بمناسبة أسبوع الشهيد رابطة علماء اليمن تقيم ندوة ثقافية بعنوان (يا ليت قومي يعلمون)

نشر بتاريخ: ثلاثاء, 22/01/2019 - 5:58م

الشهادةُ مقامٌ عظيم؛ لا يدركه القاصرون الذين ما زالوا تحت وطأة الغفلة، ومستنقع الجهل.. بل لا يدركه إلا أمثال أولئك الذين رفعوا أبصارهم عن محل الأرض وجواذبها، وارتقوا بأرواحهم إلى المحل الأعلى.. حيث المجد والعزة والكرامة، فواجهوا العدوان الظالم لا يبالون بحجم المواجهة الغير المتكافئة ولا يكترثون لمستوى قوة الأعداء وأمكانيتهم؛ لأنهم ارتبطوا بقوة الله اللا متناهية .. ولذا فقد عجز العدو عن تفسير قوتهم التي وقفت حائلًا دون مشاريعهم، وأفشلت كل مخططاتهم.

ولا شك أن الأعداء يجهلون أن السر يكمن في ارتباطهم المباشر بالله تعالى.. ولذا جعلهم أحياءً ولكن لا يشعرون.

ومن هنا وتخليداً لمآثرهم .. أقامت رابطة علماء اليمن ندوة ثقافية صباح يوم الثلاثاء بتاريخ 16/جماد الأولى  1440هـ الموافق 22/1/2019م  بالجامع الكبير المقدس .. تحت عنوان (يا ليت قومي يلعمون).

وقد ابتدأت الندوة بآيات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ الحافظ هلال الكليبي.


وكانت الورقة الأولى للأستاذ العلامة/ طه هادي الحاضري بعنوان (جوانب من عظمة الشهداء).

ذكر فيها أن القتل والتخويف بالقتل هو وسيلة العدو الرئيسية للضغط لبقاء العدو مسيطرًا على العباد والبلاد؛ ولذلك يطور أسلحته الفتاكة وخططه الخبيثة كالحصار والتجويع.

ثم تطرق إلى بعض جوانب العظمة عند الشهيد، كعظمتهم في إيمانهم ووعيهم ومواقفهم ورحيلهم ومصيرهم، وفي أثرهم على شعوبهم ومجتمعاتهم، وأثرهم على واقع عدوهم.

وفي جانب عظمتهم في إيمانهم أشار العلامة الحاضري إلى أن الشهداء لم يكن إيمانهم مجرد طقوس ومراسم يقومون بها بل ترجموا الإيمان إلى واقع وجسدوه على شكل مواقف في ساحات الجهاد حتى قدموا أرواحهم قرابين لله في ساحات العزة والكرامة.

كما تطرق إلى جانب عظمتهم في وعيهم المتمثل في وعيهم بقصر هذه الدنيا، إلى جانب وعيهم بأساليب العدو التضليلية، وأساليب المرجفين والمثبطين والقاعدين، ولذا انطلقوا إلى الجبهات ووقفوا بثبات أمام العدو الغاشم.

أما عظمتهم في رحيلهم ومصيرهم فقد قال: إن  تضحية العظماء في المجتمعات الحية والشعوب الحرة تعد دافعًا إضافيًا لمواصلة الجهاد والمواجهة حتى النصر.

خاتمًا كلمته بعرض سريع لأثرهم العظيم على مجتمعاتهم وشعوبهم، وأثرهم الشديد على أعدائهم.


الكلمة الثانية للسيد العلامة/ شمس الدين شرف الدين مفتي الديار اليمنية ورئيس رابطة علماء اليمن.

أشار فيها إلى أن الشهادة أمر من صميم الدين قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ..﴾  وإحدى الحسنيين هي الشهادة.

ثم تطرق إلى جانب مهم؛ وهو أن الطرف الآخر وهو العدو يتحدث أيضًا عن الشهادة .. فمن الشهيد إذن.. مجيبًا عن السؤال؛ أن الشهيد هو من يقاتل من أجل أن تكون كلمة الله هي العلياء.

ومن خلال ذلك نستطيع أن ندرك من هو الشهيد، هل الذي قاتل من أجل المغنم كالمرتزقة أم الذي يقاتلون من أجل أرضهم وعرضهم.

وأشار إلى أن الدين دائمًا يحتاج إلى تضحية .. وبالذات في الظروف العصيبة التي يمر الدين كمثل هذه المرحلة.

وقال: أي إنسان يشك في أن أمريكا هي الطاغوت الأكبر ففي إيمانه شك.. وبالتالي نعلم علم اليقين أن من يقاتل مع الطاغوت فهو طاغوت مثله.

وتطرق إلى أن الشرعية يدعون أنهم يحاربون المنكر في اليمن بينما هم يسكتون عن المنكرات الفضيعة في مناطق العدوان .. وهذا يظهر لنا  دسائسهم المنكرة.

