القضاء وإجراءاته في الإسلام

نشر بتاريخ: أربعاء, 26/06/2019 - 11:55م

 

الأصل فيه قول الله تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب﴾[ص:26] وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾[النساء:58] وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾[النساء:105]  وغيرها من الآيات الكريمة وورد في القضاء أخبار مختلفة بعضها ترغيب فيه، وبعضها تنفير عنه، فمن الترغيب قوله صلوات الله عليه وعلى آله: «لأجر حاكم عدل يوماً أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة» ولأن فيه أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، ولأن الله تعالى أمر رسوله صلوات الله عليه وعلى آله بالحكم فحكم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام، وأئمة الهدى عليهم السلام حكموا؛ ولأن في تركه ضياع كثير من الأموال وتمكيناً لأهل الظلم، وفي ذلك فساد البلاد والعباد، ومن التنفير عنه قوله صلوات الله عليه وعلى آله: «ليأتين على القاضي يوم يود أنه لم يقض بين إثنين في تمرة»؛ ولأنه تحمل تكليف شديد ودخول في خطر عظيم.

ما يجب على القاضي:

  1. يتقيد القاضي في قضائه بمبدأ الحياد.
  2. أن يكون جيّد التمييز فيفرق بين المدعي والمدعى عليه وبين الدعوى الصحيحة والباطلة، صليباً في أمر الله ولا يصرفه الحياء عن الحق فيستوي فيه القريب والبعيد، والشريف والدنيئ، والغني والفقير، ولا يكون جباراً بحيث يهابه الخصم فلا يستوفي حقه، ولا هيناً ضعيفاً بحيث يجترئ عليه الخصوم ويطمعون فيه، فيغلب القويٌّ منه الضعيف، ويكون حليماً، وافر العقل، لا يستفزه الغضب، ولا يستخفه الطيش؛ لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب رأيه واختلاف تمييزه، فيشتبه عليه الحق بالباطل.
  3. اتخاذ أعوان لإحضار الخصوم المترافعين ودفع الزحام والأصوات عن موقفه.
  4. التسوية بين الخصوم في السلام والكلام، والمصافحة والتعظيم والإقبال والسماع، ورفع الصوت إلا على من ساء أدبه، أو تعدى على صاحبه، ويساوي بين الخصمين في المجلس ولو أحدهما مؤمناً والثاني فاسقاً، إلا بين المسلم والذمي، فيرفع مجلس المسلم.
  5. سماع الدعوى أولاً من المدعي، ثم الإجابة من المدعى عليه.
  6. التثبت في الأمور وهو أن يتفهم الدعوى ما تضمنت وهل هي صحيحة أم لا؟ وفي حكم الجواب هل أفاد الإقرار أم لا؟ ثم في الشهادة وما يصح العمل بها وما لا يصح، ثم في كيفية تحليف المدعى عليه وما ترد منها وما لا ترد.
  7. الطلب من المدعي تعديل بينته المجهولة، وبعد تعديل البينة وتمكين المشهود عليه من الرد عليها يطلب من المنكر درئها، ويمهله ما رأى.
  8. حجز القضية لإصدار الحكم عند صلاحيتها له للنطق به.
  9. إصدار الحكم بعد استكمال المرافعة.
  10. الأمر للمحكوم بتنفيذ الحكم إذا طلبه المحكوم له.
  11. حبس من تمرد من تسليم الحق إذا طالبه صاحب الحق.

ما يندب للقاضي:

  1. الحث للخصمين على الصلح بقدر استطاعته.
  2. ترغيب الخصمين إلى التصادق في المدعى فيه، وبعد التصادق وثبوت الحق يرغب من له الحق بعد إعلامه بثبوته على إسقاط بعضه على جهة المسامحة وطيبة النفوس.
  3. اتخاذ عدول ذوي خبرة بالناس يسألهم عن حال من جهل متكتمين.
  4. ترتيب الواصلين إلى مجلس الحكم الأول فالأول.
  5. تمييز مجلس النساء عن مجلس الرجال.
  6. تقديم سماع حجة أضعف المدعيين جسماً أو عشيرةً، إذا كان كل واحد منهما مدعياً ومدعى عليه، وتقديم حجة ساكن البادية على ساكن الحاضرة.
  7. ألا يجهد نفسه، بل يجعل لنفسه وقتاً يستريح فيه عن الناس.
  8. استحضار العلماء في مجلسه الإجتماعي، أو حضوره مجلس العلماء؛ ليتراجعوا فيما التبس أمره.

