المضطر للتعامل بالوساطة

السؤال

ما حكم التعامل بالوساطة حيث أني إذا لم أتعامل بها لن أستطيع أن أخرج لي منحة أو وظيفة أو مقعد في الجامعة وكل الناس يتعاملون بها ؟؟سواء كانت وساطة نفوذ أو مال ؟؟
 

الإجابة: 

الجواب وبالله التوفيق ..
الوساطة هي الشفاعة والنفع بالوجاهة وهي نوعان مذمومة وحسنة وقد أشار إليهما الحق سبحانه وتعالى في قوله : {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} وقد ورد في بعض الروايات أن على الجاه زكاة وزكاته نفع الناس وقضاء حوائجهم كالحث على إطعام المساكين والدلالة على فعل الخير للمحتاجين أو إصلاح ذات البين فهذه أمر بها الشرع الحنيف ودعا إليها ، أما الوساطة التي انتشرت في هذا العصر بغير حق مجاملة ومحاباة ومداهنة فهي ظاهرة غير صحية وتعكس حالة غير إيمانية للمجتمع والدولة وقد تؤدي إلى تعيين غير المناسبين في المكان الحساس والهام ولولا الوساطة لما وقع ذلك وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من ولّى على أمتي رجلاً محاباةً وفي رواية ـ وفيهم من هو خير منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ) وعندما يكون المجتمع قائماً على أساس {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة} وعلى أساس {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} ، وعلى قاعدة (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) و ( الناس كأسنان المشط ) فإنه لن يحتاج إلى هذه العادة السيئة التي هي أقرب إلى شريعة الغاب منها إلى الإيمان ، وأيضاً الوساطة بالمال وإن كان الإنسان يصل بها إلى حق من حقوقه وليس إلى ماليس له بحق إلا أنه لا ينبغي للمؤمن أن يرضخ لهذه الضغوط التي تتنافى مع الدين والأمانة لأن اللازم شرعاً على الموظف أن ينجز معاملات الناس بدون مقابل حيث وهو يأخذ مرتباً من الدولة ، فالمال الذي يأخذه لا يحل له لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا يحل مالُ امرئٍ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) (وما أخذ بوجه الحياء فهو حرام) فكيف ما أُخذ بقلة الحياء والضغط والابتزاز .
ويقول تعالى {وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} ، وفي موقفه هذا يتجلى ثباته وصموده أمام الإغراءات وعدم استسلامه للابتزاز والضغوط ومحاربته للمفسدين كما لو أنه سمح له بممارسته لهذا الأسلوب من الابتزاز فإنه يشجع على الفوضى وسيادة الغش واستمرار الفساد وتشجيع المفسدين والله تعالى أعلم ..