم والرخاء.


س5: مصطلح ومفهوم الهوية الإيمانية اليمنية صار مشهورا وحاضرا في ذاكرة اليمنيين الجمعية فكيف يمكن تجذير هذه الهوية بعيدا عن سلبها أو إلغاءها عن الآخرين وبعيدا عن لغة الاستعلاء الفكري؟

ج5: لا شك أن الهو ية الإيمانية اليمنية هي سمة لازمت هذا البلد وهذا الشعب منذ فجر الإسلام فاليمن يحتل مكانة خاصة في الإسلام ولدى الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم وفي كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه واله وسلم فكم من الثناء والمدح الذي أولاه الله ورسوله لهذا الشعب العظيم ولهذا البلد الطيب، يكفي دلالة على ذلك قول النبي صلى الله عليه واله وسلم: «الإيمان يمان والحكمه يمانية والفقه يمان»([2]) -وفي رواية- «وأنا يمان» ويكفي دلالة على هذه الخصوصية  أن الله سبحانه وتعالى أنزل عند إسلام أهل اليمن: ﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْح* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾[النصر: 1-3]  ولما أسلم أهل اليمن سجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم شكراً لله وفرحاً بإسلامهم وقال: «السلام على همدان، السلام على همدان، السلام على همدان» كل ذلك ليرسخ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في نفسية أصحابه وفي نفسية الأمة جميعاً المكانة الخاصة التي يتمتع بها أهل اليمن لما لهم من الدور العظيم في نصرة الإسلام واتباع آل البيت المطهرين على مر التاريخ وإلى أن تقوم الساعة، ولذا قال عنهم النبي صلى الله عليه واله وسلم: «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن» وقال: «هم خيار أهل الأرض بهم ينتصر الله لدينه» وقال: «ذا هاجت الفتن فعليكم باليمن» وكم من المدائح والثناء التي أو لاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهذة البلدة الطيبة وهذا الشعب العظيم وما ذلك إلا  لعلمه بتعليم الله له أن هذا البلد الطيب وهذا الشعب العظيم سيبقى ناصراً لهذا الدين رافعاً لراية الإسلام مجاهداً في سبيل الله متمسكاً بمنهج الآل الكرام عبر الأجيال، وهذا ما يشير إليه هذا الأثر المروي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فأتى إليه بعض أصحابه يشكو ويقول: يا رسول الله إنهم يقولون لا قتال، فاستوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالساً وقال: كذبوا الآن بدأ القتال، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أما إنها ستبقى طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة» ثم توجه إلى اليمن وقال: «الإيمان يمان والحكمة يمانية  والخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يشير بهذا إلى أن اليمن وأهل اليمن هم من سيبقون متمسكين بدين الإسلام ومنهج الحق رافعين راية الإسلام وراية الجهاد في سبيل الله -التي جعل صلى الله عليه وآله وسلم الخيل في حديثه كناية عنها- إلى يوم القيامة هذه هي مكانة اليمن واليمنيين في الإسلام وهي مكانة عظيمة لا يساويهم فيها أي بلد ولا أي شعب، ويكفي دلالة على هذه الهو ية الإيمانية قول الله سبحانه وتعالى حاكياً عن ولاة الأعراب الذين سيرتدون على أدبارهم وينسلخون عن دينهم ويرتمون في أحضان اليهو د والنصارى حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ -يقول ابن عباس: هم الولاة من قريش-  فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾[المائدة:54]  فيشير المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي موسى الأشعري ويقول: «هم قوم هذا» أي هم أهل اليمن، فأي شرف وفخر قلده الله وآيات كتابه لهذا الشعب العظيم، فهم من وصفهم كتاب الله بأنه ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ﴾  ثم كأن الله سبحانه يجيب على من يستغرب من الناس أن يعطيهم الله هذا الفضل الكبير بقوله: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾ ففي هذه الآية يخبر الله أن أهل اليمن هم من سيحمل راية الإسلام حينما يتخلى عنها الأعراب ويرتدون عن الدين ويتولون اليهو د والنصارى ويسارعون فيهم يقولون ﴿ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين﴾ [المائدة:52].


س6: مبدأ ومفهوم التمسك بأهل البيت مع القرآن ومبدأ المودة والولاية للإمام علي عليه السلام هل هي مبادئ مذهبية خاصة أم أنها مبادئ إسلامية عامة ولماذا يتعامل معها الوهابيون بحساسية مفرطة تصل إلى درجة التبديع والتكفير وإطلاق مصطلح الرافضة لمن يؤمن بما سبق؟ موضحين اللبس الذي يروجه الإعلام حول هذه المصطلحات؟