ما يحرم على القاضي:

  1. تلقين أحد الخصمين حجته، إلا أن يأمره بتقوى الله تعالى، والإنصاف لخصمه، وتلقين شاهده إلا تثبتاً منه بأن يقول: صحح دعواك أو شهادتك.
  2. الخوض  مع أحد الخصمين في قضيته؛ لأن ذلك يورث التهمة.
  3. أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر.
  4. الحكم بعد الفتوى منه في تلك المسألة.
  5. الحكم في حالة تأذٍ بأمر من الأمور أو ذهول.
  6. الحكم لنفسه أو شريكه في التصرف على غيره، بل يرافع إلى غيره.
  7. يحظر على القاضي فتح نزاع حسم بحكم قائم صدر من ذي ولاية قضائية، أو من محكم صالح للحكم متراضي عليه، أو فتح نزاع في شيء قد تراضى به الطرفان موافقاً للشرع.
  • ليس للقاضي أن يقضي بعلمه المستفاد من غير مجلس قضائه.
  • للقاضي القضاء باليمين مع الشاهد الواحد في الحقوق والأموال.
  • للقاضي القضاء بالشهرة في النسب، والنكاح، والموت، والوقف.
  • يجوز للقاضي أن يحكم على غائب بريداً أو صغير أو مجنونٍ بعد النصب عنهم حيث لا ولي ولا وصي.
  • إذا كان الغائب في مكان مجهول لا يعرف أين هو، أو كان في موضع لا ينال أو كان حاضرا في البلد، وهو متمرد عن الحضور إلى مجلس الشرع فللحاكم أن يحكم عليه بعد الإعلام، وينصب عنه من يجيب الدعوى وغيرها.
  • إذا قامت الشهادة على غائب ثم حضر قبل الحكم لم تجب إعادة الدعوى والبينة، بل يملى عليه ما قد تم من إجراءات في غيابه؛ لإبداء ما لديه.
  • للقاضي الإيفاء من مال الغائب والمتمرد والمجهول مكانه والذي لا ينال، وإن احتاج إلى بيع شيء منه باعه مع التكفيل من المطالب بذلك.
  • ليس للقاضي وقف التصرف في المتنازع عليه، أو رفع يد الثابت عليه إلا بحكم رضائي أو قضائي، وله وقف المتنازع عليه الذي لا يد لأحد الخصمين عليه في الحال.
  • إذا اختلف الخصمان في الحاكم الذي يتحاكمان إليه، فالحق للمدعي، فيجاب إلى من طلب إليه، إذا كان في البريد أو دونه، لا فيما فوق البريد إذا كان في البريد حاكم غيره.
  • إذا كان الخصمان أعجمين أو أحدهما، والقاضي عربياً أو العكس، فلابد من عدلين للترجمة.
  • إذا تعارض الحكمان فإن أمكن الترجيح فهو الأولى كأن يكون أحدهما عاماً والآخر خاصاً عمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي وإن حصلت قرينة تدل على بطلان أحدهما عمل بها، أو قامت قرينة على انتقال ملك صاحب الأول عمل بالآخر، وإن تعارضا من كل وجه ولا مرجح، قسم.

ما ينعزل القاضي:

  1. بالجور وهو: الحكم بغير الحق عالماً، أو من غير تثبت بل هجوماً وخبطاً وجزافاً ولو وافق الحق.
  2. ثبوت الإرتشاء.
  • إذا خالف القاضي أصول مهنته وآدابها المنصوص عليها في هذا النظام، أو أخل بشرفها حوكم جنائياً أو تأديبياً.

(الحكم)

الحكم: هو فصل الخصومات ممن له الولاية بحكم الشرع إلزاماً وبطرق مخصوصة.

(أركان الحكم )

أركان الحكم أربعة:

  1. أن يكون مكتوباً باللغة العربية ومشتملاً على البيانات والمكونات اللازمة له.
  2. أن يكون صادراً ممن له الولاية.
  3. أن يكون صادراً في خصومة معينة، أو مسألة متفرعة عنها، ومعنى صدوره في خصومة: أن يتنازع خصمان أو أكثر حول حق ما أمام القضاء ليفصل بينهما بحكم للنزاع.
  4. أن يكون حاسماً لما صدر بشأنه غير مقيد بوقت ولا معلق على شرط منهياً للخصومة.
  • الحكم لا يكون معدوماً إلا إذا انعدم ركن أو أكثر من تلك الأركان.