ولذا فالمواجهة بيننا وبينهم هي مواجهة بين حق وباطل وإيمان وكفر.

وقال: إن الجيل الشباب في يمن الإيمان ومنهم الشهداء هم القوم الذي وعد الله بالإتيان بهم في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾.

وختم العلامة شرف الدين كلمته ببعض مواقف الشهداء وإيمانهم وتضحياتهم ومكانتهم عند الله، وما أعده الله لهم من الحياة العظيمة التي لا ندركها نحن البشر.


ثم تلاه الورقة الثانية للأستاذ العلامة / عبدالرحمن محمد المروني بعنوان (الشهادة في فكر الشهيد القائد).

تحدث فيها عن المشروع الفكري للشهيد القائد، وكيف أنه استطاع أن يحيي أمة من خلال الشهادة في سبيل الله.

وتطرق إلى بعض أركان ذلك المشروع الذي غرسه الشهيد القائد في واقع الأمة من خلال الشهادة .. كربط الأمة بالله تعالى، وتعليمها مبدأ التضحية واستثمار الموت في سبيل الله .. وكذلك من خلال تبيين الشهيد القائد لعظمة الشهادة؛ من كونها قارب نجاة، وفوزًا وحياة أبدية، ونجاة من الموت، ومقامًا رفيعًا ونصرًا حقيقيًا يناله الشهيد..

ختم ورقته مشيرًا إلى سلاح الوعي والبصيرة الذي لابد أن يتسلح به المجاهد في مرحلة الصراع مع الباطل.


اختتمت الندوة بقراءة التوصيات .. قرأها العلامة عبدالفتاح الكبسي.

[توصيات الندوة]

 

الحمد لله القائل: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}.
والقائل: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى قدوة المجاهدين الشهداء العظماء القائل صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «ما من أحدٍ يدخل الجنة فيحب أن يرجع إلى الدنيا وأن له ما على الأرض إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مراتٍ لما يرى من الكرامة» صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأطهار المجاهدين، ورضي الله عن صحبه الأخيار الصادقين. 
وبعد 
تقديرًا وعرفانًا بتضحيات الشهداء العظماء ودورهم الجهادي الكبير في الدفاع عن الشعب اليمني عن أرضه وعرضه وثرواته وهويته ووحدته وحاضره ومستقبله وأمام عطاء الشهداء وما جادوا به من الأنفس والأموال في سبيل النصر والعزة والكرامة والحرية للشعب اليمني ونظرًا لما تحمله هذه المناسبة من دروس خالدة وما تمثله من محطة وعي ووفاء للاستمرار على ذات الدرب في مواجهة الغزاة والمستعمرين الجدد وأدواتهم الإجرامية وفي مقدمتهم أمريكا وعملاءها من النظامين السعودي والإمارتي وغيرهما أقامت رابطة علماء اليمن هذه الندوة وخرجت بالتوصيات التالية:-

1-التأكيد على إحياء قيم التربية الجهادية الواعية وحمل ثقافة الشهادة كمبدأ قرآني يكفل للمسلمين العزة والكرامة والغلبة على الأعداء والانتصار على كل الغزاة والمعتدين قال تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

2-الإشارة إلى وجوب الرعاية المادية والمعنوية لأسر الشهداء والإحسان إليها وإكرامها على المستوى الشعبي والرسمي والأهلي وتأهيل أولاد الشهداء التأهيل الواعي والمسؤول ليكونوا قادة المستقبل وحملة المسؤولية تجاه دينهم وشعبهم وأمتهم كما صنع آباؤهم العظماء.

3-الدعوة إلى الاستفادة من هذه الذكرى بما يسهم في تعزيز عوامل الصمود ويحقق النصر ولن يتحقق النصر الكبير والمشرف إلا بالسير على خطى الشهداء والصدق في الجهاد مع الله كما صدقوا قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

4-الشهادة في سبيل الله منزلة رفيعة ووسام أبدي خالد لا يستحقه إلا من أخلص لله ولا يوصف بها إلا من قاتل في سبيل الله نصرة لدينه والمستضعفين من عباده وليس من يقتل مع المستكبرين ويصرع وهو في صف المتحالفين مع اليهود والنصارى وجبهة الباطل.

5-يعتبر أسبوع الشهيد محطة وعي ومناسبة وفاء لتجديد العهد والميثاق للشهداء العظماء على السير في ركابهم وحمل رايتهم راية الحق والعدل والحرية ومقاومة الطاغوت ومواجهة تصعيده وتحشيده.

وبعد الندوة انتقل الحاضرون إلى تكريم شهداء المربع الأوسط من مدينة صنعاء القديمة.


صور الندوة