 ج6: لا شك أن علاقة اليمن واليمنيين بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام علاقة أصيلة متجذرة في أعماق التاريخ منذ فجر الإسلام وإلى اليوم، بل وإلى أن تقوم الساعة حسب إخبار الله ورسوله، فأهل اليمن هم من نصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واحتضنوا مشروع الإسلام، فحين كفرت جلاوزة قريش بدين الإسلام وكذبوا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وحين لم تقبل أي قبيلة من قبائل العرب نصرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان الأنصار من الأوس والخزرج هم من نصروا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وجاهدوا بين يديه واحتضنوا مشروع الإسلام العظيم، كما أن اليمنيين كانوا من أوائل الشعوب التي بادرت إلى الإسلام بقناعة وتسليم وبالاختيار والرضى بدون قتل ولا قتال، وإنما برسالة أرسلها إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أخيه وابن عمه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فكانت تلك هي بداية العلاقة والارتباط الروحي والإيماني بين أهل اليمن وبين أهل البيت عليهم السلام، فإسلامهم كان على يد أمير المؤمنين عليه السلام، كما أنهم كانوا جنوده وأنصاره في كل حروبه ومواجهاته مع القاسطين والناكثين والمارقين، فتجذرت محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومحبة أهل بيته الطاهرين في قلوب اليمنيين وتنامت العلاقه الوطيدة وتوارثها الأبناء عن الآباء على مر الأجيال، ولهذا عندما عمَّ الضلالُ وكثرت المشاكلُ والحروبُ والتفرق والاختلاف في اليمن ذَهَبَ أهلُ اليمن إلى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليه السلام إلى الرس يطلبون منه الخروج إلى اليمن لعلمهم أنه من أعلام أهل البيت المطهرين وأن خَلاصَ اليمن وصلاحَها وهداية أهلها ستكون على يد الإمام الهادي عليه السلام الذي أحيا الله به الدين في هذا القطر الميمون، ولا زال نور الإمام الهادي والأئمة الهداة من بعده بخيره وبركاته يعم يمن الإيمان والحكمة إلى هذا العصر -أي ما يقارب 1200 سنة- وبفضل وكرامة أهل البيت المطهرين بقي أهل اليمن متمسكين بمنهج الإسلام الصحيح وناهلين من معينه الصافي وحاملين راية الإسلام المحمدي العلوي الأصيل مجاهدين في سبيل الله تحت راية أئمة وأعلام الهدى من آل محمد، فبقيت اليمن يمن الإيمان والحكمة، يمن العلم والمعرفه، يمن الاعتدال والوسطية والمنهج القويم، وستبقى كذلك إلى قيام الساعة بإذن الله وببركة آل البيت المطهرين، وبتلك العلاقة المتجذرة التي تربط اليمنيين بالإيمان وبالحكمة وبالفقه الذي أورثه الله سبحانه وتعالى لأهل البيت المطهرين فهي علاقة ورابطة مستمرة ومتجذرة إلى أن تقوم الساعه، وليس ما نشاهده اليوم ونلمسه ويلمسه العالم في واقعنا من التفاف أبناء اليمن الأبطال حول  آل البيت المطهرين والتضحيات التي يقدمونها والصمود الأسطوري الذي أذهل العالم، ودفاعهم عن الإسلام والمسلمين وعن المستضعفين في وجه العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني ليس إلا خير شاهد ودليل حي على مدى أصالة وتجذر هذه العلاقة الإيمانية ومدى المحبة والولاء الذي يحمله أبناء يمن الإيمان لدينهم ولرسولهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ولأهل بيته الكرام عليهم السلام.

ومما يلاحظ أنه وفي مقابل هذه العلاقة والمحبة والولاء الذي يحمله أبناء يمن الإيمان لله ولرسوله ولآل بيت الرسول فقد كانت ثقافة نجد وأصحاب نجد و«مملكة قرن الشيطان» مخالفة بشكل واضح وبين لموقف اليمن واليمنيين تجاه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وتجاه دينه وآل بيته الكرام وهذا ما أشار إليه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في مقارنته بين اليمن والشام وقرن الشيطان حين قال : «اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا فقالوا: ونجدنا يا رسول الله فقال: اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، فقالوا: ونجدنا يا رسول الله فقال: اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، فقالوا: ونجدنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من هاهنا يطلع قرن الشيطان .... هاهنا من رأس الكفر ... هاهنا منبع الزلازل والفتن .... هاهنا الجفاة القساة غلاظ القلوب».


س7: هناك مصطلحات تلوكها ألسنة العامة والخاصة والمتعلمين والجهلة على حد سواء وكل يسقطها بناء انتماءه هواه أوميوله الحركي أو الحزبي و المذهبي كمصطلح (الرافضة – الخوارج – النواصب) فعلى من تنطبق هذه المصطلحات بعيدا عن الأهواء والعصبيات؟

ج7: حرب المصطلحات هي تعتبر نوعاً من الحروب الفكرية والثقافية التي يستخدمها أعداء الإسلام ومع الأسف يستخدمها المسلمون في ما بينهم وقد كانت ولا زالت وسيلة قوية لزرع العداوة والبغضاء والتنافر بين المسلمين عبر أجيال وأصل استخدام هذه المصطلحات هو من قبل الدول الظالمة لأغراض سياسية الهدف منها هو إشغال المجتمع بخلافات داخلية وزرع بذور التفرقة والعداوة كما هو دأب المستكبرين في كل زمان على قاعدة «فرق تسد» كما إنها تستخدم لضرب أي فئة تعارض الحاكم أو تردعه أو ترفض تنفيذ سياساته وأجندته، وما نراه اليوم من استخدام وتوظيف لهذه المصطلحات ما هو إلا صورة ومثالاً لما كان يقع عبر التاريخ من استخدام سيء وسلبي لهذه المصطلحات ومن هذه المصطلحات مصطلح الرافضة ونحن حينما نتكلم عن أي مصطلح فإن المفترض بنا أن نرجع للبحث عنه في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وفي التأريخ حتى نتعرف على ظروف وأسباب نشأته والملابسات التاريخية التي أحاطت بهذه النشأة، كما أن علينا البحث عن معناه وجذوره وأصله في اللغة العربية وإذا أردنا أن نعرف المراد بمصطلح الرافضة ومن ينطبق عليه هذا المصطلح فإننا لو رجعنا لتأريخ نشأته لوجدنا هذا المصطلح نشأ وبدأ إطلاقه حينما قام الإمام زيد بن علي عليه السلام بالثورة ضد الظلم والإستبداد الأموي المتمثل في هشام بن عبدالملك الحاكم الأموي الظالم الطاغية وعند انطلاق هذه الثورة المباركة  استجاب  الناس جميعاً لدعوة الإمام زيد بن علي عليه السلام من مختلف المذاهب والمشارب والتوجهات لأن الناس كانوا يعانون من ظلم بني أمية ولأنهم رأو ا في دعوة الإمام زيد المشروع الإسلامي التحرري الشامل الذي ينادي بالوقوف في وجه الظلم والطغيان وإقامة دولة الحق وتطبيق مشروع الإسلام وأيضاً المكانة العظيمة التي كان يتحلى بها الإمام زيد بن علي عليه السلام في نفوس الخاصة والعامة لعلمه ودينه وخلقه ومكانته الرفيعة باعتباره من أكابر آل البيت عليهم السلام  فبايع الإمام زيد بن علي عليه السلام الكثير من الشيعه وغيرهم ولكن البعض أراد أن يتخلص من تلك البيعة وأن يتراجع عن مبدأ الجهاد في سبيل الله والخروج على الظالمين فحاو ل افتعال المشاكل وإثارة القضايا الحساسة التي قد تفرق جيش الإمام زيد الذي التف معه للخروج على هشام بن عبدالملك باعتبارهم من مختلف التوجهات والمشارب وما جمعهم إلا دعوة الإمام زيد عليه السلام ونهجه الثوري والتحرري فحاو ل الإمام زيد بن علي عليه السلام أن يردهم إلى منهج الحق بكل الوسائل ولكنهم رفضوا الوفاء في بيعتهم والقيام لمجاهده الظالمين فقال الإمام زيد بن علي عليه السلام عند ذلك: الله أكبر، أنتم والله الرافضة الذي ذكر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «سيكون من بعدي قوم يرفضون الجهاد مع الأخيار من أهل بيتي ويقولون ليس علينا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر يقلدون دينهم ويتبعون أهو ائهم» ([3]) وقال فيهم الإمام زيد بن علي عليه السلام : (اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء الذين رفضوني وخرجوا من بيعتي كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب عليه السلام حتى حاربوه)([4]).

فمن ذلك الوقت سمي من قام مع الإمام زيد بن علي عليه السلام في ثورته ضد هشام ومن يعتنق مبدأ الثورة ضد الظلم والظالمين والخروج على الحكام المستبدين من الشيعه زيدياً وسمي من رفض الجهاد مع الإمام زيد بن علي عليه السلام رافضياً وهذا هو المفهو م من حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أن الرافضي هو من رفض مبدأ الجهاد في سبيل الله والخروج على الظالمين مع آل البيت المطهرين ثم حرف البعض  هذا المصطلح وصار ينبز به شيعة آل البيت المطهرين عموماً وقام بقلب كلام الرسول الأعظم الذي جعل اسم الرافضة لمن يرفض الجهاد مع آل بيت رسول الله ويدخل في الاسم من باب الأو لى من رفض منهج آل البيت المطهرين عموماً كالنواصب فإنهم رفضوا الجهاد مع آل البيت المطهرين بل وضللوهم ويدعوهم وأطلقوا مصطلح «الرافضة» على من تابع آل البيت المطهرين وقدموا أرواحهم ودمائهم معهم لنصرة دين الله، وزعموا أن الرافضة إنما سميت بهذا الاسم لأنهم رفضوا ولاية أبي بكر وعمر وعثمان وهذا غير صحيح، وليس عليه أي دليل أو مستند شرعي ولا تأريخي ، مع أنهم مجمعون معنا على أن من أطلق هذا اللقب على الرافضة هو الإمام زيد بن علي عليه السلام ولكن الاستخدامات السياسية والمذهبية تخرج لتلوي أعناق النصوص وتحرف الألفاظ عن معانيها وسياقها التاريخي ودليلها الشرعي كل ذلك من أجل استتغلالها في تشويه شيعة آل البيت المطهرين وتنفير الناس عنهم.

أما بالنسبه لمصطلح الخوارج فهو أيضاً مصطلح أطلقه الإمام علي وأطلقه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حين قال لأبي أمامة الباهلي، فيما رواه جعفر الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا تجالس قدرياً ولا مرجئاً ولا خارجياً»([5]) وعن الإمام جعفر عن آبائه عن الإمام علي عليه السلام أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن الخوارج مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون في الإسلام حتى يعود السهم في الرمية»([6])  وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم عن الرمية»([7]) وفي رواية أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال للإمام علي عليه السلام: «أي علي كيف أنت وقوم يخرجون بمكان كذا وكذا وأومأ بيده نحو المشرق يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم الخ»([8]) وفي رواية عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ أنه قال في ذي الخويصرة التميمي: «يخرج من ضؤضؤ هذا قوم يحسنون القول ويسيؤون الفعل يقرؤون القرآن لا يتجاو ز تراقيهم الخ» وأو ل من أطلق عليه لقب الخوارج هم أهل النهروان الذين خرجوا عن الإمام علي عليه السلام وكفروا المسلمين واستباحوا دمائهم وأموالهم بدعوى كفرهم وخروجهم عن الإسلام بسبب مخالفتهم لهم في الرأي والعقيدة ولما فعلوا ذلك استتابهم الإمام علي عليه السلام فتاب البعض منهم وأصرَّ آخرون فقاتلهم في النهروان وقتلهم حتى لم ينج منهم عشرة وفيهم وفي أشباههم ومن قال بقولهم في تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم في عصرنا الحاضر كالتكفيريين من «القاعدة» و«داعش» وغيرها من الحركات التكفيريه التي صنعتها «مملكة قرن الشيطان» وفكرها «الوهابي» ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجموعة من الأحاديث النبوية في وصفهم أنه قال: «يأتي في آخر الزمان قوم يحسنون القول ويسيئون الفعل يقرؤون القرآن لا يتجاو ز تراقيهم يحسبونه لهم وهو عليهم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وتلاو تكم عند تلاو تهم سيماهم التحليق أزرهم الى أنصاف سوقهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة طوبى لمن قاتلهم وقتلوه والله لئن أدركتهم لأقتلنهم قتلة عاد» هكذا يصف النبي صلى الله عليه واله وسلم الخوارج ويخبرنا عن سماتهم وأفكارهم وإذا تأملنا في عصرنا الحاضر فإننا لا نجد هذه الأوصاف تنطبق على أي فئه من المسلمين حتى «الإباضية» التي تنتمي مذهبيا إلى الخوارج لا تجدهم يحملون هذه الأفكار التكفيرية الضالة مثل ما تحمله «الوهابية» والتكفيريون الذين صنعتهم «الوهابية» و«مملكة قرن الشيطان» وزرعتهم وزرعت بهم الفتن والمشاكل والحروب قي كل بلد من بلدان المسلمين.

وأما مصطلح «النواصب»  فهو مصطلح أطلقه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على كل من ينصب العداء لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكل من ظهرت منه علامات البغض والعداوة لأهل البيت عليهم السلام والانحراف عن هديهم  وفكرهم ونسبتهم إلى الضلال والبدعة فإنه يسمى ناصبياً ولا شك أنها قد تستخدم أيضاً حتى هذه الكلمة من البعض مجازفة ومجانبة للواقع من باب التنابز بالألقاب فتطلق على غير من تنطبق عليه مواصفاتها ومعناها ولكن الذي يجب أن نفهمه أن الناصبي هو كل من ظهر من أقواله وأفعاله ومذاهبه الانحراف والعداوة والجفاء لأهل البيت المطهرين سلام الله عليهم كـ«ابن تيمية» و«ابن عبد الوهاب» وغيرهم ممن صار هذا الأمر ظاهراً بيناً فيهم تشهد عليه أقوالهم وأفعالهم وسيرتهم ومذاهبهم.


 

س8: كيف يكمن للعلم أين يكون  مصدرا للوحدة والتقارب بين المسلمين ومرتكز التقاء بين العلماء ولا سيما في المسائل والقواسم المشتركة وبما يسهم في محاصرة الخلافيات التي فرقت الأمة؟

ج8: لا شك أن العلم الذي يقصد به وجه الله ويكون الغرض منه هو المعرفة لدين الله ولمشروع الإسلام العظيم لن يكون سوى عامل وحدة والتقاء لجميع المسلمين لأنه يَشُدَّهُم جميعا نحومشروع واحد وهدف واحد ونهج واحد، ولأنهم يدركون بعلمهم ومعرفتهم بالدين أن ما يتفقون عليه من الأفكار والمبادئ والعقائد أكثر بكثير مما يختلفون فيه ولأنهم كعلماء يعرفون أن الاختلاف في الجزئيات من المسائل لا يوجب تفرقاً ولا عداوة ولا تباغضاً وتدابراً، ولأن العلم الصحيح يجعل أصحابه باحثين عن الحق لا يحملون عصبية ولا عنصرية ولا مذهبية تفرقهم وتشتت شملهم وتضعف قوَّتهم بل يتحاو رون فيما اختلفوا فيه ويتجادلون بالحسني ويعذر بعضهم بعضا فيما اختلفت فيه الافهام.


س9: ثقافة التكفير والتفجير والتوحش التي تشوه الإسلام يستند المتبنون لها والمقتنعون بها إلى موروث وفتاوى ورموز دينية تبيح لهم ذلك فكيف يمكن مواجهة ومحاصرة هذا الموروث وتحصين شباب الأمة الإسلامية من هذا الفكر؟

 ج9: لا شك أن الإسلام يواجه في عصرنا الحاضر أعظم هجمة وأكبر خطر يكيد به أعداء الإسلام من خلال العمل الممنهج على تشويه الإسلام ورسالته التي جائت رحمة للعالمين من خلال دعم وتنمية الحركات التكفيرية والدفع بها إلى إظهار الإسلام كمشروع دموي ووحشي لا يحمل في ثناياه إلا حز الرؤوس وإزهاق الأرواح وامتهان كرامة الإنسان ومصادرة حرياته، وكما ذكرنا سابقاً فإن لهؤلاء التكفيريين سلفاً يستندون في أفعالهم الوحشية والبربرية إليهم وهم «الخوارج» و«أئمة التكفير» كـ«ابن تيمية» و«ابن عبدالوهاب» و«المدرسة الوهابية» التي بنيت على الفكر التكفيري الذي يكفر المسلمين ويستبيح دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولا حل للأمة في مواجهة هذا الفكر المنحرف والدخيل على الإسلام إلا بالرجوع إلى مصادر الإسلام الأساسية التي تتمثل في العقل والقرآن الكريم وآل البيت المطهرين والسنة القطعية المتفق عليها بين المسلمين الجامعة غير المفرقة، واستخراج مشروع الإسلام الذي أنزله الله رحمة للعالمين بصورته المشرقة ومبادئه السامية وتعاليمه السمحة وتعريف الأمة والمجتمعات الإسلامية بهذا المشروع العظيم الذي لا خلاص للبشرية ولا استقرار ولا سعادة لها إلا بفهمه وتطبيقه.


س10: أين دوركم كنائب لرابطة علماء اليمن ونائب للملتقى الإسلامي ومهتم بالحركة العلمية في تأسيس مدارس علمية ومراكز دراسات وأبحاث لتسهم في النهوض والنهضة العلمية والمعرفية وفق دراسات علمية وأبحاث موضوعية تواكب مستجدات ومسائل الحياة المتطورة؟

ج10: نحاو ل مع كل العلماء الأخيار سواء في رابطة علماء اليمن أو في الملتقى الإسلامي أو في غيرهما من التجمعات العلمائية على العمل على استمرار الحركة العلمية من خلال المراكز والمدارس العلمية في مختلف المحافظات، ولكن مما لا شك فيه أن الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد منذ ما يقارب عقدين من الزمن من الحروب والمشاكل بدءًا بحروب صعدة الستة وانتهاءً بالعدوان الغاشم على بلدنا جعل الإستمرار في الحركة العلمية بالشكل المأمول أمراً صعباً وأعاقنا كثيراً عن الإستمرار والتوسع والتطوير لتلك المدارس والمراكز، بل أجبرتنا الحروب والعدوان على إغلاق الكثير من تلك المدارس العلمية ومنها «جامعة ومدرسة الإمام مجدالدين المؤيدي عليه السلام» في صعدة، و«مدرسة الجامع الكبير» في صنعاء، و«مركز أبو نشطان بأرحب»، وغيرها من المدارس والمراكز العلمية التي اضطرتنا الظروف إلى إغلاقها لفترات طويلة مما أدى إلى تقليص الحركة العلمية في البلد بشكل عام ولكن ولله الحمد بقيت الكثير من المراكز العلمية تعمل حتى في أشد الظروف وإن كانت قد فقدت الكثير من أساتذتها وكوادرها في جبهات العزة والكرامة في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا وإن شاء الله المستقبل سيشهد نهضة علمية كبيرة على مستوى اليمن بأكمله، فهنالك شعور من الجميع بضرورة الإهتمام بهذا الجانب وتعويض ما فقده شعبنا من العلماء الربانيين سواء الذين وافتهم المنية أو الذين استشهدوا في سبيل الله.


س11: تعددت النظريات السياسية في الدول العربية والإسلامية وصيغت أو فصلت في كل دولة بما يتماشى مع النظام الحاكم أو المذهب السائد واسهم بعض العلماء والمذاهب في التاصيل للسمع والطاعة للحاكم الظالم والفاسد الفاسق فما هي النظرية السياسية الإسلامية الصحيحة التي تنسجم مع روح الإسلام وتلزم الوالي بالمسؤوليات الملقاة على عاتقة تجاه دينه وشعبه؟

ج11: إن القارئ والمتأمل لحال الدول العربية والإسلامية وأنظمة الحكم فيها والنظريات السياسية التي بنيت عليها هذه الحكومات، يجد أغلب هذه الحكومات بعيدة كل البعد عن النظرية الإسلامية الصحيحة لإقامة الدولة ونظام الحكم الذي يجب أن تكون عليه، فترى معظم هذا الدول تستنسخ الأنظمة الغربية وتنقلها بغثها وسمينها ولا تنظر لمدى ملائمتها لأسس ومبادئ الدين الإسلامي ومشروعه العظيم، ومع ذلك فإنها وللأسف وإن قلدت الغرب في أنظمتها وقوانينها إلا أنها لا تقلدها في تطبيق هذه الأنظمة والقوانين بل تبقيها حبراً على ورق وتحكم بالقمع والاستبداد والتسلط ومصادرة حقوق شعوبها ونهب ثرواتهم هذا نموذج من الأنظمة العربية والإسلامية ونموذج آخر يزعم أنه يطبق النظام الإسلامي ويتمسك بالشريعة الإسلامية ولكنه ليس بأحسن حال من سابقه إذ كان فهمه لمشروع الإسلام ونظام الحكم فيه فهما معكوساً وبطريقة «داعشية» و«تكفيرية» لم تفهم مشروع الإسلام ولا أسسه ومبادئه ولا أهدافه وغاياته، ومع ذلك فهي أيضاً لا يمثل النظام الإسلامي الذي تدَّعِي تطبيقه إلا غطاء على أنظمة حكم رجعية دكتاتورية قمعية اتخذت من شعار الإسلام سُلماً لاستعباد  الشعوب وقمعها والتسلط ومصادرة حقوقها وحرياتها وعزتها وكرامتها فلا غرابة إن دعت هذه الحكومات وأبواقها من علماء السلاطين عبر التاريخ وليس من اليوم إلى طاعة ولي الأمر وإن جلد ظهرك وأخذ مالك وفعل ما فعل فإن هذه الحكومات لا يمكن لها أن تستمر في ظلمها واستبدادها وامتهانها لشعوبها إلا عبر هذه الفتاوى الشرعية التي تتناقض تناقضاً كلياً مع مشروع الإسلام وغاياته ومبادئه الذي ما جاء  إلا لرفع الظلم والتسلط عن كاهل المستضعفين وإقامة الحق والعدل وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار والسعادة والرخاء لكل بني الإنسان فكيف يأمرك هذا الدين بطاعة الظالم المستبد وأن تعيش حياة المهانة والاستعباد وهو الدين الذي جاء لتحرير الإنسان والوقوف في وجه الظالمين والطغاة وجهادهم حتى لا تكون فتنة ويكون دين الله ونظامه الذي أنزله لإسعاد البشرية هو النظام الذي يسود المجتمع الإنساني حتى يسعد في الدنيا والآخرة، فالحاكم في مشروع الإسلام ليس سوى خادم للأمة وموظف لديها، يقوم بتطبيق النظام والقانون الإلهي وتوفير الخدمات الأساسية والعيش الكريم لشعبه وأمته، ولا يحق له الخروج قيد أنملة عن تعاليم الدين وأنظمته وقوانينه؛ بل ولي الأمر يخاطب رعيته قائلاً: (أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإذا عصيته فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فكيف يمكن أن يقبل عاقل أن يكون مبدأ أطع الحاكم وإن جلد ظهرك وأخذ مالك ينتمي أو يتفق مع مشروع الإسلام ومبادئه السامية.


س12: ما هي فلسفة المدرسة الزيدية للحكم ولماذا نرى حملة تحريضية وتشويهية من قبل الإعلام الإخواني والسلفي  المحسوب على السعودية والإمارات تجاه الزيدية على المستوى الفكري  والسياسي؟

ج12: المدرسة الزيدية ترى أن الحكم في نظرية الإسلام هو تطبيق النظام والقانون الإلهي الذي جاء به مشروع الإسلام وأنزله الخالق جل شأنه لكي يمنع التظالم والفساد والاستبداد بين العباد وينظم لهم شؤون حياتهم في مختلف المجالات ليصل بالمجتمع الإنساني إلى حالة الأمن والاستقرار والسعادة والرخاء ويجنبهم الضلال عن طريق ونهج السعادة والوصول إلى حالة الخوف والضنك في الحياة الدنيا وفي الحياة الأخرى فهو نظام حياة متكامل تحتاجه كل المجتمعات الإنسانية في كل زمان ومكان حيث أنه مشروع يقود المجتمع نحوحياة العزة والكرامة والنظام والقانون ويدفع به نحو الإيمان والدين الذي يضمن لهم السعادة الأبدية في حياتهم الأخرى، ولهذا فالزيدية ترى أن من فهم هذا المشوع وكان يتمتع بصفة القيادة من العلم والحكمة والسياسة والكرم والشجاعة والورع والتقوى وحسن الإدارة للأمور والتعامل مع الناس.

 وكان ممن ضمن لنا الله ورسوله للأمة أنهم سيبقون على منهج الإسلام الصحيح وأن الأمة إذا تمسكت بهم فلا يمكن أن تضل عن نهج الهدى والرشاد «ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وقام هذا القائد يدعو الناس إلى تطبيق مشروع الإسلام والعمل بكتاب الله وسنة رسوله والخروج والثورة ضد الظلم والطغيان والسعي إلى إقامة دولة الإسلام، فإن من كان بهذه المواصفات هو القائد الذي يجب الإنقياد  له والتسليم والتعاون معه على إقامة الدين وتطبيق شرع الله في كل زمان ومكان، هذا ملخص نظرية الزيدية وهي نظرية واقعية تتوافق مع مشروع الإسلام وغاياته وأهدافه وجاءت هذه النظرية متوسطة بين نظريتين متغايرتين نظرية مثالية بشكل مبالغ فيه وبعيدة كل البعد عن الواقع ولا يمكن تطبيقها في كل زمان ومكان كنظرية الإمامة عند «الشيعة الإثني عشرية» ونظرية لم تستوعب مشروع الإسلام وأهدافه وغاياته فجعلت ولاية الأمر على الأمة تثبت بالقهر والغلبة حتى للطغاة والظلمة والمستبدين، وأوجبت على الأمة طاعتهم مهما طغوا وبغوا وأفسدوا في الأرض وجلدوا ظهور الرعية وأكلوا أموالهم بالباطل كنظرية «أهل السنة والجماعة».


س13: ما تقييكم للوضع السياسي والسيادي لليمن بعد ثورة الــ 21 من سبتمبر ؟وهل أنتم راضون عن أداء حكومة الإنقاذ فيما يتعلق بإدارة الدولة وخدمة الشعب؟

ج13: لا شك أن وضع اليمن بعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر أفضل بكثير مما كان عليه قبلها يكفي هذه الثورة أنها أطاحت بعتاو لة الفساد ورموز الإجرام وحررت اليمن من التبعية للأجنبي وسعت إلى تحقيق السيادة الوطنية لهذا الشعب، ولهذا كله شُنَّتْ على هذا الشعب هذه الحرب الكونية والعدوانية التي تقتل وتدمر اليمن أرضاً وإنساناً منذ حوالي خمسة أعوام، ما ذلك إلا لإدراك أعداء اليمن من دول الاستكبار وأذنابهم أن اليمن بات خارج سيطرتهم وهيمنتهم، وبالنسبة لأداء حكومة الإنقاذ فإنها وإن لم تصل إلى الوضع الذي ينشده المواطن اليمني الذي ثار في واحد وعشرين سبتمبر ولا زالت لوبيات الفساد التي صنعها النظام السابق تعبث بأغلب مؤسساتها إلا أنها قد خطت خطوات عظيمة وجبارة في مواجهة العدوان وبناء الدولة البناء المؤسسي الصحيح، وأهم هذه الخطوات هو مشروع الرؤية الوطنية الذي إذا تم تنفيذه واستمر العمل على تطبيقه بشكل جيد فإنه سيكون نقلة للدولة اليمنية لم تعرفها منذ عقود من الزمن ونحن ندعوا حكومة الإنقاذ إلى الوفاء لدماء وتضحيات الشهداء والجرحى والأسرى والمجاهدين من رجال الرجال في جبهات القتال والعمل بكل جد وإخلاص على محاربة الفساد والفاسدين والوقوف في وجههم مهما كانت النتائج فليست بأعظم من الوقوف أمام سبع عشر دولة من أعتى وأقوى وأغنى دول العالم وكما نصر الله المجاهدين في الجبهة العسكرية سينصر المصلحين في الجبهة السياسية إذا توكلوا عليه ووثقوا فيه وأخلصوا لدينهم وشعبهم وأمتهم وما النصر إلا من عند الله.


س14: أين التقيتم مع الإخوان في ثورة الــ11 من فبراير وأين اختلفتم وما سبب فشل ثورات الإخوان من وجهة نظركم؟

ج14: التقينا مع الإخوان المسلمين في الثورة على النظام السابق واختلفنا في كل ما عدى ذلك للتباين الكبير بين المشروع الذي نحمله ومشروعهم الذي لم ولن يكتب الله له النجاح لأن الله لا يصلح عمل المفسدين.


س15: كيف يمكن المحافظة على مكتسبات ثورة الــ 21 من سبتمبر وتحقيق ما تبقى من أهدافها؟

ج15: الحفاظ على مكتسبات الثورة هو بالاستمرار في موجة العدوان ومشروعه الإستعماري وبناء الدولة اليمنية الحرة العادلة «دولة النظام والقانون والحق والعدل» ذات السيادة الكاملة على كل شبر من هذا الوطن العزيز المعطاء المشروع الذي أطلقه الشهيد الرئيس صالح الصماد رحمه الله: (يد تحمي ويد تبني).


س16: أربعة أعوام ونصف العام من العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي فكيف تنظرون إلى مآلات هذا العدوان وما سر الصمود اليماني؟

ج16: بعد ما يقارب الخمسة أعوام من العدوان لم يزداد فيها الشعب اليمني إلا تماسكا ووحدة وصمودا في وجه العدوان هاهي تباشير نصر هذا الشعب باتت تلوح في الأفق واضحة يراها كل ذي عينيين وهاهو حلف الشر والفساد ينهار ويتفكك ويتناحر على تحقيق مشاريعه الاستعمارية في الجنوب المحتل وها هو يصل إلى أفق مسدود وإلى انهيار تام على كافة الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية بعد أن استعمل كل أساليبه القذرة وأوراقه العدوانية وجرائمة الوحشية والبربرية وخرج بعد كل هذا صفر اليدين ليس أمامه سوى إعلان الهزيمة والإفلاس أمام شعب اليمن العظيم الذي أثبت للعالم أنه لا زال ولن يزال مقبرة الغزاة ومصنع الرجال وصانع المعجزات لأحقية موقفه وإيمانه بربه وبقضيته وثقته بخالقه وتوكله عليه وكونه يمن الإيمان والحكمة والفقه والمحبة لله ولرسوله وآل البيت المطهرين.


س17: من وجهة نظركم : أين يكمن الدور المحوري للقيادة الثورية والجهادية في ظل العدوان وما هي مميزات هذه القيادة؟ وما نصيحتكم ورسالتكم لها؟

ج17: لقد كان للقيادة الثورية والجهادية الدور العظيم في مواجهة هذا العدوان وإفشال مخططاته ومؤامراته التي يحيكها له كل خبراء السياسة والاقتصاد والحرب في العالم ولكن القيادة بإيمانها بربها وتوكلها عليه وحكمتها وثباتها وحنكتها السياسية واعتمادها على ربها وشعبها، فتحطمت أمام حكمة القيادة وصمود هذا الشعب كل المؤامرات وانهارت كل الأمال والطموحات لدول الاستكبار، وهاهو اليمن يوشك أن يعلن النصر المبين والفتح العظيم بإذن الله، وما كان كل هذا ليتحقق لولا وجود هذه القيادة الحكيمة الشجاعة الثابتة الوطنية القريبة من الشعب ومن قلوب المجتمع الذي استطاعت بتواضعها وإخلاصها أن تطوع قلوب الأعداء قبل الأصدقاء وشهد لها العالم بحسن القيادة، ويكفي شاهداً على ذلك أن سيد المقاو مة السيد (حسن نصر الله) أمين عام حزب الله أعلن أنه يتمنى ويتشرف أن يكون جندياً يقاتل تحت هذه القيادة.

نصيحتي لهذه القيادة هو الاستمرار في نهج الجهاد ومقاو مة العدوان والاستمرار أيضا بكل جد واجتهاد في بناء الدولة العادلة دولة الحق والعدل دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات والكفاءات، ومحاربة الفساد والفاسدين وعدم السماح للمتسلقين أن يعودوا إلى ظلمهم وفسادهم على حساب دماء الشهداء وتضحيات الجرحى والأسرى والمجاهدين فإن الغاية المنشودة لكل هؤلاء هو أن يعيش شعبهم وأمتهم وأبنائهم وأحفادهم في ظل دولة العدالة والخير والقسط، دولة لا ظلم فيها، ولا فساد، ولا جشع، ولا استبداد، ولا محسوبيات، ولا رشوة، ولا وساطة، دولة الكفاءات الوطنية، والقضاء العادل النزيه، دولة ترى أنها وجدت من أجل الشعب وليس أن الشعب وجد من أجلها، وفق الله القيادة الثورية والجهادية إلى ما فيه الخير والسداد والرشاد وأخذ بيدها لتحقيق المثال الناجح والنموذج الصالح لتطبيق مشروع الإسلام والسير على نهج آل البيت الكرام.


س18: ما هي مسؤولية أنصار الله كمتصدرين للمشهد في السلطة أمام الشعب اليمني وما هي مسؤولية الشعب تجاههم لا سيما في ظل استمرار العدوان على اليمن وبناء الدولة العادلة المستقلة؟

ج18: مسؤولية أنصار الله وكل القوى الوطنية هو ما قاله عزوجل: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور﴾[الحج:41] ومسئولية الشعب تجاه القيادة السياسية التي يتصدرها أنصار الله هو التعاو ن معهم على بناء الدولة اليمنية العادلة المستقلة كما قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة:2] والوقوف صفاً واحداً في وجه العدوان كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوص﴾[الصف:4] والنصيحة لهم كما قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» والتعاو ن على كشف كل الفاسدين والمتلاعبين والمتسلقين والانتهازيين الذين يسعون إلى بناء مصالحهم الشخصية أو الحزبية على حساب اليمن ومصلحته وعلى حساب أرواح الشهداء وتضحيات الجرحى والأسرى وأنَّات الثكالى وأوجاع شعب بأكمله.


س19: كيف أصبح التطبيع مع ما الكيان الصهيوني حلالا بعد أن كان حراما؟ وما مخاطر السلام أو الصلح مع الكيان اليهودي؟

ج19: إن قوى الإستكبار العالمي ممثلة في «أمريكا» و«إسرائيل» تسعى بكل جد واجتهاد وعبر أذنابها وعملائها من قادة بعض دول الخليج والعرب والمسلمين وفي مقدمتهم «مملكة قرن الشيطان» و«الإمارات» و«البحرين» وغيرهم من عملاء اليهو د والنصاري إلى تمييع القضية الفلسطينية وبيع الأقصى الشريف عبر صفقة القرن التي لن تتم بإذن الله وهذا ليس بغريب على هذه الأنظمة العميلة التي صنعتها أيدي الاستعمار وكانت ولا زالت لعبة في يدها ينفذ بها مخططاتها ومؤامراتها وموقف هذه الدول لم يختلف عما كان عليه إنما الذي اختلف هو سياسة دول الإستكبار فبعد أن كان التطبيع مع الكيان الصهيوني والتآمر ضد كل من يقاو م هذا الكيان الغاصب من هذه الأنظمة من تحت الطاو لة ومن خلف الكواليس رأت دول الاستكبار أنه قد آن الأوان أن يصبح التطبيع من هذه  الأنظمة الفاسدة والعملية من فوق الطاو لة ومن على شاشات التلفاز، وهذا إنما هو حكمة من الله ليكشف هذه الأنظمة العميلة والمتآمرة على الأمة وعلى قضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية لمن لم يكن قد عرف واقع هذه الأنظمة العميلة والخائنة للأمة ومقدساتها.


س20: ما هي مسؤولية العلماء والشعوب والجيوش تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني وما يتعرض له المسجد الاقصى من تهويد وتغيير لهويته الإسلامية ولا سيما بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ج20: واجب العلماء والشعوب العربية والإسلامية بل وشعوب العالم أجمع هو الوقوف مع مظلومية الشعب الفلسطيني التي لم ير لها العالم مثيلا، حيث يتم قتل وتهجير شعب بأكمله واجتياح أرضه وممتلكاته ومصادرة حقوقه وحرياته وفرض كيان عنصري غاصب يعبث بهذا الشعب منذ ستين عاما، على مرأى ومسمع من العالم المنافق الذي يتشدق بالقوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وحرية الشعوب وحقها في الاستقلال وتقرير المصير، فواجب كل مسلم هو الدفاع عن هذا الشعب المظلوم وقضيته العادلة وتحرير الأقصى الشريف وإزالة هذا الكيان الصهيوني الغاصب الذي لن يزول حتى تزول أياديه وأذرعته في المنطقة المتمثلة في دول الخليج وبقية الزعامات العربية والإسلامية العميلة التي باتت مجرد أدوات في يد الصهاينة والأمريكان لتدجين الشعوب وتنفيذ المخططات والمؤامرات على هذه الأمة ومقدساتها.

 وفق الله الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح لشعوبنا، والكرامة لأمتنا، والعزة لديننا، والهلاك لأعدائنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

 


([1])  أخرجه ابن عدي في الكامل 1/155 عن محمد بن أحمد بن حمدان البلدي، عن إبراهيم بن الهيثم البلدي، عن عبدالوارث بن مقاتل الخرساني، عن خليد بن دعلج، به. وأخرجه الحاكم في التاريخ كما في كنز العمال 10/240. ورواه مسلم (26) والدارمي (424) من كلام محمد بن سيرين.

([2])  مسلم: 1/73، البخاري: 4/1594، صحيح ابن حبان: 16/288، سنن الترمذي: 5/726، مجمع الزوائد: 10/56، السنن الكبرى: 6/525، مصنف ابن أبي شيبة: 6/406، 407، مسند أحمد: 2/252، 258، 267، 502، 541، شعب الإيمان: 6/268.

([3])  المصابيح ج1 ص353.

([4])  المجموعة الفاخرة ص 91.

([5])  المنهج المنير ج3 ص 523 عن السيوطي.

([6])  جامع الأحاديث ج31 ص 425 عن كنز العمال.

([7])  الموطأ ج3ص318.

([8])  جامع الأحاديث ج31 ص 425 عن ابن ابي شيبة وغيره.