أما إذا شاب أيَّ ركن منها خللٌ فيكون الحكم باطلاً؛ إذ أن الحكم يدور مع أركانه وجوداً وعدماً، صحة وبطلانا.

(أقسام الأحكام)

أقسام الأحكام ثلاثة:

  1. الحكم الصحيح: وهو الحكم السليم شكلاً وموضوعاً، ولا يكون الحكم كذلك إلا إذا كان فاصلاً لما صدر بشأنه، مصيباً فيما قضى به شرعا، مانعاً للظلم الواقع على الخصم من خصمة، متقن البناء، محكم الصياغة.
  2. الحكم الباطل: وهو الحكم المختل موضوعاً، أو الذي شاب الخلل ركن من أكانه وإن كان سليماً شكلاً.
  3. الحكم المعدوم: وهو الحكم الذي انعدم ركن أو أكثر من أركانه.

(المراحل التحضيرية لإصدار الحكم)

تتمثل المراحل التحضرية لإصدار الحكم في مرحلتين:

  1. المداولة.
  2. تحرير مسودة الحكم.

(المداولة)

هي تناول أعضاء الحكم مجتمعين للقضية المحجوزة للحكم بالبحث والمناقشة السرية لوقائعها، ولأسباب الحكم ومنطوقة.

ومن الشروط الواجب توافرها لضمان  صحة المداولة الآتي:-

  1. إقفال باب المرافعة.
  2. اكتمال هيئة الحكم إذا كان هناك أكثر من قاضٍ، وعند تعذر اكتمال هيئة الحكم للتداول لأي سبب كان وجب على هيئة الحكم أن تعيد فتح باب المرافعة كي تتم بحضور عضو الهيئة الجديد.
  3. لا يجوز  للمحكمة أثناء التداول أن تسمع أحد الخصوم، أو أن تقبل أوراقاً في الخصومة دون إطلاع الخصم الآخر وإلا كان العمل باطلاً.
  4. سرية التداول.

(تحرير مسودة الحكم)

هي ورقة رسمية بأسباب ومنطوق الحكم، مدونة بخط مُصدرها ومذيلة بتوقيعه إن كان فرداً، وبتوقيعات كامل الهيئة إن كانوا جماعة.

(قواعد تحرير مسودة الحكم)

  1. اشتمال المسودة على أسباب ومنطوق الحكم.
  2. أن تكون بخط أحد القضاة.
  3. أن يوقع عليها جميع القضاة.
  • لا يجوز إطلاع الخصوم على مسودة الحكم قبل النطق به، ولا تعطى صورة منها لأي منهم مطلقاً.

(المراحل التنفيذية لإصدار الحكم)

تتمثل المراحل التنفيذية لإصدار الحكم في مرحلتين:

  1. مرحلة النطق بالحكم.
  2. مرحلة تحرير الحكم.

(النطق بالحكم)

هو تلاوة مُصْدِر الحكم أسباب الحكم ومنطوقة علناً.

(قواعد النطق بالحكم)

  1. علنية النطق بالحكم.
  2. النطق بالحكم ممن أصدره.
  3. حضور جميع القضاة جلسة النطق.
  4. حضور المتقاضين جلسة النطق، أو من يمثلهم أو المنصوب عنهم وذلك في الجلسة المحددة للنطق بالحكم.

(آثار النطق بالحكم)

  1. صدور الحكم.
  2. حق الطعن.
  3. حجية الحكم؛ إذ لا حجية لأي حكم قبل النطق به لجواز تعديله أو الرجوع عنه.
  4. خروج النزاع عن ولاية المحكمة.
  • يترتب على خروج النزاع من ولاية المحكمة ما يلي:-
  1. عدم جواز إعادة التداول فمتى تم النطق بالحكم –الصادر من عدة قضاة- فلا يجوز لأي منهم طلب إعادة التداول.
  2. عدم جواز تعديل أو إلغاء المحكمة الحكم الذي نطقت به، وقد جعل الحظر هنا على المحكمة ككل؛ ليُفهم أن الحظر لا يقتصر على القاضي أو القضاة الذين أصدروا الحكم فقط، بل ينصرف إلى كل من يخلفهم فيها، وكل ما يبقى لمُصدر الحكم بعد النطق به هو تفسير الحكم، أو تصحيح أي خطأ مادي قد اعترى الحكم.

(الإسثتناء من قاعدة خروج النزاع من ولاية المحكمة بالنطق بالحكم فيه)

قاعدة خروج النزاع من ولاية المحكمة بالنطق بالحكم قاعدةٌ مستقرة فقهاً وقضاءً، إلا أنه يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم أن تعيد النظر في حكمها ولو بعد النطق به، وذلك في حالة واحدة فقط لا يقاس عليها هي حالة الإلتماس بإعادة النظر متى توفرت شروطه.

(منطوق الحكم)

هو النتيجة المنطقية للأسباب التي استندت إليها المحكمة سعياً لحسم الخصومة.

(مكونات منطوق الحكم)

يتكون منطوق الحكم من جزئين وجوبي وجوازي.

الجزء الوجوبي: هو الذي يجب على القاضي التقيد فيه بطلبات الخصوم الجوهرية، ولا يجوز له عند الفصل فيها إغفال أي منها، أو الحكم بأكثر مما طلب منه، وإلا كان حكمه باطلاً.

الجزء الجوازي: هو الذي يجوز للقاضي فيه الحكم بما لم يطلبه الخصوم والتي تتعلق بتنفيذ الحكم.

(قواعد تحرير منطوق الحكم)

يشترط لسلامة منطوق الحكم شكلاً وصحته موضوعاً  مراعاة عدد من القواعد الشكلية والموضوعية والتي نوجزها فيما يلي:-

(القواعد الشكلية لتحرير منطوق الحكم)

  1. أن يكون منطوق الحكم صريحاً وواضحاً.
  2. أن يكون المنطوق موجزاً ما أمكن.
  3. أن يستغني المنطوق بذاته عن غيره ما أمكن.

(القواعد الموضوعية لتحرير منطوق الحكم)

  1. موافقة المنطوق لأسباب الحكم؛ لأن منطوق الحكم هو النتيجة التي ينتهي إليها القاضي بناءً على المقدمات التي تضمنتها أسباب حكمه.
  2. انسجام المنطوق مع بعضه البعض فأي تناقض أو تعارض بين فقرات أو عبارات منطوق الحكم يجعل الحكم باطلاً.
  3. موافقة المنطوق للنصوص الشرعية.
  4. حسم المنطوق للخصوم.

وينقسم تحرير منطوق الحكم إلى:-

  1. مكان صدور الحكم.
  2. خاتمة الحكم.
  3. التوقيع على الحكم.

(القواعد العامة لتحرير الحكم)

تنقسم القواعد العامة لتحرير  الحكم إلى عدة قواعد وهي:-

  1. لغة الحكم: يجب أن تحرر الأحكام باللغة العربية حرفاً حرفاً.
  2. شمولية الحكم: أن تكون نسخة الحكم شاملة لكل البيانات اللازمة فيها.
  3. وحدة الحكم: وهي تكامل كافة بياناته وعناصره بحيث يمثل وحدة واحدة، فوحدة الحكم من حيث الموضوع هو: أن يكون منطوق الحكم مبنياً على أسبابه وأسباب الحكم قائمة على ما تضمنه محصل القضية من وقائع، وأن تكون تلك الوقائع قد تمت بناءً على إجابة المدعى عليه بالإقرار أو الإنكار أو السكوت التي يجب أن تقوم على الدعوى.

أما وحدة الحكم من حيث الشكل فمؤداه أن كل بيان من بيانات الحكم مكمل للآخر.

(تحرير نسخة الحكم)

يجب أن تشتمل نسخة الحكم على البيانات الآتية:-

  1. أن تستهل الأحكام ببسم الله الرحمن الرحيم.
  2. اسم المحكمة أو الهيئة التي أصدرته، وتاريخ الحكم، ومكان صدوره.
  3. أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في التداول.
  4. أسماء الخصوم كاملة، وصفاتهم، وموطن كل منهم، أو وكلائهم، أو من تعينه المحكمة.
  5. حضور الخصوم وغيابهم.
  6. نوع القضية، ورقمها، ووقائع النزاع، وطلبات الخصوم، ودفوعهم، وكامل أدلتهم وأسانيدهم الشرعية والواقعية.
  7. منطوق الحكم وأسبابه.
  8. توقيع الكاتب، وتوقيع هيئة الحكم.
  • والبيانات المذكورة آنفاً موزعة على أجزاء الحكم الثلاثة:

المقدمة، والمتن، والخاتمة.

ونوجزها باختصار على النحو التالي:

(مقدمة الحكم [الديباجة])

وهي جزؤه الأول المكون من عدد من البيانات تبدأ بالبسملة وتنتهي بعبارة [أصدرنا الحكم التالي] وتنقسم البيانات المتعلقة بديباجة الحكم إلى قسمين فمنها ما هو عام ومنها ما هو خاص.

أولاً: البيانات العامة: وهي البيانات التي تدونها المحكمة في جميع الأحكام التي تصدرها دون تفرقة بين حكم وآخر وتنحصر في ثلاثة بيانات هي البسملة، واسم المحكمة، وهيئة المحكمة.

ثانياً: البيانات الخاصة: وهي البيانات التي تختلف من حكم إلى آخر في نطاق المحكمة الواحدة وتنحصر في ثمانية بيانات وهي:

  1. نوع القضية: مدنية أم تجارية أم إدارية أم أحوال شخصية أم جزائية وغيرها.
  2. رقم القضية: وهو قيد رقم كل قضية في السجل الخاص بها فالقضايا المدنية يقيد رقمها في السجل الخاص بالقضايا المدنية ويلزم أن يشتمل رقم القضية على السنة التي تم القيد أثنائها.
  3. رقم قيد الحكم: وهو رقم قيد الحكم في سجل قيد الأحكام وذلك لتيسير الرجوع إلى ذلك السجل عند استخراج بدل مفقود أو تالف من الحكم.
  4. أسماء الخصوم: ولسلامة تدوين أسماء الخصوم في ديباجة الحكم يجب أن يكون الاسم كاملاً [الإسم الثلاثي مع اللقب] وأن يكون الاسم صحيحاً مطابقاً لأسمائهم الواردة في بطاقات هوياتهم.
  5. مواطن الخصوم.
  6. صفات الخصوم: والمراد بصفة الخصم هنا بيان هل هو مدع أم مدعى عليه أم متدخل، وما إذا كان أصيلاً  أو وكيلاً أو ولياً أو منصوباً.
  7. تاريخ إصدار الحكم: وهو تاريخ النطق به لا تاريخ تحريره.

(متن الحكم)

متن الحكم:  هو جزؤه الثاني الواقع ما بين مقدمته وخاتمته ويجب أن يتضمن متن الحكم على:-

  1. وقائع القضية: والذي يبدأ بذكر نبذة مختصرة لعريضة الدعوى بأطرافها، والسبب، والمحل، والموضوع، ورد المدعى عليه، وحضور وغياب الخصوم وأدلتهم وحججهم ودفوعهم وطلباتهم وينتهي بقرار حجز القضية للحكم.
  2. أسباب الحكم: وهي الأسس والأسانيد الشرعية والحيثيات والبواعث الفعلية التي يبنى ويستند عليها الحكم.

وبمعنى أدق أن تسبيب الحكم هو صياغة الأسباب التي تصلح سنداً للحكم وجواباً من القاضي على سؤال: لماذا حكمت بكذا؟.

وعليه لو أن القاضي سأل نفسه وهو يسبب حكمه عن الأسباب الدافعة، والبواعث الفعلية لإصدار حكمه، أو تيقن أنه سيسأل هذا السؤال – إن لم يكن في حياته فبعد مماته – لحرص على أن تكون أسباب حكمه صحيحة مقنعة له أولاً ثم لأي سائل ثانياً؛ لذا فإن الحكم المجهول الأسباب، أو الذي اعتور أسبابه خلل موضوعي يدل على أحد أمرين لا ثالث لهما:

إما أن مُصدر الحكم يجهل طبيعة عمله كقاضٍ.

وإما أنه لم يخش توجيه ذلك السؤال له في حياته وبعد مماته أي أنه منحرف السلوك، وفي الحالين هو – ولا شك – أحد قاضي النار.

(أسانيد الخصوم الشرعية والواقعية)

تشتمل أسانيد الخصوم الشرعية والواقعية في الآتي:-

  1. شهادة الشهود.
  2. الإقرار.
  3. الكتابة [المحررات].
  4. اليمين وردها والنكول عنها.
  5. القرائن الشرعية والقضائية.
  6. المعاينة [النظر].
  7. تقرير العدول [الخبراء].
  8. استجواب الخصوم.

(قواعد تحرير أسباب الحكم)

تنقسم قواعد تحرير أسباب الحكم إلى قواعد شكلية، وقواعد موضوعية.

(القواعد الشكلية لتحرير أسباب الحكم)

هي القواعد التي لا يترتب عليها بطلان الحكم ولكن إغفالها أو الإخلال بها يجعل الحكم معيباً وأهم القواعد التي يجب مراعاته.

  1. إيجاز التسبيب: بأن لا تكون صياغة القاضي لأسباب حكمه طويلة مملة، ولا قصيرة مخلة، أي يكون التسبيب مختصراً وكافياً في ذات الوقت.
  2. تسلسل الأسباب وترابطها: وهو أن يراعي القاضي عند تسبيب أحكامه البدء السبب الأساس [أي الأقوى حجة] ثم الذي يليه هذا إذا كان موضوع الخصومة واحداًن أما إذا كانت الخصومة متعددة المواضيع فيستحسن أن يفرد كل موضوع بفقرة مستقلة [أولاً، ثانياً، ثالثاً].

فيبدأ بالموضوع الأهم ثم المهم.

  1. حسن تضمين النصوص الشرعية.

(القواعد الموضوعية لتحرير أسباب الحكم)

  • يجب لصحة أسباب الحكم ما يلي:
  1. كفاية الأسباب: أن تكون أسباب الحكم قلت أو كثرت كافية للنهوض به.
  2. موافقة الأسباب للوقائع: لأن مخالفة أسباب الحكم لوقائع القضية تبطل الحكم، أو تجعله قابلا ً للبطلان.
  • ومخالفة الأسباب للوقائع بإحدى صورتين:-
  1. أن يهمل القاضي في تسبيبه دليلاً مؤثراً مما قدم في مجلس قضائه.
  2. أن يُعمل القاضي دليلاً مادياً لم يطرح في مجلس قضائه مستنداً في ذلك الدليل في حيثيات الحكم.
  3. موافقة الأسباب للنصوص الشرعية.

(ما ينقض به حكم الحاكم أو المحكم)

ينقض حكم الحاكم إذا خالف نصاً قطعياً، أو إجماعاً متواتراً، أو انكشاف بينة ناقضة لبينته التي حكم بها الحاكم من نقل أو غيره، أو كان متناقضاً في منطوقه، أو تناقض المنطوق مع الأسباب، أو كان غير مسبب، أو تناقضت أسبابه.

(حكم المحكم)

إذا حكّم الخصمان رجلاً فحكم بينهما فللمتظلم حق المراجعة إلى الهيئة الاستئنافية باعتباره كالحكم الابتدائي.

(معنى التحكيم وشرطه)

التحكيم هو: أن يتفق الخصمان على المرافعة إلى شخص بفصل بينهما فيما شجر بينهما ولابد أن يكون المحكم ممن يصلح للقضاء في تلك الحادثة، أما لو كان لا يصلح للقضاء لفسق أو جهل فلا يصح حكمه.

(درجات التقاضي)

إن ظاهرة تعدد درجات التقاضي تمثل عائقاً كبيراً أمام وصول أرباب الحقوق إلى حقوقهم في حين أن الحكم لله ويجب أن يقطع النزاع مجرد صدوره، وحيازته لحجية، لأمر المقضي به ومع ذلك فصدوره من ذي ولاية شرعية ملزم لطرفيه، وإيمانهما مرتبط بالقبول والتسليم به وهو ما يقتضي أن تكون درجات التقاضي درجتين ولا داعي للدرجة الثالثة.

(إلتماس إعادة النظر)

التماس إعادة النظر في الأحكام طريق استثنائي لا يجوز للخصوم إتباعه إلا بعد استنفاد كافة طرق الطعن وعند تحقق إحدى  الحالات الآتية:-

  1. إذا تبين للمحكوم عليه بعد صدور الحكم وقوع غش من خصمه كان من شأنه التأثير في الحكم.
  2. إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها، أو قضي بتزويرها.
  3. إذا كان الحكم قد بني على شهادة قضي بعد صدوره بأن الشهادة زور.
  4. إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كانت لدى الغير دون علم الملتمس بها، أو كان خصمه قد احتجزها أو حال دون تقديمها.
  5. إذا كان الحكم حجة على شخص لم يكن خصماً في الدعوى.
  6. إذا ظهر عند تنفيذ الحكم أنه قضى بشيء لم يطلبه الخصوم، أو بأكثر مما طلبوه.
  7. إذا ظهر عند تنفيذ الحكم تناقض بعض منطوقه مع البعض الآخر.
  8. إذا ظهر عند التنفيذ أن الحكم لا ينطبق على محل النزاع. 
الدلالات: